السّلام عليكم، أضع بين أيديكم الحلقة الثانية من قراءتي لرواية "نجمة النمرالأبيض لكاتبها محمد هيبي من فلسطين 48"...دراستي فيها حول الشّخصيّ والبطولة في النّصّ السّردي سيميائيّة البطولة في الرّواية:
نشرت فى 3 أكتوبر 2017
بواسطة magaltastar
موسوعة شعراء العربية
المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية
.
بقلم فالح الكيلاني
.
الشاعر ابراهيم المازني
.
هو إبراهيم بن محمد بن عبد القادر المازني
ولد بقرية ( كوم مازن) بمحافظة المنوفية المصرية عام \1890 م واكمل دراسته الاولية والثانوية في ( المنوفية ) ثم تطلع المازنى إلى دراسة الطب بعد تخرجه من المدرسة الثانوية اقتداءً بأحد أقاربه، ولكنه ما إن دخل صالة التشريح بكلية الطب حتى أغمى عليه .
.
ترك الدراسة الطبية وذهب إلى مدرسة الحقوق ولكن مصاريفها او اجورها زيدت في ذلك العام من خمسة عشر جنيها إلى ثلاثين جنيها، فعدل عن الدراسة في مدرسة الحقوق إلى مدرسة المعلمين. وعمل بعد تخرجه منها عام\ 1909 مدرساً .
.
ضاق بقيود الوظيفة,بعد ان حدثت له بعض المعوقات فاعتزل التدريس وعمل بالصحافة لكي يكتب بحرية, عمل بجريدة( الأخبار ) مع أمين الرافعي، ثم محررا بجريدة (السياسة ) الأسبوعية، و عمل بجريدة (البلاغ ) مع عبد القادر حمزة وغيرهم في الكثير من الصحف الأخرى، كما أنتشرت كتاباته ومقالاته في العديد من المجلات والصحف الأسبوعية والشهرية.
.
عرف عن المازني تمكنه من اللغة الإنجليزية والترجمة منها إلى العربية فقام بترجمة العديد من القصائد الشعرية إلى اللغة العربية،
انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والمجمع العلمي العربي بدمشق.
.
عرف المازني انه شاعر من شعراء العصر الحديث، كما عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره و عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من ايجاد مكاناة مرموقة بجوارهم على الرغم من اتجاهاته المختلفة ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان التي ينتمي كواحد من مؤسسيها الاوائل.
.
حاول المازني ان يبتعد عن العمود الشعري وقصيدة القافية والوزن فجاء بتجربة الشعرالحر او كتابة قصيدة التفعيلة كمجدد نقلته هذه الوضعية من كتابة الشعر المرسل إلى الكتابة النثرية، فخلف لنا تراث غزير من المقالات والقصص والروايات بالإضافة للعديد من الدواوين الشعرية، كما عرف كناقد متميز.
.
اهتم ايضا بقراءة الكتب الفلسفية والاجتماعية، وقام بترجمة الكثير من الشعر والنثر إلى العربية وقد قال الايب عباس محمود العقاد عنه ( إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أديباً واحداً يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعراً ونثراً).
.
يعد المازني من رواد مدرسة الديوان وأحد مؤسسيها مع كل من
عبد الرحمن شكري، وعباس محمود العقاد، عشق الشعر والكتابة الأدبية وعمل في شعره على التحرر من الأوزان والقوافي ودعى كغيره من مؤسسي مدرسة الديوان إلى الشعر المرسل، الا انها كانت اشبه بمحاولات لهم فقد غلب على شعرهم وحدة القافية وعمود الشعرالعربي الخالد،
.
اتجه المازني للنثر كما انه أدخل في أشعاره وكتاباته بعض المعاني المقتبسة من الأدب الغربي، وتميز أسلوبه بالسخرية والنكتة واتخذ في كتاباته الطابع الساخر وعرض من خلال أعماله الواقع الذي كان يعيشه في شخوص أو تجارب شخصية أو من خلال حياة المجتمع المصري في تلك الفترة، فعرضه بكل سلبياته وإيجابياته من خلال رؤيته الخاصة وبأسلوب مبسط بعيداً عن التكلف الشعري والأدبي.
.
توقف المازني عن كتابة الشعر بعد صدور ديوانه الثاني في عام 1917م، واتجه إلى كتابة القصة والمقالة الصحفية والنقد الادبي .
لقد كان المازني شاعراً يعظم الشعر ويجسد فيه كل انفعالاته ويصورفيه همومه وأحزانه وذكرياته . امتاز شعره بجزالة اللفظ ونصاعة الفكرة جمع بين الثقافة العربية التراثية وبين الثقافة الغربية وكان وزميلاه شكري والعقاد من اتباع المدرسة الرومانسية ومن أصحاب مدرسة الديوان، وكان بينهم وبين مدرسة شوقي وحافظ مساجلات نقدية حيث أصدر كتاباً بعنوان: (شعر حافظ) كما أصدر مع العقاد كتاب (الديوان) نقدا فيه الشاعرين حافظً ابراهيم – شاعر النيل واحمد شوقي اميرالشعراء وتعرض بعد ذلك في دراسة نقدية لشكري والمنفلوطي، ولقد تميز أسلوبه بالسخرية والفكاهة التي شاعت في مقالاته وله فلسفة خاصة في الحياة ظهرت من خلال عمله في الصحافة فترة من الزمن حيث كتب في الأهرام والهلال والبلاغ والرسالة وغيرها من الصحف والمجلات وكان يقدم تجارب حياته اليومية في قصصه التي جمعها بعد نشرها في الصحف في كتب ويصفه الناقد الدكتور( محمد مندور) بأنه كان رائداً للتجديد الأدبي عامة والشعر بخاصة في النصف الأول من هذا القرن.
.
توفي الشاعر ابراهيم عبد القادر المازني سنة 1949
.
ترك لنا المازني ثروة ثقافية وادبية والعديد من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة نذكر من أعماله:
إبراهيم الكاتب
وإبراهيم الثاني – رواياتان،
أحاديث المازني- مجموعة مقالات
حصاد الهشيم في النقد
خيوط العنكبوت،
ديوان المازنى
رحلة الحجاز
صندوق الدنيا( في السياسة والاجتماع )
عود على بدء
قبض الريح
الكتاب الأبيض
قصة حياة
من النافذة
في الطريق
شعر حافظ
الديوان بالاشتراك مع عباس محمود العقاد
الجديد في الأدب العربي
.
لقد كان المازني أديباً عظيماً وصاحب مدرسة ومذهب في الأدب ليس له نظير في أدب المشرق والمغرب في إجادته لأدب الترجمة فهو يترجم الشعر و النثر كأسلوب الجاحظ وقد أضفى على ترجماته من حسه وروحه وطلاوته وموسيقاه مما جعل الناس يقبلون بشوق وشغف عليها واتسم نتاجه بالخصوبة والتنوع وقد تاثر في شعره بشعرالشريف الرضي وابن الرومي وبشار بن برد وغيرهم من الشعراء العباسيين وكان يكثر من الشكوى والالم والحسرة يقول :
.
خيم الهم على صدري يا صديقي
وبدت في لحظة الليل الهموم
.
لقد كان منذ صغره أخلص الأدباء للشعر والأدب والكتابة ورسم صورة قلمية تنبض بنبض حياته في مسراتها وأحزانها وقوتها وضعفها في طليعة رواد النهضة العربية ولعمري لست اتحسس شيئا هو أحلى جنى وأعذب زلالا من الشعر إذا صدقنا قائله وترفع عن التقليد الذي لا حاجة بنا إليه ولا ضرورة تحملنا عليه، وتنزه عن مجاراة الناس ومشايعة العامة وتوخّي مرضاتهم فإن لنا أعينا حداسة وقوة حساسة وتذقا سليما ومادة الشعر واسعة فياضة لا تفني ولا تزول .
.
وما الشعر إلا معان لا يزال الإنسان ينشؤها في ذاته ويصرفها في فكره ويناجي بها قلبه ويراجعها في عقله، فمعانيها في كل ساعة تتجدد وفي كل لحظة تتولد لتشكل احساسا صادقا منبعثا من قلب مفعم بالشوق غارق بالعاطفة ثم تنهال محتدمة عليه الافكارالمتعلقة باهداب الخيال الثر وتشده الاحاسيس في شعر رومانسي قل مثيله ليكون نغما صادقا ولحنا رائعا يسع الدنيا ومن فيها ذلك هو الشاعر المازني .
.
ومن روائعه قوله:
فؤادي من الآمال في العيش مجدب
وجوى مسود الحواشي مقطب
تمر بي الأيام وهي كأنها
صحائف بيضٌ للعيون تقلب
كأن لم يخط الدهر فيهن أسطرا
يبيت لها الإنسان يطفو ويرسب
شغلت بماضي العيش عن كل حاضرٍ
كأني أدركت الذي كنت أطلب
وما كلت الأيام من فرط عدوها
ولا عطل الأفلاك خطبٌ عصبصب
وما فتئ المقدار يمضي قضاءه
وما انفك صرف الدهر يعطي ويسلب
وما زلت ظهر الأرض في جنباته
مراحٌ لم يبغي المراح وملعب
ولكن قلباىً خالجته همومه ترى
أي ملهى طيب ليس يجنب
وكيف يسري عنه ملهى ومطرب
وما يطبيه غير ما بات يندب
لقد كان الدنيا بنفسي حلاوةٌ
فأضجرني منها الأذى والتقلب
وقد كان يصيبني النسيم إذا هفا
ويعجبني سجع الحمام ويطرب
ويفتنني نوم الضياء عشيةً
على صفحة الغدران وهي تسبسب
فمالي سقى اللَه الشباب وجهله
أراني كأني من دمائي أشرب
وما لي كأني ظللتني سحابة
فها من مخوفات الأساود هيدب
وليلٍ كأن الربح فيه نوائحٌ
على أنجم قد غالها منه غيهب
تجاوبها من جانب اليم لجةٌ
نزاءر فيها موجها المتوثب
كأن شياطين الدجى في أهابه
تغنني على زمر الرياح وتغرب
لقيت به ذا جنةٍ وتدلةه
له مقلةٌ عبرى وقلبٌ معذب
فقلت له ويلي عليك ولهفتي
ترى أين يوميك السرى والتغرب
ركبت الدجى والليل أخشن مركبٍ
فهل لك عند الليل ويبك مطلب
فقال وفي عينيه لمعٌ مروعٌ
وفي شفتيه رجفةٌ وتذبذب
ليهن ترابٌ صم حسنك أنه
سيرويه منه عارضٌ متصبب
سقاها ورواني من المزن سمحةٌ
فإني في ملحودها سأغيب
كفاني إذا ما ضم صدري صدرها
تحية سحب قلبها يتلهب
أأنت معيني إن قضيت بدمعة
يحدرها عطفٌ علينا ويسكب
فقلت له ما لي لدى الخطب عبرةٌ
تراق ولا قلبٌ يرق ويحدب
سكنت فما أدري الفتى كيف يغتدي
تجد به الأشجان طوراً وتلعب
ولكنني إن لم تعنك مدامعي
سأستهول الموت الذي بت تخطب
سأصرخ أما هاجت الريح صرخةً
تقول لها الموتى ألا أين نهرب
.
امير البيـــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــــــــد روز
------------------------------------------------
نشرت فى 2 أكتوبر 2017
بواسطة magaltastar
موسوعة شعراء العربية
المجلد الثامن - شعراء النهضة العربية
.
بقلم فالح الكيلاني
.
( الشاعر عبد الحميد بن باديس )
الامام المصلح
.
هو الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن محمّد بن المصطفى بن المكّي بن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
.
وُلد عبد الحميد بن محمد بن المصطفى بن المكي بن باديس الجزائري بقسنطينة سنة \ 1889م وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدّ نسبها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي بل كان يُبدِيه ويُعْلِنُهُ وقد أ تمّ حفظ القرآن الكريم في أوّل مراحل تعلّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره، على يد الشيخ( محمّد المدّاسي) وتقُدم لصلاة التراويح اماما بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه (حَمدان لُونِيسي )وقد أثّر فيه القرآن الكريم وهزّ كيانه ليكرّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمّة الجزائرية إلى هذا المصدر والنبع الرباني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
.
في سنة 1908 التحق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في تونس العلاّمة ( محمّد النخلي القيرواني ) والشيخ (محمّد الطاهر بن عاشور) اضافة الى مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو عقليته و استعداده لتقبل العلوم وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين منهم (البشير صفر) و( سعد العياض السطايفي ) و ( محمّد بن القاضي) وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام والعراق وغيرها ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية والملازمات المستمرّة لرجال العلم والادب والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة.
.
وبعد تخرّجه وتأهيله بشهادة التطويع سنة 1912 عاد من تونس متأهّبًا بطموح قويٍّ للتفرّغ للتدريس الممثّل في بدايته بعقد حلقات دراسية بالجامع الكبير، غير أنّ صعوبات واجهته في بداية نشاطه العلمي حالت دون تحقيق طموحه وآماله، وبعد طول تأمّل رأى من المفيد تزامنًا مع موسم الحجّ أن يؤدّي فريضة الحج مغتنمًا الفرصة في رحلته المشرقية للاتصال بالعلماء والمفكّرين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي الأمر الذي يسمح له بالاحتكاك المباشر وتبادل الرأي معهم، والتعرّف على مواقع الفكر الإصلاحي، فضلاً عن الاطلاع على حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في المشرق العربي. وفي أثناء تواجده بالحجاز حضر لدروس العلماء من مختلف البلدان الوافدين إلى هذه البقاع المقدّسة كالشيخ (حسين الهندي) الذي نصحه بالعودة إلى بلاده لاحتياجها إلى علمه وفكره، وقد حظي بإلقاء دروس بالمسجد النبوي الشريف من بعض الشيوخ الذين كانوا يعرفون مستواه، وقد تعرّف على كثير من شباب العائلات الجزائرية المهاجرة مثل (محمّد البشير الإبراهيمي) وقد استفاد الشيخ عبد الحميد بن باديس من التيارات الفكرية ومدارس الإصلاح الديني بالمشرق التي ظهرت في العالم الإسلامي وبعد عودته إلى قسنطينة سنة 1913 ساهم في بلورة الفكر الإصلاحي ميدانيًّا وتطبيق مناهجه التربوية عمليًّا، ساعده زملاؤه الأفاضل من العلماء الذين شَدُّوا عَضُدَه وَقَوَّوْا زناده، فكان تعاونهم معه في هذه المهمّة الملقاة على عاتق الدعاة إلى الله تعالى منذ فجر النهضة العربية دافعًا قويًّا وعاملاً في انتشار دعوته و سطوع نجمه، وذيع صيته، ، كما ساعده أيضًا الواقع الذي كانت تمرّ به الجزائر بين الحربين العالميتين.
.
وقد شرع ابن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي، وانتهج في دعوته منهجًا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية، وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية،
الاول إصلاح عقيدة الجزائريين ببيان التوحيد لذلك ظهرت عنايته الأكيدة بتربية الجيل على القرآن وتعليم أصول الدين وعقائده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ كان همّه تكوين رجال قرآنيين يوجّهون التاريخ ويُغيّرون الأمّة، وقد تجلّى ذلك في بعض مقالاته حيث يقول رحمه الله:
«فإنّنا والحمد لله نربي تلامذتنا على القرآن من أول يوم، ونوجّه نفوسهم إلى القرآن في كلّ يوم…».
.
أمّا المحور الثاني فيتمثّل في إصلاح عقلية الجزائريين، بإصلاح العقول بالتربية والتعليم، ولتكوين أجيال قائدة في الجزائر، تعمل على بعث نهضة شاملة تخرج بها من حالة الجمود والركود إلى الحيوية والنشاط، وقد كان يرى أنّ تحقيق هذه النهضة المنشودة يتوقّف بالدرجة الأولى على إصلاح الفرد الجزائري وبعث الروح الوطنية فيه من الناحية الفكرية والنفسية.
.
والمحور الثالث يظهر في إصلاح أخلاق الجزائريين، حيث ان هذا الميدان قد تدهور كثيرًا نتيجة لفساد العقول وفساد العقيدة الدينية كنتيجة لقرب الجزائر من فرنسا وما قامت به من احتلال للجزائر وماولة فرنسة الاوضاع واللغة فيها وطمس المعالم العربية والاسلامية منها وقد كانت عنايته بالغة من داخل الفرد بتطهير الباطن الذي هو أساس الظاهر، وتهذيب النفوس وتزكيتها وإنارة العقول وتقويم الأعمال وإصلاح العقيدة
.
باشر عمله ونشاطه الاصلاحي جاعلا من المسجد منطلقا فاهتم بتعليم الصغار وتوعية الكبار واتخد من الصحافة وسيلة أخرى لنشر الوعي الديني والسياسي حارب الخرافات والبدع ورفض فكرة ادماج الجزائر بفرنسا في وقت الاحتلال الفرنسي وأعتبر كل من تجنس بالجنسية الفرنسية مرتدا
.
بدأ الشيخ عبد الحميد بن باديس مهمته الإصلاحية بعد أن نضج وعيه الإسلامي و تأثر بأفكار الجامعة الإسلامية ، و أدرك أن طريق الإصلاح يبدأ بالتعليم لأنه لا يمكن للشعب الجاهل أن يفهم معنى التحرر و محاربة الاستعمار ، لذلك باشر بن باديس تأسيس المدارس و تولّى بنفسه مهمة التعليم ، و ركزّ على تعلم الكبار بفتح مدارس خاصة لمحو الأمية ، كما اهتم بالمرأة من خلال المطالبة بتعليم الفتيات إذ أنشأ أول مدرسة للبنات بقسنطينة سنة 1918 ، واعتبر تعليم المرأة من شروط نهضة المجتمع تعليم المرأة لا يعني تجاوز التقاليد و الأخلاق الإسلامية .وسع بن باديس نشاطه ليفتتح عدة مدارس في جهات مختلفة
ساهم في فتح النوادي الثقافية مثل نادي الترقي بالعاصمة الجزائر
، وساعد على تأسيس الجمعيات المسرحية
.
اشرف على عدة مجلات منها المنفذ والشهاب و البصائر وعمل على تفسير القرأن الكريم وفي سنة 1931 كان من اشهر العلماء البارزين المتحمسين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
.
كان عبد الحميد بن باديس مفكرا ومرشدا ومربيا سخر كل طاقاته المادية والبشرية لاصلاح أحوال المجتمع الجزائري وللحفاظ على الهوية الجزائرية الاسلام وكان منهجه الاصلاحي ينبثق من الثلاثية (الاسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ) تصدى لفكرة الادماج عن طريق اصدار الفتاوى ونجح في بناء جيل ساهم بقوة في اذكاء ثورة تشرين الثاني عام 1954.
.
كان عالما دينيا وشيخا فاضلا سخر كل جهوده في نهوض شعب الجزائر البطل وبث روح الثقافة العربية والنهضوية والاسلامية في نفوس السباب وغرسها في قلوبهم
.
توفي الامام في 16 نيسان 1940 وأعتبر يوم وفاته يوم العلم احياءا لذكرى وفاته اذ انه أحد أبناء وأبطال الجزائر العربية باديس رحم الله الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري فقد رئيسا لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
.
انشد الكثير من الشعر في الدين والسياسة والاجتماع وكان شعره هادفا غلبت عليه السمة الدينية ومن شعره هذه القصيدة التي يعرف بها الشعب الجزائري بعروبته وردا قاطعا للفرنسة ودعاتها الظالمين ويدعوه للثورة والحياة\
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ
وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ
أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ
رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا
وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا
وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ
حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ
فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ
سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ
فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا
فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا
فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا
بالـنُّـور ِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا
من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ
حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي
تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
.
اميرالبيــــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــــــد روز
*******************************
نشرت فى 29 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
موسوعة شعراء العربية
المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية
.
بقلم : فالح الكيلاني
.
( الشاعر رشيد سليم الخوري )
الشاعرالقروي.
.
هو رشيد بن سليم الخوري . ولد في \ 17 نيسان من عام \ 1887 م بقرية (البربارة ) اللبنانية وكان ابوه معلما ثم ترك التعليم بعد زواجه ومارس تجارة التبغ والحرير.
.
انتقل الى مدينة ( صيدا )حين بلغ الثالثة عشرة للدراسة فدرس في مدرسة الفنون الاميركية ثم في مدرسة سوق الغرب ثم انتقل الى
( بيروت ) ليكمل دراسته في الكلية السورية الانجيلية والتي تغير اسمها فيما بعد الى( الجامعة الامريكية) ولاتزال تحمل هذا الاسم في ( بيروت ).
.
لقب الشاعر رشيد سليم الخوري ب( الشاعرالقروي ) وسبب تسميته ذكرها الشاعر نفسه في أحد دواوينه وهي:
أن الشاعر الاردني ( يعقوب العودات) الملقب (البدوي الملثم) سأله كيف اخترت لقب الشاعر القروي، فقال:
- بعد أن صدر ديواني الرشيديات، لم يُرق للناقد (قسطنطين الحداد)، فظل الحداد ينقده في جريدة تسمى بـ ( المؤدب ) وفي أحد المرات قرأ رشيد سليم الخوري أحد النعوت التي قد نعت بها من قِبـَل الناقد المذكور ومن هذه النعوت( الشاعرالقروي ) الذي أعجبه كثيرا فوجد رشيد سليم الخوري فيه ضالته في هذا النعت .
.
عمل في التعليم وتنقل بعدة مدارس في لبنان ولم يكن سعيدا بعمله ولا قانعا به لذا هجر مهنة التعليم و لعدم كفاية مردودها المالي لعائلته الكبيرة . فاشتغل بعدة مهن مختلفة بجانب انصرافه الى قول الشعر فاصدر مجموعته الاولى او قل ديوانه الاول بعنوان : ( الرشيديات ) .
.
كان الشاعر رشيد سليم الخوري من أبناء جيله الذين شهدوا ظلم الأتراك، وكان اللبناني في تلك الحقبة يتحرَّى عن هويته وشخصيته التي تعيِّنُ مكانَه من نفسه ومن العالم .
.
ثار العرب ضد الاتراك في عام \1916م عندما نشبت الحرب العالمية الاولى في عام \ 1914 بين الدولة العثمانية والمانيا من جهة والحلفاء من جهة اخرى ووعد الانكليز العرب بالاستقلال ان اصبحوا بجانبهم وبعد انتهاء الحرب لم يفي الحلفاء بوعودهم للعرب بل عملوا على تقسيم البلاد العربيه بين الانكليز وبين الفرنسين والطليان بموجب معاهدة ((سايكس بيكو )) المشهورة فاستعمرت بريطانيا كل من مصر والسودان والعراق والسعودية والاردن وفلسطين والمغرب وكانت حصة فرنسا لبنان وسوريا وتونس والجزائر وحصة ايطاليا كانت ليبيا ثم ان الانكليز توجوا استعمارهم باعلان وعد بلفور السيء الصيت الذي بموجبه اعلنوا ان فلسطين وطنا قوميا لليهود على اشلاء عرب فلسطين واموالهم وعملوا على تهويد المدن الفلسطينية وقد جاء هذا الوعد في اعلان اصدره ( بلفور ) وزير خارجية انجلترا عام \1917 .
..
وقد اعلن العرب استنكارهم ومقاومتهم لهذا الوعد المشؤوم وهب الشعراء والادباء ليقولوا كلمتهم فيه وكان للشاعر رشيد باع طويل في ذلك يقول في قصيدة بعنوان( وعد بلفور)
منها هذه الابيات :
الحقُ منك َومن وعودك َ أكبرُ
فأحسب حساب الحق يا متجبرُ
تعدُ الوعودَ وتقتضي إنجازها
مهج َ العبادِ؟خَسِئتَ يا مُستَعمِرُ
لو كُنتَ من أهلِ المكارمِ لم تكن
من جيبِ غيركَ مُحْسِنًا يا بلفُرُ
عِد منْ تشاء بما تشاءُ فإنما
دعواه خاسرةُ ووعدُكَ أخسَرُ
فلقد نفوزُ ونحنُ أضعفُ أمةٍ
وتؤوب مغلوباً وأنت الأقدرُ
فلكم وقى متواضعا إطراقه
وكبا بفضل ردائه المتكبرُ
.
مات والده عام \1910 م تاركا له مسؤولية اعالة عائلة كبيرة و رعاية اخوته عائلته مكونة من والدته واخوته ( قيصر وفيليب وفؤاد وأديب ونديم وأختيه فكتوريا ودعد) فلم يعد يحتمل معيشتهم وضاقت الدنيا بوجهه فقرر الهجرة الى خارج لبنان وكان له عم اسمه ( اسكندر) يقيم في البرازيل فسافر اليه في عام 1913 فاستقر مسكنه فيها بعد ان توفرت سبل المعيشة له وفي عام 1924 استقدم أمه وأخوته الى البرازيل ومن جميل شعره قوله في الطبيعة وفي شروق الشمس :
عرتني خشــيـةٌ لله لـما
رأيت الشمس تأذن بالشروق
فلم أرفع يدي بالحمد حتى
ذكرت بضاعتي وكساد سوقي
ولما قمت منصرفاً لشأني
تذكرت الصلاة على الطريق
* * *
حملت بضاعتي .. ألقي اتكالي
على المولى ووعد من صديق
فلم أبصر جمال الروض حتى
عرتني هزة الشعر الرقيق
ولما عدت من نظم القوافي
تذكرت الصديق على الطريق
* * *
وإني في ذهول الشعر يوماً
أحوم به على غصن وريق
إذا بحمامةٍ تبكي بكاءً
له جمدت دمائي في عروقي
فلما ذاب في سمعي صداها
تذكرت القريض على الطريق
* * *
سمعتُ كمنجةً في كفّ أعمى
تثير كوامن الحس العميق
فلما كنتُ منجذباً إليها
ومِلْتِ إلي ّ بالقدِّ الرشيق
ذُهلتُ عن الصلاةِ وكسبِ رزقي
وشِعْري والكمنجة والطريق
.
.تطوع الشاعر سنة 1917 ليحارب في صفوف الجيش العربي في سوريا جيش الملك فيصل عندما اصبح ملكا عليها بعد الحرب العالمية الاولى واحتلال الانكليز للبلاد فقد وقف أمام أحد القبور ليرى معاناة الموت من خلال معاناته الحياة وقساوتها
وذلك قبل مغادرته إلى البرازيل. فيقول :
فوقَ الترابِ بقيَّةِ الأجدادِ
أجثو وأندبُ أمَّتي وبلادي
وطني، ولكنْ للغريبِ وأمَّةُ
ملهى الطغاةِ وملعبُ الأضدادِ
يا أمَّةً أعيتْ لطول جهادها
أسكونُ موتٍ أم سكونُ رُقادِ
هل نرتقي يوماً وملء نفوسنا
وَجَلُ المَسوقِ وذلَّةُ المنقــادِ
يا أيُّها القبر الأنيس بقربِ مَنْ
يجلو دُجاك بنوره الوقَّــادِ
إنَّ الذين تركتَهم في ساحة
الدنيا هُمُ الأحزان في أجسادِ
.
وأصدر أول مجموعة من أشعاره بعنوان( الرشيديات) ثم اصدر ديوانه الثاني اسماه ( القرويات ) ووقع شعره فيه باسم( الشاعر القروي ) فأصبح معروفا بذلك الاسم ثم أصدر ديوانه الكبير الذي حوى جميع ما قد كان أصدره من شعره المتناثر وعاد الشاعر الى لبنان عام 1958 م فقامت وزارة التعليم في عهد الوحدة العربية بين سوريا ومصر باعادة طبع ديوانه تقديرا لشعره ومكانته الادبية الرفيعة.
.
لم يجد في السفر ما ينقصه في البلاد، فقد لاقى بشراً لم يألفهم من قبل، ولم يشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، وكان دأبه حب الوطن، والهروب من الأتراك، بعد ان وجد الناس هناك يلقبون العربي ب (التركو) فلم يا نسَ لهم، بل هم أناس لذواتهم وليس لبعضهم البعض. فانشد قصيدته قبل سفره :
سفرٌ نهايتهُ سفرْ
مثل النسيم بلا مقرْ
حتَّام أبقى دائراً
حول البسيطة كالقمرْ
أصطادُ أطيار السعادة
وهي من وجهي تفرْ
أيوب سلِّم صولجانك
لست أعظم من صبرْ
لو ذقتَ يوماً ما أذوق
لكنت أول من كفرْ
ويزيد في الطنبور أني
بين نـاسٍ كالبـقر
لا يفهمون من الحياة
سوى البطالة والبطر
كنْ بينهم رجل الزمان
تظلُّ "تركو" محتـقر
حتى عبيد البرِّ قد سخروا
بنا مع من سخر
وطني ويا لك موطناً
قد مزَّقته يدُ الغِيَرْ
يشقى المقيم اليوم فيك
وليس يسلمُ من هجر
.
وفي ثورة الشعب العربي في الشام اي في سوريا ولبنان يقول هذه الابيات مخاطبا فيها الزعيم الدرزي ( سلطان الأطرش) حين أعلن ثورته علي الفرنسيين سنة\ 1925 - أن يقاتلوا أعداء الأمة بسيف محمد صلى الله عليه وسلم ففي النصر والظفر:
فتى الهيجاء لا تعتب علينا
و أحسِن عذرَنا تحسنْ صنيعا
تمرستم بها أيام كنا
نمارسُ في سلاسلنا الخضوعا
فأوقدتم لها جثثًا وهامًا
وأوقدنا المباخر والشموعا
إذا حاولتَ رفعَ الضيم فاضرب
بسيف محمدٍ واهجر يسوعا
أحبوا بعضكم بعضًا وُعظنا
بها ذئبًا فما نجَّت قطيعا
ألا أنزلتَ إنجيلاً جديدًا
يعلِّمنا إباءً لا خنوعا
أجِرنا من عذاب النير لا من
عذاب النار إن تك مستطيعا
و يا لبنان مات بَنوك موتاً
وكنت أظنَّهم هجعوا هجوعا
ألم ترهم ونار الحرب تُصلى
كأنَّ دماءهم جمدت صقيعا
بدت لك فرصةٌ لتعيش حرًّا
فحاذرْ أن تكون لها مُضيعا
و ما لك بعد هذا اليوم يومٌ
فإن لم تستطعْ لن تستطيعا
.
كان لا يشعر بالهزيمة أمام قوى الشر والاستبداد والاستعمار والظلام في وطنه، بل كان يرد عليها بالشعر كسلاح يدافع به عن حق شعبه بالوجود والكرامة والحرية يقول :
مَنْ يُنبئُ الملأ الذين أُحبُّهم
فيكافئون الحب بالعدوان
إنِّي على دين العروبة واقفٌ
قلبي على سُبُحاتها ولساني
إنجيلي الحبُّ المقيم ُ لأهلها
والذود عن حُرُماتها فرقاني
أرضيتُ أحمدَ والمسيحَ بثورتي
وحماستي، وتسامحي وحناني
يا مسلمون ويا نصارى دينكم
دينُ العروبةِ واحدٌ لا اثنـانِ
بيروتكم كدمشقكم ودمشقكم
كرياضكم ورياضكم كعُمانِ
ستجدِّدون المُلك من يمنٍ إلى
مصرٍ إلى شامٍ إلى بغـدانِ
.
وفي البرازيل تولى تحرير مجلة ( لرابطة ) لاكثر من ثلاث سنوات وترأس جمعية ( العصبة الاندلسية ) فكان رئيسها الثاني بعد (ميشيل معلوف)، وظل في المهجر مدّة خمسةٍ وأربعين عاماً؛ يتعاطى التجارة وكسب الرزق وينشد الشعر ويكتب الادب وعينه ساهرة لما يحدث في بلده بل في كل الاقطارالعربية .
.
لما شعر بالشيخوخة وكبرالسن عاد إلى وطنه لبنان وسكن في مسقط راسه الى ان وافاه الاجل في قرية (البربارة) القرية التي شهدت ولادته ووفاته فقد توفي الشاعر رشيد سليم الخوري الملقب ( الشاعرالقروي) في عام\ 1984 .
.
اعيد طبع مؤلفاته الكا ملة في 1\1\ 1998 اي بعد اثنتي عشرة مضت على وفاته .
.
الشاعرالقروي دعى الى توحيد الصفوف ابناءالعروبة بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب والقطر اوالمدينة يقول :
يا فاتح الأرض ميداناً لدولته
صارت بلادُك ميداناً لكل قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم
لا يُنهِض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلّغوه سلام الشاعر القروي
.
رشيد سليم الخوري بحق شاعرالنهضة العربية اذ شارك في ما حدث في زمنه من احداث للامة العربية وتحررها ودعى بكل جهده لنهضتها مما هي فيه و تمنى في أكثر من موضع أن يعود العرب الى سابق عهدهم وتعود الى بغداد والأندلس عهودهم الذهبية وفي ذلك يقول :
يا حبذا عهد بغداد وأندلسٍ
عهد بروحي أفدِّي عَودَهُ وذوي
من كان في ريبةٍ من ضَخْم دولته
فليتلُ ما في تواريخ الشعوب رُوي
ومن شعره العاطفي هذه الابيات :
ألقيت في سمع الحبيب كليمـــــــــــة
جرحت عواطفه فما أقسانـــــــــي
قطع الحديث وراح يمسح جفنـــــــه
فوددت لو أجزى بقطع لسانـــــــــي
ومضى ولي قلب على آثـــــــــــــاره
ويدان بالأذيال عالقتـــــــــــــــــــــان
فطفقت من ألمي أكفكف أدمعـــــــــي
ورجعت من ندمي أعض بنانــــــي
حتى ظفرت به فمد يمينـــــــــــــــــه
ودنا إلي برقة وحنــــــــــــــــــــــان
وبكى وعانقني وقال عدمتنـــــــــي
إن كان لي جلد على الهجـــــــــــران
قل ما تشاء ولا تغب عن ناظـري
وفداك ذلي في الهوى وهوانــــــــــي
.
واختم مقالتي بهذه الابيات الوطنية من شعره :
صياماً إلى أن يُفطِرَ السيفُ بالدمِ
وصمتاً إلى أن يصدح الحقُّ يا فمي
أَفِطرٌ وأحرار الحمى في مجاعـة؟
وعيدٌ وأبطال الجهــاد بمأتـم؟!
بلادك قدِّمها على كـلِّ ملَّـة
ومن أجلها أَفطِر ومن أجلها صُمِ!
فما مسَّ هذا الصوم أكبادَ ظلَّمٍ
ولا هزَّ هذا الفـطرُ أرواح نـوَّمِ
هبونيَ عيداً يجعل العُربَ أمَّـةً
وسيروا بجثماني على دين بَرهمِ!!
فقد مزَّقت هذي المذاهب شملنا
وقد حطمتنا بين نابٍ ومنسمِ
سلامٌ على كفرٍ يوحِّد بينــنا
وأهلا وسهلاً بعـده بجهـنَّم
.
امير البيـــــــــــــان العربي
د .فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلـــــــد روز
*******************************************
نشرت فى 22 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
شذرات من السير ة النبوية المعطرة
بقلم فالح الكيلاني
( الهجرة النبوية )
15
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله:
في ليلة الاثنين الاول من ربيع الاول من العام الرابع عشر من النبوة ركب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم راحلته صحبة ابي بكر الصديق والدليل ( عبد الله بن اريقط الليثي ) وصحبهم عامر بن فهيرة مولى ابي بكرالصديق وتحرك الركب من غار ثور متجها الى يثرب وسلك بهما الدليل طريقا غير مسلوكة الا قليلا باتجاه الجنوب نحو اليمن حتى ابتعد كثيرا ثم اخذ بهم الى الغرب نحو البحر- وهذه اول خطوات البعثة النبوية المعطرة – ثم اتجه الركب الى الشمال على مقربة من ساحل البحر وسلكت القافلة المهاجرة طريقا لم يسلكه احد من قبلهم الا قليلا . وسمي هذا العام بالعام الهجري الاول في التقويم الاسلامي القمري الذي يبدأ من اول محرم الحرام وينتهي بانتهاء ذي الحجة من كل عام .
قالت اسماء بنت ابي بكر :
لما خرج والدي اخذ معه كل ماله فدخل علينا جدي ابو قحافة وكان فاقد البصر فقال :
- اني والله لأراه فجعكم بماله مع نفسه
فقلت له: كلا والله لقد ترك لنا خيرا
واخذت حجارة فوضعتها في كوة البيت وقلت له:
- ضع يدك على المال.
فوضعها وقال : لا باس ان كان قد ترك لكم هذا فقد احسن
وقالت : والله ما ترك لنا شيئا وانما اردت ان اسكت الشيخ .
والت القافلة سيرها الليل كله وانتصف النهارالتالي واصبح الطريق قفرا خاليا عندئذ نزل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليستريح تحت ظل صخرة بينما راح ابو بكرالصديق يستكشف ما حوله فشاهد راع يرعى اغنامه فاستحلب منه ابو بكر. فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم سقاه ابو بكر حتى شبع ثم ارتحلوا.
في اليوم الثاني من هجرتهم الميمونة مروا على خيمة ام معبد - وام معبد هذه امراة من كعب وفي رواية اخرى من خزاعة وزوجها يسكنون في موضع يسمى ( المشلل) في ناحية قرية ( القديد) التي تبعد عن مكة بحوالي\ 130 كم وكانت تطعم من مر بها وتسقيه يعرفها القاصي والداني فنزلوا عندها وسألوها ان كان عندها شيء ياكلونه فاعتذرت عن اقرائهم واخبرتهم ان الشياه عازب – بعيد ة المرعى والكلا . فشاهد النبي صلى الله عليه وسلم نعجة قرب الخيمة اجهدها الهزال والضعف ولم يكن فيها قطرة من لبن فاستاذن ام معبد بحلبها فحلبها فبارك الله فيها ودرت لبنا كثيرا سائغا طيبا ملأ الاناء الكبير وفاض منه . فسقى النبي صلى الله عليه وسلم ام معبد حتى رويت ثم سقى اصحابه حتى شبعوا ثم شرب فارتوى ثم حلبها ثانية بملئ الاناء وتركه عندها وارتحلوا .
فلما قرب الغروب جاء زوجها يسوق اغناما عجافا وفي رواية اخرى عنوزا عجافا فتعجب حين شاهد اللبن الكثير فقا ل لها:
- من اين هذا ؟؟؟
فاخبرته القصة بان رجل مبارك مر بها مع اخرين ووصفت النبي صلى الله عليه وسلم من مفرقه الى قدمه فقالت:
( انه رجل ظاهر الوضاءة حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزور به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي اشفاره وطف وفي صورته صحل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة احور اكحل ازج اقرن شديد سواد الشعر اذا صمت عليه الوقار واذا تكلم علاه البهاء اجمل الناس وابهاه من بعيد واحسنه واحلاه من قريب حلو المنطق لا نذر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدون ربعة لا تقتحمه عين من قصر ولا شنوءة من طول غصن بين غصنين فهو انضر الثلاثة منظرا واحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به اذا قال استمعوا لقوله واذا امر تبادروا الى امره محفود محشود لا عابس ولا مفند)
فقال ابو معبد: والله هذا صاحب - قريش الذي تطلبه ولقد هممت ان اصحبه ولأفعلن ان وجدت الى ذلك سبيلا .
وفي صباح ذلك اليوم صاح صوت ب( مكة )عاليا سمعه الجميع ولا يرون القائل وهو ينشد:
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي ام معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به
فافلح من امسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكمو
به من فخار لا يحاذى وسؤدد
ليهن بنو كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا اختكم عن شاتها وانائها
فاكموا ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزيد
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم
وقدس من يسري اليه ويغتدي
وعن اسماء بنت ابي بكر قالت :
- مكثنا ثلاث ليال لا ندري اين توجه النبي صلى الله عليه وسلم اذ اقبل رجل من الجن من اسفل مكة يتغنى بابيات غناء العرب والناس يتبعونه ويسمعون منه ولا يرونه حتى خرج من اعلى مكة فعرفنا حد سا اينما توجه رسول الله .
ثم ساروا حتى جاوزوا ( القديد) فتبعهم سراقة بن مالك بن جهشم المدلجي آملا في جائزة قريش ( مائة بعير لمن ياتي بمحمد وصاحبه حيا اوميتا ) وهو فارس من فرسا ن قريش مشهود له بالشجاعة والقوة فلما وصل قريبا منهما كبت فرسه حتى سقط عنها ثم نهض فاستقسم بالازلام ايضرهم ام لا يضرهم فخرج الذي
لا يضرهم لكنه عصى الازلام وركب ثانية وهم اللحاق بهم حتى دنى منهم بحيث يسمع ما يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت اليه وابو بكر يكثر من الالتفات في كل جانب . فساخت ارجل الفرس الامامية حتى ركبتيها فخر هاويا عن ظهر فرسه الى الارض ثم زجرها فاخرجت يديها من الارض فلما استوت قائمة صار لأثر يديها غبار ساطع طالع الى السماء مثل الدخان عاليا فوقف سراقة استقسم بالازلام ثانية فظهر الذي يكرهه فداخله رعب كبير وفطن ان امر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لابد سيظهر فسألهم الامان فوقفوا حتى لحق بهم واخبر سراقة النبي صلى الله عليه وسلم بما قرره اهل مكة وعرض عليه الزاد والمتاع فلم يأخذ منه شيئا وطلب منه ان يخفي امرهما ورجاه سراقة ان يستكتبه الامان فامر له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبه عامر بن فهيرة في اديم ودفعه اليه وتخبر النبي صلى الله عليه وسلم سراقة انه سيوضع في يديه ا سورة من ذهب ورجع سراقة الى قريش . فكان كل من لقيه في الطريق يؤكد له بعد م رؤيته لهم . وكانت نبوءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ان تحققت بعد اسلام سراقة وجهاده في سبيل الاسلام في معركة القادسية في زمن الخلفة عمربن الخطاب حيث لبس سراقة اسورة الملك كسرى ملك الفرس بعد انتصار المسلمين .
و قد لقيهما في الطريق بريدة بن الحصيب الاسلمي في سبعين رجلا فارسا فاسلموا وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء الاخرة ثم لقيهما الزبير بن العوام في بطن وادي (الريم) في ركب من المسلمين كانوا في تجارة من الشام فكسى الزبير النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه بملابس بيضاء.
ولما بلغ الانصار في يثرب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من مكة قاصدا مدينتهم كانوا يخرجون في كل يوم الى ( الحرة ) ينتظرون قدومه فاذا اشتد حر الشمس رجعوا الى منازلهم وفي يو م الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول خرجوا كعادتهم فلما حميت الشمس رجعوا فصعد رجل من اليهود على اطم من آطام المدينة فراى ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعيد يزول بهم السراب بملابس بيضاء فصرخ باعلى صوته :
يا بني قيلة ( وهي ام الاوس والخزرج كما سبق واشرنا لذلك ) اسرعوا هذا صاحبكم . قد جاءكم من تنتظرونه .
هب الانصار راكضين نحو القافلة بحر الظهيرة الى (السلام) موضع معروف ليلتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا التهليل والتكبير في بني عمرو بن عوف فكبرالمسلمون وخرجوا الى لقياه وحيوه بتحية النبوة والاسلام واحدقوا به رافلين بالفرح والسرور . فنزل بهم في بني عمرو بن عوف في (قباء) على مقربة من المدينة المنورة ( يثرب ) التي نورها النبي الحبيب المصطفى بنوره فاصبحت تسمى (المدينة المنورة ) من ذلك الوقت وقد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في (قباء) على كلثوم بن الهدم وقيل في رواية اخرى على سعد بن خيثمة حيث مكث فيها اربعة ايام وقد اسس في اثنائها مسجد قباء المعروف اليوم وهو اول مسجد اسس وبني في الاسلام . وقد زرناه وتباركنا به وصلينا فيه هذا العام والحمد لله رب العالمين .
وفي يوم الجمعة اليوم الخامس من وصول ركب النبي صلى الله عليه وسلم بامر من الله تعالى وابو بكر معه فارسل الى اخواله بني النجار فحضروا متقلدين سيوفهم فسار فيهم نحو المدينة المنورة وادركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة فيهم في بطن الوادي في موضع المسجد الموجود الان في بطن الوادي وهم قرابة مائة رجل .
ثم ركب متجها نحو مركز المدينة وقد زحف الناس لاستقباله وارتجت البيوت والسكك والشوارع بالتحميد والتهليل وخرج النساء والصبان والاولاد وهم يتغنون :
طلع الفجر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
ايها المبعوث فينا جئت بالامر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبـــا يا خير داع
وكان الانصار كل منهم ياخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون .:
- هلم الى العدد والعدة والسلاح والمنعة
فيجيبهم صلى الله عليه وسلم :
- (خلوا سبيلها فانها مامورة)
فلما وصلت الناقة الى مكان المسجد النبوي الشريف بركت فيه فلم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا ثم التفتت ورجعت ثم بركت مرة اخرى في موضع بروكها الاول فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عنها . فاخذ الناس يترجونه ويكلمونه في النزول عليهم فاحب ان ينزل على اخواله تكريما لهم . فبادر ابو ايوب الانصاري فادخل رحله الى بيته فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- المرء مع رحله .
واخذ اسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده . فتسابق سراة الانصار الى استضافة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فكانت تاتيه الجفان مليانة . تاتيه منهم في كل ليلة وعلى بابه ثلاث او اربع جفان. واصبح كما قال شاعرهم قيس بن صرمة :
ثوى في قريش بضع عشرة حجة
يذكر لو يلقي حبيبا مواتيا
فلما اتانا واستقر به النوى
واصبح مسرورا بطيبة راضيا
واصبح لايخشى ظلامة ظالم
بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الاموال من جل مالنا
وانفسنا عند الوغى والتآ سيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم
جميعا وان كان الحبيب المصافيا
ونعلم ان الله لا رب غيره
وان كتاب الله اصبح هاديا
وقال الشاعر حسان بن ثابت في ذلك :
قومي الذين هموا آووا نبيهمو
وصدقوه واهل الارض كفار
الا خصائص اقوام همو تبع
في الصالحين مع الانصار انصار
مستبشرين بقسم الله قولهموا
لما اتاهم كريم الاصل مختار
وقال ايضا :
نصرنا وآوينا النبي محمدا
على انف راض من معد وراغم
وهكذا هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة الى يثرب ووصل اليها ودخلها هو رفيقه ابو بكرالصديق سالما غانما قد انعم الله تعالى عليه بالفتح المبين وتنورت( يثرب) بمقدمه فسميت ( المدينة المنورة )
قال البراء :
( اول من جاءنا مصعب بن عمير وابن مكتوم فجعلا يقرآن النا س القرآن ثم جاء عمار بن ياسر وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم )
فاقام النبي عند ابي ايوب حتى بنى بيته ومسجده .
بعث النبي صلى الله عليه وسلم- وهو مقيم في منزل ابي ايوب الانصاري – زيد بن حارثة وابا رافع الى مكة فقدما اليه بابنتيه فاطمة وام كلثوم وزوجته سودة بنت زمعة واسامة بن زيد وام ايمن . وكذلك خرج معهم عبد الله بن ابي بكر وفيهم عائشة ايضا .
اما علي بن ابي طالب رضي الله عنه فبقي بمكة ثلاثة ايام بعد هجرة النبي ادى الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل مكة ثم هاجر ماشيا على قدميه فلحق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم . ثم هاجر صهيب فحجزه مشركو مكة فتنازل عن امواله لهم على كثرتها فسمحوا له بالهجرة فلما وصل المدينة واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :
- (ربح البيع ابا يحيى ).
حيث كانت كنية صهيب ( ابو يحيى )
امير البيـــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلــــــــــد روز
***********************
منقولة من كتابي (شذرات من السيرة النبوية المعطرة ) صفحة 130-137 الصادر عن دار دجلة ناشرون وموزعون عمان - الاردن 2017
نشرت فى 22 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
الشعر وفلسفته الجمالية
بقلم : فالح الكيلاني
المجتمع الانساني بتكوينه وطبيعته انبثقت فيه حالات من الالهام والتخيل فاجدت فيما اوجدت الوسيلة الشعرية رضوخا لدوافع الحاجة الكامنة في نفس المرء نتيجة لرغبته الملحة في سبيل التلذذ النفسي او الحسي . و قد ولدهذا الاحساس فيه امران في غاية الاهمية مرجعهما بالاساس الطبيعة الإنسانية وهما :
الاول : المحاكاة لان المحاكاة أمر فطري موجود لدى الناس منذ الصغر .
والثاني : الرغبة في التذوق اوالتلذذ بالأشياء وهذا أمر عام للجميع وان كان متفاوتا بين انسان واخر .
من خلال هذين الامرين انبثقت الحالة الجمالية التي اوجدها المجتمع الانساني والتي تعتبر بحد ذاتها متعة جمالية تعمل على ايجاد امور كثيرة مختلفة المعايير نعتبرها كأدوات فنية عالية الجودة ومتجددة وبتفاعلات او باساليب جمالية اشبه بتجليات نفسية في جوهر الفكر والتصور في الرسائل الادبية التي تعد.
لذا يمكننا القول إن الجوهر الموجود في جسدية او بنية الفن عامة والشعر خاصة والذي يعتبر جزءا بحد ذاته من الفن و له قدرة استثنائية على التلائم مع الجمال والاندماج به وهذا الجوهر يعمل بطريقة سحرية عجيبة ليشد المتلقي شدا وثيقا وبطريقة طردية حيث تكون وظيفته تقديم المتعة النفسية للشاعر والمتلقي في نفس الوقت ومتعته النفسية للشاعر من حيث نظم العمل الفني الشعري ومقدرته بالايتاء بالاسمى والافضل فيما يراه ومتعته للمتلقي تكمن في التذاذه ونشوته عند قراءى القصيدة وايجاد ما في نفسه فيها محاكاة لها وهذه المتعة تعتبر لدى الاخرين هي المنفعة الانسانية المنشودة في هذا المجال .ومن هما نجد ان الشعر يمكنه من امتلاك ما يراه حقيقة او خيالا في التعبير الادبي والنفسي ، ويزاوج بينهما في خفاء ا و تجلٍّ واضح ويكون الكشف عن الجمال عبر هذا التبادل والتزاوج والتعاور بحيث يشف عنه او يكشف عن كل منهما محاولا اخفاء الآخر او التداخل فيه ، وهذا هو سر المتعة في الشعر . فاذا كان الشعر ترنيمة غنائية صادقة قد تولدت من الشعور المبدع ، فإن هذه القصيدة او تلك ناشئة عما في نفسية الشاعر وتعبر عما يعتمل في خوالجه . فهي تمثل صورة من صور الاستقرار النفسي الذي يحسه او يشعره بجماليته .
الا ان المسيرة الشعرية في مواجهة الحياة لم تصل بعد إلى لحظة انتصار بل هي على الأغلب لا زالت تمثل لحظة انحسار قد تعيش بالانبعاث و ربما كان الشاعر مهما أوتي من رهافة ومقدرة شعرية يدرك بحساسية مرهفة أنه يواجه حياة لا تكشف عن وجهها مرة واحدة . فوظيفة الشعر في الانتصار الاسمى هي مرحلة دائمة ومستمرة في سبيل الوصول للغرض المنشود لذلك فهي اراها تمثل حالة الغليان الداخلي في أعماق الشاعر ونفسيته دائما حتى لو ظهرت عليه ملامح السكينة وعلى بعض قصائده مسحة الانفعال الوجداني .
فالشاعر بامكانيته و قدراته الأدائية له القابلية في استكشاف حال الإنسان ويربط ايحا ئاته بها ربطاً شمولياً ، بحيث لا يتمكن - في الاغلب – من عزل نفسه عن المكان والزمان المقال شعره فيه وربما يكون شموليا فيبقى خالدا , وهذا سر من اسرار جمالية الشعر فقد يرى مسرة الانسان وفرحته ونزوعه نحو التفاؤل سرا دائما في النفس الانسانية وقد يرى في عذاب او تعاسة إنسان في موقع معين هو رمز لعذاب الانسانية . لذا فإن حالة الموت لدى الشاعر قد تغدو موتاً وحالة انسانية عامة وليست شخصية بل معاناة ومعضلة تكتنف الحياة البشرية في كل مكان، لا حياة شخص بعينه.
ومثل هذا التوجه الشمولي هو الذي يمس أعمق أعماق النفس البشرية منطلقة من الخاص إلى العام من دائرة فقدان ضيقة بموت شخص واحد من ملايين البشر إلى المصير الذي ينتظر هذه الملايين كلها ولهذا فأن الشعر يعتبر من أهم أركان الفنون التي تهدف الى خلاص البشرية واستكشاف حالها ومآلها وارتقائها إلى مواقع جديدة خارج دائرة الالم والعذاب او المسكنة بما يمتلكه هذا الفن العظيم من رؤية او رؤيا مختلفة ، وقوى حدسية تنبئية واسعة نتيجة المعاناة التي تبعث فيه قوة التشبث بالحياة والامل من داخل المعاناة النفسية وليس فوقها أو خارجها.
فالشاعر ليس مجرد إنسان يحيا لذاته ويعمل من أجل إشباع نفسه رغابتها بحدسه الشعري بل هو إنسان يشعر انه ذو رسالة معينة ويشعر او يحس في قرارة نفسه أنه ينطق باسم قوة عليا قاهرة قد تعلو على شخصيته وتنفعل منها او تتفاعل معها فتلهمه افضل ما عنده من ابداع ولعل هذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الشعراء يشعرون بأن لهم حياة أخرى تتعدى وجودهم الزمكاني و الذاتي . وهذه الحالة قد تصدق بقوة ان الجمال الذي لا يقف عند حد نزع الكره والبغضاء واستئصال كل ما يشوه جمال وجه البشرية الجميل و إنه لينهض بالنفوس ويدفعها نحو حياتها المثلى واستقرارها .
ان معظم علماء فلسفة الجمال يميلون إلى القول بأن عمل الفنان هو وحده الذي يسمح بفهم الإنسان الحقيقي . فنفس الشاعر المتلهفة على حب المصير الإنساني بإحساساتها النفسانية حتما يمكنه من يترجمها إلى جمالية طاغية مثقلة ، حانية على الناس والأشياء والعالم اجمعه وفي هذا تكمن شاعريته . وعليه استطيع القول ان الشاعر يستكشف في الطبيعة ما لا تراه عين الإنسان العادية وهو في رؤيته هذه يفجّر الضوء لينير ظلمة الحقيقة في النفوس . وينزع عنها كل أقنعتها القاتمة ومثل هذا الشاعر قد يضع نفسه في مواجهة نفوس إنسانية مختلفة ربما يكون بعضها متعبة وبعضها معذَّ بة والاخرى متالقة نحو السمو والارتقاء .
واخير اقول ان الجمال الشعري يقدم او يثبت صلات لكل ما هو موجود من امور ربما تراها عين الشاعر وحده، فيكون شعره صوت الحياة الصافية وسرها، بحيث تكون لها القدرة على التقاط او بعث اهتزازاته الكامنة في اعماقه وهذه الاهتزازات انما هي رعشة لخفقات قلبية او نفسية تصل إلى مسامع متلهفة اليها لتصل الى جوهر الحياة فيكون الشاعر قد اشتري حريته الأبدية وما تسمو اليه نفسه الابية من قيم عليا طالما ظل يمني نفسه في الوصول اليها فيفرغ شحناته الشعرية المنبثقة من نزعات نفسه فيها . فالشعر في جوهره خبرة انسانية من نوع معين بل هو خبرة جمالية عالية الهمة .
اميرالبيــــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــــــد روز
********************
نشرت فى 15 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (التّرابطُ بينَ الآيات) :
قالَ تعالى (وإذ قالَ لقمانُ لِابْنِهِ وهوَ يِعِظُهُ يا بُنيَّ لا تُشْركْ باللهِ إنَّ الشّركَ لَظُلمٌ عظيمٌ * ووصّينا الأنسانَ بوالِدَيهِ حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ وفِصالُهُ في عامَينِ أنِ اشْكُرْ لي ولِوالِدَيكَ إليَّ المَصير* وإنْ جاهَداكَ على أنْ تُشرِكَ بي ما ليسَ لكَ بهِ عِلمٌ فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهما في الدّنيا معروفًا واتَّبعْ سَبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ ثمَّ إليَّ مَرجِعُكم فأنَبِّئُكم بما كنتم تَعملونَ* يابنيَّ إنّها إنْ تَكُ مثقالَ حبَّةٍ مِنْ خَردلِ فَتَكنْ في صَخرةٍ أو في السّمواتِ أو في الأرضِ يأتِ بها اللهُ إنَّ اللهَ لطيفٌ خبيرٌ) لقمان الآيات 13 ،14،15،16.
يخبرُنا تعالى عن وصيّةِ لقمانٍ الحكيمِ لأِبنِهِ أثناءَ موعظتِهِ لهُ وأولى وأهَمُّ وصاياهُ التّوحيدُ الّذي هوَ أُسُّ وأساسُ العقائدِ لأنَّ الشّركَ باللهِ مُحْبِطٌ للأعمالِ الصّالحةِ قالَ تعالى (لئنْ أشركتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولَتكونَنَّ منَ الخاسرينَ) الزمر 65 ، ثمَّ يخبرُنا تعالى عن وصيَّتِهِ للأنسانِ بوالِدَيهِ خيراً لأنّهما سببُ وجودِهِ وهما مَنْ اعْتَنيا بهِ وخاصّةً والدتُهُ الّتي حَمَلَتْهُ (على ضَعفِها) وربّتْهُ وأرضَعَتْهُ الى أن كَبُرَ واشتَدَّ عُودُهُ وأمرِهِ بطاعتِهما بالمعروفِ إلّا في حالةٍ واحدةٍ وهيَ أمرُهما لهُ بالشّركِ باللهِ ففي هذهِ الحالةِ عليهِ أنْ لا يطيعَهما ولكنْ يبقى مُحْسِنًا لهما ثمَّ يخبرُنا تعالى عن إحاطةِ عِلْمِهِ بكلِّ شيءٍ في السّمواتِ والأرضِ حتّى حبّةِ الخردلِ المخبوءةِ في صخرةٍ ما فهوَ اللّطيفُ الخبيرُ، ولكنّنا عند التّمَعّنِ في الآياتِ الكريماتِ أعلاهُ نجدُ أنَّ الخطابَ تحوّلَ من خطابِ لقمانٍ لأبنهِ وهوَ يعِظُهُ الى وصيّةِ اللهِ تعالى للأنسانِ بوالدَيهِ خيراً ثمَّ رَجْعُ الخطابِ ثانيةً للقمانٍ وهوَ يَعِظُ ابْنَهُ ويوصيهِ بتلكَ الوصايا فما السّرُّ في ذلك َ ؟؟
والجوابُ عنهُ أنَّ اللهَ سبحانَهُ أرادَ أثناءَ موعظةِ ووصايا لقمانٍ لأبنِهِ أنْ يُذَكِّرَنا بِعِظَمِ حقِّ الوالِدَينِ على الأبناءِ وذلكَ أنَّ الآباءَ لا يحتاجونَ الى توصيةٍ مِنْ أحَدٍ للإعتناءِ بأبناءهم فهم مجبولونَ غريزيّاً على ذلكَ ولكنَّ الأبناءَ في أثناءِ حركةِ الحياةِ ينسَونَ واجبَ الأعتناءِ بالوالِدَينِ والقيامِ بحقّهما فناسَبَ أنْ يُذَكّرَهمُ اللهُ تعالى بهذا الأمرِ أثناءَ وصايا لقمانِ لأبنِهِ لأنَّهُ هوَ المكانُ المناسبُ لذلكَ ، فانظرْ الى التّرابطِ البديعِ بينَ الآياتِ وقلِ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلْما.
المهندس خليل الدّولة
نشرت فى 12 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
( بلاغـــة اللغــــة العربيــــــة )
بقلم \ فالح الكيلاني
اللغة العربية لغة رائعة جمعت جمال الحرف وتشكيله وجمال اللحن والنغم وموسيقاه وجمال التكوين وتنسيقه وتكاملت في وجودها وفي اشتقاقيتها فهي متكونة اصلا من فعل واسم وحرف واشتقاقية في فعلها فاباحت للباحث والمتلقي الايتاء باسمى الكلمات واسناها تطورا فبقيت حية سامقة غضة كشجرة يانعة لتنبت براعما جديدة فتورق اغصانها بدوام خضرتها ووجودها وفقا لقواعدها الاساسية في نحوها وبلاغتها فكانت على مرالدهور والعصور في تطور مستمر واصول معينة اساسية بحيث جمعت الطارف والتليد بأصالتها وانفتاحها على اللغات الاخرى من حيث التزاوج والانصهار بما يحقق لها سمتا انجع وتقدما أسنى.
..
ومن جماليتها هذه البلاغة العجيبة بين مفرداتها وكيفية اتساقها بحيث يعرف الوارد من منهلها مدى مقدرته ومكانته اللغوية من خلال ما يكتب فيها او يشعر , فهي لغة شاعرة ناثرة لكل جميل . ومن اسمى ما وجد فيها وما اروم التحدث عنه بلاغتها من خلال محسناتها اللفظية والمعنوية و ابدأ في البديع البلاغي فاقول وبالله التوفيق :
.
علم البديع وُجد في اللغة العربية والأدب العربي منذ القدم بحيث استعمل الشعراء الجاهليون أساليب التنسيق والتنميق والتزيين مثل الشاعر زهير بن ابي سلمى بقصائده الحوليات والشاعر النابغة الذباني بمديحه للمنذر وغيرهما كثير بسليقتهم العربية الأصيلة والبعيدة عن التكليف ودون علمهم بالمصطلحات البلاغية الحديثة في البديع .
.
وحدث تطور جديد من خلال امتزاج الثقافة العربية باللغات المجاورة فجاء الشعراء بالاسمى والافضل بمرور الزمن بسبب احتضان الخلفاء للشعراء والادباء وعطائهم الثر اليهم وامكانية الشاعر العربي البلاغية .
.
فالبديع من اهم علوم البلاغة العربية , وبلاغته تحسين أوجه الكلام اللفظية والمعنوية والبديع ينقسم عند علماء العربية ونقادها وادبائها الى نوعين مهمين :
.
الاول : المحسنات اللفظية واهمها السجع والجناس والطباق
الثاني : المحسنات المعنوية : وتعني تحسين معنى الكلام والايتاء بالافضل , وربما يفيد بعضها تحسين الالفاظ ايضا لتكامل اللغة العربية وشد الكلام فيها بعضه بعضا. ومن اهم الاصناف فيه ما يلي :
ا - الطباق:
.
والطباق في العربية طباقان : طباق ايجابي كالجمع بين الشيء وضده او عكسه في الكلام كقول الله تعالى:
﴿ وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ﴾
الكهف الاية\ 18
او في قوله تعالى :
((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(آل عمران: الايتان \ 26 -27
او مثل قولي :
الشمس تسطع في النهار بهية فيزينه اشراقها وزوالها
والطباق الاخر: طباق سلبي هو الجمع بين شيئين او امرين أحدهما مثبت والآخر منفي كقوله تعالى :
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)
سورةالزمر: الآية\9
أو أحدهما أمريتوجب العمل به و الأخر منهي عنه كقوله تعالى :
( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن)
سورة المائدة: الآية\44)
وكذلك المقابلة: فهي تاتي لتوضيح المعنى وتوكيده وتيفيد الشمول كأن يؤتى بمعنيين غير متقابلين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابـل ذلك على الترتيـب ، مثـل قوله تعـالى:
﴿ فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ﴾
سورة التوبة:الاية \ 82
او كقوله تعالى :
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)
سورة الليل الايات \5- 10
واقول :
او كلما ابغي الوصال تقربا تتباعدين بجفوة وتناسي
وكذلك التورية: هي أن يذكر لفظ له معنيان؛ أحدهما قريب ظاهر غير مراد، والثاني بعيد مخفي مرموز اليه هو المراد كقول الشاعر:
أبيات شعرك كالقصور ولا قصور بها يعوق
ومن العجائب لفظهـا حر الرقيق رقـيــــق
.
ب- اما النوع الثاني من البديع فهو الجناس :
.
والجناس : هو الايتاء بلفظين متشابهين نطقا وكتابة ومختلفين في المعنى. ليعطي جرساً موسيقياً تطرب له النفوس والاذان ويُثير الذهن والفكر وياتي من الفعل جانس الشيء اذا شاكله واتحد معه في الجنس.
.
وينقسم الجناس الى قسمين :
الاول الجناس التام : وهو ما يتفق فيه اللفظان تماما في اربعة امور:
نوع الحروف وعددها وترتيبها وهيئة تشكيلها كقوله تعالى :
﴿ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون مالبثوا غير ساعة﴾
سورة الروم الاية \55
.
وفيه امران :
الاول - الجناس المماثل . فالجناس التام المماثل ويكون فيه اللفظان
من نوع واحد سواء كان اللفظ اسما او فعلا كقول الشاعر:
اذا البلابل افصحت بلغاتها فأن البلابل باحتساء البلابل
فكلمة (البلابل) الاولى تعني الطيور الجميلة المعروفة واحدها( بلبل ). والثانية تعني الهموم او ما يعكر صفوالمرء ومفردها (بلبلة ), و(البلابل ) الثالثة تعني الخمرة , وكلها من الاسماء.
.
ب . الجناس التام المستوفي: مثل قول الشاعر:
لو زار طيف ذوات الخال احيانا ونحن في حفر الاجداث احيانا .
فكلمة احيانا الاولى اسم بمعنى زارنا مرة بعد مرة او زارنا باوقات مختلفة, وكلمة احيانا الثانية فعل بمعنى ( احيا ) اي اعاد الحياة الينا .
او في قولي :
انسان عين الله في وضح الضحى انسان عين الخلق فيما تشهد
.
الجناس الثاني :الجناس الناقص: وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور الأربعة المتقدمة: نوع الحروف اوعددها اوترتيبها اوضبط حركة تشكيلها وكما يلي :
1-الاختلاف في نوع الحروف : - مثل قول أبي فراس الحمداني :
من بحر شعرك (اغترف ) وبفضل علمك (اعترف )
2- وقد ياتي الاختلاف في عدد الحروف فياتي الاختلاف في اول الكلمة اوفي وسطها او اخرها فاذا جاء في اولها سمي (المردوف ) كقول الشاعر:
(سلوا) قلبي غداة (سلا ) وتابا لعل على الجمال له عتابا
وقد تاتي الزيادة في وسط الكلمة فيسمى (المكتنف ) مثل:
(جدي) ( جهدي) .
اومثل قول أحدهم : الرجل (العالم )يعرف جميع (المعالم)
وقد تاتي الزيادة في اخره ويسمى( المطرف ) كقول ابي تمام :
يمدون من ايد (عواص) (عواصم )
تصول بأسياف( قواض) ( قواضم )
3- وقد تاتي في الاختلاف في ترتيب الحروف كقول أبي تمام :
بيضُ( الصَّفائحِ) لاَ سودُ (الصَّحائفِ )
في مُتُونِهنَّ جـــلاءُ الشَّـــك والريَبِ
4- الاختلاف في ضبط حركة الحروف . كقول الشاعر :
يا للغروب وما به من ( عَبرة ) للمستهام و(عِبرة ) للرائي
وهناك الجناس المضارع واللاحق مثل قوله تعالى:
( ويل لكل همزة لمزة ) سورة الهمزة الاية \1
او قول احدهم : ( ذئاب طلس في ثياب ملس )
وجناس القلب- كقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:
( اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا )
او قول احدهم :
(رحم الله امرءا امسك مابين فكيه واطلق ما بين كفيه )
وقد جمع فيه طباقا في (امسك و اطلق )وجناسا بين ( فكيه وكفيه )
رد العجز على الصدر: وهو أن يجعل أحد اللفظين المكررين أو المتجانسين في اللفظ دون المعنى، في أول الفقرة والآخر في آخرها، مثل قوله تعالى:
﴿وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه﴾.
.
جـ - السجع: ويكون في النثر دون الشعر وهو توافق الفاصلتين من النثر على حرف واحد في الآخر،واستعمل السجع في الخطابة كثيرا في العصر الجاهلي حتى قيل (سجع الكهان ) وكثيرا ما استخدمه الخطباء في خطبهم ويقال له ايضا ( الترصيع ) وسر جمال السجع انه يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب إليه الأذن ويتسع له الصدر إذا جاء من غير تكلف وافضل انواع السجع ما تماثلت جمله . مثل قول الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في دعائه الشريف :
(ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.)
وقيل ايضا :
( أن الشعر يحْسُنُ بجمال قوافيه ، و النثر يَحْسُنُ بتماثل الحروف الأخيرة من الفواصل )
وافضل انواع السجع ما تماثلت جمله مثل قول احدهم :
(الحقد صدأ القلوب ، واللجاج سبب الحروب) واللجاج هو التمادي في الخُصومة واظهارها او تهويلها .
ومن السجع خطبة لقس بن ساعدة الايادي في الجاهلية يقول فيها :
( أيها الناس، اسمعوا وعوا، وإذا سمعتم شيئا فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت. إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا. ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج. ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا؟ تبا لأرباب الغافلة والأمم الخالية والقرون الماضية )
ومنه في العصرالعباسي قول الحريري :
(فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه .)
والى دراسة اخرى في بلاغة لغتنا الشاعرة
.
امير البيــــــــــــــان العربي
د . فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلـــــــــــد روز
.
*****************************
نشرت فى 8 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
موسوعةشعراءالعربية
المجلدالثامن \ شعراءالنهضةالعربية
الشاعر حليم دموس
بقلم فالح الكيلاني
.
حليم دموس أديب وكاتب وشاعر من الرعيل الأول، نادى بالنهضة العربية، ورفع لواء الضاد عالياً، وأدى رسالة الشعر الوطنية على أكمل وجه، فذاع صيته وطبقت شهرته العالم العربي ولا تزال النوادي الأدبية تذكر مواقفه الرائعة وجولاته في دنيا الشعر والنثر وهو أحد مؤسسي (الرابطة الأدبية) في دمشق عام 1921.
.
ولد حليم دموس في عام \1888ميلادية بمدينة ( زحلة )زحلة من اعمال ( لبنان )، وكان والده ( إبراهيم جرجس) شاعرا ووالدته السيدة ( نعمة عبود ) راوية للشعر والأناشيد القومية.
.
تلقى دراسته الاولية في المدرسة الأمريكية، ثم مدرسة الروم الأرثوذكس وتابع دراسته الثانوية في الكلية الشرقية في( زحلة )حتى عام 1904، وتتلمذ على كبار الأساتذة منهم المؤرخ ( عيسى اسكندر ) (وجرجيس همام )، و( ابراهيم غزالة ) و( بولس كفوري )
.
هاجر عام 1905 إلى( البرازيل ) وهو في السابعة عشرة من عمره وعمل في التجارة مع أخوته في مدينة ( نورومبا ) عاصمة بولاية ( ماتا كروسو) ودرس ودرس ( اللغة البرتغالية ) وأتقنها جيدا وترجم بعض القصائد ن اللغة البرتغالية الى العربية ونشرها في الصحف العربية في المهجر وكذلك اسس جمعية ادبية في (كورومبا). الا انه لم تستهوه الحياة في ( البرازيل) وكان كثير الحنين إلى وطنه وإلى مسقط رأسهمدينة ( زحلة ) وإلى أهله وأصدقا ئه فشدَّ الرحال عام \ 1908 وقفل راجعا الى ( زحلة ) بعد غياب دام ثلاث سنوات ونشر قصيدته (من وراء البحار) التي تدل على وطنيته الخالصة ومشاعره العاطفية قال:
أرض الأحبة ما أبهى مغانيها وما أحيلى زماناً لي مضى فيها
حيث المسرة لا بؤس يمازجها ولا بلاد بطيب العيش تحكيها
.
وفي عام 1909 عين أستاذاً للغة العربية في( الكلية العلمانية) في ( بيروت ) حين تأسيسها، ثم عاد إلى ( زحلة) وعمل في الصحافة محرراً في جريدة (المهذب) التي أنشأها المؤرخ( عيسى اسكندر المعلوف) لمدة ست سنوات ولمع فيها شاعراً مرموقاً، ثم سافر إلى مدينة ( دمشق )عام \ 1919 حيث عيِّن موظفا في إدارة سكة حديد الحجاز نائبا لرئيس المحاسبة فيها لمدة سنتين.
.
وفي عام 1919 تزوج من (هيفا سليم التبشراني) في ( الشوير)، وكان عضواً عاملاً في العديد من الجمعيات (النهضة الأدبية)، و(بزوغ شمس الإحسان) و(مأوى العجزة) و (الرابطة الأدبية ) حيث كان احد مؤسسيسيها في ( دمشق) عام 1921 مع عدد من الادباء منهم محمد الشريقي وخليل مردم وسليم الجندي واحمد شاكر الكرمي وغيرهم وكان قد احب اللغة العربية وتغنى بها كثيرا
ومن قصائده فيها :
لـو لم تكُنْ أمُّ اللغـاتِ هيَ المُنى
لكسرتُ أقلامي وعِفتُ مِدادي
لغـةٌ إذا وقعـتْ عـلى أسماعِنا
كانتْ لنا برداً على الأكبادِ
سـتظلُّ رابطـةًتؤلّـفُ بيننا
فهيَ الرجـاءُ لناطـقٍ بالضّادِ
وتقاربُ الأرواحِ ليـسَ يضـيرهُ
بينَ الديارِ تباعـدُ الأجسـادِ
أفما رأيـتَ الشمسَ وهيَ بعيدةٌ
تُهـدي الشُّعاعَ لأنجُدٍ و وَهادِ
أنا كيفَ سرتُ أرى الأنامَ أحبّتي
والقـومَ قومي والبلادَ بلادي
. ويقول في قصيدة اخرى في اللغة العربية ايضا
لا تلمني في هواها ...أنا لا أهوى سوا ها
لست وحدي أفتديها .. .كلنا اليوم فداها
نزلت في كل نفس ... وتمشّت في دماها
فبِها الأم تغنّت ... وبها الوالد فاها
وبها الفن تجلى ... وبها العلمُ تباهى
كلما مرّ زمان ... زادها مدحا وجاها
لغة الأجداد هذي رفع الله لواها
فأعيدوا يا بنيها .. .نهضة تحيي رجاها
لم يمت شعب تفانى في هواها واصطفاها
وكانت قصائده قد نشرت في الصحف والمجلات في ( زحلة) و(بيروت )و (دمشق ) وانتشرت في البلاد العربية وطبع ديوانه الأول مرتين مرة في( القدس ) 1921 والاخرى في مطبعة (دار الأيتام السورية) ونال عدة جوائز في مسابقات شعرية.
انشأ في عام \1933 جريدة (الأقلام) في ( بيروت) وكانت أسبوعية واستمرت في الصدور مدة ثلاث سنوات. وفي عام \1935 انضم إلى جريدة (الاتحاد اللبناني) التي كان يصدرها ( انطوان عقل )
.
.لقب ( حسان ) تيمنًا باسم شاعر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت وقد أقيم له مهرجان تكريمي في ( زحلة ) عام \ 1966 تكلم فيه كبار شعراء ومثقفي لبنان
.
توفي في عام 1957 بمدينة (بيروت ) ودفن في مقبرة العائلة في ( جونية )
.
له العديد من المؤلفات المطـبوعـة نذكر منها :
«ديـوان حلـيم» طبعة 1919 و1921،
«المثالث والمثاني» الجزء الأول صيدا 1926، والجزء الثاني 1930،
«قاموس العوام» (1923)،
«في سبيل التاج»، رواية تمثيلية للكاتب الفرنسي فرانسوا كوبيه (1926)،
«رباعيات وتأملات» (جزءان) 1952،
«ديوان يقظة الروح» أو «ترانيم حليم» (القاهرة 1949)
«فاجعة بيروت»، رواية.
.
يتميز شعره بسلاسته وسهولته ونلاحظ فيه ميل الشاعر الى التفكير الفلسفي الروحي والتأملي، وقد اتجه في السنوات الأخيرة من حياته إلى عالم الروح ووحدة الأديان وكان به اشتياق إلى عالم الحق والخير والجمال والعدل. والطبيعة ومن جميل شعره نشيد عذب ارتسم في ذاكرة اللبنانيين من تلحين الأخوين فليفل :
عليك منّي السلام يا أرض اجدادي
ففيك طاب المُقام وطاب إنشادي
أهوى عُيون العسل – أهوى سواقيها
أهوى ثلوج الْجبل – ذابت لآليها
هذي مجاري الامل - سبحان مجريها
ذابت كدمع المُقل – في أرض أجدادي
ياقومُ هذا الوطن نفسي تناجيهِا
فعالجوا في المِحَن جراحَ أهليهاِ
.
عاصر حليم دموس عصر أركان نهضة الشعر العربي في القرن العشرين ، كما كان شاهدًا على مجريات هذا العصر يتفتح دومًا على جديد، فكان شعره يزاوج بين هدفين: أن يؤكد ذاته الفنية مستخدمًا أساليب الشعراء المعاصرين له، يتجاوب مع بشائر التجديد ومظاهر التحديث التي تستهل بين الحين والآخر. فكتب القصيدة، والموشحة، والملحمة، والشعر المنثور، وكتب في الأغراض التقليديةى منث المديح والوصف و الرثاء والغزل وانشد شعر الوطنية الحقة ووصف الحياة الاجتماعية، وفي شعره نظرة الى معطيات الحضارة المادية الجديدة، في سياق معاكس ليقظة الروح.
...وا ذا لم تذدعن حوضها أنداك طورها
وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ..
أن كؤوس المجد حلو مريرها
وعلمت أن الشر بالشر يتقى
.. ذا الفتنة العمياء عمت شرورها
وعلمت أن المال في الأرض قوة .
. أن المنى لا يلتقيها فقيرها
وأن صغار الطير يسهل قنصها .
. أن أسود الغاب يخشى زئيرها
وحدثت عن ذل الضعيف بأمة
. خاذل أهلها وعاث غدورها
وعلمتها صبر الكريم وحلمه
.. ذا ما الرياح الهوج سح طيرها
.. ذا لم تذدعن حوضها أنداك طورها
وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ..
أن كؤوس المجد حلو مريرها
وعلمت أن الشر بالشر يتقى
.. ذا الفتنة العمياء عمت شرورها
وعلمت أن المال في الأرض قوة .
. أن المنى لا يلتقيها فقيرها
وأن صغار الطير يسهل قنصها .
. أن أسود الغاب يخشى زئيرها
وحدثت عن ذل الضعيف بأمة
. خاذل أهلها وعاث غدورها
وعلمتها صبر الكريم وحلمه
.. ذا ما الرياح الهوج سح طيرها
واختم بحثي بهذه القصيدة الرائعة التي القاها الشاعر حليم دموس في مهرجان لتكريم الشاعرالمتنبي القام في دمشق يقول فيها :
طلعت على الضحى فحيتك حورها
. وخضت قوافيها فدانت بحورها
فتحت فتوحات تراءت حدودها .
. وألهبت أرواحاً تظلى سعيرها
وأضرمتها في عالم الشعر ثورة .
.. على ربوات الخلد دق نفيرها
خلت حلب الشهباء من سيف الدولة ..
. ودولتك العصماء باق سريرها
فملك ولا تاج وفتح ولا دم
ولارايات نصر للنشور نشورها
هي الحكمة الغراء جاءتك تزدهي
وليس سوى تلك القوافي خدورها
سلام على ام اللغات فوحيها .
.. أغان على الأسماع يحلو مرورها
هي العروة الوثقى هي المنية التي
. يهز قلوب المخلصين بشيرها
تركنا ربى لبنان والشام قصدنا
وفي النفس من أشواقها نا يثيرها
حملنا إليها الشعر والشوق والهوى
.. وذكرى ليال ليس ينسى سرورها
وفي ميسلون كان للركب وقفة
على تربة من هالة العين سورها
إذا رفعوا لإسم البطولة قبة
. مشينا إليها خاشعين نزورها
وهبت لنا من جانب الشام نفحة
كأن ربى الفردوس فاح عبيرها
حللنا مغانيها وفي كل دارة
على بردى من جو مصر طيورها
مواكب أقطاب البلاد تزاحمت
فطابت لياليها ولاحت بدورها
إلى المجمع العلمي خفت
وبالمعرض السوري حفت صقورها
وحيّت صلاح الدين حول ضريحه
ففاضت مآقيها وجاشت صدورها
إلى الخلفاء ..
وقد بسمت للخالدين ثغورها
مفاخر سفيان ومجد أمية
. وآثار مروان حوتها قصورها
غدة حيرة النعمان حيرى كأنم
خورنقها هذا وهذا سيرها
دقائق نقش في فنون صناعة
فأولها يسبي النهى وأخيرها
يمر عليها الدهر وهي جديدة
وتبقى بقاء الزهر زهراء دورها
وأكبر رمز من رموز حديد
مصانع عمران يعج هديرها
فحدث عن صلب الحديد ترابها
وحدث عن لطف النسيم حريرها
إذا ذكروا للجاهلية منبرا
أطل فتى ذبيان وهو مشيرها
وناجى عكاظ الشعر ربع أمية
. أخطلها يشدو ويشدو جريرها
وإن خطبوا غر المعالي رنت إلى .
بي الطيب الجبار تيها مهورها
وهللت الفصحى لآيات محمد
. سار إلى رب البيان سفيرها
إلى شاغل الدنيا ومالئ سمعها
. لى الطائر المحكي تعنو نسورها
تغلغل في قلب الحياة ولبها
لم تلهه أعراضها وقشورها
إذا امتشق الأسياف صل صليلها ..
و امتشق الأقلام صر صريرها
صريع العلى والخيل والليل لفتة .
. لى أمم في الشرق صرعى أمورها
ويا شاعر الإعجاز صيحة ثائر .
سى من وراء الغيب ما يستثيرها
ويا طالما استصرختها فتنبهت
... لى زأرات لا ينام هصورها
فعلمتها معنى الحياة وإنها
... ذا لم تذدعن حوضها أنداك طورها
وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ..
أن كؤوس المجد حلو مريرها
وعلمت أن الشر بالشر يتقى
.. ذا الفتنة العمياء عمت شرورها
وعلمت أن المال في الأرض قوة .
. أن المنى لا يلتقيها فقيرها
وأن صغار الطير يسهل قنصها .
. أن أسود الغاب يخشى زئيرها
صريع العلى والخيل والليل لفتة .
. لى أمم في الشرق صرعى أمورها
ويا شاعر الإعجاز صيحة ثائر .
سى من وراء الغيب ما يستثيرها
ويا طالما استصرختها فتنبهت
... لى زأرات لا ينام هصورها
فعلمتها معنى الحياة وإنها
...وا ذا لم تذدعن حوضها أنداك طورها
وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ..
أن كؤوس المجد حلو مريرها
وعلمت أن الشر بالشر يتقى
.. ذا الفتنة العمياء عمت شرورها
وعلمت أن المال في الأرض قوة .
. أن المنى لا يلتقيها فقيرها
وأن صغار الطير يسهل قنصها .
. أن أسود الغاب يخشى زئيرها
وحدثت عن ذل الضعيف بأمة
. خاذل أهلها وعاث غدورها
وعلمتها صبر الكريم وحلمه
.. ذا ما الرياح الهوج سح طيرها
وعلمت أن الظلم في الناس شيمة ..
أن كؤوس المجد حلو مريرها
وعلمت أن الشر بالشر يتقى
.. ذا الفتنة العمياء عمت شرورها
وعلمت أن المال في الأرض قوة .
. أن المنى لا يلتقيها فقيرها
وأن صغار الطير يسهل قنصها .
. أن أسود الغاب يخشى زئيرها
وحدثت عن ذل الضعيف بأمة
. خاذل أهلها وعاث غدورها
وعلمتها صبر الكريم وحلمه
.. ذا ما الرياح الهوج سح طيرها
.اميرالبيــــــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى- بلدروز
*******************************************
نشرت فى 5 سبتمبر 2017
بواسطة magaltastar
قراءة في قصيدة" العباءة الحمقاء " للشاعرة السورية/ نفن مردم
بقلم : ثروت مكايد
(3-؟)
إن معارك الوطن العربي أو العالم المتخلف في معظمها " دون كيشوتية " ..ودون كيشوت بطل رواية تحمل نفس الاسم للروائي الإسباني " سرفانتيس " ، وقد تشبع دون بكتب الفروسية حتى ظن نفسه بطلا أو فارسا ، وصور له وهمه طواحين الهواء أعداء فراح يحاربها ..
وكذا نحن صور لنا الوهم عدوا ليس بعدو ولا يمكن له هذا ..
وهذا عين الحمق أن تدخل في معركة وهمية ..من لا شيء !
حمق ما بعده من حمق ومن ثم كانت الشاعرة موفقة كل التوفيق لا بعضه حين قالت : " تلك العباءة الحمقاء " إذ يصور الوهم للرجل أن المرأة عدوا أو أنها سلبا له وغنيمة أو أنها جارية للخدمة والسرير مما يستفز المرأة فتتحول الأسرة والبيت إلى حلبة صراع ..
صراع أحمق حقير يراد به شغل الأسرة بهاتيك المعارك الوهمية عن المعركة الرئيسة للشرق المتخلف ..
إن معركتنا الرئيسة والأساسية مع التخلف الذي نخوض في ردغته للأذقان ..
معركتنا مع الجهل والفقر والمرض أما أن تتحول المعركة بين طرفي الأسرة فذلك شيء يراد ، لأنه يوم تتحطم الأسرة فسيتحطم المجتمع ويصبح أشلاء مبعثرة ..
ويشغل عن قضيته الكبرى لقضايا وهمية وصراعات وهمية دون كيشوتية بامتياز ..
ومن حمق العباءة أن يظن الرجل لجهل منه وحمق بين أن القوامة التي أعطاها له خالقه من باب الكرامة لذكوريته والتشريف وهي لو فقه مسؤولية وتكليف ولا تعني بحال علوا في الأرض لمجرد الذكورة فإن أخس أنواع العصافير قادر على الجماع أكثر من ذكور البشر بخمسين مرة ..
وشتان ما بين الرجولة المستلزمة للقوامة والذكورة النوعية أي لبقاء النوع ..
على أن هذا الفهم الفاسد يمثل ظاهرة عامة في المجتمعات المتدنية المنحطة إذ تعد المناصب تشريفا فيها تؤهل صاحبها للفساد وليست مسؤولية تجعل من صاحبها في خدمة الناس وتيسيرا لهم ..
وبعد فالأحمق يضر من حيث يريد النفع فما بالك إذا كان يريد الضر ؟ ..
ساعتها - أي ساعة يريد الضر - يكون ضره أهوج لا يطاق ..
وإلى لقاء نكمل فيه الإبحار في عالم نفن مردم الشعري.
نشرت فى 2 أغسطس 2017
بواسطة magaltastar
قراءة في قصيدة " العباءة الحمقاء" للشاعرة السورية / نفن مردم .
بقلم: ثروت مكايد
(2-؟)
تجمل الشاعرة في السطر الأول من قصيدتها القضية ..
قضية المرأة العربية وهي بعد قضية كل امرأة في الوجود مادام في الوجود رجل وامرأة :
" سأخرج من تحت تلك العباءة الحمقاء " ..
وكأنما هي ظلمات بعضها من فوق بعض تلك المحيطة بالمرأة العربية ..
والشاعرة في سطرها الأول تضعنا أمام الهول الفاجع ..
وهي في هذا الهول لا تسد المنافذ لأمل فثمة أمل يتمثل في تلك السين : " سأخرج " ...
وحسنا أن استخدمت السين بدلا من سوف فسوف فيها بعض إطالة ..
سأخرج لكنها لم تخرج بعد ..
ومن أين ستخرج ؟ ..
من تحت ..
وكأنما ثمة أنقاض ..
والتحتية تقتضي الخضوع والاستكانة والذل وإلا لم تكن لتحلم بالخروج من تحت ..
نعم ثمة أناس لا يلذ لهم العيش إلا تحت الأقدام فإذا مددت لهم يدك بصقوا في وجه من يمد لهم يدا لكنه شذوذ في الفطرة فالإنسان خلق سيدا ..
ولعل الذل يجيء عن إلف له حتى إنه ليعشق الخضوع والذل والاستكانة ..
قلت لامرأة مستذلة مهانة من زوجها :
لم صبرك على الخنوع ! ، فردت : الأولاد ..
رد خائب والمرأة تتعلق بحجة ولو كانت أوهى من بيت العنكبوت كي تبعد عن نفسها وصمة الذل ، وعار الاستكانة لكن هذا لا يروج في أي منطق كان ..
إن ساعة عيش في كرامة لا تقدر بثمن ، كما لا تستحق لحظة واحدة من خنوع الدنيا كلها لو قدمت كعطية لخانع مستذل جزاء خنوعه وذله ..
وتأتي المفارقة العجيبة :
" من تحت تلك العباءة الحمقاء " ..
إنها مجرد عباءة لا غير لكنه العبء النفسي الذي يفوق في ثقله الجبال ..
وانظر إلى مدى الثقل وهوله تجده مسطورا في تلك ...
حرف يفيد البعد رغم قرب العباءة من الجسد ..
حرف يوحي بالبرودة :
البرودة العاطفية والفكرية والجسدية جميعا ..
برودة الوحدة أو التوحد تحت ركام من أنقاض بعضها من فوق بعض ..
وانظر إلى النظم البديع :
تلك العباءة الحمقاء ..
فالعباءة هنا بين برودة التخلي وحمق التجلي ...
وإلى لقاء نكمل فيه الإبحار في عالم نفن مردم الشعري .
"
نشرت فى 1 أغسطس 2017
بواسطة magaltastar
قراءة في قصيدة " العباءة الحمقاء " للشاعرة السورية / نفن مردم
بقلم : ثروت مكايد
(1-؟)
لعل أصدق علامة على قوة الشعر أن يهز نفسك لأنه - أي الشعر - يصل إلى جوهر الأشياء إذ يزيح ما تراكم عليها من حطام أو غبار ..
والشعر ما داخل الشعور حتى أبان عن عاطفة ما داخلنا..
وليست العاطفة هنا من السيلان والهلامية بحيث لا تستطيع أن تمسك بها بل هي عاطفة قوامها العقل أو قل العقل الفني لا ذلك العقل المنطقي الذي يتبع دنيا المادة المجردة من الشعور ..
وللشاعرة السورية : نفن مردم شخصيتها الشعرية المتميزة ، ولغتها الخاصة ، وأسلوبها الذي يمسك بالنظر فلا يتخطاه لصدق فيه وقوة ، وتمرد ..
إن لدى الشاعرة شهوة لتغيير العالم ونقله من حال ساءها ما تراه منها إلى طور يختلف في قيمه السائدة بحيث يصبح للمرأة فيه الحرية التي تجعل منها إنسانة وليست متاعا أو سقط متاع ..
ويبدو هذا جليا في قصيدتها هذي " العباءة الحمقاء " فهي هنا لا تنكر العباءة وإنما تنكر فيها الحمق ..
والعباءة كناية عن الرجل الشبح الذي فقد معنى الرجولية ولم يبق منه غير صورة الجسد وشتان ثم شتان ما بين رجولة وذكورة فالأخيرة نوع وجنس أما الرجولة لموقف ومبدأ ..
والذكورة مشتركة مع الكائنات الدنيا كالحمر والحشرات أما الرجولة فخاصة الكائن البشري ..
والشاعرة هنا تقيم مأتما على الرجولة الغاربة تاركة الساحة للأشباه والأنذال والفسول في لباس رجل ..
وجد بعيد أن يحيل لباس الرجال حين ترتديها القردة إلى رجال فالقرود هي القرود ولو سكنت القصور ...
وإلى لقاء نكمل فيه الرحلة في عالم الشاعرة السورية / نفن مردم .
نشرت فى 31 يوليو 2017
بواسطة magaltastar
مجلة عشتار الإلكترونية
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
578,061