دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

دراسات ادبية

edit

موسوعة (شعراء العربية )
المجلد التاسع - الجزء الثاني
شعراء العصرالحديث
بقلم د فالح الكيلا ني
( الشاعر سـليمـــــــــــا ن العيـــــــــسى )
ولد الشاعرسليمان بن احمد العيسى في قرية (النعيرية) من اعمال لواء (الاسكندورونة) السوري في سنة\ 1921 وتعلم في هذه القرية على يد أبيه أحمد العيسى فحفظ القرآن الكريم والمعلقات وديوان المتنبي وآلاف الأبيات من الشعر العربي. ولم يكن في القرية مدرسة غير (مدرسة الكُتَّاب) الذي كان بيت الشاعر الصغير والذي كان ابوه الشيخ أحمد يسكنه، ويعلّم فيه الاطفال .
ثم انتقل الى مدينة ( أنطاكية ) لاكمال دراسته وقد وترك 
( الاسكندرونة) بعد ان بعد سلخه الاستعمارعن سوريا في سنة\ 1939 واضافه الى تركيا ، ثم درس الثانوية في ( حماة )و( اللاذقية ) ثم انتقل الى مدرسة (التجهيز الأولى) في ( دمشق ) حيث شارك في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام \1947. ثم انتقل الى بغداد لاكمال دراسته و تخرج من دار المعلمين في بغداد وعاد الى سوريا معلما للغة العربية في مدارس ( حلب ) وعمل موجهاً للغة العربية في وزارة التربية السورية.
بدأ سليمان العيسى بكتابة الشعر وهو في التاسعة من عمره، في وصف معاناة أهله من الفلاحين في الشام وندد بالاستعمار الفرنسي كثيرا وقد سجنته سلطات الاحتلال الفرنسية في شبابه بسبب مواقفه المعادية للانتداب،ولأنه كان يناضل بالكلمة من أجل تحقيق الوحدة العربية، وكان من أهم الشعراء العرب القوميين ومن أكبر شعراء الأطفال، ويعد احد مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سنة 1969 في سوريا.
كانت حياة الشاعر سليمان العيسى، متعبة فقدٍ طالته و منذ نعومة أظفاره. بدءا من مسقط رأسه في غرب( أنطاكيا ) ضمن لواء الاسكندرونة الذي أصبح جزءا من الأراضي التركية فيما بعد. ومرورا بالأحلام السياسية التي جعلته طريد السلطات المحلية والعربية. والتي انتهت بغربته حيث آثر أن يقضي في( اليمن ) خمسة عشرا عاما.
وكذلك أثرت عليه ( النكسة ) في فلسطين وانشاء فيها دولة لليهود كما أثرت على أبناء جيله، فآثر ان ينصرف إلى كتابة شعر الأطفال بشكل كبير، وعرفه السوريون في شكل خاص، في شعر الأطفال. وعند هذه النقطة بالتحديد ،اصبح سليمان ضحية للاستخدام الآيديولوجي المفرط من قبل حزب البعث في سوريا ،الذي شارك في تاسيسه حيث تم طبع قصائده في الكتب المدرسية على نطاق واسع، ولشدة ولع النظام البعثي به، وقتذاك،وبهذه الامور كان يتم التشديد على تلامذة المدارس لحفظ قصائده إلى درجة حفظ اسم الشاعر مع النص حتى نفر الأطفال من شعره بعدما كبروا، ولم تتسنّ لهم الفرصة الأخلاقية الكافية لقراءة تجربته الشعرية بمعزل عن الاستخدام الآيديولوجي المفرط لها، فقد كان جزءا من سياسة الدولة، وطرفا أساسيا في معاركها الآيديولوجية المفتوحة على كل الجهات. فادت هذه الحالة الى توقف تجربة قراءة العيسى عند مراحل التعليم الأساسي، مما ألحق ضررا جسيما بتجربة شاعر أضرّه التوحد مع الدولة أكثر مما أفاده. بحيث وقعت تجربة سليمان العيسى ضحية ثقافة الحداثة الشعرية العربية،وكان يقول : 
(أدبنا العربي،- والكلام للشاعر العيسى- محروم من شعر الأطفال، وشعراؤنا ما زالوا يخجلون من وضع بسمة الملائكة على شفتي طفل، أعني من كتابة نشيد للصغار يخجلون أو يترفعون أو يتهيبون….. لا أدري… تظل النتيجة واحدة ويظل أطفالنا محرومين من بسمات الملائكة على شفاههم، أعني من الأناشيد الجميلة، من الشعر الحقيقي، ويظل أدبنا العربي ذو التاريخ العظيم محروماً من أحلى ينابيعه، أعني الأطفال،ورحم الله شوقي الذي أحس هذا فلبّي وفتح لنا الطريق، أياً كان الطريق. الأطفال هم فرح الحياة ومجدها الحقيقي لأنهم المستقبل، لأنهم الشباب الذي سيملأ الساحة غداً، لأنهم امتدادي وامتدادك، في هذه الأرض، لأنهم النبات الذي تبحث عنه أرضنا العربية لتعود إليها دورتها الدموية التي تعطلت ألف عام وعروقها التي جفت ألف عام )
ومن احدى قصائده للاطفال في قصيدته (رفيقي الأرنب) :
قفز الأرنب خاف الأرنب
كنت قريباً منه ألعب
أبيض أبيض مثل النور
يعدو في البستان يدور
يبحث عن ورقات خضر
يخطفها كالبرق ويجري
يا موجاً من فرو ناعم
فوق العشب الأخضر عائم
لا تهرب مني يا أرنب
أنت رفيقي هيا نلعب
وفي بعضها يشد الاطفال للواقع العربي المعاش ويغرس في اذهان الاطفال الاحداث الجارية والوطنية يقول :
فلسطين داري
ودرب انتصاري
تظل بلادي
هوى في فؤادي
ولحناً أبياً
على شفتيا
وجوه غريبة
بأرضي السليبة
تبيع ثماري
وتحتل داري
وأعرف دربي
ويرجع شعبي
إلى بيت جدي
إلى دفء مهدي
فلسطين داري
ودرب انتصاري
ومن مسرحياته الشعرية للاطفال هذه المقاطع :
سَمّوْنَا: حُورَ الماء
كنا حلم الشعراء
غنوا.. سبحوا بجدائلنا
سرقوا كلماتِ رسائلنا
ونروحُ هنا ونجيءْ
نغماً في الشطّ يُضيءْ
والأفقُ لنَزْوتِنا زَوْرَقْ
الشاعر: يا إلاهاتِ الهوى.. هذا ربابي!
وبقايا من لهيبٍ وترابِ
قطرةً من رَوْعةٍ في وَتَري
يا إلاهاتُ.. ونَضَّرْنَ يبابي!
.......
الحوريات: سَمّونا حور الماءْ
وندامانا الشعراءْ
مَرَّ "الملكُ الضِلّيلُ"* بنا
وجميل بثينة.. كان هنا
ومجانينُ الفَلَواتْ*
وقوافلُ من زَفَراتْ
ما زالت في نَهْدٍ تشْهَقْ 
............
أبدَعناكُمْ وتراً وترا
أعطينا الأجفانَ السّهرا
لم نبخلْ بالجسدِ البضِّ
من قُبلتِنا عطر الأرضِ
قطّرنَا اللذة في الحبِّ
وأعرْنا النّبضةَ للقلْبِ
وبقيتُمْ شوقاً يتحرّقْ
...............
الشاعر: قُدِّسَ السرُّ الذي تَحْمِلْنَهُ!
قُدِّسَتْ فتنتُهُ أمُّ العذابِ!
يا إلاهاتِ الهوى.. هذي يدي
لهفةٌ ضارعةٌ، هذا سَرَابي!
............
حورية أولى: لا تلمسْ بالفاني جسدي
خُذني همساً خلف الأبدِ
تعطَى شفتي وتُباحْ
من يملِكُ ظِلَّ جَناحْ
تَتَلوَّى كالأَفعى الرّغبَةْ
فافتح لي جنّتكَ الرحبَهْ
وتعالَ بأغنيةٍ نَغْرَقْ
.حورية ثانية: أترنّحُ مثلَ شِراعْ
أتعرّى مِثْلَ شُعاعْ
لا أُومِنُ بالحُلُمِ الأخضرْ
الأرضُ لنا.. هيا نَسْكَرْ
الأرضُ تمدُّ ذِراعيها
أشواقي منها وإليها
في صدري لَيْلُكَ.. لا تأرَقْ
............
الشاعر: يابْنَةَ الماءِ.. تعرّيْ فِتنةً
اوفرِ في هاجساً خلفَ الضبابِ
أنتِ ينبوعي.. وطاغٍ عطشي
وأنا وحدي أختارُ شرابي
...............
حورية ثالثة: في فجرِ الحبّ.. غريراتُ
تتفجّرُ، تغلي الصّبَواتُ
الشطُّ الصامتُ وشوشني:
ما جدوى النسمةِ تلمِسُني..
وتطيرُ بلا أصداء
يملأُنَ حياة الماء
يسقينَ من الظّمأِ الأعمقْ؟
...............
الحوريات: أين (الملكُ الضلّيلْ)؟
جُوعٌ في الرملِ قتيلْ
أين الآتونَ على الدربِ؟
للنشوةِ نحنُ، وللحُبِ
لا تنطفئُ الزّفراتْ
وضفائرُنا عطِراتْ
المواةُ تهتِفُ.. فَلْنَغرقْ!
**************
لكنه على العموم خسر كثيرا فتم التعامل معه اعتباطيا بصفته شاعرا مدرسيا عاديا، بينما نشأت أجيال أدبية كاملة دون حتى أن تعطي لنفسها فرصة التعامل الفني مع تجربته، وتم الحكم على ما انتج من شعر بـالإعدام الفني، فأُهمِل من قِبل كل الأجيال الأدبية الجديدة وتم التعامل معه بلا مبالاة وضاع مستواه الادبي والشعري حتى وصل إلى حد الظن بأن العيسى قد فارق الحياة أكثر من مرة.
لذا يبدو سليمان العيسى وكأنه كتلة من الخسارات، منها ضياع مسقط رأسه الذي أصبح في دولة أخرى، بعد إلحاق لواء الاسكندرون بالأراضي التركية. ومنها أحلامه القومية التي جعلته يتنقل ما بين حلب ودمشق وبغداد وصنعاء، وسواها من المدن. حتى كادت لتضيّق الأرض من تحت قدميه حيث اصبح لا يجد مكانا في الآونة الأخيرة يركن إليه بعد عودته إلى( دمشق)، فقد شهدت (ضاحية دمّر) التي سكنها في الفترة الأخيرة، عنفا عسكريا مثلها كباقي المدن السورية.وخير دليل على ما نقول قصيدته في وصف سجن (المزة ) سيء الصيت اذ يقول:
هذي هي (المزة) السوداء واجمة الركابِ
هذي سلاسل أمتي نثرت على تلك الشعابِ
هذا هو السجن الملفّع بالحديد وبالحرابِ
في هذه الظلمات يرقد من تركت من الصحابِ
في هذه الظلمات كم جسد تقطّع كم إهابِ!
قضى سليمان العيسى أعوامه الأخيرة من حياته في (اليمن) حيث بقي فيها خمسة شرة سنة بصحبة زوجته الأكاديمية وأستاذة الأدب (ملكة أبيض)، وهي رفيقة حياته وكانت إلى جانبه في كل مراحل عمره.
اهتم سليمان العيسى باليمن، وخصها بكثير من أشعاره التي صدرت في كتاب اسماه (اليمن في شعري) الذي يضم نصوصاً شعرية مختارة ومميزة اختارتها زوجة الشاعر( ملكة أبيض) وقامت بنقلها إلى الفرنسية وطبعت في هذا الإصدار باللغتين العربية والفرنسية. وقد عرفه اليمنيون بقصائد الأطفال كما عرفه السوريون. ثم عاد إلى دمشق وسكنها في فترة الأخيرة من حياته .
توفي الشاعر سليمان العيسى،يوم الجمعةالتاسع من اب (اغسطس)\ 2013 عن عمر ناهز الـ 92 عاما في العاصمة السورية (دمشق) بعدماعانى من مرض عضال لكنه حافظ على وعيه حتى آخر دقائق حياته وبقي مهتماً بما يحدث حوله، ولو أنه عانى من صعوبة في النطق.ودفن جثمانه في مقبرة الشيخ ارسلان بدمشق.
وصدر له عشرات الكتب والمسرحيات الشعرية ومن كتبه مايلي:
شاعر بين الجدران 
قصائد عربية 
أمواج بلا شاطئ 
رسائل مؤرقة 
أزهار الضياع 
دفتر النثر 
اليمن في شعري
أعاصير في السلاسل 
رمال عطشى - حيث ضمّنه نقدا وسخطا على ما آلت إليه أمته، حيث صار اسمه متلازما مع حزب البعث، ليصبح شاعر البعث بلا منازع فاثرهذا على حالته الادبية والشعرية . 
سليمان العيسى شاعر عربي كبير عاصر الحداثة العربية وكان رائدا فيها الا انه لم يكن بمستوى الطموح الذي وصل اليه اقرانه الشعراء مثل عمر ابو ريشة او محمود درويش اونزار قباني لاسباب بينتها اعلاه .
واختم بحثي بهذه الابيات من شعره:
أنا لا أعرفهم .. لكنه 
نبأ يَرْعش منهم في عروقي
اقفِلِ المذياع .. قبرٌ باردٌ
راح يروي لي انفجاراتِ الشروق
اقفل المذياع .. أنباؤهمُ 
بدمي تسري ، بنبضي ، بشهيقي
أنا لا أعرفهم .. لكنهم
قبَسي في كل خطوٍ وطريقي
ليس فيهم – والصحارى بيننا
- غير هدّارٍ بصوتي ، ورفيقِ
الربيع الحلو في مَعقلهِم
يتحدى كلّ نارٍ وحريقِ
صخرة عطشى ، وفهدٌ ثائر 
قصة البركان ، والشعب الطليق
حملةٌ رُدَّتْ ، ووحشٌ مزقوا 
نابه ، فالصخر ريّان السّموقِ
امطري ما شئا ناراً فوقنا 
واسفحي عطراً دمانا وأريقي !
يا قوي البغي .. صخوري ، جبلي
بسمةٌ تهزأ "باللص" الغريقِ !
أخضرٌ موطئ أقدامهم
أخضرٌ ، يضحك للنصر الوريقِ
أقفل المذياع .. إني معهم في
الذرى ، في كل هضبٍ مستفيق
بالوضيئين : الضحى في رأدِهِ 
وانتصار الحق والشعب وثوقي
مُزِّق الإخوة حيناً ، والتقى
في لظى الثأر شقيقٌ بشقيقِ
أيها الأخضر .. يا معقلهم 
أيها الشامخ كالنسر العتيق
ليس ثوّارك .. إلا أمتي 
زحفَتْ من كل أخدودٍ عميق
في عمانٍ جذوةٌ من فجرها 
وعلى المغرب تزأر بروقِ
أنا لا أعرفهم .. لكنهم 
في دمي أحرار شعبي ، في عروقي
كلما جلجل عنهم نبَأ 
سكر النصر بعُلْويِّ الرحيق
لن تطيقي يا قوى البغي سوى
أن تزولي من ثرانا .. لن تطيقي !
.
امير البيــــــان العربي
د .فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــــــــد روز
**************************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 116 مشاهدة
نشرت فى 7 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

المتعة في ديوان 
"جبل الريحان"
عبد الله صالح
من ميزات العمل الدبي الجيد حضور المتعة فيه، فهذا أول عامل يمكن للمتلقي أن يجعل المتلقي يتقدم من النص، بصرف النظر على العناصر الابداعية الأخرى، في هذا الديوان يمكن لأي شخص أن يتناوله على دفعة واحدة، رغم خلوة من تناول المرأة الحبية، لكن الطبيعة والمشاعر الإنسانية تجاه الوطن والأرض جعل الديوان سهل وممتع في آنا واحد.
الدوان يتحدث عن المرأة من الخارج وليس من الداخل، بمعنى أنه يتعامل معها كشيء ليس له علاقة حميمة مع الشاعر، وهذه احدى خطوط الديوان العريضة، يقول الشاعر في قصيدة "شائعة الفل":
"أقدار..
يا حسن الأقدار الأرجوحة! تغزل بعض الغجريات جدائلهن
فيبدو الحون طباعا تنكر حق التربة بالجدار
ليعلو فوق الأقداح القيء 
ويتسحب الظل" ص27.
فالشاعر يتحدث عن المرأة كما يتحدث عن أي شيء/شخص عادي، ولا يبدي أي حميمة في تناولها، وهذا الامر سمة عامة في الديوان.
كما نجد شح الصور الشعرية في الديون فنجد بعضها كما هو الحال في قصيدة "عزف على وتر القلب المقطوع" والتي جاء فيها:
"...
يا ويلنا,, شرب الرحيل همومنا
فتفرعت شعب بنا
وتمازجت كتل الغمام
يا جد..
هل تسمح فحيح الجرح في هذا الحطام؟
يا جد
هل يغني الكلام!!" ص104، بالتأكيد مثل هذه صورة تمتع المتلقي وتجعله يهيم في تقنية التصوير عند الشاعر، وكنا نتمنى عليه أن يزيدنا بمثل هذه الصور.
ويكاد الديوان يخلو من ذكر المكان إذا ما استثنينا قصيدة "عيد .. مع وقف التنفيذ" والتي جاء فيها:
"كانت لنا حيفا .. وللأعياد طعم مثل حيفا
والآن صار العيد وجدا وشجون" ص90و91، ودون "حيفا" لم يتم ذكر أي مكان آخر، لكن الطبيعة الفلسطينية والبيئة حاضرة في لديوان، ويمكن للقارئ ان يتأكد أن الشاعر يتحدث عن فلسطين وليس ان أي مكان آخر، فيقول في هذه القصيدة:
"في العيد كانوا يمرحون
جدل الطفولة يطرق الأبواب ... يفتحها..
فينطلق البنون.
الأرض تلبس حلية خضراء في عز الخريف.
الأرض تنشيها الظل الراقصات
وتحمي شمس الظهيرة في أزاهير العيون" ص90، فالمكان هو فلسطين حيث يتحدث عن الشاعر عن الحياة الاجتماعية فيها.، كما اننا نجد هذه الفلسطينية في قصيدة "ليلى تبحث عن وطن" والتي يهديها إلى المناضلة "ليلى خالد" وهنا العديد من الشواهد الأخرى التي تشير إلى أن المكان هو فلسطين فقط وليس أي مكان آخر.
ويمكننا ان نجد الفلسطينية في قصيدة "نجوى" والتي نجد فيها تناص مع قصيدة محمود درويش "مديح الظل العالي" بشكل واضح، يقول الشاعر
"...
قد حلت نفسي ملء نفسي
لكنما النفس قتاد
طوبى لأيام الحصاد
... قذفت مراسيها الجبال إلى الظلال
فظننت نفسي ملء نفسي" ص120 كل هذا يعطي دلالة إلى هناك هم فلسطيني ما زال متقد في الشاعر ولهذا نجده يحاول ان يقربنا من قصيدة درويش من جديد، وكأنه يقول لنا ما زالت الحرب مشتعلة ومازال العدو يقتلونا ويشردنا.
الديوان من منشورات دار الفاروق، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 1997.
"أقدار..
يا حسن الأقدار الأرجوحة! تغزل بعض الغجريات جدائلهن
فيبدو الحون طباعا تنكر حق التربة بالجدار
ليعلو فوق الأقداح القيء 
ويتسحب الظل" ص27.
فالشاعر يتحدث عن المرأة كما يتحدث عن أي شيء/شخص عادي، ولا يبدي أي حميمة في تناولها، وهذا الامر سمة عامة في الديوان.
كما نجد شح الصور الشعرية في الديون فنجد بعضها كما هو الحال في قصيدة "عزف على وتر القلب المقطوع" والتي جاء فيها:
"...
يا ويلنا,, شرب الرحيل همومنا
فتفرعت شعب بنا
وتمازجت كتل الغمام
يا جد..
هل تسمح فحيح الجرح في هذا الحطام؟
يا جد
هل يغني الكلام!!" ص104، بالتأكيد مثل هذه صورة تمتع المتلقي وتجعله يهيم في تقنية التصوير عند الشاعر، وكنا نتمنى عليه أن يزيدنا بمثل هذه الصور.
ويكاد الديوان يخلو من ذكر المكان إذا ما استثنينا قصيدة "عيد .. مع وقف التنفيذ" والتي جاء فيها:
"كانت لنا حيفا .. وللأعياد طعم مثل حيفا
والآن صار العيد وجدا وشجون" ص90و91، ودون "حيفا" لم يتم ذكر أي مكان آخر، لكن الطبيعة الفلسطينية والبيئة حاضرة في لديوان، ويمكن للقارئ ان يتأكد أن الشاعر يتحدث عن فلسطين وليس ان أي مكان آخر، فيقول في هذه القصيدة:
"في العيد كانوا يمرحون
جدل الطفولة يطرق الأبواب ... يفتحها..
فينطلق البنون.
الأرض تلبس حلية خضراء في عز الخريف.
الأرض تنشيها الظل الراقصات
وتحمي شمس الظهيرة في أزاهير العيون" ص90، فالمكان هو فلسطين حيث يتحدث عن الشاعر عن الحياة الاجتماعية فيها.، كما اننا نجد هذه الفلسطينية في قصيدة "ليلى تبحث عن وطن" والتي يهديها إلى المناضلة "ليلى خالد" وهنا العديد من الشواهد الأخرى التي تشير إلى أن المكان هو فلسطين فقط وليس أي مكان آخر.
ويمكننا ان نجد الفلسطينية في قصيدة "نجوى" والتي نجد فيها تناص مع قصيدة محمود درويش "مديح الظل العالي" بشكل واضح، يقول الشاعر
"...
قد حلت نفسي ملء نفسي
لكنما النفس قتاد
طوبى لأيام الحصاد
... قذفت مراسيها الجبال إلى الظلال
فظننت نفسي ملء نفسي" ص120 كل هذا يعطي دلالة إلى هناك هم فلسطيني ما زال متقد في الشاعر ولهذا نجده يحاول ان يقربنا من قصيدة درويش من جديد، وكأنه يقول لنا ما زالت الحرب مشتعلة ومازال العدو يقتلونا ويشردنا.
الديوان من منشورات دار الفاروق، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 1997.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 104 مشاهدة
نشرت فى 5 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

الرسالة الرابعة
السفر مدرسة ثانية يا ليتني كنت طالبا فيها
فراس حج محمد
الاثنين: 2-7-2018
أيتها العزيزة الغالية،،،
أسعدك الله وكلل رحلتك بالنجاح، وعدت إلى ربوع الوطن والأهل والأصدقاء بالسلامة.
لقد سرتني رسالتك بالتأكيد، كانت نابضة برقصة النشوة، مع كل كلمة من تلك الكلمات الحلوة السلسة، تتابع دون انقطاع للحديث عن الرحلة، يا لله كم أن اللغة حاملة لنفس كاتبها! وهنا بدوت مفعمة بالفرح والحب والحياة واستخدامك للألفاظ مشع كالبريق في سماء زاخرة بحدائق الورود، بكل تأكيد أيضا تستحقين التكريم، رغما عن التلعثم بالكلمات، إنه يزيدك جمالا على جمال! فلا تبتئسي.
تدفعني رسالتك الشهية تلك أن أتحدث لك عن السفر، وأهميته للكاتب. يعترف الكاتب الأمريكي جون هوبكنز أن السفر مكون ضروري للكتابة، ويقول: "لو أني بقيت في الولايات المتحدة الأمريكية لن أكتب أبدا، وجب علي أن أسافر، أن أتعلم، أن أعرف العالم، هذا أمر ضروري وجوهري"، في رسالتك صدى لقول هوبكنز "مستمتعة بهذه التجربة، أتاحت لي التعرف على عالم مختلف، وثقافة مختلفة". صديقي الكاتب رائد الحواري أشار علي يوما ألا أظل حبيس غرفتي، قال: "يجب عليك أن تخرج من معتزلك لترى الطبيعة والناس ومشاهدة الأشياء والعيش معها".
يبدو "أن السفر مدرسة ثانية، فالرحلة تخلق الكاتب حين تجد التربة والمناخ وهي رحلة في الذات أيضا"، كثيرون تحدثوا عن السفر يا عزيزتي، فالشافعي رحمه الله يعدد ست فوائد للسفر، ويشبه ذلك بجريان الماء الذي "إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطبِ". الرحالة كتبوا أعظم كتاباتهم وآثارهم نتيجة أسفارهم، الرحالة المسلمون والغربيون، كانوا يدركون أهمية السفر. والأساطير كذلك تجدين فيها موضوع السفر؛ في أسطورة جلجامش وبحثه عن الخلود ثمة سفر، رحلة الأوديسا كذلك، ودينيا كذلك أعظم ما يشار إليه رحلة الإسراء والمعراج. فالسفر مهم تماما كالعزلة، والقراءة والانفراد بالذات لسماع صمت العالم.
أعود لما كتبته إليزابيث جيلبيرت في روايتها السيرية "طعام، صلاة، حب"، أعود إليها لأنها قائمة على السفر، سافرت إلى إيطاليا، حيث غرقت في شهوة الأكل حتى زاد وزنها عشرين كيلو غراما، ثم إلى الهند حيث غرقت في التأمل الروحي والصلوات الروحية، وأخيرا تتوجه إلى أندونسيا حيث توجت رحلتها بالحب، فتغرق في شهوة الحب إلى أقصى حد، زاد وزنها، ثم فقدت تلك الزيادة، واستقرت نفسيتها بالحب، ثلاث جغرافيات، كانت مهمة لتنضج التجربة.
تدفعني رسالتك لأقارن بيني وبينك، أنا شخص متقوقع على ذاتي، افتراضي، لا أعرف من العالم سوى الأسماء والصور، وأغرق في القراءة. ويدفعني ذلك للمقارنة أيضا بين القراءة
والسفر والاستمتاع بالطبيعة. قد تقرأ قصيدة جميلة عن الطبيعة كقصيدة البحتري مثلا "أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا"، فيصلك شيء بسيط من تأثيرها، ولكن لو أنك عشت هذا الربيع وتماهيت مع الطبيعة وتعمقت فيها، وأحسست أنك جزء مادي ومعنوي منها، ستبدو قصيدة البحتري وكل قصائد الطبيعة على جمالها والنشوة فيها، باردة باهتة، لأنها كما يقول أفلاطون محاكاة، والمحاكاة أضعف أثرا من الأصل، سيتعمق في داخلك شيء لن تجده في القصائد، ولن تستطيع اللغة أن تحمله إليك، وأنت تشعر أنك تلامس الجمال الإلهي بكل رقة ووجدانية وجاذبية.
أغبطك أيتها الغالية على أسفارك الكثيرة، فقد زرت الأردن ومصر والسعودية والإمارات وتركيا وتونس وإيطاليا، وربما أيضا دولا أخرى لا أعرفها، وتتمتعين بشبكة علاقات واسعة وممتدة وقوية من كل الأعمار والجنسيات، مع أنها تشعرني بالضيق والضجر، وأنت تعلمين لماذا، كل ذلك يؤهلك لتكوني كاتبة من طراز خاص.
ربما أنك تقرئين أقل مما أقرأ في الكتب، لكنك تقرئين أمورا لم يحدث أن قرأتها أنا، الثقافة الأخرى والناس والنفوس والأرواح والجغرافيا، أنا جاهل في كل تلك القراءات وما زلت أميا، إن أقصى مكان ذهبت إليه هو عمّان، ولم أخرج من بيتي إلا للعمل، ولا أحب صداقة الكتاب إلا القليلين منهم. قراءاتك تلك أهم من قراءة الأفكار المجردة الذهنية تلك القابعة في بطون الكتب، جامدة تتحرك كأطياف من المعاني المحتملة، فثمة فرق بين من يغرق في الصور الذهنية للأفكار وبين من يعيشها حية بشكل طبيعي ويومي. هذا فرق كبير بيننا يا عزيزتي، لذلك أنا أغبطك، فيا ليتني كنت مثلك، "فأفوز فوزا عظيما"، ولكن "ما كل ما يتمنى المرء يدركه". ولذا لم تجر بي السفن إلى أي مكان.
كنت أبغي أن أحدثك عن قضايا أخرى، يبدو أن الرسالة قد طالت كثيرا، لا يحسن أن تزيد عن ذلك، فأنت في متعة روحية خاصة وفريدة، يا ليتني كنت معك، ولكنها الأمنية التي لن تكون.
استمتعي بما تبقى لك من وقت، متنميا أن أراك على خير وأنت تزهين بحلة الفرح والسعادة، هل أعيد عليك أن ترسلي لي بعض الصور، فأنا لم أنعم برؤيتك منذ زمن طويل. فهلا أنعشت الروح بمرأى محياك البهي؟
دمت ودامت عليك الصحة والعافية وألق الكتابة.
المشتاق لرؤية بسمتك الندية
فراس حج محمد

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 126 مشاهدة
نشرت فى 4 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

تواضع المعلومات في كتاب
"الأساطير والخرافات عند لعرب"
محمد عبد العيد خان
قليلة هي الكتب التي تناولت الاساطير والخرافات عند العرب في الجزيرة العربية، ويعود ذلك إلى أن الإسلام ألغى كل الأفكار والمعتقدات القديمة، وقدم فكرة توحيد كفكرة كاملة وحيدة، فلم يعد العرب في الجزيرة العربية بحاجة إلى الأفكار السابقة، وكما أن العرب لم يدونوا أفكارهم الدينية قبل الإسلام ـ إذا ما استثنينا بعد الأبيات الشعرية ـ لهذا استند العديد من الباحثين على ما جاء عن المعتقدات الدينية العربية، على الشعر الجاهلي، وعلى ما كتب عنهم من قبل الأقوام الأخرى، إن كان من خلال الرسائل أو ما دونه المؤرخون عنهم، كما أن الأثار التاريخية المكتوبة محدودة جدا، كل هذا يجعل ما يقدم عن مجتمع الجزيرة العربية محدود ومتواضع بالمعلومات التي تقدم، على النقيض من المناطق الأخرى، إن كانت في الشام أو العراق أو مصر.
كل هذا يجعلنا نتفهم تواضع المعلومات التي يقدمها "محمد عبد المعيد خان" في كتابه "الأساطير والخرافات عند لعرب" حتى اننا نجد أحيانا خطأ معرفي عند الكتاب، كما هو الحال عندما تحدث عن "مردوخ والبعل" فهو يقدم عبادة الإله البعل على الإله مردوخ: "... كما أن ميردوخ ورث سلطان آشور ونفوذه بعد ما أصبحت بابل عاصمة البلاد، وكان يعرف باسم بعلو كما كان يعرف باسمه الحقيقي الذي هو ميردوخ على السواء، وقد صار نابوبولاصر ونابوناهيد في عصر حمورابي اعظم آلهة الكلدانيين شوكة" ص118، فنجد الكاتب يجنح بعيدا في تقديم المعلومات، بحيث قدمها بصورة مشوهة ومختلطة وخاطئة معا.
الإله" مردوخ" أقدم من الإله "بعل" كما أن الأول عُبد في العراق والثاني في بلاد الشام، كما أن الدولة البابلية سبقت الدولة الآشورية بقرون، والآشوريين لم يعبدوا "مردوخ" بل عبدو الإله "اشور" وقدموه على بقية الآلهة الأخرى، ونجد الكاتب يقدم لنا "نابوبلاصر ونانونائيد" كآلهة، علما بأنهم ملوك الدولة البابلية الثانية، والأخير كان آخر ملك بابلي والذي تم إزالة ملكه على يد الفرس، في حدود 525 ق م، ويصر الكاتب على هذا الخطأ عندما قال: "وقد رأينا أن بعل تمتع بصفات متعددة، ومرت عليه طقوس مختلفة، فأصبح بعل هذا مردوخ في بابل نفسها" ص123، كل هذا يجعل المعلومات التي قدمت في الكتاب غير صحيحة، وتمثل حالة الضعف وعدم تمكن الكاتب من معلوماته، فبما أن الكتاب يتحدث عن الأسطورة والخرافة كان من المفترض أن يلم بشكل واف ومقبول عن المعتقدات والآلهة والتي عبدت في المنطقة.
وينزلق الكاتب أكثر في الخطأ عندما قال: ".... وفي هذا ما يدل على أنه كان يسمى بعلا عند بني إسرائيل، وقد يكون له علاقة بأم هبير هو من ألقاب تيامات البحر الأسطوري عند البابلين" ص124، "بعل" إله كنعاني خالص، رغم أن الإسرائيليين ذكروه في توراتهم، فهو إله كنعاني فينيقي، كما أن "تيامات" تعد الآلهة الأم والتي تم صرعها من قبل الإله "مردوخ" ومن جسدها تم خلق الكون والسماء، حسب ما جاء في الملحمة البابلية "في العلا عندما" والتي تعد أول ملحمة كاملة في تاريخ البشرية، فهي تسبق الإله العربي "هبل" بأكثر من ألف وخمسمائة عام.
كل هذا يجعلنا نتأكد بأن الكاتب لم يكن موفقا بتاتا في تقديم المعلومات عن الديانات القديمة، وأن معلوماته مشوه وخاطئة وبحاجة إلى تصحيح، لكنه كان موفقا عندما تحدث عن تأثر العربي بالبيئة الصحراوية التي عاش فيها، يقول: "في هذه البيئة نشأ العربي الجاهلي العصبي المزاج، السريع الغضب، الذي يحب الحرية والمساواة، والذي يثور على كل سلطة، ويهيج من كل شيء تافه، ويفضل الإيجاز على الإطناب، فهو يضرب المثل في جوامع الكلم، ويتصور الأشياء كما هي، ولا يسمح لخياله أن يتجاوز حدود الحقائق فلا يلونها بألوان قصصية" ص30، هذه الأثر أنعكس على طريقة تفكيره بالحياة وبمحيطه، ولهذا نجده يقول: "قلت سابقا أن العربي قليل الابتكار، ولم أقل إنه عار من الخيال دائما، إلا أن التصور أو الخيال التصويري هو الغالب والمسلط على حياته العقلية، وهذا الخيال التصوري يولد الأسطورة التصورية، كما يصنع الخيال الأساطير الاختراعية، ولذلك نرى العربي يمثل نجوم السماء بما يشاهده في البيداء، وينقل شكل حياته الاجتماعية البدوية على رقعة السماء، غير أنه لا يخترع الأساطير مثل اليونان، ... بل نجده يربط الصور بعضها ببعض كربط حياته اليومية، فهو يرى في السماء صورة الراعي وكلبه" ص47، وهذا ما يجعلنا نقول أن الكاتب نجح في المقدمة وأخفق في الخاتمة، وكان يمكن له أن يكون أكثر توفيقا، لو تريث قليلا واطلع على الديانات القديمة بشكل واف، لكن يبدو أنه استعجل في تقديم كتابه للجمهور، فوقع فيما وقع فيه، خاصة إذا علمنا أن الكتب التي تناولت الديانات القديمة في بلاد الشام والعراق كثيرة ومتوفرة في الأسواق، ويمكن لأيا كان أن يطلع عليها، ويأخذ معلومات تجعله قادر على تجنب الوقوع في الخطأ، وهذا ما يحسب على الكاتب وعلى الكتاب.
الكتاب من منشورات دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة 1981.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 4 يوليو 2018 بواسطة magaltastar

حقيقتنا في كتاب
"تاريخ الإلحاد في الإسلام"
عبد الرحمن بدوي
هناك مشكلة عند من يتعاطى مع تاريخ الفكر الإسلامي، فالبعض يقدمه لنا بصورة وردية، فيبدو مزدهرا ناصعا متألق، إن كان من خلال تناول الأحداث ام الشخصيات والحركات الفكرية، وهنا نتوقف عندها طويلا، فقد كانت السلطة السياسية/الدينة تقمع كل من يعارضها أو يعرض رجال الدين فيها، فمثلا بن المقفع تم قتله والنيل منه ومن مكانته الفكرية قبل وبعد قتله، ولم تكتفي السلطة بذلك بل مثلت بجثته، ليكون عبر لمن يتجاوز السلطة/الدين.، والملفت للنظر أن غالبية المفكرين والعلماء الذين ظهروا في العصر العباسي وقبله الأموي تم إلصاق تهمة الزندقة/الإلحاد بهم، من ثم تعرضوا لأشرس عمليات القمع والتشريد، من النفي والسجن إلى التعذيب والقتل.
في هذا الكتاب يوضح لنا الكاتب العديد من المسائل الغائبة عمن يقدم الصورة الوردية للتاريخ العربي الإسلامي، في البداية يقدم لنا طبيعة الأسس التي اعتمد عليها الملاحدة فيقول: "وعلى هذا فإن الإلحاد لا بد أن يتجه إلى القضاء على هذه الفكرة التي تكون عصب الدين وجوهره لدى تلك الروح، وهذا يفسر السر في أن الملحدين في الروح العربية الإسلامية إنما اتجهوا جميعا إلى فكرة النبوة وإلى الأنبياء وتركوا الألوهية، بينما في الحضارات الأخرى كان يتجه مباشرة إلى الله" ص8، هذه المعلومة مهمة جدا لمعرفة طبيعة الإلحاد في المنطقة العربية تحديد، فهي لم تنكر/يتناول الله بل الأنبياء، وكان لهذا هدف وغاية خاصة بهم، ويبن لنا الكاتب الدوافع وراء هذا الأمر، انكار النبوة ليس انكار وجود الله: "... وهذه العوامل المساعدة هي الانتقام الشعوبي من جانب المغلوبين وما يستتبعه من تعصب لدينهم القديم، لأن العصبية في الحضارة العربية كانت تقوم دائما على أسباب من الدين بوصف الدين هو العامل الحاسم في تكوين القوميات والدول في بلاد تلك الحضارة" ص9، إذن دوافع انكار النبوة كان يحمل بين ثناياه شيء من رفض الحكم العربي الإسلامي لتلك الشعوب والأمم التي (فتحت) مما جعل أهلها يشعرون بالقهر والاضطهاد، فتجهوا إلى فكرة إلغاء النبوة من العرب كنوع من الأنكار "للفتح العربي) ورفض له.
وهناك فرق بين بنية المجتمع الديني العربي والمجتمعات الأخرى: " فإن القانون القديم، اليوناني والرماني، صادر عن الذاتية، لأن الافراد هم الذين يوجدونه كنتيجة لتجاربهم العملية، بينما الروح العربية تعد القانون صادرا عن القوة العليا أو الله،... فالحكم دائما يجب أن يكون مستمدا من هذه القوة العليا، وإلا فسد الحكم، ولهذا عد الحاكم دائما رجل دين" ص26، هذا هو الواقع الموضوعي في المطقة العربية والإسلامية، وهذا التباين هو احدى المعضلات التي تحول دون المماثلة بين الواقع الأوروبي والواقع العربي/الإسلامي.
أما الطريقة التي تعامل بها رجال الدين والسلطة السياسية مع هؤلاء الملاحدة فكانت بهذا الشكل: "حتى أنه لو أتيح لنا أن نبحث في تكوين النظريات المختلفة التي يشمل عليها مذهب المعتزلة بحثا دقيقا،... إذا لوجدنا للزندقة أكبر الأثر وأعظم الخطر في هذا التكوين.... ثم اتسع المعنى من بعد اتساعا كبيرا حتى أطلق على كل صاحب بدعة وكل ملحد، بل انتهى به الأمر أخيرا إلى أن ينطلق على من يكون مذهبه مخالفا لمذهب أهل السنة أو حتى من كان يحيا حياة المجون من الشعراء والكتاب ومن إليهم" ص29 و30، رغم أن الكاتب يتحدث عن زمن يتجاوز ألف وثلاثمائة سنة، إلا أنه يبدو قريب جدا من واقعنا اليوم، فها هم الجماعات الدينية والجهادية تكفر وتزندق والبح دم كل من يخالفها أو حتى لا يتفق معها، فكثر القتل والموت وتفشى بيننا حتى أننا لم نعد نعرف لماذا يتقتل بعضنا بعضا.
فخطر تحالف رجال الدين والسلطة أدى إلى قتل وتشريد وسجن كل معارض/لا يؤيد الحاكم ورجال الدين: "فقد اتخذ الخلفاء من هذا الاتهام وسيلة للقضاء على خصومهم من الهاشميين" ص36. وهذا ما يحدث الآن في دولنا، فنجد الدواعش والنصر وجيش الفتح وجيش الإسلام وجيش... يقومون بفعل العجائب بالناس وبالأوطان باسم وسلطة الله خلفائه على الأرض.
يقدم لنا الكاتب نماذج من الافكار التي طرحها الملاحدة، ما يتعلق بالجنة وما فيها: "...ولما وصف (محمد في القرآن) الجنة قال: فها أنهار من لبن لم يتغير طعمه (سورة 47:15) وهو الحليب ولا يكاد يشتهيه إلا الجائع، وذكر العسل، ولا يطلب صرفا، والزنجبيل، وليس من لذيذ الأشربة، والسندس، يفرش ولا يلبس، وكذلك الاستبرق، الغليظ (سورة 44:53) من الديباج، وقال ومن يتخيل إنه في الجنة يلبس هذا الغلظ ويشرب الحليب والزنجبيل، صار كعروس الأكراد والنبط" ص151، وهذا الحجج /الأقوال/الأفكار من المفترض أن يرد عليها رجال الدين بأفكار وحجج وأقول، لا بقتلهم والبطش بهم، لان الحوار يفتح آفاق أمام الطرفين لتطوروا أفكارهم ومفاهيمهم ويدعموا حججهم. 
أما حججهم في نقض النبوة فجاءت بهذا الشكل: "إ الذي يأتي الرسول، لم يخل من أحد ارين: إما أن يكون معقولا، أو أن لا يكون معقولا، فأي حاجة لنا إلى الرسول؟، وإن لم يكن معقولا فلا يكون مقبولا، إذ قبول ما ليس بمعقول، خروج عن حد الإنسانية، ودخول في حد البهيمة.
...فأنه إن كان يأمرنا بما ذكرناه من المعرفة والشكر، فقد استغنينا عنه بعقولنا، وإن كان يأمرنا بما يخالف ذلك، كان قوله دليلا ظاهرا على كذبه.
... قد دل العقل أن للعالم صانعا حكيما، والحكيم لا يتعبد الخلق بما يقبح في عقولهم." ص160، اعتقد أن الحوار مهم جدا في الرد على مثل هذه الافكار، لأنهم بالتأكيد ستعمق فهم وإيمان المؤمنين بدينهم وعقيدتهم، وتفتح لهم آفاق يستطيعون من خلالها أن يردوا على مثل هذه الأفكار، أم أن تقمع ويقتل اصحابها، فهو هو الإجرام بحق العقيدة والإيمان قبل أن يكون إجرام بحق هؤلاء.
الكتاب من منشورات المركز الأكاديمي للأبحاث، العراق ـ تورنتو ـ كندا، طبعة بيروت الأولى 2014.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 29 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

مسرحية
"لماذا رفض سرحان سرحان ما قله 
الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71"
عصام محفوظ
ما دفعني لقراءة هذه المسرحية، رواية "من يتذكر تاي" لياسين رفاعية، فهو يتحدث عن مجموعة من الكتاب ومنهم "عصام محفوظ" فالمجموعة المثقفة التي ذكرت في الرواية بمجملها لها مكانتها في الساحة الثقافية والسياسية، في هذه المسرحة نجد تمردها على كل شيء في المسرح، وخارج المسرح، الشخصيات تتمرد على المخرج، الممثلين يتخطون خشبة المسرح، يتجاوزونها ليخاطبوا الجمهور بطريقة غير مألوفة، الجمهور يتقدم من المسرح مشاركا ومبدي رأيه فيما يقدم من عرض مسرحي، الشخصيات الرئيسة تمثل حالات متناقضة فكريا، "سرحان سرحان، فرج الله الحلو، انطون سعادة" لكنها يجمعها الاستشهاد/الموت في سبيل قضية وطنية، إنسانية/أممية، قومية، فلكل شخصية من هذه الشخصيات وضع/حالة تمرد على ما هو كائن، فعندما يتم محاكمة "سرحان" بقزل له القاضي :
" القاضي ـ لو كله متلك شو هالتعتير ...
سرحان ـ لأن كلهم مش متلي ... شوف التعتير" ص42، 
ويوضح "سرحان" حقيقة ما تقوم به اميركيا،داخليا وخارجيا:
"سرحان ـ نعم ما في حرية حقيقية بأمريكا .. لانو ما في عدالة .. وين هي العدالة الامريكية..
بتبعتو لاسرائيل الخنجر .. وبتبعتولنا قطن وسبيرتو .. هيدي هي العادلة؟" ص53، المسرحية عرضت في بيروت عام 1971، لكن أحداثها ما زالت مستمرة حتى الآن، وما تقوم به إسرائيل تفاقم اكثر، والعرب يدفعون الفاتورة من دمائهم واموالهم وحياتهم.
وعندما يحاول القاضي أن يجمع الصهيونية والشيوعية معا، ويضعهما في مكانة واحدة، نجد "سرحان" يفرق بينهما من خلال قوله:
" سرحان ـ بكرههم .. بكرههم.. أنا بكره الصهيونية قد ما انتو بتكرو الشيوعية" ص64، 
ويسمعنا افكار "فرج الله الحلو" من خلال إيمانه المطلقة بالقضية الطبقية فيقول: 
"فرج ـ أنا ما بقدر أفصل حياتي عن قضيتي" ص72.
ونجد صوت المحققين والقضاة في أدنى مستوى المسؤولية من خلال تفكيرهم الضحل والسطحي:
"الشرطي ـ عميعترف بالحقيقة. عميعترف بالحقيقة.
المسؤول ـ عظيم، عظيم.
فرج ـ حقيقة انكم مأجورين.
المساعد ـ عميحكي عن الاجر.
الشرطي ـ أجور الشغيلة؟
المسؤول ـ لأ، عن اجورنا 
فرجـ لو جمعتوها كلها ... ما بتساوي حق شكوى انسان واحد مش قادر يعيش بكرامة.
المساعد ـ عميحكي عن الكرامة
الشرطي ـ ايه نحنا شو خصنا" ص75و76، بهذا اشكل يتم تعرية النظام الرسمي العربي وادواته التنفيذية، التي لا تفقه شيء مما يقوله هؤلاء العظماء، وإذا ا توقفنا عن المستوى الفكري/الثقافية/المعرفي/المبدئي سنجد هو شاسعة بينعناصر النظام وبين المفكرين الثوريين.
وعندما يتحدث عن "انطون سعادة" نجده يستحضر العديد من أفكار ومقولات "سعادة" التي تمثل خلاصة أفكاره ورؤيته في الحياة الاجتماعية:
"الزعيم ـ لسنا ضعفاء إلا إذا أردنا.
لنحصل على السلام، يجب أن يكون لنا حق فيه.
يجب أن يكون لنا جيش قوي
يجب ايجاد جبهة عربية واحدة تقف سدا منيعا ضد المطامع الاجنبية" ص49.
من يعود إلى المبادئ الاساسية للحزب القومي السوري الاجتماعي، سيجد عين هذه الافكار، والملفت للنظر، أن "عصام محفوظ" يستخدم اللغة المحكية عندما يتعلق الأمر بالقاضي والجنود، واللغة الفصحى عندما يتحدث "سعادة" وكأنه من خلال هذه اللغة يريد أن يشير غلى سذاجة المحكمة والقضاة والجنود من جهة، ومكانة الرفيعة ل "سعادة" من جهة أخرى. 
وايضا نجد مسافة كبيرة بين ثقافة وفكر "سعادة" وبين طريقة تفكير اعضاء المحكمة الرسمية:
" العريف ـ دافع عن نفسك .. حتى نبري ذمتنا ونفرجي الناس ليشب تستحق القتل|..
الزعيم ـ الحق الحق اقول لكم ان مصيبتنا بالصهاينة الداخليين أعظم من مصيبتنا بالصهاينة الأجانب
العريف ـ طبعا بتعرفو انو جريمتو بلشت سنة 25 لمن كتب يقول ..
الزعيم ـ "إذا تركتم الصهاينة ينفذون مطامعهم ويمتلكون فلسطين .. فنحن المسؤولين" ص79، بهذا الشكل يكسر "عصام محفوظ" الزمن المسرحي، وكأنه من خلال كسر الزمن يؤكد على ضورة التمرد والثورة على كل شيء، فالحال/الواقع يُوجب على كل حر أن يتمرد وتثور، فالخطر عظيم ويتقدم بسرعة وقوية معا.
ويقدم لنا الجريمة التي اقترفها النظام اللبناني بحق "سعادة" عندما تم اعدامه بدم بارد:
" الضابط ـ عصبو عينيه ..
الزعيم ـ مش ضروري، أنا مش خايف
عسكري ـ القانون بيقول هيك (يععصبون لع عينيه)
الزعيم ـ شكرا 
الضابط ـ اركعوه
الزعيم
ـ اسمحو لي ما راح اركع
عسكري ـ القانون بيقول هيك .. (يركعونه)
الزعيم ـ شكرا
عسكري ـ مرسوم رقم 15530 بناء على احكام القانون.
الضابط ـ شوف شو بدو
(يقترب عسكري من الزعيم)
الزعيم ـ (ببرودة) في بحصة تحت ركبتي عمبتضايقني 
الضابط ـ كاردي فو
الزعيم ـ احكي عربي
الضابط ـ متل ما بدك؟ نار
(يطيق ما يشبه النار)
شاب ـ "الاجيال الطالعة ستبحث في الماضي القريب عن انسان يحب بلاده حتى الموت" ص82و83، استشهاد "سعادة" والطريقة التي حوكم فيها وطريقة تنفيذ حكم الاعدام، كلها تعري النظام الرسمي العربي، وتجعله ـ حقيقة ـ اخطر علينا من "الصهاينة الاجانب"، فها هم الثلاثة العظام يتم اعدامهم بدم بارد وبيد اخوتهم، بيد من ضحوا من اجلهم واجل ابنائهم، وهنا تظهر جريمة ثانية، الضحية تدافع وتحاول ان ترفع من مكانة الجلاد، وتقدمه إلى الأمام، لكنه غارق في مستنقع الجهل.
المسرحية من منشورات دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1971.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة
نشرت فى 29 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

سلاسة السرد في رواية
"على الجانب الآخر من النهر"
مفيد نحلة
قليلة هي الاعمال الروائية التي يشدنا سردها، فالسلاسة في السرد تعد أحد أهم العناصر في الرواية، وهي من يمنح القارئ على التقدم أكثر من العمل الروائي، كما أن بساطة اللغة وسهولتها لها أثرها في تقبل العمل من المتلقي، في هذه اروية يمكن لأي قارئ أن يأتي عليها في جلسة واحدة، وهذا يسحب لها.
احداث هذه الرواية تجري في هولندا، وفي مدينة امستردام تحديدا، رغم حضور بسيط وعابر لحي "الأشرفية" في مدينة عمان، تبقى الأحداث الرئيسة تجري في الغرب، يقدم لنا الراوي نموذج من المهاجرين العرب "زين" الذين يهاجرون إلى الغرب، ظانين أنهم سيجدون فيها الجنة الموعودة، لكنهم يتفاجؤون بما هو غير لك: "رحلت به خيالات إلى زوجته وطفله، سنتان مرتا من عمره دون أن يوفر لهما شيئا من المال، أكلته الغربة، وأضاعت منه حياته البسيطة وسط شوارع امستردام ولاهاي وهارلم، حظه السيء عطل عليه الفرص في "الين" ..هل يعود إلى هناك أم يعود إلى مركز اللجوء وليكن ما يكون ... تمدد قليلا، راح في غفوة خفيفة، نام مضطربا حزينا" ص144، الراوي من خلال هذا المشهد يعبر عن حالة الألم التي يمر بها المغتر، وكأنه بها يريدنا أن نبتعد عن فكرة الهجرة، فهل أقنعنا هذا المشهد؟.
فنجد قسوة الحياة التي يمر بها "زين"، فالحصول على صفة (مهاجر) يتطلب منه البقاء في معسكر للمهاجرين هو اقرب منه إلى معتقل لمدة ثلاثة شهور، ومع هذا يتم رفض طلبه، بعدها نجده يقيم علاقات مع مجموعة من النساء "دالين، ميرا، ليزلي، كاتيا، ناسيا، لاسي،" حتى أنه ينجد طفلا من "ميرا"، يبدأ الشعور بالذنب تجاه زوجته ووليديه في امستردام، يبعث لزوجته أن تأتي إلى هولاندا، تأتي لكنها تغادر بعد ان وجدت صعوبة الحياة وبعد أن عرفت أن "زين" تزوج عليها.
وهنا نتوقف قليلا لأن الراوي لم يقنعنا بالمشهد الذي عرفت فيه "زوجة زين" هذا الخبر القاتل، حتى أنه يمر عليه مرور الكرام، وهذا يحسب على الرواية وليس لها، كما أن عدم ذكر أسم الزوجة، يشير إلى أن العقل الباطن للراوي ما زال يتعامل مع المرأة الشرقية على أنها (حرمة) يحذر النطق باسمها، علما بأنه سمى العديد من النساء الهولنديات وحدثنا عن علاقات حميمة معهن، وهذا ما يجعل الرواية تتحدث من الخارج، من خارج الراوي، أي يحدثنا عن احداث لا تعني له الكثير، لهذا لم يهتم في تناوله لحالة الصراع الداخلي عند "زين" وزوجته، ولم يدخلنا إلى عمق الحالة النفسية "زين" ومر عليها سريعا دون أن يقنعنا بأنه يتحدث عن إنسان يحيش حالة من الغربة، من صور الصراع هذه الصورة: " ماذا دهاك يا زين.. تربط مصيرك في هذا البلد مع "ليزلي" حتى إذا لم تكن قادرا على تحقيق طموحها تطردك كقط أجرب" ص124، كنا نتمنى على الراوي ان يترك "زين" يحدثنا أكثر عن مثل هذا المشاعر، لكنه سرعان ما يتدخل منهيا مثل هذا الحديث المهم والضروري لفهم طبيعة الغربة التي يمر بها "زين"، لينقلنا إلى صور من الخارج، كما هو الحال في هذه الصورة: "تنزوي (ليزلي) في غرفتها، يزحف (زين) إلى فراشها، مل هذه المعزوفة الاسترضائية، شعر بالمسافة تتباعد بينهما كما تتباعد حركة الايام من عمره" ص142، الهوة كبيرة بين المشهدين، ففي الأول نجد شخصية "زين" من يخبرنا بحالته/بألمه/ وهذا له وقع كبير على القارئ، بينما في المشهد الثاني، يحدثنا الراوي ـ من الخارج ـ كما نحن المتلقين، عن حالة "زين" فلا نتأثر كما هو الحال في المشهد الأول.
سنقدم مشهد آخر يوضح التدخل من الراوي ـ غير المريح ـ عندما يتعلق الأمر بمشاعر "زين": " لكن كيف اعود وأنا لا شيء..
ماذا أقول للناس هناك، سنوات الغربة، وزمن الرحيل، أيام التشرد..
لا ... سأبقى هنا..
وقف يدور حول نفسه، ظل شارد الذهن لساعات.. حتى إذا أقبل الليل حمل حقيبته وغادر الشقة.." ص242، يشعرنا الراوي بأنه يتهرب من الدخول إلى أعماق نفسية "زين" أو أنه يمارس سلطته ـ كسيد، كراو ـ على الشخصية بحيث يمنعها الاستمرار بما تشعر به، وهذا ما نجده في الراوي الذي هيمن بشكل مطلق على الاحداث، حتى أنه منع "زوجة زين" من أن تبدي رأيها أو موقفها فيما آلت إليه أحوالها، بعد أن جاءت إلى هولاندا وقبل أن تجيء، وهذا يعطينا فكرة الهيمنة الذكورية على شخصيات أناث في الشرق.
النهاية المفجعة "زين" عندما علم بوت طفله من "ميرا" ثم قراره بالعودة إلى الأشرفية في عمان، جاءت لتؤكد الفكرة التي أرادنا الراوي أن نصل إليها.
الرواية من منشورات دار الينابيع للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2004

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 128 مشاهدة
نشرت فى 29 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

مناقشة رواية "سكوربيو" في دار الفاروق
ضمن الجلسة نصف الشهرية التي تعقدها اللجنة الثقافية في دار الفاروق تمت مناقشة رواية "سكوربيو" للروائي المصري عادل فودة، وهي الرواية التي فازت في المركز الأول في مسابقة عزت الغزاوي للرواية التي أقامتها دار الفاروق وقد افتتح الجلسة الروائي "محمد عبد الله البيتاوي" الذي نوه إلى أن هذه الرواية قد حصلت على المتربة الأولى في مسابقة "عزت الغزاوي" للرواية، وهي رواية ذات حبكة متينة ولغة قوية، مما جعلها رواية مميزة، فالألفاظ الجزلة التي استخدمها الكاتب نمت عن عمق معرفته بأسرار اللغة العربية ورغم ذلك فإنه يمكن للقارئ أن يستدل على معاني بعض الكلمات التي تبدو له مغلقة من خلال سياق النص ,وهذه ميزة إضافية تحسب للرواية، كما أن أحدث "الجنس" التي تصاحب شخصية "عبد الله" لم تكن فجة كما نجده في كثير من الأعمال الأدبية وإنما هي فريدة ومميزة على صعيد الرواية العربية، فقليلة جدا الأعمال الروائية التي تعاملت مع موضوع الجنس بهذا الشكل.
ثم فتح باب النقاش فتحدثت الأستاذة "فاطمة عبد الله" فقالت: العنوان "سكوربيو/العقرب" وهو رمز للشر يثير الفزع في المتلقي، وهنا العقرب لم يكن متمثلا بشخصية "عبد الله" فحسب، بل أن الكاتب قد أورد بعضا من المعلومات العلمية عن العقرب كما هو الحال في الصفحة 260، إذ تحدث عن العقرب بتفاصيل علمية حقيقية، مما يعطي دلالة إلى أن الراوي متمكن من معلوماته عن العقرب والتي أسقطها على الرواية وعلى أحداثها وشخصياتها، فنجد أن شخصية البطل "عبد الله" يبدو وحيدا، يعتمد على نفسه في كل شيء، وكان يتخطى جميع الصعاب ليصل إلى هدفه، لكن الناحية الجنسية عنده كانت المهيمنة والمسيطرة عليه، من هنا يبدأ بث سمومه ولدغ الآخرين، فشخصية "عبد الله" تتماثل مع العقرب، من هنا نجده يستغل مرض أهل القرية يرفع رصيده ومركزه دون أن يراعي الناحية الإنسانية التي من المفترض عليه كطبيب أن يكون ملتزما أخلاقيا تجاه الناس.
أما بخصوص اللغة فهي لغة قوية وجزلة، وهي الأجمل والأمتع في الرواية، حتى أنني وجدت الراوي يميز لنا بين الأنف والمنخار، وهذا يشير إلى الثراء اللغوي عند الراوي، أما المكان فقد كان في الصعيد المصري، ثم انتقل إلى المدينة، وهذا يخدم فكرة سعة المكان في الرواية وتشعبه، وقد كان رائعا وهو يصف لنا حالة القرية عند الصباح وشروق الشمس وفي المساء وقت الغروب، كما أنه أشار إلى العديد من الشعراء والكتاب المصريين في الرواية، وهذا يعطي حافزا للقارئ ليتعرف على تلك الشخصيات.
وبعد ذلك تحدث الأستاذ "سامي مروح" قائلا: أن الرواية مصرية بامتياز، المكان يتناول الصعيد المصري، والزمان يبدو قريبا جدا من عصرنا/زماننا الآن، فنجد الراوي يتناول المكان بتفاصيل دقيقة جدا، مما يعرف القارئ على طبيعة القرية المصرية، ليس على صعيد الجغرافيا فحسب، بل أيضا على صعيد الحياة الاجتماعية والعلاقة بين الناس فيها، فالبساطة واستغلالها من قبل الانتهازيين والوصوليين أمثال "عبد الله" ظاهرة تتكرر في الحياة المصرية، ونجد الراوي ينوع في شخصياته خاصة الشخصيات النسائية التي جاءت بصورة ايجابية وسلبية "أم فؤاد وأم فرج" وهذا ما جعل الرواية لا تخرج عن طبيعة المجتمع المصري، فالرواية مصرية، ومصريتها واضحة ومعلم من معالم الرواية.
أما على صعيد اللغة فهي لغة قوية جدا، لكن وحدة اللغة التي جاءت بصورة واحدة في الرواية لم تعطينا صورة التميز والتنوع والتعدد في فصول الرواية، والراوي عندما طرح قضية الجنس جعل منه ما يشبه الإله الذي يسيطر على الأفراد بحيث يلغي أي حرية لها، والملفت للنظر أن الراوي قدم الأم/أمه بصورة سلبية وهذا نادر في الرواية العربية، حيث تأتي بشكل دائم بصورة ايجابية.
أما الأستاذ "نضال دروزة" فقال:إن المجتمع المصري من زمن الفراعنة فيه أسياد وعبيد، الفئة التي تملك المال والسلطة هي من ينشر الأفكار والقيم، الراوي أبدع في رسم صورة المجتمع المصري، وقدمه لنا كما هو على حقيقته، لكن بشكل أدبي روائي، وهذا ما يميز الرواية، فكانت المفاهيم ـ ظاهريا ـ تبدو جميلة وطيبة، لكن في حقيقتها كانت سوداء وقاسية ومتوحشة، فالطبيب "عبد الله" يمثل هذا التناقض بين الشكل والمضمون، بين الظاهر والباطن، بين الحقيقة والوهم، من هنا كانت الرواية تعري واقعنا، الواقع المصرين احد نماذج المجتمع العربي الذي ينزلق في مستنقع (الواقع/العصر)
أما الأستاذ رائد الحواري فتحدث عن العلاقة بين قسوة الأحداث وجمال اللغة، مبينا أن هذا الاستخدام الرائع للغة خفف من قسوة وسواد الأحداث الدامية، وهذا ما يجعل الرواية استثنائية، تقدم أحداثا وشخصيات سوداء بلغة وأسلوب جميل وسلس.
ثم تحدث الأستاذ عمار دويكات فقال:المتعة حاضرة في الرواية من خلال اللغة الفخمة التي يستخدمها الراوي، ونجد شخصية "عبد الله" شخصية مركبة وهي تهيمن على الأحداث الروائية بشكل مطلق، فالجنس هو السيد والمحرك الرئيس للأحداث وللشخصيات، أما البناء الروائي فهو قوي ومتين، كم نجد البحث العلمي، حاضرا فيما يتعلق بالنواحي الطبيعة في الرواية، لكن تقديم "أم عبد الله" التي خانت زوجها وقتلها أبنها يعد طرحا صعبا وقاسيا. وبالعودة إلى الغلاف فقد كان يمكن أن يضاف إليه وجه إنسان ليعطي إشارة إلى أن الأحداث متعلقة بالبشر وليس بالحشرات/الزواحف.
ثم قدم الأستاذ عمار دويكات ورقة نقدية كالملة تتناول الرواية بشكل تفصيلي وقد جاء فيها :
استطاع الكاتب وبكل جدارة في مقدمة الرواية أن يذهل القارئ ويستحثه على مواصلة القراءة ، لما فيها من متعة وجمالية ، فالمزج في هذه الرواية ما بين الواقع واللاواقع أضاف لها كاريزما خاصة بها ، وسريالية عميقة تبحث عن الذات في اللاوعي . بلا شك أن كل من يقرأ هذه الرواية ستذهله اللغة الرصينة والمتينة وسيقرأ كثيرا من الكلمات والتي قد يحسبُ أنها كتب خطئً ، لكنها هي من الكلمات الأصيلة في لغتنا العربية، وهذا يُحسب للكاتب . بطل الرواية شخصية مركبة، تسيطر على جميع أحداث الرواية، وتتطور منسجمة مع الأحداث المتتالية، فلم يحتاج الراوي لخلق شخصية موازية كي يسيطر على تتطور الأحداث وتغيرها في الرواية، فهذه الشخصية قامت بكل الأدوار الرئيسة في الرواية وكان لها نقطة السيادة . استطاع الكاتب وضع القضية الأخلاقية والمرتبطة بالجنس في أولويات الرواية ، موضحا السبب الرئيس لهذه الآفة المجتمعية ، ويكمن في التشرد والفقر والظلم الاجتماعي وعدم القدرة على احتضان هذه الفئة من الناس، نعم تموت الحرة ولا تأكل بثدييها ولكن هناك ظروف وعوامل تساعد على الضياع ، وهذا ما أراده الكاتب بروايته . البناء في الرواية كان منسجما ومتينا ، فالحبكة و الزمان والمكان والشخوص ، والحوار واللغة والتي كان بنقصها الزيادة في اللغة المحكية . وقد كان للبحث العلمي نصيبا في هذه الرواية ، وأشار إلى ذلك المرض الفتاك الذي يعصف بالمجتمع والذي لا يقل خطورة عن المرض الأخلاقي ، ولعل الكاتب أراد في اللاشعور أن يقول لنا أن البحث العلمي والاختراع يحتاجان إلى أناس صادقون يتمتعون بالمهنية والانتماء ، ولا يكون البحث من اجل المال والشهرة . لقد جعل الكاتب لكل شخصية سلبية في الرواية دافعها ، فمثلا بطل الرواية عبد الله ، كانت أمه خائنة لأبيه ، وكانت سندس أرملة تبحث عن حضن بعد حضن زوجها ، وأم عبد الله كان التشرد دافعها الكبير ، وسلمى كانت على أبواب السقوط إعجابا بجمالها، وحتى أم فرج كان الانتقام دافعها للإجرام ، وكذلك توفيق . فهل أراد الكاتب خلق المبرر لهؤلاء حتى لا نقسُوا عليهم، أم أراد فضح الواقع الذي نعيشه . فرسم لنا هالة سوداء تلتف حول المهنة الأكثر قداسة في الوجود وهي الطب ، فاغلب الشخوص الذي مارسوا هذه المهنة المقدسة في الرواية كانوا سلبيين ابتداءً من عبد الله مرورا بطبيب المستشفى مرورا بسلمى ومرورا بالموظف الذي اخذ الرشوة ، وهذا للأسف واقع مر نعانيه في بلادنا العربية . امتلكت الرواية لمحات تاريخية وعلمية أضافت لها القوة والاستمتاع للمتلقي والخروج من الرتابة المملة . أما بخصوص الغلاف ، لو أضيف إليه وجه رجل ووجه أمراه أو جسديهما بصورة تجريدية لكان أكثر إيحاء لمحتوى الرواية . في تقديري لقد وضع الكاتب نفسه وربما بغير قصد في دائرة الاتهام والمشاركة في الأحداث السلبية في الرواية وذلك في صفحة11 أثناء حواره مع سندس : إذن أنت من حملني على الرذيلة وجعلني اقتل أمي لا لست أنا انه عبد الله من فعل ذلك ...إلى هنا كان دفاع الكاتب في اللاوعي منطقيا .. ولكن حينما أضاف (وهي ليست أمك على أية حال) هنا شارك الكاتب عبد الله في أفعاله . فكأن الكاتب يبرر قتلها لأنها ليست أمها .. وهذه كبوة الحصان في الرواية . في عموم النص ، نحن أمام عمل روائي رائع ، يستحق كل التقدير ، ويجعلنا ننتظر من هذا الكاتب المزيد من الإبداع والتميز
وبعد ذلك تقرر أن تكون الجلسة القادمة يوم 7/7/2018 لمناقشة ديوان "جبل الريحان" للشاعر عبد الله صالح، علما بأن الديوان متوفر في دار الفاروق بفروعها في مدينة نابلس.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 137 مشاهدة
نشرت فى 26 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

الفانتازيا في قصة
"اسئلة صامتة"
سرحان الركابي
تعد الفانتازيا أحدى أهم الوسائل التي نعبر فيها عما نحمله على الواقع، فعندما تصل الأمور إلى مستوى لا يطاق، يتجه الكاتب/الشاعر إلى هذا النوع من الأدب، يعبر من خلاله عن سخطه على هذا الواقع/الحدث/الشخص/المكان/الزمن، والأهم في الفانتازيا أنها تعطينا المتعة رغم قساوة الفكرة/الحدث وحتى اللغة، لأنها أبعد من العقل، وتتجاوز الواقع، كما أن الدهشة التي تحدثها فينا تعد بحد ذاتها ميزة تحسب لهذا النوع من الأدب.
"سرحان الركابي" يعبر سخطه على تفشي حالة الموت من خلال حديثه عن شخص يجد جثة أمام بيته، وعندما يذهب إلى المخفر ليخبر عن الجريمة/الجثة، يقرر الضابط المسؤول أن يبعث فرقة للكشف عن الجثة/الجريمة، يتفاجأ الشخص المخبر أنها الجثة ترتدي نفس قميصه " فقد لمحت طرف قميصي قرب الجثة او فوقها , لا اعرف كيف , لكنه هناك فعلا ,
وحينما نظرت بفضول الى الرجل الميت رايته يرتدي قميصا من قمصاني , انه امر مرعب حقا 
يا الهي , انه قميصي فعلا , وانا اعرفه جيدا فذلك القميص هو الذي اشترته لي زوجتي بمناسبة عيد زواجنا العاشر , لكن كيف استطاع هذا الرجل الميت ان يرتدي قميصي ؟" هنا يبدأ المتلقي يفكر بأن هناك خيانة من قبل زوجة الشخص المخبر لزوجها، وإلا ما كان ليرتدي قميصه، ما كان أمام باب بيته، وعندما يجد الضابط الدهشة على محيا المخبر يسأله عنما إذا كان يعرف القتيل: "عاد الضابط وكرر اسئلته التي ظلت بلا جواب مني وانا شارد الذهن وافكر كيف وصل قميصي الى هذا الرجل الغريب ؟" التوقف عن القميص الذي ترتديه الجثة يعد أهم (تمويه) يحدثه القاص في القصة، فهو يأخذنا إلى فكرة خيانة الزوجة، وإلا لما ركز عيه كل هذا التركيز، لكن تتابع الاحداث تأتي بغير هذا التفكير، وتجعلنا نندهش من حقيقة ما يجري: "ورحت اتطلع في وجه الرجل المقتول علني اتعرف على ملامحه لكني صعقت مرة اخرى عندما اكتشفت انه يشبهني تماما , نعم انه يشبهني , ما هذا الرعب ؟ " وهنا أيضا يأخذنا التفكير إلى: لعل القتيل قريب/أخ المخبر، وإلا ما كان هذا الشبه، وهنا تكون الجريمة أشد وقعا وهولا على المخبر وعلى القارئ، فكيف يقوم الأخ بخيانة أخيه؟، ومع من مع زوجته!!.
إذا ما توقفنا هنا، يمكننا القول أن القصة أوصلت فكرة بشاعة الخيانة الأخ والخيانة الزوجية، لكن هناك هدف أبعد وأعمق من هذه الفكرة، والذي يتمثل موت الإنسان، موت المخبر نفسه، فهو ما يتحدث عن جثته هو، وليس عن جثة شخص آخر: "فيما انسحب رجال الشرطة تاركين الجثة ملقاة امام باب بيتنا , وعندما ركضت خلفهم كي اسالهم عن الجثة قال لي الضابط , عد الى المقبرة ايها الرجل , وعندما قلت له لماذا اعود الى المقبرة ؟ قال لي انت ميت منذ زمن بعيد فلماذا تتبعنا ؟"، وهنا تنتهي القصة بهذه الدهشة، بهذه والوقعة المدوية، لقد أصبح الجثث تخبر عن ذاتها، عن نفسها، وهذه اشارة إلى تعاظم ظاهرة الموت، بسبب أو بدون سبب، فربما يأتينا ونحن في عرس، أو في بيت عزاء، أو في السوق، أو في بيت الله، أو ونحن في بيوتنا، أليس هذا ما يحدث الآن في وطننا؟.
الجميل في القصة أن لغتها جاءت سلسة وبسيطة، وقدمت الحدث بطريقة تصاعدية، إلى أن أوصلتنا إلى الذروة، والمتمثلة بفكرة "الجثة الحية"، أو بالأحرى "الحي الموت"، الذي لم يجد له مكان يدفن فيه، لم يجد مكان في "المقبر" لكثرة الأموات، لهذا يبحث عمن يهتم بجثته. 
القصة منشورة على صفحة القاص على الفيس يوك.
وحينما نظرت بفضول الى الرجل الميت رايته يرتدي قميصا من قمصاني , انه امر مرعب حقا 
يا الهي , انه قميصي فعلا , وانا اعرفه جيدا فذلك القميص هو الذي اشترته لي زوجتي بمناسبة عيد زواجنا العاشر , لكن كيف استطاع هذا الرجل الميت ان يرتدي قميصي ؟" هنا يبدأ المتلقي يفكر بأن هناك خيانة من قبل زوجة الشخص المخبر لزوجها، وإلا ما كان ليرتدي قميصه، ما كان أمام باب بيته، وعندما يجد الضابط الدهشة على محيا المخبر يسأله عنما إذا كان يعرف القتيل: "عاد الضابط وكرر اسئلته التي ظلت بلا جواب مني وانا شارد الذهن وافكر كيف وصل قميصي الى هذا الرجل الغريب ؟" التوقف عن القميص الذي ترتديه الجثة يعد أهم (تمويه) يحدثه القاص في القصة، فهو يأخذنا إلى فكرة خيانة الزوجة، وإلا لما ركز عيه كل هذا التركيز، لكن تتابع الاحداث تأتي بغير هذا التفكير، وتجعلنا نندهش من حقيقة ما يجري: "ورحت اتطلع في وجه الرجل المقتول علني اتعرف على ملامحه لكني صعقت مرة اخرى عندما اكتشفت انه يشبهني تماما , نعم انه يشبهني , ما هذا الرعب ؟ " وهنا أيضا يأخذنا التفكير إلى: لعل القتيل قريب/أخ المخبر، وإلا ما كان هذا الشبه، وهنا تكون الجريمة أشد وقعا وهولا على المخبر وعلى القارئ، فكيف يقوم الأخ بخيانة أخيه؟، ومع من مع زوجته!!.
إذا ما توقفنا هنا، يمكننا القول أن القصة أوصلت فكرة بشاعة الخيانة الأخ والخيانة الزوجية، لكن هناك هدف أبعد وأعمق من هذه الفكرة، والذي يتمثل موت الإنسان، موت المخبر نفسه، فهو ما يتحدث عن جثته هو، وليس عن جثة شخص آخر: "فيما انسحب رجال الشرطة تاركين الجثة ملقاة امام باب بيتنا , وعندما ركضت خلفهم كي اسالهم عن الجثة قال لي الضابط , عد الى المقبرة ايها الرجل , وعندما قلت له لماذا اعود الى المقبرة ؟ قال لي انت ميت منذ زمن بعيد فلماذا تتبعنا ؟"، وهنا تنتهي القصة بهذه الدهشة، بهذه والوقعة المدوية، لقد أصبح الجثث تخبر عن ذاتها، عن نفسها، وهذه اشارة إلى تعاظم ظاهرة الموت، بسبب أو بدون سبب، فربما يأتينا ونحن في عرس، أو في بيت عزاء، أو في السوق، أو في بيت الله، أو ونحن في بيوتنا، أليس هذا ما يحدث الآن في وطننا؟.
الجميل في القصة أن لغتها جاءت سلسة وبسيطة، وقدمت الحدث بطريقة تصاعدية، إلى أن أوصلتنا إلى الذروة، والمتمثلة بفكرة "الجثة الحية"، أو بالأحرى "الحي الموت"، الذي لم يجد له مكان يدفن فيه، لم يجد مكان في "المقبر" لكثرة الأموات، لهذا يبحث عمن يهتم بجثته. 
القصة منشورة على صفحة القاص على الفيس يوك.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 99 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

أثر الكتابة في قصيدة
"قلم يَكْتُبك"
"كمال أبو حنيش"
قلنا، أن المرأة والكتابة والطبيعة والثورة عناصر تخفف من وطأة الواقع على الكاتب/الشاعر، فيمكن للكاتب/للشاعر أن يستخدم كل هذه العناصر أو واحدا منها ليزيل ما علق به من تعب الحياة، "كميل أبو حنيش" رجل أسير في سجون الاحتلال، ومحكوم بعدة المؤبدات، لكنه ما زال متشبث بالحياة، رافضا كل من يدعي بأننا عشاق (موت) ونبحث عن حياة أخرى في العالم الآخر، سنجد في هذه القصيدة ألفاظ وكلمات تؤكد حرص الشاعر على التشبث بالحياة، وعلى السعي نحوها رغم جدران الزنزانة.
فاتحة أي نص أدبي مهمة، لأنها تعطي المتلقي صورة أولية عما يريد تقديمه الكاتب/الشاعر، كما أن للعنوان وقع خاص على القارئ، فالعنوان يثيرنا ويحفزنا على معرفة (الحالة) التي يريد تقديمها لنا، وهذا ما يجعلنا نتساءل: لماذا يكتبك القلم "قلم يَكْتُبك"؟ يجيبنا الشاعر مباشرة بقوله:
"أحْتَاج لأفق أرحب
مِنْ هَذَا الأفق
الْمَسْكُون بِزفَرَاتِ الأرق"
الحديث عن الظرف/المكان/الحالة التي يمر بها الشاعر يجعلنا نتأكد وقع للمكان وللظرف عليه، والشاعر لا يكتفي بتناوله للألم الذي يثقل كاهله، بل يحدثنا عن هدفه/مبتغاه من التحرر من هذا المكان والظرف، يقول:
"لِكَيْ يَخْرج بُرْكان الْكَلِمَات
المتأججة بِجَوْفِي ...
أو حَتَّى انْطَلق كَمَّاء
يَتَبَخَّر تَحْتَ الشَّمْس
وَأمِضي مِثْل بَحَّار
يَتَكَاثَف فِي شَكْل سَحَابه ...
وأواصل سَيْري فِي الرّيح
وأمطر كَلِمَات تَرَوِّي
عَطَش الأشجار ...
ببستان الْقلب"
الشاعر يستخدم "الكلمات/الكتابة" كوسيلة للتحرر من واقعه وأيضا ليتقدم إلى الأمام، متجاوزا الزمن الذي توقف في الزنزانة، ومخترقا جدرانها، متناولا الطبيعة، من حلال حديثه عن الماء والسحاب والبخار، ثم مجدة يربط بين الكتابة والطبيعة من خلال: 
"وأمطر كَلِمَات تَرَوِّي
عَطَش الأشجار ...
ببستان الْقلب" 
يستوقفنا الحديث عن الماء، فهو عنصر الطهارة والذي ينقلنا من حالة فكرية/إيمانية/عقائدية/روحية وجسدية إلى حالة أخرى، هكذا جاء في الديانات السماوية، فالمسيحي يتعمد بالماء، والمسلم يغتسل، وجاء في الملاحم والاساطير القديمة أن الوحوش تتأنسن عندما تستحم بالماء، وهذا ما حدث مع "انكيدو" في ملحمة جلجامش.
الملفت للنظر أن الشاعر لا يستخدم الماء لطهارته هو، بل يجعل من نفسه الماء الذي تحتاجه الطبيعة وما عليها من كائنات، فهو هنا يتماثل مع فاعلية وأثر وحيوية الماء، وما يستوقفنا أن الشاعر ذكر حالتين للماء "المطر والبخار/السحاب" بمعنى الغاز والسائل، ولم يتناول حالة التجمد/الجليد، لماذا؟، وهل لهذا الأمر علاقة بوجوده داخل الزنزانة؟ فلم يرد أن يزيد من ألمه، من الألم الذي هو فيه، فاستثنى الحالة الثالثة للماء؟. المقطع الثاني يحدثنا عن أثر الكتابة عليه وعلى الحياة، حتى يبدو لنا فعل الكتابة الفعل الوحيد المخلص للشاعر:
"يَعْني ..
أن تتهيأ لاستفراغ الألم
السَّاكِنَ فِي أحشائك
أو لِاِسْتِخْرَاج ' الذَّهب الْخَالِص '
مِنْ بَيْن صُخُور" 
فالأثر الذي يخلفه فعل الكتابة مزدوج، التخلص من الألم، والتقدم بفرح/بأمل من الحياة.
من هنا نجد الشاعر يعطي القلم صفات علوية، أعلى من المكانة العادية للبشر:
"الْقَلَم طَبِيب يكشِّفُ عَنْ عِلَّتِكَ ...
يسألكَ بِمَاذَا تَشْعر ؟ مِمَ تتألم
تَخْجل أن تَتَفَوَّه قُدام الْقَلَم" هذا كلام منطقي وينسجم مع فكرة الشاعر عن الكتابة وأداتها "القلم" لكنه يفاجئنا بالمقطع التالي عندما قال:
"بِكُلِّ مَشَاعِركَ فَلِلْقَلَم وَقَاحَة عَاهِرَةٍ
لَا تَخْجل فِي جَسِّ الأسرار
النَّائِمَة عَلَى الْجَسَد ...
وَفِي أعماق الرّوْح ...
ثَمَّة أشياء لَا نَكَشِّفُهَا
ونخاف بَأن يَفَضَّحهَا الْقَلَم الثَّرْثَار"
نتساءل: كيف حدث هذا الانقلاب عند الشاعر، وجعله يستخدم لفظ "عاهرة"؟ وما هي المقدمات، الدواعي لهذا الانقلاب؟ اعتقد أن استخدام فعل "يسألك" اعاد إلى العقل الباطن للشاعر فترة التحقيق وما فيها من تعذيب جسدي ونفسي، فجعله يستخدم لفظ "عاهرة" كردة فعل لا اراديه عن تلك الفترة المؤلمة التي مر بها.
كما أننا نجد في المقطع الأول ما يدعم ما قلنا من خلال استخدامه:
"مِمَ تتألم
تَخْجل أن تَتَفَوَّه"
فنجد الألم وعدم التكلم/التفوه ما زالا حاضرين ومؤثرين في الشاعر، لهذا نجده يفقد اتزانه ويتفوه بلفظ "عاهرة وثرثار.
يقدمنا الشاعر أكثر من ألمه ووجعه وقهرة من خلال قوله:
" الْقَلَمِ كَرَشَّاش
يَخْرجُ مِنْه رَصَّاص الْكَلِمَات
فإن لَمْ تَضْبطْ صَمَامَ أمانه
أن لَمْ نتَحْكمْ بالسبابة
مِنْ فَوْق زِنادِه
قَدْ يجرّح أو يرْدي
مَنْ أحببناهم يَوْمَاً"
يبدو لنا وكأننا في معركة، فهناك رصاص، ورشاش، وزناد، وسبابة" وكلها تعطي صورة الجندي في المعركة، فمن أين جاء بها الشاعر؟ ولها لها علاقة بفعل "يسألك" السابق؟.
يستمر الشاعر في تقديم صورة القلم، حتى يبدو لنا وكأنه إنسان حقيقي:
"الْقَلَم كَثَائِر ...
يَتَمَنْطَقُ بِحزام نَاسِف
وَيُهَاجِمُ بِالْكَلِمَات حُصونَ الأعداء
يَزْرَعُ ألغاماً فِي دَرْب
لُصُوص الأوطان ...
وَيَحْمِي عَذْرَاء عَلَى وَشْكِ الْفَضِّ
عَلَى أيدي الْمُغْتَصبيْن
يَحْرسُ أحلام الْمَسْحُوقَيْن
وَيُسَيِّجُ كَرْم الآمال
لئلا تَخْتَالُ بِهِ
قُطعان الدَّجَالِين"
وهنا يبدأ الشاعر بالتعاطي مع القلم ككائن حي، ويرفع من مكانته ليُوصله إلى مكان مقدس، حتى يبدو لنا وكأنه يمجد هذا القلم الفاعل والمُحدث لكل هذا الخير ومزيل الفساد والمفسدين من الأرض:
"يا قَلَمَي يا كُلَّ الأشياء
أنقذني مِنْ نَفْسي
وَأكْتُبنّي فِي شَكْلِ قَصِيدَة
وَاُرْسمنّي فِي شَكْلِ حَمَّامه
وَاِجْعلنَّي كَالْزَّهْرَة تَتَفَتَّح
فِي آخر سَاعَات اللَّيْل
وَكَالْمَطَر الْهَاطِل فِي الأرض الْعَطْشَى" 
فقد منح القلم/الكتابة الشاعر الهدوء والسكينة، حتى أنه تحرر وتخلص وتجاوز حالة الألم، وأخذ يتحدث عن فكرة البياض الكامل، مستخدما ألفاظ بيضاء: "يا قلمي، وأكتبني، شكل، قصيدة، وارسمني، حمامة، كالزهرة، تتفتح، كالمطر، الأرض" كل هذا يعطي مدلول إلى أن الشعر تحرر من واقع ووقع الزنزانة وتفتحت روحه للحياة. 
لكن قبل أن انهي أشير إلى استخدام الشاعر للماء/للمطر في خاتمة القصيدة، وكأنه اراد بها أن يؤكد على دورة الحياة الجديدة، وعلى أن هناك حالة ستحل عليه من خلال المطر/الماء الذي سيغتسل/يرتوى منه.
ملاحظة: القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 23 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

التكثيف عند 
"عبود الجابري"
جميل أن يكون للشاعر لغة خاصة به، الشاعر "عبود الجابري" يخُط لنفسه لغة وأسلوب وطريقة ونهج في الشعر، بحيث أصبح يُعرف من شعره، حتى لو لم يضع اسمه على ما يكتبه، وهذا يحسب له، فاللغة (العادية) التي يستخدمها تعد بحد ذاتها ميزة وعلامة فارقة في شعره، فالقارئ يشعر أنه يتعمد الابتعاد على اللغة الكبيرة، لأن من يكتب بهذا الشكل وهذا الاسلوب، بالتأكيد يمتلك ذخر لغوي كبير، لكن "عبود الجابري" يريدنا أن نصل إلى الفكرة، فكرة عدم رضانا/ه عن واقعنا/حياتنا/حالنا/زماننا/مكاننا من خلال هذه اللغة التي تتماثل مع الحالة غير السوية التي نمر بها.
كما أن اسلوب الشاعر يعد تمرد وثورة على ما هو مألوف، سنجد في هذه الومضة نموذج حي لما يميز الشاعر: 
"أخبريني عندما ينام جيرانك
من الشّهداء 
فأنا أخجل أنْ يروني
عندما أصحبكِ 
في نزهةٍ قصيرة 
خارج المقبرة"
تبدو لغة المشهد عادية، لكن الأثر/الصدمة التي تحدثها يجعلها لغة غير عادية، فالشاعر يستفزنا ويثيرنا من خلال تناوله للجانب الأخلاقي الذي من خلاله يحثنا ويستنهضنا على الفعل، فالجوانب الأخلاقية هي العنصر الأهم في فكرة الشاعر، وليس أي سبب أخر، فهل نحن بحاجة إلى هذا الجانب؟ أم إنه متوفر ومتواجد فينا!!.
كما أن للفانتازيا التي جعلت الشهداء ينامون تعد خروج عن (العادي)، وجاءت المرأة التي يخاطبها ويصارحا بما في نفسه من مشاعر/احساس/ أفكار يجعل الومضة قريبة من القارئ رغم صعوبتها وقسوتها.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 107 مشاهدة
نشرت فى 23 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

الأصالة في كتاب
"سيرة الأرجوان والحبر الثوري"
حنا مقبل 
هناك فجوة بيني وبين الكتب السياسية، فقليلا ما أقرأها أو اقتنيها، ويعود ذلك لمجموعة أسباب، منها العقم الذي أوصلنا إليه الساسة في المنطقة العربية، وضياع حركة التحرر العربية في أتون الأحداث، بحيث لم نسمع صوتها ولم نرى فعلها على أرض الواقع، فعلها وصوتها المعارض والرافض لما يجري في منطقتنا من مؤامرات واحتلالات، بل على العكس من ذلك، وجدنا بعضها يشارك القوات المحتلة والرجعية في هجومها على أوطاننا، والحزب الشيوعي العراقي وحركة الاخوان المسلمين جاءوا على (بوز) الدبابة الأمريكية ليجعلوا العراق (ديمقراطيا)!!، وكان كان.
وإذا ما تناولنا احوالنا في فلسطين فهي أيضا لا تصر إلا العدو، فقد تحولت تنظيماتنا الثورية إلى شركات ومؤسسات تبحث عن الدعم من مؤسسات المجتمع المدني الأوروبي، بحيث لم يعد من الشعارات التي طرحت أي كلمة، وهذا أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت الفلسطينيين يتقهقرون في مواقفهم وفي سلوكهم، أما في سورية الصامدة واليمن الجريح وليبيا الممزقة ومصر التي تعاني الفقر، والتونس التي لا تجد من يغطي مصاريفها، ودول الخليج التي انكشفت عورتها على العامة قبل الخاصة، كل هذا يجعلنا نتبعد عن الكتب السياسية والمناقشات.
لكن صديقي "جمعة الرفاعي" قدم لنا هذا الكتاب بطريقة عادية، ولم أكن أريد أن حتى فتحه، لكن لا أدري كيف جاءتني قوة/طاقة تحفزني على التقرب من الكتاب، وما أن قرأت مقدمة "رشاد أبو شاور" حتى وجدتني أتقدم من الكتاب بشهية غير عادية، وبعد أن بدأت في قراءة مقالات "حنا مقبل" وجدت نفسي أمام تاريخ نقي وبهي للثورة الفلسطينية، تاريخ نحن في أمس الحاجة إليه الآن، لنتقدم من جديد من عالنا الحقيقي، عالم العطاء والتضحية ونكران الذات، وليس عالم الأخذ والمكاسب الشخصية، كما أن أسلوب "حنا مقبل" اسلوب يجذب المتلقي ويجعله يتماهى مع المقال، والعجيب في الكتاب أنه مجرد مقالات سياسية كتبت قبل ما يقارب الأربعين عاما، وهي بحكم الواقع مقالات ميتة، لأنها سياسية أولا، ولأن عمرها الزمني انتهى ثانيا، ولأن احداثها وشخصياتها رحلت ثالثا، وهذا ما يجعل كتاب "سيرة الأرجوان والحبر الثوري" مميز، مقالات سياسية، وقديمة، ومع هذا تجعلنا نتوقف عندها، فما السر في ذلك؟ وما هي القدرات التي يمتلكها "حنا مقبل" لتكون مقالاته السياسية تأخذ مكانة كما هو الحال في الأعمال الأدبية تماما وحتى أكثر؟، من هنا تكمن أهمية الكتاب والكاتب.
كمال ناصر
هناك علاقة وطيدة بين "كمال ناصر وحنا مقبل"، فالأول كان المعلم والقائد، والثاني خطى خطاه، لهذا نجدهما يتماثلان في العطاء، وفي الإخلاص والوفاء والأبداع، يخبرنا التلميذ عن معلمه فيقول: "لم يكن عضوا في تنظيم، ولكنه كان يسمح لنفسه أن يتدخل في شؤن كل التنظيمات من منطلق المحبة والحرص على الوحدة" ص308.
"...كان شعاره الإعلام للثورة لا لأي فصيل ولا لأي شخص" ص309.
"وقلائل هم الذين يعرفون أن كمال عندما استشهد خلف وراءه ديونا كثيرة
وقلائل هم الذين يعرفون أن كمال لم يستطع أن يشتري سيارة إلا عندما قررت اللجنة التنفيذية التبرع له بسيارة، قدمتها إحدى التنظيمات..
وقلائل هم الذين يعرفون أن كمال ناصر كان لا يستطيع أن يدفع أجرة شقته لولا خمسمئة ليرة لبنانية شهريا كان يتقاضاها من تنظيم معين" ص310.
ومن أقواله: "علينا أن ندرك أن الثورة بدون فكر هي مجموعة من العصابات" ص344.
وعندما تم بحث اسم المجلة الناطقة باسم الثورة الفلسطينية قال: "طرح اسم المجلة للبحث وتعددت الاقتراحات .. وكنها في معظمها كانت حول كلمة فلسطين ... وسكت كمال طويلا .. ثم قال وجدت الاسم: فلسطين الثورة" ص344، وهو اسم المجلة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبخوص تعامله مع الزملاء في هيئة التحرير: "...وإذا رأيتم إدخال أي تعديل لا تتحرجوا .. أفعلوا ذلك ولكن أخبروني عنه...إننا نعمل أسرة واحدة" ص346. 
وبخوص إنسانية هذا القائد: " مرتان رأيت فيها كمال ناصر يبكي..
المرأة الأولى: عندما استشهد غسان كنفاني
... وبدأ يقرأ:
لو تجدي الكلمات لاستنهضتك من لحدك
كان يرتجف وهو يقرأ..
والمرة الثانية:
كانت عندما جاءت أمه من بيرزيت ..
اصطحبها معه إلى مكتبه في دائرة الاعلام ..دعا كل جهاز مكتبه ليجلسوا معها.. عرفهم عليها واحدا واحدا..
...يسألها عن حواكير بيرزيت، عن شوارعها، عن زيتونها، عن الأهل والخلان.. كان يسأل عن كل شيء ... ويتلذذ بسماع كل شيء.
قال: لقد سافرت .. أتعرف، عندما ودعتها شعرت أنه الوداع الأخير .. لقد كبرت أمي.. وبكى يومها كمال" ص349و350.
هذا الوفاء من التلميذ للمعلم، يشير إلى أن العمل الوطني الفلسطيني كان عملا طاهرا كطهارة الأرض والأنبياء، وواهما كل من يعتقد أننا كنا مجرد ناس عاديين، بل كنا عمالقة، عمالقة بإنسانيتنا وعطاءنا ومواقفنا وفعلنا، لهذا علينا التقدم من جديد إلى تلك الجذور النقية والصافية، فبدونها لن نستطيع التقدم خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح.
الاردن وأيلول 
من يقرأ كتاب " سيرة الأرجوان والحبر الثوري" يعلم حجم الضربة التي تلقاها الشعب الفلسطيني في أيلول، والأثر السلبي على الثورة الفلسطينية، فنجد العيد من المقالات تذكر ما حدث في أيلول وبحسرة، وكأن تلك الأحداث هي التي قسمت ظهر الفلسطيني وثورته، فما هو السبب وراء هذه الحسرة والألم؟ يجيبنا "حنا مقبل: "كانت دائما في مخيلته جريدة ن فتح، المتواضعة شكلا وطباعة وإخراجا، والتي وصل رقم مبيعاتها أكثر من مئة ألف نسخية يوميا.. .
نكرر، كانت تبيع مئة ألف نسخة..
فماذا لو كانت توزع مجانا..؟!" ص99، إذن المد الثوري في الأردن كان في ذروته، حيث أن هناك أكبر تجمع للفلسطينيين في الأردن، كما يوجد اطول حدود مواجهة مع فلسطين المحتلة، كل هذا جعل من احداث أيلول غصة لم تفارق وجدان أي فلسطيني، وهذا ما جعل "كمال ناصر" يقول: "أنا ضد الإرهاب..
الشاعر لا يمكن أن يكون مع الإرهاب.. ولكني لا استطيع إلا أن افهم ظاهرة أيلول الأسود" ص347و348. 
وعندما كانت أوضاع الفلسطينيين في لبنان تسوء، لم يجدوها أسوء مما حدث في أيلول، رغم أنها في لبنان كانت أطول بكثير من مأساتهم في الأردن، في الأردن خلعوا من أقرب مكان يُوصلهم إلى فلسطين الوطن، ويربطهم بشعبهم، يقول "حنا مقبل": "أمام الفلسطيني تجربة غنية .. تعلم منها جيدا.. ولن تتكرر مأساة الأردن..
لن تتكرر أبدا" ص117
ونجد الموقف السلبي المطلق من النظام الأردني من خلال ما فعله بالمناضلين الفلسطينيين والعرب: "..اعتقال ثلاثة من الفدائيين بعد أن طاردتهم بالسلاح لتمنعهم من دخول الأرض المحتلة.
... ففي سجون الأردن مئات منهم...
...من قمع ثورة رشيد علي الكيلاني في العراق والتآمر على وحدة مصر وسوريا وانتهاء بدوره التخاذلي في حرب تشرين .. مرورا ببحور الدم عبر حرب الإبادة في أيلول ومجازر جرش!" ص166و167 .
أما عن الأحوال التي عاشها الفلسطيني في ظل النظام الأردني فيقول عنها: "وكان وقتها يكفي أن تسمع لإذاعة صوت العرب، طيب الله ثراها، حتى تكون زنديقا شيوعيا خائنا تستحق السجن .. وانت وصاحب الراديو وصاحب المحل الذي باع الراديو.. وصانع الراديو أيضا إذا استطاعوا الوصول إليه!!" ص175.لهذا نجد الموقف المتناقض بين النظام الرسمي العربي والثورة الفلسطينية، فهناك تناقض في الاتجاه والسلوك والفعل والتفكير، وما يحسب للثورة الفلسطينية أنها رفضت الهزيمة أو الاستسلام في حرب 67: "وعندما صمت كل الرصاص في حزيران، وحده الرصاص الفلسطيني ظل يقاتل..
وإذاعة دمشق التي كانت تذيع بيانات الموافقة على وقف إطلاق النار.. كانت تذيع أيضا بلاغات الثوار الفلسطينيين" ص153. 
احتلال القدس
القدس، عاصمة الفلسطيني، التي خذلها النظام الرسمي العربي، تعد من الضربات الموجعة التي وجهة للفلسطيني ولفلسطين، فعندما واجه الفلسطيني بسلاحه المتواضع الجيش الذي لا يقهر في الكرامة، وأوقع به شر هزيمة، تأكد أكثر، لو كانت هناك جيوش تقاوم في القدس لما تم احتلالها، يحدثنا "حنا مقبل" عن الظروف التي سبقت احتلال القدس: "... قال الملك: لا تخافوا، هناك فرقة كاملة من الجيش الأردني مهمتها الدفاع عن القدس!!
قيل للملك: ولكن لماذا لا يجري تسليح جماهير القدس لتدافع عن مدينتها إذا ما تعرضت للعدوان؟!
أجاب: اطمئنوا لن يدخل اليهود القدس إلا على جثتي!
... ذهب وفد منهم إلى نحافظ القدس يطلب السلاح.. وذهبت وفود أخرى تدق أبواب المسؤولين "أعطونا ما نحارب به.."
... وكان الجواب سنتصل بعمان ... سنرتب كل الأمور ..! 
قد تندلع الحرب في أية لحظة..
في الخامس من حزيران بدأ توزيع بضع بنادق!
ولكن الفرصة كانت قد ضاعت..
والفرقة المفروض أنها تدافع عن القدس.. لم تكن أكثر من كتيبة ألقت السلاح وراح جنودها يبحثون عن لباس مدني ليهربوا باتجاه النهر.. وازدهرت يومها ثياب النساء!! وكان من الطبيعي أن تسقط القدس بدون مقاومة تذكر .. فشبابها كان دائما في السجون.. وكان وجود طلقة واحدة في أي بيت كفيلا بهدم حياة البيت كله.
لم يدافع النظام الأردني عن القدس.. ولم يبذل أي جهد لحمايتها بل أكثر من ذلك افقدها قدرتها الدفاعية، وقدراتها الحياتية، أيضا، فعمل على نقل ما فيها من مصانع إلى عمان.. وكان يرفض إقامة أي مشروع حيوي فيها، مصرا على أن تكون عمان مقر كل المشاريع" ص134و135، لهذا كان هناك موقف حاسم من النظام الرسمي العربي، فهو من ساهم ومهد لاحتلال المدينة، إن كان قبل الحرب أو أثناء الحرب.
من هنا نقول أننا أمام كتاب مهم مجدا، لمعرفة حال وواقع الثورة الفلسطينية، وحال النظام الرسمي العربي تجاه قضايانا المصيرية.
الاخوان المسلمين
رغم أن الكتاب يتجاوز خمسمئة صفحة إلا أن الكاتب لا يتطرق إلى الاخوان المسلمين إلا في مواقف واحد، وهذا الأمر يشير إلى أنهم لم يكن لهم أية فاعلية على أرض الواقع، على أرض الثورة الفلسطينية، فلم تكن تهميهم قضية فلسطين، لا من ناحية وطنية ولا من ناحية دينية، فهم كانوا في سبات (أهل الكهف) يتقلبون في كهفهم ذات اليمن وذات الشمال، يرجون أن يأتي الله بأمره، فيتكلم الحجر والشجر ويقولان: "يا مسلم تعال، خلفي يهودي، تعال فقتله".
إلا أن هذه العزلة لم تكن كاملة في الكهف، بل كانوا أحيانا يخرجون فيتكلمون بكلام يعبر عن حرصهم وتعلقهم بالدين القويم، فبماذا تكلموا؟ وبماذا تحدثوا؟:
"وعندما كتبت إحدى المجلات الكويتية افتتاحية ضد قيادة الثورة لأنها تسلم إعلامها لكمال ناصر ـ المسيحي ـ غضب كمال، لكنه أيضا تصرف بحكمة المسؤول، قال أنا أعرف كاتب المقال وأعرف أنه موظف عند أحد قادة الاخوان المسلمين الذين تسللوا في غفلة من الزمن إلى موقع "نضالي"" ص308. 
الكتاب من منشورات التحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، الطبعة الأولى 2017.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 19 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

الموضوعية في كتاب
"تطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي"
ماهر الشريف
عندما يحمل الكتب فكرا معينا ثم يكتب في تجاه آخر، لا بد له أن ينحاز لاتجاهه، لكن "ماهر الشريف" في هذا الكاتب يتجاوز هذه المقولة ويقدم لنا كتابا بموضوعية عالية، فنجده كاتبا متخصصا في الكتابات الإسلامية وليس الماركسية، واعتقد أن هذا الكتاب بصرف النظر عن المادية التي يقدمها، يعتبر نموذجا للكتابة المحايدة والموضوعية، حيث أن الكاتب يقدم أفكار العديد ممن تناولوا موضوع الجهاد في الإسلام، وبحيادة مطلقة، بحيث يعزل نفسه عما يقدمه من أفكار، وهذا بحد ذاته يحسب للكاتب,
كما أن موضوع الجهاد طويل وشائك، لكن "ماهر الشريف" المتمرس يستطيع أن يقدم مادته بشكل سلس ومختزل وواضح، وهذا أيضا مما يحسب للكاتب وللكتاب، يبدأ الكاتب في توضيح التباينات في مفهوم الجهاد منذ الأوزاعي وأبو حنيفة: "رد الأوزاعي بأن فقها العراق لا يحق لهم معالجة مسائل الحرب ضد الكفار بينما سورية هي التي تخوض المواجهة مع بيزنطة وهي أرض الجهاد، معلنا معارضته طروحات الإمام أبي حنيفة التي وجدها متعارضة مع الممارسة المتواصلة للمسلمين" ص28، وكأن الكتاب من خلال هذه الحدث يريد أن يفتح باب الاجتهاد والعقل أمام مسألة حيوية في الفكر الإسلامي، فلا يجوز أن نختزلها بقول أو بموقف لشخص معين، فهي مسألة خلافية وها هو الاوزاعي يعارض أبو حنيفة في الاجتهاد.
بعدها يأخذنا إلى ما قاله "ابن تيمة" والظرف الموضوعي الذي تحدث من خلاله عن الجهاد، فيقول: "أفضت حروب الدفاع التي خاضها المسلمين ضد غزوات الصليبيين ثم مواجهة المغول، إلى إحياء سني، جمع بين الدعوة إلى الجهاد وبين اتخاذ موقف حازم من المنشقين داخل الإسلام" ص34، نلاحظ أن الكاتب يهتم بالظرف التي واكبت أقوال المجتهدين في الجهاد، فكل ما يصدر عنهم يخضع للظرف وللواقع الذي يمرون به، من هنا علينا نحن المتلقين أن نتفهم هذا الأمر، لكي نكون منفتحين ومتفهمين على ما يقدموه لنا من اجتهادات وأفكار، وأن لا نأخذها على أنها كلام مقدس، بل هي تخضع للظرف العام، وللحالة النفسية التي يمر بها المجتهد.
في الفصل الثاني يحدثا عن مفهوم الجهاد عند رواد الإصلاح الديني، من "جمال الديني الأفغاني" الذي يقول عن الحرب: "أن الحرب هي من أقبح أعمال الإنسان على الأرض" ص56، و"محمد عبدو" الذي تقدم أكثر نحو الحرية الفكرية فقال عن الاختلاف في وجهات النظر: "أشار الأمام إلى أن الأصل الثالث للإسلام هو البعد عن التطفير، معتبرا أنه إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حُمل على الإيمان ولا يجوز حمله على الكفر" ص62، وكأن "ماهر الشريف" كان يشعر بأن هناك طوفان التكفيرين قادم علينا وبقوة، فأراد أن يوضح لهؤلاء التفكيرين أنهم على خطأ.
ويحدثنا عم "علي عبد الرازق" الذي قول عن الجهاد: "أن هذا الجهاد لم يكن لمجرد الدعوة إلى الدين، ولا لحمل الناس على الإيمان بالله ورسوله، وإنما كان لتثبيت السلطان وتوسيع الملك" ص73، و"عبد العزيز الثعالبي" الذي قال عن الاختلاف في الدين: "...بان الإسلام قد جاء للبشرية جمعاء من أجل تحقيق التقارب بين الاس وجلب المنفعة إلى الجميع، ولكونه قد اعترف بالديانتين اليهودية والمسيحية، فقد دعا معتنقيه إلى احترام معتقدات أهل هاتين الديانتين السماويتين" ص79. 
بعدها يأخذنا إلى "محمد رشيد رضا" وكيف انقلب في تفكيره، وأصبح متشهد في مفهوم الجهاد، وموضحا أن هذا التحول كان نتيجة الظروف الموضوعية التي مرت بها بلاد العرب بعد أن احتلها وتقاسمها كلا من الانجليز والفرنسيين والايطاليين، مما جعله ينظر إلى ما يحدث في الجزيرة العربية من تمدد للحركة الوهابية بعين الرضا والأمل في خلاص العرب والمسلمين مما لحق بهم: " ..معتبرا أن أهل نجد أشد مسلمي هذا العصر اعتصاما بما يعملون من كتاب الله وسنة رسوله (ص) وابعدتهم عن الخلافات والبدع التي أفسدت على أكثر المسلمين دينهم ودنياهم، وأن الدولة التي أقامها الوهابيون قد أدخلت الإسلام في طور جديد وفتحت المجال أمام تجديد هدية وإعادة مجده" ص111، ولا بد لنا أن نتوقف قليلا لمعرفة التغييرات والتحولات الفكرية التي جرت عند "محمد رشيد رضا" فهذا الرجل الذي تتلمذ على أفكار "جمال الدين الافغاني ومحمد عبدو" تدفعه ظروف الاحتلال الغربي إلى حمل أفكار تتماثل وطبيعة الظرف، وكأن الظرف هو الذي يملي على المجتهدين والمفكرين الأفكار، وهذا أهم ما جاء في الكتاب، فلكل مجتهد ومفكر حالته الخاصة التي جعلته يأخذ هذا الاتجاه أو ذاك.
أما "حسن البنا" السياسي المحنك، والذي تنامى بتفكيره كلما حقق مساكب على الأرض ورفع من مطالبه وتصريحاته الفكرية إلى أن وصل في مطالبه: "إلى الشروع في مقاطعة المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي، وكذلك الأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناقض الفكر الإسلامي مقاطعة تمامة" ص131، وبعد هذه المقاطعة نجده يتحدث عن الجهاد وضرورته للمسلمين: "أن القتال قد فرض على المسلمين لا أداة للعدوان ولا وسيلة للمطامع الشخصي، إنما لحماية الدعوة وأداء الرسالة الكبرى التي حمل عبئها المسلمين، رسالة هداية الناس إلى الحق والعدل، فالمسلم عندما كان يخرج للقتال لم يكن في نفسه سوى أمر واحد، هو أن يجاهد لتكون كلمة الله هي العليا" ص134.
ويحدثنا عن "أبو علي المودودي" مرورا ب"سيد قطب" الذي تحدث عن المجتمع بهذه الصيغة: "إلى انفصال لجماعة المؤمنة التي تمثل وحدها الإيمان عن المجتمعات باتت تمثل الكفر" ص153، وتتصاعد لغة المواجهة عند "سيد قطب" من خلال نظرته لوجوب المواجهة مع الكفار في المجتمع من خلال: "...معتبرا أن القرآن إذ يدعو المسلم إلى المسامحة مع أهل الكتاب الذين يعيشون في المجتمع المسلم، إلا أنه ينهاه عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف معهم، أما الذين يحالون تميع هذه المفاصلة الحاسمة باسم التسامح والتقرب بين أهل الأديان السماوية فهم في رأيه يخطئون في فهم معنى الأديان كما يخطئون في فهم التسامح، حيث أن التسامح يكون في المعاملات الشخصية لا في التصور الاعتقادي ولا في النظام الاجتماعي" ص155و156.
أما "عبد الله عزام" الذي تحدث عن الجهاد ومارسه فعليا في افغانستان يقول عنه: "...بوصفه عبادة جماعية يحتاج إلى أمير واحد يقوده، ويجمع جمهور المؤمنين حوله" ص173، ويبرر لنا جهاده في افغانستان تاركا الجهاد في فلسطين بقوله: "... أن فلسطين تبقى هي القلب النابض وهي مقدمة على افغانستان في أذهاننا وقلوبنا وفي مشاعرنا وعقيدتنا، إلا أن استحالة الجهاد في فلسطين بسبب القيود وحراس الحدود وفرض الحظر على مزاولة عبادة القتال في أرض المسجد الأقصى قد دفعه كما ـ تابع ـ هو واخواته إلى الانتقال المؤقت إلى افغانستان " ص177، لا بد لنا أن نتوقف قليلا عند هذا الرجل وما صدر عنه، لأنه المؤسس الحقيقي لفعل الجهاد، فبعد أن قُتل استلم تلميذاه "الظواهري وبن لادن" زمام المبادرة، واللذان أسسا القاعدة، ثم الدواعش والنصرة لاحقا.
... لم تكن حدود فلسطين مغلقة أمام الجهاد، فحدود لبنان كانت مفتوحة لكل من يريد أن يعمل لفلسطين، وكلنا يعلم أن "عزام" دعا للجهاد في افغانستان وكان لبنان يتعرض لأطول واشرس حرب نظامية خاضتها إسرائيل في تاريخها، حيث استمر حصار بيروت 82 ويوما كاملا، وكان من الممكن لأي جهة أو جماعة أو فرد أن يقدم المساعدة للبنان ولفلسطين، لكن الأجندة الخارجية التي عمل من خلالها عبدالله عزام جعلته يقدم هذه التبريرات والتي تثير العاطفة وليس العقل.
وثم يحدثنا عن "علي بن نفيع العُلياني" المتشدد في مفهومه للجاهد، حتى أنه يرفض أي لقاء مع الآخر لنه يجده بهذه الصورة: "...وساهموا في تشجيع الدعوات الخبيثة التي تهدم الدين وتفرغ الجهاد الإسلامي من محتواه، كالدعوة إلى الإنسانية، كالدعوة إلى القومية، والدعوة إلى الوطنية، والدعوة الإنسانية، والدعوة إل التقريب بين الأديان والدعوة إلى السلام العالمي والتعايش السلمي" 195.
وتحدث عن "محمد سعيد رمضان البوطي" والذي امتاز بالتفكير العقلي والهادئ الذي قال: "أن علاج الكفر لا يمكن أن يتم إلا بالعدوة والتبليغ والحوار" ص199. 
ويقول عن "إبراهيم النعمة": "فالقتال إذن بالنسبة إلى الإسلام وسيلة لا غاية" ص207.
ويقول عن "وهبي الزحيلي" الذي قال: "...ذلك أن الدعوة إلى الإسلام عن طريق الإكراه ممنوع بنص القرآن الكريم "لا اكراه في الدين"" ص212.
ويحدثنا عن "يوسف القرضاوي"، وعن مفكري الشيعية من خلال "آية ألله محمد المؤمن" و"محمد فضل الله"، وينقنا إلى المصلحين الجدد من أمثال "محمد مهدي شمس الدين، وجودت سعيد، وخليل عبد الكريم، ومحمد شحرور" وهذا الأخير يمثل ظاهرة تجديد في الفكر الإسلامي، حيث يتحرر كليا مما وصلنا من السلف، معتبرا أننا نعيش في عصر يختلف كليا عن العصور التي سبقتنا، من هنا علينا أن نأخذ هذا المهم في نظرتنا لكافة القضايا المطروحة: ...وجود مشكلة في الثقافة الدينية، نابعة من كون المسلمين "عبيد للسلف" يجلسون عند أقادم ابن عباس أو أقدام الشافعي، ويتبنون النظام المعرفي الفقهي الذي تبلور في القرن الثاني الهجري، حيث تحول الفقه منذ محمد بن إدريس الشافعي إلى دين وإلى شرع يحكم الحياة اليومية للإنسان بكل تفاصيلها، معتبرا أن هذا الإمام قد اختزل الإسلام إلى:
أولا: اختزال التاريخ بالسنوات العشر للرسول في المدينة
ثانيا: اختزال الجغرافيا، بحيث أم كل ما حدث في الدينة المنورة خلال هذه السنوات يجب أن يفرض على العالم كله. 
ثالثا: اختزال مشاكل العالم، بحيث أن كل ما سيحدث في العالم لاحقا قد حدث مثله في المدينة المنورة ، ومن هنا جاء القياس.
رابعا: اختزال البشرية في بضعة آلاف من الصحابة والمسلمين الذين عاشوا مع الرسول أو بعده في المدينة" ص282و283.
اعتقد بأن هذا الكتاب المحايد والموضوعي يعتبر من الكتب النادرة التي تحدثت عن مفهوم الجهاد وعن الذين تحدثوا فيه بحياده مطلقة.
الكتاب من منشورات دار المدى للثقافة والنشر، سورية، دمشق

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 140 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

(المختار من شعراء التصوف وعيون الشعرالصوفي )
.
د فالح الكيلاني
.
كتاب جديد لي سيصدر قريبا عن دار دجـــلـــة ناشــــــرون وموزعــــون في عمان- الاردن بمجلد واحد ويقع الكتاب في \ 300 صفحة وهذه السطور من (بين يدي الكتاب )ا
.
التصوف : هو تجربة روحية خالصة او هو حال يعانيها الصوفي من خلال توجهه الى خالقه تعالى لعبادته تحتمل الحقيقة والصدق وسمت مستقيم في سبيل الوصول الى الغاية المرجوة ويقصد به تزكية الارواح والنفوس وصفاء الافئدة والقلوب واصلاح الاخلاق والوصول الى مرتبة الاحسان وله من الصفات والخصائص ما يميزها عن غيرها من الانفعالات النفسية الانسانية فهو – كما اعتقد - صورة لمعراج النفس الانسانية في الارتقاء الى المستوى المرجو نحو هدفها الاسمى وهو بعد ذلك اروع صفحة – في نظري - تتجلى فيها الروحانية والنصيب ا و الاتجاه المشرق والعميق في توجيه الروحية الانسانية وخاصة في توجيه وتربية الحياة الروحية في الاسلام لاحظ هذه الابيات التي لا نعرف قائلها :
قَوْمٌ هُمـومُهـمُ بِاللَّهِ قَدْ عَلَقتْ 
فَمَا لَهُمْ هِمَــمٌ تَسْمُوا إلىَ أَحَدِ
فَمَطْلَـبُ القَوْمِ مَوْلاَهُمْ وَسَيِّدَهُمْ 
يَا حُسْنَ مَطْلَبِهِـمْ لِلْوَاحِد الاحد
مَـا إنْ تَنَازَعَـهُمْ دُنْيَا وَ لاَشَرَفٌ 
مِنَ الْمَطَـــاعِمِ وَاللَّذَّاتِ وَالْوَلَدِ
وَلاَ لِلُبْسِ ثِيَـــابٍ فَائِـقٍ أَنِقِ 
وَلاَ لِـرَوْحِ سُرُورٍ حَـلَّ فى بَلَدِ
إلاَّ مُسَـــارَعَـةً فِى إثْرِ مَنْزِلَةٍ 
قدْ قَارَبَ الْخَطْوَ فِيهَـا بَاعِدُ الأَبَدِ
فَهُمْ رَهَــائِنُ غُـدْرَانٍ وَأَوْدِيَةٍ 
وَفِى الشَّوَامِخِ تَلْقَاهُمْ مَعَ الْعَدَدِ
والعجيب في التصوف انه ملائم و شامل لكل المعتقدات والنزعات النفسية في طوح المرء نحو ربه او معبوده لا علاقة له بدين معين او بمذهب من المذاهب او بفرقة من الفرق فهو شامل وموجود في الجميع فهو الاحساس النفسي والشعور الذاتي المتوقد في الفكر الانساني نحو الرب او الاله الواحد الاحد ويمثله بيع النفس روحيتها الى بارئها مقابل الجزاء الاوفي في العالم الاخر.
والتصوف الاسلامي هو ذلك الاحساس الذي يرسم الصورة الحقيقية الشاملة لهذا الدين ويجمع بين هذه الحال وبين الاصول والنصوص او بين التفسيرات والتا ويلات , ويفند مزاعم ومآخذ الاخرين عليه من الذين ينكرون على المتصوفين حالاتهم ومقاماتهم وامورهم . فهو قبس من نور في هذا العالم يسري في نفوس وافئدة المتصوفين وسناء نور ينير السبيل امامهم لنيل مرادهم وما تصبوا اليه نفوسهم المتعلقة بربها والتي تطمح ان تنال رضاه واحسانه وهو الهدف الذي يهدفون ويكرسون حياتهم فيه حتى يتم الوصول من خلال طريق حالة روحية خاصة يدركونها ادراكا مباشرا ذوقيا لهم وحدهم دون غيرهم.
ومن هنا كانت كل الاساليب – رغم اختلافها- التي عبر بها طلاب الحقيقة ومهما تباينت الاسماء والمسميات التي يطلقونها عليها وبها فان الصوفيين هم وحدهم الذين يذكرون صراحة انهم شاهدوا هذه الحقيقة وجها لوجه واتصلوا بها اتصالا روحيا . لذا نرى في دعواهم نغمة من اليقين المحض وصـدق الايمان الخالص فطالب الحقيقة يطلبها غنية ثرة في ذاتها وجودا غير متناهٍ خارجا عن حدود الزمان والمكان . وقد تجاوز العقل البشري في طلبه للحقيقة الالهية او الحقيقة العلوية كل مقولات العالم المحسوس واخذ نفسه بالبحث عن روحية عالم اخر متخذا لنفسه صورا شتى يفلسف الحياة من خلالها ميتافريقيا للوصول الى ما وراء ها . وقد تطورت هذه الصور بتطور الحضارة الانسانية وتعقدت معها فولدت الرجل الصوفي ذا النزعة الدينية - بعد مخاض عسير – الذي يعرف الحقيقة في ذاتها منبعثة من ذاته وصلته الفطرية بها ليبقى يحمل قبسـا من نورها في قلبه ولتعشعش في فكره ليتجاوز ميدان العقل الى ميدان الوجدان والارادة والحرية المطلقة بحيث يبقى الجميع قاصرين عن فهم حقيقة الوصول الى ما وصل اليه هذا الصوفي من روحانية وحقيقة ذاتية خالصة له منه وفيه وعليه .
والشعر الصوفي يتميز برمزيته المحببة للقلوب والافئدة خصائصه وأبرزها ، هو ما يعتمده الشاعر لصوفي في سبيل الرمزية والكناية وضرب الأمثال ، بحيث يحمّل البيت الشعرى بين طياتِ تفعيلاته ، ما لاحصر له من الدلالات الصوفية الخاصة وما يصرِّح به شعراء الصوفية أنفسهم في قول الشعر الصوفى ، منها الاصطلاحاتُ التي سجلها الشعراء الصوفيون في ابياتهم وقصائدهم وتحدُّثوا بها لكشف معانيهم لأنفسهم والتى عنى بعض المشايخ بالكشف عن دلالات ما صعب فهمه للمريدين من خلال ما كتبوه والفوه من كتب ورسائل كثيرة كالرسالة القشيرية للقشيري و(اصطلاحات الصوفية) لابن عربى و واصطلاحات الصوفية ) للقاشانى .
ان أبرزُ هذه الرموز وأكثرها وروداً فى الغالب في شعر الصوفين هي تلك الاشارات للذَّات الإلهية من ذلك مثلا ما نراه عند عفيفِ الدين التلمسانى حين يعبرعن رؤيتِه لجمال الذات الإلهية فى الكون يقول :
مَنَعَتْهَا الصِّفاتُ وَالأَسْمَــاءُ 
أَنْ تُرَى دُونَ بُـــرْقُعٍ أَسْمَــاءُ
قَدْ ضَلَلْنَا بِشَعْرِهَـا وَهْوَ مِنْهَا 
وَهَــدَتْنَا بِهَــا لَهـَا الأَضْـوَاءُ
نَحْنُ قَـوْمٌ مِتْنَـا وَذَلِكَ شَرْطٌ 
فِى هَـوَاهَـا فَلْييْــأَسِ الأَحْيَاءُ
فهى تجلياتٌ للجمال الإلهى الذاتى يرمز لها الشاعر بجمالية العشق الانساني بإشارات حسِّية باهتةً يشبهها بالجمال الأزلى ، هذا الجمال يتعالى بجمال الذات الالهية علوّاً كبيرا . يقول ابن الفارض :
وَتَظْهَـرُ لِلْعُشَّاقِ فِى كُلِّ مَظْهَرٍ 
مِنَ اللَّبْسِ فى أشْكَـالِ حُسْنٍ بَدِيعَـةِ
وَلَسْنَ سِوَاهَا لاَ وَلا كُنَّ غَيْرَهَا 
وَمَـا إنْ لَهَا فى حُسْنِها مِنْ شَرِيكَةِ
ويقول ابن عربي الشيخ الاكبر:
عِبَارَاتُنَـا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ 
وَكُــلٌّ إلَى ذَاكَ الْجَـمَالِ يُشيرُ
والحالة الاخرى التي نلاحظها فى الشعر الصوفىِّ تعبير عن الأحوال غير العادية التى يعيشها ، وتلك الأمواج العالية من الأنوار الفياضة التى تشرق فيه . وتظهر بوضوح تام حين يحكى الشاعر الصوفى عن محبته وما يلاقى فيها من وَجدٍ وشوقٍ واحتراق :
وَطُوفَانُ نُوحٍ عِنْدَ نَوْحِى كَأَدْمُعىِ 
وَإيقَـادُ نِيراَنِ الخلِيــلِ كَلَـوْعَتِى
فَلَوْلاَ زَفيـرِى أَغْرَقَتْنَى أَدْمُـعِــى 
وَلَوْلاَ دُمُـوعِـى أَحْرَقَتْنِـى زَفْرَتِـي
وَحُـزْنِىَ مَـا يُعْقُـوبُ بَثَّ أَقَلَّــهُ 
وَكُلُّ بَــلاَ أَيُّــوبَ بَعْــــــضُ بَلِيَّتِى
او قول احدهم :
فَلَوْ أَنَّ لِـى فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةِ 
ثَمَانِيــنَ بَحْــراً مِنْ دُمُوعٍ تُدْفِقُ
لأَفْنَيْتُهَا حَتَّى ابْتَـدَأْتُ بِغَيْرِهَا 
وَهَذَا قَلِيــلٌ لِلْفَتَــى حَينَ يَعْشَقُ
أُهِيمُ بِهِ حَـتَّى الْمَمَاتِ لِشَقْوَتِى 
وَحَـوْلِى مِنَ الْحُبِّ المبَرِّحِ خَنْــدَقُ
وَفَوْقِى سَحَابٌ يُمْطِرُ الشَّوْقَ والْهَوَى 
وَتَحْـتِـى عُيُــونٌ لِلْهَوَى تَتَدفَّقُ
وعلى هذه المحبَّةِ المثيرة ربما يجعلها الشاعرالصوفي عنوانا للموتِ فيكثرون فى شعرهم من ذكر موتِ المحبِّين عشقاً ووجدا ، قاصدين الموت فى مفهومه الصوفىِّ – رمزا لتعلُّقات نفس الصوفي بمحبوبه فى مفهومه العام . يقول الشاعرالصوفي ذو النُّونِ المصرى فى مطلع إحدى قصائده :
أَمُــوتُ وَمَا مَاتَتْ إلِيكَ صَبَابَتِـى 
وَلاَ قُضِيَتْ مِنْ صِدْقِ حُبِّكَ أَوْطَارِى
فالشعرالصوفي عامة هو امتداد لشعر الزهد فقد انحدرا في نهر واحد ثم افترقا قريبا من بعضهما ثم يلتقيان في مصب واحد فشعراء الزهد كانت قصا ئدهم واشعارهم في التقرب الى الله تعالى طمعا في الجنة والجزاء الحسن ومن هنا كان شعرا مليئا بالفاظ التوسل و الرجاء و المناجاة والتحذير من النار وملذات الحياة الدنبا وشهواتها والتذكير بالاخرة والمعاد والحساب في يوم القيامة .
اما الشعراء الصوفيون فقد نبعت اشعارهم وقصائدهم من هواجس الحب والشوق والوله والعشق لخالقهم لذا اختاروا الالفاظ الغزلية وكلمات الحب الخالص في التعبير عن مكنون انفسهم وافكارهم وما يداخلها من حب وشوق الى الله تعالى وشتان بين الخوف والرهبة وبين الحب والشوق. فالشاعر الصوفي محب عاشق واله من حيث ان الصوفية في جوهرها وذاتها ضرب من ضروب الحب والوله والفنا ء بالحبيب واليه .يقول ابن عربي :
كُلُّمَا أَذْكُـــرهُ مِمَّا جَـرَى 
ذِكْرُهُ أَوْ مِثْلُـــــهُ أَنْ تَفْهَمَـا
مِنْهُ أَسـْرَارٌ وَأَنْـوَارٌ جَلَـتْ 
أَوْ عَلَــتْ جَــاءَ بِهَا رَبُّ السَّمَا
فَاصْرِفِ الْخَـاطِرَ عَنْ ظَاهِرِهَا 
وَاْطُلبِ الْبَـــاطِـنَ حَتَّى تَعْلَمَا
والاسلوب الشعرى هو بنا ء القصيدة من حيث الشكل والمضمون حسا ومضمونا وفنا وتخيلا وتصورا واحاسيس ووجدان وعواطف وصورا شعرية وبلاغة وموسيقى في كل ما يتطلبه البناء الشعرى للقصيدة وداخل فيها ابتداءا من مطلعها الى خاتمتها.
والتصوف مر خلال العصور والازمنة منذ ظهور الاديان وحتى عصرنا هذا بمراحل وتطورات عديدة وعرف خلالها بتعاريف تكاد تكون – رغم اختلافها وتنباينها - منبعثة من حالة واحدة ومن معين واحد وقد تجاوزت هذه التعاريف المئات . لكني ساكتفي بذكر بعضها معتمدا على التعاريف التي عرفه بها الرجال الافذاذ من علماء الدين الاسلامي الحنيف ومن خلال رجال عرفوا بالزهد والتصوف .
يقول المتصوف والزاهد الكبير الشيخ معروف الكرخي المتوفي سنة \200 هجرية:
( التصوف الاخذ بالحقائق واليأس مما في ايدي الخلائق) 
الرسالة القشيرية صفحة 127
وتفسيره الزهد في الدنيا والنظر في والى حقيقة الدين وعدم الاكتفاء بظاهر التكاليف الدينية والقيام بها على اكمل وجه .
اما الشيخ ابو سليمان الداراني المتوفي سنة \ 215 هجرية فيقول:
( التصوف ان تجري على يد الصوفي اعمالا لا يعلمها ا لا الحق ويكون دائما مع الحق على حال لا يعلمها الا هو ) 
تذكرة الاولياء الجزء الاول صفحة 222
ويذكر الشيخ فريد الدين العطار :
( الصوفي من اذا نطق كان كلامه عين حاله فهو لا ينطق بشيء الا اذا كان هو ذلك الشيء واذا امسك عن الكلام عبرت اعماله عن حاله وكانت ناطقة بقطع علائقه الدنيوية ) 
تذكرة الاولياء الجزء الاول صفحة 126
ولقد عرف السري السقطي المتوفى سنة \257 هجرية التصوف بقوله :
-( التصوف اسم لثلاثة معان وهو الذي لا يطفيء نور معرفته نور ورعه ولا يتكلم بباطن في علم ينقض عليه ظاهر الكتاب والسنة ولا تحمله الكرامات على هتك استا ر محارم الله ) الرسالة القشيرية صفحة \10
-ويعرف الشيخ سهل بن عبد الله التستري الصوفي بانه :
( من صفا من الكدر واملأ من الفكر وانقطع الى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر ) 
تذكرة الاولياء ج1 صفحة 264
اما ابو الحسن الندوي النوري المتوفى سنة 1333 هجرية فيقول:
( ليس التصوف رسما ولا علما ولكنه خلق لانه لوكان رسما لما حصل بالمجاهدة ولوكان علما لخص بالتعليم ولكنه تخلق باخلاق الله) 
التصوف الثورة الروحية في الاسلام صفحة 44
اما الشيخ الجنيد البغدادي المتوفى سنة 297 هجرية فقد عرف التصوف والمتصوفين تعاريف كثيرة منها :
(التصوف ان يختصك الله بالصفاء فمن اصطفى من كل ما سوى الله فهو الصوفي ) المصدر السابق
او قوله –
( التصوف تصوف القلوب حتى لايعاود هذا ضعفها الذاتي ومفارقة اخلاق الطبيعة واخماد صفات البشرية ومجانبة دعاوى النفسانية ومنازلة صفات الروحانية والتعقل بعلوم الحقيقة والعمل بها وهو خير والنصح لجميع الامة والاخلاص في مراعاة الحقيقة واتباع النبي صلى الله عليه وسلم) تذكرة الاولياء.
اما الشيخ ابو بكر الشبلي المتوفي 334 هجرية فقد قال-
( الصوفي من لا يرى في الدارين مع الله الا الله ) – فالتصوف عنده هو لحظة الاشراق التي تكاد يصعق فيها الصوفي فعندها يتجلى لقلبه نور الحق – 
(التصوف الثورة الروحية في الاسلام ) صفحة 50
ويقول الشيخ احمد رزق–:
( التصوف علم قصد به لاصلاح القلوب وافرادها لله تعالى عما سواه والفقه لاصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالاحكام والاصول علم التوحيد لتحقيق المقدمات والبراهين وتجلية الايمان بالايقان كالطب لحفظ الابدان وكالنحو لاصلاح اللسان ) – قواعد التصوف لابي العباس احمد الفاسي صفحة 6
اما الشيخ ابن عجيبة فيقول –
( التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك الى حضرة ملك الملوك وتصفية البواطن من الرذائل وتجليتها بانواع الفضائل واوله علم واوسطه عمل واخره موهبة ) –
اما العلامة الاستاذ ابو الاعلى المودودي فيقول –:
( التصوف عبارة – في حقيقة الامر عن حب الله رسوله الصادق بل الولوع بهما والتفاني في سبيلها والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني الا ينحرف المسلم قيد شعره عن اتباع احكام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فليس التصوف الاسلامي الخالص بشيء مستقل عن الشريعة انما هو القيام باحكامها بغاية الاخلاص وصفاء النية وطهارة القلب) – (مبادىء الاسلام )صفحة 114
اما انا فاقول :( الله... الله... الله ...عندما يمتليء القلب في حب الله ويفيض هذا الحب فيغمر القلب و الفكر وتتجه الاحاسيس نحو المحب الاعظم وتصعد اليه النفس تسبح في بحر الوجد الخالد طائرة على جناحي الايمان بعيدة عن هذا الجسد الفاني ,فيفقد القلب والفكر سيطرتهما على الحركات الالية والتفكير الدنيوي وهي تردد ربما بعفوة – لا اله الا الله – هذا الذكرالعظيم هو الولوج الى باب التصوف الحق في حب الله الى منتهاه وقد جمعت هذه الاحاسيس الشريعة والحقيقة فالصوفي عبد عابد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم باداء حقوقه ناظراليه بقلبه احرق قلبه انوار هدايته وصفاء شربه من كأس حبه ووده وقربه’ فانكشف له الحق عن استار غيبه فاذا تكلم تكلم بالله وان نطق فعن الله وان تحرك فبأمرالله وان سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله عندها تحن النفس لمشاهدة المحبوب وتعرج الى افضل الاماكن الانيقة في الجنان النضرة لتستريح من عذاباتها الدنيوية ) .
.
امير البيــــــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العـــــراق- ديــالى - بلـــــــد روز
************************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 428 مشاهدة
نشرت فى 12 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

نزولا عند طلب السيد مدير واحة التجديد سعادة الأديب الدكتور حسين ابو ليث؛ يطيب لي أن أقترح عليكم أيها الأفاضل والفضليات بعض مقارباتي لظاهرة الكتابة بوجه عام والكتابة العربية بوجه خاص ... وفي هذا الصدد؛ إليكم : -
..........................
أسئلة الكتابة الإبداعية ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتابة الإبداعية الراقية نشاط يلامس قمة الذكاء الإنساني عند المنتج والمتلقي على حد سواء. لذا؛ هي تنطلق من عاملين جوهريين لا يغني أحدهما عن الآخر. 
أول العاملين هو الملَكَة أو الموهبة أو العبقرية وفق التسميات المختلفة للاستعداد الذاتي الخاص بالقدرة الفطرية على ممارسة الإبداع الأدبي بانمياز وامتياز، وهذا أمر غير وراثي وغير مكتسب لأن الأديب المبدع الحقّ وُلد ليكون هكذا إذا توفر له الحد الأدنى من الظروف المساعدة، وقد طرحت النظريات المفسرة لأصل الإبداع بعض الآراء في هذا المجال لكنها تبقى نسبية محدودة جدا، وهو ما ترك مسألة الإبداع مرتبطة بغيبتها الثابتة عبر التاريخ البشري.
وثاني العاملين هو الصناعة الرفيعة الواعية المتمثلة في التعلم المستمر وممارسة تجارب الحياة بأوسع معانيها المتاحة، وهذه الصناعة تتفرع إلى فرعين متكاملين أحدهما عام والآخر خاص. فالصناعة بمفهومها العام هي التربية والتكوين وممارسة التجارب ومجموع النشاطات التي تجعل من الإنسان إنسانا، كلّ بحسب ظروفه وثقافة انتمائه ومستوى حضارته ومساحة طموحاته الفردية والمجتمعية، ومن تأخّر في هذه الصناعة العامة المرافقة للإنسان - فردا كان أو مجتمعا - يعشْ في التخلف والهامشية وما يجري هذا المجرى وفق درجة تأخّره، وهذه الصناعة يشترك فيها المبدع وغير المبدع، وليست هي التي تنتج عبقريا متفردا حتى لو كان موهوبا وإنما تبقى هي الممر الضروري إلى التميّز في هذا الحقل أو ذاك. والصناعة بمفهومها الخاص والمتخصص في الإبداع الأدبي دون غيره هي ما تقاربه أسئلة الكتابة الإبداعية، وهذه بعضها :
السؤال التمهيدي : من أين ينطلق الكاتب المبدع ؟
ينطلق الكاتب المبدع من صناعة خاصة تتعمق وتتطور تدريجيا مع مساره، وقد تبدأ باكرا في حياته أو تتأخر قليلا أو كثيرا وفق ما يقتضيه الواقع، وتتمثل في فهم تذوقي روحي يخترق قوانين اللغة ليتغلغل في تلافيف مكوناتها الجمالية من خلال اكتشاف تراكم إبداعها التاريخي الأنيق لا من خلال التقعيد فقط وإنما بالوصول بالبصيرة إلى ما وراء التقعيد المقنن للكتابات السابقة وما يمكن نسجه وتشكيله من المستكشف الجديد الذي يضيف من غير أن يكسّر ما سبق أو يحدث معه قطيعة تنكّرية تضرّ بالقديم والجديد في آن معاً، كما تتمثل هذه الصناعة في إدراك الروابط المرئية واللامرئية الموجودة بين لغة الكتابة وما حولها من إنتاج ثقافي حضاري خاص بها مضافا إلى ما بينها وبين غيرها من اللغات والثقافات والحضارت من تفاعلات فيها ثراء وانفتاحات مؤدية إلى قراءة عالمَي الشهادة والغيب باستثمار أكبر عدد ممكن من الزوايا، وذلك ليسير الكاتب المبدع نحو تجسيد رؤية متفرّدة لم يتميّز بها سابق ولن تصبح بطاقة هوية ذاتية ثقافية للاحق.
وبالتوازي مع هذا المنطلق يرحل المبدع متمرّنا مع الكتابة التجريبية حتى يدفعه تزاوج وتمازج قدراته الفطرية والمكتسبة للاهتداء إلى الحقل الأدبي الذي يكون فنه الأول بصورة طبيعية تبدو للبصر المجرد أمرا عاديا لكنها في نظر البصيرة أمر معقد في تركيبه متميز في جماله سامق في إدراكه متطور في استشرافه رقراق في أدائه لرسالة الفن في الحياة، كما يتضح من باقي أسئلة الكتابة.
السؤال الأول : لما ذا يكتب المبدع ؟
تحدث المهتمون بهذه المسألة كثيرا وطويلا، فمنهم من ردّها إلى الضرورة الواقعية ومنهم من ربطها بالمتعة ومنهم من جعلها وسيلة لجلب إعجاب الآخر بغية السيطرة عليه ومنهم من لخصها في الرسالة الآنية ومنهم من جعلها في خدمة المصلحة وما ينحو هذا المنحى الذي يقف غالبا عند جزئيات واستثناءات ومرحليات. وتبقى الكتابة الإبداعية أكبر من كل هدف مباشر لأن صاحبها يحمل هواجسها بعنف صاخب في صمت وتحمله هواجسها بصور لا تخلو من عنف وصخب وصمت بحكم إدراكه اللامحدود لتناقضات الحياة وتداخلات جمالها بقبحها... من هنا؛ تبقى سببية الكتابة الإبداعية العظيمة سرّا غامضا في أكبر جوانب مساحتها المبهمة إلا أن هذا الإبهام السرابي الضبابي لا يحرم الكاتب المبدع من تحديد موقف وجودي يتخذه مَعْلما في مساره، وأجمل ما كتب له بنو الإنسان وسيظلون يكتبون له في شتى أصقاع المعمورة هو ارتقاء إنسانية الإنسان كي يصل أو يقترب على الأقل من رحاب التكريم الذي خُصّ به دون غيره من الكائنات، وأعظم ما يجب أن يكتب عنه حملة الحرف العربي المبدع في هذا العصر هو الدفاع عن وجودهم التاريخي الراهن بوصفهم أمة ذات حضارة لها عقيدتها الرئيسة ولغتها الرئيسة وثقافتها الرئيسة وطموحاتها المستقبلية الرئيسة وهويتها الخاصة الرئيسة من غير أن تجعل الأقليات المتعايشة معها منذ قرون خارج اهتماماتها المركزية مع ضمان احترامها الكامل لها باحترام خصوصياتها منفردة ومجتمعة، كما حدث في أزهى العصور الذهبية. 
السؤال الثاني : لمَن يكتب المبدع ؟
عادة ما كتب المبدعون لقارئ واقعي أو قارئ مفترض في حيز محدود دونما أن يأخذوا غالبا بالحسبان صدام الحضارات والديانات والثقافات واللغات والأمم المتصارعة بمختلف آليات الصراع من أجل الهيمنة على الآخر بما يترتب على ذلك من جرائم وامتيازات، واليوم لقد تغير الأمر كثيرا إذ أصبح الإنسان المبدع يكتب للإنسان في حاضره ومستقبله بصفة عامة، فما ينزل النص الهام إلى الأنترنيت حتى تتخطفه اللغات مترجمة له ويلف العالم في لحظات معدودة ويمر أمام عيون الأصدقاء والأعداء كما يمر أمام عدسات المخابر والمخابرات وغير ذلك... من هنا بات للكتابة الإبداعية الهامة ذات التأثير قارئ آخر لا يمكن تصوره بدقة، لا واقعيا ولا افتراضيا ... ومن باب حسن إدارة الصراع القائم الذي لا مفر منه في الزمن القريب ولا نجاة من آثاره الخطيرة إن استمر وضعنا الوجودي على ما هو عليه من اهتزازات زلزالية تفتح الثغرة وراء الثغرة؛ علينا أن نكتب إلى القارئ الإنسان في كل مكان وفق صورتين متداخلتين : إحداهما موجهة للأنا الجمعي ليعيد إلى الأمة مقاييس وجودها الموحد بدفاعها عن نفسها ومساهمتها في الحضارة البشرية انطلاقا من هويتها وخصوصيتها وحاجاتها وطموحاتها، والثانية موجهة للآخر في أشكاله المتعددة من أجل تقديم أنفسنا بأنفسنا إليه وتصحيح صورتنا عنده إذا كانت مشوّهة بفعل فاعل وتعميق تجليات خصوصيتنا حتى لا نذوب في هذا الآخر المهيمن ونخرج من مسرح التاريخ. 
السؤال الثالث : كيف يكتب المبدع ؟
الكاتب المبدع فنان، والفنان المدرك لماهية الفن ورسالته تكون بالضرورة أدواته جميلة تنتج التشكيل الجمالي وليس التشكيل الذي لا جمال فيه أو جماله نازل تحت الحد الأدنى الذي يترقبه المتلقي. وهذا الجمال المرتقب في الإبداع الأدبي لا يجسده إلا الأداء اللغوي بأدبيته الراقية وإتقانه للمعلوم بالضرورة من علوم لغة الكتابة ومعارفها الخاصة بها... وهذا الجمال اللغوي ليس واحدا في كل الأقوال والأحوال بل هو متعدد بتعددها فالشعر له تشكيله الفني والسرد له تشكيله الفني والتمسرح له تشكيله الفني وهكذا دواليك في بقية أنواع الكتابة الإبداعية وأجناسها ... وبقدر ما كان القاموس ثريا منفتحا على انزياحات جديدة والقواعد صحيحة والخيال حرا والزاد المعرفي واسعا والقابلية للتطور والإضافة حاضرة والهاجس الإبداعي مؤطرا باستعداداته وعزمه ورؤيته ورسالته بقدر ماكانت الكتابة إبداعا عظيما يخترق حدود الزمان والمكان والثقافات والحضارات ... أما عن ظروف الكتابة ومحفزاتها وأوقاتها فالمسألة تبقى شخصية متغيرة باستمرار الاستمرار حتى عند الكاتب الواحد أحيانا. 
السؤال الرابع : بم يودّع المبدع النص الذي أنجبه ؟
الحفل الذي يقيمه المبدع بعد كل إبداع جديد ليس هو البهرجة الإعلامية الإشهارية في مستواها الضيق او مستواها الواسع وإنما هو مجالسته على انفراد لإبداعه بوصفه الوحيد الذي عايشه منذ اللحظات الجنينية الأولى إلى غاية ولادته، وأيضا بوصفه أول المتلقين له مباشرة بعد الولادة، وهذا لينظفه مما فيه من أدران ويلبسه لباس الخروج الذي لا عودة بعده. 
السؤال الخامس : ماذا يحدث بعد انفصال المبدع عن نصه ؟
بعد خروج الإبداع من يد المبدع إلى رحاب الحياة؛ على المبدع ألّا يصبح عالة على إبداعه أو حارسا على ثغوره أو موجها لمساراته أو منتظرا ما يترتب على خروجه إلى الحياة بل الأفضل للنص والناص على حد سواء أن تحدث شبه قطيعة بينهما بترك النص يفتح طريقه بنفسه كي لا يسقط بعد سقوط الوصاية عليه عاجلا أو آجلا وبتوجه الناص نحو أفق أبعد وأوسع بطموحات جديدة وعزم أرقى من سابقه... وهكذا ينجو كلاهما من اللف والدوران حول ذاتيهما في مساحة ضيقة وتستمر الحياة الإبداعية متجددة متحررة من قيود المكتسب الذي أصبح قديما بمجرد اكتماله وخروجه إلى الناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الأستاذ الدكتور بومدين جلّالي - الجزائر.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 12 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

نزولا عند طلب السيد مدير واحة التجديد سعادة الأديب الدكتور حسين ابو ليث؛ يطيب لي أن أقترح عليكم أيها الأفاضل والفضليات بعض مقارباتي لظاهرة الكتابة بوجه عام والكتابة العربية بوجه خاص ... وفي هذا الصدد؛ إليكم : -
..........................
حديث عن الكتابة ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتابة العربية في خصوصيتها الأدبية وفي خصوصيتها العلمية إشكال قائم في معاصرتنا الراهنة ... فما أكثر الكُتّاب العرب من الجنسين وفي مختلف مجالات الإبداع والبحث، لكنّ الكتابة بمعناها الإبداعي الجميل وبمعناها البحثي الصارم غائبة أو تكاد أن تكون غائبة إلا فيما ندر، والنادر لا يقاس عليه.
لغة الكتابة رديئة إلى درجة التدني عن مستويات اللهجات الدارجة هنا وهناك، الأفكار مسطّحة مستهلكة يعافها العام قبل الخاص، التحكّم في أجناس الإبداع ومناهج البحث من مستحيلات ثقافتنا الراهنة، إدراك منتجي هذه الكتابة اللاكتابة ومنتجاتها لواقعهم وموروثهم وانفتاحاتهم على غيرهم يكاد أن يساويَ بلغة أهل الرياضيات الصِّفْر، رؤاهم الاستشرافية المستقبلية لا شمس فيها ولا قمر، غايتهم الأولى والأخيرة هي أنهم كتبوا من غير أن يكتبوا إبداعا رائعا أو بحثا نافعا أو أي شيء يحفظ لهم ماء الوجه إن كان في بعض الوجوه ماءٌ أصلاً، وقسْ على ذلك من مثالب الكتابة المعروفة وغير المعروفة بعد ...وهذا له دلالات متعددة؛ منها انتفاخ الأنا المنتج بنرجسية مفرطة مؤسسة على عقد الفراغ؛ ومنها احتقار المنتج للمتلقي في شكله الفردي والجمْعي، ومنها عبثية الوجود نتيجة القطيعة بالسلف والخلف معاً، ومنها ضغط مساوئ اللحظة التاريخية الراهنة ...
لا أيتها الأوانس، لا أيتها السيدات، لا أيها السادة ... 
فالكتابة - أوّلا - وعيٌ بصيرورة اللحظة الوجودية الحضارية وطبيعة الصراع فيها، وهي مختلفة جدا عن اللحظات العادية، وجلّ كتّابنا اليوم لا علاقة لهم بهذا الوعي الضروري، أو وعيهم معكوس، أو مشوّه، أو ناقص... 
والكتابة - ثانيا - رؤية استشرافية تؤسس لغد مختلف مساير للتطور البشري بما له وما عليه، وفاعل فيه من موقع تواجد الكاتب وقدراته وانتمائه وقناعاته في الحياة ... 
والكتابة - ثالثا - مسؤولية ذاتية وثقافية وحضارية يتحملها الكاتب بحريته دون أن يمليها خضوع لقوة مهيمنة في عصر القوة المهيمنة سياسيا وعسكريا وتقنيا واقتصاديا إعلاميا وغير ذلك ... 
والكتابة - رابعا - إتقان لأداتها، ولا أداة للكتابة خارج اللغة بتفرعاتها المعرفية المتعددة وتراكماتها التاريخية المعبرة عن الانتماء والهوية والمسار والطموحات، إذ في مجال البحث فالمطلوب هو الرصانة والدقة والإحاطة بجزئية الجزئية وهذا يتأتّى من زاد كبير ورؤية واضحة وعقل متدبّر، وفي مجال الإبداع فالمطلوب هو المَلَكَة الجمالية ذات الصقل بصناعة منمازة مستمرة متطورة ... 
والكتابة - خامسا - رسالة ذاتية مجتمعية حضارية، لها غايات مباشرة وغير مباشرة متدرجة في الزمان والمكان بحسب الظروف والضرورات ...
وبناءً على هذا؛ فالكتابة وعي ورؤية ومسؤولية وإتقان ورسالة. ومن لا حظ له في هذه العناصر فهو يكتب لأكل بعض الخبز - بما لهذا المنحى وما عليه - أو ملْء بعض الفراغات مؤقتا، ولا شيء غير ذلك .
مع الإشارة إلى أن هذه المكونات الرئيسة في صناعة الكاتب المبدع أو الكاتب الباحث يمكن أن تكون مهتزة أو ناقصة قليلا أو كثيرا عند الشباب، وهذا أمر طبيعي ومعقول جدا، والزمن المساند بالاجتهاد كفيل بحل الإشكالات التي لا علاقة لها بالملكة. أما خارج عصر الشباب فاهتزازها أو نقصانها هو الذي يجعلنا نفهم فهما عميقا لماذا قسّم العرب القدامى أهل الشعر إلى شاعر وشُوَيْعِر وشُعْرور، وهكذا في بقية أنواع الكتابة ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إمضاء: الأستاذ الدكتور بومدين جلالي - الجزائر.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 661 مشاهدة
نشرت فى 11 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

المرأة في قصيدة
"عَلـى وَشَـــكِ القَصيـدة..."
سليمان دغش
المرأة، الطبيعة، الكتابة، الثورة، كلها عناصر تريحنا وتجعلنا نتقدم من الحياة السوية، "سليمان دغش" يستخدم هذه العناصر مجتمعة ليتقدم من الحياة الهانئة، مبتعدا عن أي منغصات تعكر عليه هذا الهناء، فيقدم لنا قصيدة نادرة بمضمونها وشكل الذي جاءت به، يفتتح الشاعر قصيدته:
"يكفي حُضوركِ في تفاصيلِ القصيدةْ
لأطيرَ مثلَ فراشةٍ مَحمومَةٍ للشَّمسِ"
الفاتحة تجمع، المرأة والكتابة/القصيدة والطبيعة والثورة/التمرد، وكأن الشاعر أرادنا أن نتقدم بسرعة من هذه العوالم/العناصر المجتمعة، فقليل هم الذين يستطيعون أن يجمعوا عناصر الفرح في مقطع واحد، أو في قصيدة واحدة، لكن المرأة أحدثت كل هذا الفرح في الشاعر، فجعلته بهذا الهيام، وعلينا ان نتوقف عندها، فهي الباعث والمحفز لوجود لعناصر الفرح الأخرى، وبدون المرأة سيفقدها الشاعر، ويفقد نفسه أيضا، ويمسى في صحراء قاحلة. 
يعطي الشاعر المرأة قدرات خارقة من خلال:
"أطفِئُها وأُشعِلُها"
وعلى أثر هذا الفعل نجده يتأثر بطريقة عكسية:
"وتُشعِلُني وَتُطفِئُني"
يتقدم أكثر من المرأة فيجعلنا مصدر جمال الكون، حتى أنه يرى نفسه الجميلة من خلالها: 
"وأحْمِلُها إلى عَينيْكِ إمّا شئتِ قنديلاً سماوِيَّ الضّحى
مَنْ قالَ إنَّ الشّمسَ سيّدتي بعيدةْ...؟
يكفي حُضورُكِ في المَرايا
كيْ أراني فيكِ أجملَ من ملائكةِ السّماءِ" 
فهو من خلال المرأة يتحرر من الأرض وأصبح كائن سماوي يحيا في عالم لا يمكننا نحن البشر أن نصل إليه، لكننا يمكننا أن نتعرف عليه من خلال ما يقدم لنا من تفاصيل عنه:
"وكُلّهم سَجَدوا لحوّاء التي حَمَلتْ خطيئةَ آدم البَشَريّ
مُنذُ البَدءِ لا الأفعى ولا تُفّاحَةٌ أغرَتهُ أو أغوَتْهُ
إلا ناهِديْها النافِرينِ إلى السَّماءِ تَمَرُّداً
واللهِ لولاها لعاشَ جَهَنَّمَيْنِ معاً
هُنا وَهُناكَ
إنَّ هُنا هُناكَ ولا هُناكَ سِوى هُنا
فاسجُدْ لها وَلهاً
وعَمّدها بماءٍ من قداسَتِها بمحراب الهوى
وأضِئْ لها شَمعاً ليؤنِسَها وحاذِرْ أنْ تُدَنِّسَها بطيشِكَ"
يُغرب الشاعر الحدث الديني، فيجعل المرأة هي الغواية بحد ذاتها، فلا أفعى ولا شجرة، بل هي الفتنة بذاتها، خاصة النهدين، وهذا يعد أهم تمرد على فكرة مقدسة، مسلم بها من كافة المؤمنين بالكتب السماوية، كما أن الشاعر يجعلها في مصاف الإله من خلال السجود لها، ويتقرب منها من خلال: "وأضِئْ لها شَمعاً" ويحذر من انتهاك هذه المقدسة من خلال: 
"وحاذِرْ أنْ تُدَنِّسَها بطيشِكَ" وهنا يأخذنا إلى "عشتار" والصفات التي تحملها، والفكرة التي اعطاها الكنعاني لها، فكان يحرص على تقديم القرابين والشموع، وأيضا يتجنب غضبها.
"يا شَقِيُّ
ولا تخدِشْ زجاجَ الروحِ فيها أو أنوثَتها
وَمَسِّدها بماءِ الوردِ والعِطرِ الفَرَنسِيِّ 
وَقَدِّسْها بخَمرٍ منْ فراديسِ السّماءِ فلا نبيذ سوى
المُعَتَّقِ منذُ بدءِ الخَلقِ في شَفَتَينِ يبدَأُ منهما
وَهَجُ التّماسِ العاطِفيُّ لِيُشعِلَ الغاباتِ في الجَسَدينِ
حالَ تَوَحُّدٍ في العِشقِ"
استخدم الشاعر في المقطع السابق التعميد بالماء، وهنا يستخدم تمسيدها بماء الورد والعطر الفرنسي، وكأنه لا يريدها ظاهرة فقط، بل أيضا ذات رائحة طيبة، ويردها بهية كاملة الجمال، وذات رائحة طيبة، وفي ذروة النشوة، فهو لا يريدها امرأة عادية، بل امرأة مميزة، متألقة بكل ما فيها وما عليها وما يصدر منها، كل هذا ليكون التوحد، الانصهار معها صافي ونقي وكامل.
لكن ما هو شكل وطبيعة هذا الاندماج/الانصهار/التوحد الذي حدث بينمها؟:
"مثلَ فراشَتينِ شَقِيّتينِ على السّنا تَتَزاوجانِ على
سَريرِ النارِ حتى الموت ليلاً
في انتظارِ الصُّبحِ أنْ يأتي يَزفّهما على طَقسِ
الجَنازاتِ الجميلةِ بينَ نورٍ سَرمَدِيٍّ في الخُلودِ
وبينَ بعثِ الروحِ في جَسَدَينِ صارا واحِداً في الحُبِّ
يا للحبِّ إنَّ الحُبّ مفتتحُ الخلودِ إلى القصيدة" 
اعتقد أن اختيار الشاعر للفراشتين تحديدا أراد به أن يؤكد على توحدهما معا في الحياة النور/النار، وأيضا توحدهما في الحصول على ما يريدانه من بعضهما، وتوحدهما بعد الموت، كلنا يعلم أن الفراشة قبل أن تنتهي حياتها تكون قد ضعت بيوضها لتُحي وجودها من جديد.
لهذا نجده يتقدم أكثر نحو التوحد معها:
"يَكفي حُضورُكِ فيَّ في أفُقِ المجازِ لتبدأَ الناياتُ
فيَّ أنينها وَجَعاً تُدَغدِغُهُ الرؤى" 
فمن خلالها سيهيم في الفضاء، ليكون في جنة النعيم، متجاوزا العالم الأرضي، وهنا الشاعر يتحرر جسديا وفكريا/روحيا، بحث لا يعود ينطبق عليه القوانين الأرضية، فهناك عالم سماوي لا يدخله إلا المحبين، العشاق الذين يتماهون مع من يحبون:
"ما أجمَل الرؤيا إذا ما استسلمَتْ لِنُعاسِها ما بينَ شَكٍّ
تاهَ في حُلُمِ النّهارِ وبينَ ليلِ حقيقةٍ طالَ الطَّريقَ إلى حَقيقَتِها
فتَوَسَّدَتْ جَفنينِ سوداوينِ نامَ الليلُ بينَهُما على سُجّادَةٍ مائيَّةٍ
تتسابَقُ النجماتُ والشُّهُبُ البَعيدةُ كيْ تُكَحِّلَ نورها وَسَناً
على جَفنَيْنِ إنْ رَفّا معاً سَجَدَتْ ملائكَةٌ وسَبَّحتِ السماءُ
فهلْ رأى أحَدٌ ملاكاً ساجِداً يوماً لغيرِ اللهِ 
إلا حينَ شاهَدَها على وَشَكِ التَّجلي فانحنى لمقامها العالي
ورتَّلَ سورَةَ الإشراقِ للعُشاقِ"
الجميل فيما سبق، اننا نجد الكائنات السماوية والظواهر الفضائية تتماثل مع فعل الحبيبين، البشري "الشاعر محبوبته" والسماوي "الملائكة" والفضاء "النجوم والشهب" كلها تقوم بعمل يخدم ويطور مفهوم اللقاء والتوحد بين الحبيبين من جهة، وبين الفضاء و الكائنات السماوية من جهة أخرى.
إذن هناك عالم/مكان/حال خاصة وصل إليه الشاعر ومحبوبته، بحيث توحدت السماء وكائناتها مع الشاعر ومحبوبه، فوصوا إلى الذروة في غايتهما وهدفها، بحيث لم يعد هناك منزلة/مكان أعلى مما وصلوا.
يُفصل لنا الشاعر هذه الحالة وهذه المكانة من خلال قوله:
"ما الإشراقُ إلا حالة العشقِ الأخيرة في توَحُّدِ عاشقينِ 
تجاوزا في الحُبِّ آخرَ حاجزٍ يفضي إلى الملكوتِ
أبعَدَ منْ أنينِ النايِ في شفةِ الخلودِ ، تخطَّيا اثمَ الخطيئةِ في المَحَبّةِ
لا خطيئةَ في الهوى...
وتَبَرأا منها الشّرائع ما عدا شرعَ الهوى
وتَوَحّدا نغماً سماويَّ الخلودِ يهيمُ موسيقى
على مَعزوفَةٍ أزَلِيَّةِ التكوينِ يضبِطُ لحنها القُدُسيَّ روحُ اللهِ في الأعلى" 
الفكرة الصوفية عن التوحد والانصهار الكلي مع الحبيب حاضرة فيما سبق، لهذا هما لم يعودا من الكائنات الأرضية، بل كائنات روحية، سماوية، بعيدة أن الخطيئة، فقد أصبحت في حل من أي جريرة، فعالم السماء يعطي المحبين الفردوس الذي يريدونه، لكن الملفت للنظر أن الشاعر لا يتحدث عن متعة جسدية، مادية، بل متعة روحية، جمالية، لهذا نجده يركز على "الإشراق، نغم، معزوفة، لحن، القدسي، روح الله" وكأنه يريد أن يخبرنا أن عالم السماء متعلق بالمتعة الروح، الجمال، الله، وليس بمتعة المادة، الغريزة الجسدية.
لهذا لم يعد يهتم بالأفكار والمفاهيم الأرضية التي تنظر إلى الأشياء والأفعال من منظور أرضي/مادي/جسدي،:
"فمرّي فوقَ رملِ الروحِ حافيةً وعاريَةً
ليعلو المَوجُ في بَحرَينِِ
بحرٌ لازَوَردِيَّ الرؤى يَرمي لأَفروديتَ رَغوَتَهُ بلا خَجَلٍ
وَبَحرٌ للمَجازِ المُخمَلِيِّ، رَمت خواتِمَها ولؤلؤَها القَصيدَةُ فيهِ
وانسَحَبتْ لغُربَتِها وَوِحدَتِها على رَملِ الشّواطئِ" 
قلنا ان هناك دورة حياة للفراشة، تجعلها في حالة وجود مستمرة، فهي تبدأ من البيضة مرورا باليرقة، ثم الشرنقة، وصولا إلى الكمال الفراشة، وهي مرحلة الذروة، والتي منها تبدأ نهايتها، وهذا الأمر ينطبق تماما مع حالة الشاعر، فقد وصل إلى المرحلة الذروة، وعليه أن يعود من جديد إلى عالمه الأرضي، ليحصل من جديد على تلك المتعة، فهو لا يريدها لمرة واحدة، بل متجددة ومستديمة: 
"مَنْ تُرى سَيَلُمُّ خاتَمَ سِرِّها 
وَيُعيدهُ لِجُنونِ سُرَّتِها على وَشَكِ الصّهيلِ
ألمْ أقُلْ يَكْفي حُضورُكِ في التّفاصيلِ الدَّفيقَةِ فيَّ
كَيْ تتقمَّصي روحي على وَشَكِ القَصيدةْ"
الممتع في رحلة العودة أنها انتهت عند "القصيدة" التي نقرأها، والتي امتعتنا، وجعلتنا نهيم فيما هام به الشاعر ومحبوبته، وكأنه بهذه الخاتمة أرادنا أن نبدأ من جديد في التقدم من القصيدة، بحيث تكون قرأتنا لها تأخذ شكل الدائرة، بحيث ما أن ننتهي منها حتى نتقدم من جديد، وهذا ينطبق تماما مع الرحلة التي بدأها الشاعر مع محبوبته في الفضاء السماوي، وتلك التي تحدثت عن الفراشة، مما يجعلنا نحن القراء، والشاعر ومحبوبته، والفراشة نمر/نسير بذات الطريق.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 10 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

حقيقة كتاب
"احجار على رقعة الشطرنج"
وليام غاي كار
هذا الكتاب من أكثر الكتب المُروجة في المنطقة العربية وأقدمها، فلم يطبع كتاب "سياسي" بعدد كبير ومتواصل من الطبعات مثل هذا الكتاب، ويمكن أن يكون كتاب "لعبة الأمم" يتماثل معه في المكانة والاهتمام، الفكرة الرئيسة تتمحور حول عقم الثورات في العالم والتي تشعلها اليد الخفية، وتحديدا الماسونية، وهذه احدى المآخذ على الكاتب، بمعنى أنه يدعوا إلى عدم القيام بأي ثورة/تمرد/حركة تغيير، لأنه يقف خلفها تلك اليد الخفية التي تلعب في مصائر العالم اجمع، والتي لا يمكن لأي جهة/دولة/شخص أن يقف بوجهها، أو يؤثر على خططتها أو قراراتها، هذه هي الفكرة الرئيسة في الكتاب، ورغم ما يقدمه من معلومات تشير إلى حجم الشر الكبير لتلك اليد الخفية/الماسونية إلا أن الكتاب يخدم أولا وأخيرا فكرة عدم جدوى أي مقاومة أو عملية تحرر من هذه سطوة هذه اليد/الجهة.
وهنا تكمن خطورة الكتاب، القبول بالأمر الواقع كما هو، وعدم محاولة التغيير لهذا الواقع، لعدم وجود أية جهة/حركة/ثورة/دولة نقية، تعمل بإخلاص بعيدا عن هيمنة الماسونية أو ادواتها أو وسائلها، وأن وجدت فلن تستطيع أن تنتصر في حربها أو في مواجهتها للماسونية.
إذن وبعد هذه الفكرة، ما الفائدة من كل المعلومات التي قدمها الكتاب؟، فهو يخدم فكرة الانصياع للأمر الواقع والتسليم بما هو حاصل، حتى لو كنا نعي بأننا نسير في خطى الخطيئة ومسايرة اليد الخفية/الماسونية مجبرين ولسنا مخيرين، في النهاية نحن ـ إذا سلمنا بحقيقة وواقعية ما جاء في الكتاب ـ نكون مشاركين في الخطة التي وضعتها اليد الخفية، فتمسى معرفتنا بلا فائدة، فهي لا تقدم أو تأخير فيما يجري لنا وللآخرين من أحداث دامية، فنكون ـ بهذا الحياد/التسليم ـ نعمل على إبقاء الواقع كما هو، دون أن نسعى أو نتجه نحو أي تغيير ايجابي في الواقع/واقعنا.
يصف لنا الكاتب الذين يحركون سيطرتهم على العالم ويلعبون به كما يريدون بهذه الصفات: "يجب على النورانيين الذين يعلمون اساتذة في الجامعات والمعاهد العلمية أن يولوا اهتمامهم إلى الطلاب المتفوقين والمنتمين إلى أسر محترمة ليولدوا فيهم الاتجاه نحو الاممية العالمية" 
ومما جاء في الكتاب عن لطرق التي يتبعها الماسونيون في السيطرة على الاشخاص".استعمال الِرشوة بالمال والجنس، لموصول إلي السيطرة علي الشخاص الذين يشغلون المراكز الحساسة على مختلف المستويات، في جميع الحكومات وفي مختف مجالات النشاط الإنساني.. ويجب عندما يقع أحدهم في شراك النورانيين، أن يستنزف بالعمل في سبيلهم، عن طريق الابتزاز الاساسي، أو التهديد بالخارب المالي، أو بجعله ضحية لفضيحة عامة كبرى، أو بالإيذاء الجسدي وحتى بالموت هو ومن يحبهم." أما دورهم بعد أن يوقعوهم في الشباك: "...أن يستخدموا على أنهم عملاء خلف الستار، بعد إحلالهم في المراكز الحساسة لدى الحكومات جميعا على أنهم خبراء أو اختصاصيون، بحيث يكون بإمكانهم تقديم النصح إلى كبار رجال الدولة، وتدريبهم لاعتناق سياسيات تخدم ـ في المدى البعيد ـ المخططات السرية لمنظمة العالم والواحد والتوصل إلى تدمير النهائي للأديان والحومات جميعا".
ومن الطريق الأساسية في نهجهم هو السيطرة المالية على كل مقدرات الدولة والأمة من خلال منح قروض برهانات معينة ثم يقموا بضربتهم الكبرى، بحيث يفقد غالبة الأشخاص والمؤسسات ثروتهم وهذا ما حدث في اميركيا عام 1870: "بينما استمرت الحجوزات على المزارع والمساكن التي يملكها الأفراد، وكان المستفيدون الوحيدون هم أصحاب المصارف وعملائهم الذين وضعوا أيديهم على الممتلكات المرهونة"
ويوضح لنا تركيبة التنظيم الماسوني المعقد من خلال قوله: " جمعية سرية في قلب جمعية سرية أخرى... أي الماسونيون من الدرجات الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين يجهلون ما يدور في محافل الشرق الأكبر".
ويصف لنا طبيعة وسلوك الاشخاص الذين يعملوا لتحقيق الاهداف التي تضعها الماسونية والكيفية التي يتصرفون بها: "يجب على الذين يرغبون في الحكم أن يلجأوا إلى الدسائس والخداع والتلفيق لأن القيم الاجتماعية الكبرى كالصدق والاستقامة ما هي إلا عيوب كبرى في السياسة"
ويصف لنا طريق الوصول إلى الهدف/الغاية والمتمثلة في الخراب والدمار والقتل: "الإفساد والإسراف، هما الوسيلتان الأكثر فعالية بين جميع الوسائل التي اخترعها الغرباء لتفسيخ الدولة". 
لكاتب يعتبر اليهود هم الشر في كل ما يجري في العالم من خراب ودمار، حتى لو بدوا ـ احيانا ـ أنهم ضحية كالآخرين: "...أن امم أوروبا لم تستطع البدء بعصر النهضة والازدهار إلا بعد أن تمكنت من تحرير نفسها من براثن السيطرة الاقتصادية اليهودية" ويخبرنا عن دورهم في روسيا القيصرية فيقول: "لم يكتف اليهود بالسيطرة على كل التجارات والأعمال بفروعها، بل سيطروا أيضا على أجزاء كبيرة من الأراضي أما بشرائها أو بزراعتها باستثناء القليل، كرس اليهود جهودهم كمجموع، ليس لإثراء الدولة ولفائدتها، بل لخداع الشعب الروسي بحيلهم الملتوية"
التناقضات في الكتاب
يحدثنا الكاتب عن علاقة بين لينين والنازية، علما بأنهم لم يلتقوا مع بعضهم، لينين توفى في عام1924، قبل أن توجد النازية "...أما البلاشفة فقد كانوا فئة قليلة، وكانت سياسة الحكومة الاقليمية تتجه إلى استمرار الحرب مع ألمانيا، لأن أكثرية الروس كانت تعتبر مطامع النازية الألمانية السوداء خطر مباشر على سيادتها" وهذا خلط في المعلومات يشوه الأفكار، وفي ذات الوقت يجعلنا نشك بهدف/الغاية من وراء هذا الكتاب.
ويستخدم هذه الفقرة قائلا: "وسيظهر لنا أنه حتى يتم القرار بتمويل لينين وتروتسكي للإطاحة بالحكومة السوفيتية" فنجد خطأ قاتل فيما سبق، لان لينين وهو من بنى وأسس اتحاد الجمهوريات السوفيتية، فكيف يعمل لهدمها أو لإطاحة بها؟,
ويقول عن القضاء على روسيا القيصرية: "والبرهان على أن الصهيونيين في كل من بريطانيا واميركيا اتفقوا على الاطاحة بالإمبراطورية الروسية يمكن أن نجده في حقيقة أن لينين أعلن تأسيس حكمه الديكتاتوري في تشرين الثاني عام 1927،" إن كان هذا الكلام صحيح، فكيف كشف "لينين" اتفاقيات الدول الكبرى على تقسيم المنطقة العربية، واقامة دولة يهودية في فلسطين، مما اربك التحالف القائم بين "الشريف حسين" والانجليز، حتى أن الأمير فيصل تحدث مع "لورانس" في هذا الموضوع اكثر من مرة وسبب حالة عدم الثقة بالمخططات الاستعمارية.
ويجمع الكاتب بين الشيوعية والفاشية بطريقة عجيبة: "فبعد عام 1936 شكل الستالينيون الحزب الاسباني الاشتراكي الموحد الذي رعاه المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية، وكان الهدف من ذلك إنشاء قوة جديدة ذات طبيعة فاشية تتمكن من تطويق فرنسا الحليف المحتمل لروسيا في الحرب التي يجري إعدادها" طبعا هذا منافي للحقيقة، فهناك عداء بين الشيوعية والنازية، ولم يكن هناك أي تحالف بينهما، خاصة في اسبانيا.
ويضف قائلا عن اسبانيا: " لقد أعلن لينين أن اسبانيا ستكون الدولة السوفيتية الثانية في اوروبا" وهذا أيضا غير صحيح، لأن لينين كان متوفي ـ 1924 ـ عندما حدثت الحرب الأهلية الاسبانية.
ويعطي أفكار مغلوطة عن الشيوعيين فيقول فيهم: "...قول لينين: أن افضل الثوريين هو شاب متحرر من المبادئ الأخلاقية... لبرنامج تربية الشباب الثوري تفكيك الروابط الأسرة" .
ويشوه الشيوعين فيقول عنهم: "وهناك أيضا كتب الدعارة ومجالاتها التي وزعها الشيوعيين" 
ويستخدم شعارات في غير مكانها لتشويه الشيوعيين: "قام الشيوعيون بقتل أفراد عائلة جميعها المؤلفة من ثمانية أشخاص. ومن اكثر الأعمال وحشية وعنفا التي ارتكبت تحت شعار "الحرية والمساواة والأخوة" وهذا طبعا كان شعار الثورة الفرنسية وليس الشيوعية "يا عمال العالم اتحدوا"
كل هذا يجعلنا نضع الكتاب تحت المجهر من جديد، ويجعلنا نشك بالغاية، بالهدف منه، فهو بريء، ويقدم معلومات مغلوطة، وأفكار متناقضة وغير صحيحة، والمراد من وراءها جعل القارئ في حيرة، ثم في شك في كل ما يدور حوله، وبعدها يفقد الأمل/الإيمان بأي حركة/جهة/جماعة تعمل لتغيير الواقع، وفي النهاية تكون اليد الخفية (الماسونية) تعمل بكل حرية، ولا تواجه أي معارضة أو صد من أية جهة كانت، فقد اصبحت القوى الوحيدة والفاعلية على وجهة الأرض، بمعنى انها تمثل وتتوازى مع قوة الله التي لا يمكن لها أن تصد أو تقاوم أو تعارض. 

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 9 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

الشاعرة فيما تكتبه
"نفن مردم"
تكمن أهمية الصور الأدبية في القصيدة لما تعطيه من فضاء للمتلقي، ولما تُحدثه من متعة، فالخيال والتمتع بالنص لهما مكانتهما عند القارئ، فمن خلالهما يمكنه أن يجد ما يعيد له التوازن، والخروج من حالة الضغط إن وجدت.
ومن السمات الأخرى الممتعة في النص تناول موضوع جديد، أو موضوع مطرح لكن بلغة واسلوب مغاير لما استخدم في السابق، الشاعرة "نفن مردم" تنحت الكلمات وتقدم لنا مجسم جميل:
"لغة أتقنتها جردتها
دونتها فوق الرمال 
لغة تصقل ضباب الفصول"
تبدو لنا الشاعرة هي من أوجد الحياة بالكلمات، فهي من أتقنها وجردها ودونها، لكن الاجمل الفقرة الأخيرة والتي جاءت بصورة نادرة، "تصقل ضباب الفصول" فهذه التركيبة الاستثنائية لم تأتي من فراغ، بل كان لهما مقدمات من خلال ما سبق. 
تقدمنا الشاعرة أكثر مما نحتته وشكلته فتقول: 
"ترسم في حيز الوجع
آلاف الصور 
تتوالد من جوف الدواخل
من رحم الصمت صرخة فزع" 
هناك صورة مؤلمة، لكن اللغة والطريقة التي استخدمتها الشاعرة جعلت هذا الألم خفيف الوطأة على القارئ، فمن خلال فعل "تتوالد" ولفظ "رحم" جعلت هذا الألم يمر بسرعة خاطفة، ولا يحدث ضررا بالقارئ.
دائما الطبيعة تعد من العناصر المهدئة والمحببة، وعندما يتناولها الشاعر/الكاتب يعطي راحة وسلاسة للمتلقي:
"لتمضِ ريحاً في مفاصل غيمة 
لتعتصر الهمس خمرا "
الشاعرة لا تكتفي باستحضار الطبيعة المجردة "الغيم والريح، فنجدها تدمج بين الطبيعة والفعل الذي تريده "لتعتصر الهمس خمرا " من خلال هذه التعبير الجميل يمكننا أن ندخل إلى عالم الشاعرة وما تحمله من ألم، ما تريد، وما تراه، قلنا سابقا أن استخدام الأحرف المكرر في الكلمة يشير ـ في العقل الباطن ـ إلى حالة هيام الكاتب/الشاعر، وكأنه من خلال تلقي هذه الحروف يريد أن يكون هو متماثل معها في التلاحم والتلاقي، الشاعرة تستخدم هذا الأمر، تقول:
"واقفاً على جرف زلة متهيباً 
شلل السقوط 
يا لغة عشش
في أذنيك أنَّ المُحال مخير 
والمستحيل طريق مسير"
رغم القتامة التي جاءت في "شلل" إلا أن تحمل في داخلها ميول الشاعرة نحو التلاقي مع الآخر، وهذا ما وجدناه أيضا في "عشش"، وبعدها نجد الشاعرة تكرر حرفي الياء والراء في "مخير ومسير"، وهذا ما يجعلنا نأخذ هذا التكرار على أنه يمثل ميل الشاعرة نحو الآخر الذي تريده.
تكشف لنا الشاعرة حقيقة مشاعرها أكثر من خلال قولها:
"ضوء يذوب في ضوء 
في شهيق ياسمين عبر 
شهقة عطشى تستنفر المطر 
في لغة الشعور المحير"
فهناك ضوء يذوب في ضوء، ونلاحظ أن الشاعرة لم تستخدم حرف التعريف لأنها تتعامل مع الطبيعة بشمولية، ولا تريد أن تكشف لنا طبيعة وحقيقة هذا ال ضوء، فهي تحرر نفسها من خلال الحديث عن حدث عام، وكأنه غير متعلق بها، لكن استخدام لفظ "شهقة، وعطشى، وتستفز المطر" كلها تشير إلى أن هناك ميل نحو هذه الأفعال وهذه الألفاظ عند وإلا ما كانت لتكون. 
القصيدة منشورة على صفحة مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 133 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

قراءة  في نثرية الشاعر 
محمد رمضان الحميداوي
(لانها لك وحدك)
تتضاربُ الآراءُ بين مؤيدٍ وقالٍ للقصيدةٍ النثريةِ هناكَ من يقولُ لا تسمى قصيدةً وهناك من يعتبرها قصيدةً بمعناها المتداولُ ومن بابِ التجديدِ والهروبِ من التفعيلةِ والعروضِ التي يظنها الكثيرُ حجرة في وجه ٍالأبداعِ الشعري وقيدا يوقفُ التعبير عما يريدُ أن يقولهُ ألشاعرُ .
هذهِ ألاراءُ ألمتصارعةُ لم توقفْ المدَ الهائل الذي بدأ يتخطى المكان بل عبر الزمان .
نحنُ من المتابعين لحركةِ الأدبِ من خلالِ ما نطّلعُ عليهِ من قصائدٍ شتى في المواقعٍ الالكترونيةِ وبعض ألمختطفات من ألصحفِ نقفُ بأجلالٍ على بعضٍ من تلكَ النصوص ألتي تمتلكُ مقوماتُ ألنشرِ ومن هذه النصوص نص الناثر الاستاذ
(محمد رمضان )
نصُ رقيقٌ جميلٌ إستطاعَ أن يوظفَ المفرداتِ والسلوكياتِ والعباداتِ اليومية ليبني منها نثريته(لانها لك وحدك)
مفردات .
الوضوءً.القبلةُ الآياتُ ألروحُ ألجسدُ كلها مسمياتٌ ايمانية
ألوضوءُ تطهيرٌ للجسدٍ 
القبلةُ تعني الأسلام. الآيات تعني القرآن ..كل هذه المفردات مازجها مع ما يشعرُ بهِ من شوقٍ. 
(توضا النبض) مدخل العبادات جعله مدخل القصيدة التي لا تُقبل الصلاةُ بدونهِ 
، الجسدُ اصبح طاهراُ.اذن ليدخلَ محرابَ ألحب.
ألشاعرُ أرادَ أن يبنَ لنا طهارة قلبه لأنهُ يريدُ أن يدخلَ عالمَ حبه ولابدَ لهُ أن يكونَ طاهراً كما يدخلُ الأنسانُ لصلاتهٍ تصويرٌ رائعٌ ومفرداتٌ جميلةٌ وظفها كما قلنا أجملَ توظيف.
(لا تقبل النأويل، خواطري لها قدسية) الثقةٌ المطلقةُ بالحبيبِ
ليسَ هو حسبْ بلْ ما يقابلهُ من حبيبٍ يمتلكُ نفسَ ألروح والصفاءِ لذا نجدهُ يهيمُ بها من خلالِ ابتهالاتهِ ودعاواته.
ألقدسيةُ في الحبٍ من صفات ألحب ألعذري لذا نَجدهُ يعبر عن ذلك (تعالي نرتشف المباح)
ما هو المباح؟ هو كل ما أجازه الله 
الجميلُ في النثريةِ كل ماورد فيها عبارة عن مفرداتٍ دينيةٍ إلا انهُ لم يتقربْ الى ما يخدشُ ألذوقً أو يتعرضُ الى مسِ الشريعةِ بشئ .
. يختمُ الاستاذ محمد رمضان رائعتهُ بالاستسلامِ المطلقِ لانها هي محط أفكارهِ وغاياتهِ وعشقهِ ولأنها كل شئ كل ما يتمنى المحبُ في حبيتهِ
نصٌ مكثفٌ في الكلماتِ بدأ وأنتهى على وتيرةٍ واحدةٍ لفكرةّ واحدةٍ وهذا يميز النصَ
تحية لك شاعرنا وننتظر منك المزيد
حميد شغيدل الشمري
النص
{لأنها لك وحدك}
توضأ النبض ؟
توجه ألى قبلة أنفاسك..
أكاليل من أيات عشق ..
أطوق بها روحك الملائكية..
هل من شبيه ؟
متفرد أنا بعشقي ..
لن يتقربوا أليك زلفى ..
لا تقبل التأويل خواطري ..
لها قدسية ..
لآنها لك وحدك ..
أتمتم في طقوسي ..
آيات حبك ..
وآتلوها ..
ناسك في محراب قلبك ..
تعالي نرتشف( المباح)؟؟؟؟
لن يتبدد الهيام ..
على مسارات شفتيك ..
يولد الغرام...
وله أنا ،،
فخذي كل شئ ..
لأنك كل شئ ..
قلمي 
محمد رمضان الحميداوي

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 150 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

557,360