دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

دراسات ادبية

edit

فدوى طوقان 
"الرحلة الأبهى"
محمود شقير
أخذ "محمود شقير" مكانته كسارد للفتيان، بحيث أن هذا الأسلوب من السرد هو الذي يميره عن غيره من الكتاب، فحجم الاصدارات التي انتجها في هذا المجال ولهذه الفئة، جعله يغير في أسلوب الكتابة، بحيث يقدم مادة أدبية بلغة سهلة وسلسة وجميلة، وبما أن الحديث يدور عن "فدوى" الشاعرة، فالتأكيد سيضفي هذا المضوع لمسه ناعمة على الكتاب رغم الحزن والألم الذي جاء فيه، لكن "محمود شقير" المتمرس في الكتابة، يستخدم التخيل/الفنتازيا ليخفف من حده الأحداث على القارئ.
الفانتازيا
المدخل الذي أوجده الكاتب للحديث عن "فدوى" كان من خلال استحضارها ـ رغم وفاتها ـ وأجراء حوار وللقاءات معها في القدس ونابلس، فتبدو لنا كأنها عادت بعد مائة عام، لهذا نجدها تتساءل: "هل ما زالت القدس تحت الاحتلال؟" ص11، وهذا السؤال يشير إلى الهم الوطني عند "فدوى"، فما زالت القدس وفلسطين حاضرة فيها حتى وهي في العالم الأخر، وتفكر بخلصهما من الاحتلال.
من مشاهد الاندهاش أن "فدوى" تعتبر غائبة عند النادل، وحاضرة وحية عند الراوي، لهذا نجد النادل يحتار/يستغرب عندما يطلب الراوي صحين كنافة: "قلت له لكي أنهي استغرابه:
ـ صحن كنافة واحد إن سمحت" ص15، وهذا ما جعل اللقاءات والحوارات تمثل حالة خاصة واستثنائية بين "فدوى" والراوي، فهو الوحيد القادر على الوصول إليها ومخاطبتها، من ثمة إيصال ونقل تلك الحوارات واللقاءات لنا نحن المتلقين.
والراوي يكسر حاجز الزمن ورتابة السرد العادي/المألوف من خلال هذا الحوار: "ها أنت مندوب إحدى الصحف أو المجلات؟
ـ أنا أعد كتابا للفتيان والفتيات عن سيرتك للاحتفال بمئة عام على مولدك.
ـ هل تحتفلون بمرور مئة هام على مولدي؟
ـ نعم" ص45، بهذه الأسلوب أستطاع الراوي أن يتجاوز رتابة السرد المباشر ويدخلنا إلى عالم حي وأقرب إلى الواقع منه إلى عالم وهمي.
وذروة الفانتازيا والخروج عن المألوف جاءت في المقطع الأخير من الكتاب: "وقفت أنتظرها عند باب المقبرة، جاءت بفستان أسود وعلى كتفها حقيبة سوداء.
مشينا معا بخطى هادئة واقتربنا من قبرها، وقفنا هناك في خشوع، وكنت أسمع أبياتا من شعرها تلقيها هي بصوت خافت وديع:
كفاني أموت على أرضها
وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشبا على أرضيها
وأبعث زعرة
تعيث بها كف طفل نمته بلادي
ترابا وعشقا وزهرة؟
توقفت عن الإلقاء خيم على المكان صمت مشحون، تلفت حولي ولم تكن فدوى إلى جواري.
كانت هناك في قلبي وفي قلوب الناس" ص104و105، تكمن عبقرية الراوي ليس في إحداث الفانتازيا فحسب، بل في تقديم نهاية "فدوى" فالقصيدة التي اختارها بالتأكيد تلبي طموح "فدوى" وفي ذات الوقت تعطي القارئ خبر رحيلها بطريقة سهلة غير صادمة، لهذا نقول أن الاسلوب الذي انتهجه الراوي في "سيرة فدوى" كان موفقا تماما، فلم يحدث خبر رحيلها صدمة عند القارئ، بل جاء بشكل عادي وطبيعي، وفي ذات الوقت يلبي رغبة "فدوى".
ألم "فدوى"
المرأة في المجتمع العربي تعاني أكثر من اضطهاد، وهذا يعود إلى اننا نعيش في ظل احتلال، أو في دول تابعة ومجرورة للغرب، والاضطهاد الثاني أن المجتمع الذكوري يُعامل المرأة بطريقة دونية، ويعتبرها هي الحلقة الأضعف لهذا نجده يفرغ كل الضغط الواقع عليه من خلال تعامله مع المرأة، كما ان الدين يمارس سطوته عليها من خلال تقديمها على أنها مجرد (حرمة) ضعيفة، لهذا لا نجدها تأخذ ماكنتها كما هو حال الذكور، فدائما يتم التعاطي معها على أنها أقل مكانة وقدرة وعلما وثقافة من الذكور.
تخبرنا فدوى عن همومها وما عانته في صغرها من ظلم فتقول: "في طفولتي، ظللت أتلهف للحصول على دمية تغمض عينيها وتفتحهما، دون أن يتحقق ذلك، ولم أكن أحب ملابسي لا قماشا ولا تفصيلا، فقد كانت أمي تخيطهما بنفسها، ..كنت اتلهف للحصول على حلق ذهبي أو سوار أو فستان جميل أو دمية من دمى المصانع، كنت اتلهف للحصول على حب أبي وأمي، وعلى اهتمام خاص بي" ص16، كلنا يعلم أن هذا شيء مما جاء في كتابي "رحلة الصعبة، والرحلة الأصعب" لكن الراوي قدم لنا حاجاتها ليس ليكرر ما جاء بهما، بقدر أن ينتبه الآباء والأمهات إلى هذه المسألة، وأن يراعوا حاجات الأنباء المادية العاطفية، وأن ينبه الأبناء إلى ضرورة المطالبة والتصريح بحاجاتهم.
إذا ما عدنا إلى الزمن الذي عاشت فيه "فدوى" يمكننا أن نعلم حجم الضغط الواقع عليها كفتاة تسعى لتُكون/تُحقق ذاتها في مجتمع لا يلقي لها بالا أو اهتماما، تخبرنا عن فرحتها بالمدرسة التي أخرجتها من قتامة البيت ورتابته: "في المدرسة تمكنت من العثور على بعض أجزاء من نفسي الضائعة، فقد أثبت هناك وجودي الذي لم أستطع أن أثبته في البيت" ص37، نجد الراوي يركز في على ما يهم الفئة المستهدفة من الكتاب، وكأنه بهذا الكلام الذي جاء على لسان "فدوى" يريد من الفتيات أن ينتبهن إلى أهمية المدرسة ودورها في تحقيق الذات المتميزة والقادرة على اختراق العادي، "فدوى" التي قالت هذا.
في سن المراهقة غالبية الجنسين يمران بحالة استثنائية وعلى الأهل ان يستوعبوهما، تخبرنا "فدوى" عن هذه المرحلة وكيف تعامل الأهل معها: "...كان التواصل الوحيد الذي جرى لي مع الغلام هو زهرة فل ركض إلي بها ذات يوم صبي صغير في |(حارة العقبة) وأنا في طريقي إلى بيت خالتي... أصدر حكمه القاضي بالإقامة الجبرية في البيت حتى يوم مماتي، كما هددني بالقتل إذا أنا تخطيت عتبة المنزل...كان أشد ما عانيته حرماني من الذهاب إلى المدرسة" ص40، إذا ما تقفنا عند هذا المقطع، يتأكد لنا صرامة المعاملة التي تُعامل بها المرأة في مجتمعنا، والهدف من هذا الأمر ـ تقديم المعاملة القاسية للمرأة ـ لفت الانتباه إلى السلوك غير السوي الذي نعامل به الفتيات، والدعوة إلى ضرورة تغييره، والتعامل بطريقة عصرية مع المراهقين، وليس بالطريقة والاسلوب الذي جاء في المشهد السابق.
وتخبرنا "فدوى" عن هوايتها في تعلم العزف على العود: " كنت أحتضن العود وقد اتخذت لي مكانا في الغرفة أمام الشباك بمواجهة باب الدار، حتى لا أفاجأ بدخول أبي أو أحد أبناء عمي، وأشرع في العزف والغناء بصوت خفيض، حتى إذا ما برز رأس أحدهم بالطربوش الأحمر نهضت مسرعة وخبأت العود في خزانة ملابسنا الكبيرة" ص52، أليس من المعيب أن نحرم ابناءنا وبناتنا من حرية ممارسة هوايتهم؟، أليس من المعيب أن يكون العزف على العود أو أي آلة موسيقية عيب/حرام/ممنوع؟.
وبعد سفر أخوها "إبراهيم" إلى العراق نجدها تمر في حالة نفسية بائسة: "...عدت أوغل في هجرتي النفسية وفي الرحيل داخل الذات، إن الشيء الأكثر أهمية هو ما يحدث فينا لا ما يحدث لنا، أصبح الحزن منذ الآن هو العنصر الأساسي في حياتي" ص69، هذه المشاعر الإنسانية توكد على أهمية أن يكون هناك علاقة صداقة بين الأخوة، بصرف النظر عن الجنس، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تشير إلى أن البعد بين الأحباء/الأصدقاء/الأخوة هو أمر موجع ومؤلم، كأن "فدوى" تدعونا لنكون معا ولا نفترق مهما كانت الظروف، لأن ألم الفرقة قاتل ومؤلم.
المرأة
تحدثنا "فدوى" عن المرأة وما تعانيه من قهر في مجتمعها، منبه إلى أن هذه المعاملة غير سوية ولا تتناسب والطبيعة الإنسان العصري: "... البيت أثري كبير من بيوت نابلس التي تذكرك بقصور الحريم والحرمان" ص27، من المفترض أن يكون هذا البيت التراثي له مكانة محببة عن "فدوى" الشاعرة ،لكن التعامل غير الإنساني جعله مكان غير مرغوبا فيه.
وتطرح تساؤلات عن حقوقها كإنسانة قبل أن تكون امرأة، تقول: "ما دام يحب الطرب، فلماذا يحرمنا من العزف والغناء؟" ص28، أيضا تنبيه إلى أن هناك خللا في المعايير التي يحكم بها المجتمع على عمل المرأة، فما هو متاح للذكر ليس متاح للأنثى. 
وحتى عندما يُطلب منها أن تقوم بإلقاء القصائد، نجد في هذا الطلب حالة 
غير منطقية/غير طبيعية: "كيف وبأي حق أو منطق يطلب مني والدي نظم الشعر السياسي وأنا حبيسة الجدران؟" ص71.
المهدئات
المهدئات التي يستخدمها الأدباء/الشعراء تكمن في تناوهم المرأة/الرجل، والكتابة/القراءة/الموسيقى، والطبيعة، والثورة/التمرد. في حالة الشاعرة "فدوى" كان لا بد من تتناول بعض هذه المهدئات، تحدثنا عن الطبيعة: "وكان الخروج من البيت إلى آفاق الطبيعة الرحبة يشكل راحة لنفسك وبخاصة حين يتم ذلك برفقة صديقتك علياء" ص29، من خلال الطبيعة كانت تأخذ "فدوى" جرعة مهدئة تجعلها قادرة على مواجه الصعاب، وتخطي الأزمات وحالات الضغط التي تتعرض لها.
والطبيعة لم تخفف من حالة الضغط على "فدوى" فحسب، بل نجدها تلهمها لتكتب قصيدة تقول فيها: 
"هنا، هنا، في ظل زيتونتي
في ضفة الوادي، بسفح الجبل
أصغي إلى الكون واما تزل
آياته تروي حديث الأزل" ص32، وكأن الطبيعة منحت "فدوى" عامل مهدئ آخر، هو الكتابة، ومما يجعل الطبيعة فاتحة للتحرر من كآبة وبوس الواقع.
وتحدثنا عن الكتب ودورها في تهدئة نفسها وخلق حالة وعي جديدة، تتجاوز العادي/المتاح: "...كان عالمي الوحيد في ذلك الواقع الرهيب بخوائه العاطفي هو عالك الكتب، كنت أعيش مع الأفكار المزروعة في عالم الكتب، معزولة من عالم الناس" ص70، نجد دعوة من "فدوى" ـ غير مباشرة ـ إلى الاهتمام والتوجه إلى العالم الجميل، العالم الذي يحررنا من واقعنا البائس، إلى عالم الكتب والفضاء الرحب والمفتوح، فلا حواجز أو عوائق أو ستائر بين الكاتب والقارئ.
بهذا يكون "محود شقير" قد أدخلنا إلى عالم "فدوى" الشاعرة، والإنسانية، والمرأة المضطهدة، والمرأة المتمردة، التي أثبتت وجودها في ظل احتلال يقمعها كما يقمع شعبها، وفي ظل مجتمع يمارس سطوتها عليها، فاستطاعت أن تُكِون "فدوى طوقان" الشاعرة وتُخرجها لنا من بين اضطهادين، فأي امرأة هذه التي تتجاوز اضطهادين مها؟.
ولكن!!
... ولكن بعد الصفحة سبعين وجدها هناك سرد متواصل على لسان "فدوى" دون وجود تلك السردية التي استخدمت في بداية الكتاب، ونشعر وكأن الراوي يريد أن ينهي الكتاب بسرعة، لهذا أهمل جانب الفانتازيا، لكنه يعوض هذا (الخلل) في نهاية الكتاب الذي جاءت بخاتمة في غاية الروعة والجمال. 
الكتاب من منشورات مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 142 مشاهدة
نشرت فى 19 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

موسوعة شعراء العربية
المجلد التاسع - الجزء الثاني
شعراء العصرالحديث
بقلم فالح الكيلاني
( الشاعر اليــــــاس لحــــــــــود )
هوالشاعر إلياس حبيب لحود – شاعر لبنان وبلبلها الشادي 
ولد الياس لحود عام \1942 م في مدينة (مرجعيون) – من اعمال جنوب لبنان - تعلم تعليمه الاولي في بلدته،(مرجعيون ) في مدرسة الراهبات في جديدة مرجعيون ثم تابع دروسه الثانوية والعالية في (صيدا) و(بيروت) حصل على اجازة اللغة العربية وادابها من الجامعة اللبنانية في بيروت عام \ 1969 وبعد تخرجه - مارس التعليم فترة طويلة، ثم انتقل إلى الصحافة الثقافية فشارك في تأسيس مجلتي (الفكر العربي)، و(الفكر العربي المعاصر) ، وأنشأ مع عدد من أصدقائه مجلة (كتابات معاصرة)، وترأس تحريرها منذ\ 1989 م – ثم عمل مديراللامور الادارية لاتحاد الكتاب اللبنانيين، و عضوا في المجلس الثقافي الجنوبي .
كان والده ميكانيكيا متخصصا بإصلاح السيارات و شاعراً شعبياً وكذلك كان بعض أقاربه شعراء الشعبيين. تأثر كثيراً بهذا الجو الشعري والأدبي منذ صغره. وكان هذا الميل الأدبي يزداد لديه نمواً كلما تقدم في دراسته الثانوية والجامعية، فتأثر ببعض أدباء وشعراء العرب التجديديين أمثال صلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وخليل حاوي. ومن شعره الحر يقول :
شهقت فساتين النساء مزغردات
حين طلّ الأشبهيّ على أكفّ الأمّهات.
ألقوا على حانوت بطرس دمعتين
وكاد أحمد أن يكون جريدة من أذرع أو ضفّتين
من الحجارالأرض بيت النار
بندقية جارنا عباس
تغمزه أذا لمعت غمامه
الأرض مملكة القيامة
الجسم بيت لا يكف عن المسير.. 
قال جدي يا ذكي إذن الأرض جسمك
لا يضاع ولا يباع/الأرض خبزك... 
أنت خبز الأرض للشهداء/من عرق جبينك
أنت من عرق الجبين... 
وغمرت دفء تراب جدّي مثل تفّاح تصدّى
ووقفت وحدي
بين كفّ الأفق والريحان
قطف قبلة من ثغر يولا 
يقول لحود عن فترة تكوينه الادبي إنه كان يقرأ كل شيء يصل اليه من الشعراء الجاهليين حتى شعراء الحداثة مروراً بالرومانسيين من العرب والأجانب.وكان لا يميز في الثقافة بين الشرق والغرب. وما كان يهمه الا الشعر الإنساني و الوصول إلى فنيّة تجاوزيّة تؤكد تقدم الشعر و مستقبله يقول في احدى قصائده من الشعر الحر :
يُمطرُ دمعتَيْهِ:
صور) دمعةٌ في البحر و(الخيام) دمعةٌ في البرِّ)
والضحى قبور
تدحرجت إلى الفضاءِ أوْرَقت
برقاً وسنديان
أزقَّةُ البرِّ على أكفّها الخيامُ أقحوانةً حمراءً
من يافا إلى حنينها النائي وبازوليني:
موجةٌ أعمدةٌ، وموجةٌ من الصخور خلفها
موجات أرجوان
أزقَّة البحر على هدوء (صورَ) عطلةٌ تنزفُ :
(صور) أرجوانةٌ مُسافره
تبسط كفَّها وتبسطُ الخيام ُكفها
يُسلِّمانِ فوق قلعة (الشقيف) كلّ قبضة منارةٌ
وصرْخَتا نسور
عمل الياس لحود مدرساً في المدارس الثانوية وصحفياً في مجلتي الكفاح العربي والفكر العربي المعاصر، وأصبح عضوا في نقابة المعلمين وأمين الامور الإدارية في اتحاد الكتاب اللبنانيين وعضواً في اتحاد الكتاب العرب
كتب قصائده الأولى باللغة الفرنسية وهو في التاسعة والنصف من عمره، ثم كتب القصيدة العمودية وهو في العاشرة واتجه وهو في الثالثة عشرة من عمره إلى القصيدة الحرة.و في قصيدة لجدته من الشعرالعمودي يقول :
ايا جدتي كلّما لاح طيف
كئيب نسائله عن صبانا
وعن ذكريات يعود صداها
عتيقاً فيرتاب منه صدانا
ايا دمعتي افرغ العمر كأسي
كما تفرغ ألحانه الزاخره
وأرسلني في طلاب شبابي
وما زلت في سنه الباكرة
نوافذنا.. والمساء توارى
حزيناً يعاتبنا من جديد
وأنظارنا.. والسناء بطيء
تسوح على عالم من جليد
أيا جدتي اين احطابنا
لقد ملّ اصغاءنا الموقد
ايا ليتنا ما نسينا زماناً
اقمنا به– حوله– ننشد
-اما دواوينه الشعرية فله العديد من الدواوين الشعرية منها :
على دروب الخريف 1962 م
السد بنيناه 1967 
فكاهيات بلباس الميدان 1974 م 
المشاهد 1980 م
شمس لبقية السهرة 1982 م 
الإناء والراهبة 1990 م
ركاميات الصديق توما
وكرت المسبحة
قصائد الشرفة
ثم جمعت اعماله الشعرية وصدرت له في عام \ 2012 الأعمال الشعرية الكاملة في أربعة مجلدات 
شعرالشاعر الياس لحود وقصائد ه تمتاز بإيقاعات شعريةعالية فقد كتب في بداية حياته الادبية القصائدة العمودية ذات الوزن والقافية ثم كتب في شعر التفعيلة،(الشعرالحر )المنفتحة على عوالم ومشهديات متعددة متاثرا بشعراء هذا النوع من الشعر الجديد ذلك في القصائد الطويلة بل حتى في قصائد مضغوطة وقصيرة. نلاحظ فيها نبرة أشبه بالتلاوة المتعالية أو الإنشاد الخفيف تفرض نفسها على المتلقي وعلى ما يقرأه من حيث الإيقاع والدندنة والغناء، وهي صفات وممارسات تفتح القصيدة ذاتها على مساحات واسعة للتعبير في الإنشاد والترجيع والتدوير التي تنشأ من لغة القصيدة، ولكنه يظل مطارداً بالوزن والإيقاع وأحياناً بالقافية فشعر الياس لحود يستثمر خصوبة وطراوة اللغة العامية التي كتب بها ايضا شعراً عاميّاً وانشد القصيدة المفتوحة على لغة او لهجة تسمح بتغيير الإيقاعات والانتقال في الزمن وتبديل الضمائر، وهو ما نراه في شعره يقول في احدى قصائده : 
الإناء والراهبة -1
الفجر إناء ٌ من الضّوْءِ
يكسرُهُ الفجْرُ حولَ البيوت ْ
السكوت
أوَّلُ ما تفتح ُ الشمْسُ أجفانها للسُّكوتْ
النافذة
تُودِّعُ كلَّ المصابيح ِ سرَّاً
و تسْتقبِل ُ العُمْرَ في النافذه
* راهبة
بينما الورْدُ يبني إناءً بَنَتْهُ بأجفانِها الراهبهْ
* المشاوير
يمرُّ النهارُ
وينسى مساميرهُ في النوافذ ِ
يَلْوي مَشاويرَهُ في القلوبْ
يسيرُ النهار ُ
ويلْهو وحيدا ً على ضفَّة ِ الوقت ِ يستقبل ُ الذاكرهْ
المشاوير ُ زَوْبَعَة ٌ ذابِله
* المساء
ترجع ُ الراهبات ُ من الأُقْحُوَانات ِ قبل انتباه ِ المساء
* البراري
زُمرة ٌ من زهور البراري تجرُّ الإناءَ إلى الطاوله
* البيوت
ضمَّة ٌ من زَوابع َ في وجْهِها تَنْطفي
ضمَّة ٌ من شوارعَ في يدِها
ضمَّة ٌ من بيوتْ
* ابتهالات
عندما نسِيَتْ فمَها في الحديقة ِ
عندما تركَتْ وجهَها في الزجاج ِ المُقَطَّب ِ يَسْتنطِق ُ الهاويه
ضمَّة ٌ من ورود ِ النوافَذ ِ تُطفئها ضمَّة ٌ من هواء ٍ ضرير
* الأُقحوانة
تجيء ُ من الأُقْحوانة ِ راهبة ٌ تقطف ُ الأقحوانَه
لمن تَهْدمُ الشمس ُ ذاهلة ً كل َّ هذا البهاءْ
ركام ٌ من العشق ِ في الصوت ِ في المقْلَتَيْن ِ حُطَامُ السَّماء
واختم بحثي بقصيدته ( مقفاة في حالة انعدام الوزن) يقول فيها: 
ماضٍ كماضٍ وآتٍ من جروح نبي 
كأنه الموت مصلوباً على الشهبِ 
عروقه الجمر كفَّاهُ دجى شجَرٍ
دموعه البحر عيناه مدى لهَب 
ترابُهُ الحزنُ دنياهُ فضاء ضنيً 
في قلبه انهدّ بركانٌ من التعَب 
كؤوسهُ النارُ تذكيها سفائنهُ 
مشتْ على النار لم تغرق ولم تغِب
رمادُهُ المنتهى يمتد أوله 
فيه وآخرهُ في دمعة العرب 
ضٍ كماضٍ وآتٍ من جروح نبي_
كأنه الموت مصلوباً على الشهبِ
عروقه الجمر كفَّاهُ دجى شجَرٍ
دموعه البحر عيناه مدى لهَب
ترابُهُ الحزنُ دنياهُ فضاء ضنيً 
في قلبه انهدّ بركانٌ من التعَب
كؤوسهُ النارُ تذكيها سفائنهُ 
مشتْ على النار لم تغرق ولم تغِب
رمادُهُ المنتهى يمتد أوله 
فيه وآخرهُ في دمعة العرب
مرابضُ الأهلِ أنقاضٌ مشرّعة 
من (دارميّة) حتى (ربعها الخرب)
كل الرِّماحِ حنتْ والخيلُ راكعة 
والكتْبُ خاشعة والحكيُ في القرب
لا الليلُ ليلٌ ولا الخيل العِرابُ كذا 
خيلٌ... ولا الشمس والبيداء بعض أبي
الخيلُ من ورقٍ... والليل من حجرٍ... 
والدمعُ من إبرٍ... والسيفُ من خشب 
كأنما كلُّ حرفٍ في فمي قدرٌ 
أعمى يعلّمني (التجليس) بالأدب
منه تزاورني لكنني كلما جلَّستُ
ساقطةً في حومة الغضب 
تحمرُّ في فمها الألفاظ شاحطةً 
كما الصواريخ في صحراء من علب 
كأنما كل شيء راكب غلطاً 
من درفة الباب حتى نشوة الطرب 
كأنما كل شيء راكبٌ خطأ 
سهواً على كل شيء في مطال صبي 
كأنما كل شيء يمتطي بشراً 
يمضي يُخيّل فوق البحر في عجب 
فوارسٌ في رحاب الدهر صارخها
يعلو بلا سببٍ يهوي بلا سبب
حتى إذا أفحلتْ واشتدَّ فارسها
فالحبلُ من فمه والذيلُ من قصب 
كل يسوق بكلّ والجبالُ هوتْ 
(ياأمَة العُرْبِ سوقي أمّةَ العَرَب) 
قبيلة من خليج الويلِ مركعه 
إلى محيط الشقا والليل والنُّوب 
بطونُها في بطون (المجد) ضامرة 
كأنها حِصرم مصُّوه في حلب 
قصيدة من غروب الشعر مطلعُها
إلى الغروب دواليها بلا عنب 
قبيلة في عروق الغزْو ضاربة
قصيدةٌ مزَّقتْها الريح في السحب 
كلٌّ يغنّي على ليلاهُ يدفنُها 
حيناً مع النصر أو حيناً مع الهرب 
لكنّما الأرضُ أرض والبلادُ بلا... 
أَمَّا بلادي بلادٌ.. آه واعجبي 
قالت بلا أبداً نامت بلا أبداً 
ماتت بلا أبداً موتاً على الطلب
من كتاب (شعراء العصرالحديث ) م9 ج2)
.
اميرالبيــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجيةالكيلاني
العراق- ديالى - بلـد روز
**************************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 154 مشاهدة
نشرت فى 18 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

"يو توبيا الدولة الإسلامية"
سعادة أبو عراق
نحن في أمس الحاجة إلى كتب فكرية، تحرك العقل الراكد وتحفزه على الانتقال إلى حالة جديدة متقدمة، تتجاوز الإرث البائد الذي أثقل ويثقل أي عملية تحرر للفكر أو العقل، ورغم أنه يوجد العديد من الكتب التي أنجزت حول موضوع التحرر الفكري وتحرير العقل العربي من مخلفات (السلف الصالح)، إلا أنها في غالبيتها كانت للنخب المثقفة وليست للعامة، ورغم أهميتها وعمق التحليل فيها إلا أن المواطن العادي لم يستطع الوصول إلى ما فيها، هنا تكمن أهمية كتاب "سعادة أبو عراق" "يوتوبيا الدولة الإسلامية" فهو يقدم مادة فكرية تحليلية بأسلوب بسيط وسهل ومقنع، ويمكن لأي قارئ أن يصل إلى الغاية منه، فحجم الغباش وكثرة الغبار وتغيير الألوان كلها حالت دون أن يكون هناك تقدم باتجاه التفكير العلمي التحليلي، مما أبقى المواطن في المنطقة العربية ـ عبر عقود ـ أسير لما يقدم له عبر الأعلام من مواد جاهزة، فالفضائيات والنت حاليا لهما الدور الأكبر في استمرار حالة الخمول والجمود الفكري ، فالمواطن مكتفيا بهما وبما يقدمانه من مواد متنوعة دون أن يقدمها للبحث أو التحليل أو التحقق من صحتها.
الكاتب يقسم الكتاب إلى فصول والفصول إلى أجزاء، والجزء يقدم فكرة محددة عن موضوع بعينه، ما يجعل المادة المقدمة سهلة الفهم وترسخ في الذهن، وهذا الاسلوب بحد ذاته وجدناه عن "سعادة أبو عراق" في كتبة العلمية التي قدمها للفتيان، كما هو الحال في كتب "مخترعون صغار، ومدرسة المبتكرين" كل هذا اعطاه مقدرة على الخطاب السهل والعميق في ذات الوقت، فلا نجد عنده الصوت العالي أو الحماس بقدر الاهتمام بالتحليل والعقل، لنكون قادرين على التحرر من هيمنة أي شخص أو أفكار مسبقة.
في هذا الكتاب يتقدم الكاتب من المقدس بخطى قوية، محدثا خللا في العديد من المسلمات التي أخذت عن طريق السمع أو المشاهدة، فمن خلال التحليل العلمي والمنطقي يقنعا بأننا لم نكن نسير بالطريق الصحيح، وما أدل على ذلك من حالنا وما آلت إليه أحوالنا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية، فكل الامم تتقدم إلا أمتنا في حالة تقهقر وتراجع على كلفة المستويات والاصعدة.
أول ما يطرق الكاتب يطرق باب العلم والتقدم العلمي والذي هو احد الأسس التي تعتمد عليها الامم في تقدمها ورفعتها، منوّها إلى أن الثقافة السائد تعتمد على الغيبيات وعلى تناول الماضي والاهتمام به، على حساب الحاضر والمستقبل، فيحلل لنا فكرتنا عن معركة مؤتة وعدد الجنود الذين شاركوا فيها، موضحا أن مكان المعركة لا يحتمل المائة ألف او المئتين التي ذكرها المؤرخون، كما يحلل الطريقة والصورة التي قدموها لاستشهاد "جعفر بن أبي طالب" والتي تخالف المنطق والعقل.
والكاتب لا يكتفي بهذا بل نجده يتناول حالة المرض في العقل العربي الذي يعتمد على الفروع ويتجاهل الأصل، والمقصود هنا أخذ أصحاب المذاهب الأربعة وكأنهم مقدسين "لا يأتيهم الباطل" مما جلعنا أكثر خمولا وجمودا وعقما، بحيث لم نستطع أن نتجاوزهم أو نخرج من الدائرة التي أوجدوها، علما بأنهم أفراد مجتهدين يمكن أن يصيبوا أو يخطئوا، لكن حالة القدسية جعلت العقل العربي يبقى في سبات يجتر ما انتجه هؤلاء الأربعة، متجاهلين أن هناك فلاسفة ومفكرين اتهموا بالزندقة والتكفير كالمعتزلة لأنهم خرجوا على ما هو سائد.
من هنا يؤكد "سعادة أبو عراق" على ضرورة التعدد والتنوع الفكري والمذهبي في المجتمع، موضحا أن الديانات الأخرى كاليهودية والمسيحية في بلادنا استمرتا دون ضرورة لوجود دولة دينية، بمعنى أن المجتمع بطبيعته يتكون ويتشكل من مجموعة أفكار/عقائد وليس من فكرة/عقيدو واحدة كما يريد البعض، ويؤكد على هذا الأمر من خلال استمرار وجود طوائف كالأيزيدية والدروز والمندائية، والعلوية منذ أمد بعيد/ وجميعنا نعيش في حالة اجتماعية منسجمة. 
في الفصل الثاني يتحدث الكاتب عن فكرة الدولة الدينية، دولة الخلافة، وهل هي ضرورة للحفاظ على الدين"، أم أن مهمة الدولة غير هذا الأمر؟ من هنا نجده يتحدث عن الدولة ودورها الذي هو بالتأكيد ليس ديني، منوها إلى مفهوم فضفضت الدولة الإسلامية، يجعله مفهوم عام غير قابل للتحقيق على أرض الواقع، وهي وأن قامت وأرادت أن تخدم دين بعينه سيكون أثرها سلبي على بقية أفراد المجتمع، لأنه يوجد في مجتمعاتنا العربية ديانات وطوائف متعددة، بحيث لا يمكن بأي حال أن نعاملهم كأجانب، أو كعناصر غريبة، لأنها جزء أصيل ووجدها أقدم وأعمق من وجود الإسلام. من هنا علينا الانتهاء من مفهوم الدولة الإسلامية أو دولة الخلافة الإسلامية، والتقدم نحو الدولة المدنية المتعددة والمتنوعة. 
وهنا يضع مجموعة من الأسئلة التي تفتح آفاقا أمام القارئ ليبحث في حقيقتها:
1 ـ لدولة مرتبطة بكينونة خاصة بالمكان والزمن.
3 ـ الدولة لا يصنعها فكر أو دين او عقيدة وإنما الواقع والظروف المحيطة.
4ـ الدين الإسلامي بما هو ديانة لم يكن يوما هو العامل الأساس لقيام دولة عربية إسلامية.
5 ـ وحينما بدأت الرؤى المختلفة تتعمق وتتسع بفروق عميقة، مثل السنة والشيعة والخوارج والرافضة وغيرهم، وانشقاقات داخلية في هذه الفرق أصبحت الدولة الإسلامية تتشظى وتتفتت، بينما الدين بقى ثابتا، لكنه لم يحفظ وحدة المسلمين.
6ـ إذن فالدين قديما لم يكن عاملا أساسيا في بناء الدولة، فكيف بهذا العصر الذي ما عاد يهتم بالعقائد بل بالتكنولوجيا.
8ـ وأعلموا أيضا أن الدولة لا يمكنها أن تفرض على الناس دينا أو فكرا أو توجيها أو عقيدة أو تنزعه منهم." ص48و49.
اعتقد أن هذا البنود ترد بشكل حاسم وقاطع على من يطالب بدولة دينية، والتي ستكون ـ إذا ما قامت ـ كارثة على المجتمع ونسيجة المتنوع والمتعدد.
وفي هذا الفصل يتحدث عن الفرق بين الدين والقومية، فهما يلتقيان في مسائل ويختلفان في أخرى، ففي بداية الفتحات الإسلامية كانت كلمة مسلم تعني العربي والمسلم، لكن بعدها أصبح هناك الفارسي والتركي، من هنا يريدنا "سعادة أبو عراق" أن لا نقع في (اللخبطة) التي يطرحها البعض متعمدا: أن الدين الإسلامي يلغي ويغني عن القومية، فهناك قوميات لدول إسلامية وحدث بينها خلافات وتباينات وحتى الحروب.
من هنا علينا إزالة الغمامة عن مقولة أن الإسلام صالح وشامل وكامل لكل الدول والأمم ولكل العصور والأزمان، موضحا إلى الجريمة التي اقترفها الاخوان المسلمون عندما أرسلوا شبابنا إلى أفغانستان، والتي تكمن في:
2 ـ أصبح الجهاد يستقطب الشباب في أفغانستان والشيشان والبوسنة وغريها، ومثل هذا العمل قد جر على شعوبهم ويلات هم في غنى عنها" ص59، ولمن يريد أن يتأكد أن ما حدث في أفغانستان هو خراب لها وليس جهاد، فعلية قراءة رواية خالد الحسيني "ورددت الجبال الصدى" ليتأكد أن المجتمع الأفغاني قبل قدوم هؤلاء (المجاهدين) كان ينعم بالأمان ووجود دولة كأي مجتمع آخر، ولمن يريد أن يعرف حقيقة ما وراء إرسال (المجاهدين) إلى أفغانستان عليه أن يتوقف عند ما نتج/فرخ/أوجد/خلق عن (المجاهدين)"القاعدة وداعش والنصرة" والذين حرقوا وخربوا وشردوا وقتلوا أربع دول بشعوبها "العراق، سورية، ليبيا، اليمن". 
القسم الثالث يعطي نماذج من التاريخ القديم والمعاصر على تعدد فكرة الدولة، فهناك فرق كبير بين بداية فكرة الخلافة التي بدأت بأبي بكر الصديق وبين فكرة الخلافة عند معاوية بن أبي سفيان، وبين فكرة الخلافة عند أبو جعفر المنصور، فلا يمكننا أن نتعامل مع هذه (الخلافات) بمنظور واحد، فلكل دولة كان لها ظرفها وطبيعتها وأسسها التي تتناقض مع من سبقتها، من هنا كانت الصراعات والحروب هي التي أوجدت تعدد في الخلافات، ومن ثم التجزئة والتقسيم، بحيث لم تعد هناك دولة (خلافة واحد) بل مجموعة دول ومجموعة خلافات، وهنا نستذكر أنه بعد أن تم قتل "علي بن أبي طالب" كانت هناك أربعة ألوية، وكل لواء يمثل دولة خلافة، تذهب إلى الحج في مكة، وهم "لواء الحسن بن علي، لواء معاوية بن ابي سفيان، لواء طلحة بن الزبير، لواء عبد الرحمن بن عوف، وكل طرف كان يدعي أنه خليفة وأخذ البيعة.
من هنا يدعونا الكاتب لننظر إلى الدولة على أنها المؤسسة التي تحافظ على مصالح المجتمع وتنظمه وتقدمه إلى الأمام، لا أن ننظر إليها على أنها (دينية) تسعى للحفاظ على الدين ومحاربة غير التابعين لدينها.
القسم الرباع يتحدث عن الإسلام والسياسة، وعلى ضرورة أن ننظر إلى كلا منها على أنه عالم مستقل عن الآخر، فلا يمكن أن نجمع الدين مع السياسي لتنافر وتباعد الموضعين/الفكرتين، ولا يكتفي "سعادة أبو عراق" بهذا الأمر، بل يقدم لنا أن الفكرة الواحدة للدولة أو للدين لها أكثر من منظور، من هنا تم التعامل في المجتمع العربي الإسلامي مع أربعة مذاهب، ولكل مذهب حججه وتفسيراته، وبالنسبة للخلافة فهناك مجموعة أسئلة تكشف هشاشة فكرة الخلافة/ وهي: فهل حدد الإسلام أسلوب انتخاب الخليفة؟ وكيفية تداول السلطة؟ وموجبات عزل الخليفة؟ وإذا تنازع اثنان على الخلافة هل يحق لنا أن نقتل أحدهما أو كلاهما؟ وماذا لو كانوا أربعة؟ من يحق له القتل؟ وهل الخليفة معصوم. إذ لا يحق لنا أن نخرج عليه ولو جار؟ وما هي شروط البيعة؟ وما الفرق بين البيعة والانتخاب؟ هل البيعة بتزكية الأسرة الحاكمة، لماذا الأسرة الحاكمة لا ترشح اثنين أو ثلاثة، تعطي لنا حرية الاختيار؟ وما نسبة المبايعين التي نعتبرها كافية؟ ومن يضمن عدل الخليفة وعدم تغوله على المسلمين" ص76، اعقد أن هذه الأسئلة إذا ما توقف عندها القارئ بالتأكيد سيصدم وسيتأكد أن الشعار الفضفاض (الخلافة الإسلامية) ما هو إلا وهم/سراب، لا يستند إلى أية فكرة واضحة، بل فكرة هلامية عامة خادعة. 
ويعيدنا الكاتب إلى بداية فكرة الإسلامي السياسي عندما استخدم معاوية المصاحف مستشهدا بموقف "علي بن أبي طالب" وتنبهه لهذه الخدعة بقوله: "أن القرآن كلمات على ورق ونحن الذين نفهمها ونستخرج المعاني" ص78، وكأن الكاتب بهذا القول أن يؤكد أنه منذ بادية التاريخ الإسلام وهناك من يستخدم شعار الدين والإسلام والقرآن لغايات سياسية شخصية، تبدو للنظار العادي أنها محقة وتخدم الإسلام والمسلمين، وفي باطنها تكمن المصلحة الشخصية، وهذا يمثل ردا على من يرفع شعار "الإسلام هو الحل". 
ويقدم لنا حقائق تؤكد على أن الدولة/الخلافة ليست ضرورية للحفاظ على الإسلام:
"1ـ لا يوجد نص قرآني صريح بإقامة الخلافة أو أي نظام سياسي.
2ـ أن رسول الله "ص" لم يكن حاكما، ولا ينبغي له أن يكون، فرسالته تسمو به فوق السلطة السياسية.
3ـ إن نظام الخلافة مهما كانت شريعته، لم يكن في يوم من الأيام سمنا وعسلا، بل هو حكم يقوم على الاستبداد." ص 83.
الفصل الخامس يتحدث عن الافكار والتيارات الإسلامية السياسية المعاصرة، الاخوان المسلمين وحزب التحرير، موضحا أن الطرحين لإقامة الدول الإسلامية يؤكد على تنوع وتعدد أنظمة الحكم، ولا يوجد نظام بعينة يمكن أن نشمله ونسقطه لوحده على مفهوم الإسلام.
وينقل لنا ما طرحه "سيد قطب" من افكار حول الحكم الإسلامي والذي يستند إلى
1ـ الحاكمة، والتي تعني "أن كل الأحكام غير الشرعية أو غير المستقاة من أحكام الله الواردة في القرآن فهي باطلة، لذلك يجب إزالة كل نظام سياسي أو اجتماعي له هذه الخاصية" ص92، وهنا بداية التنافر بين فكر الاخوان المجتمع.
2ـ الجاهلية: والتي تعني "حكم البشر للبشر، لأنها هي عبودية البشر للبشر، والخروج من عبودية الله، ورفض ألوهية الله، "ص 93، نلاحظ أن هناك تباعد متصاعد بين ما يطرحه "سيد قطب والمجتمع المصري.
3ـ التكفير، والذي يلخصه "سيد قطب بقوله: "إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي" ص 94، وهنا القطيعة مع المجتمع المصري ، وقطيعة مع كل المجتمعات على وجه الأرض.
4 هنا كان سيد قطب قطب قد وضع اصبعه على الخلل ، فلماذا لم يبحث عن الحل ويستحدث لنا شريعة مستمدة من القران نتبعها بدلا من ان نستورد النظم والقوانين من الغرب، ولماذا لم يحاول ان يناقش افكار المعتزلة الذين قالوا بعدم جواز الوراثة في الحكم ، وان الدولة لا تقوم على الدين بل تقوم على الاقتصاد، وان البيعة يجب ان تكون حقيقية وليس شكلية ، اليس فكر المعتزلة من الفكر الإسلامي
وهنا تكمن خطورة الفكر الديني السياسي، فإذا كان يكفر المسلمين ، فما بالنا بمن هم غير مسلمين؟، من هذا التكفير يمكننا ان نفهم ما فعلته القاعد وداعش والنصر من قتل وعبودية واسترقاق لأهلنا في العراق وسورية، وأن نفهم الخراب والقتل والتهجير والتشريد والدمار الذي أحدثوه في بلداننا بحجة (إقامة شرع الله) ونحن هنا نقول إذا كان (شرع الله) يؤدي إلى ما نحن فيه، فلا نريده. 
الكتاب من منشورات دار زحمة كتاب ونشر، مصر.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 150 مشاهدة
نشرت فى 15 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

موسوعة شعراء العربية 
المجلد التاسع - الجزء الثاني
شعراء العصرالحديث
بقلم د فالح الكيلاني
( الشاعرة هـدى النعماني )
هي هدى خانم النعماني الدمشقي النابلسي كاتبة وشاعرة 
ولدت هدى في مدينة (دمشق ) في عام \ 1930 وتعلمت بمدرسة الفرنسيسكان ومدرسة الليسه بدمشق ، فمدرسة الليسه الفرنسية – العربية وتخرجت من ثانوية الفرنسيسكان ب(دمشق) سنة\ 1947 . التحقت بكلية الحقوق في الجامعة السورية ب(دمشق) سنة\ 1950 ومارست المحاماة بعد تخرجها في مكتب خالها المحامي (سعيد الغزي)
هدى النعماني نشأت في بيوت تكتنفها الرؤى الصوفية, فجدها الأكبر الشيخ (عبد الغني النابلسي),كان صوفيا وكذلك العلامة (نجم الدين الغزي) فكانت تذهب إلى المنطقة السابحة في عالم الصوفية, ففهمت لغة حساسة وناعمة, ودخلت ذلك الحيز المفتوح ما بين الأرض والسماء لتتقن الصوفية واصولها ومعتقداتها من اصولها كما يذكر صاحبا كتاب (الكاتبات السوريات) مروان المصري ومحمد علي الوعلاني
وقد تزوجت من قريبها (عبد القادرالنعماني) . 
كتبت بالعربية والإنكليزية والفرنسية. وبدأت النشر منذ الستينيات وعرفت بكتاباتها الصوفية فهتفت للحب الإلهي.. وكان لها حضور واسع في الاوساط الادبية والفنية من مؤتمرات وندوات عالمية كشاعرة لها صوتها الخاص ورؤاها الفنية والفكرية وفي توحد الانسان والكون .
ثم انتقلت ا لى مصر عام 1962 واقامت في القاهرة بمصر حوالى عشر سنوات .
هدى كاتبة وشاعرة وفنانة . كتبت القصة و المقالة تتلمس الشاعرة بين سطورها ، و نظمت الشعر فترى الرسوم تتراقص بين ابياتها في صور شعرية رائعة ، وفنانة رسامة ان رسمت منحت لوحاتها بريق عينيها المستبشرتين بالامل حتى ولو حزنت او تألمت و موسيقية تعزف انواع الموسيقى فهي جملة فنون في تجمعت في شخصيتها الواحدة لتكون هدى النعماني . 
الا انها شاعرة قبل كل شىء ، تعلقت بالسراب فما زالّت أقدامها لتغرق في اللاأمل .. فسرابها بمثابة جسر عليه ان يبقى … وان يدوم.وكان شعرها مترفا, وكانه يطرق الحياة بمطرقة لدنة رقيقة فشعرها يغرق في قلق غامض ينتظرالولوج الى باب الجنة الصوفية اللذيذة, الملولة, التي تعذبها غربة, وربما نعرفها, نحن الذين درسنا التصوف وكتبنا فيه ذلك الشعر المرهف الصاخب, اللاهث اتجاه مشكلات وقضايا ونتائج غالباً ما تكون مدهشة تقول في قصيدتها
( الخندق ) لتتخيل قصة سوء الفهم بين الشرق والغرب :
عالق في قفص ضائع
مدينة ضائعة
قارة ضائعة
يقيّمونَه
مئات الباحثين
مئات الميكروسكوبات
مئات المصابيح الزرقاء
نصف عربي، نصف مسلم، نصف إرهابي!
المجهر يقول.
الحكم بالموت.
نصف رجل آلي
نصف عبد
نصف حيوان
تقول المصابيح الزرقاء
نصف عربي، نصف مسلم، نصف إرهابي!
المجهر يقول.
الحكم بالموت.
نصف رجل آلي
نصف عبد
نصف حيوان
تقول المصابيح الزرقاء
الحكم بالموت.
نصف جرثومة
نصف قاتل
نصف وحش!
يقول العالم. 
الحكم هو الموت. الكتب جناية!
الصح والخطأ مزحة! 
همهم الفأر لنفسه
..
فهدى النعماني تسير في رحلة الشعر الصوفي في ديوانها(رؤيا على عرش) لتنشد تجربة شعرية صوفية تطلق زفيرها الممض عبر آلام تتفجر بمساحات واسعة فالكلمة هي الجرح المتوثب الحر المدهش الواثق الحائر فكانت تصهر الواقع والحلم .في واقعيته والسر في سريته وعليها ان تنزف وتضحك .. وان تضيء وتختفى 
لاحظ قولها :
هل المعنى الخروج من الذات, طي
الأزمنة والذات نهر؟
النحاس ذوب في الآخر, والذوب
جذور؟
أغالبٌ البهاءُ الباهظ والأرض المقدسة؟
أمغلوبة صفعة تتحول إلى صراخ؟
وفي موضع آخر من الديوان تقول:
السر يرتجف على الشفاه, والشفاه ضفدع
تلتقط النجوم
عذب كحبة توت, تتدحرج من سماء
دافئ ككتاب مغلق, أزرق كالبحر
كطفل من رماد كان جمراً..
تقول عن تجربتها الشعرية :
(كثيرا ما صرت اشعر انني اودع و استقبل عصراً في الماضي، فالشعر هو رؤية تساوي او تشمل العالم بأثره وهو خلقاً يُشبه الخلق السماوي بلا أعمدة ولا حدود، للأسف هو اليوم في مأساة تجابهه موأمرة دولية و عالمية لإطفاء الشعلة المقدسة التي تحملها العروبة والإسلام، فجأة بعد غلبة الشيوعية في العالم انتصب السلام عدوا شامخا امام الغرب، الشعر اليوم في مأساة و في قلق وضياع، ماذا تقول الصوفية امام حوادثاً دامية لا نعرف منبعها ولا نعرف منفذيها ولا نعرف مخططيها؟ الشعر الصافي كالمرآة الشعر الخلاق كموج البحر يرى الحدود امامه تنقلب اعداءً وأبالسة معاً، الشعر ليس هو صحارى فقط، بل هو السماء برؤياه وسُبله التي تغنى بها العرب والمسلمون، وهي الآن محاطة بمؤامرة شاسعة عرضها الأرض من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، هو الآن سجين ماساة كبرى آمل ان يستطيع التغلب عليها و العودة الى ايمانه و ثقته وأبائه وفخره، وكما قلت الشعر ليس صحارى في ضوء القمر، بل هو قمراً في ضوء السماء، يجب ان نتمسك به تمسك الروح بالجسد، تمسك الماضي بالمستقبل، تمسك الأرض بالماء، الشعر الذي في الماضي كلمة الأرض والسماء، كلمة الوطن والسماء، كلمة النبل والسماء، هو في مأزق اليوم وكثيرا ما تسير سير الهدم بأسم الحرية والتجديد، وهو الآن يتزلزل في مؤامرة نعرف مداها ونعرف هدفها وامام هذا الخطر الفتاك علينا ان نتمسك بقداسة ما عندنا حرفاً حرفاً و كلمة كلمة و قصيدة قصيدة، الشعر هذه حبات الرمل التي جعلت من الصحارى و الماضي ابريزاً من الذهب ومن الفضة، اظن انه هو سيظل أملنا في الحياة واملنا في تقديس الأرض و السماء).
من دواوينها الشعرية:
: إليك 1970 
، أناملي ..
لم ..1971 
، قصيدة حب 1973 
، أذكر كنت نقطة كنت دائرة 1978 ،
هاء تتدحرج على الثلج 1982
، رؤيا على عرش 1989 .
لاعذر للدم 
كتاب الوجد والتواجد
وفي عالم الصوفية تنفتح قصائدها من خلال رؤى وأحاسيس الشاعرة التي تحاول أن تحيط بالإنسان العالم في أبعاد تضيء أمام عينيها محاولة معرفة معلومة (الشطحات) الروحية لعقل يتفجر بالبحث عن ذات الإنسان ومعرفتهما من حيث هي وكينونتها تقول :
أنت هو لأنه خلقك صنعك, أعطاك , البحر فيك
أنت هو لأنه يراك يعرفك, يضيئك, يكلمك
يحملك, يرميك
لأنه يدوسك, يفتتك ينثرك
يجمع فيك
أنت هو لأنك موجود
والعالم في يده فراشة
والفراشة أعظم منك.. أجمل منك
لأنها أصغر منك وأكبر منك
ولتلقي ضوءاً على الشاعرية الذي تراها وتعيشها, كما نظن, عبر استدراج نفسي لأسئلة قد تلقيها شاعرتنا عن ذاتها وعن علاقتها بما حولها تقول :
أترونه جاعلاً من عذابه لكم درعاً, من ذاته
مرآة من صوته
ثوباً, من حياته مسرحاً, من روحه
بئراً, من جسده 
أرصفة تدوسون عليها
وزجاجاً محطماً لا يلتئم.. لا يبرأ.
مزقوا صدره ستتوقد خناجركم على وجهه كالحرير, 
ارجموه تكراراً
سيجد في حصاكم ألوان الشفق,
قطعوا ثوبه 
ستلقون له ثوباً من النقاء لا يلمس.
لم يرمي نفسه يذبحها؟
لربما كان مثل الشتاء يريد أن يموت
لربما كان مثل المسيح يريد أن يحيا
لو سألتموه ما هو الشعر ؟
لأجابكم لا أدري
هدى النعماني ذات تجربة تطفح عمقاً توجد مساحاته في النشأة الأولى في حضرة الصوفية التي وجدت تناغماً مع روح الشاعرة فتندفع إلى أحضانها تطرح أسئلتها ولغتها, وتعيد تشكيلها عبر تجربتها الشعرية في مداها الجديد وكتابة تتناول الفلسفة والحكمة والدين والسياسة معاً وتتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل ليقف أمام الوجود،و التاريخ الغيب و الإنسانية وقفة الشعر ووقفة التصوف كوقفة الحلم ووقفة و
السحر ووقفة الشهادة وفي ذلك تقول :.
مديةٌ مذهلة مديتكَ إن التعود فيك
رادعٌ مد الموت وجلله حاضٌ سمة الإذكاء والفوح
لو بات صوتك حبلاً طويلاً يجني الثمار
حرمة أسلاف وأنساب وأصلاب
فتنة كهنة وأحبار ونساك
عطف صيرورة وقبالة وقرابين
لك القبلة المحيية؟ قدر محتم أنت
بدء درب ولانهاية درب.
واختم بحثي بهذه السطور من شعرها :
قيل لها تنبهي أيتها النائمة إلى نومك
وتيقظي أيتها القائمة إلى قيامك
من مشارق ومغارب الكون 
سينبلج الفجر على صدرك
لن تنامي أبدًا
فلم تنم أبدًا.
قيل لها تغاوي في أثوابك
وتوهجي في قلائدك
فقد آثرتُ فيك الأناة والبهجة
وجئت أنتظرك على كل فج
فأسلمت طواعية إلى عصارة قلبه
وأحاطت خزامى قلبها 
بدفئ العناق.
.
امير البيـــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى- بلـــــــد روز
( موسوعة شعراء العربية م9 ج2 الصفحات 563- 571)
*******************************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 168 مشاهدة
نشرت فى 14 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

الفانتازيا في مجموعة
"تقاسيم الفلسطيني"
سناء شعلان
الطريقة التي ينتهجها الكاتب للخروج من قتامة الأحداث الأدبية، اللغة الجميلة، الصور الأدبية، طريقة وشكل تقديم المادة الأدبية، الفنتازيا، وبما أن هذه المجموعة تتحدث عن "الفلسطيني" فبالتأكيد سيكون مجرى الأحداث صعب وقاس، وبما أننا في المنطقة العربية نعاني من بؤس دائم ومستمر، فكان لا بد من إيجاد مخرج للقاصة لتحرر نصها من القتامة والألم، فاستخدمت القصة القصيرة، والتي لا تتجاوز صفحة أو نصف صفحة من الحجم المتوسط، وكأنها بهذا الشكل أرادت تجاوز مأساة الفلسطيني من خلال عدم اطالة القصة، مكتفية بخلق حالة من الهزة للمتلقي، لكن تراكم هذه الهزات الخفيفة المتتالية والمتتابعة تؤدي إلى خلق حالة نوعية.
ونجد في هذه المجموعة لغة سلسة تنساب بسهولة وتدخل الفكرة بأقل جهد/ألم/قسوة إلى القارئ، وحتى أنها ـ احيانا ـ تصل إليه دون معاناة، كما هو الحال في قصتي "شارون، القيامة"، اللتان جاءتا أقرب إلى قصة الومضة.
ومن الطريق التي استخدمتها القاصة للتخفيف من وطأة الأحداث، الفانتازيا، والتي يمكننا أن نعتبرها السمة الأبرز في المجموعة، فهناك العديد من القصص جاءت بشكل الفنتازيا، واعتقد أن تقديم الأفكار بطريقة تتجاوز العقل هو أسلوب يشير إلى حجم المعاناة التي تثقل كاهل القاصة، لهذا وجدناها تكثر من هذا الشكل.
قبل الدخول إلى المجموعة ننوهه إلى أنها تتكون من سبعة اجزاء" تقاسيم الوطن، تقاسيم المعتقل، تقاسيم المخيم، تقاسيم الشتات، تقاسيم العرب، تقاسيم العدو، تقاسيم البعث" ورغم التباين في حجم كل قسم، إلا أنها تعطي مدلول مقدس، فالرقم سبعة من الأرقام المقدسة، والقاصة أرادت به اعطاء الفلسطيني صفة القدسية، خاصة إذا علمنا أنه غالبا ما جاء بصورة ايجابية ويعاني من البشر كما يعاني من المكان، إن كان في الوطن فلسطين أو في الشتات والمخيمات.
كما نجد أن عناوين القصص غالبا ما جاء بكلمة واحدة فقط مثل: "أشجار، اغتصاب، الأم، الأرجوحة، المؤذن، المحرقة، المعجزة، تيه، تاريخ، القزم،..." وقليلا ما جاء العنوان بكلمتين: "إصابة الهدف، التوائم الأربعة، ثوب زفاف"، ومرة واحدة جاء بأكثر من كلمتين: "جمهورية فلسطينية لمدة 95 كيلو" وهي القصة الوحيدة في المجموعة جاءت بصفحتين ونصف، وهذا يشير إلى حالة (هروب) القاصة من حالة القسوة، فاللغة واسلوب وطريقة التقديم السلسة والهادئة ـ قدر الامكان ـ واختصار ما يمكن اختصاره، من الأحداث والألفاظ القاسية كلها تسهم في عدم إرهاق المتلقي بالأحداث والأفكار المؤلمة.
الفانتازيا في "تقاسيم الوطن
هناك العديد من القصص جاءت بأفكار تتجاوز العقل كما هو الحال في قصة "المؤذن" الذي: "غادرت جسده على يسر، وأسرعت إلى المأذنة، ورفعت الآذان في وقته، فصدح صوت المؤذن في سماء مدينة الخليل مودعا بدعة جسده الذي غادر إلى البعيد مكوما في مجنزرة صهيونية" ص 18، القاصة جعلت روح المؤذن تقوم بالآذان بعد أن استشهد، وهذه الفكرة تعتبر (مجنونة) تتجاوز العقل والمنطق البشري.
ونجد في قصة "المعجزة" هذا الحدث الغريب والعجيب: " "بطون النساء الفلسطينيات كلها أكن صبايا أم في منتصف الشباب أن في شرخة تعج بتوائم أربعة أو خمسة أو ستة، حتى النساء اللواتي لم يتزوجن أو يمسهن بشر أو عواقر تحركت أرحامهن بالأجنة المعلنة وجودها بحركات عنيفة صارخة" ص19.
ونجد حالة الفعل لا تتعلق بالإنسان الفلسطيني فحسب، بل تطال الشجر، وهذا ما جاء في قصة "شجرة: "...الشجرة الكبير العملاقة استنجدت بأثيرها الحاجة (فريدة) التي هرولت إليها على الرغم من كبر مسنها، وغطتها بملاءة رأسها، أخذتها إلى حضنها، وشدتها إلى عظامها حتى كادت تنغرز فيها، ...إلا أن هذه الشجرة قد رفضت أن تُغتال، ... هرب الناجون القليلون من الصهاينة من وجه هذه الشجرة الفدائية، ورفضوا أن يعدوا من جديد إلى حيث تنتصب الشجرة الفلسطينية المقالة" ص40و41، القلب وتحويل للأفعال من البشر إلى الشجر، بحيث كانت شجرة الزيتون هي التي تدافع عن (فريدة) وليس العكس، يشير إلى المكانة التي تعطيها القاصة للشجرة، وأيضا تؤكد على العلاقة الحميمة بينها وبين الإنسان الفلسطيني، وما كان لتكون هذه الشكل أن يكون بهذه الروعة دون وجود الفانتازيا التي تمتعنا بخروجها وتجاوزها لما هو مألوف.
القاصة تهتم بشجرة الزيتون، بصورة خاصة، حتى أنها جعلتها: "أمضى شهرا يصنع له قدمين من خشب الزيتون، وعندما انتهى من صناعتهما امتطاهما بفرح، وقصد المسجد الأقصى ليشارك ـ من جديد ـ باعتصام" ص53، كلنا يعلم أن هناك رمزية لشجرة الزيتون عند الفلسطيني، خاصة بعد أن قل وضعف استخدام البرتقال كرمز، وهذا التغيير في استخدام الرمز يعود إلى الواقع الفلسطيني والعربي، فبعد أن ابتعدت عنا بيارات "البرتقال الحزين"، أخذنا الواقع لنهتم أكثر بما يسمى "أراضي السلطة الفلسطينية". 
وهناك فعل خارق نجده في قصة "إسعاف" والذي جاء بهذه الشكل: "قذيفة هوجاء عتية اقتلعت رأسه من فوق جسده، تطاير الرأس بعيدا غير آبه بآلام التدحرج على حصى مشتعلة، أما الجسد فاستمر يقود سيارة الإسعاف بإصرار وشجاعة ليوصل المصابين إلى أقرب مستشفى فلسطيني" ص45، إذا ما توقفنا عند هذه القصة سنجد بشاعة الجريمة المقترفة، مما جعل القاصة تتخذ فكرة (مجنونة) تناسب حجم وبشاعة المشهد، فهناك علاقة بين مستوى القسوة ومستوى (جنون الفكر) بحيث يكون هناك توازن بينهما.
ولا تكتفي القاصة بالحديث عن خوارق الأحياء قبل أن يموتوا، بل نجدها تحدثنا عن الأموات وما يقومون به من أفعال، نجد في قصة "مقبرة" قصة صراع بين الأموات وقوات الاحتلال: " قرر العدو الصهيوني أن يجرف المقبرة بعد تمشيطها لأجل أن يبنى أكبر مستوطنة في فلسطين المحتلة... في الليل ومع هدأة الرقاد استيقظت الهياكل المطرودة من قبورها، ولبست أكفانها، وهاجمت أعداءها" ص61، إذا ما توقفنا عن الأفعال التي قامت بها "شجرة الزيتون، والمقبر" سنجدهما يتحركان للقيام بالدفاع عن الأرض أو الإنسان عندما يعجز (الأحياء) عن وقف أعمال الاحتلال العدوانية، ونجد أيضا هذه الحركة/الفعل تتناسب وطبيعة فعل المحتل، وهذا التوازن يشير إلى أن القاصة تلجأ إلى الفنتازيا عندما تضيق بها السبل، أو عندما يحاصر أبطال قصتها وتضيق عليهم الدنيا.
الفانتازيا في "تقاسيم المعتقل"
الأفعال الخارقة تجيء لإنقاذ الفلسطيني من معضلة لا يقد أن يتجاوزها أو يتخطاها، فالأسرى في سجون الاحتلال ـ رجال ونساء ـ تضيق عليهم جدار الزنزانة، فكان لا بد من إيجاد مخرج، لهذا السجن، في قصى "حليب" التي تتحدث عن أم أسيرة عند المحتل، نجد هذا الأمر: "...تخرج ثديها من داخل ثوب سجنها الفضفاض القذر، وتفكر بابنها الرضيع، فيندلق الحليب من صدرها في فم ابنها على الرغم من البعاد، فترضعه حتى يشبع وبينهما صحراء وسجن وجنود وكلاب!" ص83، وهذا ما يؤكد قولنا السابق أن الفانتازيا تتناسب وطبيعة حالة الضيق والحصار التي يمر بها الفلسطيني.
ونجد الأفعال (المجنونة) لأعضاء الفلسطيني، فبعد أن يتم سرقة "قلب" الشهيد الفلسطيني ليزرعه الاحتلال لأحد العناصر الصهيونية، وبعد أن تتم العملية بنجاح، نجد هذا الأمر في قصة "قلب": "سأل (الجنرال) أخاه بقلق: باروخ، أخي الحبيب، هل أنت بخير؟.
أجاب الشاب الصهيوني بدهشة واستنكار لما سمع من كلام: أنا باروخ، أنا جميل الخليلي، لماذا أنا هنا؟ من أنتم؟ علي أن أغادر هذا المكان لأذهب للصلاة في الحرم الإبراهيمي" ص87، عجز الفلسطيني عن رد الظلم الواقع عليه يخلق حالة ضيق عند القارئ، فكان لا بد من تخفيف/إزالة هذا الضيق من خلال إيجاد الفانتازيا التي تخفف من وطأة القسوة والألم على المتلقي، وهذا ما يحسب للقاصة.
الفانتازيا في "تقاسيم الشتات"
الألم الفلسطيني لا يقتصر على من هم داخل فلسطين، بل هناك ألم عند من هم خارج فلسطين، فالحرمان من الوطن يتماثل بالحرمان من الغذاء، الماء، الجنس، الحرية، في قصة "الرسام" هناك فانتازيا تتماثل مع واقع الفن الذي يسعى دائما لخرج وتجاوز ما هو سائد/عادي، فالفنان الفلسطيني المحروم من وطنه والذي يحلم بالعودة إليه، ها هو الموت يقترب دون أن يتحقق الحلم: "لقد رسم طوال عمره لوحات لوطنه فلسطين، لكنه لم يرسم في أي يوم مضى بابا يؤدي إلى وطنه.
مع طلوع الشمس أنهى رسم اللوحة، كانت لوحة باب كبير مطوق بأشجار الياسمين البري...
فارقت روحه جسده بدعة،، وداعبته مودعة بنقر أصابعه التي لم تنفك تمسك ريشة رسمه، وفتحت الباب المرسوم في اللوحة، ودلفت إلى فلسطين لتحقق حلمه الوحيد بالعودة إلى وطنه، ثم اقفلت الباب خلفها" ص110، الجوع للوطن جعل القاصة تستخدم هذه الفانتازيا، فنجد هذا الجوع من خلال "لوطنه فلسطين، إلى طنه، في قريته السليبة، ودلفت إلى فلسطين، بالعودة إلى وطنه" كل هذه الفقرات تؤكد على أن الحاجة للوطن تفوق أي حاجة أخرى، وهذا ما اعطا إيعاز ـ في العقل الباطن ـ القاصة لتجعل بطلها الرسام يخرج من باب اللوحة ليعود إلى فلسطين، فهو لم يعد يطيق الابتعاد عن فلسطين، فكان لا بد ن إيجاد فكرة (مجنونة) تحقق حلمة، وهذا ما كان، من خلال رسم الباب الكبير.
لكن ليس كل الفلسطينيين "فنانين" يمكنهم أن يرسموا أبوابا يعودا من خلالها للوطن، في قصة "قارورة" نجد الفلسطيني الذي يوصي بنقل جثمانه إلى فلسطين ليستقر فيها، بعد أن فشل في العودة إليها هو حي، لكن ابنته المبدعة تستخدم هذه الطريقة ليستقر الأب هادئا في وطنه: "أحرقت جسده في محرقة الموتى معتذرة له عن ذلك لجلال الغاية، ودست رماده في قارورة، وسافرت إلى فلسطين في قافلة سياحية أوروبية، واغتنمت أول فرصة لدفن رماد القارورة في تراب فلسطين فعاد والدها إلى تراب وطنه رغم أنف الصهاينة" ص115، إذن علاقة الفلسطيني بفلسطين علاقة تتجاوز المألوف، وتتجاوز التفكير العقلي/المنطقي، فهو لا يجد ذاته، حيا أو ميتا إلا فيها، لهذا نجده يسعى ليتقدم من وطنه، مستخدما كافة السبل والطرق، فليس هناك ما هو محظور أو ممنوع ما دام يحقق حقه في أن يكون في المكان الذي ينتمي إليه. 
الفانتازيا في "تقاسيم العدو"
الاحتلال هي السيد على الأرض، ويفعل كل ما يريده، فالفلسطيني لا يملك القوة الرادعة لهذا الاحتلال، لهذا كان لا بد من وجود الفانتازيا عندما لا يجد الوسيلة المناسبة لمنع الاحتلال من القيام بما يريده، في قصة "ثوب" يحاول الاحتلال سرقة الثوب الفلسطيني من خلال ارتداء الصهيونيات للثوب المطرز، لكن هذا الثوب تفعل بمن يرتديها: "تصيبها بمرض عجيب، كلما لبستها شعرت بأنها فلسطينية، وسرت في جسدها قشعريرة الغضب على العدو الصهيوني، وانتابتها حمى الهتاف بجملة "فلسطين حرة" ص141، وكأن القاصة أرادت أن تجعل أي شيء ينسب/ينتمي للفلسطيني يحدث تحولا معكوسا على المحتل، هذا ما وجدناه في القلب الذي سرق من الشهيد" وأيضا في هذا الثوب الذي يحول/يؤثر على المرأة الصهيونية، بحيث يجعلها تتحدث بالهم/بالألم الفلسطيني.
ونجد النباتات أيضا تتوحد مع الفلسطيني بحيث تحس وتشعر كما يشعر، في قصة "نبتة عطرية" نجد هذا التوحد: "لكن النبتة في ذبول مستمر منذ أن استولت عليها" ص149.
وهناك أثر يتركه الفلسطيني على جلاده، فالطالب الذي يتفنن في تعذيب المعتقلين الفلسطينيين من خلال تمزيق اجسادهم بالمشرط، ها هو يقوم بعين الفعل بمعلمه الصهيوني بعد أن دخل إلى المستشفى، نجد في قصة "طالب" هذا الفعل: "...ويشرع يسيره في جسد معلمه ابتداء من رقبته حيث تتبدى الحنجرة نزولا حتى أسفل بطنه" ص151، فالقاصة تحاول أن تنتقم من هذا الجلاد ومن معلمه من خلال جعل "الطالب" يقوم بتمزيق جسد المعلم، كما علمه أن يفعل بأجساد الفلسطينيين.
الفانتازيا في تقاسيم البعث
بعد قتل الفلسطينيين، وبعد أن يشعر المحتل أنه قضى عليهم وأزالهم من الوجود، وبعد أن يذري رمادهم بحيث لا يبقي لهم باقية، نجد الفلسطيني يعود من جديد وكأنه الإله "بعل" الذي سرعان ما يعود بعد أن يعم الجذب والقحط الأرض وما عليها، في قصة "الريح والكلاب" نجد هذه فانتازيا: "..مثلوا بأجسادهم، أحرقوا جماجمهم، طحنوا عظامهم، نثروا رمادهم في مهب الريح... سخرت الريح من نباحهم الأجش، وللمت رماد الفلسطينيين الذي بعثرته نسائمها، وعجنته بماء الخلود، ونفخت فيه، فبعث الفلسطينيون مرة أخرى ينسلون من طائر فينيق لا يموت أبدا" ص156، أيضا نجد ردا مجنونا يتناسب وحجم المجازر الوحشية التي قام بها المحتل بحق الفلسطينيين، الريح تقوم بالملمة/بجمع الرماد لتعيد إليه الحياة، واعتقد أن هناك علاقة بين هذه القصة والملحمة الكنعانية "البعل" والتي يتجدد فيها صراع سرمدي بين "الموت" و"البعل"، فمهما حاول "الموت" أن ينهي وجود "البعل"، إلا أنه يظهر من جديد ليعيد الحياة إلى الأرض وما عليها.
القصة القصيرة جدا
هناك صفة عامة تمتاز بها مجموع "تقاسيم الفلسطيني" تتمثل بالقصر وعدم الإطالة، فنجد في قصتي "شارون والقيامة" ذروة الاختصار والتكثيف، حتى أن انهما يدهشاننا بما فيهما من جمال واختزال وتكثيف ولغة وأفكار، ولكي نضع القارئ أمام هذا الأمر سنتناولهما كما جاءتا في المجموعة.
"شارون"
"هو رقيق حساس الطباع! يخدم وطنه المزعوم إسرائيل ولو داس على البشرية جمعاء، هو يكره اللون الأحمر لأنه يكره الدماء! ولذلك هو لا يمارس هوايته الآثمة، وهي قتل الفلسطينيين، إلا مغمض العينين والروح كي لا يرى دم ضحاياه" ص145.
"القيامة"
"ينفخ في الصور نفخة ثانية، فيبعث البشر أجمعون كرها وطوعا، البشر في محشر عظيم، الجميع يحملون أعمالهم فوق رؤوسهم، يقفون فوق أعناقهم، إلا الفلسطينيين فإنهم يحملون فلسطين عل رؤوسهم، يقفون بها أما الرب ليتشفعوا بها لهم وللأهلين ولكل من ضحى لأجلها." ص 157.
قصة "شارون" تقدم القاتل السفاح، وصاحب أكبر مجزرة وقعت للفلسطينيين "صبرا وشاتيلا" بطريقة جديدة، فيبدو لنا حاملا شيء من الإنسانية، "رقيق الاحساس، يكره اللون الأحمر، يقدم على جرائمه بعينين مغمضتين" فهل هو إنساني أم بشري؟ اعتقد أن اعطاءه هذه الجوانب الإنسانية تدينه أكثر، فلو جاء بصورة (آلة) تنفذ جرائمها دون أية وازع إنساني، لما حملناه مسؤولية المجازر التي اقترفها، لأنه لا يعي معنى الإنسانية، لكن القاصة أرادت أن تأنسنه لتدينه، ولتؤكد أنه قاتل ومجرم ويعرف أنه يقترف جرائم بحقنا.
كما أن الألفاظ التي استخدمتها "رقيق/ حساس، يخدم وطنه، اللون، هوايته، العينين، الروح، يرى" كلها الفاظ ناعمة تخفف من الصورة البشعة لهذا المجرم، وكأنها لا تردنا أن نحجم عن قراءة القصة، لما نعلمه ونعرفه عن "شارون"، كل هذا يجعلنا نقول أن القاصة استخدمت اللغة التي تخفف من وطأة الأحداث على القارئ، بحيث لا يُرهق أو يتعب أو يتألم بهذه القصص رغم ما فيها من معاناة ومأساة.
قصة "القيامة" تصعقنا بالتغريب الأحداث التي تحملها، فالقاصة غربت ما نعرفه عن يوم القيامة، بحيث أقدمت ورفعت مكانة فلسطين والفلسطيني وكل من عمل لها بطريقة مدهشة، بحيث تجعلنا نتقدم إليها بخطوات عديدة وبسرعة لكي نتشفع بها ولأهلنا وأصدقائنا وأحبتنا.
المغالاة 
عندما يكتب الكاتب نصه الأدبي من خارج الحدث، من خارج المكان يضخم أو (يتلخبط) في تقديم المعلومات، والأفكار، والأحداث، والشخصيات، والمكان، فأحيانا عندما لا يعرف (السارد) تفاصيل المكان الذي يروي منه الأحداث، يحصل خطأ في وصفه لتفاصيل المكان، ويعطي معلومات غير صحيحة عنه، فيجعل مثلا احدى الشوارع/الأماكن في الشرق بدلا من الغرب، أو العكس، وهذا الأمر ينطبق عن الشخصيات والأحداث.
هناك بعض المغالاة، زيادة أو نقصان جاءت في سرد للأحداث والشخصيات، نجد في قصة "زيتون" هذه الفقرة: "جبال جرزيم الفلسطينية" ص40، فكلنا يعرف أن هناك جبل واحد فقط يحمل اسم "جرزيم" هو الجبل الجنوبي لمدينة نابلس، 
ونجد في قصة "إضراب": "وأغرقوا معدته بالحليب البارد المغيث" ص80، فلو اكتفت القاصة بالحليب فقط لكن أصوب من أضافة وصف "البارد".
ونجد في قصة "زوجة سابقة" التي تتحدث عن معاملة زوج صهيوني لزوجته: "ويواجهها بعاصفة من الغضب بعد أن يضربها ضربا مبرحا" ص137، من يعرف طبيعة العلاقة الزوجية في دولة الاحتلال يعلم أن من يعدي على زوجته يسجن ويعاقب بشدة، على النقيض من الواقع في المجتمعات العربية، التي تتعامل مع هذا التصرف بليونة.
ونجد في قصة "أغنية عربية" والتي تتحدث عن منع اليهود من سماع أغاني عربية: "فمن الممنوع عليها أن تظهر تعاطفا وحبا لأي شيء عربي، ولو كان أغنية" ص138، نحن في فلسطين المحتلة كنا نسمع جنودهم يغنون أغاني وطنية فلسطينية، وليس أغاني عادية، دون أن أية موانع، فالمحتل لا يهتم إلا بما يفعله الجندي على أرض الواقع، ولا ينظرون لهذا المسائل بهذه الأهمية أو بهذه الصرامة.
ونجد في قصة "عبد" التي تتحدث عن معاملة يهود الأثيوبيين: "وأطلقهم كقطيع أجرب في مستدمرة صهيونية يعز فيها الأمن والرحة والمعاملة الإنسانية الراقية" ص145، ما يحدث العكس تماما، فدولة الاحتلال تعتني تماما بالقادمين الجدد وتهيء لهم كافة سبل الاستقبال المريح، لتحببهم بفلسطين/(إسرائيل).
المجموعة من منشورات أمواج للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2015.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 157 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

موسوعة شعراء العربية
المجلد التاسع \ الجزء الثاني
شعراء العصر الحديث
بقلم فالح الكيــــلاني
( الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد )
عبد الرزاق عبد الواحد اصله من جنوب العراق من محافظة ميسان حيث يقطن الصابئة المندائيون في مناطقها وخاصة في منطقة ( الطيب .) اذ يتعمدون في مياه نهر ( الطيب ).
ولد في بغداد عام\ 1930 وبعد ولادته انتقلت عائلته الى محافظة (ميسان ) وسكن في مدينة( العمارة ) وقضى فترة طفولته هناك ثم انتقلت عائلته الى ( بغداد ) ثانية ودرس فيها و تخرج من دار المعلمين ( كلية التربية) عام \1952 وعمل مدرساً للغة العربية في المدارس الثانوية.
عبد الرزاق عبد الواحد عاصر وزامل رواد الشعر الحر(بدر شاكر السياب) و( نازك الملائكة) و(شاذل طاقة) حيث كانوا طلاباً في دار المعلمين (كلية التربية) حتى نهاية اربعينات القرن الماضي ،كتب الشعر منذ صباه فكتب الشعر الحر ولكنه كان يميل يميل إلى كتابة القصيدة العمودية (التقييدية ) العربية بكل ضوابطها. فكان اغلب شعره تقليديا .
نقل الى معهد الفنون الجميلة في بغداد لتدريس اللغة العربية ثم عينا معاونا لعميد معهد الفنون الجميلة .
وفي عام\ 1970 نقلت خدماته من وزارة التربية والتعليم الى وزارة الثقافة والإعلام، فعمل فيها سكرتيراً لتحرير مجلة الأقلام، وبعدها عين رئيساً للتحرير في مجلة الاقلام . ثم مديراً للمركز الفولكلوري العراقي، ثم أصبح مديراً لمعهد الدراسات النغمية، ثم عين عميدا لمعهد الوثائقيين العرب، ثم مديرا عاما للمكتبة الوطنية العراقية، ثم اصبح المدير العام لدار ثقافة الاطفال، ثم عين مستشارا لوزير الثقافة والإعلام .
عبد الرزاق عبد الواحد شاعر مجيد فطحل قال الشعرفاجاد فيه وقد تعرفت عليه من خلال مشاركاتي في مهرجا ن المربد الشعري حيث كان مشاركا في اغلب جلسات المهرجان المربد الشعري وقد تقرب كثيرا من شخصية ( صدام حسين )ومدحه كثيرا فنال حضوة كبيرة ومكانة واسعة وكان اذا انشد شعرا في مهرجان المربد لا يتوانى ان يصرح بقوله ( انا شاعر صدامي ) فمنحه الكثير وارتقى نجمه في سماء الشعر في العراق حتى لقب ( بشاعر ام المعارك )ومنح الجوائز الكثيرة ومنها ما يلي :
1- وسام بوشكين في مهرجان الشعر العالمي بطرسبرج 1976.
2- درع جامعة كامبردج وشهادة الاستحقاق منها 1979.
3- ميدالية {القصيدة الذهبية} في مهرجان ستروكا الشعري العالمي في يوغوسلافيا 1986.
4- جائزة صدام للآداب في دورتها الأولى بغداد 1987.
5- جائزة نوطي(الاستحقاق العالي) من رئاسة الجمهورية العراقية 1990 وما يترتب عليها من استحقاقات مالية واسعة 
6- الجائزة الأولى في مهرجان الشعر العالمي في يوغوسلافيا 1999
7- وسام {الآس}، وهو أعلى وسام تمنحه طائفة الصابئة المندائيين للمتميزين من أبنائها 2001.
8- نوطا{الاستحقاق العالي} من رئاسة الجمهورية العراقية 1990
9- ومنح درع دمشق برعاية وزير ثقافة الجمهورية العربية السورية، في 24 و 25 / 11 / 2008 بمناسبة اختيار (دمشق ) عاصمة للثقافة العربية، وحضر التكريم عدد من كبار الأدباء العرب، وألقي فيه عدد كبير من البحوث والدراسات.
10- وقد لقب ب(شاعر ام المعارك ) و(شاعر القادسية الثانية ) اثناء الحرب العراقية الايرانية التي احرقت بنيرانها البلدين وقتلت الاف البشر من الطرفين المتحاربين .ومن أشهر قصائده الحماسية قصيدة 
(روعتم الموت ) ومنها:
وهؤلاء الذين استنفروا دمهم
كأنما هم إلى اعراسهم نفروا
السابقون هبوب النار ما عصفت
والراكضون إليها حيثُ تنفجرُ
الواقفون عماليقا تحيط بهم
خيل المنايا ولا ورد ولا صدرُ
وكان صدام يسعى بينهم اسداً
عن عارضيه مهب النار ينحسرُ
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد يعتنق الديانة الصابئية المندائية وهو الذي أعد إلى اللغة العربية ( الكتاب المقدس ) للدين الصابئي المندائي) كنز ربا ) وهذا الكتاب يعد اول كتاب للصابئة المندائية في اللغة العربية وقد كتب ايضا بحثا مطولا عن الديانة المندائية في مجلة ( صروح ) السورية شرح فيهِ أصول هذه الديانة والجواهر اللاهوتية التي تعتبر أساسياتها ، وتاريخها. كما شرح في البحث العقائد التي يستند عليها هذا الدين كالعقيدة في الله والعقيدة في الروحانيات والعقيدة في النبوة وأخيراً العقيدة في الموت والحياة اللإخرة والجنة والنار. وهو أحد مؤسسي (نادي التعارف) للديانة الندائية في العراق في بداية السبعينيات .
عبد الرزاق عبد الواحد شاعرالعراق الكبير اضطره الاحتلال الامريكي للبلاد للخروج من بلده العراق منفيا مثله كمثل كل الشخصيات ذات الاهمية وجل الكفاآت الثقافية والادبية والعلمية الى الخارج الا انه استمر في قول الشعر وكتابته في المنافي كما كان يكتبه اثناء وجوده في العراق ومما كتبه في منفاه ومما قاله عام\ 2006 وبعد مرور ثلاث سنوات على احتلال بلاده يوم وقف على الفرات في منطقة ( الرقة ) ودمعه ينهمل من عينيه ليمتزج بمياه الفرات الخالد فيقول :
وقفتُ على نهرِ الفراتِ بأرضِكم
وعينـايَ فـَرط َ الوَجدِ تـَنهَـمِلان ِ
فـقـلـتُ لهُ يـا ماءُ أبلـِغْ تـَحـيـَّتي
إلى كلِّ نـَفس ٍفي العراق ِتـُعاني
وخُـذ دَمعَة ًمنـِّي إلى كلِّ نـَخـلـَةٍ
تـَمُرُّ بها.. وانْحَـبْ بـِألفِ لـِسـان ِ
على كلِّ غـُصن ٍفي العراق ِمُهَدَّل ٍ
وكلِّ عـزيزٍ في العراق ِ مُهـان ِ
وَمُرَّ بأحفادي، وقـُلْ قلبُ جَدِّكم
يَـظـَلُّ عـلـيـكم داميَ الـخـَفـَقـان ِ
وسـَلـِّمْ على أهلي، ونـَثـِّرْ مَدامِعي
على وطني يا مُسـرِع َالجـَرَيان ِ
سَلاما.. سَلاما.ً. بعدَ يوم ٍوليلـَةٍ 
سَتشتاقُ حَدَّ الموتِ للفيَضان ِ !
ومما قاله قصيدة (يانائي ) وهي قصيدة ( احتلال ا لعراق ) 
قالها في باريس بتاريخ 14 تموز\ 2004 بعد الغزو الامريكي 
للعراق واحتلاله يقول :
لا هُم يَلوحـُون .. لا أصواتـُهُم تـَصِلُ
لا الدار ، لا الجار ، لا السُّمّار ، لا الأهَلُ
وأنتَ تـَنأى ، وَتـَبكي حولـَكَ السـُّبـُلُ
ضاقـَتْ عليكَ فـِجاجُ الأرض ِيا رَجُـلُ !
سـَـبعـينَ عاما ً مَلأتَ الكـَونَ أجنِحَـة ً
خـَفـْقَ الشـَّرارِ تـَلاشـَتْ وهيَ تـَشـتـَعِـلُ
لا دَفــَّأتـْـكَ ، ولا ضاءَ الـظـَّلامُ بـِهـا
طارَتْ بـِعُـمرِكَ بَـيْـنـا أنتَ مُـنـْذهـِلُ
تـَرنـُو إلـَيهـِنَّ مَبهـُورا ً.. مُعـَلـَّقـَـة ً
بـِهـِنَّ روحُـكَ ، والأوجـاعُ ، والأمَلُ
وَكـُلــَّما انـطـَفـَأتْ منهـُنَّ واحـِـدَة ٌ
أشـاحَ طـَرفـُكَ عـَنهـا وهوَ يـَنهـَمِلُ !
سـَبعـونَ عـاما ً..وهذا أنتَ مُرتـَحِـلٌ
ولـَسـتَ تـَدري لأيِّ الأرض ِتـَرتـَحِـلُ !
يا نـائيَ الـدّار.. كلُّ الأرض ِمُوحِـشـَة ٌ
إنْ جـِئتـَهـا لاجـِئـا ًضاقـَتْ بـِهِ الحِـيَـلُ !
وكـنـتَ تـَملـِكُ في بغـــدادَ مَملـَكـَة ً
وَدارَ عـِزٍّ عـَلـَيـهـا تـَلـتـَقي المُقـَـلُ
وَالـيَومَ ها أنتَ ..لا زَهـوٌ ، ولا رَفـَلُ
وَلا طموحٌ ، وَلا شـِعـرٌ ، وَلا زَجَـلُ
لكـنْ هـمومُ كـَسـيرٍ صـارَ أكبـَرَهـا
أنْ أيـنَ يَمضي غـَدا ً..أو كيفَ يـَنتـَقـِلُ !
يا لـَيـلَ بغـداد.. هـَلْ نـَجـمٌ فـَيـَتـبـَعُـهُ
مِن لـَيـل ِباريس سـَكرانُ الخُطى ثـَمِلُ
الحـُزنُ والـدَّمعُ سـاقـيـهِ وَخـَمـرَتـُهُ
وَخـَيـلـُهُ شـَوقـُهُ .. لـَو أنـَّهـا تـَصِـلُ
إذ َنْ وَقـَفـتُ على الشـُّـطآن ِأسـألـُهـا
يا دَجلـَة َالخـَير،أهلُ الخـَيرِ ما فـَعَـلوا ؟
أما يَـزالـونَ في عـالي مَرابـِضِهـِم
أم مِن ذ ُراهـا إلى قـِيعـانِها نـَزَلـوا ؟
هَل استـُفـِزُّوا فـَهـِيضُوا فاستـُهـِينَ بهـِم
عـَهـِدتُ واحـِدَ أهـلي صَبـرُهُ جـَمَـلُ !
فـَأيُّ صائح ِمَوتٍ صـاحَ في وَطـَني
بـِحَيثُ زُلـزِلَ فيـهِ السـَّهـلُ والجـَبـَلُ ؟
وأيُّ غـائـِلـَة ٍ غـالـَتْ مَحــارِمـَهُ
وما لـَدَيـهِ عـلى إقـصـائِهـا قـِبـَـلُ ؟
يا دَجلـَة َالخَيرِ بَعضُ الشـَّرِّ مُحتـَمَلٌ
وَبـَعـضُه ُليسَ يُدرَى كيفَ يُحـتـَمَلُ
خـَيرُ الأنـام ِالعـراقـيـُّونَ يا وَطني
وَخـَيرُهُم أنَّ أقـسى مُرِّهـِم عـَسـَلُ !
وَخـَيرُهُم أنـَّهـُم سـَيفٌ .. مروءَتـُهُم
غـِمْدٌ لـَهُ..والتـُّقى ،والحِلـْمُ ،والخَجَلُ
وهُم كـِبارٌ .. مَهـيـبـاتٌ بَـيـارِقـُهـُم
شـُمٌّ خـَلائـِقـُهُم .. خـَيـَّالـُهُـم بَـطـَلُ
لا يَخفِضونَ لـِغـَيرِ اللهِ أرؤسـَهـُم
ولا يـَنامونَ لو أطفـالـُهـُم جَفـَلـُوا
فـَكيفَ أعراضُهُم صارَتْ مُهَتـَّكـَة ً
وَحـَولـَهـُنَّ سـتـورُ اللهِ تـَنـسـَدِلُ ؟
وكيفَ أبوابـُهُم صارَتْ مُشـَرَّعَة ً
لـِكلِّ واغـِل ِسُـوء ٍبـَيـنـَهـا يَغـِلُ ؟
وكيفَ يا وَطنَ الثـُّـوّارِ داسَ على
كلِّ المَحـارِم ِفيكَ الـدُّونُ والسـَّفـِلُ ؟
أهؤلاء ِالذيـنَ الـكـَونُ ضاءَ بـِهـِم
وَعَلـَّموا الأرضَ طـُرّا ًكيفَ تـَعتـَدِلُ
وَمَنْ أعانـُوا،وَمَن صانـُوا، وَمَن بَذ َلوا
وَمَن جَميعُ الوَرى مِن مائِهـِم نـَهَـلوا
دِماؤهُم هذهِ التـَّجـري ؟..هَـياكِـلـُهُم
هـذي؟؟..أقـَتـلى بأيْدي أهـلِهـِم قـُتِـلوا ؟
تـَعـاوَنَ الكـُفـْرُ والكـُفـّارُ يا وَطني
عـَلـَيهـِمو.. ثمَّ جـاءَ الأهـلُ فاكتـَمَلـُوا
يا ضَوءَ روحي العـراقيـُّين..يا وَجَعي
وكبـريائي .. ويا عـَيني التي سـَمَلـُوا
أنتـُم أضالـِعُ صَدري ..كلـَّما كـَسـَروا
ضلعـاً أحِـسُّ شـِغـافي وهوَ يَنبـَزِلُ
فـَكيفَ تـَجـرؤ ُ يا أهـلي بَـنـادِقـُكـُم
على بـَنـيكـُم ولا تـَندى لـَكـُم مَقـَلُ ؟
وكيفَ تـَسـفـَحُ يا أهلي خـَنـاجـِرُكُم
دِما بَـنـيـكـُم ولا يَـنـتـابُهـا شـَلـَلُ ؟
وكيفَ يا أهـلـَنـا نالـُوا مروءَتـَكـُم
فأوقـَعـُوا بـَينـَكـُم مِن بَعدِ ما انخـَذلـُوا؟
يا أهلـَنـا.. ليسَ في حَـربِ العـِدا خـَلـَلٌ
بـَلْ قـَتـلـُكـُم بَعضُكـُم بَعضا ًهوَ الخـَلـَلُ
لا تـَكسِروا ضِلعـَكـُم أهلي فـَما عُرِفـَتْ
أضلاعُ صَـدر ٍلـِكي تـَحميـه ِتـَقـتـَتـِلُ
فـَدَيـتـُكـُم أنـتـُم الـبـاقـُون .. راحـِلـَة ٌ
هـذي المُسـوخُ كـَما آبـاؤهـُم رَحـَلـُوا
فـَلا تـُعـينـُوا عـليكـُم سـافِحي دَمِكـُم
كي لا يـُقـالَ أهـالـيـهـِم بـِهـِم ثـُكِـلـُوا
صُونـُوا دِماكـُم ، فـَيَوما ًمِن قـَذارَتـِهـِم
كلُّ العــراق ِبـِهـذا الـدَّمِّ يَغـتـَسـِلُ!
توفي الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد صباح يوم الاحد الأحد 26 محرم 1437 هـجرية الموافق 8 تشرين الثاني (نوفمبر)2015م، عن عمر ناهز الخامسة والثمانين عاما في باريس بعد مرض عضال الم به وصارعه فترة طويلة فصرعه ودفن في باريس بحسب رغبة عائلته الا انه اوصى( ان تحرر العراق وعاد السلام لربوعه وعادت الحياة الى بغداد ان ينقل جثمانه الى بغداد ويدفن فيها ) .
للشاعرالعديد من الدوواين الشعرية تعداد ها تسع وخمسون ديوانا اضف اليها القصائد التي قالها في اخريات ايامه والقصائد التي لم تنشر منها مايلي :
لعنة الشيطان
طيبة 
قصائد كانت ممنوعة 
أوراق على رصيف الذاكرة 
خيمة على مشارف الاربعين 
الخيمة الثانية 
في لهيب القادسية 
أنسوكلوبيديا الحب 
قمر في شواطئ العمارة 
في مواسم التعب 
120 قصيدة حب
قصائد كانت ممنوعة
في لهيب القادسية 
أوراق على رصيف الذاكرة
الخيمة الثانية
كذلك نظم عشر مسرحيات شعرية من ضمنها (الحر الرياحي) و(الصوت) و(الملكات) بالاضافة إلى ما كتب إلى دار الأزياء العراقية و كتب واثنتين وعشرين رواية شعرية للأطفال والعديد من الأناشيد الوطنية.
وقد ترجمت قصائده إلى لغات مختلفة منها الإنكليزية والفنلندية والروسية والألمانية والرومانية واليوغسلافية.
الشاعرعبد الرزاق عبد الواحد يتميز بأسلوبهِ القريب من شعر المتنبي في فخرهِ ومدحهِ ذو حنكة شعرية فذة وأسلوب شعري يميل إلى قوة الشاعرية والبلاغة غير المقصودة بحيث تجعله من أوائل الشعراء المعاصرين في قصيدة العمود الشعري في الادب العربي فهو اقرب الشعراء في شعره الى المتنبي ولا يجاريه شاعر من الشعراء الرواد اوالمعاصرين .
واختم بحثي بهذه القصيدة الرائعة من روائعه :
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلايين ِ
مَن لى ببغداد أبكيها وتبكيني؟
مَن لى ببغداد؟.. روحى بَعدَها يَبسَتْ
وَصَوَّحتْ بَعدَها أبهى سناديني
عدْ بى إليها.. فقيرٌ بَعدَها وَجعي
فقيرَة ٌأحرُفى.. خرْسٌ دَواويني
قد عَرَّشَ الصَّمتُ فى بابى وَنافِذ َتي
وَعششَ الحُزنُ حتى فى رَوازيني
والشعرُ بغداد، والأوجاعُ أجمَعها
فانظرْ بأيِّ سهام ِالمَوتِ ترميني؟!
* * *
عدْ بى لبغداد أبكيها وتبكيني
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلايين ِ
عُدْ بى إلى الكرخ.. أهلى كلهُم ذ ُبحُوا 
فيها.. سأزحَفُ مَقطوع َالشرايين ِ
حتى أمُرَّ على الجسرَين.. أركضُ في
صَوبِ الرَّصافةِ ما بينَ الدَّرابين ِ
أصيحُ : أهلي... وأهلى كلهُم جُثثٌ
مُبعثرٌ لَحمُها بينَ السَّكاكين
ِ
خذنى إليهم.. إلى أدمى مَقابرِهم
للأعظميةِ.. يا مَوتَ الرَّياحين
وَقِفْ على سورِها، واصرَخْ بألفِ فم ٍ
يا رَبة َالسور.. يا أ ُمَّ المَساجين
ِ
كم فيكِ مِن قمَرٍ غالوا أهلتهُ؟
كم نجمَةٍ فيكِ تبكى الآنَ فى الطين ِ؟
وَجُزْ إلى الفضل ِ.. لِلصَّدريَّةِ النحِرَتْ
لحارَةِ العدل ِ.. يا بؤسَ المَيادين ِ
كم مَسجدٍ فيكِ.. كم دارٍ مُهدَّمَةٍ
وَكم ذ َبيح ٍ عليها غيرِ مَدفون ِ؟
تناهَشتْ لحمَهُ الغربانُ، واحترَبَتْ 
غرثى الكِلابِ عليهِ والجراذين ِ
يا أ ُمَّ هارون ما مَرَّتْ مصيبتنا
بأ ُمةٍ قبلنا يا أ ُمَّ هارون ِ!
* * *
أجرى دموعا ًوَكبرى لا يُجاريني
كيفَ البكا يا أخا سبْع ٍوَسبعين ِ؟!
وأنتَ تعرفُ أنَّ الدَّمعَ تذرفهُ
دَمعُ المُروءَةِ لا دَمعَ المَساكين ِ!
* * *
دَمعٌ لفلوجةِ الأبطال.. ما حَمَلتْ 
مَدينة ٌمِن صِفاتٍ، أو عناوين ِ
للكِبرياءِ.. لأفعال ِالرِّجال ِبها
إلا الرَّمادى.. هنيئا ًللمَيامين ِ!
وَمرحبا ًبجباه ٍ لا تفارِقها
مطالعُ الشمس ِفى أيِّ الأحايين ِ
لم تألُ تجأرُ دَباباتهم هلعا ً
فى أرضِها وهيَ وَطفاءُ الدَّواوين ِ
ما حَرَّكوا شَعرَة ًمِن شيبِ نخوَتِها
إلا وَدارَتْ عليهم كالطواحين ِ!
* * *
يا دَمعُ واهملْ بسامَرَّاء نسألها
عن أهل ِأطوار.. عن شمِّ العَرانين ِ
لأربع ٍ أتخمُوا الغازينَ مِن دَمِهم
يا مَن رأى طاعنا ًيُسقى بمَطعون ِ!
يا أ ُختَ تلعفرَ القامَتْ قيامَتها
وأ ُوقدَتْ حولها كلُّ الكوانين ِ
تقولُ برلين فى أيام ِسطوَتِها
دارُوا عَليها كما دارُوا ببرلين ِ
تناهبُوها وكانتْ قرية ًفغدَتْ
غولا ًيقاتلُ فى أنيابِ تنين ِ!
* * *
وَقِفْ على نينوى.. أ ُسطورَة ٌبفمى 
تبقى حُروفكِ يا أ ٌمَّ البراكين ِ
يا أ ُختَ آشور.. تبقى مِن مَجَرَّتهِ
مَهابَة ٌمنكِ حتى اليوم تسبيني
تبقى بوارِقه ُ، تبقى فيالقه ُ
تبقى بيارِقهُ زُهرَ التلاوين ِ
خفاقة ًفى حنايا وارِثى دَمه ِ
يحلقونَ بها مثلَ الشواهين ِ
بها، وَكِبرُ العراقيين فى دَمِهم
تداوَلوا أربعا ًجَيشَ الشياطين ِ
فرَكعُوه ُعلى أعتابِ بَلدَتهم
وَرَكعُوا مَعهُ كلَّ الصَّهايين ِ!
* * *
يا باسقاتِ ديالى.. أيُّ مَجزَرَة ٍ
جَذ َّتْ عروقكِ يا زُهرَ البَساتين ِ؟
فى كلِّ يَوم ٍ لهُم فى أرضِكِ الطعِنتْ
بالغدرِ خِطة ُ أمْن ٍ غيرِ مأمون ِ
تجيشُ أرتالهُم فوقَ الدّروع ِبها
فتترُكُ السوحَ مَلأى بالقرابين ِ
وأنتِ صامِدَة ٌتستصرِخينَ لهُم
مَوجَ الدِّماءِ على مَوج ِالثعابين ِ
وكلما غرِقوا قامَتْ قيامَتهم
فأعلنوا خطة ً أ ُخرى بقانون ِ!
* * *
يا أطهرَالأرض.. يا قدِّيسة َالطين ِ 
يا كربلا.. يا رياضَ الحُورِ والعِين ِ
يا مَرقدَ السيدِ المَعصوم.. يا ألقا ً
مِن الشهادَةِ يَحمى كلَّ مِسكين ِ
مُدِّى ظِلالكِ للإنسان ِفى وَطني
وَحَيثما ارتعشتْ أقدامُهُ كوني
كونى ثباتا ً لهُ فى ليل ِمِحنتهِ
حتى يوَحدَ بينَ العقل ِوالدِّين ِ
حتى يَكونَ ضَميرا ًناصِعا ً، وَيَدا ً
تمتدُّ للخيرِ لا تمتدُّ للدُّون ِ
مَحروسة ٌبالحُسَين ِالأرضُ فى وَطني
وأهلها فى مَلاذٍ منهُ ميمون ِ
ما دامَ فى كربَلا صَوتٌ يَصيحُ بها
إنَّ الحُسينَ وَليٌّ للمَساكين ِ
* * *
يا جرحَ بَغداد.. تدرى أننى تعِبٌ
وأ نتَ نصلٌ بقلبى جدُّ مَسنون ِ
عدْ بى إليها، وَحَدِّثْ عن مروءَتها
ولا تحاولْ على الأوجاع ِتطميني
خذ ْنى إلى كلِّ دارٍ هدِّمَتْ، وَدَم ٍ
فيها جرى، وَفم ٍحرٍّ يناديني
يَصيحُ بى أيها الباكى على دَمِنا
أوصِلْ صَداكَ إلى هذى المَلايين ِ
وقلْ لها لمْلمى قتلاكِ واتحِدى 
على دِماكِ اتحادَ السين ِوالشين ِ
مِن يوم ِكانَ العراقُ الحُرُّ يَغمُرُهُم
حبا ً إلى أن أتى مَوجُ الشعانين ِ!
* * *
دَمعٌ لبغداد.. دَمعٌ بالمَلايين ِ
دَمعٌ على البُعدِ يَشجيها وَيَشجيني
.
امير البيـــــــــــــان العربي
د.فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــــــد روز
********************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 154 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

في هذا اليوم المبارك حل علينا العام الهجري الجديد \1440 للهجرة النبوية المباركة وبهذه المناسبة اهني نفسي واخوتي واحبائي والعالمين العربي والاسلامي واذكرايضا الشذرة الخامسة عشرة من كتابي ( شذرات من السيرة النبوية المعطرة ) والذي اصدرته عام 2016 في عمان - الاردن
.
شذرات من السير ة النبوية المعطرة
15
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله:
في ليلة الاثنين الاول من ربيع الاول من العام الرابع عشر من النبوة ركب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم راحلته صحبة ابي بكر الصديق والدليل ( عبد الله بن اريقط الليثي ) وصحبهم عامر بن فهيرة مولى ابي بكرالصديق وتحرك الركب من (غار ثور) متجها الى يثرب وسلك بهما الدليل طريقا غير مسلوكة الا قليلا باتجاه الجنوب نحو اليمن حتى ابتعد كثيرا ثم اخذ بهم الى الغرب نحو البحر- وهذه اول خطوات البعثة النبوية المعطرة – ثم اتجه الركب الى الشمال على مقربة من ساحل البحر وسلكت القافلة المهاجرة طريقا لم يسلكه احد من قبلهم الا قليلا .- وهنا بدأ مسار الهجرةالنبوية المباركة - وسمي هذا العام بعام الهجرة . وهوالعام الهجري الاول في التقويم الاسلامي القمري الذي يبدأ من اول محرم الحرام وينتهي بانتهاء ذي الحجة من كل عام .
قالت اسماء بنت ابي بكر :
لما خرج والدي اخذ معه كل ماله فدخل علينا جدي ابو قحافة وكان فاقد البصر فقال :
- اني والله لأراه فجعكم بماله مع نفسه 
فقلت له: كلا والله لقد ترك لنا خيرا
واخذت حجارة فوضعتها في كوة البيت وقلت له:
- ضع يدك على المال. 
فوضعها وقال : لا باس ان كان قد ترك لكم هذا فقد احسن
وقالت : والله ما ترك لنا شيئا وانما اردت ان اسكت الشيخ .
والت القافلة سيرها الليل كله وانتصف النهارالتالي واصبح الطريق قفرا خاليا عندئذ نزل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليستريح تحت ظل صخرة بينما راح ابو بكرالصديق يستكشف ما حوله فشاهد راع يرعى اغنامه فاستحلب منه ابو بكر. فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم سقاه ابو بكر حتى شبع ثم ارتحلوا.
في اليوم الثاني من هجرتهم الميمونة مروا على خيمة ام معبد - وام معبد هذه امراة من كعب وفي رواية اخرى من خزاعة وزوجها يسكنون في موضع يسمى ( المشلل) في ناحية قرية ( القديد) التي تبعد عن مكة بحوالي\ 130 كم وكانت تطعم من مر بها وتسقيه لذا كان يعرفها القاصي والداني فنزلوا عندها وسألوها ان كان عندها شيء ياكلونه فاعتذرت عن اقرائهم واخبرتهم ان الشياه عازب – بعيد ة المرعى والكلا . فشاهد النبي صلى الله عليه وسلم نعجة قرب الخيمة اجهدها الهزال والضعف ولم يكن فيها قطرة من لبن فاستاذن ام معبد بحلبها فحلبها فبارك الله فيها ودرت لبنا كثيرا سائغا طيبا ملأ الاناء الكبير وفاض منه . فسقى النبي صلى الله عليه وسلم ام معبد حتى رويت ثم سقى اصحابه حتى شبعوا ثم شرب فارتوى ثم حلبها ثانية بملئ الاناء وتركه عندها وارتحلوا .
فلما قرب الغروب جاء زوجها يسوق اغناما عجافا وفي رواية اخرى عنوزا عجافا فتعجب حين شاهد اللبن الكثير فقا ل لها:
- من اين هذا ؟؟؟
فاخبرته القصة بان رجل مبارك مر بها مع اخرين ووصفت النبي صلى الله عليه وسلم من مفرقه الى قدمه فقالت:
( انه رجل ظاهر الوضاءة حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزور به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي اشفاره وطف وفي صورته صحل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة احور اكحل ازج اقرن شديد سواد الشعر اذا صمت عليه الوقار واذا تكلم علاه البهاء اجمل الناس وابهاه من بعيد واحسنه واحلاه من قريب حلو المنطق لا نذر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدون ربعة لا تقتحمه عين من قصر ولا شنوءة من طول غصن بين غصنين فهو انضر الثلاثة منظرا واحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به اذا قال استمعوا لقوله واذا امر تبادروا الى امره محفود محشود لا عابس ولا مفند)
فقال ابو معبد: والله هذا صاحب - قريش الذي تطلبه ولقد هممت ان اصحبه ولأفعلن ان وجدت الى ذلك سبيلا .
وفي صباح ذلك اليوم صاح صوت ب( مكة )عاليا سمعه الجميع ولا يرون القائل وهو ينشد:
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي ام معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به 
فافلح من امسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكمو 
به من فخار لا يحاذى وسؤدد
ليهن بنو كعب مكان فتاتهم 
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا اختكم عن شاتها وانائها
فاكموا ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت 
له بصريح ضرة الشاة مزيد
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم 
وقدس من يسري اليه ويغتدي
وعن اسماء بنت ابي بكر قالت :
- مكثنا ثلاث ليال لا ندري اين توجه النبي صلى الله عليه وسلم اذ اقبل رجل من الجن من اسفل مكة يتغنى بابيات غناء العرب والناس يتبعونه ويسمعون منه ولا يرونه حتى خرج من اعلى مكة فعرفنا حد سا ر اينما توجه رسول الله .
ثم ساروا حتى جاوزوا ( القديد) فتبعهم سراقة بن مالك بن جهشم المدلجي آملا في جائزة قريش ( مائة بعير لمن ياتي بمحمد وصاحبه حيا اوميتا ) وهو فارس من فرسا ن قريش مشهود له بالشجاعة والقوة فلما وصل قريبا منهما كبت فرسه حتى سقط عنها ثم نهض فاستقسم بالازلام ايضرهم ام لا يضرهم فخرج الذي
لا يضرهم لكنه عصى الازلام وركب ثانية وهم اللحاق بهم حتى دنى منهم بحيث يسمع ما يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت اليه وابو بكر يكثر من الالتفات في كل جانب . فساخت ارجل الفرس الامامية حتى ركبتيها فخر هاويا عن ظهر فرسه الى الارض ثم زجرها فاخرجت يديها من الارض فلما استوت قائمة صار لأثر يديها غبار ساطع طالع الى السماء مثل الدخان عاليا فوقف سراقة استقسم بالازلام ثانية فظهر الذي يكرهه فداخله رعب كبير وفطن ان امر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لابد سيظهر فسألهم الامان فوقفوا حتى لحق بهم واخبر سراقة النبي صلى الله عليه وسلم بما قرره اهل مكة وعرض عليه الزاد والمتاع فلم يأخذ منه شيئا وطلب منه ان يخفي امرهما ورجاه سراقة ان يستكتبه الامان فامر له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتبه عامر بن فهيرة في اديم ودفعه اليه وتخبر النبي صلى الله عليه وسلم سراقة انه سيوضع في يديه ا سورة من ذهب ورجع سراقة الى قريش . فكان كل من لقيه في الطريق يؤكد له بعد م رؤيته لهم . وكانت نبوءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ان تحققت بعد اسلام سراقة وجهاده في سبيل الاسلام في معركة القادسية في زمن الخلفة عمربن الخطاب حيث لبس سراقة اسورة الملك كسرى ملك الفرس بعد انتصار المسلمين .
و قد لقيهما في الطريق بريدة بن الحصيب الاسلمي في سبعين رجلا فارسا فاسلموا وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء الاخرة ثم لقيهما الزبير بن العوام في بطن وادي (الريم) في ركب من المسلمين كانوا في تجارة من الشام فكسى الزبير النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه بملابس بيضاء.
ولما بلغ الانصار في يثرب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من مكة قاصدا مدينتهم كانوا يخرجون في كل يوم الى ( الحرة ) ينتظرون قدومه فاذا اشتد حر الشمس رجعوا الى منازلهم وفي يو م الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول خرجوا كعادتهم فلما حميت الشمس رجعوا فصعد رجل من اليهود على اطم من آطام المدينة فراى ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعيد يزول بهم السراب بملابس بيضاء فصرخ باعلى صوته :
يا بني قيلة ( وهي ام الاوس والخزرج كما سبق واشرنا لذلك ) اسرعوا هذا صاحبكم . قد جاءكم من تنتظرونه .
هب الانصار راكضين نحو القافلة بحر الظهيرة الى (السلام) موضع معروف ليلتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا التهليل والتكبير في بني عمرو بن عوف فكبرالمسلمون وخرجوا الى لقياه وحيوه بتحية النبوة والاسلام واحدقوا به رافلين بالفرح والسرور . فنزل بهم في بني عمرو بن عوف في (قباء) على مقربة من المدينة المنورة ( يثرب ) التي نورها النبي الحبيب المصطفى بنوره فاصبحت تسمى (المدينة المنورة ) من ذلك الوقت وقد نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في (قباء) على كلثوم بن الهدم وقيل في رواية اخرى على سعد بن خيثمة حيث مكث فيها اربعة ايام وقد اسس في اثنائها مسجد قباء المعروف اليوم وهو اول مسجد اسس وبني في الاسلام . وقد زرناه وتباركنا به وصلينا فيه هذا العام والحمد لله رب العالمين .
وفي يوم الجمعة اليوم الخامس من وصول ركب النبي صلى الله عليه وسلم بامر من الله تعالى وابو بكر معه فارسل الى اخواله بني النجار فحضروا متقلدين سيوفهم فسار فيهم نحو المدينة المنورة وادركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة فيهم في بطن الوادي في موضع المسجد الموجود الان في بطن الوادي وهم قرابة مائة رجل . 
ثم ركب متجها نحو مركز المدينة وقد زحف الناس لاستقباله وارتجت البيوت والسكك والشوارع بالتحميد والتهليل وخرج النساء والصبان والاولاد وهم يتغنون :
طلع الفجر علينا من ثنيات الوداع 
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
ايها المبعوث فينا جئت بالامر المطاع 
جئت شرفت المدينة مرحبـــا يا خير داع
وكان الانصار كل منهم ياخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون .:
- هلم الى العدد والعدة والسلاح والمنعة
فيجيبهم صلى الله عليه وسلم :
- (خلوا سبيلها فانها مامورة)
فلما وصلت الناقة الى مكان المسجد النبوي الشريف بركت فيه فلم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا ثم التفتت ورجعت ثم بركت مرة اخرى في موضع بروكها الاول فنزل النبي صلى الله عليه وسلم عنها . فاخذ الناس يترجونه ويكلمونه في النزول عليهم فاحب ان ينزل على اخواله تكريما لهم . فبادر ابو ايوب الانصاري فادخل رحله الى بيته فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
- المرء مع رحله .
واخذ اسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده . فتسابق سراة الانصار الى استضافة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فكانت تاتيه الجفان مليانة . تاتيه منهم في كل ليلة وعلى بابه ثلاث او اربع جفان. واصبح كما قال شاعرهم قيس بن صرمة :
ثوى في قريش بضع عشرة حجة
يذكر لو يلقي حبيبا مواتيا
فلما اتانا واستقر به النوى
واصبح مسرورا بطيبة راضيا
واصبح لايخشى ظلامة ظالم 
بعيد ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الاموال من جل مالنا
وانفسنا عند الوغى والتآ سيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم 
جميعا وان كان الحبيب المصافيا
ونعلم ان الله لا رب غيره
وان كتاب الله اصبح هاديا
وقال الشاعر حسان بن ثابت في ذلك :
قومي الذين هموا آووا نبيهمو
وصدقوه واهل الارض كفار
الا خصائص اقوام همو تبع
في الصالحين مع الانصار انصار
مستبشرين بقسم الله قولهموا
لما اتاهم كريم الاصل مختار
وقال ايضا :
نصرنا وآوينا النبي محمدا
على انف راض من معد وراغم
وهكذا هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة الى يثرب ووصل اليها ودخلها هو رفيقه ابو بكرالصديق سالما غانما قد انعم الله تعالى عليه بالفتح المبين وتنورت( يثرب) بمقدمه فسميت ( المدينة المنورة )
قال البراء :
( اول من جاءنا مصعب بن عمير وابن مكتوم فجعلا يقرآن النا س القرآن ثم جاء عمار بن ياسر وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم )
فاقام النبي عند ابي ايوب حتى بنى بيته ومسجده .
بعث النبي صلى الله عليه وسلم- وهو مقيم في منزل ابي ايوب الانصاري – زيد بن حارثة وابا رافع الى مكة فقدما اليه بابنتيه فاطمة وام كلثوم وزوجته سودة بنت زمعة واسامة بن زيد وام ايمن . وكذلك خرج معهم عبد الله بن ابي بكر وفيهم عائشة ايضا .
اما علي بن ابي طالب رضي الله عنه فبقي بمكة ثلاثة ايام بعد هجرة النبي ادى الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل مكة ثم هاجر ماشيا على قدميه فلحق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فنزل على كلثوم بن الهدم . ثم هاجر صهيب فحجزه مشركو مكة فتنازل عن امواله لهم على كثرتها فسمحوا له بالهجرة فلما وصل المدينة واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال :
- (ربح البيع ابا يحيى ).
حيث كانت كنية صهيب ( ابو يحيى )
امير البيــــــان العربي
د فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــــد روز
***********************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 149 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

المراحل في كتاب "نسوة في المدينة" للكاتب فراس حج محمد
بقلم: رائد الحواري
هناك فقر في الكتب التي تتناول (الحب)، فبالكاد نجد روايات أو قصصا أو قصائد تتجاوز المطروح، وتتجاوز ما هو سائد، فهناك محظورات تعرّض صاحب النص إلى المساءلة، الاتهام، (الزندقة)، فكلنا يعلم المحرمات الثلاث، "الجنس، والدين، والسياسة"؛ لهذا أصبحت دولنا خرابا ودمارا، جغرافيا وسكانيا، فالتحالف بين الديني والسياسي منع ـ تحت طائلة المسؤولية ـ كل من يتجاوز هذه الخطوط الحمراء، كالفصل من العمل إلى التشهير، إلى المنع من السفر، إلى الاعتقال أو النفي وحتى القتل، هكذا هي قوانين (دول القبائل).
"فراس حج محمد" من الذين لا يعرفون الحواجز، ويعملون على اختراق المحظورات والممنوعات، فهو كشاعر يحسن فعل التمرد وتجاوز المألوف، بصرف النظر عن العواقب التي يمكن أن تتخذها (دولة القبيلة)، وكلنا يعلم (نخوة القبيلة) عندما يتم تناول المحرمات، ومع هذا أصر الشاعر على الاستمرار في مشروعه النهضوي بصرف النظر عما يمكن أن يكون، فهو أجرأنا على البوح بما يؤمن به، والقدوة التي نسترشد بها لتجاوز ما هو عادي، وما هو مألوف.
إذن، هناك شيء جديد في كتاب "نسوة في المدينة" شيء متمرد على كل ما هو سائد، لكن الكاتب لا يقدم هذا التمرد دفعة واحدة، بل من خلال مراحل، فهو أرادنا أن نتفهم الدوافع والأهداف والغايات من وراء هذا الطرح، وكأنه في هذه المرحل يؤكد لنا قدرته على تناول الكتابة النثرية بشكل استثنائي، بحيث يقنعنا بتألقه في كل مرحلة، فهو ليس بحاجة إلى المرحلة الثالثة لنقول عندها أنه متميز، متألق، لكنه أصر على مصارحتنا بما نخجل من البوح به، وكشف "ما نخفي في صدورنا"، ما نريده وما نستمتع به.
من هنا يمكنا القول إن كتاب "نسوة في المدينة" يشكل حالة استثنائية، إن كان على مستوى اللغة الأدبية، أو على مستوى الفكرة التي يطرحها، والكاتب لا يكتفي بهذا، بل نجده يسمعنا صوت المرأة، فتحدثنا عن حاجاتها للجنس، وما تشعر به، وما تريده من حبيبها، سندخل إلى الكتاب حسب التسلسل الذي وضعه "فراس حج محمد".
القسم الأول:
يبدأ القسم الأول بهذه الفقرة: "أصابع تشتعل بلهب أزرق، لم تكن الكتابة يوما شهوة مائية". ص6، فمن خلال هذه الفاتحة يمكننا الاستنتاج أن هناك حديثا عن الكتابة، لكنها كتابة ليست عادية، فنهاك "أصابع تحترق" لتدفئنا، لتنير لنا، لتعرفنا على معالم الطريق، فعندما جعل اللهب أزرق، أراد أن يجعله لهبا نقيا، صافيا، لهذا سيكون مفعوله إيجابيا ومفيدا بالتأكيد، فمصدره ذلك الكتاب الذي يشعل أصابعه لنا، كما نجد هناك شهوة "مائية" نقيض "الاشتعال"، وكأن هناك حالة تكامل بين ذاك الاشتعال وهذا المائي، فكلاهما يأخذ مساحة من الكتاب.
التأثر بالقرآن الكريم
من يتابع كتب "فراس حج محمد" يجد تأثره بالقرآن الكريم، يستخدم الكاتب الآيات القرآنية في هذا القسم أكثر من القسمين الثاني والثالث، وهذا ما يعطينا إشارة إلى أن الكاتب كلما تقدم إلى المواضيع الحساسة أخذته الكتابة إلى عالمها، بحيث يكتب ما ينسجم وطبيعة الموضوع.
جاء أول تناص مع القرآن الكريم في مقدمة الكاتب التي يقول فيها: "أما أنا فقد توصلت إلى قناعتي الراسخة التي تقول: "عليّ أن أجرّب العيش وحيدا، فالأنبياء وحدهم لا يشعرون بالخذلان، "ولا تذهب نفسك عليهم حسرات" ص5، بهذه المقدمة يمكن القول إن الكاتب يعرف أن طريق كتابه ستكون وعرة وشائكة، لكنه يستمد قوته من القرآن الكريم، من الأنبياء الذين يؤمنون بالحق وحده، متجاوزين أقوامهم وواقعهم.
التناص الثاني جاء بهذا الشكل: "كنت أرى الصفحات وهي تنكمش وتتغضن، لم أكن أعرف ساعتئذ أنها كانت تتألم، ما كان يطرد هذه الفكر من عقلي وأنا صغير، أنني كنت أسمع ممن عندهم علم من الكتاب، أن حرق أجزاء من المصحف الشريف أو النسخ التي أصابها التمزق خير" ص13، الكاتب الذي يقدم هذا المشهد، بالتأكيد يقدر على إدهاشنا بلغته، بصوره، بأسلوبه، بمضمونه، فالحالة التي يتحدث عنها الكاتب هي الكتابة، وما تتعرض له الأوراق، الكلمات المكتوبة، فهو يتعامل معها كالكائن الحي تماما.
"عندما شبهتها بالشمبانيا... لتنداح في كأس الليل شرابا سائغا يتغلغل في أعماقي" ص26، "ثمة أشياء أخرى لم أكن أقصر فيها في نهاية كل شهر، ومع موعد الإفلاس الشهري، القراءة وكتابة قصائد الغزل"، "أنهض وأغتسل، أصلي، وأتجدد، وأكتب قصيدة جديدة، وأمارس شهوتي كأنني ملك، لا ينازعه في ملكه أي "جبار عنيد". ص50، فعل الكتابة والقراءة، وهما الفعلان الظاهران، وسيلة الكاتب وغايته في تحقيق ذاته، والشعور بالفرح والنشوة، فبهما، ومن خلالهما يجد ذاته ويحقق أحلامه ويقدم أفكاره، فهو لا يكون دونهما.
الكتابة
هناك علاقة بين الكاتب والمادة الأدبية التي يقدمها، فهما معا يتعاونان لتقديم ما هو جديد للقارئ، وهناك حالة أخرى بين الكاتب ونصه، حالة أيهما يفرض ذاته على الآخر، الكتابة تحاول أن تكون هي المسيطرة على الكاتب، والكاتب يعمل جاهدا على تهذيب تلك الكتابة المتمردة، يقدم لنا فراس حج محمد هذه العلاقة: "ثمة نصوص خائنة لا تصرخ بما تستطيع أن يقوله الوعي، وربما هي جبانة، أو ربما تعبت من القول، أو لعلها لا ترى العالم واضحا وضوحا تماما تجعل الفكرة واضحة، هناك مشكلة حقيقية عندما تكون سيطرة النص أقوى من الكاتب نفسه، هل يحدث أن تحيا الفكرة وتتمرد على الكاتب وتخرج بطريقتها التي تريد هي لا ما يريدها كاتبها القارئ؟" ص24، الكاتب يتعامل مع الكتابة ككائن حر، مستقل عن الكاتب، وهذا الأمر يثير سؤالا حول الكتابة، هل النص/ القصيدة هي من تُكتب الكاتب أم أن الكاتب هو الذي يكتبها؟ وهل يستطيع الكاتب أن يكتب دون وجود ذلك الكائن الحر/ المستقل؟ أم أنهما معا هما من يكتبان النص/ القصيدة، ويظهرانها لنا بشكلها الجميل؟
يقدمنا الكاتب من حقيقة هذه الإشكالية بينه وبين الكتابة: "كنت حريصا على ألا أهز رأسي أو أتحرك كثيرا، لا أدري كيف فكرت أن الشخصيات والأفكار المحتشدة في رأسي ستقع وتفر من
إطار الجمجمة لو أنني حككت شعر رأسي،... لم أكن أعرف أن الكاتب هو الذي يحيي الشخصيات ويميتها، كنت شبيها بأمي التي كانت تبكي عندما يموت أحد الأشخاص الطيبين في مسلسل بدوي" ص27، هو لا يعطي إجابة حاسمة، بفوز أحدهما على الآخر، بل يبقى المسألة كما يشعر بها، كما يحسها، كما يتعامل معها، وهذا أمر طبيعي، فالكتابة حالة لا تأتي وقتما أرادها الكاتب، بل هي تخرج منه كما يخرج الطفل من رحم أمه، أي بعد أن يكتمل نموه، عندها فقط يأتي المخاض ليخرج إلى الحياة، هكذا هي الكتابة، الكتابة الأدبية الإبداعية.
كما قلت في المقدمة، "فراس حج محمد" كاتب مبدع ومتألق، وليس بحاجة إلى الحديث عن أفكار محرمة ليكون مشهورا/ معروفا، فما قدمه من أعمال شعرية ونثرية تشهد له، نجد تألق الكاتب في هذا المقطع الذي يتحدث فيه عن أعماله: "أعلم أنك غاضب مني غضبا لا تكفره النصوص والاعتذارات الخجولة، وربما لا تشفع فيه هذه الرسالة القاتمة الملامح، يكفيك احتجاجا واحتجابا فشهرزادك في الانتظار لاستكمال طقوس القهوة المرة لنمحو معا دوائر العطش الملتهبة بنيران الشوق المتأججة، وسنقضي الوقت كله معا، فأنا وحدي أغنيتك، وستهمس لي كل همسات الصباح لتكمل نصف الحقيقة بوح جمال يومياتك أيها الكاتب المسمى x)، إنك لم تعد مجهولا مهملا مهمشا ستغدو لي وحدي وأنا وحدك! وسأظل مشتاقة لرسائلك الخاصة جدا وأنت تبوح في المدينة للمدينة لتزهر بي وبخطواتي معانقة أشياءها" ص30، نذكّر بكتب فراس "رسائل إلى شهرزاد، طقوس القهوة المرة، دوائر العطش، وأنت وحدك أغنية، كأنها نصف الحقيقة، يوميات كاتب يدعى x، وهناك رسائل وأعمال أخرى ما زالت غير مكتملة"، فمن يتأمل الطريقة التي تناولت فيها الحبيبة أعمال "فراس" يتأكد أنه أمام كاتب متألق، من خلال طريقة تناوله لكتبه، ومن خلال تقمص شخصية المرأة، ومن خلال اللغة التي استخدمها، والفكرة التي أراد تقديمها، إن كل تلك الأعمال الأدبية تتحدث عنها، عن تلك المرأة التي ألهمته ليكتبها.
الكتابة/ القراءة من وجهة نظر الكاتب
قلنا في موضع غير هذا أن المرأة والكتابة/ القراءة يعدان من العناصر المخففة والمهدئة للكاتب، "فراس" يحدثنا عن هذين العنصرين من وجهة نظره: "أتذكر أنني حي وأمارس أربعينيتي بشهوتي الحادة للقراءة، هذه الشهوة التي قلّمت وحشيتها في التعامل مع ممارسة الحب في الفراش، فلا أريد المزيد من الماء الدافق، خشية المزيد من الأطفال أردت أن أكون أكثر حرية من قبل، ولا أريد لجسدي أو جسد امرأة ما أن يستعبدني" ص35، نجد العلاقة المنسجمة والمتوازية بين القراءة/ الكتابة وبين العلاقة مع المرأة، فهي كانت (مثالية) في تعاطيها مع القراءة، إلا أننا سنجد "فراس" يتجاوز هذا الانسجام في الجزء الثالث، ويجعل المرأة بمكانة متقدمة.
الكتابة/ القراءة من وجهة نظر الابنة
تخبرنا ابنة الكاتب عنه وعن أعماله الأدبية بحيادية، فتقدمه لنا كما هو: "أبي كان حريصا جدا في كل فترة حياته وهو يكتب نصوصه ويؤلف كتبه،...، كان يكتب لهن وفيهن قصائده ونصوصه، وربما امرأة واحدة هي من استحوذت على كل أفكاره،... القصائد أيضا على اختلافها وتنوعها لم تكن لتعطي شيئا من أسرار أبي المختزنة في قلبه، قصيدة واحدة فقط
بأبيات قليلة لا تتجاوز الستة أبيات يذكر فيها اسما لامرأة،... هل اضطر أبي لذكر اسمها من أجل القافية فخدعته القصيدة على حين غفلة منه؟... إنها كانت "شهرزاده" التي لم يظفر بها، ورحل وهو ينتظر أن يلقاها يوما حقيقة واقعية" ص46، هذه التفاصيل والحقائق يتم كشفها من أقرب الناس على الكاتب، وكأنها أرادت أن تؤكد نقاء الأب من الرذيلة أو الفاحشة، فقد عاش حالة من العشق الروحي والجمالي دون أن يحصل على جسد تلك المرأة، لهذا سنجده يفجر حاجته الجسدية في القسم الثالث، فهل أرادت الابنة أن تكون مشاركة في تفسير هذا الزخم وتحليله بهذه الطريقة في تعامله أدبيا مع جسد المرأة، بحيث لا ننخدع/ ننجر/ ننساق وراء الأحداث والمشاهد والصور والحالات (المتطرفة) فلا نعتبرها حقيقية، بل مجرد حالة لإحداث توازن عند الكاتب الذي لم يحصل على مبتغاه وحاجته من تلك المرأة؟
القسم الثاني
يقربنا الكاتب في القسم الثاني من عالم المرأة، بحيث تبدو علاقته بها أقرب إلى الحب العذري، وإن كان هناك وصف لجمال الجسد، أو حديث عن شهوته، وفي هذا القسم أيضا نجد علاقة بين الكتابة/ القراءة والمرأة، يفتتح الكاتب هذا القسم بقوله: "امرأة مؤلمة مع أنها طازجة، تقترب كأنها لم تهجر قط، وتبتعد كأنها لن تقترب أبدا، لكنها ستبقى هي هي وأنا سأبقى ذلك الخاضع لقوانين علاقتها الخاصة" ص52، بهذه الفقرة يمكننا القول إن هناك علاقة (طبيعية) من حالة عدم التمكن منها، وكأن الكاتب يمهد لوجود حالة من التجاذبات والابتعادات بينهما، ولكن العلاقة (بينهما) لا تصل إلى حالة التلاحم الجسدي، وإن وجدت فهي تبقى في الخيال/ في الحلم/ على الورق فقط.
هذا ما يجعلنا نربط هذه الفاتحة مع ما جاء على لسان الابنة، ولاحقا سنجد تأكيدا لها من الكتاب نفسه، أن كل العلاقات الجسدية مع النساء ما هي إلا علاقات "افتراضية"، وكأن "فراس" لا يريدنا أن نتعامل مع النص المقروء بواقعية حقيقية، بل كنص أدبي، فهو لا يريدنا أن نأخذ فكرة: "أن الكاتب يكتب نفسه/ ذاته الحقيقية"، بل هي نص أدبي مجرد، يراد منها تحريرنا من أحد المحظورات الثلاث "الدين، والجنس، والسياسة"، لنتجاوزها إلى حالة المتعة والفرح الذي نحصل عليه من خلال هذا النوع من الأدب، فعندما جعل الراوية هي المرأة في هذا القسم أراد أن يؤكد أدبية "نسوة في المدينة" وعلى حقيقة وواقعية الأحداث، وعلينا نحن القراء أن نستمتع بالكتاب آخذين هذا الاستمتاع ليكون طريقنا في الحكم على الكتاب وعلى الكاتب وعلى الرواة.
"فراس" يريد تنبيه القارئ ـ قبل أن يصل إلى "الأيروسية" ـ إلى الحقيقة السابقة: "وجودها في مخيلتي لا يعني أنها مجرد مشروع كتابي مفتوح على مطلق السرد، والشعر، إنما باتت تشكل خلية عصبية أساسية للغة التي تفيض كلما مر ذكرها أو هل طيفها الملحاح، هكذا صارت تتشكل في كل لحظة من لحظات وجودها الواقعي وغير الواقعي، امرأة حافلة بالتفاصيل المشبعة تغدق عليّ من وحيها المتجلي" ص53، اللافت للنظر أن هذه الفقرة جاءت بعد الفاتحة مباشرة، وكأن الكاتب في العقل الباطن ينساب منسجما متوحدا متواصلا مع نصه، لهذا نجده يتعامل مع اللغة والمرأة التي يتغزل بها كشيء واحد، مستخدما: "مشروع كتابي مفتوح، تفيض كلما مر ذكرها، تغدق عليّ"، وكأنه أرادنا أن نتأكد أن النص المقروء ما هو إلا نتاج الخيال،
رغم وجود شيء من الحقيقة/ الواقع الذي يحفز الكاتب على التوغل أكثر في مشروعه الإبداعي.
هذه الثنائية بين اللغة والمرأة وصلت إلى حالة متطورة عند الكاتب من خلال: "لا تمنعي شهوة الحياة أن تأتيك ترقص بين مسامات جسدك الناعم المصقول، كأنه قطعة ماس، كأنه قطعة حلوى، كأنه نقشه حناء مرسومة بملامح طيف ملاك يضج حيوية وعنفوانا، كأنه شلال ماء عذب يري ويروى ويروى ولن تنتهي منه رغبة ولا يكون به امتلاء ولا تشبع فيه لذة. لا تمنعي الصورة أن تقول وتنادي، وتضمني إلى أجزائها وتحررني من فيزيائيتي المتقلبة لأكون فيك خلية تنساب شرايينها في شرايينك اندماجا لا يصح له انفصام ولا يروم له اقتسام" ص57.
المرأة والكتابة ينصهران معا، ثم يتوحدان مع ذات الشاعر/ الكاتب، فيصبح الثلاثة جسما/ كائنا واحدا، والدعوة التي جاءت من الكاتب تعد وتتماثل مع رغبته/ حاجته/ طموحه لتحقيق هدفه/ غايته من الكتابة، والكتابة هي من ستجعله يشعر بوجود المرأة وحضورها، كما أن حضور المرأة ووجودها هو الذي يغدق عليه الإلهام ليكتب "نسوة في المدينة" فيحقق ذاته وطموحه، فيشعر بالاستقرار والاتزان والهدوء. بهذا العلاقة الحميمة بين الكاتب وأدواته يمكننا أن نصل إلى غاية هذا الكتاب، وليس من باب النظر إلى "الجنس" بشكله المجرد، فنكون كمن يتمتع بجسد الراقصة الشهواني، ولا يتمتع بجمال وتناسق حركتها، إذن علينا الأخذ بالجانب الجمالي وليس بالجانب الشهواني.
"فراس" ليس هو الراوي الوحيد في كتاب "نسوة في المدينة" فالعنوان يعطيهن مكانتهن، لهذا من الطبيعي والمنطقي أن نسمع أصواتهن، وكيف يفكرن وما يردن: "عندما كنا نمارس علاقاتنا الحميمة إلكترونيا كنت أبكي أكثر مما كنت أنتشي، وكلما بعثت له صورة أبدي له فيها أعضائي كنت أرغب لو استطعت أن أرسل له جسمي وروحي كليهما ليكونا في حضرة شهوته التي تدفقت بين يديّ على يديّ... كنت أريد امتلاكه كله في كل وقت ليشبع عطش كأسي ويروي ورودي الذابلة، كنت أنتظره، وكان ينتظرني، وكان الوقت كل الوقت لنا.... كنت أفلح أحيانا في استدرجه لفعل المزيد، أتلوى تحته افتراضيا، وأتأوه، وأظل أرويه ويرويني صوت فحولته حتى أفيض ويخبرني أنه بلغ ذروته أيضا... تستوقفني صورتي في المرآة... أقف متأملة نفسي، كل ما فيّ يثير جنون رجل افتراضي، أتحسس نفسي عضوا عضوا وأشعلني من جديد، وأظل أمارس مع نفسي حتى أبلغ ذروة نشوتي، أشعر بهدوء تمام، أدلف إلى الحمام، ها هو الماء يثيرني مجددا، أستلقي في الحوض وأغمر نفسي في الماء، وأعبث بعضوي وأفركه كما لم يفركه قضيب رجل قط، حتى يختلط الماءان" ص60. من جمالية هذا المقطع أن المتحدث هو المرأة وليس الرجل، فهو صادر عنها، وليس عن الكاتب، وإذا ما استثنينا لفظ "افتراضي" الذي يستخدمه "فراس" كثيرا نكون أمام لغة أنثوية صافية، محايدة تماما عن لغة الكاتب، وهذه اللغة ما كنت لتكون أنثوية نقية إلى هذا الكمال، دون أن تكون هناك امرأة حقيقية في حياة الكاتب، لكن هذه المرأة (الحقيقية) لم تُقدّم كما هي، بل جعلها الكاتب تنصهر معه، مما جعله قادرا على (تقمص) حالتها والتحدث بلسانها، فكانت امرأة حقيقية.
سنتوقف قليلا عند هذا المرأة ولغتها الأنثوية لنؤكد حالة الانصهار والتوحد بين الكاتب وأدواته، ـ والمرأة هنا من الأدوات الكتابية، مستخدما الألفاظ "أمتلاكه كله، ليشبع عطش كأسي، ويروي
ورودي الذابلة، أتلوي تحته، وأتأوه، وأظل أرويه ويرويني، حتى أفيض" كل هذا يجعلنا نتأكد أننا أمام امرأة حقيقية وليست (افتراضية)، فمثل هذه اللغة وما تحمله من مشاعر وحاجات ورغبات ما كانت لتكون بهذا الإقناع والصدق دون أن يكون الكاتب قد ذوّب "فراس" مع المرأة، فجعلها تتحدث بلغتها هي، لكن من خلال كتاب "نسوة في المدينة"، فهي ضمن مشروعه هو، لكنها في ذات الوقت لها حضورها، ووجودها ككائن/ كعنصر مستقل عن "فراس" ومشروعه.
بهذا التوحد والانفصال، يمكننا القول إن الكتاب برمته جاء ضمن هذه الحالة، فيمكننا أخذ النصوص منفصلة عن بعضها، ويمكننا تجميعها معا، وهذا ينطبق على الأقسام الثلاث، التي يمكننا التعامل والنظر إليها على أنها ثلاثة أعمال أدبية، وأيضا على أنها تجتمع معا لتشكل كتابا واحدا، وهذا ما وجدناه في نص "اقتحام مجهول عزلته" الذي جاء قصة كاملة. ولا يقتصر الأمر على الكتاب والنصوص، بل أيضا على علاقة الكاتب بمحيطه، بالنساء، باللغة، بالكتابة، بالأحداث، وعلاقة هذه كلها بالكاتب، فيمكننا أن نفصله عن (أدواته) وأن نوحده معها، فيبدو لنا ـ أحيانا ـ أن الكاتب/ المتحدث هو فراس، ـ وأحيانا ـ الـ "نسوة في المدينة".
تستمر النساء في الحديث عما يردنه من الكاتب: "مزعوجة، وفي غاية النكد، أحب أن ينقذني من حالتي هذه التي صرت أدخل فيها كثيرا وفي كل مرة كان يشع في نفسي الارتياح والهدوء، أرتاح لنبرة صوته الهادئة والواثقة... يغلق الهاتف وأعيد كلماته الدافئة، تمتلئ نفسي بالنور، وتتشقق حجب الضباب الكثيف الملبد في صدري،... يأتيني طيفه فيسحبني لننام معا تحت غطاء واحد لعلنا نظل في عناق دائم" ص71، اللغة لغة امرأة، فهي تستخدم "ينقذني، يشع في نفسي" فهنا الأثر الذي يحدثه الكاتب فيها هو أثر عاطفي نفسي، لكن هناك أثر جسدي نفسي، نجده في "يغلق، الدافئة، تملئ، وتتشقق حجب الضباب، نظل"، كل هذا يجعلنا أمام حاجتها/ رغبتها الجسدية، فهناك الدفء الذي يأتي بعد حالة الامتلاء التي يسبقها التشقق/ الانفتاح، وهذه الحالات تريدها لتظل دائمة ومستمرة، بحيث تكون في سعادة وممتعة إلى ما لا نهاية.
وكما يعيش الكاتب حياة متخلية/ واقعية تعيش هي الحالة نفسها، فتخبرنا عن الأثر الذي تركته فيه، بعد أن أخبرتنا المرأة السابقة عن الأثر الذي يتركه فيها: "كنت امرأة افتراضية بدون ملامح جرفتني كما جرفته لجهنم القلق والجنون، نسى كل النساء الأخريات، وتجاوز محنته المميتة،... كان واضحا معي وشفافا يكتب لي كل حين، أشعر بالفخر لغيرة صديقاته وأصدقائه، وتعليقاتهم على الرغم من أنه كان يجردني أمام القراء بعد أن عرّفته على جغرافية جسد ملتهب به يعاني من العطش، لم أكن امرأة افتراضية فقط" ص72. علينا أن نأخذ الأمر على هذا النحو، الخيالي والواقعي معا، فالتقديم الجميل واللغة والسلاسة تجعل حديث الحب والجسد والرغبة والعاطفة والأثر شيقا وممتعا ولذيذا، ألا يكفينا كل هذا لنتقدم أكثر من الكتاب الذي تُحدثنا به المرأة؟
هناك أثر تتركه الكتابة/ القراءة على الكاتب، وهذا حال المرأة أيضا: "هممت بتمزيق تلك الورقة ذات السطور الأربعة،... أخرجت الورقة من جيب الحقيبة، وأخذت لها صورة ونشرتها على جداري الأزرق وجعلتها غلافا للصفحة وكتب "فلتعذبني أبدا بغيابك" ص75، هذا المشهد يؤكد حالة التوحد بين الكاتب ونسائه، فهن يتأثرن بالقراءة والكتابة، كما أنهن يعيشن حالة من
التجاذب والتباعد، بحيث نشعر أنهن منسجمات في حالتهن النفسية، وفي مشاعرهن، وفي سلوكهن.
كما يحدثنا الكاتب عن الأثر الذي يتركه (حضورها) فيه: "في تلك الأثناء جاءتني متأنقة، عبقت منها رائحة الياسمين المختلطة بعطرها الأنثوي،... أما أنا فكنت أريدها، كنت أرغب في لمس يدها أو تحسس أعضائها، كنت أريدها أن تحضنني وتحقق أمنيتها، أو أقبّلها لأحقق أمنيتي،... أصبح المطر الغامر كل خلاياي عاصفا ومائجا في حضرتها" ص81، الكاتب يتحدث عما يريده منها، عن حاجته، عن الإثارة التي تحدثها فيه، فالرائحة ـ وغالبا ما يتناولها فراس في هذا الكتاب ـ وكأنها الحاسة الأهم بالنسبة له.
وإذا ما توقفنا عند رغبته في تقبيلها، ورغبتها في ضمه واحتضانه، سنجد أن الكاتب كان في حالة من الاندفاع الجسدي الناتج عن الإثارة الجمالية، وهي بحاجة إلى الحنان والعاطفة، الناتجة عن القصائد والنصوص، كأنه هو الجسد، وهي الروح/ العاطفة، فكان لا بد أن يتوحدا معا ليكون هناك كائن حي، سوي، وسليم، هذا ما أوصل لنا فكرة التوحد والعلاقة بينه وبينها، لكن بطريقة ليست عادية، بطريقة الإيحاء والحديث عن الرغبات والحاجات.
قبل الانتهاء من هذا القسم نذكر بالمؤلفات التي أنجزها فراس عن تلك المرأة، وجاءت على لسانه هو: "جاء دوري وقدمني عريفا الحفل، بما يليق بشاعر مجنون أرسل يوما لشهرزاد رسائله، وأفاض معها في طقوس القهوة المرة، ليغني لها وحدها أغنيته الأبدية" ص76، وإذا ما حاولنا أن نجمع حديثها عن كتبه الذي جاء بصيغة مقاربة لهذه الصيغة، يتأكد لنا حالة التوحد والانسجام بينهما، فهما يعيشان عين الحالة، ويشعران بذات الشعور والإحساس، ويفكران بذات الطريقة، ويسعدان ويتألمان لحالتهما غير الحقيقية، غير الواقعية.
القسم الثالث
في هذا القسم يدخلنا الكاتب إلى عالم الجسد والشهوة والرغبة الجامحة، فبعد أن مهد لنا الطريق في القسمين السابقين، وبعد أن اكتملت قناعتنا بأننا أمام كاتب متألق، يمكنه الكتابة والإبداع دون استخدام وسائل الشهوة الجسدية، وأن هذا الاستخدام يعبر عن رغبة الكاتب في أن يحدث الانسجام بين رغباته/ حاجته الجسدية والعاطفية والجمالية، بحيث لا يخفي ما فيه وما عنده، بحجة الحرام/ التقاليد، فهو ككاتب من واجبه أن يظهر تمرده على واقعه، لنكون من بعده فاتحين هذا المحرّم الذي يقيدنا ويحرمنا من أن نكون صادقين مع أنفسنا، مبدين سعادتنا بهذا التناول.
يفتتح الكاتب هذا القسم: مصابيح زرقاء في ليل المدينة، يُحكي أن المرأة أقوى المخلوقات مع أنها مائية تتصبب شهوة عند كل حديث" ص87، فهل هناك علاقة بين المصابيح الزرق والليل والمرأة المائية وبين الكاتب؟
سنجد في هذا القسم عالم "الأيروسية" جليا، بدون محظورات أو ممنوعات أو محرمات، فقد تم تجاوز العادي المتاح، وتم إزالة الجدران أمام الحرية، لتحق في فضائها الرحب دون أية قيود، "طلبت منها مرة أننا سنمارس العلاقة الحميمة في اليوم الواحد أربع مرات، لم يعجبها ذلك وقالت إنها تريد ممارسة الحب عشرين مرة متتابعة في ليلة واحدة،... فما زلت حتى الآن أضاجع صورها وأتحسس ما بدا من أعضائها، ثمة صورة يبدو عضوها بشكل مثير للشهية،
أمرر أصابعي فيه طوال الليل ولا ينتهي ذلك إلا وأنا أفيض على صورتها فأغرق عضوها البارز في الصورة، أحس بلزوجة الماء وطراوة ملمس الصورة، أكرر ذلك الفعل مرات ومرات حتى أكاد أسمع تأوهاتها وكأنها تطلب المزيد، إنها بالفعل تطلب المزيد. أعرف ذلك من اهتزاز نهديها كلما التقينا،... عندما خلعت سترتها الجلدية وصار صدرها أوضح فحركته بعنف رأيت تلاعب ثدييها من فوق كنزتها الصوفية،.... لا أستطيع أن أنام لكنني لم أكن أحلم بالتأكيد" ص96، رغم أن المشهد يبدو سرياليا، مجنونا، إلا أن الفقرة الأخيرة أكدت واقعيته، لكن اللافت أن صورة فعلت به وبها كل هذا، فكيف سيكون المشهد إذا حضرت بجسدها وروحها؟ أعتقد، أنه هنا يكمن إبداع الكاتب، من خلال صورة أذهلتنا وأمتعتنا، عاطفيا وجماليا وفكريا، بحيث نتوقف عند المشهد مذهولين، لما فيه من غواية ولما فيه من حالة تتجاوز المنطق/ العقل.
يقدمنا الكاتب أكثر من جسد المرأة: "فإذا ما وصلت الصدر فتحسسي نهديك العامرين، وقولي لهما: إن حبيبي يعاني من الجفاف والعطش، وهو لم يرتو من أي امرأة بعد أن عرفكما، فتهيأا لتكونا له سقائين من ماء عذب وكأسي خمر ينهل من معينكما وحده من لدن ليل طيب النسيم وحتى يصدح الديك. تحسسي البطن الحريري الناعم، وقولي له حبيبي ينتظرك لتشملك ذراعاه بحنانه ودفء شوقه. تحسسي العضو الثالث، والذي أسميته يوما (خلية العسل) قفي هناك طويلا طويلا، المسيه، وتحسسيه، واستفزي شهوته ونيرانه، ليفتح للحديث بابه، وقولي حبيبك قد منع لأن يكون لغيرك، فهو يختزن قوته وماءه فقط ليكون لك غذاء ووراء، فاستعد لتعطيه كل أمنياته. أكملي المهمة، تحسس الفخذين والساقين، وتأملي عني جمالهما المصقول، وقد اعتنيت بهما اعتناء كاملا،... يجب أن يمرر يده من أسفل إلى أعلى ليشعر بالطراوة والجمال" ص97، في هذا المشهد نجد حالة توحد بين الكاتب وبينها، بحيث يخاطبها لتستمتع ـ بدلا عنه ـ بجسدها، حتى أنها وأنه يسعدان بهذه الحركات والمشاهدات، فهل هذا الفعل/ الحديث حقيقي أم افتراضي؟ أم أنه أراد أن يؤكد أن المشاهد الجنسية في الكتاب ما هي إلا تخيلات، لكن لها جذور حقيقية عل أرض الواقع؟
يقدمنا الكاتب أكثر من حقيقة ما يحدث في كتاب "نسوة في المدينة: "كنت أنوي أن تكون علاقتي بها حقيقة تعطيني على الحقيقة ما تريد أن تعطيني إياه افتراضيا، أبلغها بعدم رغبتي تلك التي أشعر فيها أننا مراهقون وجبناء وسنكون منحرفين لو مارسنا تلك الأفعال إلكترونيا، فأخذت أهيئها لتكون في الواقع لي أنثى الرغبة الجارفة" ص102، هذا التوضيح لحالة غير موضحة، فالكاتب يريدنا أن نبقى كأصحاب (الأعراف)؛ لا نحن في الحقيقة ولا في لخيال، بل يريدنا أن نبقى مستمتعين بما نقرأ من أحداث ومشاهد.
كيف تكون المرأة الشبقة؟ وكيف يمكنها أن تكون؟: "هي امرأة تفور شهوة... وشرعت تحدثني عن اضطرام شهوتها ورغبتها في المداعبة، وتسألني عن ثورة عضوها الأنثوي، فتداعبه بأصابعها حتى تصل إلى تلك الرعشة ليفيض ماؤها بين فخذيها، مع أنها تخاف أن تودي بغشاء البكارة، فأوجهها إلا تدخل أصابعها إلى العمق وتكتفي بمداعبة البظر من الخارج... تأملتها جيدا... وتمنيت مداعبة أعضائها وتحسس صدرها وأطرافها فأستكشفهما من أسفل أسفلها، حتى ما تعالى من صدرها وجيدها الحريري"، "لقد كانت تبحث عن ثلاثة أشخاص: فحل للفراش، وشاعر فحل للقصيدة، وبنك متحرك ليلبي احتياجات الفحلين السابقين" ص103. بالتأكيد نحن
أمام امرأة استثنائية، امرأة تتجاوز النساء العاديات، فهل فعلا هناك نساء بهذه الصفات والقدرات؟ أم أنها امرأة (افتراضية)؟
هناك علاقة بين المشاهدة، والجمال والرائحة، والفعل، فالباعث لكل هذا هو "عطرها" بحيث أخرج الكتاب من منطقة المحظور، وتقدم نحو المحرم والممنوع بكل هذا العنفوان وهذا السفور، فهل أرادنا الكاتب التوقف عند ذلك العضو؟ أم أن له أهدافا أخرى؟
العلاقة التي تحدث بين الكاتب ونسائه، ليست علاقة عادية، بل علاقة متطرفة، استثنائية، خاصة، مميزة، هذا ما وجدناه في "امرأة الليلة الواحدة": "هي ليلة واحدة، خذ فيها ما تشاء وكن فيها ما تشاء، سأغيب بعدها ولن تظفر بي، فلا تحاول الاقتراب مني، فلو وقعت ثانية بين يدي لن أرحمك... ها هي غائبة الآن، وقد تركت شراشف الليل غرقى بالندى والعرق والماء" ص113، حدث فريد، أن تكون مرأة لمرة/ لليلة واحدة فقط، فهل هناك امرأة بهذا الشكل؟ وهل نجد من تعطي ذاتها بهذه الطريقة؟
وهناك امرأة أخرى مميزة تناولها الكاتب، وكانت: "في كل مرة كنا نمارس فيها الحب كانت تبكي من شدة الوجع اللذيذ بين فخذيها" ص129.
في نهاية الكتاب نجد مجموعة من الومضات، تعبر عن خلاصة فكرة المرأة، وعن علاقتها بالرجل، ونجد في هذه الومضات حاجتها للحبيب، وأيضا نجد حالة التوحد التي تريدها وتسعى إليها، وبما أن هذه الومضات جاءت على لسان المرأة، وبلغ عددها مائة وثماني، يجعلنا نشعر وكأن الكاتب أراد أن يختم كتابه بصوتها، محاولا (تبرير) ما جاء على لسانها من كلام صريح، وبهذا يكتمل مشهد هؤلاء النسوة وما صنعنه في حياة الكاتب، وكان حضورهن سببا شرعيا/ منطقيا لولادة هذا الكتاب.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 178 مشاهدة
نشرت فى 11 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

اليأس في قصيدة
"لا جديد في عالمنا"
خالد قاسم
هناك من يحاول ان يقفز عن واقعه، ليبقى غارقا في الوهم، فواقعنا بالتأكيد متعب ومؤلم وبائس، حتى أننا نصاب بالغثيان، عندما نفكر فيه، فلا آفاق أمامنا، لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى العام.
رغم أنني دائما أحوال الحديث عن البياض متجاوزا الواقع، إلا أن كثرة الضغط، تدفعنا لنتحدث عما يؤلمنا، عما يقهرنا، عما يوجعنا، الفراغ الذي يملؤنا، الشاعر "خالد قاسم" يكشف حالنا، حقيقتنا، دون أية رتوش.
العنوان "لا جديد في عالمنا" يشير إلى أن هناك مكاشفة للواقع، يفتتح الشاعر القصيدة:
"في الشارع وجوه متعبة 
أرهقها التأمل والغياب "
الشاعر هنا إنساني، يتألم لألم الناس، فهو يتأثر بما يشاهده، فحالة التعب التي تظهر على الناس تنعكس عليه سلبيا، فهو كائن اجتماعي، وشاعر، يتأثر بأي حدث، أو قول، أو فعل، لهذا لا يستطيع تجاوز محيطه المُتعب.
بعدها ينقلنا الشاعر إلى وسائل الإعلام:
"على شاشة التلفاز حروب مروعة 
في الصحف أخبار كاذبة
في الراديو أنغام مكرره وأصوات ناشزه"
صور ومشاهد وأحداث الحرب الأهلية، الخراب الجغرافي والإنساني، كلها تُثبط العزائم وتُميت روح التفاؤل، والخداع والكذب المنتشر في الصحف والمجلات، لها دور في أحداث الكآبة والحزن في الشاعر، وسماع أصوات النشاز المزعجة والمتبعة للأذن وللعقل معا، لكها تحول حياة الشاعر إلى جحيم.
إذن المشاهدات بائسة، والقراءة كاذبة، والمسموعات مزعجة، فالمحيط بمجمله قاس وموجع، وكأن هناك تحالف وتوافق بين العناصر المسموعة والمقروءة والمسموعة على أحداث الخلل في الشاعر، بحيث يكون سواد مطلق وقاتم ودائم.
من هنا نجد نفسيته بهذا الشكل:
"كل أحلامنا ترتد إلينا خائبة منهكه"
وهنا قاع الهاوية، فعندما يفقد الإنسان حلمه ينتهي وجوده الفاعل والمؤثر.
لكن الشاعر لم يتوقف عند الحديث عن الحلم، بل يتعداه إلى ما هو أبعد:
"لم يعد يدهشنا شيء " 
فهو يوضح حالته الشخصية وحالة مجتمعه، لهذا استخدم صيغة الجمع، فالوجوه التي رآها في فاتحة القصيدة استمر تأثيرها ووقعها عليه، بحيث أصبح جزء منها، يشاركها تعبها وألمها.
يصل المجتمع والشاعر إلى حالة الكفر والقنوط، فلم يعد هنا إلا الخداع والموت والخراب:
"لا كلمة الشيخ على المنابر
ولا بكاء القاتل على المقابر
ولا تحالف الحرية مع القضبان
كل شيء مفبرك ومزيف"
وهذا المكاشفة بالتأكيد تريح الشاعر من ثقل المسايرة والسير مع ركب السائرين، فهو ولا المجتمع بقادر على الاستمرار في تحمل ما يحدث وما يُشاهد وما يُسمع وما يُقرأ.
يختصر لنا الشاعر الحقيقة الوحيدة التي يعرفها ويشاهدها ويمارسها: 
"ليس هناك شيء حقيقي 
سوى فنجان قهوة 
وسيجارة مكتوب عليها مضرة للأبدان" 
القهوة والسيجارة هما من يمنحه شيء من الهدوء، أو بطريقة أصوب، حالة من التخدير، فهناك سواد حالك، لا يمكن أن يُرى منه أية معالم، هذا هو حال وواقع الشاعر، وتأكيدا على حالة القتامة لم يذكر الشاعر المرأة بالمطلق، وكأنها جزء من مأساته، لهذا لم نجد لها أثرا أو صوتا، نجد أيضا الاكثار من استخدام حروف النفي "لا، لم" والكلمات التي تجمع وتشمل الكل "كل"، كل هذا يجعلنا نقول أن القصيدة كانت شكلا ومضمونا غارقة في السواد، وهذا ما يجعل القارئ يشعر بالراحة بعد أن يقرأها، فهو يجد فيها شيء يعبر عن حالته، عما يشعر به، لهذا يشعر بالرحة، بعد أن فرغ ما فيه من هم وحزن.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 6 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

المرأة في قصيدة
"من قبل ومن بعد عينيك"
أسامة مصاروة
دائما مخاطبة المرأة تقدمنا من النص الأدبي، وفي ذات الوقت تمنح الشاعر مساحة من الأمل بحيث يتجاوز واقعه، إلى حياة سوية ينشدها، في قصيدة "من قبل ومن بعد عينيك" سنجد حضور للمرأة، التي تُحدث الفرح والاحساس بالجمال، من هنا يمكننا اسقاطها على الربة الخصب "عشتار"، فتكرار العنوان في بداية كل بيت من القصيدة اعطانا اشارة إلى أن الشاعر يحمل في عقله الباطن ميل/انحياز للمرأة/لعشتار، كما أن هذا الاستخدام عطا كل بيت مكانة خاصة واستثنائية للمرأة/لعشتار، كما أنه يعطي للمتلقي فكرة عن حالة الشاعر وما يمر به، فاستخدم "من قبل ومن بعد عينيك" لتكون زاد يتغذى به ومنه لكي يتجاوز واقعه، ولكي تكون قصيدته أقرب إلى البياض منها إلى واقع الحال.
من خلال العنوان يمكننا أن نتقدم من النص الأدبي/القصيدة، فهو الباب الذي من خلاله نأخذ فكرة عما في القصيدة:
"من قبلِ عيْنيْكِ تَمنَّيْتُ الرَّدى
إذْ لمْ يَكُنْ عُمري سِوى رجْعِ الصَدى" 
بهذا المقطع يؤكد لنا الشاعر على مكانة المرأة/عشتار، فبها يفتتح القصيدة، وهي من تمنحه على التوقف عند ما فعه، ما حدث معه.
البيت التالي يوضح لنا الأثر الذي تحدثه المرأة في الشاعر:
"مِنْ بعدِ عينيْكِ فُؤادي قدْ غَدا
نسْرًا تسامى فوقَ أرجاءِ المَدى"
من خلال (العنوان) يستمد الشاعر الطاقة التي تجعله يتقدم بروح العطاء إلى المستقبل، (هي) التي تمنحه كل هذه الطاقة، وبدونها بالتأكيد لن يجد الزاد الذي يقويه على مواكبة الطريق والاستمرار فيه.
لكن دورها وحضورها لا يقتصر على إحداث التوازن النفسي عند الشاعر، بل يتعداه لتجعله مفكرا، متأملا، عقلاني، يعتمد على الفكر والتحليل ليكون موقفه موضوعي ومنسجم مع طموحه:
"منْ قبلِ عيْنيْكِ سؤالٌ مَنْ أَنا
هل عِشتُ فعلًا وَبصدْقٍ ها هنا
أمْ أنَّ كوني لا لشيءٍ قدْ عَنى
في عالمٍ كانَ لهُ عني غِنى"
السؤال بحد ذاته يجعلنا نتوقف كما توقف الشاعر عنده، وهو سؤال جاء كتأكيد على الحضور والفاعلية الشاعر على الأرض وفي المجتمع.
بعد أن منحته حالة التوزان، وبعد أن تخلص من واقع الحال، وبعد أن منحته الطريق السليم للتفكير، أصبح الشاعر في حالة طبيعة وسوية، وهذا ما نجده في هذا المقطع:
"منْ بعدِ عينيْكِ هنا أرضي تكونْ
ولي وُجودٌ قائمٌ ولنْ يَهونْ
فالعُمْرُ ليسَ ما تَعدُّهُ السُنونْ
بلِ الهوى والعِشْقُ حتى والشجونْ"
والذي يختزل أثرها عليه، بحيث يصل إلى التحرر الكامل من الواقع وأخذ يستخدم فقرات وألفاظ بيضاء تتوحد لتعطينا حالة النشوة التي حلت، "الهوى، والعشق، والشجون" وكلها تعطينا صورة الفرح الذي أحدثته "عينيك" فيه.
يرجعنا الشاعر إلى ماضيه، ليؤكد على الفرق الذي حدث بفضلها وجودها بين ما كان وما هو فيه الآن:
"من بعدِ عينيْكِ دعا قلبي الوُجودْ
بعدَ زمانٍ ظلَّ في أسرِ القيودْ
منْ بعدِ عيْنيْكِ تَغنَّتْ بي وُرود
وصارَ كوني شاسعًا عبرَ الحدودْ"
فرق شاسع بين الحالتين، حالة القيد والأسر، والتي تتماثل مع الحال القحط والجذب التي تعم الأرض بغياب "عشتار، وحالة الورود والكون الشاسع، التي تحدث بحضورها ووجودها، وكأنه بهذا الأمر أراد أن يدعونا لنقوم بما قام به، والتوجه نحو المرأة لتخلصنا من وقع الحال إلى عالم آخر يشع نضارة وأمل وجمال. 
يقدمنا الشاعر أكثر من المرأة/عشتار، يقول:
"من قبل عينيْكِ ذرَتْ روحي الرياحْ
كالريشَةَ الصفراءَ قُدّتْ من جناحْ
من بعدِ عينيْكِ وَمنْ بعدِ النواحْ
تفتّحتْ في القلبِ أنوارُ الصباحْ"
فبغياب "عشتار" يحل الجفاف والجذب، وهذا ما كان مع الشاعر، عندما لم تكن (هي) حاضرة، لكن بعدما حضرت وجدنا يهيم في الفضاء الرحب، وكانت "أنوار الصباح" بفضل حضورها.
الشاعر يتقدم أكثر من "عشتار" التي يمجدها ويذكر فضلها ودورها في إحداث الخصب على الأرض وفي الشاعر/الإنسان، يتغنى بها فيقول:
"من قبلِ عينيكِ رأى قلبي الهوانْ
في عالمٍ دونَ غرامٍ أو حنانْ
ودونَ احترامٍ لأمنٍ أو أمانْ
من بعدِ عينيكِ انْمحى ذاك الزمانْ"
فهو هنا يدعوها لتكون حاضرة وباستمرار لكي لا يرجع الهوان والخوف، فبحضورها يعم الخير والفرح، لا يعود هناك مكان للجذب أو القحط، وذكر الشاعر "للزمان" لم يأتي إلا ليؤكد على الفرق الذي أحدثته "المرأة/عشتار" في الشاعر. 
خاتمة القصيدة جاءت لتؤكد على ضرورة الالتجاء والتوجه (لها):
"من بعدِ عينَيْكِ حياتي مُفْعَمهْ
بالحبِّ والنورِ وكانت مُظلِمهْ
بل إنَّ أفكاري بدتْ لي مُبهمهْ
حتى ظهرتِ لي كروحٍ مُلْهِمَهْ"
التحرر الكامل من البؤس، بحيث أصبح هناك "الحب، والنور، ملهمة" وهنا يكون الشاعر قد وصل بفضلها ووجودها إلى الكامل المنشود، إلى الجنة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

- دراسة ٌ لديوان ِ (عَلى غيمتين) للشَّاعر " سليمان دغش " -
( بقلم : حاتم جوعيه – المغار - الجليل - فلسطين )
مُقدِّمَة ٌ : هذا الديوانُ هو المجموعة ُ الخامسة ُ التي يصدرُهَا الشاعرُ والكاتبُ الجليلي المغاري الكبير " سليمان دغش " ، وأمَّا دواوينهُ السَّابقة حسب الترتيب فهي . : . 1) هويَّتي الأرض . 
2 ) لا خروج عن الدائرة . 
3 ) جواز سفر . 
4 ) عاصفة على رماد الذاكرة . 
5 ) وديوانه الذي بين أيدينا "على غيمتين " - من إصدار ( دار الفاروق - نابلس ) .
الشَّاعرُ " سليمان دغش " من الشُّعراء القوميِّين الوطنيِّين الأوائل المُبدعين والمُناضلين... وقد كرَّسَ شعرَهُ منذ نعومةِ أضفارهِ للقضايا الوطنيَّةِ والقوميَّة 
المصيريَّة ..وعملَ على تطويرِ أدواتهِ الشِّعريَّةِ بشكل ٍ دؤوبٍ فخطى خطًى واسعة رائدة ً وطليعيَّة ومستقلَّةً في عالم ِ الشِّعر ولم يُقلِّدْ أيَّ شاعر ٍمحليٍّ أو خارجيٍّ . ولشعرهِ بصماتهُ ولونهُ وطابعهُ وأريجهُ الخاص . وهو متمكِّنٌ من اللغةِ العربيَّةِ وضليعٌ ومُتبحِّرٌ وعالمٌ في كنوزها وشواردِها ومرادفاتِهَا وغريبها وإعجازها ولهُ خبرة ٌ ومعرفة ٌ بالأوزان ( البحور الشِّعريَّة ) ، وكما لديهِ ثقافة واسعة ٌ وشاملة ٌ في شتى الميادين : الفكريَّة والأدبيَّة والسياسيَّة ... وكلّ هذه العناصر والأشياءِ صقلتْ موهبَتهُ وفنَّهُ وشعرَهُ فارتقى في شعرهِ وكتاباتهِ إلى مستوى عال ٍ جدًّا، وهو يُعتبرُ ( في نظر ِالكثيرين ) في طليعةِ شعراءِ الجيل الثاني ( داخل الخط الأخضر - عرب ال 48 ) منذ ُ أواسط السبعينيَّات إلى الآن . وشاعرُنا لم يحظ َ بالشُّهرة ِ والإنتشار الكافي محليًّا الذي يليقُ بمكانتِهِ وبمنزلتِهِ الشِّعريَّةِ والأدبيَّةِ سابقا ... ولم يكتبْ عنهُ حتى الآن أيُّ ناقدٍ أو بالأحرى " ُنوَيْقدٍ " محلِّي ( لا يوجدُ عندنا نقدٌ موضوعيٌّ أكاديميٌّ نزيهٌ ) .. ولكنَّ شاعرَنا عرفَ كيفَ يشُقُّ طريقهُ لوحدِهِ نحوَ التطوُّر والإبداع ونحوَ الإنتشار ِ والشُّهرة ِ ، فعملَ كثيرًا لأجل ِ هذا الهدفِ وقد نشرَ الكثيرَ من قصائدهِ في الدول ِالعربيَّةِ وفي الضفَّةِ والقطاع ( منطقة الحكم الذاتي ) وعرفَ كيفَ يصل إلى هناك ويلتقي مع كبار الشعراء والأدباءِ والنقادِ العرب ومُحرِّري الصحفِ والمسؤولين في المجال ِ الثقافي والأدبي ، وشاركَ في العديدِ من المهرجانات والندوات الأدبيَّة في الضفَّةِ وفي الأردن ومصر ، وذاعَ وانتشرَ اسمُهُ وصيتهُ في السنواتِ الأخيرةِ بشكل ٍ واسع ٍ وأصبحَ من أكثر ِ الشعراءِ المحلِّيِّين شهرة ً في العالم ِ العربي .... وهذا كلهُ يرجعُ بفضلِ مستواهُ الشِّعري الرَّاقي ، لأنَّ المستوى الذي يكتبُ فيهِ " سليمان " يستحقُّ أن يحظى بالشُّهرة ِ والإهتمام . ومن المهرجانات العربيَّةِ التي شاركَ فيها : "مهرجان جرش " بالأردن الذي يُقامُ كلَّ عام ٍ ويُدعى إليهِ كبارُ وخيرة ُ الشعراء والفنانين من جميع ِ الدول العربيَّةِ . وكما كرَّسَ لهُ الناقد والأديبُ السوري المعروف " طلعت سقيرس " حجمًا كبيرًا في كتابهِ النقدي عن الشعر ِ الفلسطيني المحلِّي ( داخل الخط الأخضر ) فكانَ من أكثر الشعراءِ حصَّة ً وحَظًّا في الكتابة ِعنهُ بشكل موسَّع ٍ والإستشهاد بشعرهِ ، إضافة ً إلى الشاعرِ المرحوم " هايل عساقله " فاستشهدَ بالكثير ِ من قصائدِهِما وذكرَ دورهما الرَّائدَ والهام في مسيرةِ الشعر الفلسطيني المحلِّي المُقاوم ، وكلاهما من قريتي " المغار" . 
والجدير بالذكر أن سليمان دغش هو أول شاعر فلسطيني حتى الآن من جميع المناطق - ( فلسطينيي الداخل عرب ال48 ، أو منطقة الحكم الذاتي" الضفة والقطاع " أو الشتات) يحصل على جائزة إتحاد الكتاب والأدباء العرب العام الذي يجمع ويضم إتحادات كتاب جميع الدول العربيَّة من المحيط والخليج . ورغم أهميَّة هذا الحدث الثقافي التاريخي فقد تجاهلته معظم وسائل الإعلام المحلية .. وأنا الصحفي الوحيد محليًّا الذي أجرى معه لقاء صحفيا .. وأنا الناقد المحلي الوحيد الذي كتب دراسة مطولة لأحد دواوينه الشعريَّة ولي الفخر والشرف الكبير في هذا المضمار .
مدخل : في شعر " سليمان دغش نجدُ دائمًا التجديدَ والإبتكارَ والعبارات والمفردات المُستحدثة ، وكثيرًا ما يستعملُ الرُّموزَ الجديدة َغبر المألوفة التي لم يستعملها شاعرٌ قبلهُ ، ولكنَّهُ يستعملُ السَّهلَ المُمْتنع ... وفي بعض ِ الأحيان ِ الصَّعبَ المُمتنع . وشعرُ " سليمان " غيرُ مُتوغِّل ٍ في الغموض ِ والإبهام ومعظمُهُ مفهومٌ للكثير ِ من الناس ِ بالرُّغم ِ من معانيهِ العميقةِ ومُستواهُ الرَّاقي . وهو يكتبُ الشِّعرَ اللكلاسيكي وشعرَ التفعيلة وقد أبدَعَ في كليهِما . ولشعرهِ طعمٌ وعذوبة ٌ ورونق ٌخاصٌ .. فنقراُ قصائدَهُ بمحبَّةٍ وشغفٍ وتمتُّع ٍ ونحسُّ أنَّنا أمامَ طاقةٍ شعريَّةٍ جديدةٍ مُمَيَّزةٍ لا يُستهانُ بها تحوي كلَّ ما هو جميل وعذب وقيِّم . وسليمانُ ، بدورهِ ، يعرفُ كيفَ يوظِّفُ الرُّموزَ وَيَتفَنَّنُ في تركيبِ العباراتِ والمفرداتِ وكيفَ يتلاعبُ بالألفاظ ِ والكلمات ويتحكَّمُ في الجمل ِ البلاغيَّة ِ وفي اختيار الكلمات الجميلةِ والأتيان بالمعاني المبتكرةِ والصُّور ِالشِّعريَّةِ الجديدة غير المعهودة والمألوفة ، فيقول مثلا ً من قصيدةٍ بعنوان :" مَدخل " - صفحة ( 7 ) وهي القصيدة الأولى في الديوان - على وزن ( مجزوء الوافر ) : ( " لماذا اخترتَ أن نمضي //
إلى أفقٍ ضَبابيٍّ لصَاعقةٍ من الوَمْض ِ // 
لماذا اخترتَ أن تتزوَّجَ الأمواجَ // 
حينَ الموجُ لا يفضي // 
إلى رمل ٍ نحاسيٍّ // وشُبَّاكٍ // أطلُّ عليهِ في نبضي 
لماذا اخترتَ أن تتقمَّصَ الإعصارَ // أو تتزوَّجَ الفِضِّي ؟ ... 
لأنِّي اخترتُ أن أبقى على أرضي ... ! " ) .
بهذهِ الكلماتِ القليلةِ والمُكَثَّفةِ استطاعَ سليمان دغش أن يلخِّصَ تجربَتهُ الإنسانيَّة َ والوطنيَّة َونجربة َ كلَّ فلسطيني مُلتزم ومُناضل ٍ وصامدٍ في معتركِ الكفاح ِ النضال ِ لأجل ِ البقاءِ على ترابِ الآباءِ والأجدادِ . وجميعُ المعاني في القصيدةِ والمُفردات اللغويَّة والإصطلاحاتِ والتشبيهاتِ والصُّور الشِّعريَّةِ نرَاها جديدة ًومبتكرة لم يستعملها شاعرٌ قبلهُ . وهنا يكمنُ سرُّ وروحُ التألق ِ والإبداع ِ والسُّمُوِّ عندَ الشَّاعر ِ سليمان دغش ... ومن المفرداتِ والمعاني الجديدةِ التي استعملها في القصيدةِ ، مثل : " رمل نحاسيّ " - فوجهُ الشَّبَهِ بين الرَّمل والنحاس هو اللون الأصفر ... ولا يوجدُ شاعرٌ حتى الآن ذكرَ هذا التشبيهَ البسيط ( رمل نحاسيّ ) ، وأيضًا جملة "أطِلُّ عليهِ في نبضي".. ويقصدُ بالنبض الأحاسيس والمشاعر والروح ِ والقلب وكلَّ كيانِهِ ... وأيضا عبارة " تتزوَّجُ الفضِّي " ... والفضِّي اللونَ الأبيض السَّاطع - من كلمة الفضَّة ، والمقصود هنا النور والفجر . وتتزوَّجَ الفضِّي ... أي تتزوَّجَ الفجرَ والحُرِّيَّة َ والتحرُّرَ والإستقلالَ لأجل ِالبقاء ِالأبدي والعيش الكريم على أرض الوطن . فيبدو واضحًا جَليًّا هنا أنَّ سليمان دغش لا يكتفي بالمعاني المألوفةِ والشِّعارات النضاليَّة الرَّنانة والسطحيَّة والهامشيَّة التي عفا عليها الزمنُ والمُستعملة دائمًا والمستهلكة لدى للكثيرين من الشعراءِالمحليِّين وبعض ِالشعراء المعروفين بالإلتزام والنضال ِ والمُقاومةِ . بل هو َطوَّرَ كثيرًا في بناءِ وشكل القصيدةِ وطوَّرَ المعاني والأفكارَ التي استعملت والتي يريدُ قولها والتعابير عنها بحُلَّةٍ وثوبٍ جديدٍ من الرُّموز والإيحاءاتِ والمفرداتِ الغويَّةِ والإستعارات البلاغيَّةِ الجديدة والمُوَفقة والناجحة ، وهكذا يكونُ دأبُ الشَّاعر المبدع الرَّائدِ والمُمَيَّز . وفي جميع ِ قصائد سليمان نجدُ دائمًا التجديدَ والإبتكارَ واستعمالَ الرموزَ الشعريَّة الجديدةَ . ونجدُ عندهُ التلاحمَ مع الواقع والحياةِ والإلتحام والإلتقاء بالأرض // والمرأة // والوجود ( الكون ) // 
وفي كثير ٍ من الأحيان يكونُ التجديدُ والتعمُّقُ في المعاني والصور عند سليمان دغش قد جاءَ بشكل ٍ عفويٍّ وبديهي وليسَ بتخطيط ٍ ودراسةٍ وتنقيبٍ وسههر ٍ وتعبٍ ... وكلُّ هذا يرجعُ بفضل ِ موهبتهِ الإبداعيَّةِ الفذّة وثقافتهِ الواسعة وتجربتهِ الخصبةِ والمُثمرةِ في مجال الشعر والأدبِ والحياةِ وتموُّجاتِهَا وأبعادِها الواسعة . 
ولننتقل إلى قصيدةٍ أخرى من الديوان بعنوان : ( " أيُّوب " -صفحة ( 13 ) - على بحر ِ الكامل - شعر تفعيلة - ) .
... ويقصدُ بأيُّوب هنا الإنسانَ الفلسطيني - أيُّوب هذا العصر الذي صبرَعلى الضّيم والإضطهاد والتشرُّد والضياع والمآسي الطويلة . ويُخاطبُ في هذه القصيدةِ مدينة َ " يافا " الرَّمز لكلِّ ما هو جميل في فلسطين ( وهي من أكبر المدن الفلسطينيَّة قبل النكبةِ - عام 48 - ) على لسان ِ أيُّوب الفلسطيني ، فيقولُ في القصيدةِ : 
( " ما خُنتُ سُرَّتكِ الشَّهيَّة َ آهِ يا يافا القديمَهْ // 
إنِّي أتيتكِ ليلا ً // كي نمارسَ عشقنا البدوَّ // فوق الرَّمل // 
أدخُلُ شعرَكِ الغجريَّ // 
أمسَحُ أحمرَ الشَّفتين // والكحلَ المُزيَّف // 
ثمَّ ألقي في مياهِ البحرِ قُبَّعَة ً تسَمَّى " تل - أبيب " )
نجدُ هنا بعضَ المصطلحاتِ والتشبيهات المُستعملة سابقا ً ، ولكن شاعرنا يُوَظفها ، في القصيدة ، بشكل تكتيكيٍّ فنيٍّ جميل ومُوَفق ، مثل كلمات : " عشقنا البَدَويّ " و " شعرك الغجري " . والمعروف أنَّ " يافا " كانت مدينة ً كبيرة ً قبلَ عام 48 ، وتل أبيب يومها كانت مُجَرَّدَ قريةٍ وضاحيةٍ صغيرةٍ إزاءَها ، ولكن بعد النكبةِ ورحيل وتشرُّد أهل يافا أصبحت تل أبيب في فترةٍ قصيرةٍ جدًّا المدينة َ الكبيرة َ والعاصمة َ ويافا غدت قرية ً صغيرة ً وفقيرة ً تفتقرُ إلى الكثير ِ من المرافق الحياتيَّةِ والإقتصاديَّةِ والثقافيَّة ِ بعدما كانت مَأثلا ومنارًا ومحفلا ً لمعظم ِ الشَّخصيَّات السياسيَّة والأدبيَّة والثقافيَّة والعلميَّة الهامَّة في فلسطين والعالم ِالعربي والعالم بأجمعهِ نظرًا لموقعها الهام ولرقيِّها ولكثرةِ المرافق الحضاريَّة الحياتيَّةِ والإقتصاديَّةِ والمؤسَّسات والمراكزالثقافيَّةِ والعلميَّةِ الهامَّةِ الموجودة فيها ... فتل أبيب الآن احتلَّتْ مكانهَا وأخذت مكانتهَا ومركزها ودورَهَا الحضاري والسياحي والإستراتيجي ، فشاعرنا باسم ِ كلِّ فلسطيني عاشق للأرض والوطن ومخلص لمدن وقرى فلسطين وليافا الرَّمز يُعلنُ أنَّهُ سيبقى على عشقهِ ووفائهِ وإخلاصِهِ لها وسيمارسُ عشقهُ البدويَّ ( العذريَّ ) الصادق معها ولن يخونها أو ينساها وسيمسَح عنها كلَّ الشَّوائبِ والمساحيق والثوبَ الزائف المُصطنع ، سيزيلُ الطلاء وسَيَمسَحُ كحلَ الشفتين والكحلَ المُزيَّف .... أيّ هنا يُشَبِّهُ يافا ٍ بفتاةٍ جميلةٍ وبعرُوس ٍ قد شوَّهُوا وجهها العربيَّ الفلسطيني وطلوُه ُ بمسحوق ٍ وبمكياج جديدٍ لتغيير ِ معالِمِهَا العربيَّة الأصيلة، وهوالفلسطيني المُلتزمُ والعاشقُ الصادقُ سيعملُ المُستحيلَ وسيزيل ُ عن يافا كلَّ ما هو مُستهجَن وغير طبيعي من شوائب ومساحيق لترجعَ إلى سحرها وأصالتها وطابعها العربيّ ، وسيرمي في مياهِ البحر القبَّعَة َ التي تسَمَّى " تل أبيب " . ورُبَّما قد يفهَمُ بعضُ السطحيِّين هذه العبارة على أنها مُتطرّفة .. أي نرمي تل ابيب في البحر ( بشكلها ومعناها المجَرَّد ) ... ولكن المقصود ليسَ كما هو حرفيًّ ... بل هو رميُ وإبعادُالصبغة المُزيَّفة ، الصبغة الجديدة الدخيلة والمُزيَّفة التي وُصِمَت بها مدينة يافا وإعادتها إلى سالفِ عهدِها .... وإلى مكانتها القياديَّة كأكبرِ مدينةٍ فلسطينيَّةٍ بثوبِها وطابعِها العربي الفلسطيني الأصيل لتكونَ كما كانت معقلا ً ومركزًا ومَحَطًّا حضاريًّا لجميع ِ العالم ِ وليسَ للدول ِ العربيَّةِ فقط . ويقولُ سليمان دغش في هذه القصيدة أيضًا مُخاطِبًا يافا : 
( " هلْ أنتِ دُرَّتي الوحيدَه // والفريدَهْ // كي ُتخبِّئكِ البحارُ // 
ويشتهيكِ القادمونَ منَ البعبدِ // قوافلا ً تلقي عصَا الترحالْ // 
فوقَ الرَّمل ِ // ثمَّ تلفها الأمواجُ // ثانية ً // ويطويها المغيبْ // ) 
وما أجمل هذه التعابير حيث يقولُ : 
( " هلْ أنتِ هاجَرُ // كيّْ يُهاجرَ فيَّ اسماعيل // 
من بلدٍ إلى بلدٍ // ومن زبدٍ إلى زبدٍ // 
ويحملني القطارُ إلى مَحَطَّاتِ الرحيلِ النورسيّ // 
فهل نعودُ مع ِ الصَّهيل // وهل نعودُ مع ِ الهديل // 
وهلْ نعودُ مع ِ الغروبْ ؟ !! // 
هلْ أنتِ أندلسي لأصبحَ مرَّة ً أخرى // غريبًا أو أجنبيًّا // 
لا ينامُ على سَحَابتِهِ الحبيبْ // 
ولا يئِنُّ على وسادتِهِ الحبيبْ // ولا يزفهُمَا اللَّهيبْ .. !! // 
ويقولُ أيضًا : ( " هلْ أنتِ خارطتي // لأبني فيكِ اجملَ دولةٍ // 
بمساحةِ القلبِ الصَّغيرْ // 
ورَفِّ جانِحِهِ اللَّعوبْ ... !!؟؟ // 
ويُنهي القصيدة َ بهذهِ الجمل : 
( " أيُّوبُ جَرَّبَ إلهَهُ .. // فهلْ أنا أيُّوبُ يا امرأتي ... 
لأسقط َ فيكِ // يا َتنُّوريَ الشَّافي // وأولدُ مرَّة ً أخرى // 
نبيَّ الصَّبر ِ في كلِّ القلوبْ ... 
ويكادُ قلبي أن يذوبَ .. ولا يذوبُ ولا يذوبْ // " ) .
إنَّها قصيدة ٌ رائعة ٌ بكلِّ معنى الكلمةِ من ناحية ٍ فنيَّةٍ وذوقيَّةٍ ولغويَّةٍ ومن ناحيةِ التجديدِ والأتيان بالصُّورِالشعريَّة ِالمُكثفَّةِ الجميلةِ والتعابيرالبلاغيَّةِ والبيانيَّةِ الجديدةِ - وخلاصة ُالقول ِ( فحوى القصيدة ) انَّ يافا هي الرَّمزُ للوطن ِ وهي الأمُّ والعشيقة ُ والحبيبة ُ، فالإنسانُ الفلسطيني- أيُّوب - لا يستطيعُ أن يحيَا بدونِها ، فأيُّوبُ هذا العصر ِ - الفلسطيني الشَّريدُ - أينما وُجِدَ يحتاجُ إلى شفاءٍ ويافا شِفاؤُهُ وَبلسَمُهُ ، فهي كالتنُّور ِ ( بئر الماء ) الذي سقط َ فيهِ أيًّوبُ بعدَ أن استفحلَ بهِ المرضُ والداءُ وَشُفِيَ شفاءً تامًّا من دائِهِ . وفي يافا وجمالِهَا وسِحرها وبهائِها ورونقِها الفلسطيني العربي الخاص والمُمَيَّز الشِّفاءُ الناجعُ للإنسان الفلسطيني أيُّوب العصر من مرضِهِ وعشقِهِ الأبديِّ القاتل . 
وإلى قصيدةٍ أخرى من الديوان بعنوان : ( حقيبَه ) - صفحة 100 - على بحر الرَّمَل - فيقولُ فيها سليمان : 
كانتِ الأرضُ كئيبَهْ // 
كزهورٍ في إناءٍ ... // وعلى القلبِ شتاءْ // 
وَغَمَاماتٍ سَكوُبَهْ // 
ويقولُ أيضًا : ( " كانتِ الأرضُ الحبيبَهْ 
ما الذي ذات مَساءْ ... // 
جعَلَ الأرضَ // على الضَّهْر ِحقيبَهْ ... !!؟؟ ) . 
إنَّهُ يُعيدُ إلى أذهانِنا عندما نقراُ هذهِ الأبيات ما قالهُ الشَّاعرُ الكبيرُ الرحوم محمود درويش قبلَ فترة طويلة ( في الستينيَّات من القرن الماضي) :
( " أيُّهَا الجُرحُ المُكابِرْ // وَطني ليسَ حقيبَهْ //
وأنا لستُ مُسافر ْ // 
إنَّني العاشِقُ والأرضُ الحَبيبَهْ // " ) .
والقصيدتان( قصيدة سليمان دغش وقصيدة محمود درويش ) على نفس الوزن ( بحر الرَّمل ) وهما بنفس ِ الروح والأسلوب تقريبًا ، ولكن المعنى والتوَجُّه عند سليمان يختلف عن محمود درويش ، فسليمان هنا واقعيٌّ ومنطقيٌّ وصادق ٌ... ويُعطينا صورةً صادقة ً ومُعبِّرة ً وواقعيَّة ً عن مأساةِ الإنسان الفلسطيني اللاجىءِ والمُشَرَّد ، فهو دائمًا مُسافرٌ من مكان ٍ إلى مكان ومن موقع ٍ لموقع ومن منفى لمنفى ومن متراسس لمتراس ، وصورة ُ الأرضِ ِ والوطن دائمًا منغرسة ٌ في مُخيِّلتهِ وقلبِهِ ووجدانهِ ، فكأنَّ هذهِ الأرض ( فلسطين ) بعد تشرُّدهِ ونزوحِهِ عنها حقيبة ٌ يحملها على ضهرهِ دائمًا ... وفي كلِّ بقعة ٍمن بقاع ِ العالم ِ يتوجَّهُ إليها تكونُ تكونُ معَهُ لا تفارقهُ أبدًا . ويبدو بوضوح ٍ أنَّ " سليمان دغش " قد تأثَّرَ بمحمود درويش ولكنهُ اختلفَ عنهُ في هذا اللوحة ِ وأبدعَ بصدق ِ العاطفةِ المُرهفةِ والتعبير الصحيح الدقيق ومن ناحيةِ القيمةِ الفنيَّةِ والبلاغيَّةِ والعُمق ِ ... وأمَّا المعنى عند محمود درويش ( إنَّني العاشقُ والأرضُ الحبيبه ) و ( أنا لستُ مسافر ووطني ليسَ حقيبَهْ ) قد يبدو عاديًّا ومألوفا ً للأغلبيَّة ِ ولا ينطبقُ على محمود لأنهُ تركَ أرضَهُ وبلادَهُ من تلقاءِ نفسهِ وبحُرِّيَّتِهِ ولم يُطرَدْ وَيُهَجَّرْ بالقوَّةِ خارج َ الوطن كمعظم أبناءِ شعبِهِ الفلسطيني ... بيدَ أنَّهُ بعدَ رحيلهِ ومغادرتِهِ للبلادِ استطاعَ أن يخدِمَ القضيَّة َ الفلسطنيَّة َ - قضيَّة أهلهِ وشعبهِ - أكثرَ بكثير ممّا هو عليه عندما كان داخل البلاد واستطاعَ أن يحقِّقَ شهرة ً عالميَّة ً، والقضيَّة الفلسطينيَّةُ سَمتْ وارتقتْ بهِ ( على حدِّ قول الشاعر العربي الكبير المرحوم نزار قبَّاني ) . والمعنى والتشبيه عندهُ غيرُ مُوَسَّع وشامل للوضع ِ والواقع الفلسطيني في ظلِّ التشَرُّدِ والمآسي . . 
وسأكتفي بهذا القدر من استعراض ِ وتحليل قصائد الديوان .
- وأخيًرا - إنَّ الشَّاعرَ والصَّديق " سليمان دغش " هو من الشُّعراءِ المُناضلين والقوميِّين المُبدعين الفلسطينيِّين في الداخل ، وفي طليعةِ شعراءِ المقاومةِ الصادقين ، ولكن لأسبابٍ عديدةٍ ومعروفةٍ لم يأخُذ حَقَّهُ من الشُّهرةِ والإنتشار الواسع محليًّا وعربيًّا سابقا ً . وامَّا الآن فقد حَقَّقَ شهرة ً كبيرة ً فلسطينيًّا وعربيًّا ، ودائمًا يُدعَى إلى بعض ِ الدول ِ العربيَّةِ كالأردن ومصر للإشتراك ِ في أهمِّ وأكبر ِ المهرجاناتِ الأدبيَّةِ والشعريَّة التي تقامُ هناك ، مثل : مهرجان " جرش" الدولي الذي يُقامُ كلَّ عام ، ومهرجان ومؤتمر الكتاب الدولي في القاهره ... وغيره . وكما دائمًا وباستمرار يشتركُ في الندواتِ والنشاطاتِ الأدبيَّةِ والشعريَّةِ التي تقامُ محليًّا وفي الضفةِ والقطاع ( منطقةِ الحكم الذات - داخل الخط الأحمر) ولاقى هناكَ شعبيَّة ً واسعة ً وانتشارًا وشهرة ً كبيرة ً... بَيْدَ أنَّهُ ما زالَ مثلي ( حاتم جوعيه ) مقاطعًا كليًّا وإلى الآن جميعَ الندوات والمهرجانات الثقافيَّة السُّلطويَّة أو ذات الطابع الصهيوني رافضًا الإشتراك فيها والتي هدفها َشلُّ وتدمير الثقافةِ الفلسطينيةِ العربيَّة الهادفة في الداخل وطمس ووأد الشعر والأدب والفن العربي الفلسطيني الحقيقي الإبداعي الهادف والملتزم ( داخل الخط الأخضر) -دولة إسرائيل . وهنالك العديدُ من المناسبات والمهرجانات السلطويَّة التي تقام سنويًّا لأجلِ هذا الهدفِ الإجرامي الخطير ولا حاجة لذكر ِ أسمائها ... وللأسف الشديد نجدُ العديدَ من الشُّعراءِ والكتاب الفلسطينيين في الداخل الذين يتبجَّحون زيفا ً بالوطنيَّةِ والقوميَّةِ والإلتزام وبالمبادىءِ وبالنضال ِ يُشاركونَ بشكل ٍ رخيص ٍ وحقير ٍ ومفضوح ٍ في مثل ِ هذهِ المهرجانات ِ السَّاقطةِ . ومنهم من كان يتصلُ بي تلفونيًّا للإستفسار عن طابع وهويةِ هذه المهرجانات قبل إقامتِهَا بأيَّام فكنتُ أوَضِّحُ له الصورة َ والهدف الدنيىء والخطير من ورائها فيُصَادق ويُؤكِّد على كلامي ، ولكن بعد أيّأم ٍ كنت اتفاجأ من أولئك الشعراء والكتاب المتصلين باشتراكهم في هذه المهرجاناتِ الرَّخيصة . 
إنَّ سليمان دغش شاعرٌ من بين شعراء عديدين محليِّين مبدعين ومناضلين قدَّمُوا الكثيرَ للأرض ِ والوطن ولشعبِهِم الفلسطيني ، واستطاعَ هو بفضل ِ مجهودِهِ الذاتي ونشاطهِ الدَّؤوب والشَّخصي أن يُحَقِّقَ كلَّ هذه الشُّهرةِ الواسعةِ ... ولكن هنالك العديدينَ غيره من شعراءٍ مبدعين ومُناضلين ضحَّوْا وقدَّموا الكثيرَ مثلهُ وأكثرَ محليًّا ولم يسمعْ أحدٌ عنهم خارجَ الوطن ( في العالم ِالعربي ) ، وكما أنَّ هنا في الداخل ما زالَ ُيمارسُ ضدَّهم وإلى الآن ( رغم الإنفتاح الواسع على العالم ووجود شبكات الأنترنيت وآلاف المواقع العربيَّة والعالميَّة ) كلّ أنواع ِ التعتيم الإعلامي المقصود السُّلطوي ، الحزبي والشَّخصي )... إلخ . وأنا ، بدوري ، ( حاتم جوعيه ) كنتُ نموذجًا ومثالا للشُّعراءِ الفلسطينيِّين الوطنيِّين القوميِّين المبدعين الذين حاولوا التعتيمَ عليهم ، ولكنِّي تحدَّيتُ كلَّ العراقيل ولم تستطعْ جميعُ محاولات التَّعتيم الإعلامي الرَّجعيَّة الآثمة أن ُتعَتِّمَ عليَّ أو تحدَّ من نشاطي الأدبي والثقافي والفكري وانتشاري وشهرتي وتألُّقي ، سواءً (السُّلطويَّة أو الحزبيَّة والفئويَّة ... وغيرها ) . وأتمنَّى من أعماق قلبي أيضًا لأولئك الزملاءِ الشُّعراء والكتاب المُناضلين القوميِّين المُلتزمين أن ينجحوا ويُحَقِّقوا شهرةً وانتشارًا واسعًا يليقُ بمنزلتِهِم ومُستواهم ومكانتِهم الأدبيَّةِ كما حظيَ وحَقَّقَ زميلنا الشَّاعرُ الوطني التقدُّمي المُبدعُ " سليمان دغش" ابن قرية المغار الجليليَّة الفلسطينيَّة شهرَتهُ الواسعة . وأتمنَّى أيضًا للزميل ِ" سليمان دغش " المزيدَ من العطاءِ المُتواصل والكثيرَ من الإنتاج ِالشِّعري والأدبي المطبوع والمزيدَ من النجاح ِ المتألِّق والمُمَيَّز : محليًّا وعربيًّا وعالميًّا .
( بقلم : حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )
الشاعر الكبير سليمان دغش مع الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه

 

 

 

 

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 229 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

البياض عند
"نفن مردم"
جميلا أن نكون اوفاء، رغم أنني كثيرا ما أعجز رد الجميل، "نفن مردم" من الاشخاص الذين لم أوفي لهم دينهم، فهي نشطة، تأخذ النصوص وتنشرها في مجلة "عشتار"، تعلق على النصوص، وكأنها المعلمة التي تهتم بطلابها وبتفوقهم، من هنا أجد في هذا المقال رد شيء من الجميل الذي قدمته وتقدمه "نفن مردم" للأدب وللأدباء، وأرجو أن أكون فيه حياديا.
فاتحة النص دائما لها أهميتها في الأدب، وهي من تعطي اشارة إلى المتلقي عن شكل ومضمون النص الأدبي:
"حين يفاجئني الفجر 
أدونك بألف فجر وشفق
وأرسمك بألف لون قزح "
إذا ما توقفنا عن هذه المقاطع، سنجدها بمجملها بيضاء، إن كان من خلال الفكرة أو الألفاظ المستخدمة، وتركز الكاتبة على مظاهر السماء من خلال "الفجر والشفق، وقوس قزح" كلها تعطي دلالة إلى الفضاء الذي تحلق فيه، بحيث تتحرر من المكان الأرضي إلى السماء.
لكن ما سبب هذا الهيام في الفضاء السماوي؟ وهل له علاقة بالعالم الأرضي؟:
" تناغم مع لحن الوتر 
في الصباح أقرع زجاج 
نافذتك كحبات مطر تجلت
الحضور وَهْناً بلا خبر "
"نفن مردم" تقدمنا من الأرض لكن ليس من خلال المادة، بل من خلال الروح، من خلال الموسيقى، لهذا نجدها تستخدم الوتر، وتأكيد على حالة الهيام الروحي والعاطفي فنجدها تقرع "الزجاج" الشفاف، الذي لا يخفي شيئا، وهذه اشارة أخرى تضاف إلى الهيام الروحي الذي تمر به الكاتبة.
فعل "القرع" يعطي دلالة على الازعاج، لأنه "قرع" لكن الحالة التي تمر بها جعلتها تفصل لنا هذا (القرع) لنتأكد بأنه ليس مزعجا من خلال "كحبات المطر"، وإذا ما توقفنا عن حبات" والتي تأتي بصورة خفيفة وناعمة وجميلة، نكون أمام صورة متكاملة للجمال الذي تريد أن توصلنا إليه "نفن مردم".
كما أن للمطر دور لوجود حياة جديدة، كما أنه يمثل حالة الطهارة والتجديد، للأرض وللإنسان معا، وهذا ما تريدنا أن نصل إله، حياة جديد ونقية وطاهرة وجميلة وحرة، وبهذا تكتمل عناصر الفرح.
ونجد الأداة "الحبر" التي تستخدمها الكاتبة كوسيلة تعبر بها عن مشاعرها، وكوسيلة فرح أيضا، فمن خلال "الوتر والحبر" يمكننا القول أنها تتعامل مع الأدوات التي تخدم غذاء الروح والنفس، وكأنه تعزف عن الغذاء المادي/الجسدي.
وهذا ما جاء في هذه الفقرة:
"وأخط زهرة الياسمين على 
خط القدر " 
بهذا الجمال وهذا البياض وهذا الفرح تتعاطى "نفن مردم" مع الحياة، فعالمها فضاء/سماوي/روحي/فني/أدبي، وإذا ما توقفنا عند "زهرة لياسمين" التي تمثل حالة جمالية بشكلها الأبيض الناعم، وبراحتها الطبيبة التي تفوح منها، يتأكد لنا أن هناك انسجام كامل بين ما جاء في هذا النص وبين مشاعر واحساس الكاتبة، وكأن النص/الحالة التي تمر بها هي من تكتب وليس "نفن مردم".
قبل خاتمة النص تقول:
"حين يباغتني الصباح 
تحملني أجنحة الفؤاد لكشف سر
طال الأمد به حتى علم البشر 
لتجتاح اختلاجات الوسن 
عين القمر "
نجد فعلين يمثلان القسوة " يباغتني، يجتاح" فما السبب وراءها؟ وهل لهما علاقة بما جاء في فاتحة النص "يفاجئني"؟ خاصة إذا ما عرفنا أن الفترة الزمنة التي تفصل بين "الفجر والصباح" قصيرة، ونجد علاقة بين العالم السماوي الذي جاء في فاتحة النص "السماء/الفجر/الشفق" وبين القمر، كل هذا بحاجة إلى تفسير.
"نفن مردم" تجيبنا عن كل هذا الأسئلة في الخاتمة والتي جاءت:
"أنت بؤرة النضج في المدى 
اكتمل مع فيض الخبر"
إذن "هو" الحبيب مصدر "يفاجئني، يباغتني، يجتاحني" وهو من يخلق حضور "الفجر، والشفق، والمطر، والوتر، والحبر، والياسمين، والصباح، والقمر" وبهذا يتأكد لنا أن عناصر الفرح عند الكاتبة تكمن في المرأة/الرجل، والطبيعة، الكتابة/القراءة/الفن.
النص نشور على صفحة الكاتبة على الفيس بوك.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 121 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مُقَدِّمة ديوان (( 2020 )) للشاعر رمزي عقراوي 
بقلم الناقد العراقي الأستاذ حميد العنبر الخويلدي 
اول اللمسات في هذا المنوال ..ان اشير الى العنونة والتي نوليها اهتماما خاصا..في كل شيء..على اعتبار أن العنوان اسم جامع لما تحته.. نعم هي جداريات رمزي عقراوي.. حفرها وخط ابجدياتها على مداخل بوابات العراق الحبيب واسواره..فلعل الذي يطالعك في الشمال هو ذاته الذي يطالعك في الجنوب. وكذلك الذي هو في الغرب نفسه الذي يشبهه في الشرق.. اذن تلبّسَ رمزي عقراوي خريطة بلاده العراق وتلبّسَتْهُ.. موشوم بها جلده من الخارج ومن الداخل في قلبه على الشغاف.. ولطالما ذكرنا صفة الجداريات.. فان كل بناء لايتم الا بمعهود اربعة جدران شاخصة لابد قياسا وتصميما..ولعلنا وكالعادة الرياضية في الوجود تكوينا. ان لابد من دخولية لهذا البناء المنيف وخروجية..يعني ان فضل رمزي على هذا المشهد المرسوم والذي هو ..الجدران الأربعة...بات الباب ولولا الباب لسقطت قيمة كل بناء في الحياة.. عقراوي هذا الشاخص والظل..باب لجدارياته المنحوتة على جهات البلاد. هذا المفهوم قبل ان افترضه نقدا..فرض نفسه على احاسيسي عنوة ..فاصغت له مجسّات الخيال ومهاميز التصوّر. والفحوى ان نعلن هذا الترابط وبهذا الشكل المعماري.. جداريات واسوار ومداخل ..نعم ذلك مسحوب علينا من خلال.. عنصر خلق مركزي شمولي.. اختاره الشاعر إرادة وعشقا..ولعله الوطن.. فلو وقفت عند الجدارية الاولى واخذتك خطواتك سيرا استكشافيا تتبعيا إلى الجدارية الأخيرة..لوجدت اول سطوع للأعلى هو قمة حصاروست المفتخر بها شمالا على الجسد .. والسطوع الذي يقابله ضرورة هو عناق وجدل دجلة والفرات عند ثغر البصرة الباسم على الخليج هذا الرواء المثري ..مذخور في ذات المبدع.. وكأني به ولشدة تعلقه بحب العراق.. يجيد رياضة نيرفانا التحضير. طوعا ..اي امة اي جيل شاءه طلبا بمجرد أن يشير برأس الخيزرانة تعال هلمَّ ..نعم اريده. جيلا سومريا.. بابليا.. اشوريا .. اذ وجدتُهُ يُكْثر من مشاهدات طيقان قلعة اربيل..يغني بمزامير داوود والموصلي اسحاق وزرياب واكثر ما رأيت به عيانا يهوى عزف الرعاة بين السهول والروابي وسفوح الجبال الخضر حيث النماء والعطاء والحلم.. وقبل تلطيخنا وجه الجدارية البدء بالحناء والزعفران..لابد من إشارة سِبْقٍ.. سجلها الفنان في واجهة الوقت..انه قال مخطوطتي الشعرية المسمّاة..ب.2020 وان لفارقا اختزله من الوقت الذي في راهن حضوره إلى وقت بعده مخبوء..لم يدفع به التسلسل في الزمكان..وهذا تندر وطرافة او قل اِلْتِفاتة من الحدسي ألقى بها عقراوي في المخاضة.. ليكسب شخب الحليب الصافي اول بأول قبل الشكاكين والمتفيقهين..وقبل أن تصاب عيون الوقت بالجدري واللوثة. شاءها حرة بيضاء تسر النواظر وتجيب الخواطر وكالمتتبع الأثر ليصل إلى ضالته يركز النظر في الجادة..ويقلق لو هبّت ريح مخافة انمحاءالرسوم والتيه..وقد يكون سراب الظهيرة يغشي الظمآن ويمني ما تحلم به روحه الى ان يصل إلى الشرعة الأمينة..ونعني به العراق وقد يفتح شهية الشعور ..في القاموسي..والمجازي المنوال منه..ليزج بالطاقة اللفظية عند رمزي ليختار لغته الشعرية الخاصة ..واللغة دليل خصوصية ذاءقية الذات..وهويتها المعلنة بوجه الوقت..حيث نذكر أن مبدعا يكتب قصيدة .نعم ان لغته ووعيها هي التي تكتب القصيدة ..هذا عند الموهوبين الحقيقيين.. فرمزي طوعيا تجده في دائرة من الحروف والتنقيطات والتوقيعات العربية..وتجده متفاعلا مع شكل وملمس الألفاظ وجِرْس المفردات التي الزم نفسه بالكتابة فيها .. واذا اردت ان اسميها باسم اقول انها اللغة الواضحة اللغة المفهومة البيضاء ليس اللغة الاخلاطية بالصبغات ولا قتومة الصفات.. انما هي لغة الشعب واللغة الدارجة التي لا غبار عليها ليتسنى له ان يعرض همَّه ويوضح اَلَمَه ..قد يكون المعروض في المقهى او الرواق او وراء المنصة..قاصدا من الاعتيادية ان يجرنا إلى الميسور اللفظي باعتباره لغة الاكثرية..شهادة منهم عليهم..فرمزي الأستاذ .قصد نوع من أنواع اللغات والذي تعود ان يكتب به بدون مواربة ولاشك ..ظانا من انه لابد ان يوصل اَلام الشعب بهذي القراءة المشخصة للعلل والخلل.. فقد يتراءى له لو اتانا بلغة غرابة معينة او لغة رومانسية حالمة بأشعة الشمس الارجوانية..يظن ان تتعكز المفاهيم وتتقعر وتصبح الرؤى التي يراها غير واصلة الغاية والذي يطيح بها اولا هو الشعب.. وقد تلصق برمزي التهم والتاشيرات السلبية في استخدامه للغات غير لغة الجداريات ذاتها..فمنهم من يقول استخدم لغة تقريرية وبأسلوب مباشر ونعرة خطابية ..هذي منهجية..نعم خاصة عقراوي ونفسر من خلالها..انه جمعها جمع الخبير العالم بمؤدياتها...لونا وصبغا وطاقة وتذكرني لغة الشاعر في ان اجتهد واقول.انه بمعدل لغته هذي ..كان ينوي وهو الصحيح ان ينجح بترجمة اشعاره إلى اللغات الأجنبية حيث لاتتاثر ويرتبك حاصل المعنى في نصوصه..انما تزداد جمالا..وهذا تفرضه صلاحية المفردة التي ينتقي ويصوغ... ويذكرني رمزي عقراوي لو اردت ان ابوب خانته..حيث يحلو للمتلقي هم وعمق الاطروحة ..وبهذا الطرح المتواضع ان اقول انه يشبه باشعاره او اغلبها الشاعر العالمي ..بابلو نيرودا.. حيث أخذ همه الى ان يرفع هم الشعب معه ويهجر الملذات وليس بعيدا عن لظاه
وليس بعيدا عن لطيف الخبرة التي تَمَيَّيز بها كبار الشعراء ..ومدى قدرتهم الإبداعية في صنع القصايد الخالدات.. وفيها ومن خلالها نالوا الشهرة العالمية والمحلية..ورغم ذلك وكمعدل لهذا الحاصل والنتيجة..فانهم لو أرادوا أن يسوقوا الاشياء في اتجاه مطاردة فعل السياسة وانعكاسات الفكر المنهجي وتأثيره على المواطن فإن الشاعر أمثالهم او كعقراوي في جدارياته.. ضرورة لابد.. ان ينزل ليس بمستوى الهبوط المتدني حاشا.. انما هي إرادة واختيار ومكاشفة لعرض المضمون الذي عليه ان يستدعي شكله.. والشكل هنا هو مزاجية اللغة ونوع جنسها ودلالتها.. فخذ.عليك بالشعر العراقي ونمطية نزول الاختيار لتهيئة لغة والفاظ تحمل النص بمؤدياته التي في ظن الشاعر تخدم الغرض والاطروحة جراء منهجية اللحظة الراهنة. فالشاعر الكبير عبد الوهاب البياتي تجده مضطرا وضمن البنية ونشاطاتها الموضوعية ان يُنَزّل مقاصدها في نوع لغوي اختاره ورضى به ..معتبرا اياه هو الصحيح ولا غيره.. فمهنة التمسيح في زماننا يبرع فيها العُوُر والاذناب.. ومهنة التمسيح اصطلاح شعبي يشار به لمن يمسح أكتاف غيره طمعا في نوالهم.. وأخرى له وبهذي البساطة المعبرة عن الغاية.. مررت باستانبول لا اقول نزلتها لأنني عجول.. هذي صورتان من ديوانه.. ولأن الشاعر العراقي ليس بعيدا عن السياسة..وانما هو فيها.فقد انتقلت لغة السياسة والشعارات السياسية إلى قصيدته.. وأخرى مباشرة ينزل بها على الواقع المزري.... يا يسقط المستعمرون ومنظمات دفاعهم يا يسقطون يا يسقط الاوغاد اعداء الحياة السارقون ربيعنا يا يسقطون.. هذا منقول من ديوانه ومن ..كتاب دير الملاك ..للناقد الدكتور محسن اطيمش.. وهذي الشاعره الرائدة نازك الملائكة..وعن نفس المصدر تقول وبذات النقلة والطفرة في انتهاج السياسي كَسِلّم للصعود في زبر وزجر الضيم والمعاناة عن الشعب والمواطن...وهذا بُعْد عقائدي عند السيد.. رمزي ..تجاه تاريخه وتاريخ شعبه.. وتقول نازك في قصيدتها...تحية الى الجمهورية العراقية..1958 السوق صحا يا ورد حذار من نغمته الصهيونية ومخالبه الأمريكية جمهوريتنا عشت سلمت من الطغيان... وهكذا كلهم وحتى السياب وشاذل طاقة والجميع قد تناول الاستشفافي في المنهج السياسي لما له.. اقصد السياسي ..ربط مع حياة وآفاق تطور الفرد والإنسان.. فرمزي حين المقارنة والمقاربة وأخذ نموذجات من جدارياته وخلطها مع قريناتها سالفة الذكر من دواوين الشعراء..فلا اختلاف ابدا ولاتثريب.. طبيعة الذات والموضوع فرضتا حتما بمعادلة حاصل حركة الزمكان فانظر بعين المتأمل للعقراوي ذلك الصوفي المجذوب بحب العراق وشعبه..اسمع تداعياته وهذيانه الحر ..المباشر والهادف.. في جدارية 19 من مخطوطته إذ يقول... ما أطيب الشباب انه لذة الحياة ينظر إلى نفسه بفرح وسرور واناة .ا. وهكذا يسافر عبر هجرة المحلي الى اعتبارات القيمي الناصع والراجح عند الأفق العام المقبول.. ان الشباب زهرة الربيع ريانة الانداء والنسمات تغني له الدنيا اغاني الحب... هذا التصاعد عند عقراوي المستفيض أفقيا وعموديا لصناعة المُثل والعرافات..والتي يجمع بها حسن الماَل وزين الحال ليؤسس الى مسلة مع الوقت حيوية المعاني مفتوحة الحلقات..تَطّرد اطراد الشمس والظل في الوجود.. ...... وهنا يقف عقراوي بشخصانية المتفرد على صخرة او ظهر جدار ليصيح بأعلى صوت.. اني ارى شعبي له جماهير عريضة لكنها تعيش بلا الباب ا.ا. حيث يحصرها الفقر والحرمان نعم انه الشاهد والمدعي والزعيم والمناضل الثوري.. وذي شهودية ذات سامية فيه لم يكن يوما استقرضها من أحد او من جهة..انما هو طبع معلن ومستتر..
والاجدر ان عقراوي ..رمزي.. له من الصفات الشخصانية ما يجعله متميّزا وذا رجاحة متفوقة في قراءة الأشياء وبشكل ثاقب ومتندر..فلعله الذي ما اغراه المنشور الطيفي للالوان او اغرته تنقيطات جنح الفراشة وفسيفساء مشهد الطاووس..ابى الا ان يلوّن بالأبيض والأسود...وهذا تركيز ذكي منه ..ليحفظ الدعوى والشكوى والألم والفجيعة كما هي ويمثل ما مست جسد الفرد وكارزما المجتمع .. ينقل كيف ينزل العذاب ومس الجوع وصليل الضيم على احاسيس وغرايز الناس....كان قد اختزل اللونيات والتزويقات والتنقيطات التي يغلف بها المبدعون المترفون وباسم الشعرية والرمزية والتجريبية والتكعيبية و.و.الخ من المدراس والمباحث .. ابى الا ان يشيعها كما هي حتى لا تكون هناك حجة او تعتيم او تعمية على روح الحقيقة التي يريد..وكما قال شاعرنا الكبير الجواهري... اريد الحقيقة في ذاتها ........بغير الطبيعة لم تطبع وكما حاول أن يبتعد عن المجازات والتوالديات اللفظية التي يستتر بها الشاعر في احايين كثيرة.. وكما هو السبب والمقصد الذي ذكرنا أعلاه.. قارب عقراوي خيار اللغة العربية انتقى وسطيتها من الفاظها البيّنة اخذ منها فاعلاتها ومفاعيلها وافعالها وصفاتها الشاخصة معنى ومبنى..وكانه يعترف لنا ان العربية بمفرداتها واشتقاقاتها دوائر..كالعواءل والأُسر ..فلي منها افرادها الوقار ذو السطوة والنفوذ والمنعة.. ليجمل غاياته الفكرية والتعبيرية يلا رتوش وستاير.. وما لهذا الحال عند رمزي وقد يكون عفويا ..لولا أحسبه عليه من باب الوعي... انه قاصد هذه المِزية والتي تفرض علي ان احيله إلى اي المنهجيات..واقول انه ينتمي إلى الواقعية البيضاء..او الواقعية الواضحة.. وهذي ترمي بسهمه إلى ناصية نجاح باهر في العالميات وأعني اللغات الأجنبية حين الترجمة.. فالمترجم يرتبك أمام اي لغة في طور قاموسها ومجازها وتوالدها التنظيري عند المحدثين والمجددين..ناهيك عن انه الشعر.. وكما قالوا عن الشعر العربي في طور الترجمة..كالقلادة الذهبية لو تُرْجِمَ ..حتما تقطيعها.. ممايفقدها جمال الصورة والنظرة...وهذا لابد من سبب يوعز إلى المجاز العالي التوالدي خارج حدود الطيفي... ولكن عند رمزي عقراوي بات رصيدا عاليا..يناله عند المترجمين فاللغة هي ذاتها الخيار الوسطية الوقار على جنسها ونوعها وفصيلتها...بلا تكلف وتعكز..انما باسلوبية تلقائية كما هي..وهذا من إشارات الذكاء الباطن عند شاعرنا..النجاح في الترجمة وهذا يفي بعرض المعروض كما اراده لخدمة الغرض غير منقوص.ودخول عقراوي دايرة الشهرة والفهم والتلقي في العالم عند الأمم أكثر ما يكون عندنا.. هذا ظننا ومانعتقده صحيحا.. ثم من اولويات الذوق التي تمتع بها الشاعر انه متوازن في مركبه الذاتي الشخصي كفرد وانسان الى مستوى أمير مبدع.. بضرورة ان كل خصم او ضد او متصد لابد من ان يقذف خصمه بلكمة هجومية او بكلمة هجاءية.. انظر جداريات ومتون رمزي كم خصم له قد اقول كلها خصوم واُحَيّد فقط الشمس والماء والهواء والوطن ليس بالضد من عقراوي..ولكن هل ترى منه سُبّةً لاحد او تهزير بالكلام او تشنيع اي خُلْقٍ عامر يعتمل في ذات هذا الامير ..الذي اوصل كل متطلبات قضاياه وبالم شديد ومكر سديد ولم يغلط او يشت.. يالها من خصال ويالها من محاسن ونفس ملوكية... نعم هو المبدع نعم هو الإبداع.. 
((( بقلم الناقد العراقي الأستاذ حميد العنبر الخويلدي)))
============================= 
يوم الجمعة الموافق 31=8=2018

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 132 مشاهدة
نشرت فى 31 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

( الجمــــــال والشـــعر)
الشعر كلمة جميلة تنمو ضمن مفاصل الحياة ومن خلالها فتسجل اسمى معالمها و اعمق بواطنها كحلم جميل تسعد اليه النفس وتسمو اليه الروح حتى في حالة شقائها فهو معرفة انسانية مستلهمة تحمل معطيات الرؤية الخارقة و الاحساس النابع من القلب فهو المصدر الوحيد لمعرفة الاشياء , وقد يكون تعبيراً عن العلاقات الصوتية بين الحروف التي تخلفها اللغة لو تركت لذاتها ليبين الحد العيني والتجرد المادي والمثالي وبين المجالات المختلفة للحواس. او بمعنى اخر الشعر هو الإيحاء بصور مثالية تتصاعد إلى الإعلى محلقة باجنحة شعرية منبثقة من روحية الشاعر وعاطفته المنبعثة من اعماقه وممتزجة بخوالجه متدفقة منها مشحونة بها لتبحر قصائد عبر مسارات النفس الشاعرة فتغدق عليها نبعا متدفقا وفيضا غامرا وحدسا راقيا ليشكل معينا لا ينضب والهاما جميلا وحالة فنية وانسانية بما يحقق توازنا شاملا بين سعة الحياة وقدرات صاغتها بجمالية مفرطة ولفظة راقية .
فالشعرإصل الجمال يستلهمه الشاعر في شعره في حالة فنية وانسانية راقية من خلال نظرته الحساسة في سبر اغوار نفسيته الشاعرة المرهفة لتنمو في مفاصل الحياة و لتسجل اعمق بواطنها واعلى شواّفيها فتجتمع في بوتقة تسعد اليها الانفس وتسمو اليها الارواح ووتهفو اليه الافئدة ممتزجة بأقوى عناصر الجمال الشعري والشعوري المنبعث في الموسيقى الكلامية المنبثقة بامكانية الشاعر في الايتاء بها من خلال تمازج و تزاوج الحروف اللغوية مع بعضها لتعطي نمطا او نسقا موسيقيا معينا تبعا لأمكانية الشاعرية الفذة ومقدرتها على الخلق والابداع بطريق السمو بالروح نحو مسارات ذات نغمات تنبثق عن مشاعرها وعواطفها وامكانيتها لتسجيل الإيحاء النفسي والفكري وللتعبير البلاغي واللغوي بما يعجز عنه الاخرون .
د . فالح الحجية الكيلاني

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 229 مشاهدة
نشرت فى 31 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

موسوعة شعراء العربية
المجلد التاسع - الجزء الثاني 
شعراء العصرالحديث
بقلم د. فالح الكيلاني
( الشاعر احمد محمد الصديق )
ولد احمد محمد الصدبق في (شفا عمرو )على مقربة من مدينة (عكا ) بفلسطين سنة\ 1941م. و درس المرحلة الابتدائية في (مدرسة شفا عمرو.) و درس في (حيفا )سنتين بعد الابتدائية. –ثم درس في( مدرسة كفر ياسيف ) سنة واحدة. ثم انتقل الى ( قطر)ثم التحق ب (المعهد الديني ) ب( قطر )حيث التقى بخيرة الأساتذة والعلماء، وتخرج من المعهدعام\ 1966م. ثم لنتقل الى السودان لدرس الشريعة في جامعة ( أم درمان الإسلامية) في السودان ونال شهادة الليسانس عام 1970م. ثم حصل على( الماجستير) في الشريعة الإسلامية من (جامعة الأزهر الشريف). ثم حصل على الدبلوم العام في التربية من (جامعة قطر)
. اما حياته العملية: - فقد بدأ بنشر قصائده في الصحف اليومية في (فلسطين المحتلة) أيام دراسته الإعدادية والثانوية قبل خروجه منها عام 1956م. و شارك هناك بشعره في مهرجانات ومناسبات وطنية عديدة، وكان له نشاط طلابي ملحوظ. و نشرت له( مجلة الحق )القطرية ومجلتا (المجتمع) و(الوعي الإسلامي) الكويتيتان، ومجلة (البعث الإسلامي ) في الهند ومجلة (الشهاب )اللبنانية
وكان له حضورمميز حيث شهد الندوات الشعرية في (الدوحة )في قطر ، وفي جمعيات الإصلاح في الإمارات والكويت والبحرين 
فقد شاعراً محلقاً مجلياً أصيلاً. وقد دخلت بعض قصائده ضمن المقررات الرسية في مناهج اللغة العربية بدولة قطر ودولة الإمارات، وفي المدارس الفلسطينية في لبنان. أنشد الكثير من قصائده الدينية والوطنية والاجتماعية، وانتشرت أشرطته المسجلة على نطاق واسع. كذك كان له في السودان نشاط شعري كبير في الاحتفالات والندوات وفي الصحف والمجلات، وأشهر المجلات التي نشرت له (مجلة الميثاق الإسلامي ولما احتلت الولاياتى المتحدة الامريكية العراق وكانت محافظة (الانبار )عصية عليه قال قصيدته ( هي الانبار ) يقول فيها :
هِيَ الأنبارُ يا عَرَبُ بوجْهِ الظُّلْمِ تَنْتَصِبُ
وساحاتُ العراقِ جم يعُها بالسُّخْطِ تَلتَهِبُ
أَيدْري الغاشمُ المَغْرو رُ - يا أنبارُ - ما السَّبَبُ؟
حذارِ حذارِ إنْ ثارَ ال حَليمُ، وجَلْجلَ الغَضَبُ
وضاقَ بكلِّ طاغوتٍ على أكتافِهِ ر ر يَثِبُ
أيُبصِرُ ما الذي يَجْري؟ أيَجهلُ ما الذي يَجِبُ؟
هَشيمُ حصادِهِ شَوكٌ وكلُّ بِنائِهِ خَرِبُ
يَبيعُ الشعبَ أوهاماً وُعوداً.. كلُّها كَذِبُ
على دبَّابَةِ المُحْتَلِّ جاءَ الرأسُ والذَّنَبُ
• • •
يَعيثُ كلاهُما في الأرْ ضِ إفْساداً، ويَنْتهبُ
وما للشعبِ إلاَّ القه رُ والحِرمانُ والسَّغَبُ
وشاعَ الموتُ في الطُّرُقا تِ.. والتَّدميرُ والرَّهَبُ
وكمْ في قَبضةِ السجَّا نِ يَشكو الفِتيةُ النُّجُبُ
وأعراضُ الحَرائرِ في جَحيمِ الأَسْرِ تُغْتَصَبُ
ومَنْ يدعو لرفعِ الضَّيْ مِ.. حامَتْ حولَه الرِّيَبُ
وبالتَّهميشِ لا يُقْضَى لنا أمرٌ ولا طَلَبُ
ونحنُ الدِّرعُ للأوطا نِ، والأوتادُ والطُّنُبُ
نُدَعُّ.. فلا حُقوقَ لنا ودونَ مُرادِنا الحُجُبُ
ويا كُلَّ العِراقِ انْظُرْ دِمَشْقُ تلوحُ أو حَلَبُ
هناك تدورُ مَعركَةٌ وَوَجْهُ الأرضِ مُخْتَضَبُ
وحَولَ القُدْسِ والأَقْصَى حِرابُ البَغْيِ والكُرَبُ
وللتحريرِ جُنْدُ اللهِ في الأكنافِ تَرْتَقِبُ
لَنا البُشْرىَ.. وسوف يَزو لُ جَيْشُ الفِتْنَةِ اللَّجِبُ
وراياتُ الجِهادِ الحُرِّ للإسلامِ تَنْتَسِبُ
لَنا البُشْرَى، أجَلْ، والفتـ حُ والتمكينُ والغَلَبُ.
وكان قد عمل في قطر مدرساً لمدة ثماني سنوات ثم انتقل للعمل بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيساً لأحد أقسامها، ويتولى خطابة الجمعة فيهالا لمدة اكثر عشرين عاماً. -
ثم حصل على الجنسية القطرية.
صدر له الدواوين الشعرية التالية :
1- هو الله
2- البردة الجديدة
3- ويخضر غصن الامل
4- راح وكلمات
5- يا سراييفو الحبيبة
6- ملحمة الشيشان
7- طيور الجنة
8- قادمون مع الفجر
9- هكذا يقول الحجر
10- قصائد الى الفتاة المسلمة
11- نداء الحق
12- ملحمة القدس
13- أناشيد للطفل المسلم (3اجزاء)
واختم بحثي بهذه الابيات من شعره:
كم قتلوا البرعم في الكـُـمِّ
وتعالت صيحات الأم
والمجرم يمعن في الجُرم
وعقاب القاتل ممنوعُ
ويقال دفاع مشروعُ
****************
أحصار الشعب إذن جائز؟
لا معبر يفتح أو حاجز
ويئن شيوخ وعجائز
وتسيل دماء ودموع
ويقال دفاع مشروع
************
بصدور عارية ندفع
نيران الغارة والمدفع
لن نركع أبدا لن نركع
وإذا ما اشتد بنا الجوع
أيقال دفاع مشروع؟
*************
نستعذب في الله المحنا
ونعانق بالروح الوطنا
وسكوت العالم يحفزنا
أيعربد لص مخدوع
ويقال دفاع مشروع؟
***************
قتلانا في الجنة تنعم
قتلاهم في نار جهنم
والبيت الآهل إذ يهدم
ويجث الشجر المزروع
أيقال دفاع مشروع؟
***************
يا أمنا مجلسه انحازا
الظلم يجر استفزازا
أيصير العدوان مجازا؟
فتصول جنود ودروع
ويقال دفاع مشروع؟
**************
هانحن نلقنهم درسا
بدمانا سنزيل الرجسا
ونعيد لأمتنا القدسا
ولواء العزة مرفوع
ولدينا الحق المشروع
*****************
من حيث أتيتم فارتحلوا
في أرضي ليس لكم أمل
ستضيق بكم فيها السبل
ويحرر شعب وربوع
وجهادي حق مشروع
.
امير البيـــــــــــان العربي
د . فالح نصيف الجدية الكيلاني
العراق- ديالى - بلـــــد روز
*****************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 114 مشاهدة
نشرت فى 30 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

تقديم الفرح 
عند "محمد دلة"
دائما النص الجميل يفرحنا، فعندما يتعمد الكاتب تقديم نصه بألفاظ بيضاء، متجنبا خدش مشاعرنا، فهذا يزيدنا تقدما من النص ومن الكاتب، "محمد دلة" يقدم ومضة مذهل، فنجده كالنبع المتدفق، الذي يثرنا بمشاهدته، ويمتعنا بجماله، ويدعونا لنرتوي منه، فنحصل على ماء عذب، ينعشنا، وعلى مشهد جميل، يمتعنا، وعلى احساس بالشبع، الشبع المادي من خلال الماء، والشبع الجمالي/الروحي من خلال مشاهد النبع.
فما هو هذا النبع الذي تحدث عنه "محمد دلة"؟:
"ليتني شجرة
يعالجني النجار
فأصبح بابا
يخرج الحزن منه"
الجميل في الومضة أن الشاعر قدم شيء جميل "الشجرة" وتعمد عدم ازعاجنا بمشهد النجار وهو يقطعها، فاستخدم "يعالجها" حافظا على صورة الشجرة الجميلة في مخيلتنا، وأيضا لكي لا نأخذ فكرة سلبية عن النجار، لهذا نجده يقدمنا من فكرة "باب" وهذا الباب يمكن أن يأتي بدلالة ايجابية أو سلبية، لكن "محمد دلة" يختصر الوقت علينا، ولا يجعلنا نفكر بطبيعة هذا الباب، فيجعل مهمته "يخرج الحزن منه" كتأكيد على الصورة الايجابية التي أرادنا أن نكون بها.
غالبا ما يأتي استخدام فعل المضارع ليقدمنا من الحياة، من الفرح، وهذا ما يضيف جمالية أخرى إلى الومضة، فالومضة تتحدث عن فعل مستقبلي، وهذا ما يجعلنا نتقدم من الحياة ببهجة وفرح، منها نقول لأن النص الجميل لا يخضع للطول أو القصر، بل عناصر أخرى، هي من تجعلنا نتقدم منه أو أن نحجم عنه.
الومضة منشور على صفحة الفنان الكاتب على الفيس.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 143 مشاهدة
نشرت فى 29 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

موسوعة شعراء العربية
المجلد التاسع - الجزءالثاني
شعراء العصرالحيث
بقلم د فالح الكيـــلاني
( الشــــــــــــــاعر أدونيـــــس )
هو علي بن أحمد بن سعيد اسبر المعروف ب(أدونيس).
ولد في الاول من كانون الثاني ( يناير ) سنة \1930 في قرية (قصابين) التابعة لمنطقة (اجبلة )ب (سوريا) . درس في قريته على يد أبيه حيث حفظ القران الكريم وهو دون الثالثة عشرة من العمر وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ومما يذكر انه لما زار ( شكري القوتلي ) رئيس الجمهورية السورية المنطقة عام \ 1944 القى قصيدة وطنية من نظمه امام الرئيس والحضور فنالت استحسانه واستحسان كل الحاضرين معه مما حدى بهم ان يرسلوه الى الدراسة في ثم في ( الليزيه الفرنسية ) في مدينة (طرطوس) وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ثم انتقل الى مدينة ( اللاذقية ) فأكمل دراسته الإعدادية وأنهى المرحلة الثانوية في الثانوية الرسمية فيها وكان في بداية مرحلته الثانوية وحصل على الشهادة الجامعية في الفلسفة من الجامعة السورية في مدينة ( دمشق )عام \1954 ثم التحق بالخدمة العسكرية ثم اعتقل سنة كاملة بسبب انتمائه الى ( الحزب السوري القومي الاجتماعي ) مما اضطره الى مغادرة سوريا الى لبنان عام \ 1956وهناك التقى الشاعر (يوسف الخال ) حيث أصدرا معاً ( مجلة شعر ) في مطلع عام\ 1957. ثم أصدر أدونيس مجلة ( مواقف) في عام \1969 ثم حصل على الدكتوراه في الأدب العربي سنة\ 1973 من جامعة (القديس يوسف) في (بيروت ).
أثارت أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه ( الثابت والمتحول ) سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955 وادى هذا السجال الى اشتهاره عربيا وعالميا فتكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز عديدة للبحث في فرنسا والمانيا وسويسرا وامريكا .وحصل على عدد من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
اطلق على نفسه لقب (ادونيس ) تيمناً باسطورة ادونيس الفينيقية وهو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، فالكلمة (أدون تعني سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين وهو علامة التذكيرباليونانية وهذا هو معشوق الألهة عشتار كما تنقل الروايات . وقد انتقلت أسطورة أدونيس للثقافة اليونانية وحبيبته صارت (أفروديت ). فهو يجسد الربيع والخصب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصورها شاب رائع الجمال . فخرج ادونيس بهذا اللقب على تقاليد التسمية العربية . ليكون لذلك الشاب ذي السبعة عشر عاماً في ( دمشق )سبقته شهرة الاسم، وشهرة قصائده، عندما يمّم نحوها، وكان عائداً لتوه من الخدمة العسكرية، وفي طريقه للالتحاق بالجامعة، وكانت (خالدة سعيد ) الفتاة الشابة المتقدة ذكاء وجمالا وحساً أدبياً، طالبة دار المعلمين في (دمشق)، قد قرأت بعض تلك القصائد وأخذت بها وبالاسم البراق يلمع تحتها، كان بيت المذيعة (عبلة الخوري) يومئذٍ، قبلة للمثقفين والقوميين السوريين، فانفتح أمام أدونيس، وأمام البنت الذكية (خالدة سعيد) وشيئاً فشيئاً تكشفت للشاعر الحالم المتمرّد على كل شيء، قوة عقل تلك الفتاة، وأسرته رزانتها ودقة أفكارها، فرأى فيها ما يمكن أن يساعده على أعباء ثورته الأدبية التي بدأ يستكشف اتجاهاتها، ورأت هي فيه مشروع شاعر كبير وثوري من الطراز الاول و الرفيع، فسلمته زمامها، وتبعته في مذاهبه التي لم يكن يعرف إلى أين ستقوده، لكنه يعرف شيئاً واحداً، أنها ينبغي أن تزعزع كل شيء، وتتجاوز كل الحدود والخطوط الحمر.
وفي بيروت فُتحت لهما أبواب الثقافة على مصراعيها، فدخلا اليها بإخلاص واجتهاد، لا نظير له، دراسة وإبداعاً وتنظيراً. وفيها أكملا دراستهما الجامعية، وفيها انخرطا في التجربة الثورية لمجلة (شعر)التي اجتمع فيها شعراء الحداثة الشعرية كما اشرت وكانت( خالدة ) في قلب ذلك الزخم الحداثي، فتزوجها فانجب منها ابنتين هما ارواد ونينار وفيها يقول :.
حينما أُغرقُ في عينيكِ عيني,
ألمح الفجر العميقا
وأرى الأمس العتيقا
وأرى ما لست أدري,
وأحسّ الكون يجري
بين عينيكِ وبيني
توفي ( ادونيس ) الشاعرالسوري المجدد بتاريخ الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني( نوفمبر )2014.
يعد ادونيس من الشعراء المجددين في الادب العربي والشعر بصورة خاصة ومن رواد الشعرالحديث فكتب الشعر الحر والمنثور بدلا من الشعرالتقليدي وقد التف حوله مجموعة من شعراء هذا النوع من الشعر اذكر منهم محمد الماغوط و انسي الحاج و ويوسف الخال وغيرهم . يقول في قصيدة له بعنوان (وطني في لاجئ) :
وليكنْ وجهيَ فيئًا!
دهْرٌ من الحجر العاشق يمشي حولي أنا
العاشق الأول للنار
تحبلُ النار أياميَ نارٌ أُنثى دَمٌ تحت
نهديها صليلٌ والإِبطُ آبارُ دمعٍ نهَرٌ تائهٌ وتلتصق
الشمس عليها كالثوبِ تزلقُ جرحٌ فَرَّعتْه
وشعشعَتْهُ ببَاهٍ وبهارٍ (هذا جنينُكِ?) أحزانيَ وَرْدٌ.
دخلتُ مدرسة العشب جبيني مُشقّقٌ ودمي يخلع
سلطانَه: تساءلتُ ما أفعلُ? هل أحزم المدينة
بالخبز? تناثرتُ في رواقٍ من النار اقتسمْنا
دمَ الملوكِ وجعْنا
نحمل الأزمنه
مازجين الحصى بالنجومْ
سائقين الغيومْ.
كقطيعٍ من الأحصنَه.
أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل.كما يقول النقاد فقد استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم بتوظيف اللغة الى قدر كبير من الإبداع والتجربة بحيث تسمو كتاباته على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج على اصول عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
استطاع أدونيس نقل الشعر العربي إلى العالمية. وقد رشحه النقاد لنيل جائزة ( نوبل ) للاداب لفترة طويلة الا انه لم ينلها كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما في المجالات الفكرية والنقدية.ويعد الشاعر العربي العالمي الأول. وكذلك كان رساما ونجد في شعره مهارة من رسمه في صورة شعرية رائعة يقول :
جالسٌ قربها
والستار الذي نسجتْه تباريحُنا مُسْدَلٌ.
قَامةُ الأفق مكسـورةُ الخصرِ،
والشمسُ تمضي الى نومِها.
مِشْطها، قلمُ الحبر، كرسيُّها، الفراشُ
على الأرض، أكداسُ أوراقِها -
كتباً ودفاترَ، بستانُ وردٍ
تتناثر أكمامهُ.
أتذكّر حتَّى كأني أرى الآنَ: ها بيتُها
يَتنهَّدُ، هَا شُرفاتُ النوافذ تُسلم أحضانَها
للمُريدِ المولَّه،
والشمس في أوّل اللَّيل،
تخلع آخر قمصانها.
حصل ادونيس على جوائز كثيرة اهمها الجائزة الكبرى ببروكسل سنة 1986 ثم جائزة الإكليل الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
ترك الشاعر السوري علي احمد سعيد اسبر ( ادونيس ) اثارا كثيرة بعد وفاته اثرت المكتبات العربية منها مايلي :
قصائد أولى، دار الآداب، بيروت، 1988.
أوراق في الريح، دار الآداب، بيروت، 1988.
أغاني مهيار الدمشقي، دار الآداب، بيروت، 1988
قالت الأرض،
وقت بين الرماد والورد،
كتاب الحصار
كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل، 
دار الآداب، بيروت، 1988.
المسرح والمرايا، دار الآداب، بيروت، 1988.
وقت بين الرماد والورد، دار الآداب، بيروت، 1980.
هذا هو اسمي، دار الآداب، بيروت، 1980.
منارات، دار المدى، دمشق 1976.
مفرد بصيغة الجمع، دار الآداب، بيروت، 1988.
كتاب القصائد الخمس، دار العودة، بيروت، 1979.
كتاب الحصار، دار الآداب، بيروت، 1985.
• شهوة تتقدّم في خرائط المادة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1988.
• احتفاءً بالأشياء الغامضة الواضحة، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أبجدية ثانية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1994.
• مفردات شعر، دار المدى، دمشق 1996.
• الكتاب الاول، دار الساقي، بيروت، 1995.
• الكتاب الثاني دار الساقي، بيروت، 1998.
• الكتاب الثالث دار الساقي، بيروت، 2002.
• فهرس لأعمال الريح، دار النهار، بيروت.
• أول الجسد آخر البحر، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تنبّأ أيها الأعمى، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تاريخ يتمزّق في جسد امرأة، دار الساقي، بيروت، 2007.
• ورّاق يبيع كتب النجوم، دار الساقي، بيروت، 2008.
• الأعمال الشعرية الكاملة، دار المدى، دمشق، 1996.
الكتاب الخطاب الحجاب 2009.
اما في مجال الدراسات فقد اصدر العديد من الكتب اهمها :
• مقدمة للشعر العربي، دار الفكر، بيروت، 1986.
• زمن الشعر، دار الساقي، بيروت، 2005.
• الثابت والمتحول، بحث في الإبداع والإتباع عند العرب،
. رمز الشعر،
. الصوفية والسريالية، 
. النظام القرآني وآفاق الكتابة.
. تأصيل الأصول،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الديني،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الشعري،دار الساقي، بيروت، 2001.
• فاتحة لنهايات القرن، دار النهار، بيروت.
• سياسة الشعر، دار الآداب، بيروت 1985.
• الشعرية العربية، دار الآداب، بيروت 1985.
• كلام البدايات، دار الآداب، بيروت 1990.
• الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت 1992.
• النص القرآني وآفاق الكتابة، دار الآداب، بيروت 1993.
• النظام والكلام، دار الآداب، بيروت 1993.
• ها أنت أيها الوقت، (سيرة شعرية ثقافية)، دار الآداب، بيروت، 1993.
• موسيقى الحوت الأزرق، دار الآداب، بيروت، 2002.
• المحيط الأسود، دار الساقي، بيروت، 2005.
كونشيرتو القدس، بيروت - بلومبرغ - باريس تموز
كما قام بترجمة الكتب التالية الى العربية :
• حكاية فاسكو، وزارة الإعلام، الكويت، 1972.
• السيد بوبل، وزارة الأعلام، الكويت، 1972.
• مهاجر بريسبان، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• البنفسج، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• السفر، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• سهرة الأمثال، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• مسرح جورج شحادة، طبعة جديدة، بالعربية والفرنسية، دار النهار، بيروت.
• الأعمال الشعرية الكاملة لسان جون بيرس،
• منارات، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1976. طبعة جديدة، دار المدى، دمشق.
• منفى، وقصائد أخرى، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1978.
• (فهرس لأعمال الريح) دار كشب للشعر، تل أبيب، ترجمة إلى العبرية 
• مسرح راسين
• فيدر ومأساة طيبة أو الشقيقان العدوان، وزارة الإعلام، الكويت، 1979.
• الأعمال الشعرية الكاملة لإيف بونفوا، وزارة الثقافة، دمشق، 1986.
• كتاب التحولات، أوفيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2002.
• الأرض الملتهبة، دومينيك دوفيلبان، دار النهار، 2004.
وقام بالتعاون مع زوجته (خالدة سعيد )باصدار الكتب التالية كمختارات من نتاج الشعراء والادباء الاخرين :
• مختارات من شعر يوسف الخال، دار مجلة شعر بيروت، 1962.
• ديوان الشعر العربي،
1. الكتاب الأول، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
2. الكتاب الثاني، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
3. الكتاب الثالث، المكتبة العصرية، بيروت، 1968.
ديوان الشعر العربي (ثلاثة أجزاء)، طبعة جديدة، دار المدى، دمشق، 1996.
• مختارات من شعر السياب، دار الآداب، بيروت، 1967.
• مختارات من شعر شوقي (مع مقدمة)
• مختارات من شعر الرصافي (مع مقدمة)، 
• مختارات من الكواكبي (مع مقدمة)، 
• مختارات من محمد عبده (مع مقدمة) بيروت، 1983.
• مختارات من محمد رشيد رضا (مع مقدمة)، 
• مختارات من شعر الزهاوي (مع مقدمة
• مختارات من الإمام محمد بن عبد الوهاب بيروت، 1983.
اختم بحثي بهذه السطور الشعرية من شعره :
خَرَجَ الوردُ منْ حوضِه
لملاقاتها،
كانتِ الشمسُ عُريانةً
في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرِها.
هكذا يُولَدُ الحبُّ
في القريةِ التي جئتُ مِنْها.
- 2 -
نهضتُ أسْألُ عَنْكِ الفجْرَ: هَلْ نَهضَتْ؟
رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مرتَسِماً
في كلِّ غصْنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:
جاءَتْ
أمِ الحلمُ أغواني؟ سألتُ ندىً
على الغصونِ، سألتُ الشمسَ هَلْ قَرأَتْ
خُطاكِ؟ أينَ لمسْتِ البابَ؟
كيفَ مَشى
الى جوارِكِ ورْدُ البيتِ والشجرُ؟
أكادُ أشطرُ أيّامي وأنْشَطِرُ:
دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا - ورقٌ
يجرُّهُ في هَشيمِ العالَمِ الشَّررُ.
- 3 -
صامتٌ ليلُنا.
مِنْ هُنا زهرٌ ينحني
مِـنْ هنـالك ما يُشبـه التَّلَعثُمَ.
لا رَجَّةٌ. لا افْتِتانْ.
ليلُنا يتنهّد في رئتَيْنا
والنوافذ تُطبِق أهدابَها.
- تقرأين؟
- ضع الشايَ. ضوءٌ
يتسرّبُ مِنْ جسدينا الى جسدينا
ويغيّر وجْهَ المكانْ.
- 4 -
هكذا - في عناق الطّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ
لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ، - عَفْوَ أعضائِنا،
ننتهي، نَبْدأُ.
جسدانا
كوكبٌ واحِدٌ.
نتبادَلُ أحزانَنا
نتبادل أحشاءَنا،
جسدانا دَمٌ واحِدٌ.
نحن صِنْوانِ في الجرحِ، مفتاحُ أيّامِنا
ومفتاحُ أفراحِنا وأَحزانِنا،
جَسدانا.
- 5 -
فَكَّتِ الأرضُ أَزْرارَها، وسارَتْ
حُرَّةً في خُطانَا،
عندما سألَتْنا وقلنا:
نعرف الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا
طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنَا
فتنةَ القمر المتشرّد في طَمْثهِ بأوجاعِنا،
ورسَمْنا
كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،
بتقاطيعِنا.
هي ذي أرضُنا، -
نتوقّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه
كيفما دُوِّنَتْ
في دفاتر أيّامِها.
- 6 -
نَهَرٌ - مِنْجَمٌ
نهرٌ غامرٌ
يتلبّس أعضاءنا
ويسافر فيها -
يدخلُ البحرُ فيه
تخرجُ الأرضُ منه،
والبقيةُ لا تُفهَمُ.
لا أحدّدُ لا أرسمُ
الدخول الى ليل حبي مضيءٌ
والخروج هو المعتمُ.
.
اميرالبيـــــــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجيةالكيلاني
العراق- ديــــــالى - بلـــــدروز
*******************************

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 202 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

رائد الحواري
الآن · 
الأم والبياض في قصيدة
"أمي"
محمد العصافرة
طبيعة الإنسان تميل إلى الألوان الهادئة، الأبيض والأخضر، وهذا الأمر ينعكس على الأدب، فغالبية البشر تميل إلى الألفاظ الناعمة والسلسة والجميلة، وتعزف عن تلك الصاخبة والقاسية والمؤلمة، المرأة بشكل عام لها تأثير على الكاتب بحيث تحرره من وقع الأحداث وتجعله هادئا، لكن للأم تأثير ومكانه غير مكانة المرأة/الحبيبة، "محمد عصافرة" في قصيدة "أمي" يحدثنا عن هذا الكائن الوحيد والفريد بالنسبة له، يفتتح القصيدة:
"لَأْنتِ حِكَايَةُ التَّاريخِ مَنْ يُنْكِرْ ؟
وَقَدْ سَطَّرْتِ فِيْ صَفَحاتِ مَاضِيْةِ 
وَبَيْنَ سُطُورِ أَمْجَاٍد "
الجمع بين التاريخ والأم يشير إلى البعد الزمني الذي يربط الشاعر بأمه، أيضا يشير إلى العلاقة الإنسانية التي تجمعهما، وبما أن الشاعر يرى في أمه حالة تجسد العطاء، فقد انعكس ذلك على رؤيته للتاريخ من خلال "أمجاد".
إذا كان الأم تمثل المجد، الذي يعطيه دعمنا معنويا، لينظر إلى الحياة بإيجابية وبأمل، فأنه بحاجة إلى ألوان وطبيعية لتقدمه أكثر من الحياة:
" بآمَالٍ بأَحْلامٍ بآلامٍ 
رَبيْعَ العُمْرِ قَدْ أَزْهَرْ
وَبَيْنَ جِنَانُكِ الرَّيْحَانُ 
والرُّمانُ وَالعَنْبَرْ " 
فالبياض كامل ومطلق، وتوحد مع الطبيعة، وأي طبيعة، تلك التي تتألق في الربيع، فتحديد الزمن "الربيع" يعطي دلالة إلى المكانة رفيعة للأم.
هذا عن أثر الأم على الشاعر، فكيف تعمل الأم؟ وما هي انجازاتها على أرض الواقع؟، يجيبنا الشاعر:
" زَرَعْتِ الفَخْرَ في حَقْلٍ 
عَلى وَرْدَاتِ آمالٍ 
وَفَوْقَ جَبينِ غَيْماتٍ 
وَقَدْ حَطَّتْ عَلى سَهْلٍ 
فَصَارَ السَّهْلُ ذا أَخْضَرْ 
وَأَشْرَقَ وَجْهُكِ الحَانِيْ 
بِبَسْماتٍ بِضِحْكاتٍ 
وَقَدْ عَلَّمْتِ أَجْيَالاً 
فَأَضْحَى الجِيْلُ لا يُنْكِرْ 
فَمَنْ ينُكِرْ .؟"
إذن هي تزرع وينجح زرعها ويثمر، ونجد الإختضار في زرعها من خلال "وردات، آمال، غيمات، سهل، أخضر، وأشرقت، الحاني، ببسمات، بضحكات" وهذا الأخضر لم يكن ليحصل دون بركة الأم، دون عملها، فهي التي أحدثت كل هذا الجمال في الطبيعة وفي الشاعر، فجعلته ينظر إلى الحياة من خلالها ومن خلالها أثر عملها المثمر.
بعد كل هذا البياض نجد الشاعر يتجه إلى شيء من الصراع، فيدافع عنها مزيلا أية غباش يمكن أن يصيبها، فيقول:
"وَمَنْ خَانَتْهُ ذَاكِرَةٌ 
فَهذا الأُفْقُ ذا يَشْهَدْ 
وَمَنْ أَعْشَى بِنَاِظِرهِ 
أَو الأَقْلُامُ قَدْ أَمْسَتْ 
تُعانِدُهُ 
فَلمْ يَقْرأْ وَلَمْ يَكْتُبْ " 
وكأن الشاعر يؤكد على نقاء الأم وصفائها وكاملها، بحيث لا يترك مجالا لأحد أن يشكك أو يقلل من مكانتها.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 258 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

السواد الكامل عند
"هارون الصبيحي"
الأدب بالتأكيد يعبر عن الواقع، إن كان يعي الكاتب هذا الأمر أم لا، فنحن المتلقين يمكننا إيجاده، من خلال الفكرة أو من خلال الألفاظ المستخدمة أو من خلال شكل تقديم المادة الأدبية.
الومضات أكثر أشكال الأدب معبرة عن سخط الكاتب على واقعه، حيث أنها تأتي مختزلة ومختصرة، وكأن الكاتب يبدو (مشمئز/قرفان) من الواقع لهذا نجده يختزل كلامة بعدد محدود جدا، فنادرا ما نجد الومضة تأتي بفكرة جميلة أو ممتعة، خاصة عند الكتاب في المنطقة العربية، "هارون الصبيحي" يمثلأحد هؤلاء الكتاب الذين يعبرون عن سخطهم على الواقع من خلال كتابة الومضة.
جاءت الومضة بهذا الشكل:
"بعد منتصف الليل، تخرمش القطة السوداء
على باب بيتي و..
قصص رعب قصيرة جدا"
فهناك اللون السود استخدم مرتين، الليل والقطة، بمعنى أن الكون/الحالة الظلام، ومن يقوم بالحدث، أما على صعيد الأصوات فنجد "تخرمش"، وهنا يأتي العنصر الثاني، الذي يشير إلى الحالة غير السوية يمر بها الكاتب، والعنصر الثالث جاء عن طريق الذاكرة، الثقافة، التراث، فالقصص الرعب بالتأكيد لها حضورها في هكذا موقف، وهنا يكتمل الخناق على "هارون الصبيحي" بحيث (يتأمر عليه) الظرف/الحال والقط والثقافة/التراث، ونجد حالة الخوف وعدم الاتزان حاضرة من خلال الفصل بين المشهد الأول والذي ينتهي عند:
"بعد منتصف الليل، تخرمش القطة السوداء
على باب بيتي و.. "
والمشهد الثاني الذي يبدو لنا منفصلا عن الأول:
" قصص رعب قصيرة جدا"
فيبدو لنا وكأن المقطع جاء عن طريق العقل الباطن، لهذا نجده شبه منفصل عن الأول، وهذا يشير إلى حالة الاضطراب والسواد التي يعاني من الكاتب، وكما أنه غالبا ما يستخدم الحيوان أو لحشرات لتعبر عن حالة الاحتقان التي يمر بها الكاتب، وأكبر مثل على هذا رواية "حين تركنا الجسر" لعبد الرحمن منيف، ورواية مفتاح الباب المخلوع " لراشد عيسى.
من هنا يتوجب علينا أن نقف عند ما يقدم من مواد أدبية لنتأكد بأن واقعنا وواقع كتابنا ليس بالوضع السوي، وإنما وضع في أسوء ما يكون، إن كان على الصعيد الاجتماعي أم الاقتصادي أم الإنساني، أم الوطني/القومي، فهل يعقل أن يصل الكاتب إلى (أرذل العمر) وجميع ذكرياته عبار عن هزائم متلاحقة للعرب، وخنوع للغرب، واحتلال وخراب "القدس وبيروت وبغداد ودمشق وطرابلس وصنعاء، بالتأكد هكذا يجب أن نفهم الظرف/الحالة التي كتب بها "هارون الصبيحي" الومضة.
جاءت الومضة بهذا الشكل:
"بعد منتصف الليل، تخرمش القطة السوداء
على باب بيتي و..
قصص رعب قصيرة جدا"
فهناك اللون السود استخدم مرتين، الليل والقطة، بمعنى أن الكون/الحالة الظلام، ومن يقوم بالحدث، أما على صعيد الأصوات فنجد "تخرمش"، وهنا يأتي العنصر الثاني، الذي يشير إلى الحالة غير السوية يمر بها الكاتب، والعنصر الثالث جاء عن طريق الذاكرة، الثقافة، التراث، فالقصص الرعب بالتأكيد لها حضورها في هكذا موقف، وهنا يكتمل الخناق على "هارون الصبيحي" بحيث (يتأمر عليه) الظرف/الحال والقط والثقافة/التراث، ونجد حالة الخوف وعدم الاتزان حاضرة من خلال الفصل بين المشهد الأول والذي ينتهي عند:
"بعد منتصف الليل، تخرمش القطة السوداء
على باب بيتي و.. "
والمشهد الثاني الذي يبدو لنا منفصلا عن الأول:
" قصص رعب قصيرة جدا"
فيبدو لنا وكأن المقطع جاء عن طريق العقل الباطن، لهذا نجده شبه منفصل عن الأول، وهذا يشير إلى حالة الاضطراب والسواد التي يعاني من الكاتب، وكما أنه غالبا ما يستخدم الحيوان أو لحشرات لتعبر عن حالة الاحتقان التي يمر بها الكاتب، وأكبر مثل على هذا رواية "حين تركنا الجسر" لعبد الرحمن منيف، ورواية مفتاح الباب المخلوع " لراشد عيسى.
من هنا يتوجب علينا أن نقف عند ما يقدم من مواد أدبية لنتأكد بأن واقعنا وواقع كتابنا ليس بالوضع السوي، وإنما وضع في أسوء ما يكون، إن كان على الصعيد الاجتماعي أم الاقتصادي أم الإنساني، أم الوطني/القومي، فهل يعقل أن يصل الكاتب إلى (أرذل العمر) وجميع ذكرياته عبار عن هزائم متلاحقة للعرب، وخنوع للغرب، واحتلال وخراب "القدس وبيروت وبغداد ودمشق وطرابلس وصنعاء، بالتأكد هكذا يجب أن نفهم الظرف/الحالة التي كتب بها "هارون الصبيحي" الومضة.
بعد كتاب المقال، أرسل لي الصديق الكاتب "هارون الصبيحي" توضيحا جاء فيه: " رائد شطح بك الخيال بعيدا هذه المرة. المنشور ليس ومضة ولا نص أدبي. هو مقطع من خيالي ودعوة لكتابة قصة رعب قصيرة جد. وهي برأيي اصعب انواع القصة. من ناحية اخرى الكاتب لا يعبر عن سخطه ولا هو حانق بل هو يقص الواقع وما خلف الواقع باسلوبه الأدبي و احيانا هو لا يعبر عن رأيه بل عن رأي الشارع. تحيتي"
من باب الأمانة الأدبية اقتضى الأمر أن أشير إلى هذا الأمر، أننا نحن القراء ـ احيانا ـ يأخذنا خيالنا بعيدا، فنعكس ما نمر به من أزمات ونحملها/نسقطها على النص الأدبي وليس العكس.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 128 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

كل الشكر و التقدير للأستاذة تماضر وداعة و د.د. صاحب خليل ابراهيم و منتدى طريق الابداع على هذا التقديم الرائع
أديب في اسطري المتواضعة
الشاعرة المغربية / أمينة الوزاني
اعداد / تماضر وداعة.
الشاعرة المغربية أمينة الوزاني هي سليلة عائلة مناضلة لها اسمها الكبير في المغرب، وقفت بقوة بوجه المستعمر الفرنسي من أجل حرية الوطن والانسان. فاكتسبت الوزاني من أجدادها القوة والحزم فكانت مناضلة من نوع خاص تقاتل بحروفها وكلماتها من أجل الإنسان ومايعانيه .
امينة الوزاني كتبت أغلب الأجناس الإبداعية الأدبية لكنها عرفت بشكل اكبر في مجال الشعر
اكتسبت جرأتيهابالوراثة فعائلتيها كانت لها حضوة عند ملوك الدولة العلوية و من تكون له الحضوة يكون متحررا في أرائه فمن حب السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام لجديها نظم فيه قصيدة مدح و هذه سابقة في أن يمدح ملك شاعر و عالم .. القصيدة موجودة بكتاب “أعلام المغرب”
اما هي فكتبت الشعر لكل الامة العربية وشاركتهم محنهم وحروبهم وثوراتهم فكتبت لبغداد هذه القصيدة.
إيه..بغداد
إيه .. بغداد السلام..!
تكابدين في صمت
كل هذه الأحزان
كل هذه الآلام
أين أيامك؟!
أين لياليك؟!
من صيت
يعجل في قلب العاشق
لحظة اللقاء
الى عروس
بثوب عرسها
تتلظى
في نار الاحتراق
تكابرين
و لا تلفظين
ابنا عاق
أم رحيمة
و أبناء جاحدين
يتمسحون أخطاءهم بالدين
ألا .. إن الجنة تحت أقدامك
فاللعنة على أبنائك
الضالين..!
للشاعرة (امينة الوزاني) سيرة ذاتية مشرفة حاولنا اختصارتها :
أمينة الوزاني شاعرة
و كاتبة مغربية تعمل في مجال التربية و تعليم
* ناشطة جمعوية وعضوة ناشطة في جمعية حقوق الطفل و مهتمة بمجال الطفولة والشباب
* نشرت أول قصيدة بجريدة الميثاق الوطني و هي في مرحلة التعليم الاعدادي.
* حصلت على الجائزة الثالثة في الشعر العمودي للشعراء الاقل من ثلاثين سنة على صعيد المغرب سنة 98 .
* شاركت بعدة ملتقيات شعرية داخل و خارج المغرب .
* صدر لها ديوان بعنوان"على حافة الصمت" عن دار افاق للدراسات و النشر بمراكش
* كتبت مسرحية مخطوطة بعنوان"الخذلان"نشرت لجريدة الميثاق الوطني على حلقات
* لها مجموعة قصصية مخطوطة بعنوان"لمن تأمن الفراشات" نشرت اغلب قصصها في الصحف
كتبت ثلاث قصص اطفال قيد النشر و عدة مقالات سياسية و اجتماعية نشرت بصحف مغربية و عربية
* * *
ومن قصائدها ايضا :
في وطني الحزين
أطفال يتضرعون
ذكور يتعدون المجامع
و رجالل قليلون
يعدون على رؤوس الأصابع
كل الوجوه أقنعة
تسقط دونما عناء
قناع خلف قناع
الرجولة لا تشترى ،
و لا تباع
الرجولة ثوب يستر
كل عاريات الزمن
الرجولة دماء نقية
تطهر خبث مومسات الوطن
الأحلام باتت
سفنن بلا أشرعة
تتقادفها الأمواج
فيا كل النساء
احلمن أحلاما
لا تسع رجالا
فكل الرجال
غادروا الديار باكرا
و كل الذكور
غادرون ونواة مواجع
التاريخ لا يكرر أسماء رجاله
التاريخ يكرم أبطاله
التاريخ يعز
التاريخ يذل
قيس واحد
جميل واحد
عمر واحد
هارون واحد
ابن تاشفين واحد
صلاح الدين واحد
القبيلة لن تظل بلا حراس
القبيلة أمانة
فلا تحزنن يا كل النساء
لا تحزنن إن عنترة مات
و لا تهجرن المضاجع
المساوات حق
فيكفيه ذلا
من طواعية
عن الركب تراجع...؟!./.
كتب عنها الناقد (بلعوم مصطفى) دراسة نقدية فقال
----
إنها مجرد مساءلة على مشارف سؤال منفلت من اللغة بضرورة الوجود. المساءلة فعل لغوي جواني لا مرسل إليه غير الذات ذاتها ولا تنتظر جوابا أو استجابة والسؤال فعل لغوي له مرسل إليه براني
في المطلق يجري وراء احتمالات الإجابات.
الشاعرة أمينة الوزاني في مساءلة تغيب السؤال لا سيما وأنها " في لحظة انتظار"مع "الأقدار".
لماذا ؟ لسببين : أولهما أن السؤال حول القدر هو في حد ذاته تحصيل حاصل بما أن القدر حتمية غير خاضعة للسؤال ولكن للمعاينة، كما نرى في النص الذي يلتجئ إلى " كيف" عِوَض " لماذا ". ثانيهما، أن " قدر" الشاعرة له مقولات محددة : الغدر/الزمن/الوجود المفارقاتي. مالذي يجعل من النص مساءلة تغيب السؤال الذي لا تقدر الذات
على صياغته؟ وكيف نتبين ذلك في النص؟
مفتاحان : مفتاح تيبوغرافي ومفتاح لغوي.
المفتاح التيبوغرافي يتجلى في :
١- كيف،
يقطف الورد
شهوة
من جنان
ويجاور تماثيل من أحجار ..؟!
٢- كيف، الغدر
لازم
ظلي
حتى في انكساري..؟!
٣- كيف،
ليلي
شابه
بنهاري ..؟!
٣- كيف
الزمن
يتسرب بين الأصابع كالماء
الرقراق
خلسة
وأنا أغفو
في لحظات انتظاري..؟!
مفتاح المساءلة هنا ليس في اللفظة التي تؤثت النص ولكن في استعمال أداتين تيبوغرافيتين:؟!.
تبدأ المقاطع الثلاتة ب " كيف " لتنتهي ب (؟!).
علامة استفهام وتعجب في ذات الوقت، يحولان الصيغة السؤالية ( كيف) إلى صيغة استنتاجية على شكل مساءلة تعجباتية ينتفي فيها السؤال الذي لا خيار له غير أن ظل في حيّز " القوة": إنه تعجب مما لا يمكن طرح السؤال حوله، أي سخرية في أقصى فظاعتها من الوجود وليس من القدر الذي من حيث هو كذلك يظل مقولة ترمي إلى " تحصين" مفعول الحدث بعد حدوثه إذ ما حدث حدث ولا مناص من حدوثه؛ سخرية من هذا "الغدر" الذي أصبح " قدرا" يطال حتى " الذات" و " ظلها":
كيف، الغدر
لازم
ظلي".
المفتاح اللغوي يتجلي في " ياء المتكلم" المرتبطة ب " الأقدار ":
١- أتلظى
في جحيم
الشوق
فأعاتب أقداري
٢-
آه .. من أقدار ..
إنها معاتبة حيث ياء المتكلم منشطرة بين جوانية مساءلتها ( أقداري) وحتمية السؤال الذي يهرب من المسكوت عنه بين " آه ) و ( أقدار )..
لعبة القدر هي تحصيل حاصل لما يحصل عليه مِن مفعوله، اَي غياب أية معادلة له، لأنه يجهل الممكن والمحتمل بما أنه فعل يتحقق في غياب كل قياسات وقبليات تخضع إما للزمن أو للمكان أو هما معا.
* * *
.اما في احد اللقاءات الصحفية ردت بأدب وتواضع وحنكة عن هذا السؤال
.س/عشت في أجواء ثورية بين عائلة ناضلت من أجل حرية المغرب وأهله. هل أثرت هذه الأجواء وهذه البيئة على نشأتك ومسيرتك الشعرية؟
ج/ طبعا أثرت و بشكل كبير في تكويني النفسي اولا و من خلاله في تجربتي الشعرية و لو اني لم اعش اللحظة و إنما عشتها عن طريق الحكي من طرف أعمامي ، و خالاتي ، و البعض منه من والدتي أقول البعض لأنها كانت صغيرة في السن و لم تعش الاحداث كلها و والدي هو الآخر توفي بعد مولدي بأربع سنوات فالأحداث كانت ما بين 1912 و 1956 و انا من مواليد السبعينيات اهم شيء تعلمته من تاريخ عائلتي النضالي ضد المستعمران يكون لي مبدأ و كرامة و رأي لا اتنازل عنه أبدا و أن احب وطني و امتي دون انتظار مقابل فعائلتي دخلت النضال غنية و ذات شأن و بمكانة علمية و اجتماعية كبيرة وخرجت منه خالية الوفاض، مطموسة الهوية و التاريخ فلم يتمتع ابناؤها حتى بمزايا بطاقة مقاوم التي تمتع بها في المغرب الحابل والنابل ومع ذلك لم يؤثر ذلك في حبها للوطن وولائها له ولانتمائها
تميزت قصائديها بالإحساس الصادق وعدم التصنع رصدت هموم الذات و المجتمع العربي بكل مصداقية و عفوية و دونما تنميق
خلف الجدران
خلف الجدران
أجلس ،
و فنجان قهوتي
في يدي
أحتسي نخب النسيان
أحصي الأيام
على أضواء خافته
تخبئ أشباحا لا تنام
و لهيب مدفأتي
يوغل في روحي
حسرة
ترسم على وجهي
تجاعيد
بعمق ععمر الزمان
هذه أحلامي
أطويها ،
و هذه أيامي
أثنيها ،
أحضنها ،
بلهفة المذبوح أحضنها ،
و أتردى
أعبر المسافات
أعبرها
من الماء ،
إلى الماء
و يخيب الرجاء..!
* * *
جاءت من ارث تاريخي عريق، اجتمع مع وداعة الطبيعة ليفجر فيها انهاراً من العطاء والإبداع،…
وقدرة هائلة على الخلق، فاصبحت مجالات الإبداع لديها متعددة، من التدريس الى الرسم والى الاهتمام بالطفولة والجمعيات الخيرية .
شعرها كلفحة شمسمغربية مراكشية أو عبير عطر ليمون أو عبق ياسمينة في يوم ربيعي ...إنها شهقة القلم النابض بالحقيقة.
هكذا اكون قد سطرت لمحة مختصرة عن اديبتنا لهذا اليوم الاستاذة الشاعرة أمينة الوزاني في اسطري المتواضعة.
شكرا لكم ولمتابعتكم القيمة.

magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 174 مشاهدة
نشرت فى 26 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

557,514