موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية في القتل العمد مكتب البسيونى عبده

edit

 

2-يشترط لقيام جريمة إخفاء جثة أن يتحقق مع ارتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الاقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفائها عن أعين السلطات.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1058

جلسة 3 من نوفمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعى، أنس عماره، فرغلى زناتى نواب رئيس المحكمة وهانى عبد الجابر.

(176)
الطعن رقم 13157 لسنة 71 القضائية

(1) إخفاء جثة. جريمة "أركانها" حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
يشترط لقيام جريمة إخفاء جثة أن يتحقق مع ارتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الاقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفائها عن أعين السلطات.
إدانة الحكم المطعون فيه للطاعن لقيامه بإلقاء الجثة بمكان مطروق للعامة. يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالبراءة. علة ذلك؟
(2) نقض "أثر الطعن".
من لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية. لا يفيد من نقض الحكم.
1 - لما كان نص المادة 239 من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أن يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفاء الجثة عن أعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم من أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة فى الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر قيه القصد الجنائى فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أى نص عقابى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفى يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله فى الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.
2 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر فى الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية التى صدر فيها ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن فيه بالنقض فلا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر فى قضية الجنحة قاما بإخفاء القتيل وذلك بإلقائها فى مكان معزول بالطرق العام. وطلبت عقابهما بالمادة 239 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح..... قضت حضوريًا للأول وغيابيًا للثانى وعملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتى جنيه لإيقاف التنفيذ.
استأنف المحكوم عليه الأول ومحكمة....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

 

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء جثة قتيل قد شابه القصور فى التسبيب وأخطأ فى تطبيق القانون إذ رد بما لا يصلح ردًا على دفعه بانتفاء ركن الإخفاء، وعدم توافر القصد الجنائى اللازم لقيام الجريمة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت فى الدعوى بقوله: وبسؤال........ (الطاعن) بمحضر الضبط والتحقيقات أنكر ما نسب إليه وقرر بأنه تربطه علاقة صداقة وقد اتفقا على أن يتقابلا بمدينة الإسكندرية لحجز موعد كشف عند أحد الأطباء لزوجة....... حيث تعانى من آلام الصداع وقد تقابلا وتوجها إلى سيدة تدعى...... بمنطقة....... وطلبت....... منه مبلغ مائة جنيه قام بإعطائها لتلك السيدة وطلب منها مخدر الهيروين وبعد إحضار مادة المخدر له قام بإخراج سرنجة من ملابسه وحقن نفسه بالمخدر وسقط مغشيًا عليه ظل فى غيبوبة إلى أن توفاه الله، وفى الفترة التى ظل فيها فى غيبوبة حاول إنقاذه بالخروج لإحضار طبيب له أن تلك السيدة ومن معها من رجال قاموا بمنعه من الخروج وبعد ذلك أحضروا له سيارة أجرة تم نقل الجثة فيها وتوجه هو سائق السيارة الأجرة إلى مدينة طنطا حيث تقابلا مع صديق لهما يدعى...... وبعد إفهامه بما حدث تهرب منه المدعو...... قام هو وسائق السيارة الأجرة بالبحث عن مكان مظلم حتى تم التخلص من الجثة وحيث أنه بسؤال..... بالتحقيقات قرر أنه صديق لكل من المتهم...... والضابط المتوفى جمال..... وبتاريخ الواقعة فوجئ بحضور........ وطلب منه نقل جثة صديقهما......... إلى أهليته وبعد إخباره بسبب الوفاة رفض ذلك وتركه وانصرف وحيث أنه بسؤال....... سائق السيارة الأجرة بالتحقيقات قرر أنه بتاريخ......... قام أحد الأشخاص باستيقافه وطلب منه توصيل أحد المرضى إلى مستشفى المركز الطبى وتم وضع المريض فى السيارة واستقل السيارة الأجرة........ وآخرين انصرفا فى الطريق وقد أفهمه الأول بأنه ضابط شرطة وبأن المريض ضابط شرطة وأطلعه على البطاقات العسكرية الدالة على ذلك ثم قام بعد ذلك بتهديده بسلاح وطلب منه التوجه إلى طنطا وأعطاه مائة جنيه مقابل ذلك وعند وصولهم إلى مدينة طنطا تقابل المتهم مع...... صديق له ويدعى...... ودار بينهما حديث ثم انصرف المدعو وطلب منه الضابط المتهم بعد ذلك السير بالسيارة فى انحاء مدينة طنطا حتى وصلا إلى مكان مظلم قام المتهم بعد ذلك بالتخلص من الجثة بإلقائها بالطريق وطلب بعد ذلك العودة إلى مدينة...... وفى الطريق أخبره - بحقيقة الواقعة وطلب منه فى حالة حصول تحقيق إنكار معرفته به. وحيث إنه بسؤال........ زوجة المتهم المتوفى شهدت بالتحقيقات بأن زوجها كانت تربطه علاقة صداقة بالمتهم....... وقد اعتاد كل منهما تعاطى المواد المخدرة وقد توجها سويًا إلى الإسكندرية فى يوم حدوث الواقعة - بعد أن أخبرها زوجها أن سبب سفرهما شراء بعض المخدرات للمتهم..... وتأخر زوجها فحاولت الاتصال..... الذى أنكر سفره مع زوجها المتوفى مما جعلها تتشكك فى الأمر. وحيث إنه بسؤال المتهمة...... وشهرتها...... بمحضر الضبط أقرت بالواقعة. وخلص إلى إدانة الطاعن والرد على دفاعه بإنتفاء الجريمة وتخلف القصد الجنائى فيها بقوله وكانت التهمة ثابتة قبل المتهم أية ذلك أنه قام بوضع الجثة وبإخفائها أمام سور سوق الجملة وتركها ثم عاد إلى مدينة...... إذ أنه يتعين عليه قبل أن يضعها فى هذا المكان أن يبلغ جهات الاختصاص منذ الوهلة الأولى أثناء نقلها من الإسكندرية ما يربوا على أربع ساعات وهو يعلم أن الجثة جثة قتيل فالركن المادى للجريمة يتحقق متى حصل الدفن والإخفاء وأن المتهم قام بإخفاء جثة القتيل أمام سوق الجملة وبجوار مقهى بالسوق خاصة المزارعين حسبما جاء بتحقيقات النيابة العامة وحسبما جاء بأقوال المتهم الثانى سائق السيارة - والركن الثانى هو دون إخبار جهات الاختصاص وهو أيضًا متوافر فى حق المتهم فالمتهم لم يبلغ جهات الاختصاص رغم وجود ساعات من الوقت للإبلاغ إلا أن المتهم لم يقم بالإبلاغ أو إسعافه ولا ينال من ذلك ما قرره المتهم من أن..... وآخرين منعوه من الإبلاغ أو إسعافه بحجة المساءلة بوصفه ضابط شرطة والقتيل ضباط شرطة، وأنه كان والسائق بمقدورهما أن يقوما بالإبلاغ من الإسكندرية فى حينه إلا أنه قام بالتوجه إلى مدينة.... ومكث بها أكثر من أربع ساعات وقابل من يدعى....... ثم قام بعد ذلك بوضع الجثة أمام سور سوق الجملة وتركها بعد أن وضع الكارنيه الخاص بالمتوفى ورخصة القيادة بجواره وتركه دون الإبلاغ ثم عاد إلى مدينة الإسكندرية حسبما جاء بأقوال المتهم والمتهم الآخر سائق السيارة وبعد ذلك قام شقيق المتوفى وزوجته بالاتصال هاتفيًا صباح اليوم التالى فأخبرهما بأنه لم يلتقى بالمتوفى ولم يقم أيضًا بإبلاغهما بما حدث، والركن الثالث القصد الجنائى وهو فعل الإخفاء وهو يعلم أن الجثة جثة قتيل فالمتهم قام بوضع القتيل أمام سور سوق الخضار وتركه وهو يعلم أنه قتيل وأنه فارق الحياة الأمر الذى تكون معه التهمة ثابتة قبل المتهم مما يقتضى عقابه بنص المادة 239 عقوبات والمادة 304/ 2 أ. ج لما كان ذلك، وكان نص المادة 239 من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أن يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجانى إلى إخفاء الجثة عن اعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم من أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة فى الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر قيه القصد الجنائى فى الجريمة التى دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أى نص عقابى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفى يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله فى الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه وذلك دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر فى الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفًا فى الخصومة الاستئنافية التى صدر فيها ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن فيه بالنقض فلا يمتد إليه أثره.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 145 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2020 بواسطة basune1

   جريمة إخفاء جثة

” لما كان المراد بإخفاء جثة القتيلة هو كل نشاط يبعد به الجانى الجثة عن نظر السلطات العامة بحيث لا تستطيع أن تعاينها ولا يتطلب القانون أن يكون من شأن نشاط الجانى إبعاد الجثة عن نظر السلطات العامة على نحو دائم بل يعد الركن المادى متحققاً إذا كان الإبعاد على نحو مؤقت عارض بحيث منع السلطات من اتخاذ الإجراءات اللازمة للكشف عن الحقيقة في الوقت الملائم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مؤدى اعتراف المتهم الأول وأقوال المتهمين الثلاثة وشهادة ضابط الوقعة ومجرى التحريات أنه عقب تحقق واقعة قتل المجنى عليها والتى فوجئ بها المتهمون الثلاثة الأخرون قاموا بتوثيق الجثة بيدها وقدميها ثم وضعوها داخل بطانية وأحكموا إخفائها بداخلها بتوثيق الغطاء عليها ثم قاموا بنقلها إلى السيارة الأجرة التى أحضرها المتهم الثانى ووضعوا جثة المجنى عليها بداخلها ثم قاد المتهم الثالث هذه السيارة وبجواره المتهم الأول حتى ألقيا بها بمكان العثور عليها وكان ذلك بقصد إبعاد جثة المجنى عليها عن نظر السلطات العامة وإبعاد هذه السلطات من كشف الحقيقة ولو مؤقتاً ومن ثم فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت لها أركانها قبل المتهمين جميعا الأول والثالث باعتبارهما القائمين بفعل الإخفاء والثانى والرابع باعتبارهما قد اشتركا في هذا الفعل بالاتفاق مع باقى المتهمين ومساعدتهما في القيام به وكان ما قام به المتهمون الثلاثة الآخرون من إخفاء جثة المجنى عليها كان بقصد إعانة المتهم الأول من الفرار من وجه القضاء وكان الشارع لم إخفاء جثة 26 يضع نص المادة 145 من قانون العقوبات إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقبا عليها فكافة الطرق التى بينتها هى أفعال إعانة للجانى على الفرار ما لم يكن في ذاته مكونا لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوم أما ما كان من هذه الأمور يعاقب عليه القانون فلا ينطبق عليه هذه المادة ، ذلك أن المراد من عبارة ” وإما بإخفاء أدلة الجريمة ” الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه ، أما إذا كان الإخفاء مكونا في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التى يقرر لها القانون عقابا خاصا وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة ـ لم يبعث عليه أولا وبالذات سوى إعانة الجانى على الفرار من وجه القضاء ـ ليس البتة مما قصده الشارع بعبارة ” وإما بإخفاء أدلة الجريمة ” بل إن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانونى الخاص بها ، وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في القانون وفى آن واحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليه . لما كان ذلك ، فإن ما قام به المتهمون الثلاثة الآخرون يشكل في مقام التكييف القانونى للاتهام جريمتى إخفاء جثة المجنى عليها وإعانة المتهم الأول عى الفرار من وجه القضاء المؤثمتين بنص المادتين 145 ، 239 من قانون العقوبات مع توقيع عقوبة الجريمة الأشد للارتباط بين التهمتين إعمالاً لنص المادة 32 من قانــون العقوبات “.

” الدوائر الجنائية – الطعن رقم 61363 / 76 بتاريخ 19-1-2010

 

 عدم العثور على جثة المجني عليها. غير قادح في ثبوت جريمة القتل

وقررت محكمة النقض في حكمها

حيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر - إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة.


أولاً: الطعن المقدم من الطاعن الأول:


ينعى الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - والطاعن الثاني - بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وأوقع عليهما عقوبة الإعدام شنقاً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والخطأ في القانون ذلك أنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية من حيث وصف إصابات المجني عليه وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها وكيف أدت إلى حدوث الوفاة ولم يناقش تقرير الخبير الاستشاري واكتفى بإيراد النتيجة سيما وأن التقرير لم يقطع بسبب الوفاة واعتنق صورة للواقعة لا تتفق والعقل والمنطق سيما وأن الأوراق قد خلت من دليل يقيني على تلك الصورة التي اعتنقتها المحكمة أو شاهد رؤيا خاصة وأن شهادة الشهود التي عول الحكم على أقوالهم سماعية فضلاً عن إن المحكمة نقلت عنهم ما ليس له أصل في الأوراق وأن اعتراف الطاعن الثاني مجرد قول متهم على آخر لا يرقى لمستوى الدليل وأطرح دفاع الطاعن الأول في أن الجثة ليست للمجني عليه بدلالة استحالة إجراء المضاهاة بين البصمة الموجودة على صحيفة الحالة الجنائية والبصمة التي قيل أنها أخذت من جثة المجني عليه ذلك أن الأخيرة لا تصلح فنياً لأخذ البصمة منها للتغيرات الرمية التي حدثت بها هذا إلى أن الصحيفة التي قدمتها المباحث مزورة بدلالة ما قررته زوجة المجني عليه من أنها التي قدمتها للشرطة حين قرر ضابط المباحث بالتحقيقات بحصوله عليها من نقابة التجاريين بالقاهرة التي كان المجني عليها عضواً بها - بما لا يسيغ إطراحه وكما أطرح دفاعه باستحالة وضع جثة المجني عليه بحقيبة السيارة عند قيامهما بنقلها إلى مكان العثور عليها بما لا يسوغ إطراحه، ولم ترد على التناقض بين الدليلين الفني والقولي بينما الأداة التي استخدمت في قطع رقبة الجثة ووصف الآثار المترتبة على ذلك، كما عولت على الورقة التي قيل إنها وصية رغم أنها مجرد أقوال احتمالية وعلى تحريات الشرطة رغم أنها مجرد رأي لمجريها كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعن ببطلان القبض لعدم جدية التحريات التي صدر بناء عليها ولوقوعه قبل صدور الأمر به وأن اعتراف المتهم الطاعن الثاني وأقوال الشهود كانت وليدة إكراه، وشقت المحكمة طريقها في مسألة فنية ما كان يجوز لها أن تشق طريقها فيها وهي المنازعة في زمان وقوع الجريمة ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل، كما أن تحقيقات النيابة العامة جاءت باطلة لعدم إخطار نقابة المحاميين وبالمخالفة لنص المادة 51 من قانون المحاماة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.


وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه لخلافات عميقة ونزاع مستحكم وكراهية وبغضاء وعداء سيطر على مشاعر ووجدان الشقيقين المتهم الأول/ ....... بسبب النزاع على ما آل إليهما من ميراث عن والداهما، فقد بيت المتهم الأول/ ....... والمتهم الثاني/ ....... سائق المتهم الأول وتابعه وساعده الأيمن - النية وعقدا العزم على قتل المجني عليه/ .......، وأعد المتهم الأول لذلك عبوة بها إيثر "بنج" كمخدر كما أعدا قطعة من كابل كهربائي "سلك كهربائي" طولها متر تقريباً وفي يوم 17/ 5/ .... قبع المتهمان في انتظار قدوم المجني عليه إلى منزل الأسرة في الميعاد المعتاد قدومه فيه - وكان المتهم الثاني بداخل فناء المنزل والمتهم الأول بشقته بالدور الثالث من هذا المنزل، وعندما حضر المجني عليه حوالي الساعة 1 ظهراً كعادته اليومية ليقبض الإيجار اليومي للمقهى الذي يملكه والكائن بمنزل الأسرة وقدرها 120 جنيه ثم يصعد بعد ذلك لشقة أمه المريضة لزيارتها وعيادتها، وبعد أن دخل المنزل وصعد بعض درجات قليلة من السلم أطبق عليه المتهمان الأول من أمامه والثاني من خلفه وانهالا عليه ضرباً ولكماً، ثم قال المتهم الأول برش سائل إيثري "بنج" من العبوة التي كان قد سبق أن أعدها على وجهه، مما نجم عنه أن فقد المجني عليه اتزانه وبعض وعيه من تأثير الرش بتلك والضرب المبرح وكان قد أطلق صرخة عالية عندما استشعر الخطر وقت أن داهمه المتهمان على النحو السالف وقبل أن يفقد اتزانه وبعض وعيه وصل دويها إلى رواد المقهى والحوانيت المجاورة والمارة ثم قام المتهمان بحمل المجني عليه إلى شقة خالية مجاورة لشقة المتهم الأول، وبعد أن أحضر المتهم الثاني سلسلة حديدية "جنزير" خاص بباب المنزل الحديدي أوثق به وثاق المجني عليه كما كم فاه، ثم أحضر أيضاً حبل من أعلى سطح المنزل أوثق به قدمي المجني عليه، وبعد أن استولى المتهم الأول على حافظة نقود المجني عليه والأوراق التي كان يحملها ومفاتيحه الخاصة، أحضر في شقته المجاورة كيس به سلك كهربائي طوله حوالي متر تقريباً ثم جثم فوق ظهره شقيقه الذي كان مطروحاً أرضاً على وجهه. وقام بخنقه بهذا السلك بأن لفه حول عنقه وأخذ في جذبه من طرفيه بكلتا يديه ولم يتركه إلا بعد تحققه من موته وإزهاق روحه رغم توسلاته لشقيقه بالإبقاء على حياته مقابل أن ينفذ له جميع رغباته ومطالبه، ثم نزع المتهم الثاني ملابس المجني عليه ولم يترك عليه سوى الداخلية ثم انصرف المتهمان من هذه الشقة وتركا الجثة بها لليوم التالي. وبعد أن قام المتهم الأول بصرف بواب المنزل وزوجته وأولاده، قام المتهمان بلف الجثة داخل غطاء سيارة قديم ثم داخل سجادة ووضعاها داخل حقيبة سيارة المتهم الأول وانصرفا، وقام المتهم الثاني بقيادة السيارة وعند منتصف الليل - توجها مستقلين السيارة إلى منطقة برك الخيام ببولاق، وخلف أحد المساجد ألقيا بالجثة وهي داخل غطاء السيارة على الأرض ثم أحضر المتهم الأول من سيارته خنجر ذو حواف مدببة وفصل رأس شقيقه عن باق الجثة لإخفاء معالمها، ثم وضعا الرأس وملابس المجني عليه وحجر كبير داخل كيس وألقيا به أعلى كوبري الجيزة في عرض نهر النيل وقد تبين من آثار الدماء الموجود - بحقيبة هذه السيارة أنها من ذات فصيلة دماء المجني عليه وهي الفصيلة B كما أنه بمطابقة بصمات المجني عليه المأخوذة من صحيفة حالته الجنائية المودعة الملف الخاص به بنقابة التجاريين على البصمات المأخوذة من الجثة آنفة البيان بمعرفة خبراء مصلحة الأدلة الجنائية تبين أنهما متطابقين تماماً، وأنها لشخص واحد هو المجني عليه........ وساق الحكم على صحة إسناد الواقعة إلى المتهمين وثبوتها في حقهما على الصورة آنفة البيان أدلة استمدها من اعتراف المتهم الثاني/ ........ بتحقيقات النيابة العامة وإقراراته بمحاضر الضبط ومن تقريري مصلحة الأدلة الجنائية ومن شهادة كل من.......، .......، .......، ....... ومن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه ومن تحريات الشرطة ومن الشهادة الواردة من جدول نيابة...... وبعد أن حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتفق مع أصلها الثابت بالأوراق - على ما يبين من مطالعة المفردات المضمومة - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مضمون تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه في قوله، وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الجثة لذكر بدون عنق أو رأس في حالة تعفن رمي متقدم وانتفاخ بالصدر والبطن وخروج سوائل من موضع بتر العنق والرسوب الدموي غير واضح لحالة التعفن الرمي المتقدم كما تبين للطبيب الشرعي وجود زرقة سيانوزية بأظافر اليدين وأن طول الجثة بدون الرقبة والعنق 151 سم، وهو في العقد الرابع من عمره وبفحص ظاهر الجثة تبين وجود جزء من جلد جذر العنق تتصل بالصدر عند موضع البتر بأبعاد 4.5 × 12.5 سم، وتبين أنه به وجود حز غائر عن الجلد سطحه داكن اللون ومتسحج بطول 5 سم وعرضه 3 مم وينتهي جانبيه لفقدان الجلد لموضع البتر وقد انتهى الطبيب الشرعي من أن البتر المشاهد بجوار العنق مع الصدر خال من أي انسكابات دموية تشير إلى أن العنق قد تم فصله بعد الوفاة أما الحز المشاهد بجزء جلد العنق المتصل بالصدر والموصوف من وجود حز غائر داكن متسحج يشير إلى حدوث ضغط على العنق بجسم لين خشن السطح أياً كان نوعه ونظراً لوجود تغيرات حيوية حوله فإنه قد حدث قبل الوفاة - وقد ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بشأن فحص عينة من أحشاء الجثة خلوها من المواد السامة والمخدرة ونظراً لفقدان العنق والرأس وما تتضمنهما من آثار إصابية قد تكون السبب المباشر في الوفاة فإنه يتعذر على وجه اليقين الجزم بسبب الوفاة إلا أنه لا يوجد ما يتنافى بجواز حدوث الوفاة من مثل التصوير الوارد بالأوراق من الخنق أساساً ثم فصل الرقبة عقب الوفاة وذلك في تاريخ معاصر لما ورد بالأوراق. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تصويره كما أن الأخذ بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، وكان البين من مدونات الحكم أنه قد انتهى إلى بناء الإدانة على اليقين الثابت بالأوراق لا على افتراض لم يصح. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لتقرير الصفة التشريحية على النحو المار ذكره - يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة. هذا فضلاً أنه لا يؤثر في سلامة الحكم الصادر بالإدانة عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتقرير الصفة التشريحية والتفتت في حدود سلطتها التقديرية عن تقرير الخبير الاستشاري فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض وهي غير ملزمة بأن تتناوله أو ترد عليه استقلالاً طالما أنها لم تأخذ به. لما كان ذلك وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أنه من المقرر أن تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وكان الطاعن لا يمارى في طعنه أن الشهود يتمتعون بسائر الحواس الطبيعية فلا على الحكم إن هو أخذ بشهادتهم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقاً للتصوير الذي أورده وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم تعدي الطاعن على المجني عليه وأنه لم يكن متواجداً على مسرح الحادث وأن مرتكب الواقعة أشخاص آخرين بينهم وبين المجني عليه خلافات سابقة وأن المجني عليه قد تسلم قيمة ميراثه بالكامل عن والده المتوفى وأن صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة جاءت على خلاف مادياتها لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على التشكيك في أن الجثة للمجني عليه ورد عليه بقوله "إنه من المتيقن والمقطوع به أن الجثة التي عثر عليها في المكان الذي حدده المتهم الثاني في اعترافاته بتحقيقات النيابة العامة بأنه هو والمتهم الأول كانا قد ألقيا فيه جثة المجني عليه وذلك بناحية برك الخيام خلف أحد المساجد كما أنه من الثابت على وجه اليقين والذي تطمئن إليه وجدان المحكمة تماماً أن صحيفة الحالة الجنائية المودعة بالملف الخاص بالمجني عليه بنقابة التجاريين بوصفه أحد أعضاءها ويزاول مهنة المحاسبة القانونية والتي كان قد استخرجها سنة 1979 صحيحة وسليمة ولم يمتد إليها العبث وهي التي تم مطابقة بصمات المجني عليه عليها والمأخوذة من الجثة بمعرفة أحد خبراء الأدلة الجنائية بمديرية أمن الجيزة وقد ثبت من هذه المطابقة أن البصمات في هذه الصحيفة وتلك المأخوذة من الجثة متطابقة تماماً وهي لشخص واحد هو المجني عليه........ فضلاً عما ثبت من أن آثار الدماء الموجودة بحقيبة سيارة المتهم الأول وعلى غطاء السيارة القديم الذي لف به المتهمان الجثة هو من الفصيلة B وهي ذات دم المجني عليه وأيضاً تعرف زوجة المجني عليه على جثة زوجها عندما عاينتها وذلك من علامات بها تعرفها خصوصاً طريقة تقليم أظافر يديه والتي أيقنت أن الجثة التي عرضت عليها هي جثة زوجها المجني عليه فإن ما قاله الحكم على النحو المار ذكره سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه. فإن ما يثيره الطاعن من منازعة بشأن مدى سلامة أخذ بصمات من المجني عليه وإمكانية مطابقتها مع بصماته على صحيفة الحالة الجنائية وأن الأخيرة التي أجريت عليها المضاهاة مزورة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير قاضي الموضوع لتقرير خبير البصمات بوحدة الأدلة الجنائية بمديرية أمن الجيزة والذي أخذت به المحكمة واطمأنت إليه وهو من إطلاقاتها ولا معقب عليها في ذلك. هذا إلى أن الثابت من المفردات المضمومة ودفاع الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة أنه لم يسلك طريق الطعن بالتزوير على صحيفة الحالة الجنائية التي تمت إجراءات المضاهاة عليها كما لم يدع أن أحداً منعه من اتخاذ تلك الإجراءات ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل. فضلاً على أنه لا يقدح في ثبوت جريمة القتل عدم العثور على جثة المجني عليه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤيا أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من تلك الجريمة في كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ومن ثم فإن ما يثيره في وجه طعنه من عدم وجود شاهد رؤيا للحادث يكون على غير أساس. لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود والأدلة التي عول عليها في إدانة المحكوم عليهما له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هو الحال في الدعوى المطروحة فضلاً أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الثاني وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بالأقوال التي يدلي بها المتهم في حق نفسه وفي حق آخر - وإن عدل عنها بعد ذلك - متى اطمأنت إلى صحتها وتطابقت للحقيقة والواقع ذلك أن قول متهم على آخر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة ومن ثم فإنه لا محل لتعييب الحكم في تعويله في قضائه على ما قرره المحكوم عليه الآخر. لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعنين لم يثر شيئاً بصدد صدور أقوال الشهود تحت وطأة العنف والإكراه إنما قصارى ما أثبت بالمحضر هو مجرد قول المدافع عن المحكوم عليه الأول أن الشهود مساقين بمعرفة ضابط المباحث وهذا القول لا يحمل معنى العنف والإكراه المدعى بهما فإنه لا يقبل من الطاعن الأول إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن القبض على المتهم قد تم نفاذاً لأمر صادر من سلطة التحقيق حسب الثابت بتحقيقات النيابة العامة ومن ثم فإنه قد صدر وفقاً للسلطات المخولة للنيابة العامة وحقوقها المقررة وهي تؤدي وظيفة قاضي التحقيق ومنعى الطاعن الأول في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الدفع ببطلان القبض لوقوعه قبل صدور الأمر به من السلطة المختصة قانوناً يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الأمر الصادر به أخذاً بالأدلة التي أوردتها المحكمة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المتمثل في أن المجني عليه لم يقتل في التاريخ الذي قال به الشهود وأطرحه في قوله "وحيث إنه بالنسبة لما جاء بدفاع الحاضر مع المتهم الأول من أن التغيرات التي طرأت على الجثة عند تشريحها يوم 20/ 5/ .... تشير إلى أن القتل تم في تاريخ آخر غير 17/ 5/ ...... لأن ما طرأ على الجثة من تحللات وتغييرات عميقة لا يتناسب مع الوقت القصير الذي انقضى بين القتل والتشريح ذلك أن الثابت أن المتهمين الأول والثاني قد قتلا المجني عليه ظهر يوم 17/ 5/ .... أو بعد ذلك بوقت قليل وتركا الجثة في شقة مغلقة لمدة أربعة وعشرين ساعة تقريباً ثم بعد ذلك وضعاها في حقيبة سيارة المتهم الأول لمدة تزيد عن العشر ساعات أي أن الجثة مكثت فترات استطالت لأكثر من أربع وثلاثين ساعة في هذا الوقت من العام الذي يتميز بحرارته الشديدة داخل أماكن مغلقة لا يوجد بها أية تهوية وكان من نتيجة ذلك أن تحللت الجثة بمعدل أكثر من المعدل الطبيعي والعادي وقد ثبت من تقرير إدارة المعامل الجنائية "إدارة تحقيق الأدلة الجنائية" عن فحص سيارة المتهم الأول بتاريخ 19/ 5/ .... انبعاث رائحة كريهة من حقيبة هذه السيارة الخلفية كما تبين وجود كيس من الفحم بها وضعه المتهمان لامتصاص هذه الرائحة الكريهة الناتجة من مكوث وبقاء جثة المجني عليه بهذه الحقيبة مدة تربو على عشر ساعات حتى ألقيا بها في المكان الذي تم العثور عليها فيه فإن ذلك من الحكم قول سديد يسوغ به إطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن هذا إلى أن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السابقة التي أوردها الحكم ومن بينها إقرار المحكوم عليه الثاني بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه وتحريات الشرطة التي اطمأنت إليها المحكمة ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان العبرة في المواد الجنائية هي بالحقائق الصرف لا بالاحتمالات والفروض المجردة وكانت الحقيقة كما اقتنعت بها المحكمة أن المجني عليه قتل بمنزله أسرته ثم أغلقت عليه الشقة لمدة أربعة وعشرين ساعة حيث تم نقله بعد ذلك داخل حقيبة السيارة ثم ألقي بها في المكان المعثور عليها فيه حيث قام الطاعن الأول بقطع رقبة الجثة بسلاح أبيض مدبب فإن دفاع الطاعن بالتناقض بين الدليل الفني واعتراف الطاعن الثاني بشأن طبيعة الآثار التي تركها قطع رقبة جثة المجني عليه والسلاح المستعمل في ذلك يكون دفاع غير منتج في الدعوى وغير مؤثر في مسئولية الطاعن الجنائية لتمام الجريمة التي دين بها والمحكوم عليه الآخر وهي قتل المجني عليه بظروفها كما استخلصتها المحكمة في وقت سابق على ذلك الذي اقترفه المجني عليه فإن ذلك لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية وكان من المقرر أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحقق هذا إلى أن استعمال هذا السلاح لا يستتبع حتماً أن تكون الإصابة الناتجة عنه قطعية بل يصح أن تكون كما وصفها تقرير الصفة التشريحية تأويلاً بالحالة التي كانت عليها الجثة وقت أن وقع عليها ذلك الفعل. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن باستحالة وضع الجثة في حقيبة السيارة وأطرحه بما يسيغ إطراحه فإن منعاه في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الإثبات في المسائل الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إذ جعل القانون في سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه فلا محل لتعييب الحكم لتعويله في إدانة الطاعن الأول على الورقة التي حررها المجني عليه قبل وفاته. كما أن لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من الأدلة فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "...... إذ كان الثابت من الأوراق أن الخلاف والشقاق والكراهية والعداء قد بلغ مداه بين الشقيقين المتهم الأول والمجني عليه بسبب الميراث الذي آل إليهما - وإزاء طمع وجشع المتهم الأول ورغبته الجامحة في الاستئثار بكل تركة أبيه ومنازعة المجني عليه في ذلك فقد عزم على التخلص منه نهائياً بقتله فاتفق مع المتهم الثاني تابعه وسائقه وساعده الأيمن على قتل المجني عليه حسب المخطط الذي أعده فأخذ بذلك عبوة بها سائل "الأيثر بنج" لرش المجني عليه بها لشل مقاومته وإسكات قواه وقطعة سلك كهربائي لخنقه وإزهاق روحه وأعد المتهم الثاني سلسلة حديدية جنزير وحبل لشد وثاق المجني عليه وشل مقاومته تماماً حتى يمكن الإجهاز عليه خنقاً والتخلص منه وما أن ظفر المتهمان بالمجني عليه حتى طرحاه أرضاً على وجهه بعد أن كانا أوسعاه ضرباً ورش المتهم الأول على وجهه السائل فأفقده الاتزان والوعي وشل مقاومته وأسكت قواه وعندئذ جثم على ظهره بعد أن كان المتهم الثاني قد أحكم ربط وثاقه وشل حركته ثم لف المتهم الثاني قطعة الكابل السلك الكهربائي حول عنق المجني عليه وأخذ في جذبه بكلتا يديه قاصداً خنق شقيقه المجني عليه وإزهاق روحه ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد أن أيقن من بلوغه هدفه وتحقيق ما يصبو إليه وهو إسلام المجني عليه للروح وموته وإزهاق روحه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على المار ذكره هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان التحقيقات التي تمت بمعرفة النيابة العامة لعدم إخطار نقابة المحامين بها وإطراحه – بقوله "..... إن الثابت من الأوراق أن السيد وكيل النيابة المحقق وعند استهلاله التحقيق مع المتهم الأول قد عرض عليه إخطار نقابة المحامين لإرسال ممثل لها يحضر التحقيق إلا أنه رفض حضور ممثل النقابة التحقيق الذي تجريه النيابة العامة معه وطلب مباشرة التحقيق معه دون إخطار النقابة". لما كان ذلك، وكانت المادة 51 من قانون المحاماة والتي وردت في الباب الثاني وخصها الفصل الأول من ذلك الباب تحت عنوان حقوق المحامين قد جرى نصها "ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهم بجناية خاصة بعمله أن يحضر أو من ينيبه من المحامين التحقيق" وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن قد طلب عدم إخطار النقابة بالتحقيق معه، وكان هذا الإجراء فضلاً عن أنه تنظيمي ولا يترتب على مخالفته البطلان فإنه مقرر لمصلحة المتهم باعتبار حضور ممثل للنقابة التحقيق يوفر له ضمانة معينة بدلالة ورود النص في الفصل الخاص بحقوق المحامين وتلك الضمانة تتصل بالمتهم وليست متعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنه له طالما أنها مقررة لمصلحته أن يتنازل عنها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون مجرد دفعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم، فإن طعن الطاعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: - الطعن المقدم من الطاعن الثاني: - 


من حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالجريمة سالفة البيان وأوقع عليه عقوبة الإعدام قد شابه خطأ في القانون وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دوره لم يتعد مرحلة الاتفاق على تنفيذ ما أمره به المتهم الأول من قيد المجني عليه لتوقيعه على بعض الأوراق كما أنه كان مكرهاً على القيام بذلك وتحت التهديد بالإيذاء من المتهم الأول، ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تعدل القيد والوصف في شأنه باعتبار أن الواقعة بالنسبة له يحكمها المادتين 280، 281 من قانون العقوبات كما أن اعتراف الطاعن لم يكن نصاً في اقتراف الجريمة إنما كان تقريراً فقط لما أتاه - وأخيراً فقد جاءت تحريات المباحث قاصرة وكاذبة غير مؤيدة بدليل كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر وفقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات أنه يعد فاعلاً للجريمة أولاً: من يرتكبها وحده أو مع غيره - ثانياً: من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي المستمدة منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم مع غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً فيها تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب في جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن تتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد لقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن في ارتكاب جريمة قتل المجني عليه مع الطاعن الأول تحقيقاً لقصدهما المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههما جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه وفوق ذلك. فإنه لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - على النحو المار ذكره - أنه قد اقترف مع الطاعن الأول الأفعال التي أدت إلى وفاته فإنه يعد مسئولاً عن جريمة القتل فاعلاً أصلياً فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس ومنعاه في شأن تعديل القيد والوصف بالمادتين 280، 281 من قانون العقوبات دفعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير ما إذا كان المتهم مكرهاً أم مختاراً فيما أقدم عليه من مقارفته للجرم المسند إليه أمراً موكولاً إلى قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليها ما دام استخلاصه سائغاً لا شطط فيه وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الثاني في هذا الشأن تأسيساً على أنه ليس إلا قولاً مرسلاً غير مؤيد بدليل وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ويكفي للرد على هذا الدفاع فإن ما يثيره الطاعن السالف في هذا الصدد لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن اعتراف المتهم الثاني الذي أخذ به الطاعن الأول قد ورد نصاً في الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع فإنه لا يؤثر فيه عدم اشتماله على أن المحكوم عليه الأول قد هدده لاقتراف ما أتاه من أفعال ساهم بهما مساهمة أصلية في قتل المجني عليه ذلك أنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ومنعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك. وكان باقي أوجه طعن المحكوم عليه قد سبق الرد عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار كما خلا الحكم من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2020 بواسطة basune1

119-تقدير توافر نية القتل أو عدم توافرها. أمر موكول إلى قاضي الموضوع. ما دام استخلاصه سائغاً.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 721

جلسة 17 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(146)
الطعن رقم 995 لسنة 38 القضائية

( أ ) إثبات. "إثبات بوجه عام". جريمة. "إثباتها". سلاح.
جواز إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بما فيها جريمتي إحراز السلاح وذخيرته بكافة الطرق القانونية إلا ما استثنى بنص خاص.
(ب) وصف التهمة. إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد. شروع في قتل.
تعديل المحكمة الوصف من قتل عمد مع سبق إصرار مقترن إلى شروع في قتل مقترن دون تنبيه المتهم أو المدافع عنه. لا إخلال بحق الدفاع.
(ج) قتل عمد. قصد جنائي. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر نية القتل أو عدم توافرها. أمر موكول إلى قاضي الموضوع. ما دام استخلاصه سائغاً.
(د) إثبات. "معاينة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب المعاينة الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته. ماهيته؟
(هـ) جريمة. "سبب الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها.
(و، ز) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
(و) تناقض الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(ز) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم.
1 - الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال. ولما كانت جريمة إحراز السلاح المششخن والذخيرة التي دين بها الطاعنان لا يشملها استثناء. فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات.
2 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تحصيلها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعنين - أخذاً بالقدر المتيقن في حقهما - قد ارتكبا جناية شروع في قتل مقترن بدلاً من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعنين حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى.
3 - تعمد القتل أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع. ولما كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ ويكفي لإثبات توافر هذه النية، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يعدو أن يكون عوداً إلى مناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لا تلتزم المحكمة بإجابة طلب بإجراء المعاينة طالما أنه لا يتجه أصلاً إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة.
5 - سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها.
6 - لا يعيب الحكم تناقض الشهود ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.
7 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 26/ 5/ 1966 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة (أولاً) قتلوا كل من الرائد محمد فكري البنداري والنقيب حمزة عبد القادر الدلبشانى والشرطيين عبد القوي عبد السلام بيومي ومحمد ماشينه فارس عمداً ومع سبق الإصرار بأن تجمعوا بمكان الحادث عاقدين العزم على قتل كل من يعترض سبيلهم أو يحضر إليهم من رجال الشرطة وتسلحوا لهذا الغرض بالعديد من الأسلحة النارية وأعدوا كميات كبيرة من الذخيرة وبادروا بمجرد مشاهدتهم لسيارة إدارة مكافحة المخدرات بإطلاق سيل من الأعيرة النارية عليها قاصدين قتل ركابها فأحدثوا بالمجني عليهم الأربعة الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل كل من النقيب أنور إسماعيل الهواري وعلي عبد الحليم علي وفتحي علي سليمان ومصطفى نصر الدين علي وأحمد الجزار وسلامة عواد سعد عمداً ومع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتل كل من يحضر إليهم من رجال الشرطة وأعدوا لذلك الأسلحة والذخيرة السالف الإشارة إليها وما أن شاهدوا رجال الشرطة بسيارتهم حتى أطلقوا عليهم العديد من الأعيرة النارية قاصدين الإجهاز عليهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم إحكامهم للرماية واضطرارهم للهرب خشية ضبطهم. (ثانياً) أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية) حالة كون كل من المتهمين الرابع والسادس والسابع سبق الحكم عليه بعقوبات مقيدة للحرية في جرائم اتجار بالمواد المخدرة. (ثالثاً) أحرزوا ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون أي منهم مرخصاً له بحيازة السلاح أو إحرازه وطلبت من مستشار الإحالة إحالة جميع المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر بذلك وادعت السيدة زكية حسنين حنتيره - والدة المجني عليه محمد فكري البنداري - مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ عشرة آلاف جنيه. كما ادعت السيدة زينب يوسف أحمد شبل عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم محمد فكري البنداري مدنياً بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه قبل المتهمين متضامنين وذلك على سبيل التعويض مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً بالنسبة إلى المتهمين (الطاعنين) عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1، 2، 32 من قانون العقوبات، 1، 2، 46/ 1 - 2 - 4، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول الثالث قسم أول مع تطبيق المادتين 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الطاعن الثاني، 72 منه بالنسبة إلى الطاعن الأول بمعاقبة أولهما بالسجن لمدة عشرة سنوات ومعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وإحالة الدعويين المدنيتين إلى المحكمة المدنية وذلك على اعتبار أنهما وآخرين في الزمان والمكان سالفي الذكر ( أ ) شرعوا في قتل النقيب حمزة عبد القادر بأن أطلقوا عليه أعيرة من بنادقهم التي كانوا يحملونها قاصدين قتله فأصابه عياران منها وأحدثا به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى وهي أنهم في الزمان والمكان المبينين آنفاً ( أ ) شرعوا في قتل كل من المجني عليهم عبد القوي عبد السلام ومحمد ماشينه فارس والرائد محمد فكري البنداري والنقيب أنور الهواري بأن أطلقوا عليهم أعيرة من بنادقهم التي كانوا يحملونها قاصدين قتلهم فأصاب أربعة من تلك الأعيرة الاثنين الأولين بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما وخاب أثر الجريمة بالنسبة للآخرين الرائد محمد فكري البنداري والنقيب أنور الهواري لسبب خارج عن إرادة هؤلاء المتهمين وهو قفزهما من تلك السيارة قبل إصابتهما (ب) أحرزوا أسلحة نارية بنادق مششخنة وطلقات تلك الأسلحة بدون ترخيص حالة كون اثنين من المتهمين سبق الحكم عليهما بعقوبات مقيدة للحرية في جرائم اتجار بالمواد المخدرة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجناية الشروع في القتل المقترن بجنايات الشروع في القتل الأخرى، قد أخطأ في القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال وقصور في البيان، ذلك بأنه على الرغم من استبعاده ظرف سبق الإصرار من قرار الإحالة لم يبن الأفعال المادية التي آتاها كل منهما على حدة ونسبتها إليه وقيام الدليل على إدانته حتى تصح مساءلته مساءلة شخصية عن الجريمة التي دين بها. هذا إلى أنه دانهما بجريمة إحراز سلاح مششخن وذخيرة على الرغم من عدم ضبط السلاح معهما ودون التحقق من صلاحيته للاستعمال واعتباره مششخناً، كما لم يستظهر الحكم قيام وتوفر نية القتل لديهما، واعتد بأقوال الشاهدين النقيب أنور الهواري وصلاح شحاتة على الرغم من تعارضهما، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف التهمة دون لفت نظر الدفاع، ولم تجبه إلى طلبه إجراء المعاينة لإثبات استحالة وقوع الحادث، وجمعت بين الدليلين القولي والفني على الرغم من قيام التعارض بينهما إذ الثابت من التقرير الطبي أن الطاعن الثاني أصيب من عيار ناري من رجال الشرطة جاوز مدى الإطلاق القريب مما يدل على أنه وزميله كانا بعيدين عن مكان وجود رجال القوة وبما يقطع باستحالة رؤيتهم لهما، وأخيراً فإن الحكم لم يرد على دفاعهما بانعدام الباعث لديهما - على مقاومته رجال الشرطة لعدم سبق صدور أحكام ضدهما وما قرره الشاهد سلامة البرجيل من عدم وجود سلاح معهما - الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى حسبما استقرت في وجدان المحكمة، واستبعد ظرف سبق الإصرار، أثبت في حق الطاعنين أنهما كانا مع باقي الجناة بإقرارهما، وأخذهما بالقدر المتيقن في حقهما، بأن اعتبرهما مرتكبي جناية شروع في قتل مقترن بدلاً من القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن، واستظهر الأفعال التي أتاها كل منهما في هذه الجريمة من إطلاقهما النار عمداً مع باقي الجناة من بنادق سريعة الطلقات على المجني عليهم من رجال شرطة مكتب المخدرات - بقصد قتلهم - فحدثت بأربعة منهم هم النقيب حمزة عبد القادر الدلبشانى والرائد محمد فكري البنداري والشرطيين عبد القوي عبد السلام بيومي ومحمد ماشينه الإصابات المبينة بتقارير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم وأن الطاعنين ألقيا بسلاحيهما بعد أن أصيب ثانيهما من الأعيرة التي أطلقها رجال القوة رداً على المتهمين فحملها باقي الجناة وفروا هاربين وانتهى الحكم إلى أنه لم يتيسر معرفة من الجناة بالذات الذي أتى الأفعال التي أحدثت الوفاة. لما كان ذلك، فإنه يصح في هذه الحالة القول بأخذ الطاعنين بالقدر المتيقن باعتبارهما مرتكبي جناية الشروع في القتل المقترن طالما أنه وقع من كل منهما فعل القتل ولكن لا يعرف على سبيل التحقيق من الجناة أتى الأفعال التي أحدثت الوفاة ويتحقق بذلك قيام وتوافر الأفعال المكونة للجريمة التي دين بها الطاعنين، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها، إلا ما استثنى منها بنص خاص، جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وكانت جريمتا إحراز السلاح المششخن والذخيرة التي دين بها الطاعنان لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعنين من أقوال شهود الإثبات ورؤيتهم لهما يطلقان النار مع بقية الجناة من أسلحة سريعة الطلقات ومما جاء بتقارير الصفة التشريحية من استخراج بعض تلك الطلقات من أحشاء المجني عليهم وضبط كمية منها بمحل الحادث، فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون استدلالاً سائغاً ويكفي لحمل قضائه ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل لدى الطاعنين من الظروف والملابسات التي أوضحها هو تدليل سائغ ويكفي لإثبات توافر هذه النية، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يعدو أن يكون عوداً إلى مناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد محصل شهادة كل من النقيب أنور الهواري وصلاح شحاتة بما لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل إذ لا يعيب الحكم تناقض الشهود ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحصيها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرف سبق الإصرار دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذي انتهت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعنين - أخذاً بالقدر المتيقن في حقهما - قد ارتكبا جناية شروع في قتل مقترن بدلاً من قتل عمد مع سبق الإصرار مقترن، لا يجافي التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعنين حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى طلب الدفاع بإجراء معاينة لمكان الحادث لإثبات أن المتهمين كانوا في مكان منخفض وتحجبهم عن المجني عليهم كثبان مرتفعة من الرمل، ورد عليه وأطرحه استناداً إلى ما استبان له من إجماع الشهود - الذين ارتاح إليهم - والمتهمين أن مسرح الجريمة كان بالأرض المنخفضة وأن كلاً من الفريقين أصبح في مواجهة الآخر وعلى بعد أمتار قليلة منه ولا يفصله عنه فاصل وأن الحادث وقع في حوالي الخامسة مساء في وضح النهار، فإن ما أورده الحكم من ذلك يكون سائغاً ويكفي لتبرير قضائه بعدم إجابة طلب إجراء المعاينة طالما أنه لا يتجه أصلاً إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم نقلاً عن التقرير الطبي في شأن إصابة الطاعن الثاني من أن إصابته النارية جاوزت مدى حدوث الإطلاق القريب لا يتنافى مع ما قرره الشهود من أن تبادل إطلاق النار بينهم وبين المتهمين كان على بعد عدة أمتار قليلة قدروها بخمسة أمتار، إذ هي بهذا القدر تجاوز مدى الإطلاق القريب - الذي قدره الطبيب الشرعي في معرض فحص الآثار التي وجدت بسيارة رجال الشرطة بأكثر من نصف متر - وأثبته الحكم في مدوناته ومن ثم يتلاءم قول الشهود مع ما جاء بالتقرير الطبي ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ولا أساس له، لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض من أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. لما كان ذلك، وكان سبب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها وكان باقي ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعي فلا تلتزم المحكمة بالرد عليه استقلالاً طالما أن الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت في الأوراق، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

118-عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. المصاحبة الزمنية. مقتضاها. تقدير تحققها. موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 1049

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره نواب رئيس المحكمة.

(161)
الطعن رقم 3419 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) قتل عمد "اقتران". عقوبة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره بطريق الإكراه من عدمه. موضوعي.
(4) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب عملاً بالمادة 62 عقوبات.
الحالة النفسية والعصبية تعد من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(5) باعث. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة ليس من أركانها. التفات الحكم عنه. لا يعيبه.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً للمتهم لعدم توكيله محام عنه. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء أو إبدائه طلباً ما في هذا الشأن. مؤداه. صحة إجراءات المحاكمة.
(7) إعدام. عقوبة "توقيعها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نص الحكم على نوع العقوبة المراد تطبيقها. كفايته. طريقة تنفيذ تلك العقوبة. من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم.
عدم ذكر الحكم طريقة تنفيذ الإعدام. لا يعيبه.
(8) إعدام. عقوبة. قتل عمد. سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - إن المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات - فلها بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
4 - إن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
5 - لما كان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون متعلقاً بالباعث على الجريمة والدافع لها وهماً ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه.
6 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً عنه فانتدبت المحكمة له محامياً استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعترض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة.
7 - يكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام.
8 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل..... عمداً بأن طعنه بسكين في عدة مواضع مختلفة من جسده قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أربع أخريات هم أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: 1 - قتل..... عمداً بأن طعنها بالسكين سالف الذكر في مواضع عدة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2 - قتل.... عمداً بأن طعنها بالسكين في مواضع عدة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 3 - قتل..... عمداً بأن طعنه بسكين في مواضع مختلفة من جسده قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. 4 - سرق الحلي الذهبية والمنقولات الأخرى المبينة الوصف بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها..... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها وعلى باقي المجني عليهم بأن طعنهم بالسكين على النحو المبين سابقاً فأعدم بذلك مقاومتهم وتمكن بهذه الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وأدعى..... "والد المجني عليه وآخرون" مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2 - 3، 317/ 1 - 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها (وقيد بجدول محكمة النقض برقم....... لسنة....... القضائية). وهذه المحكمة قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق لتفصل فيها من جديد مشكلة من هيئة أخرى.
ومحكمة الإعادة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن المحكوم عليه....... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه. وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم..... سعياً وراء المال بأية وسيلة ولعلمه بأن المجني عليها.... تحتفظ بحلي ذهبية ومبالغ نقدية عن طريق زوجها المسافر لإحدى الدولة العربية. فقد هداه تفكيره إلى سرقتها وتسلل في حوالي العاشرة من مساء يوم 3/ 11/ 1988 إلى باب مسكنها الذي يفتح من الناحية الغربية على حديقة ووجده موارباً وعندما فتحه أحدث صوتاً خرج على أثره المجني عليه...... لاستطلاع الأمر فشاهد المتهم وتعرف عليه فخشي المتهم افتضاح أمره فأمسك به ودفعه أمامه وفي هذه الأثناء شاهد سكيناً معلقة بصالة المسكن بين أدوات المطبخ فانتزعها ولاحق بها المجني عليه..... والذي تمكن منه أمام باب الحديقة وانهال عليه طعناً بالسكين في أماكن قاتلة من جسمه قاصداً قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ولحظة ذلك خرجت المجني عليها..... تنادي على شقيقها السابق وشاهدت المتهم فأسرع إليها وانهال عليها طعناً بالسكين في أماكن قاتلة من جسمها قاصداً قتلها فأحدث بها إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وبعد ذلك ترامى إلى سمعه نداء المجني عليها...... على شقيقيها السابقين فتوجه إليها بداخل المسكن ووجدها مستلقية بحجرة نومها على سريرها وبجوارها طفلها الرضيع...... - سبعة أشهر - فانهال عليها طعناً بالسكين قاصداً قتلها فأحدث بها جرحاً ذبحياً بأعلى العنق وجروح طعنية نافذة بجوار الصدر أدت لوفاتها وأثناء ذلك ظل الرضيع يصرخ بجوار أمه فصمم المتهم على قتله وإسكاته للأبد حتى لا يحضر أحد على صراخه فطعنه بالسكين في عنقه وصدره قاصداً قتله وسرعان ما فارق الحياة متأثراً بإصاباته بعد نحو أربعة أيام من وقت وقوع الحادث. ولم ترهبه الدماء التي تسبح فيها جثث المجني عليهم بل ظل بالمسكن يعبث بمحتوياته بحثاً عن النقود والحلي الذهبية وقام بخلع فردة قرط المجني عليها من أذنها كما استولى على قطعتين من قماش الستائر وعدد من أشرطة التسجيل. كما وجد منشار وسط عدة للنجارة فأخذه وقام بنشر رقبة المجني عليها...... حتى يتأكد من وفاتها. وفي نحو الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل وبعد أن تأكد المتهم من خلو الشوارع من المارة تسحب في جنح الليل حاملاً معه المسروقات بعد أن تخلص من السكين بإلقائها فوق سطح المنزل ومن المنشار بوضعه داخل صومعة أسفل السلم وأسرع لمسكنه وأخفى المسروقات بداخل دولاب خاص به بحجرة نومه وأحكم إغلاقه بالقفل". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهم أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وأمام قاضي المعارضات وأقوال والده.... وشقيقه..... و..... شقيق المجني عليها..... والمقدم..... الضابط بإدارة البحث الجنائي بالشرقية والرائد...... والنقيب..... رئيس مباحث مركز ديرب نجم بتحقيقات النيابة ومن تقارير الصفة التشريحية ومعاينة الشرطة والنيابة لمكان الحادث، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وقد حصل الحكم مؤداها تحصيلاً وافياً له أصله الثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فأنه لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. ولما كان المتهم قد اعترف بأنه قصد قتل المجني عليهم حتى لا ينكشف أمره ومن استعمال آلات حادة قاتلة بطبيعتها "سكين ومنشار" أخذ يكيل بها الطعنات لكل من المجني عليهم في أماكن قاتلة من أجسامهم سواء كانت الرقبة أو الصدر أو الظهر أو الوجه وكانت من الشدة بحيث نفذ بعضها إلى الأجزاء الداخلية لتجويف الصدر فضلاً عن قيامه بذبح المجني عليهم.... و.... و.... من أعناقهم وما ترتب على ذلك من نزيف غزير حاد وقطع القصبة الهوائية لأحدهم - ...... - حتى تنقطع عنهم سبل الحياة بل إن المتهم فعل ما يفصح بجلاء عن نيته في القتل وذلك بنشره رقبة المجني عليها..... بمنشار كان بالمنزل. كما طعن الطفل الرضيع بالسكين في مقتل من جسمه - رقبته وصدره - ولم يرحمه صغر سنة وحجمه وبكائه وتركه ينزف دمه بجوار والدته الذبيحة كل ذلك يفصح بجلاء عن توافر نية القتل وإزهاق روح المجني عليهم لدى المتهم فضلاً عن أن ما قرره المتهم من بقائه بالمسكن نحو الثلاث ساعات بعد ارتكابه الحادث يعبث بمحتوياته وحتى تخلو الطرق من المارة لا يكون إلا إذا كان متأكداً من قتله المجني عليهم وأنهم جثث هامدة لا حياة فيها حتى لا يترك مجالاً لأي منهم بأن يكون شاهداً عليه". كما دلل الحكم على توافر ظرف الاقتران بقوله: "وحيث إنه عن الاقتران فإنه يكفي لتطبيق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات وقوع أي فعل مستقل عن الفعل المكون لجريمة القتل العمد متميزاً عنه ومكوناً بذاته لجناية أخرى من أي نوع كان حتى ولو كان جناية قتل مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق على النحو السابق بيانه أن المتهم قتل المجني عليهم.... ثم.... ثم.... ثم.... الرضيع..... وكان كل من أفعال القتل سالفة الذكر متميزة كل منها عن الأخرى ومستقلة عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بين كل فعل وجمعتها جميعاً رابطة زمنية بما يتحقق معه معنى الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما سالف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه، فأنه يكون قد أصاب صحيح القانون. وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، وأورد الأدلة السائغة على توافره فذلك حسبه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لاعتراف الطاعن بقوله: - "وكان اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة جاء تفصيلاً محدداً الأفعال التي صدرت منه بأسلوب اليقين الصادق الذي لا يشوبه احتمال الاختلاف أو الكذب ومعطياً صوراً متتابعة للأفعال الحادثة متطابقة مع تقرير الصفة التشريحية في أدق التفاصيل من استعماله للآلة الحادة المستعملة في ارتكاب الحادث ومكان إخفائها إلى مكان الاعتداء على كل من المجني عليهم ومكان سقوطه ومتفقاً مع المعاينة التي أجريت بمعرفة الشرطة والنيابة ومفصحاً عن الأشياء التي قام بسرقتها والإرشاد عن مكان إخفائها وقد تأيد اعتراف المتهم بأقوال والده وشقيقه..... فضلاً عن اعترافه أمام قاضي المعارضات بارتكابه الحادث. كما أن المتهم أو والده أو شقيقه لم يقرر بتحقيقات النيابة أن إكراهاً وقع عليه بل قام المتهم بتمثيل كيفية ارتكابه الحادث على وجه التفصيل في معاينة النيابة التصويرية ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إليه هذا الاعتراف وأنه صدر عن إرادة حرة طواعية واختياراً ويعد اعترافاً صريحاً باقتراف المهتم للجريمة ولا ينال منه عدوله عنه بجلسة المحاكمة والذي لا تعول عليه المحكمة إذ لا يعدو أن يكون دفعاً مرسلاً لما أسند إليه بقصد درء الاتهام عنه وإزاء أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها". وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في نفى أي صلة لاعتراف الطاعن بأي نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات - فلها بهذه المثابة - أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن بجلسة المحاكمة من تعييب اعتراف الطاعن لصدوره في ظروف نفسية معينة وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرها وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جريمته بغير وعي فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان تساؤل الدفاع عن سبب ارتكابه الجريمة لا يعدو أن يكون أمراً متعلقاً بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً عنه فانتدبت المحكمة له محامياً استأجل الدعوى للاطلاع والاستعداد وسماع الشهود فأجابته المحكمة لطلبه وأجلت الدعوى لجلسات تالية ثم ترافع في الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ولم يثبت أن المحكوم عليه اعتراض على ذلك أو أبدى طلباً ما في هذا الشأن ومن ثم فأن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة. لما كان ذلك، وكان يكفي أن ينص في الحكم على نوع العقوبة التي أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعن بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 257 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

217-إدانة متهم بعينه في هذه الجريمة مع نفي سبق الإصرار عنه أو الاتفاق مع الآخرين على القتل. عدم إقامة الدليل على أنه هو الذي أحدث كل إصابات الرأس التي ساهمت في الوفاة.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 1 - صـ 242

جلسة 9 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

(80)
القضية رقم 1867 سنة 19 القضائية

قتل مع سبق الإصرار. تعدد المتهمين. إدانة متهم بعينه في هذه الجريمة مع نفي سبق الإصرار عنه أو الاتفاق مع الآخرين على القتل. عدم إقامة الدليل على أنه هو الذي أحدث كل إصابات الرأس التي ساهمت في الوفاة. استنادها في توفير نية القتل لديه إلى تعدد الإصابات بالرأس وتعدد الكسور فيها. قصور.
إذا رفعت الدعوى على عدة متهمين بقتلهم المجني عليه مع سبق الإصرار بأن فاجأه أحدهم بضربة سيف أصابت رأسه فوقع على الأرض وانهال عليه الباقون بالضرب، فأدانت المحكمة هذا المتهم في جريمة القتل العمد وبرأت الباقين، ونفت عنه سبق الإصرار أو الاتفاق مع الآخرين على القتل ولم تقم الدليل على أنه هو الذي أحدث باقي إصابات الرأس التي ساهمت في الوفاة، فإن استنادها بعد ذلك في توفر نية القتل لديه إلى تعدد الإصابات بالرأس وتعدد الكسور بها، يجعل حكمها قاصراً متعيناً نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 - محمد محمود علام و2 - حلمي محمود علام (الطاعن) و3 - عبد القادر علام محمد و4 - محمود علام محمد بأنهم (أولاً) قتلوا عمداً عدلي عبد الحكيم محمد بأن ضربه كل منهم بآلة حادة (نمشة) على رأسه قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار. (ثانياً) الأول أيضاً شرع في قتل عزيز عبد الحكيم محمد عمداً بأن ضربه بآلة حادة (نمشة) على رأسه قاصداً قتله فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج وكان ذلك مع سبق الإصرار. وباقي المتهمين (الثاني والثالث والرابع) اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن رافقوه إلى محل الحادث يحملون آلات حادة (نمش) موافقين على التعدي فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و45 و46 و40/ 2 - 3 و41 من قانون العقوبات كل فيما يخصه.
فقرر إحالتهم إليها لمعاقبتهم بالمواد المذكورة.
ومحكمة جنايات المنيا بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثاني عن التهمة الأولى فقط وذلك بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار والمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات بالنسبة لباقي المتهمين بمعاقبة حلمي محمود علام بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن التهمة الأولى وببراءته من تهمة الاشتراك والشروع في قتل عزيز عبد الحكيم وببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

 

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بالقتل العمد جاء باطلا لتناقض أسبابه وفي بيان ذلك يقول إنه اتهم وآخرون بالقتل مع سبق الإصرار فاستبعدت المحكمة هذا الظرف المشدد واستخلصت أنه هو الذي أوقع الضربة الأولى ولم تقطع بما إذا كانت الضربات الأخرى التي وجدت برأس المجني عليه أيضاً جاءت منه أو من المتهمين معه أو منه ومن المتهمين معا ولذا برأت الآخرين ودانته هو لا باعتباره محدث الضربات جميعها بل باعتباره صاحب الأولى منها وبالرغم من هذا فقد أوردت ما يناقض ذلك عندما تعرضت للتقرير الطبي وأوردت ما فيه من تعدد الإصابات وتعدد المحدثين لها وأن الوفاة نشأت من كسور بالرأس وما صحبها مما يفيد أنها اعتبرت الطاعن مسؤولا عنها جميعاً مع أنها لم تقطع إلا بصدور ضربة واحدة منه كما تناقضت على هذا النحو عند التحدث عن ثبوت نية القتل لدى الطاعن إذ استخلصتها من تعدد الإصابات وتعدد الكسور وذكرت أن ذلك يدل على أنه أراد بإحداثها قتل المجني عليه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن وثلاثة آخرين بأنهم قتلوا المجني عليه وكان ذلك مع سبق الإصرار فحكمت المحكمة بإدانة الأول وبراءة الآخرين وقد بينت الواقعة في قولها إن وقائع الدعوى تتحصل في أن عدلي عبد الحكيم محمد ذهب يوم 10/ 7/ 1948 الموافق 12 رمضان سنة 1367 بناحية الأشمونين مركز ملوي مديرية المنيا ذهب إلى حفرة يملكها لينقل منها سماداً وكان يرافقه علي عطا الله وعبد الحميد عوض عبد الله وعلي بدوي على الذين استأجرهم لهذا الغرض وأثناء قيامهم بهذا العمل وصل عبد القادر علام محمد (المتهم الثالث) وادعى أن السماد له فأصر عدلي عبد الحكيم على أنه هو المالك دون غيره لهذا السماد فأعلن عبد القادر علام أنه ذاهب للعمدة للشكوى وبعد قليل عاد يتبعه محمد محمود علام (المتهم الأول) وحلمي محمود علام (الطاعن) ومحمود علام محمد (المتهم الرابع) وتساءل المتهم الثالث عن مالك السماد فأصر عدلي عبد الحكيم على أنه هو المالك ففاجأه المتهم الثاني بضربة من سيف أصابت رأسه فوقع على الأرض وانهال باقي المتهمين عليه يوسعونه ضرباً بسيوفهم فخاف علي عطا وعبد الحميد عوض وعلي بدوي وهرعوا إلى خارج الحفرة وإذا بعزيز أخي عدلي يأتي ويتساءل عن سبب ضرب أخيه فعاجله المتهم الأول بضربة من سيفه أصابته في رأسه فسقط على الأرض مغشيا عليه وفي الطريق قابل علي عطا ومن معه محمد عبد الرحيم راشد (العمدة) ويوسف مهران شافعي وشيخ الخفراء إلى محل الحادث لم يجدا إلا المجني عليهما مصابين ولما سألاهما لم ينطقا، ثم تعرضت لأقوال الشهود عن المتهمين الآخرين ولم تأخذ بها بناء على أنها استنتاجية وقالت إنهم لم يروا من عدا الثاني (الطاعن) إذ الطبيعي وهم أجراء لا علاقة لهم بالطرفين أن يهربوا خوفاً من الاعتداء وأنهم لم يروا سوى ما قرروه من أن الطاعن فاجأ المجني عليه بضربة على رأسه فسقط، ثم تعرضت المحكمة لركن سبق الإصرار فقالت إنه غير متوفر... وإنه لا يمكن القول بأنه اتفق مع الآخرين...، ثم أوردت ما ظهر من الكشف الطبي عن الإصابات وأنها كثيرة بالرأس والساعد، وأن بعضها من أجسام صلبة راضة ثقيلة ذات حافة حادة نوعاً وأن إحداها من عصا أو ما أشبه مما يفيد أنها من أكثر من شخص، ثم قالت، إن الوفاة نشأت عن كسور الرأس ونزيف وتهتك المخ وما صحب ذلك من صدمة عصبية من إصابات الرأس وإن إصابة العصا لا دخل لها في الوفاة، وحين تعرضت المحكمة لنية القتل قالت، إنها متوفرة لدي المتهم من أنه ذهب يحمل سيفاً ثقيلا هوى به على جزء قاتل من الجسم هو رأس المجني عليه وتعدد الإصابات بالرأس وتعدد الكسور بها يدل على أن المتهم أراد بإحداثها قتل المجني عليه ويجوز أن يكون المجني عليه قد سب هذا المتهم وخدش ناموسه كما ذهب الدفاع، ولما كانت المحكمة قد برأت المتهمين الآخرين ولم تقم الدليل على أن الطاعن هو الذي أحدث باقي إصابات الرأس التي ساهمت في إحداث الوفاة وكانت قد نفت عنه سبق الإصرار أو الاتفاق مع الآخرين فإن استنادها بعد ذلك فيما استندت إليه في توفر نية القتل لديه إلى تعدد الإصابات بالرأس وتعدد الكسور بها مما يجعل حكمها قاصراً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

تعدد المتهمين

216-اتفاق المتهمين على قتل المجني عليه تعليق التنفيذ على سنوح الفرصة للظفر به. لا يمنع من توافر ظرف سبق الإصرار.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 836

جلسة 14 من أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسني بك وكيل المحكمة، وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد أحمد غنيم بك وباسيلي موسى بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

(314)
القضية رقم 346 سنة 22 القضائية

قتل مع سبق الإصرار. اتفاق المتهمين على قتل المجني عليه تعليق التنفيذ على سنوح الفرصة للظفر به. لا يمنع من توافر ظرف سبق الإصرار.
لا يمنع من توافر سبق الإصرار تعليق تنفيذ ما اتفق عليه المتهمان من قبل على سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليه حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها ليلة الحادث قتلاه تنفيذا لما عقدا عليه النية من قبل.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعنين بأنهما في يوم 4 من يونيه سنة 1951 الموافق 30 من شعبان سنة 1370 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: قتلا عمداً إمبابي زكي حافظ مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك آلتين حادتين "شاطوراً وخنجراً" حتى إذا ظفرا بالمجني عليه طعنه في عنقه ورأسه وظهره عدة طعنات قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى وفاته، وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقرر بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت في 26 من يناير سنة 1952 عملاً بمادتي الاتهام سالفتى الذكر وبالمادة 17 عقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً مخطئاً في الاستدلال، ذلك أنه دان الطاعن الأول بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار اعتماداً على أقوال لمتهم آخر في بعض مراحل التحقيق، مع أنه قرر في التحقيق أيضاً وبالجلسة أنه هو القاتل وحده - ثم إن الحكم لم يرد على دفاع هذا الطاعن في شأن الدماء التي وجدت على ملابسه والتي أخذته المحكمة بها، مع أنه عللها بأنها من دماء المجني عليه تناثرت عليه عند حضوره إلى مكان الحادث بعد وقوعه - ويقول الطاعنان إن الحكم استند في إثبات توفر ظرف سبق الإصرار إلى وقائع لا سند لها في الأوراق، كما أنه فيما ذكره في بيان الواقعة عنها لا يستقيم مع القول بتوفره حيث أشار إلى أن: "المتهم الأول ترصد للمجني عليه الذي تصادف أنه كان يجرد متجره إلى ساعة متأخرة من الليل ولما شاهده موشكاً أن يتوجه إلى منزله ذهب لإحضار ابن أخيه المتهم الثاني الذي يسكن معه في منزل واحد وقد تصادف أن عاد إلى المنزل في هذا الوقت فأفهمه أن المجني عليه في طريقه إلى منزله وأن الفرصة سنحت للأخذ بالثأر". وهذه المصادفة المتكررة التي يقول بها تنفي سبق الإصرار لا تؤدي إلى توفره، ويضيف الطاعن الثاني أيضاً أن المحكمة ضمت قضية جناية قتل شقيقه الذي قتله شقيق المجني عليه والتي حكم عليه فيه بالأشغال الشقة لمدة عشر سنوات فكان مقتضى ذلك أن تسوي في العقوبة بينه وبين قاتل أخيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى، وأورد الأدلة على ثبوتها وعلى توفر سبق الإصرار لدى الطاعنين، وهي أدلة لها سندها ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في إدانة متهم على أقوال متهم آخر، كما أن لها أن تلتف عن عدول المتهم أمامها عن أقوال صدرت عنه بالتحقيقات وتعتمد في قضاءها على أقواله الأولى على أساس أنها صحيحة وصادقة، إذ الأمر مرجعه إلى مجرد اطمئنانها، وما دام تقدير قوة الدليل في الإثبات من سلطتها وحدها. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنان لا يكون له محل إذ لا يخرج عن كونه جدلاً في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. أما ما يقوله الطاعن الأول عن القصور في الرد على دفاعه في شأن الدماء التي وجدت بملابسه، بأن هذا مستفاد ضمناً من إيراد الأدلة التي استندت إليها المحكمة في القضاء بإدانته، ولا بلازم أن تتبع المحكمة الدفاع في كل شبهة يثيرها أو استنتاج يستنتجه فترد عليه رداً صريحاً - وأما ما يشير إيه الطاعنان من أمر المصادفة وأثرها، فمردود بما أورده الحكم عن توفر سبق الإصرار من "أنه من توفر من الضغينة التي بين المتهمين والمجني عليه ومن قول المتهم الثاني صراحة بأنه وخاله انتويا قتل المجني عليه منذ سنة أي عقب قتل أخيه مباشرة وأخذ خاله الساطور والخنجر لهذا الغرض وكان يستحثه من وقت لآخر لتنفيذ ما انتوياه وظل يرقبه حتى رآه ليلة الحادث في طريقه إلى منزله فجاء وأخبره أنه يجلس بالمقهى وأن الفرصة سانحة لاغتياله فخرجا حاملين سلاحهما وفاجأه وأمسك به أولهما وانهالا عليه ضرباً حتى قضيا عليه". إذ أن هذا الذي أورده مما يتحقق به سبق الإصرار مما هو معرف به في القانون، فلا يمنع منه تعليق تنفيذ ما اتفق عليه الطاعنان من قبل على سنوح الفرصة للظفر بالمجني عليه حتى إذا سنحت نتيجة الظروف التي تصادف وقوعها ليلة الحادث قتلاه تنفيذا لما عقدا عليه النية من قبل. وأما ما يقوله الطاعن الثاني قي شأن العقوبة التي حكم بها عليه، فمردود بأن تقدر العقوبة التي يستحقها المتهم في الحدود المقررة بالقانون للجريمة التي ثبتت عليه من سلطة محكمة الموضوع، وهي غير ملزمة بأن تبين الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

215-إذا ظهر من أوراق الدعوى أن القتل لم يحصل إلا من عيار واحد وقضت المحكمة بالعقوبة ضد اثنين دون أن تبين من منهما هو الفاعل الأصلى ومن هو الشريك ولم يظهر من الحكم إن كان كلا المتهمين حضر وقت الحادثة أم أحدهما فقط كان الحكم معيبا لعدم بيانه الواقعة بيانا كافيا ووجب نقضه بالنسبة للاثنين

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة بين 8 نوفمبر سنة 1928 وبين 27 فبراير سنة 1930) - صـ 250

جلسة يوم الخميس 28 مارس سنة 1929

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة. وحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

(202)
القضية رقم 981 سنة 46 قضائية

قتل مع سبق الإصرار. فاعل أصلى وشريك. عدم بيان الحكم من هو الفاعل الأصلى. نقض.
(الموادة 39 و41 و194 و199 عقوبات و149 تحقيق)
إذا ظهر من أوراق الدعوى أن القتل لم يحصل إلا من عيار واحد وقضت المحكمة بالعقوبة ضد اثنين دون أن تبين من منهما هو الفاعل الأصلى ومن هو الشريك ولم يظهر من الحكم إن كان كلا المتهمين حضر وقت الحادثة أم أحدهما فقط كان الحكم معيبا لعدم بيانه الواقعة بيانا كافيا ووجب نقضه بالنسبة للاثنين، إذ أن عقوبة الشريك فى جناية القتل العمد مع سبق الإصرار تختلف قانونا عن عقوبة الفاعل الأصلى [(
1)].


 

[(1)] انظر أيضا حكم المحكمة الصادر فى 10 أكتوبر سنة 1929 فى القضية رقم 2090 سنة 46 قضائية المشتمل ضمنا على هذه القاعدة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 133 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

214-ثبوت ظرف الترصد يكفي وحده لتطبيق حكم المادة 194 من قانون العقوبات. فإذا كان في الوقائع الثابتة بالحكم ما يدل على أن المتهمين ارتكبوا الجريمة التي اقترفوها مع الترصد فإن استبعاد الظروف الدالة على سبق الإصرار من ذلك الحكم لا يؤثر في سلامته.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثالث (عن المدة بين 7 نوفمبر سنة 1932 وبين 26 أكتوبر سنة 1936) - صـ 542

جلسة 13 يناير سنة 1936

برياسة حضرة مصطفى محمد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات زكي برزي بك وأحمد أمين بك وعبد الفتاح السيد بك ومحمود سامي بك.

(430)
القضية رقم 2141 سنة 5 القضائية

 

( أ ) حكم. تسبيبه. سبب الجريمة. ذكره في الحكم ليس واجباً.
(المادتان 103 مرافعات و149 تحقيق جنايات)
(ب) قتل. ظرف الترصد. ظرف سبق الإصرار. ثبوت أي الظرفين. كفايته لتطبيق المادة 194 ع.
1 - إن سبب الجريمة ليس من أركانها ولا من عناصرها الواجب إثباتها في الحكم، فسواء أصح ما قرره الحكم من إرجاع سبب الجريمة المنظورة إلى جريمة أخرى سبق وقوعها من زمن أم لم يصح فلا يضير الحكم ألا يكون قد وفق إلى ذكر السبب الصحيح ما دام قد اشتمل على البيان الكافي للواقعة المستوجبة للعقاب.
2 - ثبوت ظرف الترصد يكفي وحده لتطبيق حكم المادة 194 من قانون العقوبات. فإذا كان في الوقائع الثابتة بالحكم ما يدل على أن المتهمين ارتكبوا الجريمة التي اقترفوها مع الترصد فإن استبعاد الظروف الدالة على سبق الإصرار من ذلك الحكم لا يؤثر في سلامته.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 77 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

213-إذا كان الثابت بالحكم أن المتهمين اتفقوا على قتل المجني عليهم، وأصروا على ذلك فانتظروهم حتى مروا بهم وانهالوا عليهم ضرباً بالعصي الغليظة وأيدي البدالات وألقوا بهم في النيل، وكانوا كلما حاول المجني عليهم النجاة والعودة إلى الشاطئ يضربونهم ويقذفونهم بالطوب حتى فاضت أرواحهم وابتلعهم اليم.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 247

جلسة 30 مايو سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(230)
القضية رقم 1294 سنة 8 القضائية

 

قتل عمد مع سبق الإصرار. اتفاق على القتل. مباشرة كل متهم لفعل مادي من أفعال القتل. كفايته في اعتباره فاعلاً أصلياً.
(المواد 39 و194 و195 ع = 39 و230 و231)
إذا كان الثابت بالحكم أن المتهمين اتفقوا على قتل المجني عليهم، وأصروا على ذلك فانتظروهم حتى مروا بهم وانهالوا عليهم ضرباً بالعصي الغليظة وأيدي البدالات وألقوا بهم في النيل، وكانوا كلما حاول المجني عليهم النجاة والعودة إلى الشاطئ يضربونهم ويقذفونهم بالطوب حتى فاضت أرواحهم وابتلعهم اليم، ففيما ذكره الحكم من اتفاق المتهمين على قتل المجني عليهم وإصرارهم عليه ومساهمة كل منهم في مقارفته بمباشرته عمداً عملاً من الأعمال المكوّنة له ما يدل بجلاء على أن كلاً من المتهمين ارتكب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 99 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

212-إذا كان المستفاد من الثابت بالحكم أن فعل القتل الذي كان المتهم مصراً عليه هو الذي مكنه من السرقة من المجني عليه فلا غبار على الحكم إذا اعتبر المتهم مرتكباً لجنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة بإكراه.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 294

جلسة 24 أكتوبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(252)
القضية رقم 1596 سنة 8 القضائية

سرقة بإكراه. ظرف الإكراه. جناية قتل عمد مع سبق الإصرار. فعل القتل يكوّن ظرف الإكراه.
(المادتان 194 و271 ع = 230 و314)
إذا كان المستفاد من الثابت بالحكم أن فعل القتل الذي كان المتهم مصراً عليه هو الذي مكنه من السرقة من المجني عليه فلا غبار على الحكم إذا اعتبر المتهم مرتكباً لجنايتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة بإكراه [(
1)].


 

[(1)] هذا ظاهر من حيث حقيقة الوصف القانوني لكل واقعة من الواقعتين على حدتها فإن جناية القتل العمد وجناية السرقة بالإكراه إذا نظر إلى كل منهما على انفراد وجدت مكتملة العناصر القانونية. فالسرقة في الواقع حصلت بإكراه ولو أن فعل الإكراه كوّن في الوقت ذاته جناية القتل. ولكن إذا كان العقاب الواجب إيقاعه بالمتهم لا يتأثر بقيام الجريمتين معاً - كما في هذه الحالة إذ الحكم طبق المادة 32 ع وأوقع على المتهم العقوبة الواردة بالمادة 194 ع لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار - فلا شك في أن هذه القاعدة على إطلاقها سارية. أما إذا كان العقاب الواجب تطبيقه يتأثر بقيام الجنايتين معاً ويكون من المتعين تطبيق الفقرة الثانية من المادة 198 فإن هذا يجعل الأمر محل نظر؛ والبحث لم يتطرّق إلى ذلك فإن القاعدة وإن اعتبرت أن السرقة الحاصلة على هذه الصورة جناية دائماً ومرتبطة بالقتل ارتباطاً زمنياً إلا أنها لم تتعرّض للمسألة من ناحية انطباق الشطر الأوّل من الفقرة الثانية من المادة 198 أيكون تطبيقه واجباً على اعتبار أن السرقة جناية وقعت بطريق الإكراه وأن المتهم مأخوذ بظرف الإكراه أيضاً أم لا يكون على اعتبار أن السرقة وإن كان وصفها أنها سرقة بإكراه إلا أن المتهم لا يصح أن يؤاخذ على مقتضى توافر ظرف الإكراه على أساس أنه هو نفسه الفعل المكوّن لجناية القتل. ولقد أغنى المحكمة عن هذا البحث أن العقوبة الواردة بالمادة 194 التي طبقتها المحكمة هي بعينها العقوبة الواردة بالفقرة الثانية من المادة 198.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

211-إذا أثبت الحكم توافر ظرف سبق الإصرار اعتماداً على أن المتهمين أرادوا أن يثأروا من المجني عليه لاعتقادهم أنه قتل قريباً لهم، ومع ذلك أخذهم بالرأفة اعتماداً على ما قاله من أن الثأر متبادل بين الطرفين، كما أثبت في الوقت نفسه أن المجني عليه هو الذي ابتدر المتهمين بالضرب.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 296

جلسة 24 أكتوبر سنة 1938

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(254)
القضية رقم 1898 سنة 8 القضائية

( أ ) بيان الواقعة. قتل. سبق الإصرار. استخلاصه. مجني عليه. ابتداره من قتلوه بالضرب. عدم بيان سبب ذلك. نقض.
(ب) سبق الإصرار. استخلاصه من وقائع غير صالحة. تناقض الأسباب. نقض. مثال.
(المادة 195 ع = 231)
1 - يجب بيان الواقعة في الحكم بياناً كافياً تتمكن به محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى وإلا كان هذا الحكم معيباً لقصوره. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أدان المتهمين على أساس توافر ظرف سبق الإصرار قبلهم في جناية القتل العمد اعتماداً على ما بينهم وبين المجني عليه من ضغائن، وكان الثابت به أن المجني عليه هو الذي بدأ بضرب الطاعنين بالعصا، وأنهم لم يضربوه إلا بعد أن اعتدى هو عليهم، ولم يذكر الحكم السبب الذي دعا المجني عليه إلى أن يبتدر الطاعنين بالضرب لمعرفة إن كان ذلك للدفاع عن نفسه لأنهم حضروا مصرين على ضربه أو أنه كان لأي سبب فجائي آخر وأن الطاعنين إنما ضربوه لمقابلة الاعتداء بالمثل، فإن اكتفاء الحكم، في مقام التدليل على سبق الإصرار، بثبوت الضغينة بين الطرفين، وسكوته عن استظهار تلك العوامل، وعدم تعرّضه لواقعة ضرب المجني عليه للطاعنين، تلك الواقعة التي أعقبها وقوع الضرب منهم عليه - ذلك قصور يعيب الحكم ويوجب نقضه.
2 - إذا أثبت الحكم توافر ظرف سبق الإصرار اعتماداً على أن المتهمين أرادوا أن يثأروا من المجني عليه لاعتقادهم أنه قتل قريباً لهم، ومع ذلك أخذهم بالرأفة اعتماداً على ما قاله من أن الثأر متبادل بين الطرفين، كما أثبت في الوقت نفسه أن المجني عليه هو الذي ابتدر المتهمين بالضرب، وأنهم لم يضربوه إلا بعد أن ضربهم، ولم يذكر السبب الذي دعا المجني عليه إلى ضرب المتهمين الأمر الذي قد ينصرف معه هذا السبب إلى أنه أراد هو الآخر أن يثأر منهم فضربهم - إذا أثبت الحكم كل ذلك كانت أسبابه متخاذلة متناقضة تناقضاً يجعلها غير صالحة لأن تبنى عليها النتائج القانونية التي ترتبت عليها.


المحكمة

"عن الأسباب المقدّمة من الطاعن الرابع"
من حيث إن الوجه الأوّل يتحصل في أن المحكمة دللت في حكمها على ثبوت نية القتل لدى الطاعن باستعماله بندقية وبأنه أطلقها على محمود إبراهيم فأودت بحياته في الحال وأصاب مقذوفها عباس محمود في مقتل منه مع أن الآلة التي استعملت في القتل لا تكفي وحدها لإثبات نية القتل.
ومن حيث إن لمحكمة الموضوع كامل الحرّية في أن تستخلص قيام نية القتل من أي عنصر من عناصر الدعوى متى كان من شأنه أن يؤدّي إلى ما استخلص منه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض لتوافر نية القتل لدى الطاعن ذكر أنها ثابتة "من استعماله لآلة قاتلة بطبيعتها وهي بندقية وإطلاقها على محمود إبراهيم عمداً بقصد قتله فأودت بحياته فور الساعة وأصابت عباس محمود في مقتل من جسمه وهو البطن". وهذا الذي أثبته الحكم يؤدّي إلى توافر نية القتل فليس للطاعن أن يناقش في صحة هذا الاستخلاص أمام محكمة النقض.
وحيث إن الوجه الثاني مبني على أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون على الواقعة لأن الطاعن دفع بالتحقيق وبالجلسة أن إطلاقه العيارين إنما كان للدفاع عن نفسه ولأنه كان في حالة ضرورة عندما رأى جموع فريق المجني عليهما هاجمين عليه ولم يكن في مقدوره منع هذا الهجوم بطريقة أخرى، فردت المحكمة على هذا الدفع بأن الطاعن لم يكن في حالة تدعوه للدفاع عن نفسه أو تلجئه لاستعمال السلاح، مع أنه يكفي أن يعتقد الطاعن اعتقاداً تاماً أنه أصبح في حالة خطر جسيم على نفسه يوشك أن يقع به ولم يكن لإرادته دخل فيه ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى غير التي سلكها.
وحيث إن الحكم الطعون فيه إذ عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي قال: "وحيث إن أقوال المتهم (الطاعن) يفهم منها أنه لم يهاجم بدليل أنه أطلق العيار على مسافة من المجني عليه وقد أيد الكشف الطبي ذلك فلم يكن إذاً في حالة تدعوه لاستعمال السلاح خصوصاً بعد ما قرّر أن من ادعى بمهاجمتهم له كما يزعم لم يعتدوا عليه ولم يثبت أن أحداً منهم كان يحمل سلاحاً، كما أنه لم يكن لتخوّفه أسباب معقولة فقد كان العراك قائماً بين الطرفين ولم يكن محمود إبراهيم بين المتلاحمين في العراك بل كان آتياً من الجهة التي قتل فيها أخوه فاعتدى عليه، فضلاً عن أن فريق المتهم لم يصب منهم أحد. وهذا يؤيد أن المتهم لم يكن في حالة تدعوه للدفاع عن نفسه أو تلجئه لاستعمال السلاح في القتل والشروع فيه. وإنه مما يؤكد أن هذا المتهم لم يكن في حالة دفاع عن نفسه ما ادعاه أنه استعان بالعسكريين لتفريق المتضاربين، وقد كذباه فيما ادعى إذ شهدا بأنهما سمعا طلق عيارين فذهبا للمعركة فوجدا محمود إبراهيم قتيلاً وعباس محمود مصاباً".
وحيث إن في هذا الذي أثبته الحكم وحصلته محكمة الموضوع من وقائع الدعوى وأدلتها ما يكفي للرّد على دفاع الطاعن، وهو يؤدّي إلى انتفاء حالة الدفاع أو الضرورة لدى الطاعن وقت مقارفته لجناية القتل العمد التي أدين فيها، فلا يجوز إذاً الجدل بشأن هذا الاستنتاج الموضوعي أمام محكمة النقض.
وحيث إن ملخص الوجه الثالث أن المحكمة أخلت بحق الدفاع لأنها قالت في حكمها إن شحاته عبد النعيم قتل وكان المجني عليهم ضمن من اتهموا في قتله، ورتبت على ذلك توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين الثلاثة الأول، وكان الواجب على المحكمة أن تأمر بضم قضية جناية قتل شحاته المذكور لمعرفة الأشخاص الذين اتهموا في قتله ولتتبين أن الأشخاص المذكورين لم يتهموا في الجريمة.
وحيث إن الطاعن ليست له أية مصلحة في التمسك بهذا الوجه لأن ما يشكو منه لا يمسه في شيء لتعلقه بالطاعنين الآخرين وحدهم الذين أدانهم الحكم على أساس توافر سبق الإصرار لديهم استناداً إلى القول بسبق اتهام المجني عليهم بقتل شحاته عبد النعيم.
وحيث إنه لما تقدّم يكون الطعن المقدّم من الطاعن الرابع على غير أساس ويتعين رفضه.
"عن الأسباب المقدّمة من الثلاثة الأول من الطاعنين"
من حيث إن ما ينعاه هؤلاء الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون على الواقعة التي أثبتها لأنه يستفاد من الوقائع التي أوردها أن المجني عليه عند رؤيته الطاعنين خرج إليهم من الماء وضربهم أوّلاً وأصاب الأوّل والثالث منهم - الأمر الذي حدا بهم هم الثلاثة إلى ضربه. ومتى كان هذا هو الثابت في الحكم فلا يمكن اعتبار الواقعة جناية قتل عمد مع سبق الإصرار.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أدان الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار وأورد ما حصلته المحكمة من وقائع الدعوى التي تبينتها من مجموع التحقيقات وشهادة الشهود الذين سمعتهم بقوله "إن شحاته عبد النعيم قتل وكان ضمن من اتهموا في قتله محمد إبراهيم موسى وعباس محمود ومحمود إبراهيم موسى المجني عليهم في هذه القضية. وفي يوم 6 يونيه سنة 1937 بينما كان المجني عليه محمود إبراهيم موسى وأخوه عبد الرحيم إبراهيم يصطادان السمك من ترعة الطارف وكان محمود إبراهيم عاري الجسم في الترعة وعبد الرحيم إبراهيم يحرس ما يصطادانه على البر إذ حضر المتهمون صادق أحمد عبد النعيم وصديق أحمد عبد النعيم ومحمود أحمد عبد الحليم (الطاعنون) للمجني عليه فخرج إليهم من الماء وضرب الأوّل والثالث بعصاه فانهال عليه الثلاثة ضرباً بالفؤوس فهرب عبد الرحيم إبراهيم وفي طريقه تقابل بمحمود إسماعيل وأخبره بما حصل لأخيه فذهب الأخير إلى المجني عليه واستمر هو في طريقه للبلد". ثم ذكر الحكم الأدلة التي استند إليها في ثبوت سبق الإصرار فقال "إنه متوافر قبل الثلاثة الأول من المتهمين (الطاعنين) لأنهم أجمعوا أمرهم وذهبوا معاً حاملين فؤوسهم وتوجهوا للترعة التي يصطاد فيها عادة محمود إبراهيم وأوسعوه ضرباً بها أخذا بثأر شحاته عبد النعيم فقتلوا المجني عليه لوقته". وأخيراً تصدّى الحكم لتطبيق القانون على الواقعة التي أدانهم فيها بالأشغال الشاقة المؤبدة فذكر "أن عقابهم ينطبق على المادتين 194 و195 من قانون العقوبات، وترى المحكمة تطبيق المادة 17 من القانون المذكور نظراً لظروف الحادث وللثأر المتبادل بين الفريقين".
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت أن المجني عليه هو الذي بدأ بضرب الطاعنين بالعصا وأنهم لم يضربوه إلا بعد أن اعتدى هو عليهم، ولم يذكر الحكم السبب الذي دعا المجني عليه أن يبتدر الطاعنين بالضرب لمعرفة إن كان للدفاع عن نفسه لأنهم حضروا مصرين على ضربه، أو أنه كان لأي سبب فجائي آخر وأن الطاعنين إنما ضربوا المجني عليه من باب مقابلة الاعتداء بالمثل. وسكوت الحكم عن استظهار العوامل السالفة الذكر وعدم تعرّضه - في مقام الدليل على سبق الإصرار - لواقعة ضرب المجني عليه للطاعنين، تلك الواقعة التي أعقبها وقوع الضرب من الطاعنين على المجني عليه، لا شك يعيبه لقصوره عن بيان الواقعة بياناً كافياً يكفل لمحكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى الثابتة بالحكم.
وحيث إنه فضلاً عما تقدّم فإن الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه وبنى عليها الإدانة متخاذلة ومتناقضة تناقضاً يجعلها غير صالحة لأن تبنى عليها النتائج القانونية التي رتبت عليها، فبينما يقول إن الطاعنين موتورون من المجني عليه فقتلوه لأنه اتهم في قتل شحاته عبد النعيم إذا به يقول إنه يأخذهم بالرأفة "للثأر المتبادل بين الطرفين". وبينما يقول إن الطاعنين قتلوا المجني عليه مع سبق الإصرار يقول إن المجني عليه هو الذي ابتدرهم بالضرب ثم يسكت عن بيان السبب الذي دعاه إلى ذلك مما قد ينصرف معه هذا السبب إلى أنه أراد هو الآخر أن يثأر من الطاعنين فضربهم.
وحيث إنه لكل ما تقدّم يكون الحكم المطعون فيه معيباً لقصوره في بيان الأسباب التي اعتمد عليها ولتخاذله وتناقضه فيها، ويتعين إذاً نقضه وإحالة القضية إلى محكمة الموضوع للحكم فيها مجدّداً من دائرة أخرى بالنسبة للطاعنين الثلاثة الأول بغير حاجة للبحث في باقي الأوجه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

210-جناية قتل عمد مع سبق الإصرار. وقوع جناية قتل تالية من غير سبق إصرار ولا ترصد. انطباق الفقرة الثانية من المادة 198 ع. توقيع عقوبة واحدة. توقيع عقوبة عن كل جريمة. لا يجوز.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 423

جلسة 9 يناير سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقص بك المستشارين.

(326)
القضية رقم 1904 سنة 8 القضائية

( أ ) قتل عمد. اشتراك فيه. سبق إصرار. انتفاء هذا الظرف. قيام الاشتراك. لا تعارض.
(ب) دفاع. وصف التهمة. عدم تعديل التهمة الموجهة في أمر الإحالة. إضافة واقعة جديدة كدليل على ثبوت التهمة. عدم لفت الدفاع إلى ذلك. لا إخلال بحق الدفاع.
(حـ) قتل عمد. جناية قتل عمد مع سبق الإصرار. وقوع جناية قتل تالية من غير سبق إصرار ولا ترصد. انطباق الفقرة الثانية من المادة 198 ع. توقيع عقوبة واحدة. توقيع عقوبة عن كل جريمة. لا يجوز.
(المادة 198/ 2 ع = 234/ 2)
1 - الاشتراك في جناية القتل سواء أكان بطريق الاتفاق أم بغيره قد يكون وليد اللحظة التي تلاها وقوع الجريمة ولا يتحتم أن يكون وليد سبق الإصرار. فلا تعارض إذاً بين ما يقول به الحكم من انتفاء سبق الإصرار لدى المتهمين على مقارفة الجريمة وقوله أنهم جميعاً انتووا قتل المجني عليه فجأة عندما رأوه يمرّ عليهم، واتفقوا على ذلك في هذه اللحظة ذاتها.
2 - إذا كانت التهمة الموجهة إلى المتهم في أمر الإحالة اشتراكاً في قتل ولم تجر المحكمة أي تغيير أو تعديل في هذه التهمة وإنما أوردت في حكمها واقعة لم ترد في أمر الإحالة هي أن المتهم أطلق عياراً نارياً على المجني عليه لم يصبه وأثبتتها عليه من التحقيقات التي أجرتها، واعتمدت على هذه الواقعة كدليل من أدلة الاشتراك على المتهم مع الأدلة الأخرى التي ذكرتها في الحكم، فإنها لا تكون قد أخلت بحق دفاعه إذا لم تلفت نظره إلى ذلك. لأن إضافة هذه الواقعة لا تعدّ تعديلاً أو تغييراً في التهمة الموجهة إليه وإنما هي دليل من أدلة ثبوت الجريمة عليه أوردته المحكمة بعد أن استظهرت صحته من ذات الوقائع المعروضة بالجلسة.
3 - إن توافر أكثر من ظرف مشدّد واحد في جناية القتل العمد لا يمنع من تطبيق المادة 198 فقرة ثانية عقوبات قديم وتوقيع عقوبة واحدة على مقتضى الظرف المشدّد المنصوص عليه فيها. فإذا وقعت من متهمين جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد تلتها جريمة قتل أخرى وقعت منهما من غير سبق إصرار ولا ترصد فمن الخطأ في تطبيق القانون توقيع عقوبة عن كل واقعة من الواقعتين على أساس أنهما قارفا جريمتين مستقلتين فاستحقا عقوبة عن كل منهما.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 106 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

209-إذا كانت الوقائع التي أوردها الحكم بإدانة المتهمين في جناية القتل العمد المقترن بظرف من الظروف المشدّدة التي أوردها القانون لا تؤدّي إلى نسبة وفاة المجني عليه لفعل جنائي مادي وقع من واحد منهم معين بالذات، وكانت الإدانة قد بنيت على أساس توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لديهم.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 433

جلسة 23 يناير سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(338)
القضية رقم 2117 سنة 8 القضائية

( أ ) قتل عمد. اقترانه بظرف قانوني مشدّد. متهمون. اعتبارهم فاعلين أصليين. الوقائع المذكورة في الحكم تجعلهم شركاء فقط. توقيع عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عليهم. مجرّد الخطأ في الوصف القانوني للفعل الجنائي الذي وقع منهم. لا يكفي لنقض الحكم.
(ب) قتل عمد. اقترانه بظرف قانوني مشدّد. خطأ الحكم في الوصف القانوني للفعل الجنائي الثابت قبل المتهم. فاعل أصلي. معاملته بالمادة 17. عقابه بالأشغال الشاقة المؤبدة. اعتباره الصحيح أنه شريك. طلبه نقض الحكم لخطئه في الوصف. متى يكون له فيه مصلحة؟ النزول إلى أقل حدّ للعقوبة. استعمال الرأفة. مناطه. الوقائع لا الوصف القانوني.
1 - إذا كانت الوقائع التي أوردها الحكم بإدانة المتهمين في جناية القتل العمد المقترن بظرف من الظروف المشدّدة التي أوردها القانون لا تؤدّي إلى نسبة وفاة المجني عليه لفعل جنائي مادي وقع من واحد منهم معين بالذات، وكانت الإدانة قد بنيت على أساس توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لديهم، فذلك يقتضي قانوناً اعتبار كل من المتهمين مجرّد شريك في القتل بطريق الاتفاق والمساعدة لفاعل أصلي مجهول من بينهم. فإذا كان الحكم قد اعتبر المتهمين جميعاً فاعلين أصليين في هذه الجناية فإنه يكون قد أخطأ في هذا الاعتبار. ولكن إذا كان هذا الحكم مع ذلك لم يقض على المتهمين إلا بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهي العقوبة المقرّرة لجناية الاشتراك في القتل التي قارفوها فعلاً والتي كان يجب توقيع العقوبة على أساسها، فتكون مصلحتهم في التمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم بشأن الوصف القانوني للفعل الجنائي الذي وقع منهم منتفية.
2 - إن محكمة الموضوع إنما تقدّر ظروف الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية التي تثبت لديها قبل المتهم لا بالنسبة للوصف القانوني الذي تصفها به. فإذا وصفت المحكمة المتهم في جناية قتل عمد اقترن بظرف قانوني مشدّد بأنه فاعل أصلي فيها، وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات فأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بدلاً من عقوبة الإعدام المقرّرة قانوناً لهذه الجناية، وكان الوصف الصحيح للفعل الجنائي الذي وقع منه هو مجرّد الاشتراك في هذه الجناية المعاقب عليه قانوناً بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة، فلا يصح طلب نقض هذا الحكم بمقولة إن المحكمة، إذ قضت بالعقوبة التي أوقعتها، كانت تحت تأثير الوصف الجنائي الذي ارتأته، وإن ذلك يستدعى إعادة النظر في تقدير العقوبة على أساس الوصف الصحيح. ذلك لأن المحكمة كان في وسعها - لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه - أن تنزل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات، وما دامت هي لم تفعل فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها بصرف النظر عن وصفها القانوني. أما إذا كانت المحكمة قد نزلت فعلاً بالعقوبة إلى أقل حدّ يسمح لها القانون بالنزول إليه ففي هذه الحالة - وفي هذه الحالة وحدها - يصح القول بإمكان قيام الشك في وجود الخطأ في تقدير العقوبة، وتتحقق بذلك مصلحة المحكوم عليه في التمسك بخطأ الحكم في وصف الواقعة التي قارفها.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من أوجه الطعن أن بالحكم المطعون فيه قصوراً يعيبه ويوجب نقضه. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الدفاع عنهما طلب من المحكمة استبعاد ظرف سبق الإصرار لعدم علاقتهما بزلحة المقول بأن الحادثة ارتكبت للأخذ بثأره ولعدم مصادقة أحد من الشهود أهل المجني عليه على وجود قرابة بين زلحة وبينهما، بل إن الشاهدين اللذين سئلا عن سبب القتل وهما جودة أحمد ونعمان حسانين نفيا وجود أية صلة. لذلك كان واجباً على المحكمة إذ لم تأخذ بهذا الدفاع أن تذكر الوقائع التي اعتمدت عليها في الاستدلال على وجود ظرف سبق الإصرار. أما ما ذكرته من أنها تستنتج الإصرار من سابقة قتل زلحة قريب بعض المتهمين وذي الصلة الوثيقة مع عائلة رفاعي لأنه حاميهم كم جاء على لسان الدفاع دون أن تبين درجة هذه القرابة وعلاقة الطاعنين بالمتهم المحكوم عليه غيابياً فلا يكفي. لأن واقعة حماية زلحة للطاعنين غير منتجة في إثبات سبق الإصرار لأنها تتناقض مع ما قرّره الدفاع من وجود أولاد عم أقوياء لزلحة يأخذون بثأره، ومن أن عائلة رفاعي لم تأخذ لنفسها ثأراً بل كان يأخذه لها زلحة. كذلك لا يكفي ما فعلته من استخلاص ظرف الترصد من اختفاء الطاعنين خلف دكان هناك حاملين الأسلحة وخروجهما لارتكاب الجريمة حال مرور المجني عليهما لأن الواقعة حصلت نهاراً. ولم تذكر المحكمة موقع هذا المكان وهل طريق الطاعنين من مسكنهما يستلزم حتماً خروجهما من خلف هذا الدكان. خصوصاً وأن مرور المجني عليهما كان سابقاً ببرهة بسيطة على وقوع الحادثة، وعدم رؤيتهما للطاعنين معناه استحالة حصول الترصد، وأن حضور الطاعنين كان مصادفة دون ترصد.
وحيث إنه يتضح من الحكم المطعون فيه أنه ذكر الأدلة التي استند إليها في ثبوت توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد فقال: (أوّلاً) إن جودة أحمد شهد بأنه رأى المتهمين الثلاثة الأول (أي الطاعن الأوّل ومتهم آخر يدعى سيد مصطفى والطاعن الثاني) خرجوا إلى عرض الشارع من جوار دكان محمد أحمد وأطلق كل من المتهمين الأوّل والثاني (الطاعن الأوّل وسيد مصطفى) عياراً نارياً على حسانين يونس فطلب منهما الكف عن ذلك فبادره المتهم الثالث (الطاعن الثاني) وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه، وإن المجني عليه حسانين يونس اعتاد الذهاب يومياً إلى حقله من هذا الطريق الذي كان مختبئاً فيه الجانون، وإن سبب القتل يرجع للضغائن التي بين القتيل وفريق المتهمين لأن القتيل اتهم في قتل زلحة قريب بعض المتهمين. (وثانياً) إن فاطمة موسى والدة القتيل شهدت بأنهم قتلوا ابنها لنفس السبب الذي ذكره جودة أحمد. (وثالثاً) إن علي سيد عمران نائب العمدة شهد بعلمه بأن سبب القتل يرجع لسبق اتهام القتيل في قتل محمد زلحة قريب بعض المتهمين. ثم بنى الحكم على تلك الأدلة ثبوت سبق الإصرار والترصد قائلاً: "إن المحكمة تستنتج من سابقة قتل زلحة قريب بعض المتهمين ذوي الصلة الوثيقة مع عائلة رفاعي لأنه حاميهم، كما جاء على لسان الدفاع، نية الإصرار عند المتهمين الثلاثة الأول على القتل، ثم إنها تستنتج من اختفائهم خلف دكان هناك حاملين الأسلحة وخروجهم لارتكاب الجريمة حال مرور المجني عليهما حسانين يونس وجودة أحمد - تستنتج الترصد لارتكاب الجريمة.
وحيث إنه يبين مما تقدّم أن الحكم المطعون فيه استخلص توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من ثبوت علاقة قرابة بين زلحة وبعض المحكوم عليهم وثبوت علاقة زلحة بالطاعنين الأوّل والثاني من هؤلاء المحكوم عليهم لأنه كان حامي عائلتهما اعتماداً على الأدلة التي أوردها والتي تؤدي إلى ما استخلص منها. ولما كان الشهود الذين اعتمد الحكم على أقوالهم في هذا الخصوص قد شهدوا بأن زلحة قريب لاثنين من المحكوم عليهم، وكان الطاعنان لا يجادلان بوجه الطعن فيما أثبته الحكم عنهما من أن زلحة كان حاميهما فيكون كل ما اعتمد عليه الحكم في صدد ظرفي سبق الإصرار والترصد سليماً. أما ما ينعاه الطاعنان على الحكم من أنه قال بوجود قرابة بينهما وبين زلحة فغير صحيح لأن الحكم حين قال بهذه العلاقة إنما قصد قيامها بين زلحة وسيد مصطفى وعطا المتهمين اللذين قال عنهما الشهود بالجلسة. وأما ما يزعمانه من أن لزلحة أقارب أقوياء كانوا أقدر على الأخذ بثأره من الطاعنين اللذين كانا من الضعف بحيث كان زلحة يحميهما، واستنادهما إلى ذلك في القول بأن الحكم إذ قال بأن الطاعنين ارتكبا الجريمة أخذاً بثأر زلحة جاء متناقضاً من جهة ومستنداً إلى واقعة لا تنتج ما رتبه عليها من جهة أخرى - ما يزعمانه من ذلك فضلاً عن أنه مجادلة في مسائل موضوعية الغرض منها التشكيك في القوّة التدليلية لعناصر الإثبات مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، فإنه مردود: (أوّلاً) بأن المقدّمات التي أوردها الحكم تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها منها. (وثانياً) بأن الوقائع التي أثبتها ليس فيها أي تناقض. ولئن كان الحكم لم يعوّل على ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص فإن ذلك لا يصلح أن يؤسس عليه القول بوجود تناقض، لأن إدانة الطاعنين للأسباب التي فصلها الحكم تفيد أن المحكمة لم تأبه لما قاله الدفاع، ولم تجد فيه ما يغير وجهة نظرها. وأما ما يثيره الطاعنان أخيراً بشأن ما أثبته الحكم عن ظرف الترصد فإنه لا يعدو أن يكون مجادلة لمحكمة الموضوع فيما هو من خصائصها الفصل فيه، وما دامت هي قد أثبتت توافر ظرف الترصد، حسبما عرفه القانون، وأوردت الأدلة التي تسوغ ما استخلصته منها، فلا معقب عليها في ذلك.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون على الواقعة التي أثبتتها في حكمها المطعون فيه لأنه ثابت أن كلاً من الطاعن الأوّل وسيد مصطفى المتهم الغائب أطلق عياراً نارياً على المجني عليه حسانين يونس فأصابه أحدهما بالإصابات المبينة بالكشف الطبي فسقط على الأرض وضربه أحد المتهمين الثلاثة بآلة صلبة راضة على رأسه وقرّر الطبيب الشرعي أن إصابة الرأس حيوية وخطرة ومن شأنها أن تحدث الوفاة، وأن إصابة العيار الناري شديدة وخطرة، وأن كلتا الإصابتين يمكن أن تحدث الوفاة. ولما كان الثابت أن مجهولاً من بين المتهمين هو الذي ضرب المجني عليه على رأسه وأثبت الطبيب الشرعي جواز حصول الوفاة بسبب هذه الإصابة وحدها فلا مسئولية على أحد من المتهمين في إحداثها لشيوع التهمة بينهم. وعلى أسوأ الفروض لا تكون المسئولية إلا على أساس الشروع في القتل. وكذلك الحال بالنسبة لإصابة العيار الناري فإن الطاعن الثاني لم يساهم فيها مادياً؛ ومرافقته للآخرين ووجوده معهما في محل الحادثة ليس دليلاً على الاشتراك معهما لعدم علمه بالجريمة التي انتويا ارتكابها وإنما هو مسئول فقط عما وقع منه من الشروع في قتل جودة أحمد. فضلاً عن ذلك فإن المحكمة اعتبرت المتهمين الثلاثة الطاعنين وآخر - حكم عليه غيابياً - فاعلين أصليين مع أن الطاعن الثاني شريك فقط في الجناية الأولى؛ ولهذا أهميته لأن عقوبة الشريك في جناية القتل العمد تختلف عن عقوبة الفاعل الأصلي. ومع أن محكمة الجنايات طبقت المادة 17 ع إلا أنها قضت بعقوبة واحدة على الطاعنين ولو كانت اعتبرت الطاعن الثاني شريكاً لتغير الموقف.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أورد الواقعة الجنائية التي أدان الطاعنين من أجلها والتي حصلتها المحكمة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى فقال "إن المجني عليه حسانين يونس خرج من منزله قاصداً مزرعته ومعه جودة أحمد الذي قابله في طريقه، وأثناء سيرهما في الطريق المؤدي إلى مزرعة الأوّل إذ خرج عليهما المتهمون الثلاثة الأول (وهم الطاعن الأوّل ومتهم حكم عليه غيابياً اسمه سيد مصطفى والطاعن الثاني) الذين كانوا مختبئين خلف دكان محمد أحمد لعلمهم بأن المجني عليه حسانين يونس سوف يمرّ بالطريق المجاور لتلك النقطة كعادته للذهاب إلى حقله، وكان يحمل كل بندقيته. وبمجرّد مروره أطلق كل من المتهمين الأوّل والثاني (الطاعن الأوّل وسيد مصطفى) عياراً نارياً على حسانين يونس أصابه أحدهما بالإصابات المبينة بالكشف الطبي الشرعي وكشف الصفة التشريحية فسقط على الأرض فضربه أحدهم بآلة صلبة راضة على رأسه أحدثت به الإصابة المبينة بالكشف الطبي الشرعي والصفة التشريحية، وكانت تلك الإصابات السبب في وفاته. وأثناء ضرب المجني عليه حسانين يونس بالأعيرة النارية أراد جودة أحمد أن يستغيث فما كان من المتهم الثالث (الطاعن الثاني) إلا أن أطلق عليه عمداً عياراً نارياً قاصداً قتله فأصابه بالإصابات المبينة بالكشف الطبي الشرعي". وتبين من الكشف الطبي الشرعي والصفة التشريحية على جثة القتيل حسانين يونس أنه أصيب بعيار ناري، كما أصيب في رأسه من جسم صلب راض، وأن وفاته نشأت من النزيف الصدري وكسر الجمجمة من العيار مع إمكان حصول الوفاة من إحدى الإصابتين أي إصابة العيار أو الإصابة الرضية. وقد خلصت المحكمة من ذلك - وبعد أن أوردت الأدلة التي استندت إليها - إلى القول بأن المتهمين الثلاثة (أي الطاعنين الأوّل والثاني وسيد مصطفى) مسئولون كفاعلين أصليين عن الجريمتين: قتل حسانين يونس، والشروع في قتل جودة أحمد جودة عمداً مع سبق الإصرار والترصد، وأوقعت على كل منهم عقوبة واحدة طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط الذي قالت بوجوده بين الجريمتين ولوقوعهما لغرض واحد، ثم قضت بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على أساس أخذها كلاً منهم بالرأفة التي اقتضتها ظروف الدعوى، وذلك عملاً بالمادة 17 من هذا القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر الطاعنين فاعلين أصليين في جناية القتل العمد التي أوقع العقوبة عليهما فيها. ووجه الخطأ في ذلك أن الوقائع التي أوردها لا تؤدّي إلى نسبة وفاة المجني عليه لفعل جنائي مادي وقع من أيهما بالذات - الأمر الذي يقتضي قانوناً اعتبار كل من الطاعنين مجرّد شريك في القتل بطريق الاتفاق والمساعدة لفاعل أصلي مجهول من بين الثلاثة المتهمين الذين أدانهم في هذه الجناية على أساس توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لديهم.
وحيث إنه وإن كان العقاب الذي أورده القانون لجناية القتل العمد المقترن بأحد الظروف القانونية المشدّدة يختلف بالنسبة للفاعل الأصلي عنه بالنسبة للشريك، إذ هو الإعدام للأوّل والإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة للثاني، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يقض على الطاعنين إلا بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على أساس ما ذهب إليه من أن الواقعة الجنائية التي قارفاها تجعلهما فاعلين أصليين في القتل، ولما كانت هذه العقوبة مقرّرة أيضاً لجناية الاشتراك في القتل التي قارفها الطاعنان فعلاً والتي كان يجب توقيع العقوبة على أساسها - لما كان كل ذلك فقد انتفت مصلحة الطاعنين في التمسك بالخطأ الذي وقع فيه الحكم بشأن الوصف القانوني للفعل الجنائي الذي وقع منهما.
وحيث إنه لا يقلل من النظر المتقدّم أن الحكم المطعون فيه أخذ الطاعنين بالرأفة وعاملهما فعلاً بالمادة 17 من قانون العقوبات، وأن المحكمة إذ قضت بالعقوبة التي أوقعتها كانت تحت تأثير الوصف الذي رأته وهو أن الواقعة الجنائية التي وقعت من الطاعنين على أساس أنهما فاعلين أصليين فيها تكون جناية عقوبتها الإعدام فنزلت إلى الأشغال الشاقة المؤبدة نظراً لظروف الرأفة التي ارتأت وجودها، وأن ذلك يستدعي إعادة النظر في تقدير العقوبة إذا ما تبين خطأ الأساس الذي بنت عليه تقدير العقوبة - لا يقلل كل ذلك من النظر المتقدّم لأن محكمة الموضوع إنما قدّرت ظروف الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية التي أثبتتها على الطاعنين لا بالنسبة للوصف القانوني الذي أعطته لها، ورأت أنها تستحق العقوبة التي قضت بها وهي الأشغال الشاقة المؤبدة. وإذا كانت رأت أن هذه الظروف تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لفعلت ولأنزلتها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات. أما وهي لم تفعل فقد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها مع الواقعة بصرف النظر عن وصفها القانوني. ولا يصح في هذه الحالة القول بأن الخطأ في الوصف ربما أثر في رأي المحكمة وهي تقدر العقوبة لأنها لم تنزل إلى الحدّ الأدنى لها، أما إذا هي نزلت فعلاً بالعقوبة إلى أقل حدّ يسمح لها القانون بالنزول إليه، ففي هذه الحالة وحدها يصدق القول بإمكان قيام الحرج ويقوم الشك في وجود الخطأ في تقدير العقوبة وتتحقق مصلحة المحكوم عليه في التمسك بخطأ الحكم في وصف الواقعة التي قارفها.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 92 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

208-متى أثبت الحكم أن المتهم تربص للمجني عليه في الطريق للفتك به فذلك يكفي في بيان توافر ظرف الترصد، ولا يغير من ذلك قصر مدّة الانتظار.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 21

جلسة 23 نوفمبر سنة 1942

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: منصور إسماعيل بك وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزائرلي بك المستشارين.

(20)
القضية رقم 1888 سنة 12 القضائية

 

قتل عمد. ترصد. سبق إصرار. ماهية الترصد. توافر هذا الظرف. يغني عن توافر ظرف سبق الإصرار.
(المادة 194 ع = 230)
متى أثبت الحكم أن المتهم تربص للمجني عليه في الطريق للفتك به فذلك يكفي في بيان توافر ظرف الترصد، ولا يغير من ذلك قصر مدّة الانتظار. وإذ كان الترصد ظرفاً قائماً بذاته حكمه في تشديد عقوبة القتل العمد بمقتضى المادة 230 من قانون العقوبات حكم سبق الإصرار تماماً، فإن قيامه وحده يبرر توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة المذكورة. وإذن فمتى أثبت الحكم توافره فلا تكون للمتهم مصلحة في أن يتمسك بعدم توافر ظرف سبق الإصرار أيضاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

207-إذا كان الحكم حين أدان المتهم في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار لم يذكر عن سبق الإصرار إلا قوله إنه ثابت من الضغائن التي بين عائلتي المجني عليه والمتهم، فإنه يكون قاصر البيان متعيناً نقضه

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السابع (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1945 لغاية 13 يونيه سنة 1949) - صـ 168

جلسة 3 من يونيه سنة 1946

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك المستشارين.

(179)
القضية رقم 898 سنة 16 القضائية

 

قتل. ظرف سبق الإصرار. القول بتوافره على أساس الضغائن. لا يكفي.
إذا كان الحكم حين أدان المتهم في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار لم يذكر عن سبق الإصرار إلا قوله إنه ثابت من الضغائن التي بين عائلتي المجني عليه والمتهم، فإنه يكون قاصر البيان متعيناً نقضه، إذ الضغائن وحدها لا تكفي بذاتها للقول بثبوت سبق الإصرار.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

206-إذا كان الحكم قد استظهر ظرفى سبق الاصرار والترصد فإنه يكون قد دلل على توافر هذين الظرفين تدليلا سائغا.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 737

جلسة 7 من يونيه سنة 1954

برياسة السيد المستشار ابراهيم خليل، وحضور السادة: مصطفى حسن، وحسن داود ومحمود اسماعيل وأنيس غالى المستشارين.

(244)
القضية رقم 620 سنة 24 القضائية

(ا) إثبات. شاهد. الاعتماد على قول له دون قول آخر. جوازه. أقوال الشهود فى التحقيقات. جواز الاعتماد عليها.
(ب) قتل عمد. سبق الاصرار والترصد. إثباتهما بأدلة مؤيدة إليهما. مثال.
(ج) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال.
1 - من المقرر أن للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال للشاهد وتطرح قولا آخر له، ولا تثريب عليها فى الاستشهاد فى حكمها بشهادة أدلى بها الشاهد فى التحقيق ولول لم تتل بالجلسة ما دام الطاعن لم يطلب سماعه أو تلاوة أقواله وكانت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فى جلسة المحاكمة وتناولها الدفاع عن الطاعن بالمناقشة.
2 - إذا كان الحكم قد استظهر ظرفى سبق الاصرار والترصد بقوله " إن سبق إصرار المتهمين الأول والثالث على ارتكاب جريمتهما ثابت من الباعث عليها وهو الثأر لقتيلهما من المجنى عليه ثابت مما تكشف عنه التحقيقات من ترقبهما المجني عليه وتعقبهما له وترصدهما إياه فضلا عن اتفاقهما مع بعض الأشخاص ممن كانوا معهم للاختفاء فى زراعة الذرة لقطع الطريق عليها وإنهاء حياته وخروج هؤلاء الآخرين على المجنى عليه وهو يجرى يلتمس النجاة وسدهم الطريق فى وجهه بينما كان يلاحقه المتهمان الأول والثالث شاهرين مسدسيهما للقضاء عليه ثم إطلاق المتهم الأول والثالث عدة أعيرة نارية على المجنى عليه أودت بحياته مما يقطع بأنهما ارتكبا جريمة القتل باصرار سابق ونية عقداها من قبل " - فإنه يكون قد دلل على توافر هذين الظرفين تدليلا سائغا.
3 - إذا كانت العقوبة التى قضت بها المحكمة على الطاعن تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للقتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد فلا يجدى الطاعن الاحتجاج بانتفاء هذين الظرفين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه مع آخرين قتلوا عبد العال أحمد عطيفى عمدا مع سبق الاصرار على ذلك والترصد ببأن بيتوا النية على قتله وكمنوا له فى طريق مروره حتى إذا ما ظفروا به أطلقوا عليه عدة مقذوفات نارية وانهالوا عليه بالعصى قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته - وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات فقررت بذلك. وقد ادعت سعاد حسين عن نفسها وبصفتها وصية على قصر القتيل بحق مدنى قبل المتهم الأول وطلبت القضاء لها قبله بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض مؤقت ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كمال محمود حسن بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشرة عاما. وبتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1953 قضت المحكمة المذكورة فى الدعوى المدنية بالزام كمال محمود حسن بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى سعاد حسين عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم عبد العال أحمد عطيفى مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

 

.. وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الدفاع عن الطاعن اعتمد فى نفى التهمة عنه على الخلاف فى تصوير الحادث بين أقوال الشهود والطبيب الشرعى وعللت المحكمة هذا الخلاف بالنسبة إلى اتجاه الأعيرة بعلة لا سند لها من التحقيقات وردت عليه بالنسبة إلى مستوى كل من الطاعن والمجنى عليه ردا مبنيا على مجرد الظن والتخمين، أما الخلاف بالنسبة إلى نوع السلاح والمسافة التى أطلقت منها الأعيرة على المجنى عليه فلم تعن بالرد عليه فجاء الحكم على هذه الصورة معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدل من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها عرض لدفاع الطاعن ورد عليه بقوله: " إن ما يقوله المتهم الأول "الطاعن" فى دفاعه من أن تقرير الطبيب الشرعى خالف شهود الإثبات إذ حسب تصويرهم يتحتم أن يكون اتجاه المقذوف أفقيا فى جسم المجنى عليه أو من أعلى لأسفل قليلا ومن التقرير ثبت أن الاتجاه من أسفل إلى أعلى هذا القول مرود بأنه جانب الحقيقة المستفادة من ذلك التقرير على الوجه السالف ذكره وهو واضح الدلالة على ما تكشف للمحكمة من أن المتهم الأول عند ما أطلق مسدسه على المجنى عليه فأحدث به الجروح المنوه عنها بالتقرير الشرعى كان والمجنى عليه فى مستوى واحد وإنما كانت ماسورة مسدسه المصوبة إلى المجنى عليه ترتفع وتنخفض وفقا لحركة يده وقت إطلاق المقذوفات النارية من مسدس فجاء التصويب على ما ورد بذلك التقرير من تركيز الماسورة فى موضع منخفض عن مكان الإصابة الجسيمة أحيانا ومن تركيزها فى مستوى يعلو عن موضع الإصابة الجسمانية أحيانا أخرى" وما قالته المحكمة من ذلك للملاءمة بين ما شهد به شهود الإثبات وما أورده التقرير الطبى بصدد اتجاه الأعيرة ومستوى الطاعن بالنسبة لمستوى المجنى عليه وقت إطلاقها هو تعديل سائغ عقلا غذ أن مطاردة الطاعن للمجنى عليه وملاحقته للظفر به وإطلاق النار عليه مع محاولة هذا الأخير الفرار من الخطر المحدق بحياته قد تقتضى من الطاعن تحريك يده ارتفاعا وانخفاضا لإحكام تصويب فوهة المسدس إلى مواضع قاتلة من جسم فريسته - لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم نقلا عن التقرير الطبى من أن الأعيرة أطلقت على المجنى عليه من سلاح كالربفولفر أو الطبنجة الأتوماتيكية من مسافة تجاوزت حد التصويب القريب لا تقل عن نصف متر وقد تصل إلى عدة أمتار يتفق وشهادة شاهد الرؤية حسن حسن حسنين الثابتة بالحكم من أن الطاعن أطلق النار على المجنى عليه من مسدس ومن مسافة نحو مترين كان بين من محضر الجلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدع أن هناك خلافا بين أقوال الشهود والتقرير الطبى بشأن نوع السلاح والمسافة التى أطلقت منها الأعيرة حتى كانت المحكمة تتعرض له وترد عليه فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثانى والثالث هو أن الدفاع عن الطاعن بين للمحكمة أوجه الخلاف فى أقوال الشهود بالنسبة إلى التبليغ وأسماء المتهمين وكيفية ونوع الحادث ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع وقال عن الشاهد أحمد محمد حماد عبارات تفيد تشكك المحكمة فى صدق شهادته، هذا فضلا عن أن المحكمة استندت فى إدانة الطاعن - ضمن ما استندت - إلى شهادة أحمد حسين ابراهيم، فى تحقيق النيابة باعتبارها مؤيدة لشهادة حسن حسن حسنين، وهو استنادا لا يجيزه القانون لعدم سماع شهادته بالجلسة ولعدم تلاوة أقواله ولأنه عدل عن تلك الأقوال أمام قاضى التحقيق وقال إنه لا يعرف عن الحادث شيئا، هذا إلى أن الطاعن أشار فى دفاعه أمام المحكمة إلى قصور التحقيق بالنسبة إلى بحث أسباب الجريمة وما إذا كان يبين المجنى عليه وغيره عداء أو خصومة غير المتهمين كما تمسك بانتفاء سبق الاصرار والترصد ولكن الحكم لم يتعرض لهذا الدفع ولم يرد عليه.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة جزأت أقوال الشاهد أحمد محمد حماد وأخذت فيها بالشطر الذى صدقته وهو ما تعلق برؤيته للطاعن هو يطلق النار على المجنى عليه واطرحت ما عدا ذلك للأسباب التى ذكرتها، وكانت العيار التى ساقتها وأفادت بشككها فى بعض أقواله لا تنسحب إلا على ما لم تأخذ به من تلك الأقوال وكان من المقرر أن للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال للشاهد, وتطرح قولا آخر له، ولا تثريب عليها فى الاستشهاد فى حكمها بشهادة أدلى بها الشاهد فى التحقيق ولول لم تتل بالجلسة ما دام الطاعن لم يطلب سماعه أو تلاوة أقواله وكانت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فى جلسة المحاكمة, وتناولها الدفاع عن الطاعن بالمناقشة. لما كان ما تقدم, وكان الحكم قد استظهر ظرفى سبق الاصرار والترصد ودلل على توافرها موضوعا سائغا في قوله " إن سبق إصرار المتهمين الأول والثالث على ارتكاب جريمتهما ثابت من الباعث عليها وهو الثأر لقتيلهما محمود حسن والد المتهم الأول من المجنى عليه, وثابت مما تكشفت عنه التحقيقات من ترقبهما المجنى عليه, وتعقبهما له, وترصدهما إياه, فضلا عن اتفاقهما مع بعض الأشخاص ممن كانوا معهم للاختفاء فى زراعة الذرة لقطع الطريق عليها وإنهاء حياته وخروج هؤلاء الآخرين على المجنى عليه وهو يجرى يلتمس النجاة وسدهم الطريق فى وجهه بينما كان يلاحقه المتهمان الأول والثالث شاهرين مسدسيهما للقضاء عليه ثم إطلاق المتهم الأول والثالث عدة أعيرة نارية على المجنى عليه أودت بحياته مما يقطع بأنهما ارتكبا جريمة القتل باصرار سابق ونية عقداها من قبل ". لما كان ذلك, وكانت العقوبة التى قضت بها المحكمة على الطاعن، تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للقتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد فلا يجدى الطاعن الاحتجاج بانتفاء هذين الظرفين فإن ما يثيره فى طعنه لا يكون مقبولا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

205-نفي الحكم عن المتهمين بالقتل العمد ظرف سبق الإصرار ونية القتل أخذهم بالقدر المتيقن دون نفي الاتفاق بينهم.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 585

جلسة 27 من مايو سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(150)
طعن رقم 514 سنة 28 ق

ضرب. قدر متيقن. قتل عمد. سبق إصرار. مسئولية جنائية. حكم "تسبيب معيب". نفي الحكم عن المتهمين بالقتل العمد ظرف سبق الإصرار ونية القتل. أخذهم بالقدر المتيقن دون نفي الاتفاق بينهم. قصور.
متى كان الحكم قد نفى عن المتهمين جميعاً في جريمة القتل العمد ظرف سبق الإصرار ونية القتل وأخذهم بالقدر المتيقن دون أن يعرض لوجود اتفاق بين المتهمين على ارتكاب الجناية من عدمه, فإنه يكون قاصراً, ذلك أنه لا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وببين انتواء المتهمين فجأة الاعتداء على المجني عليه واتفاقهم على ذلك في اللحظة ذاتها, ومن ثم فلا يكفي لأخذ المتهمين بالقدر المتيقن نفي ظرف سبق الإصرار بل لابد لذلك من انتفاء الاتفاق بينهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- محمد العزب هاشم و2- سعد العزب هاشم و3- مصطفى عبد الحافظ هاشم و4- حامد عبد الحافظ هاشم و5- محمد محمود هاشم و6- حافظ محمود هاشم و7- عبد الحميد علي مسلم و8- محمد عبد العزيز هاشم و9- عبد الرحيم عبد الوهاب هاشم - بأنهم أولاً - المتهمون الثمانية الأول قتلوا عمداً جبر عبد المطلب سعد بأن ضربوه بعصى غليظة على رأسه وباقي أجزاء جسمه قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار - وثانيا - المتهمون التسعة جميعاً - ضربوا عمدا سلامة جبر عبد المطلب فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي التي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما وكان ذلك مع سبق الإصرار - وثالثاً - المتهم الثالث ضرب عمداً رجاء جبر عبد المطلب سعد فأحدث بها الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و242/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فصدر قراراها بذلك وادعى سلامة وأمينة جبر عبد المطلب وروض غازي فياض عن نفسهما وبصفتها وصية على أولادها زينب ورجاء وعطية ومحمد وعلي أولاد المجني عليه جبر عبد المطلب بحق مدني قدره ألف جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين جميعاً متضامنين. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 منه للأول والسادس والسابع والثامن وبالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات للثاني والثالث والرابع والخامس - أولاً - بمعاقبة كل من محمد العزب هاشم وحافظ محمود هاشم وعبد الحميد علي مسلم ومحمد عبد العزيز هاشم بالحبس مع الشغل لمدة سنة عن تهمة ضرب جبر عبد المطلب سعد ضرباً أفضى إلى موته وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعيين بالحق المدني سلامة جبر وأمينة جبر وروض غازي فياض بصفتهما مبلغ ثلاثمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وبمعاقبة سعد العزب هاشم ومصطفى عبد الحافظ هاشم وحامد عبد الحافظ هاشم ومحمد محمود هاشم بتغريم كل منهم ألف قرش وذلك عن التهمة ضرب المجني عليه المذكور ورفض الدعوى المدنية المرفوعة عليهم وثانياً - بمعاقبة مصطفى عبد الحافظ هاشم ومحمد عبد العزيز هاشم بتغريم كل منهم خمسمائة قرش عن التهمة الثانية وبراءة باقي المتهمين من التهمة المذكورة وثالثاً - بمعاقبة مصطفى عبد الحافظ هاشم بتغريمه مائتي قرش عن التهمة الثالثة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

 

... وحيث أن مما تنعاه النيابة على الحكم المطعون فيه هو القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم وقد نفى توافر ظرف سبق الإصرار - وقف عند هذا الحد - وأخذ المطعون ضدهم بالقدر المتيقن في حقهم وهو الضرب البسيط - دون أن يعرض لوجود الاتفاق بينهم على الاعتداء من عدمه ولا يكفي لأخذهم بالقدر المتيقن نفي ظرف سبق الإصرار بل يجب أن يقوم دليل على انتفاء الاتفاق بينهم أيضا ً- وهو ما أغلفه الحكم إغفالاً تاما - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على 1- محمد العزب هاشم 2- وسعد العزب هاشم 3- ومصطفى عبد الحافظ هاشم 4- وحامد عبد الحافظ هاشم 5- محمد محمود هاشم 6- حافظ محمود هاشم 7- عبد الحميد علي مسلم 8- محمد عبد العزيز هاشم. لأنهم في يوم 25/ 6/ 1952 بناحية ميت هواي مركز السنطة مديرية الغربية - قتلوا عمداً جبر عبد المطلب سعد بأن ضربوه بعصى غليظة على رأسه وباقي أجزاء جسمه قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار - وطلبت النيابة عقابهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. وحصل الحكم المطعون فيه - بياناً لواقعة الدعوى - أن المجني عليه "جبر عبد المطلب سعد" كان يرقد بحوار ضريح الأخوين فاعتدى عليه المتهمون الثمانية بالعصى - فأصابه محمد العزب هاشم وحافظ محمود هاشم وعبد الحميد علي ومسلم ومحمد عبد العزيز مسلم ومحمد عبد العزيز هاشم في رأسه وذارعيه وجنبه فأحدثوا به الإصابات التي كان من نتيجتها وفاة المجني عليه وإصابة الباقون: سعد العزب هاشم ومصطفى عبد الحافظ هاشم. وحامد عبد الحافظ هاشم ومحمد محمود هاشم (المطعون ضدهم) في أجزاء من جسمه ودلل على هذه الواقعة بعدة أدلة منها أقوال المجني عليه قبل وفاته من حصول الاعتداء وهو مستغرق في نومه بجوار الجامع - ونفى الحكم عن المتهمين جميعاً توافر ظرف سبق الإصرار ونية القتل ورتب على نفي سبق الإصرار - التميز بين المتهمين أنفسهم من حيث المسئولية وأخذ من أحدث الإصابات التي أدت إلى الموت بجناية الضرب المفضي إلى الموت - أما الباقون - وهم المطعون ضدهم فقد أخذهم بالجنحة البسيطة - لما كان ذلك - وكان ارتكاب جريمة القتل بطريق الاتفاق قد يكون وليدا للحظة التي تلاها وقوع الجريمة ولا يتحتم أن يكون وليد سبق الإصرار ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار بين انتواء المتهمين فجأة الاعتداء على المجني عليه عندما مروا به وهو نائم واتفاقهم على ذلك في اللحظة ذاتها - فلا يكفي لأخذ المطعون ضدهم بالقدر المتيقن نفي ظرف سبق الإصرار بل لابد لذلك من انتفاء الاتفاق بينهم - وهو مناط مسائلة المطعون ضدهم عن الضرب الذي أفضى إلى موت المجني عليه - واعتداء كل منهم على المجني عليه تنفيذاً لما اتفقوا عليه بجعل كلا منهم فاعلاً أصلياً في الجريمة ولو كانت الوفاة لم تنشأ إلا عن فعل بعضهم - لما كان ذلك - وكان الحكم لم يعرض لوجود الاتفاق بين المتهمين على ارتكاب الجناية من عدمه فإنه يكون قاصراً قصورا يعيبه ويستوجب نقضه بالنسبة للمطعون ضدهم "سعد العزب هاشم ومصطفى عبد الحافظ وحامد عبد الحافظ هاشم ومحمد محمود هاشم".
"الطعن المقدم من المتهمين (محمد العزب هاشم - حافظ محمود هاشم - عبد الحميد علي مسلم - محمد عبد العزيز هاشم".
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه - بعد أن أثبت أن المجني عليه وذويه لم يستطيعوا تحديد الضربات التي أحدثها كل من الطاعنين بالمجني عليه بعد أن نفى ظرف سبق الإصرار - عاد وأخذهم بجناية الضرب الذي أفضى إلى موت المجني عليه وكان الأمر يقتضي بعد هذا كله أن تأخذهم بالقدر المتيقن في حقهم وهو الضرب البسيط مما يعيبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى موت المجني عليه وساق على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - وكان لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرون في أسباب طعنهم - إذ العقوبة المقضي عليهم بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط - ومن ثم يكون طعنهم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 82 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

204-تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون, وهى أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقرير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 896

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطية اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(190)
الطعن رقم 1096 لسنة 29 القضائية

(أ, ب) حكم. ضوابط التدليل. صلاحية الأدلة لأن تكون عناصر إثبات سائغة. ما لا يتعارض مع هذا الضابط.
تكملة محكمة الموضوع للدليل بالعقل والمنطق واستخلاصها منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه.
ما لا يعيب التدليل.
استطراد الحكم بذكر أمور تنصل في جملتها بالباعث على الجريمة.
(ج) نقض. المصلحة في الطعن. انتفاؤها. مثال.
إثارة المتهم ما قاله الحكم في جزئيات الدعوى المستقاه من الدلالات المادية للدعوى طلبا للصورة الصحيحة للحادث عند اعتراف المتهم بارتكابه والالتفات عن دفاعه من أنه كان وقت حصوله يدافع عن نفسه.
(د, هـ) قتل عمد. المسئولية والعقاب. محكمة الموضوع.
القصد الجنائي. ماهيته.
تقدير توافره من عدمه مسألة موضوعية. التدليل الكافي على توافره. مثال.
الظروف المشددة للعقوبة. سبق الإصرار. ماهيته. البحث في وجوده من عدمه مسألة موضوعية. التدليل الكافي على توافره. مثال.
(و) دفاع. طلب ندب خبير لإبداء الرأي في حالة المتهم العقلية. متى لا تلتزم المحكمة بإجابته؟
عند إيراد الحكم أسبابا سائغة كاشفة عن عدم استناده إلى أساس جدي. مثال.
مسئولية جنائية. أسباب امتناعها. الجنون وعاهة العقل. الدفع بذلك من حيث صلته بالتسبيب.
عدم التزام المحكمة الاستعانة برأي خبير فني في أمر تبينته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات.
(ز) متى لا تلتزم محكمة الجنايات إجابة طلب الدفاع بسماع شاهد في الدعوى؟
عند عدم سلوك المتهم الطريق الذي رسمه القانون في المواد من 185 إلى 187 أ. ج.
(ح) إجراءات المحاكمة. بطلان. تصحيحه بسقوط الحق في التمسك به إذا تم الإجراء بحضور محامي المتهم ودون اعتراض منه.
مثال في سماع أقوال الطبيب الشرعي والمترجم بغير حلف.
(ط) خبير. حلفه اليمين بوصفه خبيرا.
أداء الخبير يمينا عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أمام المحاكم.
(ى) دفاع. ما لا يعتبر إخلالا بحق الدفاع. حكم. ما لا يعيب التدليل.
اعتماد الحكم على الخطابات المتبادلة بين المتهم ووالدته والتي لم يطلع عليها الدفاع للتدليل على واقعة لا أثر لها في الحكم بإدانة المتهم.
1 - لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها, وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة, بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة - ولو كانت غير مباشرة - متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
2 - لا يعيب الحكم ما استطرد فيه من أمور تتصل في جملتها بالباعث على الجريمة والدافع للمتهم على ارتكابها وهما ليسا من عناصرها القانونية.
3 - لا يجدي المتهم إثارة ما قاله الحكم في جزئيات الدعوى, ما دام هو معترف اعترافا صريحا باعتدائه على المجني عليها, ولم تسايره المحكمة فيما صوره من أنه كان مدافعا عن نفسه, ولأنه واضح من الحكم أن حديثه في هذه الجزئيات لم يخرج فيه عن الدلالات التي أرجعها إلى الماديات الثابتة من المعاينة ومن الظروف التي لابست الحادث وتلته, ولم يكن معالجة الحكم لها إلا انبعاثا منه في طلب الصورة الصحيحة لما حدث.
4 - تعمد القتل مسألة موضوعية لم يعرفها القانون, وهى أمر داخلي متعلق بالإرادة يرجع تقرير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع - فإذا استظهر الحكم نية القتل في قوله "... إن الثابت من ظروف الدعوى وما تقدم تفصيلا ومن التقارير الطبية وما أورته الصور أن المتهم فاجأ أمه بالضرب العنيف "بيد الهون" على رأسها ثم انهال على رأسها مرات أخرى بلا رحمة وبعنف حتى سقطت بين يديه مضرجة بدمائها ولم يتركها بعد سقوطها, بل انهال عليها ضربا على رقبتها وهى ملقاة على ظهرها, وفتتت الضربات عظام الغضروف الدرقي, يدفعه حقده وحفيظته - تلك التي قطعت أوصال المودة في القربى - بما تتوافر معه نية القتل العمد العدوان وإزهاق الروح, وبما نشأت عنه الصدمة العصبية, والارتجاج المخي وانسداد المسالك الهوائية التي انتهت بما أراده وصمم عليه من قتلها والتخلص منها" فإن ما أورده الحكم تدليلا على قيام هذه النية سائغ واضح في إثبات توافرها لدى المتهم.
5 - سبق الإصرار ظرف مشدد ووصف للقصد الجنائي, والبحث في وجوده أو عدم وجوده داخل تحت سلطة قاضي الموضوع, وإذ كان هذا الظرف من الأمور النفسية الذي قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة, فللقاضي أن يستنتجه من وقائع الدعوى وظروفها, ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج, وما دامت المحكمة لم تخطئ في تقدير هذا الظرف كما عرفه القانون - فإذا استدل الحكم على سبق الإصرار بقوله: "... إنه متوافر من الظروف السابقة كلها التي شرحتها المحكمة تفصيلا, ومن حاجة المتهم الملحة إلى المال وجشعه واستدانته من أمه وغيرها ومغامرته في الحصول عليه بكل الوسائل - حتى على حساب أمانته وشرف وظيفته - وما وصل إليه حاله في الشهر الأخير من الضيق المالي - مع كثرة مطالب الحياة ومع اعتقاده أن أمه في بسطة من العيش وسعة من المال ومع ذلك فإنها تضن عليه ببعض هذا المال مما لها من معاش واستحقاق في الوقف ورصيد بالبنك - فضاق ذرعا بكل ذلك وظن أن هذا منتهى القسوة عليه وأنه لا سبيل ولا أمل له إلا في الإجهاز عليها, ولا مخلص له مما هو فيه إلا أن يتخلص منها فيرثها في الوقف وفي أموالها ويأخذ ما لديها, فدبر الأمر وفكر فيه وتروى منذ أن أغلفت بابها دونه في الصباح ورفضت أن تعطيه ما طلب أو بعضه فذهب يرتب جريمته ويدبر لها ويجهز شهودها من قبل, ولم يقل لزوجه ولا لأخيها - الذي لقيه مصادفة - شيئا عن ذهابه لها لأنه أعد للأمر جريمته وسلك سبيل التخفي في ذهابه إليها وفي الوصول إليها وفي كيفية قتلها, بل دبر أمر كيفية إخفاء آثار جريمته, بما يقطع كله في أنه إنما فكر وصمم وتروى قبل مقارفته جريمة قتل أمه بما يتوافر معه سبق الإصرار" - فإن ما استخلصته المحكمة من وقائع الدعوى وظروفها ورتبت عليه قيام ظرف سبق الإصرار يكون استخلاصا سليما متفقا مع حكم القانون.
6 - لا تلتزم محكمة الموضوع بندب خبير إذا هى رأت أن ما طلبه الدفاع عن المتهم من استطلاع رأي طبيب نفساني لا يستند إلى أساس جدي لأسباب سائغة أوردتها - فإذا تناول الحكم دفاع المتهم من أنه كان في حالة فقد فيها شعوره وإدراكه واختياره وقت ارتكاب الحادث وردّ عليه بقوله: "... إن تصرفات المتهم قبل الحادث وبعده ووقت الحادث كلها كانت تدل على ثباته وعقله وعلمه بما يفعل وفعل ولم يكن لديه انحراف, فلم يثبت أو يقم أي دليل على أنه كان في حالة جنون أو عاهة عقلية أفقدته شعوره واختياره, بل كان تفكيره الإرادي والشعوري قائما - من كيفية ذهابه لأمه وعدم ذكر ذلك لأحد وتصميمه على القتل واتخاذ الطرق التي تمنع من أن يوجه إليه اتهام أو اشتباه - من طريقة صعوده المنزل ودخوله فيه وارتكابه الحادث وبعده ومن مخاطبة زوجته وحديثه معها ومصاحبتها ومسح بصماته وغسل أداة القتل والبحث عما كان يريد أخذه من نقود ومصوغات وأوراق, ثم بعد كشف الجثة من تصويره الواقعة وإلقاء الشبهات على سارق مجهول أمام المحقق الأول ولصديقه الذي رافقه واقتراض النقود في اليوم التالي, كل ذلك يقطع في تمام شعوره وإدراكه لما يفعل وارتكب..." - فلا تكون المحكمة بعد ذلك في حاجة إلى أن تستعين برأي طبيب في الأمراض العقلية أو النفسية في أمر تبينته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات.
7 - إذا كان المتهم لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في المواد 185 و186 و187 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى الشهود الذين يطلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم تدرج غرفة الاتهام أسماءهم في قائمة الشهود, فلا تثريب على المحكمة إن هى لم تجب طلب الدفاع سماع الطبيب الذي كان يعالج والدة المتهم.
8 - ما ينعاه المتهم على الحكم من سماعه أقوال الطبيب الشرعي والمترجم الذي تولى ترجمة أقوال الشاهدة دون تحليفهما اليمين القانونية مردود بأن هذا الإجراء قد تم بحضور محامي المتهم في جلسة المحاكمة دون اعتراض منه عليه مما يسقط الحق في الدفع ببطلانه.
9 - لا يلتزم الخبير بحلف اليمين قبل سماع أقواله أمام المحكمة بوصفه خبيرا لا شاهدا, ما دام قد أدى يمينا عند مباشرته لوظيفته مما يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أمام المحاكم.
10 - لا يقدح في سلامة الحكم اعتماده على الخطابات المحررة بلغة أجنبية التي تبادلها المتهم ووالدته والتي لم يطلع عليها الدفاع, لأن ما استخلصه منها مقصور على التدليل على حسن العلاقه بين المتهم ووالدته وقت تحرير تلك الخطابات, وهى واقعة لا أثر لها في الحكم بإدانة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمدا ومع سبق الاصرار أمه بأن عقد العزم وأجمع الرأي على قتلها وتوجه إليها في منزلها لهذا الغرض وفاجأها أثناء وجودها معه وانهال عليها ضربا في رأسها وعنقها عدة ضربات بآلة صلبة راضة (يد هون) حتى سقطت أرضا فهشم عنقها بتلك الآلة الصلبة الراضة قاصدا قتلها وحدثت بها من جراء ذلك الجروح والإصابات المتعددة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي كانت سببا في وفاتها. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 230, 231 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة إحالته إلى هذه المحكمة لمعاقبته بالمادتين سالفتى الذكر. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 13 من قانون العقوبات بمعاقبة حسني أحمد توفيق مورو بالإعدام شنقا. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الأوجه الخمسة الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الاسناد وانطوى على قصور في البيان وفساد في الاستدلال - ذلك أنه حين تحدث عن المجنى عليها كال لها من الأوصاف ما يتعارض مع الواقع وأقوال الشهود, وخلع على قسوتها وشذوذها صفات لا مأخذ لها من الأوراق, فصورها أما حانية على أولادها حريصة على تربية الطاعن وتعليمه والإنفاق عليه من مواردها المحدودة, والسهر على تنشئته واختيه في حزم وشدة خشية عاديات الدهر وتقلباته في حين أنها كانت بعيدة عن الصورة التي رسمها الحكم لها فقد حولت تعليم ولدها "الطاعن" من مدارس الفرير الفرنسية حين أنهى بها دراسته الابتدائية إلى الجامعة الأمريكية - الانجليزية المنهج - مستجيبة في ذلك إلى تعاليم أحد أدعياء الطب النفساني الذي سيطر عليها, واستهوتها قلة تكاليف الجامعة الأمريكية فلم تراع مصلحة ولدها واضطراب نظام تعليمه, ولم يكن إنفاقها عليه من مواردها التي وصفها الحكم بأنها محدودة بل كان ذلك مما تركه له والده عند وفاته من رصيد كبير في صندوق التوفير بلغ 2089 جنيها اغتالته المجني عليها بصفتها وصية على أولادها القصر بأن ادعت أحقيتها في هذا المبلغ ونجحت في استصدار حكم قضائي لصالحها لعدم وجود من ينازعها إذ ذاك فاستأثرت بهذا المال وتخلت عن الإنفاق على أولادها مع أن مواردها لم تكن محدودة كما قال الحكم بل كان مرتبا عليها معاش شهري منذ وفاة زوجها في سنة 1938 قدره خمسة وعشرون جنيها بالإضافة إلى معاش أولادها القصر الذي كانت تقتضيه بصفتها وصية عليهم واستحقاقها في وقت يصل ريعه إلى خمسة وعشرين جنيها شهريا, وإيراد الأسهم والسندات التي تملكها, وما كانت تعقده من صفقات تجارية وقروض والمبلغ الذي اختصت به نفسها دون أولادها ومع ذلك فقد دأبت على التقتير على أولادها حبا في المال ولم تكن شدتها إلا أثرا لقسوتها التي فات الحكم أن يستظهرها وهو ما أدى بها إلى شعور بالقلق والحرمان, وعرض الحكم للطاعن فذكر أنه حين غضب من والدته بسبب وقوفها حائلا أمام تحقيق رغبته في الزواج هداه تفكيره إلى الالتحاق بالعمل بمرتب بسيط مع أن هذا المرتب كان خمسة عشر جنيها عند بدء التحاقه بالعمل وهو بعد طالب بالسنة الأخيرة من سني دراسته, كما رماه الحكم بأنه بعد أن اتفق مع والدته على أن يشتري لها من مالها قطعة أرض من شركة المعادي للأراضي التي كان يعمل بها على أن يبيعها بعد ذلك ويقتسما الربح واستكتبته إقرارا بذلك, نكل عن اتفاقه واشترى الأرض باسمه لنفسه بغير علمها وسرق الاقرار واستبدل به إقرارا آخر ولما كشفت الأمر غضبت عليه فهددها مما دفعها إلى شكايته, مع أن هذا التصوير فيه مسخ للحقائق, إذ أن الطاعن ما لجأ إلى شراء قطعة الأرض هذه باسمه إلا احتفاظا بالمزايا التي تمنحها الشركة لموظفيها من حيث الثمن والفائدة ومدة التقسيط وقد تم الشراء باسمه بعلم المجني عليها وموافقتها فقد حضرت مجلس العقد ودفعت مقدم الثمن والمصاريف خمسمائة جنيه واستكتبت الطاعن سندا باقتراض هذا المبلغ منها بفائدة 6%, وخلت الأوراق مما يدل على أن هناك إقرار آخر حرره الطاعن ثم اختلسه أو أنه هدد والدته بل أنه رد كامل ما دفعته له حين باع الأرض على الرغم من وقوفها ضده موقف الخصم تلاحقه بالإنذارات, والتجأت إلى الشرطة لإبعاده عن دار أبيه - وسجل الحكم على الطاعن في مقام النقد لتصرفاته أنه بعد أن تصالح مع والدته رفض أن يستجيب إلى رغبتها في السكن هو وزوجته معها مما أضر بصحتها فأصيبت بمرض ضغط الدم, مع أن ما فعله الطاعن هو المسلك الطبيعي لما يعلمه من أخلاق والدته وخشيته من أن يناله سوء من مشاركتها السكن وهى التي أقصته عن منزلها في مناسبة زواجه, وبذلك كان ما تخيله الحكم من أثر هذا الرفض على المجني عليها فاسدا لا سند له من الأوراق. وحين استطرد الحكم إلى الباعث على الجريمة وصف الطاعن بأنه كان يعيش في مستهل حياته معيشة عادية إلا أنه تطلع إلى حياة أرغد فانتقل إلى مسكن أجره إثنا عشر جنيها شهريا زوده بتليفون وثلاجة وراديو محاولا الظهور بأكثر مما يسمح به مرتبه ومرتب زوجته اللذان بلغا معا ثلاثين جنيها شهريا, وفات الحكم ما كان يكسبه الطاعن فوق مرتبه من عمليات الوساطة في بيع الأراضي لخبرته فيها بحكم عمله, وقد أيد قوله بالكشوف التي قدمها, فضلا عما عاد عليه من ربح عند بيع قطعة الأرض التي سبق أن اشتراها من مال والدته بعد أن صفحت عنه وقبلت استقلاله بهذا الربح لنفسه على أن يرد لها أصل مالها وقد استغل هذا الكسب فعلا في تجهيز منزل الزوجية مما ينفي عن الطاعن قالة التطلع إلى المعيشة بأكثر من موارده والسرقة من الشركة التي يعمل بها, وهو ما أسفر التحقيق عن عدم ثبوت أي جرم عليه. كما أسس الحكم قضاءه على الظن حين أشار إلى ديون الطاعن للصيدلية واستدانته من البنك الذي يعمل به بمناسبة ميلاد ابنه - وتلك أمور عادية ما كان للمحكمة أن تبني عليها ما استنتجته خطأ عن حالة الطاعن - وقال الحكم أيضا أن الطاعن حين زار زوجة عمه أخبرته بحضور والدته من سفرها وطلبت منه الانتظار فرفض ورتب الحكم على ذلك أن والدته ساءها منه هذا العقوق مفترضا علمها بمسلكه هذا من زوجة عمه مع أن هذه الأخيرة قررت أنها لا تذكر أنها أخبرت والدته بشئ عن زيارته لها - كما استخلص الحكم من زيارة الطاعن لوالدته في صباح يوم الحادث أنه ما ذهب إليها إلا للالحاح بمطالبتها بالمال ورتب الحكم على ذلك أنها لابد أن تكون قد تأذت من مسلكه وعقوقه فأغلظت له القول وأنبته ورفضت أن تعطيه شيئا مع خلو أوراق الدعوى من هذه الواقعة بل إن ظروف الحال تنفيها - إذ شهدت الخادمة بأنها لم تسمع شيئا مما دار بين الأم وابنها مما يقطع بعدم حدوث مشاجرة أو مشادة بينهما, وقد رتب الحكم على هذه المشادة المزعومة المبنية على مجرد الظن أن الطاعن خرج غاضبا وبدأ في التفكير في التخلص من والدته وجعل منها أساسا للقول بتوافر سبق الاصرار لديه وذكر الحكم كذلك أنه عند إعادة فحص شقة المجني عليها عثر أحد الضباط بدولاب حجرة نومها على ساعة يد على شكل سوار يبدو أنه من الذهب, وبنى الحكم على ذلك أن الجاني ترك هذه الساعة حتى لا تنم عليه لو أخذها وتصرف فيها, وهو تعليل متخاذل ينفيه ما أورده الحكم في مواضع أخرى منه من أن الطاعن سرق السوار الذهبي الآخر الذي كانت تتحلى به والدته وكان منطق الأمور يقتضي أن يسوي في الحكم بين الأمرين إذ أن خشية افتضاح أمره بالنسبة إلى السوار الذي كانت تتحلى به والدته ويعرفه صديقاتها أظهر منها بالنسبة إلى الساعة التي لم تكن تستعملها عادة بدليل وجود ساعة أخرى في يدها, كما استدل الحكم من أقوال الطاعن في محضر ضابط المباحث والتي كان يرمي بها إلى إبعاد الشبهة عن نفسه وإثبات وجوده في مكان آخر على أنها دليل تدبير الجريمة من قبل مقارفتها واتفاقه مع زوجته والصيدلي على إثبات بعده عن مكان الجريمة وقت ارتكابها, في حين أن هذه الأقوال صدرت من الطاعن قبل اعترافه بارتكاب الجريمة مما يبرر إبعاد الشبهة عن نفسه, أما اتفاقه مع زوجته والصيدلي فقد تم بعد الحادث لا قبله ولا يستفاد منه أنه كان يعد مقدما الدليل على براءته. كذلك قال الحكم إنه عثر على حقيبة يد القتيلة ملقاة على الأرض وبها كيس نقود به مبلغ 130 قرشا كما عثر على حقيبة يد أخرى بداخل صوان بها شيكات بمبالغ مستحقة لها وبداخلها مبلغ سبعة عشر جنيها أخرى, والتفت الحكم عن تعليل سبب ترك الجاني للمبلغ الأول مع قوله بأنه إنما كان يقصد السرقة, أما بالنسبة إلى السبعة عشر جنيها فقد علل الحكم وجودها بأنه يبدو أن الطاعن ظنها شيكات فتركها, وهو استدلال خاطئ لأن الطاعن بوصفه موظف بحسابات أحد البنوك لا يخفي على مثله تمييز الشيكات من النقود, واستطرد الحكم إلى القول بأن الطاعن كان يعلم بأن المدعو وديع سبق أن اقترض من والدته نقودا وسلمها أخوه شيكات باسمه, فرتب الحكم على ذلك أنها الشيكات التي كانت بالحقيبة, واستدل من ذلك على أن الطاعن رآها أو أنه يعرف مصدرها من قبل, وهذا الاستنتاج غير سائغ ينفيه ما سبق أن ذكره الحكم من أن الطاعن ترك النقود ظنا منه أنها مجرد شيكات مع ما قاله من أنه فحص ما تحتوي عليه الحقيبة, وما كان يسوغ عقلا أن يترك الطاعن هذا المبلغ مع أنه أثمن من السوار المقول بأنه سرقه - هذا إلى أن الحكم تعسف في سرد الوقائع بأن اقتصر على ذكر كل ما يؤدي إلى إلقاء الشبهة على الطاعن, وأغفل كل ما جاء على لسان الشهود لصالحه, فجاءت الوقائع مبتسرة منقطعة الصلة بالأوراق ولا تصلح لبيان وجه الحق في الدعوى. فقد وصف الحكم المجني عليها بأنها سيدة كبيرة السن ناهزت الستين من عمرها من أسرة طيبة السمعة, وأنها مثقفة ولها نشاط اجتماعي, وأغفل ما نسب إليها من شذوذ وقسوة وبخل, كما التفت عما جاء بتقرير معاون المباحث من أنها سبق أن اتهمت شقيقها السيد عوضين بقتل والدتها التي عرف عنها هى الأخرى تصرفات شاذة, إذ وجدت تتسول في الطرقات على الرغم من ثرائها - كما اتهمته بقتل شقيقها حسن عوضين الذي عثر عليه قتيلا في منزله, وقد سكت الحكم عن تناول هذه الوقائع بالتعليق حتى لا يضطر إلى قبول قول الطاعن عن شذوذ والدته واختلاط عقلها ووجود خلل وراثي في عائلتها وهجومها عليه لقتله - وذكر الحكم أيضا أنه عندما تحادثت المجني عليها تليفونيا مع صديقتها السيدة روفيه قبيل قتلها كانت في حالة عادية وأنها لو كانت متخوفة من شئ, أو قام شجار أو نزاع بينها وبين الطاعن لحدثت صديقتها به, وهو قول واضح الدلالة على صحة رواية الطاعن من أنه لما كان عند والدته بعد الظهر كان كل شئ طبيعيا حتى إذا ما تم الحديث التليفوني ورآها تتأهب للخروج وبدأ يعاتبها هاجت عليه وأحضرت يد الهون والسكين وحاولت الاعتداء عليه - ولو كان تصوير الحكم للحادث صحيحا من أنه تشاجر مع والدته في الصباح وذهب إليها بعد الظهر متوعدا وقاصدا قتلها لما كانت على هذا الهدوء وهو معها, ولكانت زيارة المساء استمرارا لحوادث الصباح, ولبان ذلك في حديثها التليفوني مع صديقتها, أو أنه كان يحول دونها وهذا الحديث, ولبادر إلى اغتيالها بمجرد وصوله إلى مسكنها. كما ذكر الحكم أن المجني عليها وجدت في الصالة "وبلوزتها" فاقدة أحد أزرارها, وهى واقعة لم يقل بها أحد في التحقيق, ولم ترد في تقرير الطبيب الشرعي, بل استقاها الحكم عرضا من أقوال الدكتورة فاطمة الملاحظ في أثناء مناقشة الطبيب الشرعي بالجلسة دون أن تسمع كشاهدة أو أن تحلف اليمين القانونية. كما استدل الحكم من وجود زر قميص أفرنكي من الصدف الأصفر ملوث بالدماء بجوار الجثة على أنه سقط من القاتل في أثناء التماسك, ورتب الحكم على ذلك حصول مقاومة من المجني عليها دون أن يبين الدليل على أن هذا الزر للمتهم وسقط من ملابسه, في حين أن القميص الذي كان يرتديه الطاعن لم يضبط ولم يفتش منزله بقصد البحث عنه, ولم يقل الطاعن أنه له, بل أن وصف هذا الزر بأنه من الصدف الأصفر يرجح أنه مما يستعمل في ملابس السيدات لا الرجال ويحتمل أن يكون قد سقط من ملابس المجني عليها. وما قيل عن هذا الزر يرد على الزر الآخر الذي عثر عليه بالحمام, ولا يمكن الاستدلال بهما على حصول مقاومة من المجني عليها, كما استدل الحكم على كذب تصوير الطاعن للحادث من أنه حصل عندما هاجمته المجني عليها وهو جالس في الصالة من وجود حقيبتها الجلدية ملقاة على الأرض بمدخل غرفة النوم وبجوارها محتوياتها مبعثرة ووجود آثار دماء في هذا الموضع وبظاهر الحقيبة الجلدية التي كان بجوارها كتاب صغير كانت المجني عليها تحمله مع الحقيبة, ورتب الحكم على ذلك أن المجني عليها بعد أن تحدثت في التليفون عادت لتأخذ كتابها وحقيبتها وتضع فيها حاجياتها ونقودها, وما أن وضعتها وحملتها هى والكتاب وقبل أن تغادر غرفة النوم إلى الصالة, جاءها الطاعن وفاجأها من الأمام وهى على هذه الحال فسقطت الحقيبة منها على الأرض, وتبعثرت محتوياتها لأنها كانت مفتوحة كما سقط الكتاب وتناثرت الدماء النازفة من جروحها في ذلك المكان فهربت من قاتلها إلى الصالة وتابعها هو بالاعتداء. وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا سند له من الأوراق التي جاءت خلوا من الإشارة إلى وجود دماء بغرفة النوم أو بمدخلها أو بحقيبة يدها التي وجدت بمدخل حجرة أخرى للنوم. ولو صح أن الطاعن فاجأ المجني عليها بالاعتداء فلا يسوغ في العقل أن يفاجئها من الأمام. فليس هذا شأن القاتل غدرا - كما أن مؤدى هذا التصوير الخاطئ أن يحول القاتل بين المجني عليها وبين مبارحتها الحجرة لوقوفه حائلا بينها وبين الباب. ولو صح تصوير الحكم من أن الطاعن تابع المجني عليها بالضرب على رأسها بيد الهون لوجدت بها إصابة واحدة بمقدم الرأس وباقي الإصابات من الخلف وهو ما لم يقل به تقرير الطبيب الشرعي الذي تضمن وجود عشرة جروح رضية بفروة الرأس مقابل أعلى الجبهة والقبوة وأعلى المؤخرة, ويكون التعليل المنطقي للحادث هو أن المجني عليها عندما هجمت على الطاعن وتوجهت من الصالة - حيث كانت تجلس معه - إلى المطبخ لإحضار أدوات الاعتداء مرت بغرفة النوم وألقت بالحقيبة داخلها لتخلص يديها مما بها كي تمسك بيد الهون والسكين فتبعثرت محتويات الحقيبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن الذي بلغ من العمر الثلاثين نشأ بين أبوين طيبين أحدهما كان ضابطا بالبوليس وتوفى سنة 1938 وزوجته المجني عليها وله أختان تكبرانه تزوجتا بعد وفاة أبيه وعمره إذ ذاك تسع سنوات, وكان طالبا بالقسم الابتدائي بمدرسة الفرير الفرنسية, فكفلته أمه المجني عليها ورعته وربته حتى أنهى دراسته الابتدائية ثم أدخلته الجامعة الأمريكية فأتم دراسته الثانوية, ثم التحق بالجامعة المصرية بكلية التجارة وظل تحت وصاية أمه التي أشركته في النوادي الرياضية والمدرسية لتزيد من ثقافته حتى تخرج في الجامعة المصرية عام 1951 بتقدير جيد, وتولت الانفاق عليه وعلى أختيه حتى زوجتهما وذلك من ريع ما ورثته من والدتها من عقارات واستحقاق في وقف وما تلقته عن زوجها من معاش بلغ خمسة وعشرين جنيها, ولم يترك زوجها لولده شيئا سوى نصيبه في المعاش الشهري وبلغ هذا النصيب ستة جنيهات وكانت والدته من أسرة طيبة ميسورة ومثقفة تجيد الفرنسية ولها نشاط اجتماعي فهى وكيلة الاتحاد النسائي, وكانت حريصة على رعاية أولادها في حزم وشدة تحسب للزمن حسابه فقد ترملت وهى في سن مبكرة, ولم تتزوج حتى لا تترك أولادها في رعاية غيرها, بل واصلت تربيتهم والعناية بهم حتى شبوا وهى تنفق على ولدها في حدود مواردها التي لم تكن واسعة, وهى تأمل أن تعوده مجابهة الحياة حتى جاوز حد الصغر وبلغ سن التكليف, وحدث وهو في المرحله الأخيرة من تعليمه أن تعلق بإحدى زميلاته وأراد أن يتزوج منها فوقفت الأم ضده, واستمهلته حتى يتم تعليمه ولكنه أبى واستكبر موقفها حياله فقامت بينهما المنازعات ورفضت قبول معاونته في زواجه هذا حتى ينتهى من دراسته العليا, ولكنه أصر عليه فغاضبته وغاضبها ومع ذلك فقد ظل مقيما معها وهداه تفكيره أن يلتحق بعمل بمرتب بسيط في شركة المعادي للأراضي ولما رأى كيف يكسب موظفو هذه الشركة المال من شراء قطع الأرض وبيعها, عرض على أمه أن تعطيه خمسمائة جنيه ليشتري بها قطعة باسمها ثم يبيعانها ويستغلان الربح سويا فوافقته أمه, وأخذت عليه إقرارا بذلك ولكنه ذهب بغير علمها واشترى الأرض بإسمه هو دونها, ثم سرق الإقرار واستبدل به غيره فلما عرفت ذلك عتبت عليه ما فعل عتبا شديدا, واشتد غضبها عليه عندما أمعن في تهديدها مما دفعها أن تشكوه للنيابة وللبوليس مخافة أن يؤذيها في نفسها أو مالها, وتدخل رجال البوليس في الأمر ليتركها, وحز في نفسها أنه وقد أصبح رجلا أن يغلظ عليها ويجافيها, وانتهى الأمر بخروجه من الدار, وبإنذار منها إليه وإلى الشركة بعدم التصرف في الأرض فوقفت الشركة دونه في إتمام البيع إلى أن تم الصلح بينهما. وكان قد مر عام وتخرج من الجامعة, وتزوج بمن رغب, وصفحت عنه أمه, وتراضت معه على أن يبيع الأرض ويستغل مكسبها كله لنفسه لإعداد منزله على أن يعيد إليها أصل مالها, وعادت الأمور بينهما إلى مجراها العادي فكانت تمنح زوجته المال وتبادله الزيارات ثم عرضت عليه أخيرا أن يعود إلى الإقامة معها هو وزوجته ولكنه رفض ما عرضته, فانفعلت نفسها لذلك وأصيبت بمرض ضغط الدم وكانت تعالج من قبل من مرض نفسي وضيق, وأصبحت وحيدة فشغلت وقتها بالخدمة الاجتماعية وفي السفر إلى الاسكندرية لزيارة إحدى ابنتيها وكان الطاعن كلما رغب في شئ عاد إليها, ولما أفهمها مرة أنه يريد أن ينشئ مكتبا للمحاسبة أقرضته خمسة وسبعين جنيها وكان ذلك في سنة 1952 ثم أعطته مبالغ أخرى متفرقة, ولما أنجب ابنته دفعت له أجر المستشفى الذي باشر الولادة, ومع ذلك لم يكن يرعاها الرعاية الواجبة بل تباعد عنها وما كان يزورها إلا ليطلب منها نقودا, مما دفع زوجته إلى أن تمنعه من ذلك حفظا للمودة بينه وبين والدته غير أن الأم كانت تمده - كما قررت أختاه - بالمال الذي تسمح به مواردها ولوجود نزاع قضائي بينها وبين أخيها بسبب غلة الوقف وهبوط سعر فائدة الأسهم, وكان هو من جانب آخر قد أنجب وتزايدت مطالبه, وكان أصلا يعيش عيشه لا بأس بها فأراد أن يعيش معيشة أكثر رغدا فانتقل إلى شقة أجرتها اثنتا عشر جنيها شهريا وأعد فيها تليفونا واشترى ثلاجة كهربائية وراديو "بيك آب" وكان يحاول الظهور فوق مستوى ما تسمح به موارده كلها - إذ كان مرتبه حوالي الثلاثين جنيها وزوجته خمسة عشر جنيها ومجموع ذلك خمسة وأربعون جنيها, ولشدة تعلقه بالمظاهر فكر في أن يقدم للشركة التي يعمل بها خدمة بتسديد رسوم سياراتها ومباشرة ترخيصها مقابل استعمال إحداها والنزهة بها مما يدل على بعض نزعاته ودفعه ذلك إلى اتهامه باختلاس 165 جنيها من قيمة الرسوم المذكورة وادعى فقدها منه, وانتهى الأمر باحتسابها عليه وخصمها منه بواقع خمسة جنيهات شهريا خلاف خصم الباقي من مكافأته السنوية فقل مرتبه وساءت سمعته واختلف مع أحد زملائه في شأن عميل للشركة فتضاربا ورفع عليه زميله دعوى مباشرة وانتهى الأمر فيها بالصلح استجابة لرأى رؤسائهما, ثم فقد ملف خدمته واتهم هو باختلاسه ورؤى أخيرا لسوء خلقه واتهاماته إيقافه عن العمل مع الأمر بفصله وإنذاره بدفع المستحق عليه, ثم تدخل بعض الناس حتى يعاد التحقيق في الأمر وأن يعود إلى عمله, ولكن مطالب الحياة تزاحمت عليه ونهمه للمال وحبه للمظاهر لا ينتهى وأمه لا تسعفه بالمال الكافي فاندفع إلى الانزلاق في الجريمة مرة أخرى فاختلس مبلغ مائة جنيه كان قد سلمها إليه أحد عملاء الشركة, وحققت الدعوى وحجز بالقسم وفي اليوم التالي تقدم أحد أصدقائه ببلاغ إلى القسم بأنه وجد الورقة ذات المائة جنيه المختلسة ملقاة في أحد مكاتب الشركة, وتدخل بعض الناس لصالحه وحفظت الشكوى غير أن الحارس الذي كان قد عين على الشركة طلب إعادة التحقيق فأعيد من جديد, وقيدت التهمة ضد الطاعن وحده اختلاسا وتزويرا, وإزاء هذا كله رؤى فصله من عمله, ثم تدخل البعض لصالحه فرؤى أن يقدم استقالته وسوى حسابه مع الشركة, وتبين أن ما عليه للشركة هو ثلاثة وخمسون جنيها تسامحت فيه الشركة اكتفاء بفصله وحرمانه من مرتبه طوال مدة الإيقاف وهى أربعة شهور, فوقع الطاعن في الحرج والضيق وأصبح لا إيراد له سوى مرتب زوجته فتردد على أمه لتعينه فأعطته 19 جنيها وعتبت عليه أخطاءه وسوء تصرفه وظل عاطلا يستدين المال حتى توسط له أخيرا أحد أقاربه فعين بالبنك التجاري في منتصف شهر ديسمبر سنة 1957 بمرتب 32 جنيها شهريا - ولما تكاثرت عليه المطالب وتراكمت الديون وزادت أعباءه بمولد ابنه في يوليه سنة 1958, وكانت أمه بعيدة عنه بالأسكندرية تزور ابنتيها ولا يستطيع أن ينال منها شيئا كما اعتاد فتحدث معها تليفونيا لينبئها بأمره علها تساعده فلم تفعل لغضبها منه ومن تصرفاته التي أدت إلى فصله من عمله, فاضطر إلى اقتراض ثلاثين جنيها من البنك على أن تخصم من مرتبه شهريا على أقساط قدر كل منها جنيهان فقل إيراده وزادت مطالب أطفاله بما أخل بالتوازن بينهما - فلم يستطع في شهري يوليه وأغسطس أن يسدد من حسابه في الصيدلية سوى مبلغ 122 قرشا وتبقى عليه ستة جنيهات, وجاء شهر جديد بمطالب جديدة فاضطر إلى أن يقترض من البنك في 9/ 9/ 1958 عشرة جنيهات من مرتبه على أن تخصم كلها في آخر الشهر وارتفع حساب الصيدلية وحدها إلى تسعة جنيهات تقريبا, وهذا ما أمكن بحثه فقط في خصوص حساباته وديونه وحالته. ولم يجد الطاعن أمامه إلا أمه التي كانت قد عادت من الأسكندرية يوم السبت 13/ 9/ 1958 وعلم بأمر عودتها يوم الأحد من زوجة عمه حين كان في زيارتها ولم يشأ لغضبه وضيقه المادي وشعوره بأن أمه أهملته بعد أن حدثها تليفونيا أن ينتظر حضورها حين طلبت إليه زوجة عمه ذلك بأن أنبأها بأنه لا يريد رؤيتها, ولابد أن تكون امرأة عمه - وهى أم أيضا - قد حدثت والدته لما حضرت لزيارتها بما كان من أمر نجلها فغضبت الأم بدورها لأن ولدها لا يسأل عنها إلا عندما يطلب المال, وقد كف عن مخاطبتها على خلاف عادته من قبل فسكتت الأم صابرة على عقوق ابنها وانتظر هذا الأخير ولكن الضيق زاد به ولم يقرضه البنك سوى خمسة جنيهات أخرى قبل الحادث بيومين (في يوم الاثنين 15/ 9/ 1958) على أن تخصم كلها كذلك من مرتبه آخر الشهر, فذهب إلى والدته صباح الأربعاء منتويا مطالبتها بما يفى من المال بسداد ديونه وبمواجهة مطالب أسرته وبما يطالبه به البنك والصيدلية من دين لهما عليه ومرتب الخادمة وأجر المسكن واستهلاك النور وغيرها ناسيا أنه هو سبب ما وصل إليه من حال, ولقيته أمه وأفطرت في حضوره وطالبها بالمال في إلحاح, ولابد أن قام في ذهنها أنه إنما جاءها لا ليراها بعد عودتها من سفرها وبعدها عنه بل لحاجته إلى المال فردت تؤنبه ورفضت أن تعطيه شيئا وهو يعلم أن لديها بعض المال كما قال, وأنها أخذت نقودا من حسابها في البنك وأنها تقاضت معاشها واستحقاقها في الوقف وكانت الخادمة موجودة فسكت ولم يستطع أن يفعل شيئا وخرج غاضبا ولكن الشيطان لازمه منذ خروجه واعتملت في نفسه عوامل الشر التي عاشت في جنبات نفسه من زمن مضى واضطرب لمسئولياته وحاجته للمال وقد كانت مساعدتها الأمل الأخير الذي يخلصه من مأزقه, وما دامت لا نفع منها, ولا فائدة ترجى منها فليتخلص من هذه الأم نهائيا تلك التي لا تريد أن تعينه, وليختلس أموالها ويسرق ما لديها بل ليرثها في كل شئ مما لها من أسهم وسندات ورصيد بالبنوك واستحقاق وحصة في الوقف حتى يستطيع أن يعيش وأن يستمر على حياة الترف فلا يحتاج إليها ولا إلى غيرها, ولم يستطع أن يكبح جماح نفسه الشريرة التي أباحت الاختلاس وسولت له التزوير من قبل وهان عليه كل شئ حتى الجريمة فلم يمتنع على نفسه استباحة القتل وهو آخر مراحل الشر حتى لو كانت هذه القتيلة أمه إرضاء لشهوته للمال ولتعلقه بالحياة ومظاهرها فبدأ يفكر ويفكر ويتدبر الأمر ويحسب للجريمة حسابها وعمل على أن يرتكبها في ظروف لا تدل عليه, فعليه أن يرتب مكان بعيدا عن مسرحها ساعة ارتكابها وأن يجهز شهوده على ذلك وأن لا يفعل شيئا مما ينبئ عنه من قرب أو بعد واختمرت الفكرة في نفسه وهو في طريقه إلى عمله فرأى أولا - وهو معتاد على أن يأخذ بعض الحقن من صيدلية النجاح القريبة من منزله بالمنيل - أن يأخذ واحدة منها صباحا - وهى تقيد في الدفتر باسمه عادة دون تعيين ساعة محددة - ويستطيع لصلته بالممرض أن يوجه نظره فيما لو تغيرت الظروف بأنه أخذها ساعة ارتكاب الجريمة فبدأ ينفذ خطته وخرج من البنك الذي يعمل فيه إلى المنيل وأخذ الحقنة وعاد, والبنك لا يقيد مثل هذا الخروج والدخول بل قد ثبت وجوده بالبنك في هذا اليوم, ذلك فيما لو عصى الممرض أو أبى أن يستجيب لرغبته فيكون قوله بأنه أخذ الحقنة بعد الظهر مؤيدا بعدم تغيبه عن البنك صباحا, وعاد متحملا هذه المشقة كلها مرة أخرى من الصيدلية إلى البنك وظل فيه حتى موعد خروج الموظفين ثم ذهب إلى مسكنه كالعادة وتناول طعامه وهو يفكر ويدبر أمر جريمته, ولما كان بطبيعته ثابتا كما شهد أصدقاؤه ولاحظته المحكمة, تدبر أهون السبل إلى ارتكاب جريمته وأداة ارتكابها ووسيلة عدم ظهورها وساعده في تفكيره ما يعتمل في نفسه من حقد دفين نحو أمه وقسوتها وعصبيتها, ولما كان قد عاش ونشأ أصلا في دار أمه فهو يعرف مخارجها ومداخلها ويعرف الأدوات الثقيلة والحادة التي فيها والتي تصلح للقتل فلم يكن بحاجة إلى أن يحمل معه أداة القتل وقد تنبئ عن نيته وهو ليس بالغريب عن الدار, ويعلم أن أمه وحيدة فيها والشقة بالداخل تقع على شارع آخر والسلم عادة يكون مظلما, وأمه اعتادت أن تقفل كل النوافذ فهو آمن من أن يراه أحد صاعدا أو في داخل المسكن, وليس أسهل عليه من القضاء على أمه وهو منفرد بها فهو شاب وهى سيدة عجوز محطمة مريضة, ودليل تصميمه الأول أنه لم يتحدث مع أي إنسان ولم يخبر زوجته بأنه ذاهب إلى منزل أمه أو أنه كان معها في الصباح بل هيأ سببا لنزوله فزعم لزوجته أنه ذاهب إلى المعادي لعرض قطعة أرض على من يدعي "البراني" لشرائها - مع أنه ثبت أنه لم يتصل به ولم يتفقا على شئ من ذلك ونزل منتويا ارتكاب القتل وسرقة ما يجده لدى أمه من مال واختلاس ما أخذته عليه من مستندات وما كان يعلم أنها تحتفظ بالإيصالات الهامة بخزانة البنك, وكان يلبس قميصا وبنطلونا فقط لأن الوقت صيف فلم يكن في وسعه إخفاء أداة القتل التي لم يكن بحاجة إلى مثلها لما تحتويه الدار مما يصلح لهذا الغرض, وأراد الله أن يكشف أمره, فأوجد في طريقه أخا زوجته وهو يسكن قريبا منه فرآه الأخ مصادفة وناداه وسأله عن وجهته فأدعى أنه ذاهب إلى شخص بباب اللوق وطلب منه أن يتركه في ميدان التحرير ففعل وتركه هناك, ولو كانت زيارته لأمه بريئة ولم يكن قد صمم على ارتكاب جريمته لما كتم أمرها عن أخ زوجته بل لجعله يصحبه في سيارته إلى منزلها الذي يقع في طريق محل عمل أخي زوجته, ولكنه آثر هذا الكتمان حتى لا تحيط به الريب فيما لو كشف القتل ولديه الدليل المقنع على أنه كان مع والدته في الصباح فليس من سبب يدعوه إلى الذهاب إليها مرة أخرى بعد ظهر اليوم نفسه - وهو ما دافع به عن نفسه ابتداء أمام وكيل النيابة حينما اتجهت إليه الشبهات - وما أن تركه أخ زوجته بميدان التحرير حتى استقل سيارة أجرة خشية أن يراه أحد في "الأتوبيس", وليستطيع النزول بعيدا عن المنزل وقد تم له ما أراد فوصل ودخل متسللا وصعد السلم وهو آمن من رؤية أحد له لأن البواب حديث عهد بخدمة العمارة, وهو لا يتردد عليها وحتى لا يحدث المصعد صوتا ينبه إليه, وطرق الباب على أمه ففتحته ولم تستغرب حضوره وربما ظنت أنه عاد ليعتذر إليها لما شعر به من خجل بعد مشادة الصباح, وكانت أمه تتأهب للنزول - وهو ما لم يكن يعرفه - وبعد أن لبست ملابسها تكلمت مع صديقتها "روفيه" أمامه تليفونيا لتستحثها على انتظارها بموقف المترو القريب للذهاب لموعدهما السابق لزيارة شقيق روفيه, ولما دخلت الأم لتأخذ حقيبة يدها من غرفة نومها رأى الطاعن أن الوقت قد حان لارتكاب جريمته التي أصر وصمم عليها من قبل, فدخل إلى المطبخ الذي يعرفه وأحضر يد الهون الثقيلة وهى أضمن وأسهل من استعمال السكين التي لو رأتها أمه لاستغاثت فورا أو اتجهت للباب هربا, وكانت هى إذ ذاك تعد حقيبتها - ذات السوسته - وقد وضعت بها كيس نقودها ومنظارها ومشطها ومنديلها, وأمسكت معها بكتاب ثم جاءها الجاني (الطاعن) وفاجأها وضربها على رأسها بيد الهون قاصدا قتلها فسقط الكتاب والحقيبة من يدها التي لم تكن قد أقفلتها بعد تمهيدا لوضع مفاتيحها عندما تخرج وتغلق باب شقتها فعقدت المفاجأة لسانها وأخرسها الاعتداء من ولدها وتناثر ما بالحقيبة على أرض غرفة النوم بالقرب من السرير وفي مدخلها وتناثرت في هذا المكان بعض دمائها التي انبثقت من جروحها فلوثت الحقيبة والأرض, وقد يكون ضربها مرة أخرى وهربت منه إلى الصالة ولاحقها وهو يجري خلفها, وكان هو أطول منها قامة فتمكن منها وأثخنها بضربات يد الهون العنيفة على رأسها تسع مرات أو عشر, وهى تحاول منعه والامساك به ومقاومته بيدها فجرحت ظاهر يديه بأظافرها, وتمزق قميصه وقطع منه أحد أزراره وتخلخل آخر, وقطع زر "بلوزتها" وسقط قرطها من أذنها بجوارها وسقطت الصينية والمنضدة الموجودة في وسط الصالة في أثناء ملاحقتها, ثم وقعت أرضا من عنف الضربات مضرجة بدمائها, ولم يتركها الجاني (الطاعن) بعد سقوطها بل ضربها بيد الهون على رقبتها مرة أو مرات, ففتتت الضربات عظامها والعظم الغضروفي من شدتها وعنقها وسدت مسالك تنفسها, فقضت نحبها بالاسفكسيا, وهى بين يدي ولدها الوحيد, فعمل على أن ينفذ ما قصده من سرقة مالها واستيلائه على ما يجده من مصوغ أو أشياء ثمينة لا تنم عليه لو أخذها, وعلى مستندات ديونه التي يعلم هو وأختاه أنها لم تأخذها عليه إلا احتفاظا بحقوق بنتيها قبله إذا جاء أجلها, فبحث في صوان غرفة نومها وفتشه كله وبعثر أوراقه على الأرض, وكذلك فعل في صوان غرفة النوم الأخرى ثم أخذ ما أراد من مستندات وأموال لابد أن تكون موجودة لأنها سبق أن سحبت من البنك في أواخر الشهر السابق على قتلها مبلغ 120 جنيه, وتسلمت أول الشهر معاشها واستحقاقها الشهري في الوقف وقدرهما 37 جنيها, وقيل بأن إحدى ابنتيها ردت لها قرضا قدره 100 جنيه ولم تكن أنفقت من ذلك شيئا سوى أجرة مسكنها وهى ستة جنيهات ولم تدفع للخادمة أجرها بعد, ولم تكن تنفق الكثير بالأسكندرية لأنها كانت تقيم ضيفة على ابنتيها, واستولى على السوار الذهبي الذي كان أول من نبأ عنه - وربما على أشياء غيره ثمينة تتفق مع يسارها, أما الساعة فلم يأخذها حتى لا تنم عليه لأنها اعتادت حملها ويعرفها أهلها كما ترك القرط "الكورو" لتفاهة قيمته, وهذا كله يدل على حالة الهدوء التي كان عليها الطاعن عند مقارفته الجريمة وينفي عنه الشلل العقلي الذي ادعاه, وما قاله من عدم معرفته ما صنعه بأمه, وبدأ يزيل آثار الجريمة عن نفسه وعن المنقولات وما لمسته يداه الملوثتان فمسح بصماته عنها فلم يترك له بصمة واحدة على أي من هذه المنقولات مع أنه لمسها جميعا ولم ينس واحدة منها مع كثرتها مما يؤكد حالة الهدوء العقلي التي كان عليها - وشاء القدر أن ينبهه أن الله له بالمرصاد, فجاءت السيدة روفية تبحث عن المجني عليها التي تكلمت معها منذ قليل في المسرة في هدوء ولما طرقت الباب صمت الجاني ولم يجب وبعد قليل عادت أخت روفيه ومعها البواب يطرقان الباب, فأراد الجاني أن ينجو بنفسه على النحو الذي كان قد دبره ولكن هذه الظروف التي أتت على خلاف ما قدره من ارتكاب الجريمة بلا مقاومة ألجأته إلى الاتصال بزوجته تليفونيا من محل الحادث لتحضر له ملابس داخلية وخارجية وحذاء وحقيبته الجلدية التي يستعملها لحفظ الأوراق وهو بعد قادر على منعها من الارشاد عنه سواء باللين أو بالتهديد, وقد نفذت الزوجة تعليماته واستقلت سيارة ونزلت بعيدا عن الدار وصعدت على السلم وطرقت الباب طرقات بسيطة ففتحه لها, وكان قد أعد للأمر عدته وانتظر حضور زوجته وهو عار من ملابسه, وفي لحظة خاطفة وضع ملابسه الملوثة في الحقيبة وسلمها لها وأخذ الملابس النظيفة وأمرها بأن تنزل من فورها دون أن يدخلها الشقة, ثم تبعها بمجرد أن ارتدى ملابسه وحمل ما سرقه في سراويله واستقلا سويا سيارة ذهبت بهما ناحية منزلهما, وكانت زوجته تلح عليه أن يحدثها عما حدث وهو يرفض, ولما لم تعد تحتمل اضطر للنزول من السيارة الأجرة التي كانا يركبانها وسارا سويا وهو يرتب في ذهنه ما سيقصه على زوجته. فادعى أنه ذهب إليها مصادفة وأنها تشادت معه وسبته وأهانته, وأنها حاولت قتله بالسكين ويد الهون ولم يكن في استطاعته بعد أن فقد شعوره إلا أن يضربها - فأنكرت عليه زوجته مسلكه هذا وتركه والدته التي ربما لم تكن قد ماتت وأشارت عليه بإبلاغ الشرطة ما دام أنه دافع عن نفسه كما يقول فأجابها أنها ماتت فعلا, ولما عاد إلى المنزل أخرج ملابسه الملوثة فمزق بعضها وألقاها في دورة المياه وغلف الباقي وذهب هادئا إلى الحلاق ليقص شعره, وترك زوجته في موجة من التفكير والعذاب مما دفعها إلى الذهاب إلى والدتها, ورآها وهو لدى الحلاق فاستمهلها إلى أن أتم زينته ورافقها مستعطفا إياها حتى لا تفشى سره, وهددها بأنها إن باحت بشئ فإنها تعد شريكته في كل ما فعل, فسكتت. وعادت أدراجها معه تتنازعها العواطف المختلفة ولم تجد بدا من استدعاء والدتها في الصباح كي تقيم معها عسى أن تهدأ بوجودها, وحدث أن كشفت الجثة بعد ذلك بأيام وطلب زوجها ولما عاد أخبر والدتها بأن أمه قتلت بسبب السرقة فعادت إلى الزوجة أفكارها وآلامها. ولما وجهت الشبهات مرة أخرى إلى زوجها, فضبط وحبس لم تستطع بعدها أن تكتم الأمر وحاسبها ضميرها فكتبت لصديق لهما خطابا كشفت فيه عن أن زوجها هو قاتل أمه وكاشفت الصديق مشافهة بما سمعته من زوجها وإقراره بقتل أمه, فأبلغ الصديق في اليوم التالي المحقق الذي استحضر الزوجة فرددت روايتها وأنها لم تذكر في خطابها أمر ما لفقه لها من أنه كان يدافع عن نفسه لأنها لم تصدقه, وقد أكدت هذه الحقيقة عند مثولها أمام المحكمة. وطلب زوجها بعد أن أقرت عليه فرفض أن يجيب إلا بعد الإتصال بمحاميه ولما أجاب صور الواقعة بصور مختلفة وكان أساس تصويره - وهو ما ذهب الدفاع عنه - أنه قتل أمه لأنه كان يدافع عن نفسه, على أن التحقيقات وما تم أمام المحكمة كله ينفي هذا الذي قال به ويؤكد أن الطاعن قد انتوى قتل أمه وأجمع رأيه على فعلته ودبر جريمته على النحو الذي استخلصته المحكمة وارتكبها قاصدا قتلها مصرا عليه, وكان الباعث لديه هو ما سرقه من أموالها وحتى يرثها بعد ذلك ليستقيم له الأمر وينصلح بعض حاله مما هو فيه من ضيق مالي, على أن الله شاء أن تكشف جريمته" - دوّن الحكم كل ما سبق في بيان الواقعة ثم أورد على ثبوتها على هذه الصورة أدلة مستمدة من التحقيقات وما رواه بعض الشهود وأقوال الطاعن وزوجته, وما تبين من الأدلة المادية والصور والرسوم والقرائن مما يقطع بصحة تصوير الواقعة على الوجه الذي ارتسم في وجدان المحكمة, ولما كانت الاستنتاجات التي خلصت إليها المحكمة تتفق مع المنطق والمعقول وقد استدلت في كيفي�

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 100 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

203-إذا كان الحكم قد أثبت توفر سبق الإصرار فى حق المتهم فقد وجبت مساءلته عن جريمة القتل العمد سواء ارتكبها وحده أو مع غيره، ويكون ما انتهى إليه الحكم فى حدود سلطته التقديرية من مساءلته وحده عن النتيجة صحيحا فى القانون.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 769

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وأحمد أحمد الشامى، وحسين صفوت السركى المستشارين.

(148)
الطعن رقم 531 لسنة 31 القضائية

قتل عمد. سبق الإصرار. مسئولية جنائية. وصف التهمة.
(أ) قتل عمد مع سبق الاصرار. مساءلة المتهم وحده عن الجريمة سواء ارتكبها وحده أو مع غيره: صحيح.
(ب) قتل عمد مع سبق الإصرار. مسئولية الجانى عن الجريمة، قل نصيبه من الأفعال المكونة لها أو كثر.
(جـ) وصف التهمة. تعديله. متى لا يجب لفت نظر الدفاع؟ إذا كان التعديل لم يتناول التهمة ذاتها بل اقتصر على ما استخلصته المحكمة من وسيلة ارتكاب الجريمة خلافا لما جاء بأمر الإحالة. مثال فى قتل عمد.
1 - إذا كان الحكم قد أثبت توفر سبق الإصرار فى حق المتهم فقد وجبت مساءلته عن جريمة القتل العمد سواء ارتكبها وحده أو مع غيره، ويكون ما انتهى إليه الحكم فى حدود سلطته التقديرية من مساءلته وحده عن النتيجة صحيحا فى القانون.
2 - الأصل أن الجانى يسأل عن جريمة القتل التى يرتكبها مع غيره - متى توفر سبق الإصرار - وإن قل نصيبه من الأفعال المكونة لها، فلا يغير من أساس المسئولية فى حكم القانون أن يثبت أن الجانى قد قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال.
3 - لا يعيب الحكم أن نسب إلى الطاعن استعمال السكين خلافا لما جاء بأمر الإحالة - من أنه وآخر قتلا المجنى عليه بأن ألقيا عليه حجرا وطعنه المتهم الآخر بسكين - مادام أن الحكم لم يتناول التهمة التى رفعت بها الدعوى بالتعديل وهى تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، ومادام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التى وقع بها الحادث أخذا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستنادا إلى المنطق والعقل، إذ أن الطاعن لم يسأل فى النتيجة - وبغض النظر عن الوسيلة - إلا عن جريمة القتل العمد وهى الجريمة التى كانت معروضة على بساط البحث، ومن ثم فإن المحكمة لا تلتزم بلفت نظر الدفاع إلى مثل التعديل الذى تم فى هذه الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخر بأنهما قتلا المجنى عليه عمدا ومع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وتوجها إلى مسكنه وألقيا عليه حجرا ثقيلا وطعنه المتهم الثانى عدة طعنات بسكين قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التى أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنهما فى الزمان والمكان سالفى الذكر: سرقا ساعة المجنى عليه الموصوفة بالمحضر وما معه من نقود حالة كون المتهم الثانى يحمل سلاحا وهى الجناية المنطبقة على المادة 316 من قانون العقوبات. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 230 و 231 من قانون العقوبات. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادتى الإتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول وبالمادتين 304/ 1 و 381/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية بالنسبة للثانى بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وببراءة المتهم الثانى مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطاعن هو الخطأ فى القانون وفى الإسناد والفساد فى الاستدلال، ويقول الطاعن شرحا لهذه الأسباب إن الاعتراف المنسوب إليه كان نتيجة تعذيب وضرب ونفخ وإيذاء بآلة حادة "مسلة" وأن الحكم اكتفى فى رده على هذا الدفاع بالاستناد إلى تقرير الطبيب الشرعى وإلى مطابقة ما ورد فى الاعتراف لوقائع الدعوى وهو ما لا يكفى لأن التعذيب لم يكن بالإصابات التى تضمنها تقرير الطبيب الشرعى فقط وإنما كان بالوسائل الأخرى المشار إليها آنفا، كما أن الحكم لم يعن بتحقيق واقعة العثور على القبقاب ولا بملكية الطاعن له، هذا إلى أن الحكم قد أخطأ إذ حمل هذا الإعتراف وقائع لم ترد به فأدان الطاعن باعتباره هو وحده الذى اقترف جناية القتل مع أن مؤدى الاعتراف أن المتهم الثانى - الذى برأته المحكمة - قد أسهم فى ارتكابها بأن طعن المجنى عليه بالسكين فأحدث به الإصابات التى أودت بحياته. ويضيف الطاعن أن الحكم قد شابه التناقض فى كثير من الوقائع إذ بينما يقول إن سبب الجريمة هو إغراء المتهم الثانى للمتهم الأول بالمال ووعده إياه بأن يكون وكيل أعماله إذا به يقول فى موطن آخر إن القتل وقع لسبب لم يكشف عنه التحقيق. وكذلك بالنسبة إلى موقف المتهم الثانى فبينما يقرر الحكم أن المتهمين تعاونا فى حمل الحجر لثقله وألقياه على المجنى عليه وهو نائم إذا به ينسب ذلك كله للطاعن وحده. وبينما يبين وصف النيابة للتهمة أن المتهم الثانى هو الذى طعن المجنى عليه بالسكين إذا بالحكم يدين الطاعن بأنه هو الذى قتل المجنى عليه بالحجر وبالسكين معا. وكذلك أخطأ الحكم فى الاستدلال على القتل مما لا يدل عليه إذ اعتمد على الاعتراف والمعاينة وتقرير الطبيب الشرعى والشهود فى حين أن التقرير الطبى قد أثبت أن الوفاة نشأت من الإصابات التى أحدثها الطعن بالسكين ووصف التهمة نفسه لا ينسب ذلك للطاعن، وأما المعاينة فلا تدل على أن الطاعن هو الذى حمل الحجر وحده وألقاه على المجنى عليه وذلك لا يتأتى لنقل الحجر ولعدم إمكان ذلك لمن يحمل سكينا، وكان يكفى القاتل أن يستعمل السكين لقتل المجنى عليه وهو مستغرق فى نومه. وأما الشهود فكلهم عدا خفير المقابر يشهدون بأن الطاعن كان مع المجنى عليه بالمقهى ليلة الحادث ولم يشهدوا بصلة المتهم بجريمة القتل نفسها بل إن خفير المقابر قرر أن المجنى عليه أخذ منه مفاتيح المدفن الذى وقع فيه القتل ولم يكن معه أحد غيره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على 
دعوى حصول الاعتراف تحت تأثير الإكراه بقوله "إن المتهم زعم أن رجال المباحث اعتدوا عليه بالضرب وثبت من تقرير الطبيب الشرعى أنه لم يشاهد به آثار الضرب بل وجد به آثار احتكاك الحجر بكتفه وآثار المقاومة بذراعه الأيسر وكان تاريخها يتفق وتاريخ الحادث مع أنه ضبط فى اليوم الثالث إثر عودته من الاسكندرية وكشف عليه فى اليوم التالى ولو صح قوله لكانت الإصابات حديثة - ثم من أين لرجال المباحث التنبؤ بتصوير الحادث فقد تأيد بمكان القبقاب وقد أرشد عنه بنفسه". وهذا الذى رد به الحكم سائغ فى دفع دعوى الإكراه مما يدخل فى حدود سلطة المحكمة التقديرية. وإذ كان ما ادعاه الطاعن فى طعنه عن وسائل الإكراه من حصوله بالنفخ وبالإيذاء بالمسلة لم يرد له ذكر بدفاعه الذى أبداه بالجلسة، فإنه لا تصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطمأن إلى أن الطاعن هو الذى أرشد عن قبقابه فى المدفن الذى ألقاه بعد الحادث ليثبت وجوده بعيدا عن مكانه وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق فيما أثاره بهذا الخصوص فإنه لا يحق له أن ينعى على المحكمة أنها لم تتخذ إجراء لم يطلبه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أثبت توفر سبق الإصرار فى حق الطاعن فقد وجبت مساءلته عن جريمة القتل العمد سواء ارتكبها وحده أو مع غيره ويكون ما انتهى إليه الحكم فى حدود سلطته التقديرية من مساءلته وحده عن النتيجة صحيحا فى القانون، ولا يعيبه أن نسب إلى الطاعن استعمال السكين خلافا لما جاء بأمر الاحالة مادام الحكم لم يتناول التهمة التى رفعت بها الدعوى بالتعديل وهى تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار وما دام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التى وقع بها الحادث أخذا من كافة ظروف الدعوى وأدلتها واستنادا إلى المنطق والعقل، على أن الطاعن لم يسأل فى النتيجة إلا عن جريمة القتل - بغض النظر عن الوسيلة - وهى الجريمة التى كانت معروضة على بساط البحث. ولما كان الأصل أن الجانى يسأل عن جريمة القتل التى يرتكبها مع غيره متى توفر سبق الإصرار - وإن قل نصيبه من الأفعال المادية المكونة له فإنه لا يغير من أساس المسئولية فى حكم القانون أن يثبت أن الجانى قد قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال وهو ما ثبت فى حق الطاعن، ومن ثم فإن المحكمة لا تلتزم بلفت نظر الدفاع إلى مثل التعديل الذى تم فى هذه الدعوى. لما كان كل ذلك، وكان لا وجه لما يثيره الطاعن من أن المحكمة قد حملت الاعتراف وقائع لم ترد به، وكانت قالة التناقض لا سند لها من أسباب الحكم. ولما كان تناقض الحكم فى بيان الباعث على ارتكاب الجريمة بفرض حصوله لا يعيبه لأن الباعث ليس من أركانها، وكان الطاعن لم يطلب تحقيق شئ مما يدعيه. ولما كان باقى ما أورده فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يقبل منه أمام هذه المحكمة، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

202-الاعتراف في المواد الجنائية طبيعته: هو عنصر من عناصر الدعوى لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيته وقيمته التدليلية.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 678

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(123)
الطعن رقم 986 لسنة 33 القضائية

( أ ) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. سبق إصرار.
الاعتراف في المواد الجنائية. طبيعته: هو عنصر من عناصر الدعوى. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيته وقيمته التدليلية. لها أن تجزئه وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقة وتطرح ما لا تثق به. عدم التزامها ببيان علة ذلك.
مثال: في قتل عمد مع سبق الإصرار.
(ب) موانع العقاب. "جنون. عاهة في العقل". محكمة الموضوع. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". مسئولية جنائية.
تقدير حالة المتهم العقلية التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية، أو يتعلق بوقائع الدعوى. يفصل فيه قاضى الموضوع بلا معقب عليه. طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة. مثال.
(ج) نقض. "سلطة محكمة النقض".
تجاوز الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 عند عرض النيابة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بالمادة 46 من القانون المذكور. لا يترتب عليه عدم قبول هذا العرض. علة ذلك: أراد الشارع بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية. اتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها. سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم. وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
1 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقة وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان على ذلك. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة من توافر سبق الإصرار لديه على ارتكاب جريمته باستقرار نيته على قتل زوجته المجني عليها منذ ثلاث سنوات سابقه وشرائه المطواة بقصد استعمالها في الحادث قبل وقوعه بثلاثة أيام، ولم تأخذ بما زعمه في بعض المواضع من أن فكرة القتل لم تخطر له إلا على أثر وقوع المشادة بينه وبين زوجته بسبب إصرارها على الاستمرار في مسلكها الشائن، فإن ذلك لا يعيب حكمها، خاصة وقد أيدت المحكمة توافر هذا الظرف لدى الطاعن بوقائع أخرى أوردها الحكم. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب لا يكون سديداً.
2 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بلا معقب عليه، طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة. وإذا كان الدفاع قد أشار عرضاً في مرافعته بما يفيد أن المتهم كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب غيرته على شرفه الذي انتهكته زوجته المجني عليها فإن ذلك لا يعتبر طلباً لعرض المتهم على اخصائى لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه. ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة استخلصت أن الطاعن قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره ورد على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المتهم ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية، فإن في ذلك ما يكفى لسلامة الحكم. ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من الإخلال بحق الدفاع غير سديد.
3 - تجاوز الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - عند عرض النيابة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون المذكور - لا يترتب عليه عدم قبول هذا العرض. ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً. فضلاً عن أن هذه المحكمة تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده [(
1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16 مايو سنة 1962 بدائرة قسم حلوان محافظة القاهرة: "قتل زوجته زاهية رفلة معوض عمداً مع سبق الإصرار بأن بينت النية على قتلها وأعد لذلك آلة حادة مطواة وحتى إذا ما حظي بها بادرها الطعنات في جسمها قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها". وطلبت من السيد مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت بتاريخ 12 مايو سنة 1963 حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة المتهم بالإعدام. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو القصور في التسبيب. ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعن إلى اعترافه بارتكاب الحادث بروية وإحكام تدبير، وذلك في إحدى رواياته التي أدلى بها في التحقيقات ولم يعلل الحكم السبب في أخذه بهذه الرواية دون غيرها من الروايات التي ذهب فيها إلى أن الحادث وقع فجأة على أثر مشادة حدثت بينه وبين زوجته بسبب إصرارها على الاستمرار في سوء سلوكها. هذا إلى أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه يكن في نيته قتل المجني عليها وأن الحادث لا يخرج عن كونه مشاجرة حدثت بسبب رفض زوجته الإقلاع عن سيرها المعوج مما أثار الطاعن وجعله يعتدي عليها بالضرب الذي أفضى إلى موتها دون أن تتجه نيته إلى إزهاق روحها. ومع ما لهذا الدفاع من أهمية بالغة فإن الحكم جاء قاصراً في الرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. عرض لما أثاره الطاعن بشأن اعترافه ورد عليه بقوله: "وبما أن المحكمة تطمئن إلى اعتراف المتهم "الطاعن" وتأخذ به فيما تضمنه من مقارفته للأفعال المادية للجريمة بقصد القتل وفيما تضمنه في تحقيقات النيابة من توافر الإصرار السابق لديه على ارتكاب الجريمة باستقرار نيته على قتل المجني عليها منذ ثلاث سنوات سابقة وشرائه المطواة بقصد استعمالها في الحادث قبل وقوعه بثلاثة أيام إلا أن المحكمة تلتفت عن كل ما تضمنه اعتراف المتهم من أن سوء سلوكها كان الباعث له على القتل وتطرحه جانباً لما انطوى عليه من تخبط ومجافاة للمنطق والمعقول، فضلاً عن عدم قيام الدليل على صحته.... كما لا تأخذ المحكمة بما زعمه المتهم في بعض مواضع اعترافه من أن فكرة القتل لم تخطر له إلا حال صحبته المجني عليها في طريق عودتهما إلى مسكنهما ليلة الحادث فنفذها في الحال وإنما تأخذ بما قرره في مواضع أخرى من هذا الاعتراف من أنه كان مصمما على الجريمة منذ ثلاث سنوات سابقة على الحادث واشترى المطواة المستعمل فيه قبل ارتكابه بثلاثة أيام وحملها في ملابسه لهذا الغرض. وتستخلص المحكمة من ذلك ما لم يقر به المتهم في اعترافه وهو أنه انتوى تنفيذ تصميمه على القتل ظهر يوم 15/ 5/ 1962 فدبر أمر خروجه مع القتيلة لزيارة أخته في روض الفرج وتأخير عودتهما إلى المعصرة إلى ما بعد منتصف الليل ليتمكن من قتلها في الظلام وخارج منزلها ثم يصور الحادث على أنه مصادمة من قطار على التفصيل الذي تمت به الجريمة بالفعل." لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغاً وسليماً في إثبات توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعن وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المتهم في تحقيق النيابة من توافر سبق الإصرار لديه على ارتكاب جريمته باستقرار نيته على قتل المجني عليها منذ ثلاث سنوات سابقة وشرائه المطواة بقصد استعمالها في الحادث قبل وقوعه بثلاثة أيام ولم تأخذ بما زعمه في بعض المواضع من أن فكرة القتل لم تخطر له إلا على أثر وقوع المشادة بينه وبين زوجته بسبب إصرارها على الاستمرار في مسلكها الشائن - فإن ذلك لا يعيب حكمها خاصة وقد أيدت المحكمة توافر هذا الظرف لدى الطاعن بوقائع أخرى أوردها الحكم. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. وأما ما أثاره خاصاً. بعدم انصراف نيته إلى قتل المجني عليها وأن الحادث لا يخرج عن كونه ضرباً أفضى إلى موتها فقد تبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن بقوله "وبما أن نية القتل ثابتة في حق الطاعن "المتهم" من استعماله آلة من شأنها إحداث القتل وهى المطواة المضبوطة الموصوفة في التحقيقات وتقرير الطبيب الشرعي وطعنه المجني عليها بهذه المطواة عديداً من الطعنات بلغت نحو سبع وعشرين طعنة متتالية بقصد إزهاق روحها والقضاء على حياتها واختياره لهذه الطعنات مواضع من جسم المجني عليها تعتبر كلها في مقتل وهى البطن والظهر والرأس والوجه والرقبة فضلاً عن اعترافه في التحقيقات وأمام المحكمة بأنه كان يقصد قتل المجني عليها وقد تحقق له هذا الفعل بما ترتب على هذه الطعنات من وفاتها في الحال". لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في إثبات نية القتل وتوافرها لدى الطاعن ويتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عنه من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن مما يعيبه الطاعن على الحكم - القصور يكون على غير أساس متعيناً الالتفات عنه.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع. ذلك أن محامى الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن موكله كان في حالة جنون وقت ارتكاب الحادث مما كان يتعين معه تحقيق هذا الدفاع بإحالته إلى الجهة المختصة لفحص قواه العقلية واستظهار مدى مسئوليته وقت ارتكاب الحادث ولكنها أقامت من نفسها خبيراً فنياً وقضت في الدعوى دون الرجوع إلى الطبيب المختص استناداً إلى ما تبينته من أقواله في التحقيقات وبالجلسة من أنه كان متزن العقل وأنه أقدم على فعلته عن روية وتدبر. ويقول الطاعن إن ما ذهب إليه الحكم من ذلك قد أخل بحقه في الدفاع مما يتعين معه نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع بجنون موكله بل قال إنه لا يقصد الجنون العقلي وإنما يقصد الاندفاع في وقت ارتكاب الجريمة. وقد عرض الحكم لهذا الدفاع ورد عليه بقوله: "وبما أن الحاضر عن المتهم دفع بالجلسة بأن المتهم كان في حالة جنون وقت مقارفته الجريمة بسبب غيرته على شرفه الذي انتهكته زوجته المجني عليها بسوء سلوكها ثم ما لبثت أن أوضح أنه لا يقصد الجنون العقلي وإنما يقصد الاندفاع وقت ارتكاب الجريمة. وهذا الدفع أو الدفاع مردود بأن المحكمة لم تلحظ من إجابات المتهم في مراحل التحقيق المختلفة وعند استجوابه أمامها ما ينم عن إصابته بأية عاهة في العقل من جنون أو عته أو غفلة بل إنها تستخلص من ظروف مقارفته الجريمة في روية وهدوء ودقة تدبير ومحاولته نقل الجثة لإلقائها على قضبان السكة الحديد بقصد تصوير الحادث على أنه مصادمة قطار - تستخلص المحكمة من كل ذلك ما يؤكد أن المتهم كان ومازال متمتعاً بقواه العقلية سليمة من أية شائبة. هذا فضلاً عن أن السبب الذي تلمسه الدفاع لجنون المتهم وهو الثأر للشرف والعرض لا وجود له في الحقيقة والواقع وإنما كان مجرد دفاع عن المتهم كما سبق إيضاح ذلك تفصيلاً في هذا الحكم. ومتى انتفى السبب انتفى المسبب لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه. وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أو يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيه قاضى الموضوع بما لا معقب عليه طالما أنه يقيمه على أسباب سائغة. وإذ كان الدفاع عن المتهم قد أشار عرضاً في مرافعته بما يفيد أن المتهم كان بحالة غير طبيعية فاندفع في ارتكاب جريمته بسبب غيرته على شرفه الذي انتهكته زوجته المجني عليها فإن ذلك لا يعتبر طلباً لعرض المتهم على إخصائى لفحص قواه العقلية وإنما يفيد ترك الأمر للمحكمة تقدره على نحو ما تراه. ولما كان الظاهر مما أورده الحكم أن المحكمة قد استخلصت أن الطاعن قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على ما تمسك به الدفاع بشأن حالته العقلية ولم تأخذ به بناء على ما تحققته من أن المتهم ارتكب الحادث بإحكام وتدبير وروية فإن في ذلك ما يكفى لسلامة الحكم ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه على غير أساس أيضاً ويتعين لذلك رفض طعنه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً. وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون المذكور أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه شحاته جاب الله عبده.


[(1)] المبدأ مقرر أيضاً في الطعن رقم 690 لسنة 33 ق جلسة 7/10/ 1963 (لم ينشر).

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,166,562

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »