موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية في القتل العمد مكتب البسيونى عبده

edit

107-استظهار الحكم هذه النية بأدلة سائغة كفايته نوع الآلة المستعملة فى القتل لا أهمية له مادامت تحدث القتل. الحكم كاملاً

الرجوع إلى قائمة المقالات

107-استظهار الحكم هذه النية بأدلة سائغة كفايته نوع الآلة المستعملة فى القتل لا أهمية له مادامت تحدث القتل.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 780

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد محمد عطيه اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى المستشارين.

(150)
الطعن رقم 568 لسنة 31 القضائية

(أ) مسئولية جنائية. قتل عمد.
علاقة السببية بين الإصابة والوفاة. ما لا يقطعها. إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة. علة ذلك: إزهاق الروح هو النتيجة المباشرة التى قصد إليها الجانى.
(ب) قتل عمد. حكم "تسبيبه".
نية القتل. استظهار الحكم هذه النية بأدلة سائغة؟ كفايته. نوع الآلة المستعملة فى القتل. لا أهمية له: مادامت تحدث القتل.
1 - إذا كان الثابت من التقرير الطبى أن الوفاة نشأت عن الإصابة، فإن إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة لا تقطع علاقة السببية بين الإصابة والوفاة وهى النتيجة المباشرة التى قصد إليها المتهم حين طعن المجنى عليه عمدا بنية قتله.
2 - متى كان الحكم قد تحدث عن نية القتل واستظهرها من ظروف الواقعة وتعمد المتهم إحداث إصابة قاتلة بالمجنى عليه بقصد إزهاق روحه، فإنه لا يهم بعد ذلك نوع الآلة المستعملة مطواة كانت أو مدية مادامت هذه الآلة تحدث القتل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمدا المجنى عليه بأن طعنه بآلة حادة "سكين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى نفذت للتجويف الصدرى وأودت بحياته. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى والد المجنى عليه بحق مدنى قتل المتهم بمبلغ مائتى جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى بصفته مبلغ مائتى جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور، ذلك أن المحكمة لم تستجب إلى ما طلبه من استدعاء الشرطى عبد ربه عبد المولى لسؤاله وقد كان أول من خف إلى مكان الحادث وسأل المجنى عليه عمن أحدث إصابته فجهله ولم يوجه اتهاما إلى الطاعن. كما نفى الدفاع نية القتل عن الطاعن استنادا فى ذلك إلى أن الأداة المستعملة فى الحادث مطواة على خلاف ما وصفها الحكم المطعون فيه بأنها مدية، هذا فضلا عن انعدام رابطة السببية بين الإصابة والوفاة التى إنما نتجت عن إهمال علاج المجنى عليه وما طرأ عليه من مضاعفات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إنه فى يوم 10/ 3/ 1958 كانت هناك قضية منظورة أمام محكمة جنح طهطا بين المتهم نجيب سلامة عوض وقريبه وبين المجنى عليه حلمى فايز حكيم وقريبه وما أن انتهت القضية بتأجيلها حتى خرج الفريقان من المحكمة وجرى المتهم نجيب سلامة عوض خلف المجنى عليه حامى فايز حكيم فى الطريق العام وطعنه بمدية فى ظهره قاصدا قتله فأصابه بجرح نافذ إلى الصدر طوله 7 سنتيمترات أدى إلى وفاته فى يوم 14/ 3/ 1958". ورد الحكم على نية القتل فقال "إن نية القتل متوفرة لدى المتهم من وجود الضغينة القائمة بينه وبين المجنى عليه بسبب القضية التى كانت منظورة بينهما أمام محكمة الجنح صباح يوم الحادث وقبله مباشرة وقد كان والد المجنى عليه متهما فيها بضرب عم المتهم فلما تأجلت القضية ثارت حفيظة المتهم وانتوى قتل المجنى عليه وإزهاق روحه وما أن شاهده خارجا من مبنى المحكمة حتى طعنه بمطواة فى ظهره طعنة قوية قاصدا بذلك قتله فنفذت إلى داخل الصدر وأحدثت كسرا بالضلع الثالث الأيسر ونزيفا بالصدر مما أدى مع مضاعفاته إلى وفاة المجنى عليه". ولما كان الثابت مما أورده الحكم فيما تقدم أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم قد تحدث عن نية القتل واستظهرها من ظروف الواقعة وتعمد الطاعن إحداث إصابة قاتلة بالمجنى عليه بقصد إزهاق روحه، فإنه لا يهم بعد ذلك نوع الآلة المستعملة مطواة كانت أو مدية مادامت هذه الآلة تحدث القتل خاصة وأن الطبيب الشرعى قد أيد هذا النظر بتقريره حدوث الوفاة نتيجة إصابة طعنية نفذت إلى داخل الصدر وأحدثت كسرا بالضلع الثالث الأيسر ونزيفا بالصدر وأن هذه الإصابة يجوز حدوثها من سكين أو مدية أو ما فى حكمهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن من إهمال فى العلاج أدى إلى الوفاة فأثبت أن التقرير الطبى خلا مما يفيده وأنها دعوى بغير دليل هذا فضلا عن أن الثابت من هذا التقرير أن الوفاة نشأت عن الإصابة وأن إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة لا تقطع علاقة السببية بين الإصابة والوفاة وهى النتيجة المباشرة التى قصد إليها الطاعن. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة لعدم استجابتها إلى طلبه إعلان الشرطى عبد ربه عبد المولى شاهدا فى الدعوى لا محل له، ذلك لأن هذا الطلب هو فى حقيقته طلب لسماع شاهد نفى لم يسلك الطاعن السبيل الذى رسمه القانون لإعلانه بالحضور ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هى أعرضت عن طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب له مادامت لم تر من جانبها ما يدعو لسماعه. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

107-استظهار الحكم هذه النية بأدلة سائغة كفايته نوع الآلة المستعملة فى القتل لا أهمية له مادامت تحدث القتل.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 780

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد محمد عطيه اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى المستشارين.

(150)
الطعن رقم 568 لسنة 31 القضائية

(أ) مسئولية جنائية. قتل عمد.
علاقة السببية بين الإصابة والوفاة. ما لا يقطعها. إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة. علة ذلك: إزهاق الروح هو النتيجة المباشرة التى قصد إليها الجانى.
(ب) قتل عمد. حكم "تسبيبه".
نية القتل. استظهار الحكم هذه النية بأدلة سائغة؟ كفايته. نوع الآلة المستعملة فى القتل. لا أهمية له: مادامت تحدث القتل.
1 - إذا كان الثابت من التقرير الطبى أن الوفاة نشأت عن الإصابة، فإن إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة لا تقطع علاقة السببية بين الإصابة والوفاة وهى النتيجة المباشرة التى قصد إليها المتهم حين طعن المجنى عليه عمدا بنية قتله.
2 - متى كان الحكم قد تحدث عن نية القتل واستظهرها من ظروف الواقعة وتعمد المتهم إحداث إصابة قاتلة بالمجنى عليه بقصد إزهاق روحه، فإنه لا يهم بعد ذلك نوع الآلة المستعملة مطواة كانت أو مدية مادامت هذه الآلة تحدث القتل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمدا المجنى عليه بأن طعنه بآلة حادة "سكين" قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى نفذت للتجويف الصدرى وأودت بحياته. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى والد المجنى عليه بحق مدنى قتل المتهم بمبلغ مائتى جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى بصفته مبلغ مائتى جنيه والمصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور، ذلك أن المحكمة لم تستجب إلى ما طلبه من استدعاء الشرطى عبد ربه عبد المولى لسؤاله وقد كان أول من خف إلى مكان الحادث وسأل المجنى عليه عمن أحدث إصابته فجهله ولم يوجه اتهاما إلى الطاعن. كما نفى الدفاع نية القتل عن الطاعن استنادا فى ذلك إلى أن الأداة المستعملة فى الحادث مطواة على خلاف ما وصفها الحكم المطعون فيه بأنها مدية، هذا فضلا عن انعدام رابطة السببية بين الإصابة والوفاة التى إنما نتجت عن إهمال علاج المجنى عليه وما طرأ عليه من مضاعفات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إنه فى يوم 10/ 3/ 1958 كانت هناك قضية منظورة أمام محكمة جنح طهطا بين المتهم نجيب سلامة عوض وقريبه وبين المجنى عليه حلمى فايز حكيم وقريبه وما أن انتهت القضية بتأجيلها حتى خرج الفريقان من المحكمة وجرى المتهم نجيب سلامة عوض خلف المجنى عليه حامى فايز حكيم فى الطريق العام وطعنه بمدية فى ظهره قاصدا قتله فأصابه بجرح نافذ إلى الصدر طوله 7 سنتيمترات أدى إلى وفاته فى يوم 14/ 3/ 1958". ورد الحكم على نية القتل فقال "إن نية القتل متوفرة لدى المتهم من وجود الضغينة القائمة بينه وبين المجنى عليه بسبب القضية التى كانت منظورة بينهما أمام محكمة الجنح صباح يوم الحادث وقبله مباشرة وقد كان والد المجنى عليه متهما فيها بضرب عم المتهم فلما تأجلت القضية ثارت حفيظة المتهم وانتوى قتل المجنى عليه وإزهاق روحه وما أن شاهده خارجا من مبنى المحكمة حتى طعنه بمطواة فى ظهره طعنة قوية قاصدا بذلك قتله فنفذت إلى داخل الصدر وأحدثت كسرا بالضلع الثالث الأيسر ونزيفا بالصدر مما أدى مع مضاعفاته إلى وفاة المجنى عليه". ولما كان الثابت مما أورده الحكم فيما تقدم أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم قد تحدث عن نية القتل واستظهرها من ظروف الواقعة وتعمد الطاعن إحداث إصابة قاتلة بالمجنى عليه بقصد إزهاق روحه، فإنه لا يهم بعد ذلك نوع الآلة المستعملة مطواة كانت أو مدية مادامت هذه الآلة تحدث القتل خاصة وأن الطبيب الشرعى قد أيد هذا النظر بتقريره حدوث الوفاة نتيجة إصابة طعنية نفذت إلى داخل الصدر وأحدثت كسرا بالضلع الثالث الأيسر ونزيفا بالصدر وأن هذه الإصابة يجوز حدوثها من سكين أو مدية أو ما فى حكمهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن من إهمال فى العلاج أدى إلى الوفاة فأثبت أن التقرير الطبى خلا مما يفيده وأنها دعوى بغير دليل هذا فضلا عن أن الثابت من هذا التقرير أن الوفاة نشأت عن الإصابة وأن إهمال العلاج أو حدوث مضاعفات تؤدى إلى الوفاة لا تقطع علاقة السببية بين الإصابة والوفاة وهى النتيجة المباشرة التى قصد إليها الطاعن. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة لعدم استجابتها إلى طلبه إعلان الشرطى عبد ربه عبد المولى شاهدا فى الدعوى لا محل له، ذلك لأن هذا الطلب هو فى حقيقته طلب لسماع شاهد نفى لم يسلك الطاعن السبيل الذى رسمه القانون لإعلانه بالحضور ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هى أعرضت عن طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب له مادامت لم تر من جانبها ما يدعو لسماعه. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

106-نية القتل وجوب تدليل الحكم على توافرها إزهاق الروح: هى النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بما يدل عليها.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 35

جلسة 9 من يناير سنة 1962

برياسة السيد/ السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(9)
الطعن رقم 847 لسنة 31 القضائية

قتل عمد. إثبات. حكم "تسبيبه".
نية القتل. وجوب تدليل الحكم على توافرها. إزهاق الروح: هى النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بما يدل عليها. مثال. قصور.
ما ذكره الحكم من أن " نية القتل ثابتة فى حق المتهمين من الحقد الذى ملأ قلوبهم ومن استعمال أسلحة نارية قاتلة "لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، ولو كان المقذوف قد أطلق عن قصد - ذلك أنه لا يبين مما أورده الحكم أن المتهمين تعمدوا تصويب الأعيرة النارية إلى مقاتل من المجنى عليهما، ولا يغير من الموقف ما عقب به المحكمة من "أن المتهم الأخير قد أطلق النار على المجنى عليه الثانى بقصد إزهاق روحه"، ذلك بأن إزهاق الروح هى النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بإيراد الأدلة والمظاهر التى تدل عليها وتكشف عنها، ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قاصرا متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول - أولا - قتلوا المجنى عليه الأول عمدا ومع سبق الإصرار أن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا أسلحة نارية "بنادق" لتنفيذ هذا الغرض وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته. ثانيا: أحرزوا أسلحة نارية "بنادق" بدون ترخيص. ثالثا - أحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل فى الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا لأى منهم بحيازة السلاح أو إحرازه. المتهم الرابع - قتل المجنى عليه الثانى عمدا بأن أطلق عليه أعيرة نارية من بندقية قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته. وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدولين رقمي 2 و3 المرفقين. فقررت بذلك وادعت والدة المجنى عليه الأول مدنيا قبل المتهمين الثلاثة الأول بطلب تعويض مؤقت قدره قرش واحد، كما ادعى ابن المجنى عليه الثانى مدنيا قبل المتهم الرابع بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات مع تطبيق الماد 17 بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهم بالتعويض المؤقت المطلوب والمصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

.. وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى بيان نية القتل إذ لم يقم الدليل على توافر هذه النية التى لا يمكن استنتاجها من مجرد الضغينة أو استعمال سلاح نارى قاتل بطبيعته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تعرض لنية القتل قال "إنها ثابتة فى حق المتهمين الثلاثة الأول من الحقد الذى ملأ قلوبهم وتأججت نيرانه فحموا فى قلوبهم غلا لا يهدأ حتى يأخذوا بثأر قتيلهم الذى قتل منذ أمد بعيد وأعدوا الأسلحة النارية القاتلة وتخيروا الزمان والمكان حتى إذا ما ظفروا به نفذوا جريمتهم "ثم تحدث عنها بالنسبة للطاعن الرابع فقال "إنها متوافرة من الضغينة التى استقرت فى قلبه وقد علم بقتل شقيقه فأراد أن يثأر له فحمل السلاح القاتل وثأر لأخيه من القتيل فأطلق عليه النار قاصدا إزهاق روحه". ولما كان القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائى العام فى سائر جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجنى عليه وكان هذا العنصر بطبيعته أمرا داخليا فى نفس الجانى فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم فى هذه الجريمة أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التى تكون قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع بقصد إزهاق روح المجنى عليه. لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم من أن نية القتل ثابتة فى حق الطاعنين من الحقد الذى ملأ قلوبهم ومن استعمال أسلحة نارية قاتلة لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها ولو كان المقذوف قد أطلق عن قصد، وكان لا يبين مما أورده الحكم أن الطاعنين تعمدوا تصويب الأعيرة النارية إلى مقاتل من المجنى عليهما، وكان لا يغير من الموقف ما عقبت به المحكمة من أن الطاعن الأخير قد أطلق النار على المجنى عليه الثانى بقصد إزهاق روحه ذلك بأن إزهاق الروح هو النتيجة التى يضمرها الجانى ويتعين على القاضى أن يستظهرها بإيراد الأدلة والمظاهر التى تدل عليها وتكشف عنها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا مما يستوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 106 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

105-إثبات الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل. مؤداه. توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 419

جلسة 14 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي، وأحمد موافي.

(81)
الطعن رقم 2836 لسنة 32 القضائية

( أ ) وصف التهمة. فاعل أصلى. شريك. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". محكمة الموضوع.
التزام المحكمة بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى. المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. شرط ذلك: عدم الخروج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلا أو تعدى نطاق عناصرها القانونية.
ثبوت أن الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية، هي بعينها التي رأت الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتبارها فاعلاً أصلياً، وهى بذاتها التي كان يدور عليها الدفاع. لا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جدية للتهمة. عدم انطواء هذا التعديل على مساس بحق المتهم. إثارة الطاعن دعوى الإخلال بالدفاع. غير سديد.
(ب) قتل عمد. "نية القتل". فاعل أصلى. شريك. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل. مؤداه. توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك.
تدليل الحكم تدليلاً سائغاً على توفر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها وعلمه بذلك. النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن غير سديد.
1 - متى كانت واقعة الدعوى التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية هي يعينها الواقعة التي رأى الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتباره فاعلاً أصلياً، وهى بذاتها الواقعة التي كان يدور عليها الدفاع، فلا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جديد للتهمة. ولا ينطوي هذا التعديل الذي ارتأته على مساس بحق للمتهم، بل دعاها إليه التزامها بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى - ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تتعد نطاق عناصرها القانونية، وبذلك فهو واجب عليها تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى أيا كان وجه الفصل فيها، وهو يستمد حتميته مما تقتضيه القاعدة الأصلية المقررة في المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب تطبيق المحكمة لنصوص القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى المطروحة عليها باعتبارها صاحبة الولاية في الفصل فيها - وتقدير الأدلة بكامل حريتها باستيفاء ما تطمئن إلى صحته من الوقائع واستبعاد ما لا تطمئن إليه منها دون إبداء رأيها للمتهم مقدماً، ولا يعطى ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بالدفاع.
2 - من المقرر أنه متى أثبت الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها ومع علمه بذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 12/ 6/ 1958 بدائرة مركز البداري محافظة أسيوط - "أولاً: قتلوا حميدة إبراهيم حموده" عمداً ومع سبق الإصرار بأن يبتوا النية على قتلها وأعدوا لهذا الغرض حبلاً وعصياً وأوثقوا يدها بالحبل وضربوها بالعصي وضغط أحدهم على عنقها بيده قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاتها: ثانياً - دفنوا جثة المجني عليها سالفة الذكر بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1961 حضورياً للمتهمين الأولين وغيابياً بالنسبة للمتهم الثالث عملاً بمواد 40/ 1 و41 و234/ 1 و239 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الأول: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول الطاعن عن التهمتين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. وثانياً - ببراءة المتهمين الآخرين مما هو مسند إليهما. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في.. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى وجهي الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع كما شابه القصور في التسبيب ذلك أن الطاعن كان مقدماً للمحاكمة باعتباره فاعلاً أصلياً مع آخرين ولكن الحكم دانه باعتباره شريكاً مع مجهول في ارتكاب الجناية دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع عنه إلى ذلك ولو أنها فعلت لكان أمامه فرصة مناقشة عناصر الوصف الجديد كما أن الحكم قد أغفل بيان توافر نية القتل لدى الطاعن اكتفاء بحديثه عن ذلك بالنسبة للفاعل الأصلي في الجريمة.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن وآخرين بوصف أنهم قتلوا حميدة إبراهيم حموده عمداً ومع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لهذا الغرض حبلاً وعصياً وأوثقوا يدها بالحبل وضربوها بالعصي وضغط أحدهم على عنقها بيديه قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت النيابة العامة من محكمة لجنايات معاقبتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بالنسبة لهذه التهمة ومحكمة جنايات أسيوط بعد أن سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن بأنه اشترك مع مجهول في قتل المجني عليها عمداً بأن اتفق معه على قتلها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق ثم قام بدفن جثتها بدون إخبار جهات الاقتضاء وعاقبته بالمواد 40/ 1 و41 و234/ 1 و239 من قانون العقوبات - وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليها أصابتها لوثة فهجرها زوجها وحضرت إلى بلدتها العقال البحري لتقيم مع أخيها المتهم الأول عثمان إبراهيم حموده "الطاعن" إلا أنه ضاق بها ذرعاً وفى ليلة 12/ 6/ 1958 اتفق مع مجهول على قتلها للتخلص منها فشد وثاقها وجثم القاتل على صدرها مطبقا بيديه على عنقها ضاغطا عليه بقوة حتى لفظت أنفاسها وفى الصباح أبلغ المتهم الأول أخويه علي إبراهيم حموده بوفاة أختهم ...." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال العمدة هاشم عطية عبد العال والقابلة حليمة حمزة بخيت وعلي إبراهيم حموده وكامل إبراهيم حموده ومحمد نصار عبد العال وكامل حسين قناوي وأحمد محمود مصبح وسيد مصبح وزوج القتيل عبد الصبور محمد ضاحى وابنها أحمد عبد الصبور ومن تقرير الصفة التشريحية. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في القتل التي دان الحكم الطاعن بها - ثم عرض الحكم إلى التكييف القانوني للواقعة في قوله "وإذ كانت وقائع الدعوى خالية من الدليل على مقارفة المتهم الأول (الطاعن) لفعل القتل وحده أو مع غيره فإن الوصف القانوني الصحيح لما هو ثابت في حقه هو الاشتراك بطريق الاتفاق مع مجهول في قتل المجني عليها - وأن نية القتل الذي شارك فيه المتهم الأول عثمان إبراهيم حموده مستفادة مما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن الجاني أطبق بقبضته على عنق المجني عليها بشدة قاصداً خنقها حتى كسر العظم اللامى فماتت بإسفيكسيا الخنق، وعمد في سبيل تحقيق قصده هذا إلى شل مقاومتها فشد وثاقها وجثم بثقله فوق صدرها فأحدث كسورا بضلوعها ولم يتركها إلا جثة هامدة". لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم مردود في شقه الأول بأن واقعة الدعوى التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية هي بعينها الواقعة التي رأى الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتباره فاعلاً أصلياً وهى بذاتها الواقعة التي كان يدور عليها الدفاع فلا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جديد للتهمة ولا ينطوي هذا التعديل الذي ارتأته على مساس بحق للمتهم بل دعاها إليه التزامها بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى - ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تتعد نطاق عناصرها القانونية، وبذلك فهو واجب عليها تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى أياً كان وجه الفصل فيها وهو يستمد حتميته مما تقتضيه القاعدة الأصلية المقررة في المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب تطبيق المحكمة لنصوص القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى المطروحة عليها باعتبارها صاحبة الولاية في الفصل فيها - وتقدير الأدلة بكامل حريتها باستيفاء ما تطمئن إلى صحته من الوقائع واستبعاد ما لا تطمئن إليه منها دون إبداء رأيها للمتهم مقدماً ولا يعطى ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بالدفاع - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد.
وحيث إن النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن فمردود بأن الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها وعلمه بذلك - ولما كان من المقرر أنه متى أثبته الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك - لما كان ذلك - فإن النعي على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد.
حيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 96 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

104-قصد القتل. ماهيته: أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 366

جلسة 11 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محفوظ، وبطرس عوض الله.

(72)
الطعن رقم 393 لسنة 34 القضائية

( أ ) قتل عمد. "نية القتل". محكمة الموضوع.
قصد القتل. ماهيته: أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص هذه النية. موضوعي.
(ب) سبق الإصرار. ظروف مشددة.
سبق الإصرار. ماهيته: حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استخلاص القاضي لها من وقائع خارجية. مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستخلاص.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة. متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
1 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
2 - سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها، وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل إن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. فلا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد على ألسنة الشهود وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً مع حكم العقل والمنطق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليله 5 من أبريل سنة 1962 بدائرة قسم الضواحي محافظة الإسماعيلية: قتلا جعفر محمد عطية عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتله وأعد لذلك آلات حادة واصطحباه إلى مسكن الأول ثم فاجآه بطعنات في جسمه قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وقد ارتكبا هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا حافظة النقود ومحتوياتها المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليه. وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 230 و231، 234/ 3, 317/ 1 - 4 - 5 من قانون العقوبات فقرر سيادته بذلك ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً وبإجماع الآراء بتاريخ 22 من يناير سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين بالإعدام - وقدرت عشرة جنيهات أتعاباً لكل من المحامين المنتدبين. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنين.


المحكمة

حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك أن المحكمة استخلصت نية القتل من مجرد القول بأن المجني عليه من تجار الماشية وباع البعض منها يوم الحادث وأن جريمة القتل قد ارتكبت بقصد سرقة أمواله في حين أن مهنة المجني عليه تقتضي منه أن يبيع الماشية يومياً وقد تدر مهنة الطاعن - باعتباره جزاراً - ما تدره تجارة الماشية على المجني عليه ومن ثم فإن هذه الواقعة لا تؤدي في حكم اللزوم العقلي إلى توافر قصد القتل. ثم إن الأوراق خلت من شاهد رؤية واحد رأى الطاعن الأول وهو يرتكب جريمة القتل أو يشترك في ارتكابها وكل ما شهد به والد هذا الطاعن أنه سمع مشاحنة فجاء عند باب الحجرة - وهو رجل مسن كفيف البصر وكان المصباح عبارة عن فتيل - فرأى المجني عليه والطاعنين دون أن يذكر أنه شاهد أيهما يرتكب فعل القتل، كما أن الوقائع التي استخلص منها الحكم توافر ظرف سبق الإصرار لا تؤدي لزوماً إليه طالما أن الطاعن لم يكن في حاجة إلى نقود ولم يرد في الأوراق أنه كان مهيمناً على الموقف أو أنه استولى على مال المجني عليه وما تقاضاه من الطاعن الثاني إنما كان ثمناً لسكوته عن جريمة قد تكون وليدة الساعة وغير مبيت عليها من قبل. ثم إن الحكم لم يبين صاحب الضربة القاتلة من بين الطاعنين ولم يثبت أن الطاعن الأول كان يحمل سلاحاً ظاهراً أو مخبأ. فضلاً عن أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الأول حتى أنه لم يذكر اسمه ضمن أسبابه واختلط عليه الأمر فكان يشير إليه بما يجب الإشارة به إلى الطاعن الثاني مما أدى بالمحكمة إلى أنها نسبت إليه من الوقائع ما هو منسوب إلى الطاعن الثاني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن تاجر الأغنام جعفر محمد عطية - المجني عليه - باع في يوم 4/ 4/ 1962 أغناماً بمبلغ 26 ج بسوق فايد وهو السوق الذي اعتاد وزميله السيد الحسيني الغلبان تاجر الأغنام أنه يتردد عليه كل أسبوع، ولما فرغ المجني عليه من بيعه في ذلك اليوم استدرجه القصابان أنور عبد القادر حسب وأحمد عبد الرحيم مرزوق الطاعنان الأول والثاني - واللذان يعملان معاً بعين غصبه ويقيمان بسرابيوم بدائرة قسم الضواحي بالإسماعيلية - استدرجاه إلى دار أولهما وقد تظاهرا باستضافته ليقضي الليل معهما وهما يطويان في خبيئة نفسيهما ما عقدا العزم عليه من قبل من الانفراد به وقتله بقصد الاستيلاء على ما معه من نقود، ولما بلغ المتهمان والمجني عليه الدار - وكان فاوى إبراهيم أحمد قد شاهدهم قبيل الغروب وهم في طريقهم إليها - افترشوا الحصير بحجرة ملحقة بالدار ومكثوا يتبادلون الحديث حتى إذا ما ظل المجني عليه سادراً في طمأنينته وأمنه في كنف المتهمين إلى ما بعد منتصف الليل انقض عليه المتهمان وعاجلاه بعدة طعنات قوية من آلة حادة "سكين" وأسخناه بعدة جروح في أكثر من موضع من جسمه ومن بينها ما جاء نافذاً وفي أجزاء قاتلة ثم ذبحاه من عنقه ذبح الشاة قاصدين إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وشفعا ذلك بتنفيذ ما قصداه من قبل فاستوليا على حافظة نقوده ومحتوياتها وأقبل الكهل عبد القادر حسب الحاكم - والد المتهم الأول والذي يرقد في حجرة أخرى - على أثر الضجيج مستشعراً أن حدثاً يقع بالحجرة الملحقة بالدار فهاله أن يرى المجني عليه جثة هامدة ومسجاة أمام المتهمين فلامهما على جرمهما بيد أن المتهم الثاني أغلظ له في القول فلم يسعه إلا أن يؤثر السلامة وأن يعود إلى فراشه أما المتهمان فقد عمدا إلى وضع الجثة في جوال جراه في جنح الظلام إلى خارج الدور بسرابيوم وبعيداً عنها ثم ألقيا بالجوال وبه الجثة في زراعة ترمس حيث عثر عليها محمد سليمان خفاجه بعد ظهر اليوم التالي ثم استطاع إبراهيم محمد خفاجه - ابن عمه - أن يقتفي آثار جر الجوال التي خلفها المتهمان فيما بين تلك الزراعة ودار المتهم الأول وكان أن اهتدى تحت إشراف النقيب رشاد الحو معاون عين غصين إلى تلك الدار حيث عثر على دماء آدمية بها وأمامها، وبعد أن تخلص المتهمان من جثة المجني عليه يمما شطر مقهى أحمد الدمراني حيث احتسيا شايا قدمه لهما رزق أحمد الدمراني، وفي الصباح ابتاع المتهمان من القصاب حسن عبد الله حسن ذبيحة وانقداه الثمن مما استوليا عليه من نقود المجني عليه. بيد أن المتهم الثاني ما لبث أن آثر الفرار بنفسه إلى بلدته برويس بالوجه القبلي بعيداً عن مسرح الجريمة وبقى بها إلى أن ألقي القبض عليه. وقد استعرف الكلب البوليسي على المتهمين بعد أن أشتم الجوال الذي كانا قد أودعاه جثة المجني عليه، كما استعرف على المتهم الأول بعد أن شم جلباب وفانلة عثر عليهما على مقربة من مكان الحادث واعترف المتهم الأول باقترافه الحادث مع المتهم الثاني بقصد سرقة نقود المجني عليه. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال عبد القادر حسب الحاكم والقصاب حسن عبد الله حسن ابن عم الطاعن الأول - وفاوى إبراهيم أحمد ورزق أحمد الدمراني والسيد الحسيني الغلبان ومن تعرف الكلب البوليسي وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وتقرير قسم المعامل الكيماوية فضلاً عن اعتراف الطاعن الأول. واستظهر الحكم نية القتل في حق الطاعن الأول وزميله الطاعن الثاني في قوله "ونية القتل هنا ثابتة ثبوتاً أكيداً لأمراء فيه من إقدام المتهمين على طعن المجني عليه بآلة حادة قاطعة من شأنها إحداث القتل وإزهاق الروح عدة طعنات في مواضع قاتلة فضلاً عن ذبحه من عنقه كما تذبح الشاة وهو أمر يمارسه المتهمان ويعرفان أن مثله يؤدي لا محالة إلى الموت". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، ولما كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين، فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى بما في ذلك القرائن، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعنين، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من قالة الفساد في الاستدلال لخلو التحقيقات من شهود رؤية لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال شاهد الإثبات عبد القادر حسب الحاكم - والد الطاعن الأول - بماله مأخذه الصحيح من أقواله في التحقيقات المضمومة، وكان ما يثيره الطاعن من أن والده كفيف البصر وأن المصباح مجرد فتيل لا يساعد على الرؤية مردوداً بأنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار هذا الدفاع، فلا يقبل منه طرحه لأول مرة على هذه المحكمة، فضلاً عن أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحته جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، أما القول بأن شهادة هذا الشاهد لا تفيد أنه رأى أياً من الطاعنين أثناء مباشرة فعل القتل فإنه مردود بأن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها، وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل إن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي كما هي الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر سبق الإصرار في قوله "أما عن ظرف سبق الإصرار فثابت من اتفاق المتهمين الطاعنين معاً على جريمة قتل وإعداد السكين اللازم لتنفيذها واستدراجهما المجني عليه إلى دار والد أولهما واستصحابه معهما إلى الحجرة الملحقة بتلك الدار حيث فاجآه في سكون الليل وهو آمن وقتلاه وذلك تنفيذاً لما انتوياه من سرقة ما يحمله من نقود"، وما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. أما ما يقوله الطاعن الأول من أنه لم يكن في حاجة إلى المال وأن ما تقاضاه من الطاعن الثاني إنما كان ثمناً لسكوته عن الجريمة التي لم يكن مهيمناً عليها فإنه من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها كل من الطاعنين بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دانهما بهما، وإذ أثبت الحكم في حق الطاعنين اتفاقهما على قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بقصد سرقة نقوده، ووجودهما معاً على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتحاد نيتهما على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهما الإجرامي إلى ذلك، فإن هذا وحده يكفي لتضامنهما في المسئولية الجنائية باعتبارهما فاعلين أصليين في جريمتي القتل والسرقة، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهما على حدة، ولما كان الحكم قد استخلص أن الطاعنين قد استعملا السكين في إحداث القتل وهي آلة - على الصورة التي أوردها الحكم - تحدث الموت - وقد تحقق بها القتل فعلاً، فإنه لا يقدح في ثبوت الواقعة عدم ضبط الآلة المستعملة في الحادث. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من قالة التناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع بعدم الرد على دفاعه، فإنه جاء قولاً مرسلاً إذ لم يبين في أسباب طعنه وجه تناقض الحكم وخطأه في الإسناد، وكانت الأسباب قد خلت من التناقض فضلاً عن أن الأدلة التي عول عليها الحكم في قضائه لها مأخذها الصحيح من المفردات المضمونة، وكان الطاعن لم يحدد كذلك ماهية الدفاع الذي أغفل الحكم الرد عليه لمراقبة ما إذا كانت المحكمة قد تناولته بالرد من عدمه، وهل يعد من أوجه الدفاع الجوهرية التي تستلزم من المحكمة رداً أو هو من قبيل الدفاعع الموضوعي الذي يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، وفضلاً عن ذلك فإنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن قد اقتصر على إنكار مقارفة الجريمة وإلقاء تبعتها على الطاعن الثاني وهو دفاع موضوعي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً، ومع ذلك فقد عرض الحكم إلى هذا الدفاع وأطرحه في قوله هذا ولا تلتفت المحكمة إلى ما أثاره المتهم الأول - الطاعن الأول - في قول له من أن المتهم الثاني وحده قد انفرد باقتراف الحادث وبطعنه المجني عليه واستيلائه على نقوده وأن ما أسهم به هو مجرد مشاركة المتهم الثاني في نقل جثة المجني عليه بعيداً عن مسرح الجريمة إلى الزراعات وحسب المحكمة لاعتباره مسئولاً كفاعل أصيل في اقتراف الجريمة أنه استدرج والمتهم الثاني المجني عليه في الحجرة الملحقة بدار والده هو وأن والده قد أكد في التحقيقات بأنه حينما سمع وهو في حجرته بالضجيج هرع إلى الحجرة الأخرى وهناك لقي المجني عليه جثة هامدة ومسجاة على الأرض والمتهمان يقفان إلى جواره، كما أنه وقد وجد بجثة المجني عليه أكثر من عشرين جرحاً قطعياً فضلاً عن تمزق في جيب صديريه توصلاً للاستيلاء على نقوده، بل واقتسام المتهم الأول تلك النقود مع المتهم الثاني، كل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل بيقين وبحق على أن الاعتداء الذي وقع على المجني عليه لم ينفرد به المتهم الثاني وحده وإنما أسهم معه فيه ولا شك المتهم الأول، وهو رد كاف - وسائغ في إطراح دفاع الطاعن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم عول في إدانته على أسباب غير ثابتة في أوراق الدعوى ومن غير أن يشهد ضده شاهد رؤية وإنما بنى قضاءه بالإدانة على قرائن لا ترق إلى مرتبة الدليل مع أنه لا يحق الحكم بالإدانة لمجرد هذه القرائن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى - كما سلف البيان - بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان الحكم قد عرض إلى دفاع الطاعن الثاني الموضوعي وأطرحه في قوله "ومن حيث إن المتهم الثاني جنح إلى إنكار التهمة المسندة إليه سواء بالتحقيقات أو بالجلسة ودفعها بأنه لا يعرف المجني عليه وبأنه كان بعيداً عن مسرح الجريمة إبان وقوعها إذ كان في سوق عين غصين منذ الساعة 6 حتى الساعة 10 مساء ثم نام أمام مقهى جابر البرولس وبإذن منه حتى بكورة اليوم التالي وأضاف بأنه عاون جابر البرولس في محل الخضار في الساعة 9 مساء وإذ سئل هذا الأخير في التحقيقات نفى ذلك كله، وأضاف بأنه سافر إلى بلدته برويس في الوجه القبلي ظهر اليوم التالي وذلك ليرعى والديه اللذين أقعدتهما الكهولة عن مواصلة أعباء الحياة... وأن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم الثاني ولا إلى ما أثاره من دفاع، وذلك لما ثبت مما قرره المتهم الأول وشهد به الشهود على النحو بادي الذكر وهو ما اطمأنت إليه المحكمة ووثقت به وعولت عليه، خاصة أن المتهم المذكور لم يستطع دحض ذلك بما يهدر أو يضعف من قيمته، وقد كذبه شاهده جابر البرديسي في كافة ما ادعاه هذا فضلاً عن أن مما يزيد المحكمة اطمئناناً ويقيناً إلى إدانة هذا المتهم من جهة أخرى تعرف الكلب البوليسي عليه عقب شم الجوال الذي عثر به على جثة المجني عليه وليس هذا فحسب بل ومبادرته - أي المتهم - إلى الهرب إلى بلدته عقد ارتكابه الحادث". لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة تبريراً لقضائه، وما أورده من عناصر رداً على دفاع الطاعن الثاني الموضوعي له - جميعه - أصله الصحيح من أوراق الدعوى مما ينفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة - كما سلف البيان - من أقوال شهود الإثبات واعترف الطاعن الأول ومن التقرير الطبي الشرعي وتقرير قسم المعامل الكيماوية ومن تعرف الكلب البوليسي. وهي أدلة وقرائن سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد على ألسنة الشهود وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق وهو ما لم يخطئ الحكم فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة في الميعاد طبقاً لما هو مقرر في المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها في الحكم انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعنين.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعنين. كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهما على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ويتعين لذلك إقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليهما أنور عبد القادر حسب وأحمد عبد الرحيم مرزوق.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

103-جريمة القتل العمد. تميزها عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني إزهاق روح المجني عليه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 675

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(133)
الطعن رقم 701 لسنة 34 القضائية

قتل عمد. "قصد جنائي". "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة القتل العمد. تميزها عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني إزهاق روح المجني عليه. اختلاف هذا العنصر عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم. على القاضي أن يعني بالتحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. مثال.
من المقرر أن جريمة القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ويتعين على القاضي أن يعني بالتحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. فإذا كان ما ذكره الحكم مقصوراً على الاستدلال على هذه النية من حمل الطاعنين أسلحة نارية معمرة بقصد إطلاقها على المجني عليه وإصابة هذا الأخير بعيارين في رأسه أوديا بحياته - وهو ما لا يكفي في استخلاص نية القتل وخاصة بعد أن أثبت الحكم في معرض تحصيله واقعة الدعوى أن الطاعنين لم يطلقا النار على المجني عليه وإنما أطلقاها في الهواء للإرهاب دون أن يفصح عن أثر هذه الواقعة في تبيان قصدهما المشترك الذي نسب إليهما تبييت النية على تنفيذه، وكانت إصابة المجني عليه بعيارين ناريين أوديا بحياته هي نتيجة قد تتحقق بغير القتل العمد، ولا يغني في هذا الشأن ما قاله الحكم من أن الطاعنين كانوا قد عقدوا النية على إزهاق روح المجني عليه - طالما أن إزهاق الروح هو النتيجة التي قصدها الجاني ويتعين على القاضي أن يستظهرها. كما لا يجدي ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن الأول قد أطلق عياراً نارياً على المجني عليه أصابه وأردفه بعيار آخر أجهز عليه لاقتصار هذا البيان على مجرد سرد الفعل المادي في الجريمة دون أن يكشف عن القصد الخاص فيها وهو ما كان الحكم مطالباً باستخلاصه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً متعيناً نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 10/ 8/ 1960 بناحية كفر العمار مركز طوخ محافظة القليوبية: 1 - قتلوا عبد الرحمن عبد المنعم محمد عمداً ومع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية حملوها معمرة وتوجهوا إلى زراعة المجني عليه وما أن ظفروا به حتى أطلق صوبه المتهم الأول بقصد قتله عدة أعيرة نارية أصابه اثنان أودت بحياته، بينما آزر المتهمان الثاني والثالث المتهم الأول بإطلاق الأعيرة في الهواء. 2 - أحرزوا أسلحة نارية مششخنة (بدون ترخيص) و3 - أحرزوا ذخائر (3 طلقات روسي وطلقة ألماني) مما يستعمل في أسلحة نارية لم يرخص لهم بحملها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات و1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرافق. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعت فاطمة محمد الجندي مدنياً بقرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بتاريخ 3/ 1/ 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة وبإلزامهم أن يدفعوا متضامنين للمدعية بالحق المدني قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت مع مصروفات الدعوى المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مما ينعاه الطاعنان الثاني والثالث في تقرير الأسباب المؤرخ 6/ 2/ 1963 على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في بيان نية القتل والاستدلال على توافرها لديهما إذ أن كل ما أسنده الحكم إليهما أنهما كانا يطلقان أعيرة نارية في الهواء دون أن تكون مصوبة إلى المجني عليه. وهو ما لا يوفر نية القتل في حقهما مما يعيب الحكم بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه - أنه في صباح يوم الحادث توجه المجني عليه ومعه والدته وأخيه إلى زراعة باذنجان له وأثناء قيامه بإدارة (الطنبور) الذي وضعه في مياه الترعة التي تروى منها تلك الزراعة فوجئ بالطاعنين مترصدين في زراعة أذرة تقع على الشاطئ المقابل وكان كل منهم يحمل بندقية وأطلق الطاعن الأول من بندقيته عياراً نارياً سقط المجني عليه على أثره بينما أخذ الطاعنان الثاني والثالث في إطلاق أعيرة نارية في الهواء للإرهاب وخلال ذلك أطلق الطاعن الأول عياراً نارياً ثانياً أصاب المجني عليه وأجهز عليه. وبعد أن ساق الحكم مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه عرض لنية القتل فاستخلصها في قوله:
"وحيث إنه عن نية القتل فثابتة من حمل كل من المتهمين لسلاح ناري معمر بطلقات من ذات المقذوف المفرد وعقدهم النية على إزهاق روح المجني عليه بإطلاقها عليه وقد أصيب فعلاً من عيارين منها في رأسه أوديا بحياته". وما ذهب إليه الحكم في هذا الخصوص لا يستقيم به التدليل على نية القتل كما هو معرف بها في القانون إذ أنه من المقرر أن جريمة القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ويتعين على القاضي أن يعني بالتحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. لما كان ذلك، وكان ما ذكره الحكم في هذا الصدد مقصوراً على الاستدلال على هذه النية من حمل الطاعنين أسلحة نارية معمرة بقصد إطلاقها على المجني عليه وإصابة هذا الأخير بعيارين في رأسه أوديا بحياته - وهو ما لا يكفي في استخلاص نية القتل وخاصة بعد أن أثبت الحكم في معرض تحصيله واقعة الدعوى أن الطاعنين سالفي البيان لم يطلقا النار على المجني عليه وإنما أطلقاها في الهواء للإرهاب دون أن يفصح عن أثر هذه الواقعة في تبيان قصدهما المشترك الذي نسب إليهما تبييت النية على تنفيذه، وكانت إصابة المجني عليه بعيارين ناريين أوديا بحياته هي نتيجة قد تتحقق بغير القتل العمد. ولا يغني في هذا الشأن ما قاله الحكم من أن الطاعنين كانوا قد عقدوا النية على إزهاق روح المجني عليه - طالما أن إزهاق الروح هو النتيجة التي قصدها الجاني ويتعين على القاضي أن يستظهرها - كما لا يجدي ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن الأول قد أطلق عياراً نارياً على المجني عليه أصابه وأردفه بعيار آخر أجهز عليه لاقتصار هذا البيان على مجرد سرد الفعل المادي في الجريمة دون أن يكشف عن القصد الخاص فيها وهو ما كان الحكم مطالباً باستخلاصه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً متعيناً نقضه والإحالة بغي حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن وذلك بالنسبة إلى الطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة واتصال وجه النعي بالطاعن الأول ولحسن سير العدالة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 81 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

102-لما كان ما أورده الحكم يفيد أن المحكمة قد استندت - ضمن ما استندت إليه - في إثبات القصد الخاص لجريمة الشروع في القتل إلى إصابة المجني عليه .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 840

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(165)
الطعن رقم 1207 لسنة 34 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
سقوط حق الطاعن في التمسك ببطلان التقرير الطبي الابتدائي لعدم أداء محرره اليمين القانونية. طالما أن الثابت أن محاميه لم يدفع بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع. المادة 333 إجراءات.
(ب) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه عند رفضه: هو الطلب الجازم الذي يشتمل على بيان ما يرمي إليه مقدمه. مثال.
(جـ) قتل عمد. "نية القتل". شروع في قتل. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
نية القتل. مثال في عدم توافرها.
(د، هـ، و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على المواءمة والتوفيق. مثال.
(هـ) إغفال الحكم تحديد مسافة الإطلاق كما ذكرها الشهود. لا ينال من سلامته. علة ذلك: المحكمة إنما تورد من أقوال الشهود ما تقيم عليه قضاءها. عدم إيرادها لبعض تفصيلات معينة يفيد إطراحها.
(و) تحديد الأشخاص للمسافات. أمر تقديري. ليس من شأن الخلاف فيه إهدار شهادة الشهود. ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها.
1 - لا محل لما يثيره الطاعن بشأن بطلان التقرير الطبي الابتدائي لعدم أداء محرره اليمين القانونية طالما أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن محاميه لم يدفع ببطلان هذا التقرير أمام محكمة الموضوع ومن ثم فيسقط حقه في التمسك ببطلان هذا الإجراء وفقاً للمادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عند رفضه هو الطلب الجازم الذي يشتمل على بيان ما يرمي إليه مقدمه. ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي للمناقشة أو عرض الأوراق عليه ما دام الطاعن لم يوضح مقصده من هذا الطلب وطالما كان دفاعه خلواً من أي مطعن على التقرير الطبي المقدم في الدعوى.
3 - لما كان ما أورده الحكم يفيد أن المحكمة قد استندت - ضمن ما استندت إليه - في إثبات القصد الخاص لجريمة الشروع في القتل إلى إصابة المجني عليه، في حين أن الثابت من الحكم أن الطاعن أطلق العيار على المجني عليه فأصابه في فخذه الأيمن ونفذ منه إلى فخذه الأيسر وهي أجزاء من الجسم ليست من المقاتل، كما جاء بالتقرير الطبي - حسبما حصله الحكم - خلواً من إثبات أن إصابات المجني عليه في مقتل. ولما كان إطلاق العيار الناري صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه، وكانت الإصابة في مقتل لا يصح أن يستنتج منها قصد القتل إلا إذا أثبت أن الجاني صوب العيار إلى المجني عليه متعمداً إصابته في الموضع الذي يعد مقتلاً من جسمه وهو ما لم يدلل عليه الحكم، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان.
4 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد من أقوال شهود الإثبات تحديداً معيناً لمسافة الإطلاق، وإنما أورد بيان هذه المسافة نقلاً عن التقرير الطبي الذي حددها بما لا يقل عن مترين، فليس إذن ثمة تعارض بين ما أورده الحكم من مؤدى هذين الدليلين.
5 - الأصل أن محكمة الموضوع إنما تورد من أقوال الشهود ما تقيم عليه قضاءها وفي عدم إيرادها لبعض تفصيلات معينة ما يفيد إطراحها. فلا ينال من سلامة الحكم أن يكون قد أغفل تحديد مسافة الإطلاق كما ذكرها الشهود.
6 - تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الخلاف فيه بفرض قيامه بين أقوال الشهود والتقرير الطبي أن يهدر شهادة الشهود ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/ 8/ 1960 بدائرة مركز البدارى محافظة أسيوط: 1 - شرع في قتل أحمد محمد أحمد عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته هو مداركه المجني عليه بالعلاج - 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً بندقية - 3 - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1/1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. وقد ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم وطلب القضاء له بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 12/ 3/ 1963 عملاً بمواد الاتهام عدا المادة 30 - من قانون الأسلحة المذكور - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني والمصروفات المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الشروع في قتل وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بدون ترخيص قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي معاً على ما بينهما من تعارض إذ أجمع الشهود بأن الطاعن أطلق العيار على المجني عليه من مسافة لا تقل عن خمسة أمتار وقد تصل إلى عشرين متراً بيد أن التقرير الطبي أثبت أن مسافة الإطلاق تقل عن المترين ولم يعرض الحكم لهذا الخلاف الجوهري بما يرفعه. كما أن الدفاع تمسك بعرض التقرير الطبي على الطبيب الشرعي أو استدعاءه لمناقشته لأن التقرير المقدم صدر عن طبيب المستشفى وهو لا يعد من ذوي الخبرة التامة فيما قدم التقرير بشأنه لبعده عن اختصاصه فضلاً عن عدم أدائه اليمين القانونية إلا أن المحكمة لم تجب هذا الطلب ولم تعن بالرد عليه. هذا إلى أن الحكم جاء قاصراً في التدليل على القصد الجنائي لجريمة الشروع في القتل التي دان الطاعن بها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في يوم 23/ 8/ 1960 بدائرة مركز البدارى محافظة أسيوط: أولاً - شرع في قتل المجني عليه عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية". ثالثاً - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وطلبت النيابة معاقبته بالمواد - 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 وبالقانون رقم 75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. وادعى المجني عليه قبله بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات عن التهم الثلاث وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه يوجد حائط مشترك بين المجني عليه أحمد محمد أحمد وبين المتهم أحمد الحسيني عثمان الشهير بفاروق - الطاعن - وعمه مصطفى عثمان وحوالي الساعة 4 من مساء يوم الحادث الموافق 23 من أغسطس سنة 1960 بينما كان المجني عليه بحقله مع أخيه عبد الله محمد أحمد إذ سمع صوت إطلاق أعيرة نارية فتوجه صوبها فوجد المتهم وعمه مصطفى الحسيني ومع الأول بندقية هندي ومع الثاني فأساً يهدم بها الحائط المشترك بينهما فعاتب المتهم على ذلك فأطلق عليه عياراً نارياً واحداً فأصابه في فخذه الأيمن ونفذت منه إلى فخذه الأيسر وحضر على أثر ذلك عبد الله محمد أحمد وعلم بالحادث واحتضن المجني عليه ثم تركه وجرى خلف المتهم فلم يلحق به وعلم بالحادث أخو المجني عليه عبد العليم محمد أحمد فأبلغه لمأمور مركز البدارى الذي أبلغه بدوره لجهة الاختصاص وبوشر التحقيق وتبين في التقرير الطبي الابتدائي أن إصابات المجني عليه حدثت نتيجة عيار ناري من بندقية مششخنة" واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الواقعة عبد العليم محمد أحمد ومحمد أحمد مصطفى وعبد الله محمد أحمد وإلى التقرير الطبي الابتدائي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال المجني عليه بأنه في وقت العصر من يوم الحادث كان بحقله مع أخيه عبد الله محمد أحمد وسمع إطلاق أعيرة نارية فتوجه صوبها فوجد المتهم - الطاعن - وعمه مصطفى الحسيني وكان الأول يحمل بندقية هندي والثاني يحمل فأساً ويهدم بها حائطاً مشترك بينهما فعاتب المتهم على ذلك فأطلق عليه الأخير عياراً نارياً أصابه في فخذه الأيمن ونفذ منه إلى فخذه الأيسر فسقط على الأرض وحضر إليه أخوه عبد الله محمد أحمد واحتضنه ثم علم بالحادث أخوه عبد العليم محمد أحمد وأبلغه لمأمور مركز البدارى واستطرد الشاهد يقول أن سبب الحادث هو نزاع على حائط مشترك بينه وبين المتهم وعمه". وبعد أن حصل الحكم أقوال باقي الشهود بما يتفق ورواية المجني عليه أورد مؤدى التقرير الطبي بقوله "وتبين من التقرير الطبي الابتدائي أن إصابات المجني عليه هو جرح ناري فتحه دخول مستديرة بأوسط مقدم الفخذ اليمنى وجرح فتحه خروج العيار الناري شديدة التهتك مع بروز العضلات خارج بالجرح على أوسط أنسية الفخذ اليمنى وجرحان كبيران شديداً التهتك على أنسية ووحشية الفخذ اليسرى مع تهتك شديد بالعضلات والأوتار وبروز العضلات من الجرحين مع كسر كامل بأوسط عظمة الفخذ الأيسر وهما نتيجة دخول وخروج نفس العيار الناري الذي أطلق على المصاب وأصاب الفخذ اليمنى وتحدث هذه الإصابات من عيار ناري والآلة المستعملة بندقية مششخنة والمسافة بين الضارب والمضروب تقل عن مترين والضارب كان في مستوى أعلا من المضروب قليلاً وعلى يمين المضروب وأمامه" لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله في إدانته على أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي معاً على الرغم من اختلافهما في تقدير مسافة الإطلاق مردوداً بما هو مقرر من أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد من أقوال شهود الإثبات تحديداً معيناً لمسافة الإطلاق، وإنما أورد بيان هذه المسافة نقلاً عن التقرير الطبي الذي حددها بما لا يقل عن مترين، فليس إذن ثمة تعارض بين ما أورده الحكم من مؤدى هذين الدليلين، ولا ينال من سلامة الحكم أن يكون أن يكون قد أغفل تحديد مسافة الإطلاق كما ذكرها الشهود إذ الأصل أن محكمة الموضوع إنما تورد من أقوال الشهود ما تقيم عليه قضاءها وفي عدم إيرادها لبعض تفصيلات معينة ما يفيد إطراحها لها، فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الخلاف فيه، بفرض قيامه بين أقوال الشهود والتقرير الطبي، أن يهدر شهادة الشهود ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن إجابة طلب عرض الأوراق على الطبيب الشرعي أو استدعاءه لمناقشته مردوداً بأنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن تمسك بهذا الطلب إلا أنه لم يفصح عن مراده منه، ولما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه عند رفضه هو الطلب الجازم الذي يشتمل على بيان ما يرمي إليه مقدمه، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي للمناقشة أو عرض الأوراق عليه ما دام الطاعن لم يوضح مقصده من هذا الطلب وطالما كان دفاعه خلواً من أي مطعن على التقرير الطبي المقدم في الدعوى. ولا محل لما يثيره الطاعن بشأن بطلان التقرير الطبي الابتدائي لعدم أداء محرره اليمين القانونية إذ الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن محاميه لم يدفع ببطلان هذا التقرير أمام محكمة الموضوع ومن ثم فقد سقط حقه في التمسك ببطلان هذا الإجراء وفقاً للمادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إن نية القتل متوافرة لدى المتهم والقصد الجنائي ثابت من ظروف الحادث وملابساته إذ ثبت أن المتهم أعد بندقية كان يحملها وهي أداة قتل وصالحة بطبيعتها للقتل وإزهاق الروح وقد أطلق منها المتهم عياراً صوب المجني عليه فأصابه العيار الناري في فخذه الأيمن ونفذت إلى فخذه الأيسر وأحدث إصابته وهي في مقتل وكان يقصد من ذلك قتل المجني عليه وإزهاق روحه لما بينهما من خلاف على حائط مشترك بينهما وقد خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادة المتهم هو مداركة المجني عليه بالعلاج" وما أورده الحكم فيما تقدم يفيد أن المحكمة قد استندت - ضمن ما استندت إليه - في إثبات القصد الخاص لجريمة الشروع في القتل إلى إصابة المجني عليه في مقتل، في حين أن الثابت من الحكم أن الطاعن أطلق العيار على المجني عليه فأصابه في فخذه الأيمن وتقدمته إلى فخذه الأيسر وهي أجزاء من الجسم ليست من المقاتل، كما جاء التقرير الطبي - حسبما حصل الحكم - خلواً من إثبات أن إصابات المجني عليه في مقتل، ولما كان إطلاق العيار الناري صوب المجني عليه لا يفيد حتماً أن الجاني انتوى إزهاق روحه وكانت الإصابة في مقتل لا يصح أن يستنتج منها قصد القتل إلا إذا ثبت أن الجاني صوب العيار إلى المجني عليه متعمداً إصابته في الموضع الذي يعد مقتلاً من جسمه وهو ما لم يدلل عليه الحكم، فإنه يكون معيباً بالقصور في البيان، على أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في التدليل عن قصد القتل ما دامت المحكمة قد أعملت في حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بعقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانته بها وكانت العقوبة المقضي بها وهي الأشغال الشاقة ثلاث سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحداها وهي جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بدون ترخيص التي دين الطاعن بها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 62 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

 

101-تميزه عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 16

جلسة 4 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي, ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(5)
الطعن رقم 1642 لسنة 34 القضائية

(أ) شهادة زور. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك. لا يصح. علة ذلك: ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي يلابسه في كل حالة. وجوب ألا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. مثال.
(ب) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". القصد الجنائي في جريمة القتل العمد: تميزه عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص. هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. على المحكمة عند الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو الشروع فيها أن تعنى بالتحدث عنه استقلالاً وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. مثال.
1 - الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلا بسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. ومن ثم فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.
2 - القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. ولما كان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني، فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهى أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح، وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل، فإنه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين الأول والثاني بأنهما في يوم 8/ 2/ 1962 بناحية مركز البدارى محافظة أسيوط - أولاً. شرعاً في قتل محمد فتح الله بلال ونسون شفيق عيسى عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتل الأول وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين من شأنهما القتل (بندقيتين) وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أحدهما أعيرة نارية قاصدين قتله فأخطأته وأصابت المجني عليها الثانية بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم إحكامهما الرماية بالنسبة للمجني عليه الأول ومداركة المجني عليها الثانية بالعلاج. ثانياً - أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين "مششخين بندقيتين". ثالثاً: أحرزا ذخيرة طلقات مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفى الذكر. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات أسيوط وجهت النيابة العامة إلى الطاعن الثالث تهمة شهادة الزور لصالح المتهمين الأولين. وطلبت عقابه بالمادة 294 من قانون العقوبات. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 22 أكتوبر سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الطاعنين الأولين. أولاً - بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. ثانياً - بمعاقبة الطاعن الثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث شهور عن تهمة شهادة الزور فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين الأولين بجريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار ودان الطاعن الثالث بجريمة الشهادة الزور، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يبين نية القتل بياناً وافياً يستدل منه على أن نية الطاعنين الأولين قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليهما أو أنهما أطلقا النار على مقاتل منهما، كما أنه اعتمد في إدانة الطاعن الثالث على أن روايته التي أدلى بها في التحقيقات تخالف تلك التي أبداها في الجلسة ويغير بيان الأدلة التي تدل على صدقه في تلك الرواية عما عداها.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها، تحدث عن نية القتل فقال "إنها ثابتة من إطلاق المتهمين (الطاعنين الأول والثاني) الأعيرة النارية من بنادق سريعة الطلقات صوب المجني عليه والتي وإن كانت قد أخطأته إلا أنها من سلاح قاتل بطبيعته وقد أصابت بالفعل المجني عليها نسون شفيق". لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. وكان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني, فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه - ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهى أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحدة الدليل على ثبوتها إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح. وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين بغير حاجة إلى بحث باقي الأوجه الخاصة بهما. ولما كان الحكم قد عرض لتهمة الشهادة الزور المسندة إلى الطاعن الثالث في قوله "ولا تلتفت المحكمة إلى عدول الشاهد (الطاعن الثالث) ذلك أنه قد شهد بالتحقيقات بتفصيلات الحادث وأكد مشاهدته للمتهمين يتعقبان المجني عليه ويطلقان النار عليه بعد أن دخل السباته للاحتماء بها فأصيبت زوجته وكان هو أول من توجه لإبلاغ العمدة عن الحادث، وقد حضر المجني عليه إلى العمدة أثناء وجوده لديه، الأمر الذي يجعل عدوله بالجلسة عن تلك الأقوال إنما جاء خدمة للمتهمين اللذين يخشى من اعتدائهما على حياته، ومن ثم كان ذلك العدول على هذه الصورة عدولاً عن الحقيقة إلى الزور. وانتهى الحكم من ذلك إلى ثبوت تهمة الشهادة الزور قبل الطاعن الثالث. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلا بسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. وإذن فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

 

101-تميزه عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 16

جلسة 4 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي, ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(5)
الطعن رقم 1642 لسنة 34 القضائية

(أ) شهادة زور. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك. لا يصح. علة ذلك: ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي يلابسه في كل حالة. وجوب ألا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. مثال.
(ب) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". القصد الجنائي في جريمة القتل العمد: تميزه عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص. هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. على المحكمة عند الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو الشروع فيها أن تعنى بالتحدث عنه استقلالاً وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. مثال.
1 - الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلا بسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. ومن ثم فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - وبالتالي فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.
2 - القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. ولما كان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني، فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وإن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهى أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحده الدليل على ثبوتها، إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح، وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل، فإنه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين الأول والثاني بأنهما في يوم 8/ 2/ 1962 بناحية مركز البدارى محافظة أسيوط - أولاً. شرعاً في قتل محمد فتح الله بلال ونسون شفيق عيسى عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتل الأول وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين من شأنهما القتل (بندقيتين) وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه أحدهما أعيرة نارية قاصدين قتله فأخطأته وأصابت المجني عليها الثانية بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم إحكامهما الرماية بالنسبة للمجني عليه الأول ومداركة المجني عليها الثانية بالعلاج. ثانياً - أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين "مششخين بندقيتين". ثالثاً: أحرزا ذخيرة طلقات مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفى الذكر. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرفق. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات أسيوط وجهت النيابة العامة إلى الطاعن الثالث تهمة شهادة الزور لصالح المتهمين الأولين. وطلبت عقابه بالمادة 294 من قانون العقوبات. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 22 أكتوبر سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الطاعنين الأولين. أولاً - بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. ثانياً - بمعاقبة الطاعن الثالث بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث شهور عن تهمة شهادة الزور فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين الأولين بجريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار ودان الطاعن الثالث بجريمة الشهادة الزور، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يبين نية القتل بياناً وافياً يستدل منه على أن نية الطاعنين الأولين قد انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليهما أو أنهما أطلقا النار على مقاتل منهما، كما أنه اعتمد في إدانة الطاعن الثالث على أن روايته التي أدلى بها في التحقيقات تخالف تلك التي أبداها في الجلسة ويغير بيان الأدلة التي تدل على صدقه في تلك الرواية عما عداها.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها، تحدث عن نية القتل فقال "إنها ثابتة من إطلاق المتهمين (الطاعنين الأول والثاني) الأعيرة النارية من بنادق سريعة الطلقات صوب المجني عليه والتي وإن كانت قد أخطأته إلا أنها من سلاح قاتل بطبيعته وقد أصابت بالفعل المجني عليها نسون شفيق". لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة القتل العمد يتميز عن القصد الجنائي العام في سائر جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل إزهاق روح المجني عليه. وكان هذا العنصر بطبيعته أمراً داخلياً في نفس الجاني, فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم في هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالاً وأن تورد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه - ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين الأولين من إطلاقهما أعيرة نارية من بنادق سريعة الطلقات وهى أسلحة قاتلة بطبيعتها لا يوفر وحدة الدليل على ثبوتها إذ أن مجرد استعمال سلاح ناري لا يفيد حتماً أن القصد هو إزهاق الروح. وكان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان دون أن يكشف عن نية القتل. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً مما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الطاعنين الأولين بغير حاجة إلى بحث باقي الأوجه الخاصة بهما. ولما كان الحكم قد عرض لتهمة الشهادة الزور المسندة إلى الطاعن الثالث في قوله "ولا تلتفت المحكمة إلى عدول الشاهد (الطاعن الثالث) ذلك أنه قد شهد بالتحقيقات بتفصيلات الحادث وأكد مشاهدته للمتهمين يتعقبان المجني عليه ويطلقان النار عليه بعد أن دخل السباته للاحتماء بها فأصيبت زوجته وكان هو أول من توجه لإبلاغ العمدة عن الحادث، وقد حضر المجني عليه إلى العمدة أثناء وجوده لديه، الأمر الذي يجعل عدوله بالجلسة عن تلك الأقوال إنما جاء خدمة للمتهمين اللذين يخشى من اعتدائهما على حياته، ومن ثم كان ذلك العدول على هذه الصورة عدولاً عن الحقيقة إلى الزور. وانتهى الحكم من ذلك إلى ثبوت تهمة الشهادة الزور قبل الطاعن الثالث. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يصح تكذيب الشاهد في إحدى روايتيه اعتماداً على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك لأن ما يقوله الشخص الواحد كذباً في حالة، وما يقرره صدقاً في حالة أخرى إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من العوامل التي تلا بسه في كل حالة مما يتحتم معه أن لا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. وإذن فإن إدانة الطاعن الثالث في جريمة الشهادة الزور لمجرد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما أبلغ به العمدة وما قرره في التحقيقات الأولية لا تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حد ذاته أن يؤدي إليها مما يجعل الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن الثالث معيباً ويستوجب نقضه بالنسبة إليه وإلى الطاعنين الأول والثاني - المحكوم عليهما في الجريمة التي سمعت فيها تلك الشهادة - لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى جميع الطاعنين والإحالة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

 

99-نية القتل من الأمور الموضوعية للقاضي استظهارها في حدود سلطته التقديرية.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 556

جلسة 7 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وجمال المرصفاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(111)
الطعن رقم 717 لسنة 35 القضائية

( أ ) فاعل. شريك. مسئولية جنائية.
تحمل الفاعل أو الشريك مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عنها، ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها. متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى المتفق على ارتكابها.
الفصل في الاحتمال. موضوعي.
(ب) ظروف مشددة. سلاح. سرقة. فاعل. شريك. جريمة.
حمل السلاح في السرقة. ظرف مادي. سريان حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "اعتراف".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك.
(د) قتل عمد. "نية القتل".
نية القتل. من الأمور الموضوعية. للقاضي استظهارها في حدود سلطته التقديرية.
1 - من المقرر في فقه القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أو شركاء. والاحتمال أمر متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون.
2 - حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الاجرامى يسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به.
3 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
4 - نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإدارة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 16 فبراير سنة 1964 بدائرة بندر شبرا محافظة القليوبية: (أولاً) المتهم الأول: قتل أحمد محمد عثمان عمداً وقد تقدمت هذه الجريمة جريمة أخرى وهو أنه في الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا والمتهمون الآخرون اللمبات الإلكترونية المملوكة لشركة النصر لصناعة التليفزيون وكان ذلك بطريق الإكراه بأن أوثق المتهم الأول المجني عليه وكم فاه قاصداً من ذلك شل مقاومته حال كون أحدهم يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً (مسدساً) فتمت الجريمة بناء على ذلك الإكراه. (ثانياً) المتهمون الآخرون: اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمتين سالفتى الذكر بأن اتفقوا معه على السرقة وتوجهوا معه بسيارتين إلى مخازن الشركة وساعدوه في نقل المسروقات بالسيارتين اللتين كانتا معهم فوقعت الجريمة الأولى بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وكانت الجريمة الثانية نتيجة محتملة للجريمة الأولى. (ثالثاً) المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدساً). (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح وإحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 2 - 3، 41 و43 و44 و234 و314 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4, 30 والجدول رقم 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بتاريخ 11 فبراير سنة 1965 عملاً بالمواد 40 / 2 - 3 و41 و43 و234/ 1 - 2 و314 و316 من قانون العقوبات والمواد 1، و6 و26/ 2 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول 3 الملحق به - مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ( أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الآخرين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن الطاعنين الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع وإن قرروا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهم لم يقدموا أسباباً للطعن ومن ثم فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الرابع والثامن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن الرابع ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في جنايتي القتل العمد والسرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن - تأكيداً لدفاعه بأن الاعتراف المسند إليه كان وليد إكراه - من أن الشاهد على حسن العتال حدد طرزاً للسيارة المستعملة في الحادث يخالف طرز سيارة الطاعن المضبوطة والتي قدم للمحكمة رخصة تسييرها الأمر الذي يكشف عن زيف الاعتراف، إلا أن الحكم على الرغم من أهمية هذا الدفاع لم يعرض له ويرد عليه.
وحيث الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المجني عليه بتحقيقات النيابة والشرطة ومن المعاينة وتقرير الصفة التشريحية ومما قرره الطاعنون من الثاني إلى السابع في التحقيقات وهى أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف الطاعن الرابع في قوله: "قرر المتهم الرابع بتحقيق النيابة بأنه تقابل وباقي المتهمين جميعاً بمقهى ببندر شبين الكوم ثم قصدوا بسيارة قادها حتى شبرا الخيمة وهناك تركهم المتهمان الأول والثاني وصعدا إلى مسكن أولهما وبعد نحو ربع ساعة عادا ومعهما شخص أدار لهما محرك سيارة كانت تقف أمام باب المنزل بالطريق قادها المتهم الثاني وركب معه فيها المتهمون الأول والثاني والسابع ثم ذهبوا بالسيارتين إلى المخازن وقام المتهمون بنقل الصناديق من المخزن إلى السيارتين وبعد أن استقلوها سمع صوت ثلاثة أعيرة نارية فسأل المتهم الثامن الذي كان يجلس بجانبه عن سبب إطلاقها فأخبره أن المتهم الأول أطلق النار على الخفير المجني عليه لأنه يعرفه ولما عادوا إلى شبين الكوم تركوا المسروقات لدي المتهم الثالث". كما حصل الحكم اعترافات الباقين بما يتفق واعتراف الطاعن الرابع. ثم عرض الحكم إلى ما أثاره المتهمون بشأن بطلان اعترافاتهم لصدورها نتيجة إكراه وإيعاز من رجال الشرطة وأطرحه في قوله: "ثبت مما قرره المتهم الثاني أمام المحكمة وما قرره المتهمون من الثالث إلى السابع بتحقيق النيابة من أقوال يرتاح لها ضمير المحكمة أنهم اجتمعوا بمقهى عينوها ببندر شبين الكوم ليلة الحادث ومعهم المتهمين الأول والثامن وقاموا جميعاً بالسيارة التي قادها المتهم الرابع - الطاعن الرابع - حتى نزل المتهم الأول بشبرا الخيمة حيث استعان المتهم الأول بسيارة نسيبه الذي كان ضيفاً عليه ثم ذهبوا جميعاً إلى مكان الحادث في جنح الظلام ونقلوا المسروقات إلى السيارتين وأطلق المتهم الأول ثلاثة أعيرة من السلاح الذي كان يحمله على المجني عليه خشية أن يفضح أمره بعد أن عرفه وقفلوا عائدين بالمسروقات إلى شبين الكوم وأودعوها لدى المتهم الثالث بكفر المصيلحة... وأن أقوال هؤلاء المتهمين لم يدلوا بها أمام رئيس المباحث فحسب بل أدلوا بها أمام وكيل النيابة المحقق بعيداً عن تأثير الشرطة وقد أكدوا في هذا التحقيق أنهم يدلون بها بمحض إرادتهم كشفاً لما حدث فعلاً ولم يدع أحد منهم أن إكراهاً ما أو تعذيباً قد وقع عليه من رجال الشرطة.. وثبت بمحضر جلسة 19/ 2/ 1964 أمام قاضي المعارضات عند نظر طلب مد حبسهم بحضور المدافع عنهم أنهم حين سألهم القاضي قرروا أنهم اعترفوا فعلاً بتحقيق النيابة وأنهم ما رافقوا المتهم الأول إلى المخازن إلا بعد أن زعم لهم أنه يودع فيه صندوقاً من الخمر غير أنهم فوجئوا به يهددهم بإطلاق النار عليهم من سلاحه وأكرههم على حمل المسروقات. وبجلسة 4/ 3 / 1964 ردد المتهمون الثاني والثالث والسادس والسابع بمجلس القضاء كذلك عند نظر قاضي المعارضات مد حبسهم أنهم يصرون على أقوالهم التي أبدوها في تحقيق النيابة الأمر الذي ينفي ما أثير بالجلسة من أن إكراهاً أو تعذيباً قد وقع على أي منهم ليدلي بأقواله الثابتة بتحقيق النيابة". لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ عرض إلى وسيلة انتقال الطاعنين إلى مكان الحادث، أثبت أنهم استقلوا سيارتين قاد إحداهما الطاعن الثاني والأخرى الطاعن الرابع دون أن يورد سواء فيما أثبته عن واقعة الدعوى أو ما حصله من أقوال الشهود واعترافات المتهمين ثمت قول بأن السيارة التي كان يقودها الطاعن الرابع هي سيارته الخاصة أو يشير إلى أنها من طرز معين، مما مفاده أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أطرحت أقوال الشاهد على حسن العتال - بفرض صحة ما جاء بوجه الطعن - بشأن طرز السيارة التي كان يقودها الطاعن، فأضحى بذلك دفاعه عن مغايرة طرز سيارته الخاصة لتلك التي استعملت في الحادث غير مجد, لا يستأهل من الحكم رداً خاصاً عليه. وإذ ما كان الطاعن يهدف من إثارة هذا الدفاع إلى القول بزيف الاعتراف المسند إليه، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافات المتهمين - ومن بينهم الطاعن الرابع - بتحقيقات النيابة والشرطة وإلى صدورها سليمة مما يشوبها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في أمر يتصل بحقها المطلق في تقدير أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن الرابع على الحكم المطعون فيه يكون غير سديد ويتعين لذلك رفض الطعن المقدم منه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثامن هو الخطأ في القانون والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأن الحكم ساءل الطاعن عن جريمة القتل التي اقترفها المتهم الأول وحده باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها مع أن المسئولية عن النتيجة المحتملة لا تقوم إلا في مواجهة الشريك بصريح نص المادة 43 من قانون العقوبات وقد اعتبر الحكم - على ما صورته الوقائع الثابتة بمدوناته - الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة السرقة وإن كان قد عاد - عند مساءلته عن القتل - واعتبره شريكاً في السرقة. وفضلاً عن هذا فإن مفاد ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى أن القتل لم يكن نتيجة محتملة للسرقة المتفق فيها لأن ظروف ارتكابها لم تكن تهئ إلى إمكان توقع ارتكاب القتل الذي انفرد به الطاعن الأول لمصلحة خاصة به وحده - بعد تمام السرقة - فقطع بشذوذه الصلة بين الجريمتين. ثم إن الطاعن دفع بأن إصابات المجني عليه من شأنها أن تعجزه عن الكلام فور الحادث. واستند في هذا إلى أن إخطار الحادث جاء خلواً من تحديد محدث إصاباته, وهو دفاع هام يستند إلى مسألة فنية لا تملك المحكمة بوسائلها الخاصة أن تبلغ غاية الأمر فيها، فلا يحق لها أن تقتصر في ردها بما قرره الشهود لأن دفاع الطاعن مؤداه كذب الشهود فيما نقلوه عن المجني عليه مما يعيب الحكم بالقصور في التدليل بالنسبة لجريمتي القتل والسرقة على السواء، ولا يغني في هذا المقام أن يكون المجني عليه قد أبدى أقواله في تحقيق النيابة لأنها جاءت بعد اتصال الشرطة به وإيعازهم له بها. كما أن ما أورده الحكم عن نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه دون نظر إلى أن العقوبة المقضى بها مقررة في جناية السرقة بإكراه المسندة إلى الطاعن لأن ارتسام صورة الواقعة في إطار التكييف الخاطئ الذي أخذت به المحكمة - له أثر محقق في تقديرها للعقوبة فتتوافر بذلك للطاعن مصلحة مؤكدة في نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن الأول ويعمل أميناً لأحد مخازن شركة النصر لصناعة أجهزة التلفزيون ثارت في نفسه نزعة الجشع ففكر في سرقة اللمبات الإلكترونية من مخازن الشركة لأنها تباع في الأسواق بأثمان مرتفعة فاتفق مع الطاعنين السبعة الباقين على ارتكاب جريمة السرقة وأعدوا لها عدتها فحمل الطاعن الأول سلاحاً نارياً (مسدساً) وارتدى الثالث كسوة ضابط وضع عليها حامل نيشان وجاء الرابع بسيارة استقلوها جميعاً من بندر شبين الكوم حتى منزل الطاعن الأول ببندر شبرا الخيمة على مقربة من مكان الحادث وهناك استعار الأخير سيارة صهره التي قادها الطاعن الثاني بعد أن أرشده الشاهد على حسن العتال عن كيفية إدارتها واتجهوا بالسيارتين إلى المخازن محل السرقة فبلغوها حوالي الساعة الثالثة صباحاً والتقوا بحارسها المجني عليه وجاذبوه أطراف الحديث بقصد إيهامه بأنهم حضروا لأمر يتصل بحراسته وفجأة أمسكوا به وكموا فاه وأوثقوه من يديه وقدميه بالحبال فشلوا مقاومته ومنعوه من الصياح ثم قاموا بكسر باب المخزن ونقلوا صناديق اللمبات إلى السيارتين وقبل أن يفروا بالمسروقات أطلق الطاعن الأول على الحارس المجني عليه ثلاثة أعيرة نارية من مسدسه قاصداً قتله حتى يأمن مغبة افتضاح أمره إذا ظل على قيد الحياة بعد أن تعرف عليه ثم لاذوا جميعاً بالفرار حاملين غنيمتهم إلى بلدة كفر المصيلحة وأخفوا المسروقات بمنزل الطاعن الثالث تاركين على مسرح الجريمة غطاء المصباح الداخلي للسيارة المستعارة وحامل النياشين الذي سقط عفواً من الطاعن الثالث. وفى مطلع النهار حضر أحمد عبد الحميد أبو سليمان القائم بحراسة المخازن نهاراً فوجد المجني عليه موثقاً وملقى على الأرض مصاباً وعلم منه بتفصيلات الحادث. وعلى إثر إخطار الشرطة بالحادث انتقل الضابط النوبتجي وسأل المجني عليه فأخبره بأن الطاعن الأول حضر مع آخرين بسيارة تبعتها سيارة أخرى بها عدة أشخاص أوثقه اثنان منهم بالحبال ثم كسروا المخزن وسرقوا بعض محتوياته وقبل انصرافهم أطلق عليه الطاعن الأول ثلاثة أعيرة نارية. ثم توجه مأمور البندر إلى مكان الحادث وعثر به على غطاء من البلاستيك لمصباح سيارة وانتقل بعد ذلك إلى منزل الطاعن الأول لضبطه فشاهد سيارة صهره في طريقها إليه يقودها صاحبها فاستوقفه وعاين السيارة فلم يجد بها غطاء مصباحها الداخلي فعرض عليه الغطاء المضبوط فاستعرف عليه ثم توجه بعد ذلك إلى المستشفى وسأل المجني عليه فردد ما سبق أن أدلى به للضابط النوبتجي. كما عثر ضابط المباحث داخل المخزن على حامل النياشين ملقى على الأرض وعثر أيضاً بجوار المكان الذي كان المجني عيه ملقى فيه على ثلاثة أظرف مطلقة تفوح منها رائحة البارود وعلى الأثر تولت النيابة العامة التحقيق بأن سألت المجني عيه فشرح بالتفصيل ما قام به الطاعن الأول وباقي الجناة بما لا يخرج عما سبق أن أبداه بمحضري الشرطة. وأسفرت تحريات رئيس المباحث عن ارتكاب الطاعنين للحادث وإخفائهم المسروقات بمنزل الطاعن الثالث فانتقل إليه وقام بتفتيشه بعد استئذان النيابة وأسفر التفتيش عن عثوره على صناديق من الكرتون بها 7149 لمبة ولم يلبث الطاعن الثالث أن اعترف باشتراكه في ارتكاب الحادث مع باقي الطاعنين كما اعترف الطاعن الثاني - وكان يصاحب الضابط - بالجريمة كما رواها زميله ثم قام بعد ذلك بضبط باقي الطاعنين فاعترفوا باقتراف الجريمة عدا الطاعن الخامس وعقب القبض على الجناة أبلغ محمد عفيفي أبو العينين بأن الطاعن الثاني أودع لديه ثلاثة أجولة على أنها بضائع خاصة بالطاعن الخامس تبين أنها تحوي 2470 صماماً كما عثر بأحد الحقول ببلدة مليج على ثلاثة أجولة أخرى تحوي 3718 لمبة وعلى جوال يحوي 296 لمبة بهويس بلدة مليج. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وانتهى إلى إدانة الطاعن الأول بجناية القتل العمد التي تقدمتها جناية أخرى هي أنه والطاعنين من الثاني إلى الثامن سرقوا الصمامات الإلكترونية المملوكة لشركة النصر لصناعة التلفزيون بطريق الإكراه بأن أوثقه اثنان منهم بالحبال وكما فاه حالة كون أولهم يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً (مسدساً) كما دان الطاعنين من الثاني إلى الثامن باشتراكهم مع الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمتين السالفتى الذكر بأن اتفقوا معه على ارتكاب جريمة السرقة وكانت جناية القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة كما دان الأول أيضاً بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص. لما كان ذلك, وكان من المقرر في فقه القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا لأخير ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أو شركاء, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثامن من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون. أما القول بأن ظروف ارتكاب جريمة القتل لم تكن لتهئ إلى إمكان توقع ارتكابها فمردود بأن معيار الاحتمال هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون, وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليه أحمد محمد عثمان كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - وبينهم الطاعن الثامن - في ارتكابها، حمل السلاح في السرقة ظرفاً مادياً متصلاً بالفعل الإجرامي يسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به، فإن مجادلة الطاعن فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان دفاع الطاعن بشأن قدرة المجني عليه على الكلام إثر حدوث إصابته مردوداً بأن الحكم وقد أثبت أن المجني عليه ردد في تحقيق النيابة تفصيلات الحادث كما سبق أن أبداها في محضري الشرطة وعلى نحو اطمأنت معه المحكمة - دون معقب - إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، فقد أضحى دفاع الطاعن في هذا الشأن دفاعاً موضوعياً يرمي إلى مجرد التشكيك في صدق أقوال الشهود مما لا يستلزم من المحكمة رداً مستقلاً عيه إذ الرد مستفاد من أخذها بأقوال هؤلاء الشهود واطمئنانها إلى صحتها. أما ما استطرد إليه الطاعن من قول بأن رواية المجني عليه بمحضر تحقيق النيابة إنما جاءت بعد اتصال رجال الشرطة به فإنه جدل موضوعي لا يقبل منه إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر قصد القتل في قوله: "وحيث إن الدافع للمتهم الأول على قتل المجني عليه هو خشيته من أن يفضح أمره - بعد أن عرف شخصيته - إن هو ظل على قيد الحياة فانتوى قتله ليخمد أنفاسه. وأن نية قتل المجني عليه وإزهاق روحه ثابتة من استعمال المتهم الأول لسلاح قاتل بطبيعته محشو بالمقذوفات من شأنه أن يزهق الأرواح وأعد لهذا الغرض ثم تصويبه نحو المجني عليه فأحدث تهتكاً بالأمعاء الدقيقة والثرب وما ضاعف ذلك من التهاب بريتوني وامتصاص توكسيني وهبوط في القلب على نحو ما جاء بتقرير الصفة التشريحية". ولما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإدارة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة جديدة لمناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

100-جناية القتل العمد والشروع فيها تميزها عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 206

جلسة 2 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة , وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر, ومختار رضوان, ومحمد محفوظ, ومحمد عبد الوهاب خليل.

(44)
الطعن رقم 1815 لسنه 34 القضائية

( أ ) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية القتل العمد والشروع فيها. تميزها عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص, هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه. على الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجريمة أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. مثال.
(ب) نقض. "الطعن بالنقض". "المصلحة في الطعن".عقوبة. "العقوبة المبررة".
القول بعدم الجدوى من الطعن المؤسس على عدم توافر نية القتل لدى الطاعن في جرائم الشروع في القتل المنسوبة إليه على اعتبار أنه دين بجريمة إحراز سلاح مششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة. لا محل له. مادام أن الطاعن ينازع في صورة الواقعة بأكملها.
1ـ تتميز جناية القتل العمد والشروع فيها عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه. وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم , وهو بطبيعته أمر يبطنه أمر الجاني ويضمره في نفسه. والحكم الذي يقضى بإدانة متهم في هذه الجناية أو بالشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإبداء الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. ولما كان ما استدل به الحكم المطعون فيه على توافر نية القتل لدى الطاعن من حضوره إلى مكان الحادث حاملاً سلاحاً من شأنه إحداث القتل وإطلاقه على المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادي من استعمال سلاح قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليه في مقتل وهو ما لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني. ومن ثم يكون الحكم معيباً بالقصور متعيناً نقضه.
2ـ لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن ـ المؤسس على عدم توافر نية القتل لدى الطاعن في جرائم الشروع في القتل المنسوبة إليه ـ على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز سلاح مششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة, ما دام أن الطاعن ينازع في صورة الواقعة بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجده في أثناء الحادث حاملاً سلاحه أو إطلاقه النار منه على المجني عليه بقصد قتله. وإذ ما كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع، فإنه يتعين إعادة النظر في استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. ومن ثم فإنه يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 19 يناير سنة 1962 بدائرة مركز البدارى محافظة أسيوط: أولاً ـ قتلوا محمد سيد أحمد عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدساً"حمله أولهم وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم المذكور أعيرة نارية قاصدين قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أن المتهمين في الزمان والمكان سالفى الذكر قتلوا أحمد محمد سيد وشرعوا في قتل هاشم سيد أحمد عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لارتكاب جريمتهم سلاحاً نارياً "مسدساً"ولما ظفروا بهما أطلق عليهما المتهم الأول النار قاصدين قتلهما فحدثت بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياة أولهما وخاب أثر الجريمة بالنسبة لثانيهما لسبب خارج عن إرادتهم هو مداركته بالعلاج. ثانياً: ـ المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" (ب) أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و234/ 2 من قانون العقوبات ومحاكمة الأول أيضاً بالمواد 1 و2 و26/ 1 - 2من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرافق بالقسم الأول (أ). فقرر بذلك. وادعى مدنياً كل من (1) سيد أحمد عبد الرحمن والد القتيل محمد سيد أحمد بصفته الشخصية وبصفته ولى أمر أولاد ابنه المجني عليه وهم روحية وفوزية وفاطمة وعطيات وكوثر وحورية وحسين محمد سيد وطلب الحكم له قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف (2) والمجني عليه هاشم سيد أحمد وطلب الحكم له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً فى19 فبراير سنة 1964 بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وببراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما. وفى الدعوى المدنية المرفوعة من هاشم سيد أحمد عبد الرحمن بإلزام المتهم الأول بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلباته. وفى الدعوى المدنية المرفوعة من سيد أحمد عبد الرحمن عن نفسه وبصفته برفضها وإلزامه مصروفاتها وقدرت مبلغ ثلاثة جنيهات أتعاباً للمحاماة. وذلك تطبيقاً للمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2ـ 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والقسم الأول (أ) من الجدول رقم 3 المرفق به والمادة 32 عقوبات لأن المتهم الأول وحده ارتكب في الزمان والمكان سالفى الذكر جرائم الشروع في قتل هاشم سيد أحمد عبد الرحمن عمداً وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الشروع في القتل وإحراز سلاح مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن المحكمة مع ما أثبتته في مدونات الحكم من أن الحادث كان وليد مشاجرة لم يتدخل الطاعن فيها بل حضر بعد انتهائها وأطلق النار على المجني عليه، إلا أنها حين تحدثت عن نية القتل أرجعتها إلى النزاع السابق وأنها كانت قائمة في نفس الطاعن قبل حضوره إلى محل الحادث دون أن تستظهر هذا النزاع وسببه. ومع ما انتهت إليه من نفي توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن، فإن حضوره إلى مكان الحادث حاملاً سلاحاً من شأنه إحداث القتل لا يكفي لإثبات توافر تلك النية في حقه كما ذهب الحكم إلى ذلك وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في نطاق ما انتهى إليه من إدانة الطاعن بجرائم الشروع في القتل وإحراز السلاح وذخيرته بغير ترخيص - بما مؤداه أن نزاعاً استعر أواره بين فريقي المتهمين والمجني عليهم على زراعة برسيم كان من نتيجة قيام شجار بينهم في اليوم السابق على الحادث أصيب فيه عميد عائلة المجني عليهم بإصابة خطيرة في رأسه وفي صباح يوم الحادث ذهب المجني عليه هاشم عبد الرحمن إلى الزراعة المتنازع عليها ومعه خادمه ثم لحق به شقيقه حيث وجدوا المتهم الثاني وابنه المتهم الثالث أمام منزلهم القريب من الزراعة المتنازع عليها وإذ ما تصدى لهم المتهم الثاني لما رآهم يريدون النزول إلى تلك الزراعة قامت مشاجرة بينه وبينهم أصيب هو فيها فكلف ابنه المتهم الثالث باستدعاء خاله المتهم الأول (الطاعن) الذي حضر حاملاً مسدسه في ملابسه وما أن لوح له المجني عليه بأنه سيعمد إلى شكواه حتى أخرج ذلك السلاح وأطلق منه عياراً على المجني عليه أصابه في كتفه. وقد عرض الحكم لنية القتل في قوله "إن المحكمة ترى أن نية القتل متوفرة لدى المتهم الأول (الطاعن) للنزاع السابق ومن حضوره إلى محل الحادث حاملاً سلاحاً نارياً من شأنه إحداث القتل وإطلاقه على المجني عليه هاشم سيد أحمد عبد الرحمن في مقتل" ثم أوقع على الطاعن العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي أسندت إليه مطبقاً المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط. لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد والشروع فيها تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه. وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية أو بالشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. لما كان ما تقدم، وكان ما استدل به الحكم المطعون فيه على توافر نية القتل لدى الطاعن من حضوره إلى مكان الحادث حاملاً سلاحاً من شأنه إحداث القتل وإطلاقه على المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادي من استعمال سلاح قاتل بطبيعته وإصابة المجني عليه في مقتل وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني، ومن ثم يكون الحكم مشوباً بالقصور متعيناً نقضه - ولا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعن دين بجريمة إحراز السلاح المششخن وذخيرته بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها مقررة قانوناً لهذه الجريمة. لا محل لذلك لأن الطاعن ينازع في صورة الواقعة بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجده في أثناء الحادث حاملاً سلاحه أو إطلاقه النار منه على المجني عليه بقصد قتله. وإذ ما كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع، فإنه يتعين إعادة النظر في استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة وإلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 61 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

99-نية القتل من الأمور الموضوعية للقاضي استظهارها في حدود سلطته التقديرية.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 556

جلسة 7 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وجمال المرصفاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(111)
الطعن رقم 717 لسنة 35 القضائية

( أ ) فاعل. شريك. مسئولية جنائية.
تحمل الفاعل أو الشريك مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عنها، ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها. متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى المتفق على ارتكابها.
الفصل في الاحتمال. موضوعي.
(ب) ظروف مشددة. سلاح. سرقة. فاعل. شريك. جريمة.
حمل السلاح في السرقة. ظرف مادي. سريان حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "اعتراف".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك.
(د) قتل عمد. "نية القتل".
نية القتل. من الأمور الموضوعية. للقاضي استظهارها في حدود سلطته التقديرية.
1 - من المقرر في فقه القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أو شركاء. والاحتمال أمر متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون.
2 - حمل السلاح في السرقة ظرف مادي متصل بالفعل الاجرامى يسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به.
3 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
4 - نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإدارة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 16 فبراير سنة 1964 بدائرة بندر شبرا محافظة القليوبية: (أولاً) المتهم الأول: قتل أحمد محمد عثمان عمداً وقد تقدمت هذه الجريمة جريمة أخرى وهو أنه في الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا والمتهمون الآخرون اللمبات الإلكترونية المملوكة لشركة النصر لصناعة التليفزيون وكان ذلك بطريق الإكراه بأن أوثق المتهم الأول المجني عليه وكم فاه قاصداً من ذلك شل مقاومته حال كون أحدهم يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً (مسدساً) فتمت الجريمة بناء على ذلك الإكراه. (ثانياً) المتهمون الآخرون: اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمتين سالفتى الذكر بأن اتفقوا معه على السرقة وتوجهوا معه بسيارتين إلى مخازن الشركة وساعدوه في نقل المسروقات بالسيارتين اللتين كانتا معهم فوقعت الجريمة الأولى بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وكانت الجريمة الثانية نتيجة محتملة للجريمة الأولى. (ثالثاً) المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدساً). (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له في حيازة السلاح وإحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 2 - 3، 41 و43 و44 و234 و314 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4, 30 والجدول رقم 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بتاريخ 11 فبراير سنة 1965 عملاً بالمواد 40 / 2 - 3 و41 و43 و234/ 1 - 2 و314 و316 من قانون العقوبات والمواد 1، و6 و26/ 2 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول 3 الملحق به - مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ( أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه (ثانياً) بمعاقبة كل من المتهمين الآخرين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع وإن قرروا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهم لم يقدموا أسباباً للطعن ومن ثم فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الرابع والثامن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن الرابع ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في جنايتي القتل العمد والسرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم لم يعرض لما أثاره الطاعن - تأكيداً لدفاعه بأن الاعتراف المسند إليه كان وليد إكراه - من أن الشاهد على حسن العتال حدد طرزاً للسيارة المستعملة في الحادث يخالف طرز سيارة الطاعن المضبوطة والتي قدم للمحكمة رخصة تسييرها الأمر الذي يكشف عن زيف الاعتراف، إلا أن الحكم على الرغم من أهمية هذا الدفاع لم يعرض له ويرد عليه.
وحيث الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المجني عليه بتحقيقات النيابة والشرطة ومن المعاينة وتقرير الصفة التشريحية ومما قرره الطاعنون من الثاني إلى السابع في التحقيقات وهى أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف الطاعن الرابع في قوله: "قرر المتهم الرابع بتحقيق النيابة بأنه تقابل وباقي المتهمين جميعاً بمقهى ببندر شبين الكوم ثم قصدوا بسيارة قادها حتى شبرا الخيمة وهناك تركهم المتهمان الأول والثاني وصعدا إلى مسكن أولهما وبعد نحو ربع ساعة عادا ومعهما شخص أدار لهما محرك سيارة كانت تقف أمام باب المنزل بالطريق قادها المتهم الثاني وركب معه فيها المتهمون الأول والثاني والسابع ثم ذهبوا بالسيارتين إلى المخازن وقام المتهمون بنقل الصناديق من المخزن إلى السيارتين وبعد أن استقلوها سمع صوت ثلاثة أعيرة نارية فسأل المتهم الثامن الذي كان يجلس بجانبه عن سبب إطلاقها فأخبره أن المتهم الأول أطلق النار على الخفير المجني عليه لأنه يعرفه ولما عادوا إلى شبين الكوم تركوا المسروقات لدي المتهم الثالث". كما حصل الحكم اعترافات الباقين بما يتفق واعتراف الطاعن الرابع. ثم عرض الحكم إلى ما أثاره المتهمون بشأن بطلان اعترافاتهم لصدورها نتيجة إكراه وإيعاز من رجال الشرطة وأطرحه في قوله: "ثبت مما قرره المتهم الثاني أمام المحكمة وما قرره المتهمون من الثالث إلى السابع بتحقيق النيابة من أقوال يرتاح لها ضمير المحكمة أنهم اجتمعوا بمقهى عينوها ببندر شبين الكوم ليلة الحادث ومعهم المتهمين الأول والثامن وقاموا جميعاً بالسيارة التي قادها المتهم الرابع - الطاعن الرابع - حتى نزل المتهم الأول بشبرا الخيمة حيث استعان المتهم الأول بسيارة نسيبه الذي كان ضيفاً عليه ثم ذهبوا جميعاً إلى مكان الحادث في جنح الظلام ونقلوا المسروقات إلى السيارتين وأطلق المتهم الأول ثلاثة أعيرة من السلاح الذي كان يحمله على المجني عليه خشية أن يفضح أمره بعد أن عرفه وقفلوا عائدين بالمسروقات إلى شبين الكوم وأودعوها لدى المتهم الثالث بكفر المصيلحة... وأن أقوال هؤلاء المتهمين لم يدلوا بها أمام رئيس المباحث فحسب بل أدلوا بها أمام وكيل النيابة المحقق بعيداً عن تأثير الشرطة وقد أكدوا في هذا التحقيق أنهم يدلون بها بمحض إرادتهم كشفاً لما حدث فعلاً ولم يدع أحد منهم أن إكراهاً ما أو تعذيباً قد وقع عليه من رجال الشرطة.. وثبت بمحضر جلسة 19/ 2/ 1964 أمام قاضي المعارضات عند نظر طلب مد حبسهم بحضور المدافع عنهم أنهم حين سألهم القاضي قرروا أنهم اعترفوا فعلاً بتحقيق النيابة وأنهم ما رافقوا المتهم الأول إلى المخازن إلا بعد أن زعم لهم أنه يودع فيه صندوقاً من الخمر غير أنهم فوجئوا به يهددهم بإطلاق النار عليهم من سلاحه وأكرههم على حمل المسروقات. وبجلسة 4/ 3 / 1964 ردد المتهمون الثاني والثالث والسادس والسابع بمجلس القضاء كذلك عند نظر قاضي المعارضات مد حبسهم أنهم يصرون على أقوالهم التي أبدوها في تحقيق النيابة الأمر الذي ينفي ما أثير بالجلسة من أن إكراهاً أو تعذيباً قد وقع على أي منهم ليدلي بأقواله الثابتة بتحقيق النيابة". لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ عرض إلى وسيلة انتقال الطاعنين إلى مكان الحادث، أثبت أنهم استقلوا سيارتين قاد إحداهما الطاعن الثاني والأخرى الطاعن الرابع دون أن يورد سواء فيما أثبته عن واقعة الدعوى أو ما حصله من أقوال الشهود واعترافات المتهمين ثمت قول بأن السيارة التي كان يقودها الطاعن الرابع هي سيارته الخاصة أو يشير إلى أنها من طرز معين، مما مفاده أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أطرحت أقوال الشاهد على حسن العتال - بفرض صحة ما جاء بوجه الطعن - بشأن طرز السيارة التي كان يقودها الطاعن، فأضحى بذلك دفاعه عن مغايرة طرز سيارته الخاصة لتلك التي استعملت في الحادث غير مجد, لا يستأهل من الحكم رداً خاصاً عليه. وإذ ما كان الطاعن يهدف من إثارة هذا الدفاع إلى القول بزيف الاعتراف المسند إليه، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافات المتهمين - ومن بينهم الطاعن الرابع - بتحقيقات النيابة والشرطة وإلى صدورها سليمة مما يشوبها، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في أمر يتصل بحقها المطلق في تقدير أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن الرابع على الحكم المطعون فيه يكون غير سديد ويتعين لذلك رفض الطعن المقدم منه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثامن هو الخطأ في القانون والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأن الحكم ساءل الطاعن عن جريمة القتل التي اقترفها المتهم الأول وحده باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها مع أن المسئولية عن النتيجة المحتملة لا تقوم إلا في مواجهة الشريك بصريح نص المادة 43 من قانون العقوبات وقد اعتبر الحكم - على ما صورته الوقائع الثابتة بمدوناته - الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة السرقة وإن كان قد عاد - عند مساءلته عن القتل - واعتبره شريكاً في السرقة. وفضلاً عن هذا فإن مفاد ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى أن القتل لم يكن نتيجة محتملة للسرقة المتفق فيها لأن ظروف ارتكابها لم تكن تهئ إلى إمكان توقع ارتكاب القتل الذي انفرد به الطاعن الأول لمصلحة خاصة به وحده - بعد تمام السرقة - فقطع بشذوذه الصلة بين الجريمتين. ثم إن الطاعن دفع بأن إصابات المجني عليه من شأنها أن تعجزه عن الكلام فور الحادث. واستند في هذا إلى أن إخطار الحادث جاء خلواً من تحديد محدث إصاباته, وهو دفاع هام يستند إلى مسألة فنية لا تملك المحكمة بوسائلها الخاصة أن تبلغ غاية الأمر فيها، فلا يحق لها أن تقتصر في ردها بما قرره الشهود لأن دفاع الطاعن مؤداه كذب الشهود فيما نقلوه عن المجني عليه مما يعيب الحكم بالقصور في التدليل بالنسبة لجريمتي القتل والسرقة على السواء، ولا يغني في هذا المقام أن يكون المجني عليه قد أبدى أقواله في تحقيق النيابة لأنها جاءت بعد اتصال الشرطة به وإيعازهم له بها. كما أن ما أورده الحكم عن نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه دون نظر إلى أن العقوبة المقضى بها مقررة في جناية السرقة بإكراه المسندة إلى الطاعن لأن ارتسام صورة الواقعة في إطار التكييف الخاطئ الذي أخذت به المحكمة - له أثر محقق في تقديرها للعقوبة فتتوافر بذلك للطاعن مصلحة مؤكدة في نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن الأول ويعمل أميناً لأحد مخازن شركة النصر لصناعة أجهزة التلفزيون ثارت في نفسه نزعة الجشع ففكر في سرقة اللمبات الإلكترونية من مخازن الشركة لأنها تباع في الأسواق بأثمان مرتفعة فاتفق مع الطاعنين السبعة الباقين على ارتكاب جريمة السرقة وأعدوا لها عدتها فحمل الطاعن الأول سلاحاً نارياً (مسدساً) وارتدى الثالث كسوة ضابط وضع عليها حامل نيشان وجاء الرابع بسيارة استقلوها جميعاً من بندر شبين الكوم حتى منزل الطاعن الأول ببندر شبرا الخيمة على مقربة من مكان الحادث وهناك استعار الأخير سيارة صهره التي قادها الطاعن الثاني بعد أن أرشده الشاهد على حسن العتال عن كيفية إدارتها واتجهوا بالسيارتين إلى المخازن محل السرقة فبلغوها حوالي الساعة الثالثة صباحاً والتقوا بحارسها المجني عليه وجاذبوه أطراف الحديث بقصد إيهامه بأنهم حضروا لأمر يتصل بحراسته وفجأة أمسكوا به وكموا فاه وأوثقوه من يديه وقدميه بالحبال فشلوا مقاومته ومنعوه من الصياح ثم قاموا بكسر باب المخزن ونقلوا صناديق اللمبات إلى السيارتين وقبل أن يفروا بالمسروقات أطلق الطاعن الأول على الحارس المجني عليه ثلاثة أعيرة نارية من مسدسه قاصداً قتله حتى يأمن مغبة افتضاح أمره إذا ظل على قيد الحياة بعد أن تعرف عليه ثم لاذوا جميعاً بالفرار حاملين غنيمتهم إلى بلدة كفر المصيلحة وأخفوا المسروقات بمنزل الطاعن الثالث تاركين على مسرح الجريمة غطاء المصباح الداخلي للسيارة المستعارة وحامل النياشين الذي سقط عفواً من الطاعن الثالث. وفى مطلع النهار حضر أحمد عبد الحميد أبو سليمان القائم بحراسة المخازن نهاراً فوجد المجني عليه موثقاً وملقى على الأرض مصاباً وعلم منه بتفصيلات الحادث. وعلى إثر إخطار الشرطة بالحادث انتقل الضابط النوبتجي وسأل المجني عليه فأخبره بأن الطاعن الأول حضر مع آخرين بسيارة تبعتها سيارة أخرى بها عدة أشخاص أوثقه اثنان منهم بالحبال ثم كسروا المخزن وسرقوا بعض محتوياته وقبل انصرافهم أطلق عليه الطاعن الأول ثلاثة أعيرة نارية. ثم توجه مأمور البندر إلى مكان الحادث وعثر به على غطاء من البلاستيك لمصباح سيارة وانتقل بعد ذلك إلى منزل الطاعن الأول لضبطه فشاهد سيارة صهره في طريقها إليه يقودها صاحبها فاستوقفه وعاين السيارة فلم يجد بها غطاء مصباحها الداخلي فعرض عليه الغطاء المضبوط فاستعرف عليه ثم توجه بعد ذلك إلى المستشفى وسأل المجني عليه فردد ما سبق أن أدلى به للضابط النوبتجي. كما عثر ضابط المباحث داخل المخزن على حامل النياشين ملقى على الأرض وعثر أيضاً بجوار المكان الذي كان المجني عيه ملقى فيه على ثلاثة أظرف مطلقة تفوح منها رائحة البارود وعلى الأثر تولت النيابة العامة التحقيق بأن سألت المجني عيه فشرح بالتفصيل ما قام به الطاعن الأول وباقي الجناة بما لا يخرج عما سبق أن أبداه بمحضري الشرطة. وأسفرت تحريات رئيس المباحث عن ارتكاب الطاعنين للحادث وإخفائهم المسروقات بمنزل الطاعن الثالث فانتقل إليه وقام بتفتيشه بعد استئذان النيابة وأسفر التفتيش عن عثوره على صناديق من الكرتون بها 7149 لمبة ولم يلبث الطاعن الثالث أن اعترف باشتراكه في ارتكاب الحادث مع باقي الطاعنين كما اعترف الطاعن الثاني - وكان يصاحب الضابط - بالجريمة كما رواها زميله ثم قام بعد ذلك بضبط باقي الطاعنين فاعترفوا باقتراف الجريمة عدا الطاعن الخامس وعقب القبض على الجناة أبلغ محمد عفيفي أبو العينين بأن الطاعن الثاني أودع لديه ثلاثة أجولة على أنها بضائع خاصة بالطاعن الخامس تبين أنها تحوي 2470 صماماً كما عثر بأحد الحقول ببلدة مليج على ثلاثة أجولة أخرى تحوي 3718 لمبة وعلى جوال يحوي 296 لمبة بهويس بلدة مليج. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وانتهى إلى إدانة الطاعن الأول بجناية القتل العمد التي تقدمتها جناية أخرى هي أنه والطاعنين من الثاني إلى الثامن سرقوا الصمامات الإلكترونية المملوكة لشركة النصر لصناعة التلفزيون بطريق الإكراه بأن أوثقه اثنان منهم بالحبال وكما فاه حالة كون أولهم يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً (مسدساً) كما دان الطاعنين من الثاني إلى الثامن باشتراكهم مع الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمتين السالفتى الذكر بأن اتفقوا معه على ارتكاب جريمة السرقة وكانت جناية القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة كما دان الأول أيضاً بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص. لما كان ذلك, وكان من المقرر في فقه القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا لأخير ولو كانت غير تلك التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أو شركاء, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثامن من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون. أما القول بأن ظروف ارتكاب جريمة القتل لم تكن لتهئ إلى إمكان توقع ارتكابها فمردود بأن معيار الاحتمال هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون, وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليه أحمد محمد عثمان كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - وبينهم الطاعن الثامن - في ارتكابها، حمل السلاح في السرقة ظرفاً مادياً متصلاً بالفعل الإجرامي يسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاً أم شريكاً ولو لم يعلم به، فإن مجادلة الطاعن فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان دفاع الطاعن بشأن قدرة المجني عليه على الكلام إثر حدوث إصابته مردوداً بأن الحكم وقد أثبت أن المجني عليه ردد في تحقيق النيابة تفصيلات الحادث كما سبق أن أبداها في محضري الشرطة وعلى نحو اطمأنت معه المحكمة - دون معقب - إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، فقد أضحى دفاع الطاعن في هذا الشأن دفاعاً موضوعياً يرمي إلى مجرد التشكيك في صدق أقوال الشهود مما لا يستلزم من المحكمة رداً مستقلاً عيه إذ الرد مستفاد من أخذها بأقوال هؤلاء الشهود واطمئنانها إلى صحتها. أما ما استطرد إليه الطاعن من قول بأن رواية المجني عليه بمحضر تحقيق النيابة إنما جاءت بعد اتصال رجال الشرطة به فإنه جدل موضوعي لا يقبل منه إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر قصد القتل في قوله: "وحيث إن الدافع للمتهم الأول على قتل المجني عليه هو خشيته من أن يفضح أمره - بعد أن عرف شخصيته - إن هو ظل على قيد الحياة فانتوى قتله ليخمد أنفاسه. وأن نية قتل المجني عليه وإزهاق روحه ثابتة من استعمال المتهم الأول لسلاح قاتل بطبيعته محشو بالمقذوفات من شأنه أن يزهق الأرواح وأعد لهذا الغرض ثم تصويبه نحو المجني عليه فأحدث تهتكاً بالأمعاء الدقيقة والثرب وما ضاعف ذلك من التهاب بريتوني وامتصاص توكسيني وهبوط في القلب على نحو ما جاء بتقرير الصفة التشريحية". ولما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته التقديرية باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإدارة يرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة جديدة لمناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

98-البحث عن توافر نية القتل وقيام ظرف سبق الإصرار لدى الجاني. أمر موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة الثامنة عشرة - صـ 108

جلسة 30 من يناير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(19)
الطعن رقم 1847 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. " وضعه والتوقيع عليه ".
النص على اختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع عليه قصد به تنظيم العمل وتوحيده. طروء مانع قهري حال بينه وبين التوقيع على الحكم. التوقيع عليه من أقدم العضوين الآخرين اللذين اشتركا في إصداره. لا بطلان.
(ب) إجراءات المحاكمة. " شفوية المرافعة ". محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها ". دفاع. " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ".
قعود الطاعن عن سلوك الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية لسماع شهوده الذين لم تدرج أسماؤهم في قائمة الشهود أمام محكمة الجنايات. لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم. لا يصح النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
(ج) قتل عمد. " نية القتل ". سبق إصرار. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب " .
البحث عن توافر نية القتل وقيام ظرف سبق الإصرار لدى الجاني. أمر موضوعي.
(د، هـ) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
(د) المحاكمة الجنائية. تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم. كفايته للقضاء له بالبراءة.
(هـ) التفات الحكم عن الرد على بعض أدلة الاتهام. لا يعيبه.
1 - نصت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1963 على أنه: " يحرر الحكم بأسبابه كاملا خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذا حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره ". وقد دل الشارع بذلك على أن التوقيع على الحكم إنما قصد منه إستيفاء ورقته شكلها القانوني الذي تكتسب به قوتها في الإثبات وأنه يكفي لتحقيق هذا الغرض أن يكون التوقيع من أي قاض ممن اشتركوا في إصداره. أما النص على اختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع فقد قصد به تنظيم العمل وتوحيده، فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب التي كانت محل مداولة الأعضاء جميعا - فوقع الحكم نيابة عنه أقدم العضوين الآخرين فلا يصح أن ينعى على ذلك الإجراء بالبطلان لإستناده في ذلك إلى قاعدة مقررة في القانون بما لا يحتاج إلى إنابة خاصة أو إذن في إجرائه.
2 - متى كان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماع أقوال شهود الإثبات وأن الطاعن لم يطلب بنفسه أو بلسان محاميه سماع شهود آخرين أو اتخاذ إجراء معين من إجراءات التحقيق، وكان الطاعن لم يسلك من جانبه - بالنسبة إلى الشهود الذين يطلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم يدرج مستشار الإحالة أسماؤهم في قائمة الشهود - الطريق الذي رسمه القانون في المواد 185، 186، 187 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم وليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
3 - البحث في توافر نية القتل لدى الجاني وقيام ظرف سبق الإصرار لديه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلا مع ما انتهى إليه. وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في استدلال سائغ أن الحادث لم يكن وليد إصرار سابق بل وقع فجأة على أثر المشاحنة التي قامت بين المجني عليه والجاني وأن هذا الأخير لم يكن ينوي إزهاق روح المجني عليه، فإنها تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها.
4 - يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة.
5 - لا يعيب الحكم إلتفاته عن الرد على بعض أدلة الاتهام، ذلك بأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنا أن المحكمة أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في يوم 15/ 2/ 1964 بدائرة مركز دير مواس محافظة المنيا: شرعوا في قتل بقطر إلياس قلاده عمدا ومع سبق الإصرار بأن بيتو النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض آلة حادة (سكينا) حملها الأول وتحينوا فرصة جلوس المجني عليه أمام منزله وانقضوا عليه وعمد المتهمان الثاني والثالث إلى إيثاقه بملحفته ثم طعنه المتهم الأول بتلك السكين قاصدين قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وشفاؤه. وبتاريخ 14 نوفمبر 1964 أحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات المنيا قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 19 يناير سنة 1966 عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية المرفوعة قبلهم وألزمت رافعها مصاريفها. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من تهمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، وذلك بأن الحكم المطعون فيه قد وقع عليه المستشار أحمد عبد الوهاب عضو اليمين في الهيئة التي أصدرته دون رئيسها الذي لم ينبه عنه في ذلك وبغير أن يأذن له رئيس محكمة استئناف بني سويف بذلك. هذا فضلا عن أن الحكم لم يفطن إلى مؤدى أقوال المجني عليه وما أثبته التقرير الطبي الشرعي المؤيد لها من أنه أصيب من آلة حادة بطعنه قاتله وخطيرة نفذت إلى التجويف الصدري، وإلى أن الحادث وقع في وضح النهار مما يسمح للمجني عليه بالتعرف على الأفعال التي وقعت من كل من المطعون ضدهم وإلى ما أظهره التحقيق من أن المطعون ضدهم عقدوا العزم على الاعتداء على المجني عليه وإزهاق روحه لما قام بينهم من خصومة نتيجة تغييره لمذهبه الديني وتحديه إياهم باستدعاء قس كاثوليكي بالقرية إلى أن ظفروا به فانقضوا عليه واعتدوا عليه حتى فقد وعيه فتعذر عليه التحقق من عدد الطعنات التي كالها له أو لهم وهو ما يدل - على خلاف ما ذهب إليه الحكم - على توافر نية القتل وقيام ظرف سبق الإصرار. وأطرح الحكم أقوال المجني عليه استنادا إلى ما أشار إليه من تناقضها فضلا عن تعارضها مع أقوال شاهد الإثبات الثاني لنجي أخنوخ مع أن ذلك إنما كان في بعض نقاط غير جوهرية ليس من شأنها أن تضعف القوة التدليلية لأقوالهما ودون أن يقيم في حق الأخير - الذي اختلفت أقواله بالجلسة عما كان قد قرر بالتحقيقات الابتدائية - دعوى شهادة الزور.
كما اعتمد الحكم على أقوال متضاربة ومتساقطة لشهود نفي تربطهم بالمطعون ضدهم صلة المشاركة أو المصاهرة وذهب على غير سند مقبول إلى القول بتلفيق الاتهام على المطعون ضده الأول على الرغم مما أسفرت عنه تحريات رجال المباحث الجدية من أن المطعون ضدهم قد قارفوا بالفعل الجريمة المنسوبة إليهم وبغير أن تسمع المحكمة أقوال أبو السعد ساويرس أبو السعد دائن المجني عليه أو غيره ممن سبق سؤالهم بالتحقيقات الإبتدائية وكل ذلك مما يفسد استدلال الحكم ويعيبه بالإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الإطلاع على الأوراق أن هيئة المحكمة التي نظرت القضية بجلسة 19 من يناير سنة 1966 كانت مشكلة برياسة المستشار محمد عبد الله أبو العطا وعضوية المستشار أحمد عبد الوهاب والسيد/ شكري توفيق رئيس المحكمة بمحكمة المنيا الابتدائية وقد صدر الحكم المطعون فيه في تلك الجلسة. ثم عرض لرئيس الدائرة مانع قهري بسبب وفاة شقيقه قبل أن يوقع على أسباب الحكم فوقعها عضو اليمين المستشار أحمد عبد الوهاب. لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية معدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد نصت على أنه " يحرر الحكم بأسبابه كاملا خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان، ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذا حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره..... " فدل الشارع بذلك على أن التوقيع على الحكم إنما قصد منه استيفاء ورقة الحكم شكلها القانوني الذي تكتسب به قوتها في الإثبات وأنه يكفي لتحقيق هذا الغرض أن يكون التوقيع من أي قاض ممن اشتركوا في إصداره. أما النص على إختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع فقد قصد به تنظيم العمل وتوحيده. فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب التي كانت محل مداولة الأعضاء جميعا - فوقع الحكم نيابة عنه أقدم العضوين الآخرين فلا يصح أن ينعى على ذلك الإجراء بالبطلان لإستناده في ذلك إلى قاعدة مقررة في القانون بما لا يحتاج إلى إنابة خاصة أو إذن في إجرائه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماع أقوال شهود الإثبات وأن الطاعن لم يطلب بنفسه أو بلسان محاميه سماع شهود آخرين أو إتخاذ إجراء معين من إجراءات التحقيق. وكان الطاعن لم يسلك من جانبه - بالنسبة - إلى الشهود الذين يطلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم يدرج مستشار الإحالة أسماؤهم في قائمة الشهود - الطريق الذي رسمه القانون في المواد 185 و186 و187 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم وليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - بعد أن عرض لواقعة الدعوى كما صورها الاتهام وأشار إلى أدلته فيها ومن بينها التقرير الطبي الشرعي ودلل على إنتفاء نية القتل وعلى عدم توافر ظرف سبق الإصرار - قد أفصح صراحة عن عدم إطمئنان المحكمة إلى صحة إسناد الواقعة إلى أي من المطعون ضدهم مبررا ذلك تبريرا سائغا وسليما. لما كان ذلك، وكان البحث في توافر نية القتل لدى الجاني وقيام ظرف سبق الإصرار لديه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلا مع ما انتهى إليه، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت في إستدلال سائغ أن الحادث لم يكن وليد إصرار سابق بل وقع فجأة على إثر المشاحنة التي قامت بين المجني عليه والجاني وأن هذا الأخير لم يكن ينوي إزهاق روح المجني عليه فإنها تكون قد فصلت في مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها. ولما كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة. وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على بعض أدلة الاتهام ذلك بأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنا أن المحكمة أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي مما لا تجوز إثارته إمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

97-تعمد القتل أمر داخلي يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 875

جلسة 26 من يونيه سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عطيفة.

(176)
الطعن رقم 957 لسنة 37 القضائية

قتل عمد. "نية القتل". سبق الإصرار. ترصد. عقوبة. "تقدير العقوبة". إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الجنايات. "تشكيلها".
(أ) لرؤساء المحاكم الابتدائية ولاية القضاء المخولة لهم بموجب المادتين 367، 372 من قانون الإجراءات الجنائية. القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية لم ينسخ هذه الولاية.
(ب) تشكيل دائرة الجنايات من أكثر من واحد من غير المستشارين. أثره: البطلان.
(ج) تعمد القتل أمر داخلي. تقدير توافره. موضوعي.
(د) توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد. استقلال قاضي الموضوع بتقديره.
(هـ) تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً. موضوعي.
(و) لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف متهم في حق متهم دون آخر.
(ز) حق محكمة الموضوع في تجزئة الدليل. لها أن تأخذ به في حق متهم دون آخر.
(ح) لا يشترط قانوناً في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية. كفايتها مجتمعة لتكوين عقيدة المحكمة.
(ط) الدليل في المواد الجنائية. لا يشترط فيه أن يكون صريحاً ومباشراً. كفاية استخلاصه عن طريق الاستنتاج.
1 - القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية لم ينسخ فيما أورده من أحكام - أحكام لمادتين 367، 372 من قانون الإجراءات الجنائية فبقيت هاتان المادتان معمولاً بهما تكمل أحكامهما أحكام القانون الجديد - ومن ثم يبقى لرؤساء المحاكم الابتدائية ولاية القضاء المخولة لهم بموجب المادتين سالفتي الذكر.
2 - لم يرتب القانون بطلان تشكيل دائرة الجنايات إلا في الحالة التي تشكل فيها من أكثر من واحد من غير المستشارين على ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 367 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - تعمد القتل أمر داخلي يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.
4 - البحث في توافر ظرف سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
5 - تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع.
6 - من حق المحكمة أن تأخذ باعتراف متهم في حق متهم دون آخر.
7 - لمحكمة تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ به في حق متهم دون الآخر لما هو مقرر لها من سلطة وزن عناصر الدعوى وأدلتها بما لا معقب عليها.
8 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي - فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
9 - لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها - بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في يوم 17 يناير سنة 1961 بدائرة مركز الصف محافظة الجيزة: المتهمين السبعة الأول: - قتلوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد عبود محمود أبو طالب بأن بيتوا النية على قتله فتتبع الأول خطاه منذ خروجه من مركز الصف حتى إذا ما وقفت السيارة الأتوبيس التي كان يركبها بالقرب من بلدته وباقي المتهمين السبعة نادى عليهم حيث صعدوا السيارة وجذبوا المجني عليه خارجها إلى الزراعات المجاورة وانهالوا عليه ضرباً بالحجارة والعصى والآلات الحادة قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهمين الثامن والتاسع: - 1 - حازا سلاحاً نارياً (بندقية مششخنة الماسورة) بغير ترخيص - 2 - حازا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً لهما في حمل السلاح. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للوصف والقيد الواردين بقرار الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة عدلت وصف التهمة إلى أن المتهمين الأول والثاني والتاسع في الزمان والمكان سالفي الذكر. (أولاً) المتهمين الأول والثاني قتلا مع آخرين عمداً عبود محمود أبو طالب بأن اتفقا مع الآخرين على قتله وتتبع الأول خطاه منذ خروجه مفرجاً عنه من سجن مركز الصف وركب سيارة الأتوبيس التي استقلها من الصف وظل يراقبه حتى وصول السيارة إلى محطة الأتوبيس القريبة من بلدته فامسك به ونادى المتهم الثاني والآخرين الذين كانوا رابضين معه في انتظار المجني عليه المحطة فصعدوا إلى داخل السيارة وجذبوه إلى خارجها ثم قادوه إلى المزارع القريبة وانهالوا عليه ضرباً بالحجارة والعصى والآلات الراضة ذات الحافة الحادة قاصدين بذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار بالنسبة إليهما ومع الترصد بالنسبة إلى المتهم الثاني. (ثانياً) المتهم التاسع (أ) أحرز سلاحاً نارياً (بندقية مششخنة الماسورة) بغير ترخيص. (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري المذكور دون أن يكون مرخصاً له بحمل ذلك السلاح. وقررت بتاريخ 23 فبراير سنة 1967 إحالة أوراق الدعوى إلى مفتى الجمهورية بالنسبة إلى المتهم الأول، وحددت جلسة 16 مارس سنة 1967 للنطق بالحكم. وبهذه الجلسة قضت عملاً بالمواد 10 و13 و230 و231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الأول، والمواد 230 و231 و232 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني، والمواد 1 و2 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق به والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم التاسع والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الرابع والخامس والسادس والسابع والمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الثالث والثامن. (أولاً) وبإجماع آراء أعضائها بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن الأول) بالإعدام شنقاً (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني (الطاعن الثاني) بالأشغال الشاقة المؤبدة. (ثالثاً) بمعاقبة المتهم التاسع (الطاعن الثالث) بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات. (رابعاً) ببراءة كل من المتهمين الرابع والخامس والسادس والسابع مما أسند إليهم. (خامساً) بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة إلى كل من المتهمين الثالث والثامن لوفاتهما. (سادساً) بمصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

(أولاً) تقرير الأسباب المقدم من الطاعنين الثلاثة:
حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الأول والثاني بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار لكليهما والترصد بالنسبة إلى الثاني ودان الطاعن الثالث بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته قد شابه التناقض والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أغفل الرد على ما نعاه الطاعن الأول على اعترافه من أنه لا يمثل الحقيقة، واستند إلى هذا الاعتراف كدليل ضد الطاعنين الأول والثاني بينما استبعده بالنسبة إلى باقي المتهمين. وأوقع الحكم على الطاعن الثالث عقوبة مغلظة على خلاف ما جرت به الأحكام في مثل جريمته. كما عول الحكم في إدانة الطاعنين الأول والثاني بجريمة قتل المجني عليه على أقوال الشهود واعتراف الطاعنين المذكورين مع أن بعضاً من هؤلاء الشهود لا تقبل شهادته لأنه كان محكوماً عليه مع المجني عليه في جريمة تبديد ولم ير واقعة قتل المجني عليه وإنما شهد بوقائع سابقة عليها، والبعض الآخر من رجال الحفظ جاءت شهادتهم مقصورة على ما تم بعد القتل، وأما الاعتراف المعزو إلى الطاعنين الأول والثاني فقد صدر منهما تحت تأثير إكراه من رجال الشرطة بدلالة ما ثبت من تحقيق النيابة العامة من أن الطاعن الأول كان منكراً في بادئ الأمر ولم يعترف إلا بعد أن أخرجه المحقق من حجرة التحقيق وأعاده إليها بمناسبة سماع شاهد مما يؤكد أن اعترافه كان بتأثير رجال الشرطة لوجوده بين أيديهم وهو خارج حجرة التحقيق. وأما ما ساقه الحكم في التدليل على عدم وقوع ذلك الإكراه فغير سائغ. ثم إنه وقد سجل حصول اعتداء على الطاعن الثالث بالضرب المبرح الذي ترك به إصابات، لم يستبعد الدليل المستمد من اعترافه، ولم يعرض إلى دفاعه القائم على قوله بأنه كان في حالة "ضرورة" تبيح له حمل السلاح المضبوط معه لأنه لم يحمله إلا عرضاً لمنع وقوع جريمة كان شقيق الطاعن الأول في طريقه إلى ارتكابها - مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعنين الأول والثاني وآخرين من أفراد أسرتهم عقدوا عزمهم على الفتك بالمجني عليه "عبود محمود أبو طالب" اعتقاداً منهم بأنه قاتل قريبهم عبد الواحد ضلع وما أن علموا بتاريخ الإفراج عنه بعد تنفيذ العقوبة التي قضى عليه بها في جنحة تبديد حتى أعدوا عدتهم للقائه لدى مروره ببلدتهم في طريقه إلى بلدته وترصدوه في صباح يوم الحادث عند محطة السيارات العامة المجاورة لبلدتهم وبعثوا بالطاعن الأول إلى بلدة الصف ليتتبع خطواته ويرافقه في السيارة إلى بلدته دون أن يثير ريبته فمضى الطاعن الأول إلى تنفيذ خطتهم وما أن لمح المجني عليه عقب خروجه من السجن حتى أقبل عليه محيياً ومتظاهراً بالمسالمة وركب مع المجني عليه ورفاقه في السيارة العامة وقد أوجس الشاهد عبد المحسن محمد الصغير خيفة من وجود الطاعن بين ركاب السيارة لما يعلمه عن الخصومة المحتدمة بين أسرتيهما فأفضى بمخاوفه للمجني عليه، ولكنه لم يأبه لذلك فطلب الشاهد إلى سائق السيارة عدم الوقوف في محطة بلدة الطاعن الأول غير أنه عند وصول السيارة إلى تلك البلدة سارع الطاعن الأول إلى السائق وأمره بالوقوف وهدده بوجود كمين مسلح أمامه فأذعن السائق لتهديده خوفاً على نفسه واتجه الطاعن الأول إلى المجني عليه وطلب منه النزول من السيارة للاقتصاص منه بعد أن واجهه بتهمة قتله جده "عبد الواحد ضلع" فأبى المجني عليه النزول منكراً التهمة الموجهة إليه وأقسم على براءته منها، إلا أن الطاعن الأول شدد قبضته عليه وهتف بأفراد فريقه الواقفين بالمحطة وكان من بينهم الطاعن الثاني معلناً وصول قاتل جده فاندفعوا إلى السيارة وانتزعوه منها بعد أن جهروا بعزمهم على قتله وهبطوا به من السيارة في وضح النهار وعلى مشهد من ركابها الذين استولى عليهم الرعب واقتادوه أمامهم بقيادة الطاعن الأول دون أن يلقى المجني عليه أية مساعدة من أحد وما أن وصلوا به إلى مكان بين المزارع اختاروه لتنفيذ حكمهم فيه، أخذوا يرشقونه بالحجارة وينهالون عليه ضرباً في رأسه وجسمه بآلات راضة ذات حافة حادة قاصدين من ذلك قتله فأثخنوه بجراح بالغة هشمت رأسه وهتكت مخه وحطمت عنقه وشطرت ذقنه وأحدثت الكسور والإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذهب بهم اللدد إلى حد أن سحلوا عينيه شفاءاً لحزازاتهم ولم يكتفوا بذلك بل أشعلوا النار في جثته وملابسه بعد أن فارق الحياة ... ومضى الحكم إلى أنه - بينما كان النقيب محمد حسن المدبوح متجهاً بعد ذلك إلى كمين من النخيل لتطهيره من الجناة التقى بالطاعن الثالث يحمل بندقية "لي أنفيلد" وما أن طلب منه الوقوف وتسليم نفسه حتى تلفظ بعبارات تهديد وجهها للضابط وأطلق من بندقيته عياراً في الهواء وإذ لم يذعن فقد استنجد الضابط بزميله النقيب فاروق عبد الرزاق الذي حضر على الفور وعاونه في محاصرة الطاعن المذكور وتمكنا ومن معهما من رجال الشرطة من ضبطه ومعه البندقية التي يحملها وبها طلقة حية. وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف كل من الطاعنين الأول والثاني على نفسه أمام النيابة العامة بارتكاب جريمة قتل المجني عليه وما دلت عليه المعاينة وما أثبته التقرير الطبي الشرعي وتقرير فحص البندقية المضبوطة، وبعد أن حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة ومن بينها اعتراف الطاعنين الأول والثاني بما يتطابق مع ما أورده عن واقعة الدعوى وبما يتفق والثابت بأوراقها - عرض إلى ما أثاره الطاعنان سالفي الذكر من دفاع في شأن التشكيك في صحة أقوال شهود الإثبات، ومن أن اعترافهما بتحقيق النيابة كان وليد إكراه من رجال الشرطة ورد عليه تفصيلاً مدللاً على صحة اعتراف الطاعنين المشار إليهما أمام النيابة العامة، وخلو اعترافهما من شوائب الرضا وأخصها الإكراه، ومطابقته للحقيقة مستنداً في ذلك على أدلة صحيحة لها أصولها الثابتة في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان لا تعارض بين ما قرره الطاعنان من أن الاعتداء على المجني عليه كان بالعصي والحجارة وبين ما أثبته التقرير الطبي الشرعي من أن إصابات المجني عليه حدثت من أجسام صلبة راضة بعضها ذو حافة حادة نوعاً. وكان من حق المحكمة أن تأخذ باعتراف متهم في حق متهم دون آخر، كما أنه من حقها أيضاً وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليهم من مطاعن وحام حولهم من الشبهات. ولما كان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ومن ثم فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث في شأن تعويل الحكم على اعترافه على الرغم مما أثبته من حصول اعتداء عليه مردوداً بما أورده الحكم بأدلة سائغة من أن ذلك الاعتداء لم يكن بقصد حمل الطاعن المشار إليه على الاعتراف وإنما كان بسبب ما وقع منه ضد رجال الشرطة أثناء مطاردتهم له من إطلاقه النار من البندقية التي يحملها لإرهابهم. وكان ما يعيبه الطاعن المذكور على الحكم من القصور لعدم رده على ما دفع به من أنه كان في حالة ضرورة مردوداً أيضاً بأن الحكم قد عرض إلى هذا الدفاع ورد عليه رداً سائغاً يستقيم به إطراحه. وكان ما ينعاه الطاعن المذكور على العقوبة المقضي بها عليه مردوداً بأن تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع. ولما كانت عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة سنين التي أنزلها الحكم به تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح المششخن بغير ترخيص التي دين به، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو بطلان الحكم المطعون فيه لصدوره من هيئة مشكلة من مستشارين ورئيس محكمة منتدب على خلاف ما نصت عليه المادة السادسة من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية من ضرورة تشكيل محكمة الجنايات من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف، ولا محل للاحتجاج بما ورد في نص المادتين 367 و372 من قانون الإجراءات الجنائية من جواز ندب رئيس محكمة ابتدائية أو وكيلها عند الاستعجال أو الضرورة ذلك لأن قانون السلطة القضائية نص في المادة الأولى من مواد إصداره على إلغاء كل نص آخر يخالف أحكامه وفضلاً عن ذلك فهو قانون خاص صدر في تاريخ لاحق على قانون الإجراءات الجنائية مما من شأنه أن ينسخ ضمناً حكمي المادتين 367 و372 المشار إليهما. ومن جهة أخرى فإنه لم يعد ثمة محل لتطبيق هذين النصين بعد أن أصبح رئيس المحكمة الابتدائية مستشاراً وألغيت درجة وكيل المحكمة.
وحيث إنه لما كان الشارع قد وضع قاعدة تنظيمية عامة لتشكيل محاكم الجنايات فنص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية على أنه "تشكل في كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر قضايا الجنايات وتؤلف كل منها من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف" وهي قاعدة سبق أن وردت في المادة الرابعة من القانون رقم 147 سنة 1949 الخاص بنظام القضاء ثم في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 56 سنة 1959 في شأن السلطة القضائية الملغي بالقانون المتقدم كما وردت المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية - وقد ردد الشارع في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية ما سبق أن استحدثه من حكم جديد في قانون السلطة القضائية الملغي من أنه "ويرأس محكمة الجنايات رئيس المحكمة أو أحد رؤساء الدوائر وعند الضرورة يجوز أن يرأسها أحد المستشارين بها" وقد اقتصر الشارع على ذلك في قانوني السلطة القضائية الجديدة والملغي ولم يعرض فيهما لحالة الضرورة التي قد تطرأ على أحد مستشاري محكمة الجنايات أسوة بما فعل بالنسبة إلى رئيس الدائرة مكتفياً بما تكفلت به المادتان 367 و372 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتين بالقانون رقم 535 سنة 1953 من تنظيم لذلك الحكم الخاص إذ نصت أولاهما على أنه "... وإذا حصل مانع لأحد المستشارين المعينين لدور من أدوار انعقاد محكمة الجنايات يستبدل به آخر من المستشارين يندبه رئيس محكمة الاستئناف ويجوز عند الاستعجال أن يجلس مكانه رئيس المحكمة الابتدائية الكائنة بالجهة التي تنعقد بها محكمة الجنايات أو وكيلها ولا يجوز في هذه الحالة أن يشترك في الحكم أكثر من واحد من غير المستشارين". ونصت المادة الأخرى على أنه "يجوز لوزير العدل عند الضرورة بناءً على طلب رئيس محكمة الاستئناف أن يندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو وكلائها للجلوس بمحكمة الجنايات مدة دور واحد من أدوار انعقادها ويجوز له ندبه لأكثر من دور واحد بموافقة مجلس القضاء الأعلى). لما كان ذك، وكان القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية وإن نصت المادة الأولى منه على أنه "يلغى القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية والقانون رقم 147 لسنة 1949 بشأن نظام القضاء والقوانين المعدلة لهما ويستعاض عنهما بنصوص القانون المرافق ويلغى كل نص آخر يخالف أحكامه". إلا أنه لم يشر في ديباجته إلى إلغاء المادتين 367 و372 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يرد بنصوصه ما يغاير أحكامهما مما مؤداه أنه قد اكتفى بتنظيم ما أشار إليه في المادة السادسة منه بما لا يتعارض مع أحكام المادتين 367 و372 المشار إليهما - فبقيت هاتان المادتان معمولاً بهما تكمل أحكامهما أحكام القانون الجديد. وهذا هو المعنى ذاته الذي هب إليه قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 الملغي في أحكامه وأوضحته مذكرته الإيضاحية وهو ما لم ينسخه قانون السلطة القضائية الجديد - الصادر به القانون رقم 43 سنة 1965 - فيما أورده من أحكام، مما يكشف بجلاء عن قصد المشرع ويتمشى مع مفهوم النصوص وليس من شأنه كما ذهب الطاعنون في طعنهم أن ينسخ ضمناً حكم المادتين 367 و372 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا يغير من هذا النظر أن يكون القانون قد نص على أن تكون رياسة المحكمة الابتدائية معقودة لمستشار يندب من مستشاري محكمة الاستئناف لأن هذا الإسناد المستحدث في رياسة المحكمة الابتدائية لمستشار ليس من شأنه أن يرفع من رؤساء المحاكم بالمحاكم الابتدائية - بعد إلغاء وظائف الوكلاء بها - ولاية القضاء التي خولها قانون الإجراءات الجنائية في مادتيه 367 و372 لوكلاء المحاكم. لما كان ذلك، وكان القانون على ما سلف بيانه لم يرتب البطلان إلا في الحالة التي تشكل فيها الدائرة من أكثر من واحد من غير المستشارين - على ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة 367 من قانون الإجراءات الجنائية. وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه صدر من دائرة شكلت من مستشارين من محكمة الاستئناف ورئيس محكمة بالمحكمة الابتدائية فإنه يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون. ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا الوجه بطلان تشكيل المحكمة يكون بلا سند في القانون متعين الرفض.
تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الثاني:
حيث إن مبنى أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه الفساد في الاستدلال والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند في قضائه إلى أقوال الشهود واعتراف الطاعن الثاني على نفسه من أنه كان مترصداً مع فريقه عندما أنزل الطاعن الأول المجني عليه من السيارة وساهم في قتله مع أقوال هؤلاء الشهود كما أوردها الحكم لم يرد بها ما يدل على أن الطاعن الثاني كان مع من قال الحكم بأنهم أجمعوا أمرهم على الفتك بالمجني عليه وأنه كان مترصداً له. كما أن اعترافه بارتكاب القتل مع سبق الإصرار والترصد بالصورة التي استخلصها الحكم لا سند له من أقواله إذ الثابت منها لا يعدو حد التوافق على التعدي مما يجعل مسئوليته مقصورة على فعل الضرب الذي أوقعه على المجني عليه. كما استند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الطاعن الأول والشهود النقيب فاروق عبد الرازق وجنيدي محمد يوسف ورشاد سليمان أبو زيد مع أنه أطرحها بالنسبة إلى متهمين آخرين قضى ببراءتهم من تهمة قتل المجني عليه مما يشكل تناقضاً في التسبيب يعيب الحكم. ولا يرفع هذا التناقض استناد الحكم إلى اعتراف الطاعن على نفسه لأن اعترافه لم ينصرف إلى واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دين بها وإنما انصرف إلى مجرد التوافق الفوري على الضرب. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم قد جاوز حدود ذلك الاعتراف فيما أورده نقلاً عن أقوال الطاعن التي لم تتضمن وجود اتفاق سابق بينه وبين المتهمين الآخرين على القتل أو أنه انتوى قتل المجني عليه مما كان يتعين على المحكمة أن تأخذه بالقدر المتقين في حقه وهو فعل الضرب - وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به في حق الطاعن الثاني كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دانه بها وأورد مؤدى الأدلة على ثبوتها في حقه - عرض في استقلال إلى ظرفي سبق الإصرار والترصد وكشف عن توافرها لدى هذا الطاعن والطاعن الأول وساق لإثباتهما من الدلائل والقرائن ومن نص اعترافهما ما يكفي لتحققهما طبقاً للقانون. لما كان ذلك، وكان البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج. وكان لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشهود النقيب فاروق عبد الرزاق وعبد المحسن محمد الصغير وعبد الله بيومي عبد الرحيم ومحمد محمود الكبير وسائق السيارة العامة ومحصلها واعتراف كل من الطاعنين الأول والثاني يسوغ به في مجموعه ما استخلصه الحكم عن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لدى الطاعن الثاني، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة يرجع تقرير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع. وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام تلك النية لدى الطاعن الثاني من الظروف والملابسات التي أوضحها في هذا الشأن سائغاً وكافياً لإثبات توافرها لديه فإن منعاه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون عوداً منه إلى مناقشة أدلة الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. وكان ما يعيبه الطاعن على الحكم من تناقضه في التسبيب لاستناده في إدانته إلى أقوال الطاعن الأول والشهود النقيب فاروق عبد الرازق وجنيدي محمود يوسف ورشاد سليمان عبد العزيز مع أنه أطرح تلك الأقوال في قضائه ببراءة متهمين آخرين في الدعوى مردوداً بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل فلها أن تأخذ به في حق متهم دون الآخر بما هو مقرر لها من سلطة وزن عناصر الدعوى وأدلتها بما لا معقب عليها فيه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذه الأوجه لا يكون سديداً.
وحيث إنه لكل ما تقدم فإن الطعن المقدم من الطاعنين الثلاثة برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة طبقاً لما هو مقرر في المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها في الحكم انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول "محمد خليل ضلع".
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول "محمد خليل ضلع".

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

96-إدراك قصد القتل في ظروف الدعوى ومما يأتيه الجاني من أمارات ومظاهر تنم عما يضمره.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثامنة عشرة - صـ 1034

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(212)
الطعن رقم 1282 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) قتل عمد. "نية القتل". "سبق الإصرار". قصد جنائي. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) إدراك قصد القتل في ظروف الدعوى ومما يأتيه الجاني من أمارات ومظاهر تنم عما يضمره.
(ب) استخلاص سبق الإصرار من وقائع الدعوى وظروف خارجية.
(ج) عقوبة. "تقديرها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً موضوعي.
(د، هـ) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. "أركانها". ضرر. "الضرر المادي. الضرر الأدبي". تعويض. "تقديره. انقسامه". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) في إثبات الحكم لوقوع الفعل الضار من المتهمين ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب الحكم على مقارفة بتعويض الضرر المادي والأدبي.
(هـ) انقسام الالتزام بالتعويض على الدائنين بحسب الرؤوس عند عدم تعيين الحكم نصيب كل منهم ما لم يعين الاتفاق أو القانون هذا النصيب.
(و) أسباب الإباحة. دفاع شرعي. محكمة الموضوع.
مرد قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. لمحكمة الموضوع.
(ز، ح) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. إثبات. "إثبات بوجه عام".
(ز) عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.
(ج) خطأ الحكم في بيان واقعة لم يكن لها أثر في منطقه. لا يعيبه.
1 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحبس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
2 - سبق الإصرار حالة ذهنية بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة، وإنما يستفاد من وقائع الدعوى وظروف خارجية يستخلص منها القاضي توافره، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وبغير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
4 - لا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي يكون قد حاق بالمدعيين بالحقوق المدنية، ذلك أن في إثبات الحكم لوقوع الفعل الضار من المتهمين على المجني عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية، ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض.
5 - عدم تعيين الحكم لنصيب كل من المدعيين بالحقوق المدنية في التعويض المقضي به لا يعيبه، ما دام أن الالتزام بالتعويض ينقسم على الدائنين بحسب الرؤوس "أي بأنصبة متساوية" ما لم يعين الاتفاق والقانون نصيب كل منهم.
6 - تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه.
7 - لا تلتزم المحكمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
8 - لا يعيب الحكم خطؤه في بيان واقعة لم يكن لها من أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 30 أغسطس سنة 1965 بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة: قتلا محمد حسين حمودة الشهير بجللوا عمداً ومع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك وتوجه إلى منزله وما أن ظفرا به حتى انهال عليه الأول بآلة حادة "سكين" والثاني بآلة راضة "عصا" قاصدين قتله فأحدثا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فصدر قراره بذلك، وادعت زوجة المجني عليه وأخوه بصفته وصياً على ولديه القاصرين مدنياً بمبلغ 4000 ج على سبيل التعويض قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة عشر سنين وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى المدعيين بالحق المدني بصفتهما مبلغ ألفي جنيه والمصروفات المدنية و500 قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

(أولاً) تقرير الأسباب الأول المودع بتاريخ 21 يناير سنة 1967:
حيث إن مبنى أوجه الطاعن الثلاثة الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار قد أخطأ في الإسناد وشابه الفساد في الاستدلال. ذلك بأن ما أورده من حصول مشاجرة بين المجني عليه والطاعنين سابقة على يوم الحادث كسبب لحصوله، يعيبه أن أقوال الشهود في هذا الخصوص سماعية وأن أحداً منهم لم يقرر بحضوره لتلك المشاجرة. هذا وأن الحكم قد أثبت أن الطاعنين أعدا سكيناً كبيرة في حين أن الأوراق جاءت خلواً من الدليل من نسبة السكين المضبوطة إلى أي منهما. هذا فضلاً عن الشك القائم في أن تكون تلك السكين هي التي استعملت في القتل خاصة وأنه لم يثبت من التقرير الطبي ما يفيد أن الدماء التي وجدت عليها هي لدماء آدمية. ثم إن الحكم تصور أن الطاعن الثاني تعمد إلقاء المجني عليه في حفرة في حين أن مؤدى أقوال الشهود تفيد أن هذا الطاعن هو الذي سقط أولاً في الحفرة ثم سقط المجني عليه فوقه. وقد أثبت الحكم أيضاً أن الطاعنين ذهبا إلى المجني عليه وفاجآه بالاعتداء عليه مع أن الثابت من أقوال زوجة المجني عليه والمعاينة أن منازل الطاعنين تقع بالقرب من مكان الحادث ولابد لهما من المرور بهذا المكان عند ذهابهما إلى حانوتهما. كما أن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعنين لا يوفر قيامها في حقهما، يؤيد ذلك أن النيابة العامة وصفت التهمة بأن الطاعن الأول أعد سكيناً للقتل في حين أن عمله كجزار يقتضي حمل مثل هذه السكين ثم إن لدى الطاعن الثاني مسدساً مرخصاً له بحمله، فهو ليس بحاجة إلى استعمال العصا في القتل لكي يكون منتوياً القتل بها. وأخيراً فإن استناد الحكم في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين على سبق حصول مشاجرة فإنه على ما سبق بيانه لا دليل على تلك المشاجرة مضافاً إلى ذلك أن تحريات المباحث دلت على أن الطاعن الأول حضر على أثر مشاجرة بين الطاعن الثاني والمجني عليه وأنه طعن الأخير عندما وجده ممسكاً بشقيقه مما يؤكد حصول الحادث فجأة وهو ما ينتفي به ظرف سبق الإصرار مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه تشاجر مع المتهمين (الطاعنين) قبل الحادث بحوالي ثلاثة أيام وتبادل الطرفان السباب في السوق فعز ذلك على المتهمين وأسراه في نفسيهما وحقدا على المجني عليه اجتراءه عليهما بالسب في سوق عام فبيتا النية على قتله ودبرا الأمر في روية وهدوء ورتبا لتنفيذ الجريمة بأن أعدا سكيناً كبيرة وتخيرا الصباح الباكر الذي اعتاد فيه المجني عليه الخروج لعمله فذهبا إليه وفاجآه وضربه المتهم الثاني بعصا ثم أمسك به وألقاه في حفرة وتمكن بذلك المتهم الأول من أن يطعنه عدة طعنات قاتلة بالسكين أودت بحياته" وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال الشهود وهم زوجة المجني عليه ومحمد محمد الصعيدي والسيد السيد ريكو وخليل إبراهيم زيدان ومما أثبته تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة لها أصولها الثابتة في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن ما أثبته الحكم عن قيام مشاجرة بين المتهمين والمجني عليه قبل يوم الحادث له أصله من أقوال زوجة المجني عليه والسيد السيد ريكو، كما أن ما أورده الحكم عن وصف السكين بأنها كبيرة له سنده من أقوال زوجة المجني عليه أيضاً ومن أقوال الشاهدين محمد محمد الصعيدي وخليل إبراهيم زيدان ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص من قالة الخطأ في الإسناد لا يكون له محل، هذا ولا يعيب الحكم خطؤه فيما أثبته في بيانه لواقعة الدعوى من أن الطاعن الثاني ألقى بالمجني عليه في حفرة - بفرض صحة ذلك - ما دام أن الواضح من الحكم أن تلك الواقعة لم يكن لها من أثر في منطقة أو النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر القصد الخاص لجريمة القتل العمد في قوله: "وحيث إن المستفاد من الأوراق ومما اطمأنت إليه المحكمة من أقوال شهود الإثبات المذكورين أن نية المتهمين قد انصرفت إلى إزهاق روج المجني عليه إذ الثابت على ما تقدم أن المتهمين قد أعد سكيناً مما يستعمل في الجزارة وهي بذاتها آلة من شأن الطعن بها أن يحدث القتل وانهال بها أولهما طعناً في المجني عليه بعدة طعنات في مواضع قاتلة وبشدة أدت إلى نفوذها بالتجويف الصدري على نحو ما أثبته بالتقرير الطبي الشرعي ومن ثم يكون المتهمان قد أفصحا بهذا الاعتداء على أن نيتهما انصرفت إلى إزهاق روح المجني عليه لا مجرد إيذائه" ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدي الطاعنين، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين في قوله: "وحيث إنه سبق الإصرار فهذا ثابت في حق المتهمين من الضغينة السابقة التي قامت بينهما والمجني عليه منذ حوالي ثلاثة أيام سابقة على يوم الحادث حيث تشاجرا مع المجني عليه وتبادلا السباب والشتائم بالسوق ولما اطمأنت إليه المحكمة من شهادة شهود الإثبات من أن المتهمين فاجآ المجني عليه بالاعتداء في يوم الحادث الأمر الذي يدل على أن المتهمين بعد الضغينة السابقة وفي فسحة من الوقت سمحت للنفوس أن تهدأ وللتفكير أن يكون بعد روية أن بيتا النية على قتل المجني عليه فأعدا لذلك السكين القاتلة وتوجها معاً يؤازر أحدهما الآخر إلى حيث يعلمان بوجود المجني عليه في كل صباح وما أن ظفرا به حتى نفذا ما بيتاه...." وما ساقه الحكم فيما تقدم، سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون. ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة، وإنما هو يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلص منها القاضي توافره، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو القصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعنين قام أساساً على إنكار ارتكاب الحادث وأن للمجني عليه أعداء كثيرين ورواية الشهود ملفقة ضدهما، واستدلا على صحة دفاعهما بقرائن وشواهد أورداها طعنهما هذا فضلاً عما تناقض فيه الشهود في شأن كيفية اعتداء الطاعنين على المجني عليه ومكان حصول هذا الاعتداء ورغم ما أوضحه الطاعنان من مظاهر هذا التناقض فإن الحكم المطعون فيه لم يعرض إلى هذه الأوجه من الدفاع بالرد عليها بما يفندها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض إلى ما أثاره الطاعنان في شأن تناقض الشهود ورد عليه في قوله: أما القول بتناقض الشهود فإن الواقعة التي استقروا عليها جميعاً والتي تطمئن إليها المحكمة وتستند إليها في إثبات التهمة هي أن المتهمين قدما معاً وكان يحمل أولهما سكيناً كبيراً والثاني عصا وأنهما فاجآ المجني عليه بالاعتداء أما التفصيل فليس فيه خلاف جوهري يباعد من شهادتهم وواقع الحال هذا فضلاً عن أنها توافقت وتطابقت وماديات الدعوى التي لا تكذب فقد قالوا جميعاً أن الاعتداء بدأ عند باب الإسطبل ثم في الحفرة ثم قام المجني عليه بعد هرب المتهمين وسار حتى سقط في الموضع الذي وجدت فيه الجثة وثبت من معاينة النيابة أن دماء القتيل وجدت أمام الإسطبل وفي الحفرة وما مساره منها حتى كان سقوطه الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى صدق أقوالهم) وما قاله الحكم من ذلك سائغ ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه من إطراح ما أثاره الطاعنان من دعوى تناقض الشهود. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة وبالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد عليه يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن جميع ما ينعاه الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو الفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم المطعون فيه أورد في إطراحه لدفاع الطاعنين المؤسس على أن الطاعن الأول كان في حالة دفاع شرعي لأنه لم يطعن المجني عليه بالسكين لا حينما رآه جاثماً على شقيقه الطاعن الثاني في الحفرة وهو يعتدي عليه - وقوله بأن الطاعنين هما الباغيان استناداً إلى ما افترضه الحكم من أنهما توجها معاً إلى المجني عليه للاعتداء عليه، في حين أن الشارع الذي وقع فيه الحادث هو الطريق الوحيد الموصل نحو منزليهما ومحل عملهما. كما أن التحريات دلت على أن الاعتداء حدث على أثر مناقشة دارت بين المجني عليه والطاعن الثاني في يوم الحادث مما ينتفي معه عن الطاعنين وصفهما بالبغي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض إلى ما أثاره الطاعنان في دفاعهما من قيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه في قوله: "وحيث إن هذا الدفاع مردود بأن حالة الدفاع الشرعي لا تقوم إطلاقاً من قبل من بغي والثابت أن المتهمين هما اللذان دبرا أمر قتل المجني عليه وتوجها إليه عند منزله وانهالا عليه بالاعتداء دون أن يبدر منه شيء وبذلك كان المتهمان هما الباغيان فإذا كان المتهم الثاني قد سقط نتيجة تماسكه بالمجني عليه فلا يمكن في العقل بأن ذلك كان يبيح للمتهم الأول الذي دبر أيضاً القتل أن ينتهز الفرصة فيجهز على المجني عليه بمقولة الدفاع الشرعي عن أرضه وزميله في تبرير الجرم ومن ثم يكون الدفاع بأن المتهمين كانا في حالة دفاع شرعي غير سديد في القانون" وما أثبته الحكم فيما تقدم سائغ وكان لتبرير ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي. ولما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه كما هي الحال في الدعوى. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له أساس وهو لا يعدو أن يكون جدلاً في الموضوع مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
(ثانياً) تقرير الأسباب الثاني المودع بتاريخ 23 يناير سنة 1967:
وحيث إن مبنى أوجه هذا الطعن هو الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والقصور والخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه أثبت أن المجني عليه تشاجر مع الطاعنين قبل الحادث بثلاثة أيام وأن الطاعنين فاجآ المجني عليه بالاعتداء عليه بالصورة التي حصلها في حين أنه ليس في الأوراق أي دليل يؤيد هذا التصوير ورغم ذلك فإن الحكم رتب على ما تقدم، توافر ظرف سبق الإصرار ونفى حالة الدفاع الشرعي وإسقاط ما شهد به ضابط المباحث من أن الاعتداء كان وليد مشادة حصلت وقت الحادث وأن الطاعن الأول حينما طعن المجني عليه كان يخلص شقيقه من المجني عليه الذي أوقعه في الحفرة، ثم أن البين من العقوبة التي أوقعها الحكم على كل من الطاعنين أنه لم يعمل ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن الثاني الذي اعتدى على المجني عليه بعصا. هذا وأنه على الرغم مما أثاره الطاعنان من أوجه الدفاع العديدة أمام المحكمة إلا أن الحكم اقتصر في تحصيل دفاعهما على مجرد إنكارهما للتهمة وأنهما عابا على أقوال الشهود بالتناقض دون أن يعرض الحكم إلى باقي أوجه الدفاع الأخرى التي ردداها بأسباب هذا الطعن، هذا وأن الحكم إذ قضى بالتعويض لم يحدد عناصر التعويض أو نصيب كل من المدعيين بالحقوق المدنية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل من سلطة محكمة الموضوع، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكان في إثبات الحكم لوقوع الفعل الضار من الطاعنين على المجني عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض، فإنه لا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي الذي يكون قد حاق بالمدعيين بالحقوق المدنية. كما أن عدم تعيين الحكم لنصيب كل من المدعيين بالحقوق المدنية في التعويض المقضي به لا يعيبه أيضاً ما دام أن الالتزام بالتعويض ينقسم على الدائنين بحسب الرؤوس أي بأنصبة متساوية ما لم يعين الاتفاق والقانون نصيب كل منهم، ثم إنه من ناحية أخرى فلا مصلحة للطاعنين في التمسك بمثل هذا العيب، وأما باقي ما ينعاه الطاعنان في هذا التقرير من الأسباب فإنه سبق معالجته في تقرير الأسباب الأول فلا محل للتكرار.
وحيث إنه لكل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

95-تتميز جناية القتل العمد قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 276

جلسة 26 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(50)
الطعن رقم 65 لسنة 38 القضائية

قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
نية القتل. مثال لتسبيب معيب على توافرها.
تتميز جناية القتل العمد قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية أو بالشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. ولكي تصلح الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن تبين بياناً يوضحهاً ويرجعها إلى أصولها من أوراق الدعوى وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان من أن كلاً منهما حمل سلاحاً نارياً وأن أولهما أطلق عياراً على أحد المجني عليهما فأصابه في جانبه الأيمن كما أطلق عياراً آخر لم يصب أحداً وأن ثانيهما أطلق أيضاً مقذوفاً أصاب المجني عليه الثاني في صدره - دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس أي من الطاعنين، وكان لا يغني في ذلك ما قاله الحكم - في معرض بيانه لواقعة الدعوى - من أن الطاعن الثاني قد أطلق المقذوف الذي أصاب المجني عليه "قاصداً قتله" إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه. فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 4/ 5/ 1966 بدائرة مركز دشنا محافظة قنا: (المتهم الأول) 1 - قتل عمداً محمد السمان بأن انتوى قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً مششخناً وذخيرة وأطلق عليه مقذوفين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأصابه أحدهما وأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" 3 - أحرز ذخيرة "طلقتين" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحمل السلاح وإحرازه. (والمتهم الثاني) 1 - قتل عمداً بهيج إبراهيم عبد الرحيم بأن انتوى قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً مصقول الماسورة من الداخل وذخيرة وأطلق عليه مقذوفاً واحداً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مصقول الماسورة من الداخل "بندقية خرطوش" - 3 - أحرز ذخيرة "طلقة" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحمل السلاح وإحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول 2 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق فقرر بذلك. وادعى أحمد محمد السمان مدنياً قبل المتهم الأول بمبلغ قرش صاغ كما ادعى خيري بهيج إبراهيم مدنياً بالمبلغ ذاته قبل المتهم الثاني وذلك على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً في 9 أكتوبر سنة 1967 عملاً بالمادتين 234/ 1 و32 من قانون العقوبات ومواد قانون الأسلحة والذخائر المذكور (أولاً) في الدعوى العمومية بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً عن التهم المسندة لكل منهما مع مصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة (وثانياً) في الدعوى المدنية المقامة من أحمد محمد السمان بإلزام المتهم الأول بأن يدفع له على سبيل التعويض المؤقت قرش صاغ واحد والمصروفات المدنية ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وفي الدعوى المدنية المقامة من خيري إبراهيم بإلزام المتهم الثاني بأن يدفع له على سبيل التعويض المؤقت مبلغ قرش صاغ واحد والمصروفات المدنية ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان كلاً منهما بجريمة قتل عمد وإحراز سلاح وذخيرة بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقهما، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل فقال "وبما أن نية القتل وإزهاق روح المجني عليهما تلك التي ثبتت في حق المتهمين (الطاعنين) واستقرت في مكنون سرهما ثم عملا على إبرازها واضحة جلية قد استخلصتها المحكمة واطمأنت إلى توافرها من ماديات الدعوى وتسلسل الأحداث فيها ومن السلاح الذي استعمله المتهمان ونفذا به جريمتهما على الصورة التي يتضمنها الكشف الظاهري وتقرير الصفة التشريحية". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية أو بالشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه. ولكي تصلح الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن تبين بياناً يوضحهاً ويرجعها إلى أصولها من أوراق الدعوى وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعنان من أن كلاً منهما حمل سلاحاً نارياً وأن أولهما أطلق عياراً على أحد المجني عليهما فأصابه في جانبه الأيمن كما أطلق عياراً آخر لم يصب أحداً وأن ثانيهما أطلق أيضاً مقذوفاً أصاب المجني عليه الثاني في صدره دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس أي من الطاعنين، وكان لا يغني في ذلك ما قاله الحكم - في معرض بيانه لواقعة الدعوى - من أن الطاعن الثاني قد أطلق المقذوف الذي أصاب المجني عليه بهيج إبراهيم عبد الرحيم "قاصداً قتله" إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنان في طعنهما.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

94-قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 383

جلسة أول أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.

(73)
الطعن رقم 271 لسنة 38 القضائية

( أ ) نقض. "الحكم في الطعن". "أثر نقض الحكم". محكمة الإحالة. "سلطتها".
نقض الحكم وإعادة المحاكمة. أثره: إعادة طرح الدعوى على محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. عدم تقيد محكمة الإحالة بما ورد بالحكم الأخير في شأن وقائع الدعوى.
(ب، ج) إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(ب) وجوب حضور محام مع كل متهم بجناية سواء أكان موكلاً أم منتدباً. حضور أكثر من محامي مع المتهم غير لازم.
(ج) قعود الطاعنين عن سلوك الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات لسماع الشهود الذين يدعون أنهم طلبوا إلى المحكمة سماعهم ولم يدرج مستشار الإحالة أسماءهم في قائمة الشهود. لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب سماعهم بجلسة المحاكمة.
(د) إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير آراء الخبراء".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن. موضوعي.
(هـ، و، ز، ح) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "معاينة".
(هـ) طلب ضم قضية يتصل بالباعث على الجريمة. إغفال الحكم بيانه. لا عيب.
(و) طلب ضم قضية بقصد تجريح أقوال أحد الشهود. عدم التزام المحكمة بإجابته. شرط ذلك؟
(ز) أخذ المحكمة شاهد يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(ح) طلب المعاينة الذي تلتزم المحكمة بإجابته؟
(ط) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. ماهيته؟ استخلاص توافر موضوعي.
(ي) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
1 - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض في شأن وقائع الدعوى، فلا تتقيد تلك المحكمة (محكمة الإحالة) بما ورد بالحكم الأخير في شأن وقائع الدعوى بل عليها أن تسير في الإجراءات كما لو كانت مطروحة عليها من الأصل. وهي فوق ذلك كله لها كامل الحرية في تقدير الوقائع وتكييفها وتحقيقها غير مقيدة في كل ذلك بحكم النقض ولا بما قد يستشف منه في شأنها ولها في سبيل ذلك أن تقضي في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن فيما عدا ما إذا كان محل المخالفة يصح في ذاته لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم من جديد. ولما كان نقض الحكم الأول لعدم تحقيق دفاع الطاعن الأول بأخذ رأي كبير الأطباء الشرعيين لا يمنع محكمة الإحالة من تحقيق هذا الدفاع عن طريق أخذ رأي قسم الطب الشرعي ما دامت قد اطمأنت إلى رأيه وهو ما تنتفي به قولة مخالفة حكم محكمة النقض الأول.
2 - ما أراده القانون بالنص على أن كل متهم بجناية أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محام موكلاً كان أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجوه الدفاع ولا يلزم أن يحضر مع المتهم بجناية أكثر من محامٍ واحد. ولما كان المحامي الموكل عن الطاعنين قد حضر إجراءات المحاكمة معهم ثم أبدى دفاعه عنهم، كما ترافع عنهم المحاميان المنتدبان من المحكمة دون أن يتمسك أحد منهم بضرورة حضور محاميه الآخر الموكل أو يعترض على المحامين المنتدبين فإن المحكمة لا تكون قد أخلت بحقهم في الدفاع.
3 - متى كان الطاعنون لم يسلكوا من جانبهم بالنسبة إلى الشهود الذين يدعون أنهم طلبوا إلى المحكمة سماعهم - ولم يدرج مستشار الإحالة أسماءهم في قائمة الشهود - الطريق الذي رسمه القانون في المواد 185، 186، 187 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب سماعهم بجلسة المحاكمة.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير.
5 - متى كان طلب ضم قضية إنما يتصل بالباعث على الجريمة وهو ليس من عناصرها أو ركناً من أركانها فلا يؤثر في سلامة الحكم إغفال بيانه ما دام قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصرها القانونية وأورد أدلة ثبوتها بما يفي بالنتيجة التي انتهى إليها.
6 - متى كان طلب ضم قضية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود وهو ضابط المباحث الذي قام بالتحريات في الحادث ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى.
7 - متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - متى كان الأمر المراد إثباته من المعاينة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم بإجابته.
9 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام محكمة الموضوع موكول لها في حدود سلطتها التقديرية.
10 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد طرحت على بساط البحث.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 9/ 11/ 1962 بناحية الفراسية مركز ساقلته محافظة سوهاج: (أولاً) المتهمين الأربعة: قتلوا محمود أحمد علي عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك فأساً وعصياً غليظة وتوجهوا إليه بحقله وما أن شاهدوه عائداً بالطريق حتى انهالوا عليه ضرباً بها قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (ثانياً) والمتهم الرابع أيضاً: أحدث عمداً بأحمد محمود علي الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و242/ 1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وادعى بحق مدني كل من محمد محمود أحمد علي وأحمد محمود أحمد علي وطلبا القضاء لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت في الدعوى حضورياً بتاريخ 22 مارس سنة 1964 عملاً بالمواد 230 و231 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول: أولاً: بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات وإلزامهم متضامنين أن يؤدوا إلى المدعيين بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وثانياً: ببراءة المتهم الرابع مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقضي في الطعن بتاريخ 29/ 11/ 1965 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات سوهاج لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى وإلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. ولدى نظر الدعوى - من جديد - أمام المحكمة المذكورة قرر المدعيان بالحقوق المدنية بتنازلهما عن دعواهما المدنية، وقضت حضورياً في 13/ 5/ 1967 بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمصادرة السلاح المضبوط مع إثبات تنازل المدعيين بالحق المدني عن دعواهما المدنية وإلزامهما مصروفاتها. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه كان محدداً لنظر الدعوى أمام محكمة الجنايات جلسة 11 مايو سنة 1967 وفي اليوم السابق على الجلسة مرض المحامي الموكل عن الطاعن الأول فعرض عذره على رئيس الدائرة التي ستنظر الدعوى فوافق على تأجيلها ثم أشفع ذلك بتحرير عريضة يتعذر فيها عن حضور الجلسة لمرضه وسلمها إلى زميله المحامي الموكل عن باقي المتهمين كما طلب فيها عدة طلبات لاستيفاء أوجه النقص في الدعوى أشار فيها إلى أن الحكم الأول قد نقض لما رأته محكمة النقض من أن محكمة الموضوع أخلت بحق الدفاع حين أطرحت طلبه إرسال الأوراق إلى كبير الأطباء الشرعيين لاستطلاع رأيه في التعارض القائم بين تقرير الطبيب الشرعي والتقرير الاستشاري في صدد إصابة الطاعن الأول وهل هي إصابة حقيقية أو تحدث من يد موالية وإذ كان مناط النقض في وجوب إرسال الأوراق إلى كبير الأطباء الشرعيين فقد تمسك الدفاع بذلك لدى محكمة الإحالة وأضاف إليه أنه ثبت وجود إصابة برأس المجني عليه قرر الطبيب الشرعي أنها تحدث من سن فأس وأثبت التقرير الاستشاري أنها إصابة رضية وطلب الدفاع أخذ رأي كبير الأطباء الشرعيين في ذلك أيضاً، كما طلب إعلان شهود نفي هم أعضاء الاتحاد الاشتراكي ببلدة الفراسية لأن لديهم معلومات هامة في الدعوى وضم قضية الجناية رقم 1620 لسنة 1965 كلي سوهاج والجناية رقم 1512 لسنة 1959 ساقلته، وإجراء معاينة لمكان الحادث، إلا أن المحكمة التفتت عن طلب تأجيل الدعوى لحين حضور محامي الطاعنين وانتدبت محامين آخرين للدفاع عنهم كان أحدهما محامياً لخصوم الطاعن الأول في قضية الجناية السابقة وحددت جلسة 13 مايو سنة 1967 للمرافعة في الدعوى وفي هذه الجلسة حضر محامي باقي المتهمين وصمم على الطلبات السابقة وتمسك الطاعن الأول بطلب تأجيل القضية لحضور محاميه الموكل غير أن المحكمة رفضت الاستجابة إلى هذه الطلبات واكتفت بمناقشة رئيس قسم الطب الشرعي بأسيوط في شأن الخلاف بين التقرير الطبي الشرعي والتقرير الاستشاري وقالت في حكمها إنها تطمئن إلى ما ورد في التقرير الطبي الشرعي ولا تلتفت إلى ما أثاره الدفاع من أن إصابة الرأس رضية إذ أنها من الإصابات الظاهرة وقد وردت بتقرير الصفة التشريحية والكشف الظاهري وأنها ليست من الإصابات التي تحتمل الغموض حتى يخطئ فيها الطبيب الشرعي وهو رد غير صحيح إذ أن هذه الإصابة من الإصابات التي يكثر الخطأ في وصفها ولا يصح للمحكمة أن تشق طريقاً لنفسها في هذه المسألة الفنية كما جاء ردها على طلب ضم القضيتين وطلب إجراء المعاينة غير سائغ، أما طلب إعلان الشهود فقد أغفلت المحكمة الرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال ضابط نقطة شرطة الجلادية وضابط مباحث مركز ساقلته وما ثبت من المعاينة والتقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة أثبتت في محضر جلسة 11/ 5/ 1967 أن المحامين الموكلين عن المتهمين قد تخلفوا عن الحضور بدون عذر فندبت المحكمة الأستاذين موريس رمزي وثابت سالم المحامين للدفاع عنهم وأجلت نظر الدعوى لجلسة 13/ 5/ 1967 كطلب الدفاع للاطلاع والاستعداد، وبهذه الجلسة الأخيرة حضر المحاميان المنتدبان من قبل المحكمة كما حضر مع المتهمين الأستاذ نصحي الجزيري المحامي عن نفسه وعن الأستاذ حسين عامر المحامي الآخر الموكل وطلب استطلاع رأي كبير الأطباء الشرعيين في الخلاف بين التقرير الطبي الشرعي والتقرير الاستشاري وضم القضيتين اللتين يشير إليهما الطاعنون في طعنهم ثم ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعنين جميعاً كما ترافع المحاميان المنتدبان من المحكمة ولم يتمسك الطاعنون بضرورة حضور محاميهم الآخر الموكل. لما كان ذلك، وكان ما أرداه القانون بالنص على أن كل متهم بجناية يجب أن يكون له من يدافع عنه يتحقق بحضور محامٍ موكلاً أو منتدباً بجانب المتهم أثناء المحاكمة يشهد إجراءاتها ويعاون المتهم بكل ما يرى إمكان تقديمه من وجوه الدفاع، ولا يلزم أن يحضر مع المتهم بجناية أكثر من محام واحد، وكان الأستاذ نصحي الجزيري المحامي الموكل عن الطاعنين قد حضر إجراءات المحاكمة معهم ثم أبدى دفاعه عنهم كما ترافع عنهم المحاميان المنتدبان من المحكمة دون أن يتمسك أحد منهم بضرورة حضور محاميه الآخر الموكل وهو الأستاذ حسين عامر أو يعترض على حضور المحامين المنتدبين، وكانت الأوراق خالية مما يدعونه من أن رئيس المحكمة كان قد وافق على تأجيل نظر الدعوى لمرض المحامي الآخر الموكل، فإن المحكمة لا تكون قد أخلت بحقهم في الدفاع ما دام لم يصدر منها ما من شأنه أن يحول بين هذا المحامي وبين الحضور معهم في الجلسة المحددة لنظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن أشار إلى أن رئيس قسم الطب الشرعي بأسيوط قد شهد بما يؤيد الطبيب الشرعي فيما قرره من أن الإصابة التي وجدت بالمتهم الأول جائزة الافتعال، عرض لطلب الدفاع إرسال الأوراق إلى كبير الأطباء الشرعيين للفصل في الخلاف بين التقرير الاستشاري والتقرير الطبي الشرعي بشأن هذه الإصابة ورد عليه بقوله: "إنه لا محل لذلك بعد أن أزال رئيس قسم الطب الشرعي بأسيوط هذا التعارض وقطع بصحة رأي الطبيب الشرعي فضلاً عن أن هذه الواقعة أصبحت غير ذات موضوع لأن واقعة قتل المجني عليه منفصلة زماناً ومكاناً عن واقعة إصابة هذا المتهم"، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنين بشأن وصف إصابة رأس المجني عليه فقال: إن المحكمة تأخذ بما ورد بالتقرير الطبي الشرعي عن وصف هذه الإصابة ولا تلتفت إلى ما أثاره الدفاع بأنها رضية إذ أنها من الإصابات الظاهرة وقد وردت بتقرير الصفة التشريحية والكشف الظاهري ولم تكن من الإصابات التي تحتمل الغموض حتى يخطئ فيها الطبيب الشرعي الذي حرر التقرير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى التقرير الطبي الشرعي بشأن وصف إصابة رأس المجني عليه وجواز افتعال إصابة الطاعن الأول وإلى ما شهد به رئيس قسم الطب الشرعي بأسيوط مؤيداً هذا التقرير وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من إرسال الأوراق إلى كبير الأطباء الشرعيين ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ما تقدم، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض في شأن وقائع الدعوى فلا تتقيد تلك المحكمة "محكمة الإحالة" بما ورد بالحكم الأخير في شأن وقائع الدعوى بل عليها أن تسير في الإجراءات كما لو كانت مطروحة عليها من الأصل، وهي فوق ذلك كله لها كامل الحرية في تقدير الوقائع وتكييفها وتحقيقها غير مقيدة في كل ذلك بحكم النقض ولا بما قد يستشف منه في شأنها ولها في سبيل ذلك أن تقضي في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن فيما عدا ما إذا كان محل المخالفة يصح في ذاته لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم من جديد، ولما كان نقض الحكم الأول لعدم تحقيق دفاع الطاعن الأول بأخذ رأي كبير الأطباء الشرعيين لا يمنع محكمة الإحالة من تحقيق هذا الدفاع عن طريق أخذ رأي قسم الطب الشرعي ما دامت قد اطمأنت إلى رأيه وهو ما تنتفي به قولة مخالفة حكم محكمة النقض الأول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الدفاع ضم قضية الجناية رقم 1512 لسنة 1959 ساقلته الخاصة بمقتل الخفير سليمان علي وضم ملف قضية الرشوة التي سبق للمحكمة أن قضت فيها بالبراءة لإثبات أن الضابط الذي قام بالتحريات في الدعوى جبل على التلفيق ورد عليه بقوله "وأما القول بأنه كان قد أخذ بالثأر لمقتل أبو ضيف حسن عندما قتل سليمان إسماعيل ابن أخ المجني عليه في الجناية رقم 1512 لسنة 1959 جنايات ساقلته فإن المتهمين في تلك الجناية قضي ببراءتهما كما قرر الدفاع نفسه في دفاعه بجلسات سابقة مما ينفي عنهم تهمة قتل سليمان إسماعيل فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع بهذا الخصوص يتعلق بالباعث ومن المقرر أن الباعث ليس ركناً من أركان الجريمة التي تمت وثبتت في حق المتهمين من أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها كما أن التدليل على أن ضابط المباحث أتهم في رشوة أو أن سلوكه في بعض القضايا مشوب بالانحراف أو التضليل أو التلفيق فلا أثر له على هذه الجناية التي قامت الأدلة على ثبوتها مما سلف بيانه" ولما كان طلب ضم القضية الأولى إنما يتصل بالباعث على الجريمة وهو ليس من عناصرها أو ركناً من أركانها فلا يؤثر في سلامة الحكم إغفال بيانه ما دام قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصرها القانونية وأورد أدلة ثبوتها بما يفي بالنتيجة التي انتهى إليها، وكان طلب ضم القضية الثانية قد قصد به تجريح أقوال أحد الشهود وهو ضابط المباحث الذي قام بالتحريات في الحادث ومثل هذا الطلب لا تلتزم المحكمة بإجابته ما دام الدليل الذي يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى البراءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة القائمة في الدعوى، وكانت المحكمة متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب إجراء معاينة مكان الحادث لأن المجني عليه قتل بمكان وجوده جثته على شاطئ البحر حيث وجدت دماء على سطح أحجار الشاطئ ورد عليه بقوله "وأخيراً فلا محل لإجراء معاينة لمكان الحادث إذ المعاينة التي أجرتها النيابة على النحو المتقدم بيانه قد أوضحت الوقائع طبقاً لما ورد على لسان الشهود ووجود آثار الدماء ومكان جثة المجني عليه" وكان الأمر المراد إثباته من المعاينة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة مما لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماع أقوال شهود الإثبات وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب من المحكمة سماع شهود نفي، وكان الطاعنون لم يسلكوا من جانبهم بالنسبة إلى الشهود الذي يدعون أنهم طلبوا إلى المحكمة سماعهم ولم يدرج مستشار الإحالة أسماءهم في قائمة الشهود الطريق الذي رسمه القانون في المواد 185، 186، 187 من قانون الإجراءات الجنائية، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب سماعهم بجلسة المحاكمة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية القتل العمد قد شابه قصور فقد استخلص نية القتل من مجرد القول بأنهم انهالوا على المجني عليه بالضرب بآلات حادة وراضة عدة ضربات وجهت إلى مقتل من جسمه وهو الرأس دون أن يثبت أنهم تعمدوا إصابة المجني عليه في مقتل، كما أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعنين على تحريات ضابط نقطة الشرطة وضابط المباحث دون أن تتحقق المحكمة من صحة هذه التحريات ودون أن يتمكن الدفاع من مناقشتها ومعرفة حقيقة مصدرها.
وحيث إن الحكم استظهر نية القتل في حق الطاعنين في قوله "وحيث إن نية القتل متوافرة في حق المتهمين الثلاثة من أنهم انهالوا على المجني عليه بالضرب بآلات حادة وراضة "فأس وعصي" عدة ضربات وجهت إلى مقتل من جسمه "الرأس" حتى سقط على الأرض فاقداً الحياة ومن الضغينة القائمة في نفوسهم بسبب قتل ابن أخ المجني عليه لقريبهم أو ضيف حسن (والد الأولين منهم وعم الثالث) وهذا جميعه يدل في وضوح أنهم قصدوا من فعلتهم هذه إلى إزهاق روح المجني عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام محكمة الموضوع موكول لها في حدود سلطتها التقديرية. ولما كان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام هذه النية سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد طرحت على بساط البحث كما هو الحال في الدعوى فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذين الوجهين يكون أيضاً لا محل له.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 61 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

93-إذا كان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق المتهم سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 424

جلسة 15 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(81)
الطعن رقم 306 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، جـ) قتل عمد. "نية القتل". مسئولية جنائية. موانع العقاب. "فقدان الشعور والاختيار. الغيبوبة الناشئة عن تناول عقاقير مخدرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر عناصر الجريمة". "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية؟
(ب) تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور. موضوعي.
(ج) توافر نية القتل أو عدم توافرها. تقديره. موضوعي.
(د، هـ، و، ز) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد. "نية القتل".
(د) كفاية استظهار الحكم لنية القتل على نحو سائغ وصحيح في القانون.
(هـ) عدم التزام محكمة الموضوع بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(و) وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(ز) لا يضير الحكم خطؤه في قوله أن أقوال الشاهد التي عول عليها أبديت أمام المحكمة في حين أنها تليت عليها.
1 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل.
2 - تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
3 - نية القتل أمر داخلي يرجع في تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الأدلة، وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق.
4 - إذا كان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق المتهم سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت، فإن ما يثيره المتهم المذكور في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - ليست المحكمة ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - وزن أقوال شهود الإثبات مرجعه إلى محكمة الموضوع.
7 - متى كان ما أثبته الحكم عن أقوال الشاهد التي اعتمد عليها له أصله في التحقيقات، وقد صدرت منه بالفعل، فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ في قوله أن هذه الأقوال قبلت أمام المحكمة في حين أنها في الواقع إنما تليت عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 24/ 2/ 1964 بدائرة قسم الجيزة محافظة الجيزة: المتهم الأول "الطاعن": قتل عمداً محمد محمد علي بأن طعنه عدة طعنات في وجهه وصدره بآلة حادة (مطواة) قاصداً إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والمتهم الثاني: وقد علم بوقوع جناية القتل سالفة الذكر أعان المتهم الأول بإخفاء أحد أدلة الجريمة وهو السلاح (المطواة) المستعمل في ارتكاب الحادث. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للوصف والقيد الواردين بقرار الإحالة فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 145/ 1، 3 منه بالنسبة إلى المتهم الثاني (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة (وثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه قال بتوفر نية القتل على الرغم من تسليمه بأنها لم تظهر لدى الطاعن إلا بعد سكره مما لازمه اعتبار الواقعة ضرباً أفضى إلى موت لأن السكران لا ينعقد لديه القصد الخاص على إزهاق الروح، وما استدل به الحكم على توافر هذه النية من استعمال الطاعن آلة قاتلة بطبيعتها وقيام ضغينة بينه وبين المجني عليه يناقضه أن الآلة المستعملة هي مطواة وهي ليست قاتلة بطبيعتها، كما دلت ظروف الحادث وأقوال الشهود على انتفاء الضغينة بينهما وما ساقه الحكم من أن الطاعن تناول البيرة فقط بدرجة لا تفقده الوعي والإدراك، ينفيه ما شهد به عبد الحافظ مصطفى مساعد شرطة النجدة من أن الطاعن كان في حالة سكر، وما شهد به فتحي عبد العال وما ثبت بمحضر الشرطة من أنه عثر مع الأخير على زجاجة خمر وما شهد به علي محمد إسماعيل من أن الطاعن والمجني عليه شربا خمراً قبل تعاطي البيرة وهو أمر تأيد بما ثبت من تقرير الطبيب الشرعي من ارتفاع نسبة الكحول بدم المجني عليه كما أن ما أثبته الحكم من أن الطاعن صحب المجني عليه لتناول الخمر وأنه أخرج سكيناً اعتدى بها على المجني عليه لضغينة بينهما وأنه شديد الخطورة ينافي الثابت بالأوراق من أن المجني عليه هو الذي صحب الطاعن لتناول الشراب، وأن أحداً لم يشهد برؤيته وهو يخرج السكين للاعتداء على المجني عليه أو بوجود نزاع سابق بينهما، وقد جاءت صحيفة الطاعن خالية من السوابق، كما أثبت الحكم - خلافاً للواقع - أن أقوال الشاهد حمدي أحمد الشلبي تليت بالجلسة في حين أنه سئل بها، هذا إلى أن الحكم اجتزأ دفاعه ولم يرد على باقيه من احتمال إصابة المجني عليه بمناسبة إقدامه على السرقة مع الطاعن وعدم التعويل على أقواله لأنه كان في حالة سكر وأنه أحدث الإصابات بنفسه ولم ينف الطبيب الشرعي هذا الاحتمال وأن الاتهام لفق للطاعن من رجال المباحث، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وخلص إلى أن المسكر الذي تناوله الطاعن لم يعدم لديه الإدراك والشعور استناداً إلى ما شهد به شاهد الإثبات الأول بالجلسة من أن الطاعن كان واقفاً بالطريق وقت الحادث بحالة طبيعية. كما أن مسلكه وإجاباته في مراحل التحقيق تقطع بذلك إذ حاول إلصاق التهمة بغيره ثم عاد وزعم أن المجني عليه طعن نفسه، ثم عرض الحكم إلى نية القتل وأثبت توافرها لدى الطاعن من نوع الآلة التي استخدمها وموضع إصابة المجني عليه بأنها في مقتل ومن شدتها بحيث أنها أحدثت قطعاً بالضلع والرئة اليمنى والحجاب الحاجز والكبد ونفذت إلى التجويف البلوري، ومن تكرار الطعنات والضغينة القائمة بينهما. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد محص دفاع الطاعن في خصوص امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى أنه كان أهلاً لحمل المسئولية الجنائية لتوفر الإدراك والاختيار لديه وقت مقارفة الفعل الذي ثبت في حقه، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه. لما كان ذلك، وكانت نية القتل أمراً داخلياً يرجع في تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الأدلة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك كله لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله إيراد دفاعه الموضوعي وتمحيصه مردوداً بأن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات بالتحقيق، وكان وزن أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوالهم له أصله في التحقيق، ومتى كان ما أثبته الحكم عن أقوال الشاهد حمدي أحمد البقلي التي اعتمد عليها له أصله في التحقيقات وقد صدرت منه بالفعل فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ في قوله إن هذه الأقوال قيلت أمام المحكمة في حين أنها في الواقع إنما تليت عليها. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

92-نية القتل أمر داخلي يرجع في تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الأدلة .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 424

جلسة 15 من أبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(81)
الطعن رقم 306 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، جـ) قتل عمد. "نية القتل". مسئولية جنائية. موانع العقاب. "فقدان الشعور والاختيار. الغيبوبة الناشئة عن تناول عقاقير مخدرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر عناصر الجريمة". "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية؟
(ب) تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور. موضوعي.
(ج) توافر نية القتل أو عدم توافرها. تقديره. موضوعي.
(د، هـ، و، ز) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "إثبات بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد. "نية القتل".
(د) كفاية استظهار الحكم لنية القتل على نحو سائغ وصحيح في القانون.
(هـ) عدم التزام محكمة الموضوع بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(و) وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(ز) لا يضير الحكم خطؤه في قوله أن أقوال الشاهد التي عول عليها أبديت أمام المحكمة في حين أنها تليت عليها.
1 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل.
2 - تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
3 - نية القتل أمر داخلي يرجع في تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الأدلة، وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق.
4 - إذا كان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق المتهم سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت، فإن ما يثيره المتهم المذكور في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - ليست المحكمة ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - وزن أقوال شهود الإثبات مرجعه إلى محكمة الموضوع.
7 - متى كان ما أثبته الحكم عن أقوال الشاهد التي اعتمد عليها له أصله في التحقيقات، وقد صدرت منه بالفعل، فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ في قوله أن هذه الأقوال قبلت أمام المحكمة في حين أنها في الواقع إنما تليت عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 24/ 2/ 1964 بدائرة قسم الجيزة محافظة الجيزة: المتهم الأول "الطاعن": قتل عمداً محمد محمد علي بأن طعنه عدة طعنات في وجهه وصدره بآلة حادة (مطواة) قاصداً إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والمتهم الثاني: وقد علم بوقوع جناية القتل سالفة الذكر أعان المتهم الأول بإخفاء أحد أدلة الجريمة وهو السلاح (المطواة) المستعمل في ارتكاب الحادث. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للوصف والقيد الواردين بقرار الإحالة فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 145/ 1، 3 منه بالنسبة إلى المتهم الثاني (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة (وثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه قال بتوفر نية القتل على الرغم من تسليمه بأنها لم تظهر لدى الطاعن إلا بعد سكره مما لازمه اعتبار الواقعة ضرباً أفضى إلى موت لأن السكران لا ينعقد لديه القصد الخاص على إزهاق الروح، وما استدل به الحكم على توافر هذه النية من استعمال الطاعن آلة قاتلة بطبيعتها وقيام ضغينة بينه وبين المجني عليه يناقضه أن الآلة المستعملة هي مطواة وهي ليست قاتلة بطبيعتها، كما دلت ظروف الحادث وأقوال الشهود على انتفاء الضغينة بينهما وما ساقه الحكم من أن الطاعن تناول البيرة فقط بدرجة لا تفقده الوعي والإدراك، ينفيه ما شهد به عبد الحافظ مصطفى مساعد شرطة النجدة من أن الطاعن كان في حالة سكر، وما شهد به فتحي عبد العال وما ثبت بمحضر الشرطة من أنه عثر مع الأخير على زجاجة خمر وما شهد به علي محمد إسماعيل من أن الطاعن والمجني عليه شربا خمراً قبل تعاطي البيرة وهو أمر تأيد بما ثبت من تقرير الطبيب الشرعي من ارتفاع نسبة الكحول بدم المجني عليه كما أن ما أثبته الحكم من أن الطاعن صحب المجني عليه لتناول الخمر وأنه أخرج سكيناً اعتدى بها على المجني عليه لضغينة بينهما وأنه شديد الخطورة ينافي الثابت بالأوراق من أن المجني عليه هو الذي صحب الطاعن لتناول الشراب، وأن أحداً لم يشهد برؤيته وهو يخرج السكين للاعتداء على المجني عليه أو بوجود نزاع سابق بينهما، وقد جاءت صحيفة الطاعن خالية من السوابق، كما أثبت الحكم - خلافاً للواقع - أن أقوال الشاهد حمدي أحمد الشلبي تليت بالجلسة في حين أنه سئل بها، هذا إلى أن الحكم اجتزأ دفاعه ولم يرد على باقيه من احتمال إصابة المجني عليه بمناسبة إقدامه على السرقة مع الطاعن وعدم التعويل على أقواله لأنه كان في حالة سكر وأنه أحدث الإصابات بنفسه ولم ينف الطبيب الشرعي هذا الاحتمال وأن الاتهام لفق للطاعن من رجال المباحث، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وخلص إلى أن المسكر الذي تناوله الطاعن لم يعدم لديه الإدراك والشعور استناداً إلى ما شهد به شاهد الإثبات الأول بالجلسة من أن الطاعن كان واقفاً بالطريق وقت الحادث بحالة طبيعية. كما أن مسلكه وإجاباته في مراحل التحقيق تقطع بذلك إذ حاول إلصاق التهمة بغيره ثم عاد وزعم أن المجني عليه طعن نفسه، ثم عرض الحكم إلى نية القتل وأثبت توافرها لدى الطاعن من نوع الآلة التي استخدمها وموضع إصابة المجني عليه بأنها في مقتل ومن شدتها بحيث أنها أحدثت قطعاً بالضلع والرئة اليمنى والحجاب الحاجز والكبد ونفذت إلى التجويف البلوري، ومن تكرار الطعنات والضغينة القائمة بينهما. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد محص دفاع الطاعن في خصوص امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى أنه كان أهلاً لحمل المسئولية الجنائية لتوفر الإدراك والاختيار لديه وقت مقارفة الفعل الذي ثبت في حقه، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه. لما كان ذلك، وكانت نية القتل أمراً داخلياً يرجع في تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الأدلة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الواقعة كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، وكان ما قاله الحكم في شأن استظهار نية القتل وقيامها في حق الطاعن سائغاً وصحيحاً في القانون ويتضمن الرد على ما أثاره في شأن تكييفه للواقعة بوصف أنها ضرب أفضى إلى الموت، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك كله لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إغفاله إيراد دفاعه الموضوعي وتمحيصه مردوداً بأن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات بالتحقيق، وكان وزن أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوالهم له أصله في التحقيق، ومتى كان ما أثبته الحكم عن أقوال الشاهد حمدي أحمد البقلي التي اعتمد عليها له أصله في التحقيقات وقد صدرت منه بالفعل فلا يضير الحكم أن يكون قد أخطأ في قوله إن هذه الأقوال قيلت أمام المحكمة في حين أنها في الواقع إنما تليت عليها. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 80 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

91-لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1133

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل، وأنور خلف.

(232)
الطعن رقم 1993 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) إثبات. "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) إحالة الحكم في إيراده أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا تعيبه ما دامت أقوالهم متفقة.
(ب) عدم إيراد الحكم تفصيلات معينة اختلف فيها الشهود. لا يعيبه.
(ج) حق محكمة الموضوع في الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وإطراح ما عداها.
(د) عقوبة. "عقوبة مبررة". قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم عدم استظهاره قصد القتل. ما دامت العقوبة مبررة.
(هـ) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
1 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها وما دام أن الطاعن لا ينازع في سلامة هذا الإسناد.
2 - لا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف الشهود في تفصيلات معينة لم يوردها، وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها.
3 - لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها.
4 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
5 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه في يوم 8 مايو سنة 1966 بدائرة مركز فوه محافظة كفر الشيخ: شرع في قتل حافظ عبد القادر زغلول عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدس كان يحمله قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر بذلك. وادعى مدنياً حافظ عبد القادر زغلول (المجني عليه) وطلب القضاء له قبل المتهم بمبلغ 800 ج على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنتين وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة لهذا المبلغ وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم استند في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود عديدين إلا أنه لم يورد سوى مؤدى شهادة بعضهم نقلاً عن قائمة شهود الإثبات دون أن يذكر فحوى أقوال الباقين مكتفياً بالقول أنها لا تخرج عن مضمون شهادة الشهود الذين أورد شهادتهم على الرغم من أن أقوال بعضهم جاءت سماعية نقلاً عن المجني عليه. كما لم يبين الحكم قصد القتل بياناً وافياً يستدل منه على انصراف نية الطاعن إلى إزهاق روح المجني عليه، وأغفل بيان ظروف الواقعة مع أنها تدل على عدم توافر هذه النية - ثم إن الحكم أقام قضاءه بانتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي على معيار موضوعي مع أن الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعي فيه الظروف الدقيقة التي أحاطت بالطاعن وقت رد العدوان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الشروع في القتل العمد التي دين الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها الصحيح ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من اعتماده في إدانته على شهادة بعض الشهود دون أن يذكر مؤدى شهادتهم مردوداً بأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها وما دام أن الطاعن لا ينازع في سلامة هذا الإسناد. ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في تفصيلات معينة لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها. أما القول بأن الحكم عند تحصيله أقوال الشهود قد نقلها عن قائمة شهود الإثبات فإنه نعي في غير محله ما دام أن الطاعن لا يماري في صحة ما أورده الحكم من مؤدي هذا الدليل ولا يجحد أنه يلتئم مع أقوال هؤلاء الشهود الثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار قصد القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد. ولما كان الثابت بالأوراق أن الجرح الذي أحدثه الطاعن عمداً بالمجني عليه قد أعجزه عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، وكانت العقوبة المحكوم بها - وهي الحبس مع الشغل مدة سنتين تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب العمد المنطبقة على المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، فإنه لا جدوى من إثارة ذلك النعي لأن مصلحة الطاعن منتفية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في دفاعه من قيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه في قوله: "وحيث أن ما تمسك به الدفاع عن المتهم - الطاعن - من أنه كان في حالة دفاع شرعي مردود بأن الثابت في الأوراق أن المتهم هو الذي تصدى للمجني عليه على إثر نزوله من القطار ومعه العمال المرافقين له وطلب منه أن يذهب في صحبته إلى مصنع الطوب الذي يعمل فيه للعمل هناك فلما رفض المجني عليه طلبه حصلت بينهما مشادة كلامية أعقبها تماسكهما وفي أثناء ذلك أطلق المتهم عياراً نارياً على المجني عليه من المسدس الذي أخرجه من جيبه دون أن، يحصل من المجني عليه أو من أي من العمال مرافقيه أي تعد على المتهم سوى ذلك التماسك بالأيدي الذي حصل بينه وبين المجني عليه وقد زعم المتهم في التحقيقات أن المجني عليه اعتدى عليه بمطواة في الناحية اليسرى من صدره وأن بعض الأشخاص التفوا حوله واعتدوا عليه بالضرب بعصي على ظهره ولكن التقرير الطب الشرعي كذبه فيما ادعاه إذ ثبت منه أنه شوهد بالمتهم جرح قطعي سطحي واقع مقابل عظمة الترقوة اليسرى على يسار الخط المتوسط بحوالي 5.5 سم وأن ذلك الجرح بطول 1.25 سم رأسي الوضع ويميل إلى أسفل ويمين مع تقوس طفيف وأنه لم يتبين به أية آثار إصابة أخرى وأن الجرح السالف الوصف يحدث من آلة صلبة ذات حافة حادة كسكين أو مطواة أو ما أشبه وأنه نظراً لصغر حجم الجرح وسطحيته ووجوده في مكان في متناول اليد فإنه من الممكن افتعاله" وما أثبته الحكم فيما تقدم سائغ وكاف لتبرير ما انتهى إليه من نفي قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس، ذلك بأنه من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,118,367

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »