موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية في القتل العمد مكتب البسيونى عبده

edit

57-استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن يتحقق به حكم المادة 234/ 2 عقوبات.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 994

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار: محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد حلمى راغب، وجمال الدين منصور، ومحمد محمود عمر.

(214)
الطعن رقم 1283 لسنة 49 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفى. استظهاره. موضوعى.
إصابة المجنى عليه فى غير مقتل. لا يترتب عليها قانوناً. عدم توفر نية القتل.
(2) سبق إصرار. ترصد. إثبات. "بوجه عام".
تقدير توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد. موضوعى.
(3) قتل عمد. قصد جنائى. سبق أصرار. فاعل أصلى. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استظهار الحكم اتفاق المتهمين على القتل. من معيتهم فى الزمان المكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهم قصد قصد الآخر فى إيقاعها. كفايته لمساءلة كل منهم كفاعل أصلى.
(4) قتل عمد. "اقتران". ظروف مشددة. نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". عقوبة.
استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن. يتحقق به حكم المادة 234/ 2 عقوبات.
تقدير توافر ظرف الاقتران. موضوعى.
(5) إثبات. "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات من سلطة محكمة الموضوع. حقها فى الأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه.
(6) مسئولية جنائية. إثبات. "خبرة". "بوجه عام" أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الجنون والعاهة العقلية" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سلطة المحكمة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. عدم التزامها بإعادة المهمة إلى ذات الخبير أو باعادة مناقشته. مثال لرد سائغ على الدفع بانعدام المسؤولية بسبب مرض نفسى.
(7) دعوى مدنية. "الصفة فيها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز المنازعة فى صفة المدعى المدنى لأول مرة أمام محكمة النقض.
(8) دعوى مدنية. تضامن. تعويض. قتل عمد.
التضامن فى التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا فى إحداث الضرر. واجب بنص القانون. ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرر بالمجنى عليه.
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه كما استخلاص هذه النية فى عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وأن إصابة المجنى عليه فى غير مقتل لا تنفى معه قانوناً توفر نية القتل.
2 - من المقرر أن البحث فى توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد عن اطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، فإن ما أورده الحكم - يتحقق به ظرفا سبق الاصرار والترصد على النحو المعرف قانوناً ويكون النعى على الحكم فى هذا الشأن غير سديد.
3 - لما كان ما أثبته الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم فى الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر فى إيقاعها، مما يترتب بينهم فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية الجنائية ومن ثم فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد المقترنة بجناية الشروع فى القتل التى وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذى بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعليين أصليين طبقاً لنص المادة 29 من قانون العقوبات.
4 - لما كان ما يثيره الطاعنون من نعى على الحكم فى خصوص عدم توافر ظرف الاقتران مردوداً بأنه يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتين قد ارتكبا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك ما يستقل به قاضى الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المصاحبة الزمنية هذه لا تجوز إثارة الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الاكراه، ومتى تحققت بأن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها.
6 - متى كان ما أورده الحكم يستقيم به اطراح دفاع الطاعن ذلك بأنه انتهى فى قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلى أن المرض الذى يدعيه الطاعن على فرض ثبوته لا يؤثر على سلامة عقله وصحة ادراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذى وقع منه. وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، وهى فى ذلك ليست ملزمة باعادة المهمة إلى الخبير أو باعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأى الذى انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون وهو الأمر الذى لم يخطىء الحكم المطعون فيه فى تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير أدلة الدعوى من اطلاقاتها فإن ما يثيره الطاعنون ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين قد تنازع فى صفة المدعين بالحقوق المدنية أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل الحديث عن هذه الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض لانطوائه على منازعة تستدعى تحقيقاً موضوعياً.
8 - من المقرر أن التضامن فى التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا فى إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرر بالمجنى عليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عمدا ...... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أداة حادة (بلطة) وترصدوه فى الطريق الموصل إلى سوق البلدة والذى أيقنوا مروره فيه فى مثل هذا الوقت من النهار حتى إذا ما ظفروا به اعتدى عليه المتهم الأول بأن ضربه بالبلطة فى رأسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى نفس المكان والزمان سالفى الذكر شرعوا عمداً مع سبق الإصرار والترصد فى قتل كل من ...... و...... بأن بيتوا النية على قتلهما وعقدوا العزم المصمم على ذلك وأعدوا لذلك الأدوات سالفة الذكر وكمنوا لهما فى الطريق الذى أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى فاجؤوهما بالاعتداء عليهما على النحو المبين بالتحقيقات وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو فرار المجنى عليهما ومدراكتهما بالعلاج. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. وادعى ورثة المجنى عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. كما ادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46 ، 230، 231، 232، 234 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبمعاقبة كل من الطاعنين الآخرين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعوا إلى المدعيتين...... ،....... مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض وأن يدفعوا متضامنين إلى المدعى بالحق المدنى مبلغ مائتى جنيه على سبيل التعويض النهائى. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتى شروع فى قتل مع سبق الاصرار والترصد. قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وخطأ فى تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع وبطلان فى الاجراءات، ذلك بأنه لم يدلل على توافر نية القتل فى حق كل من الطاعنين - تدليلاً كافياً - مع أن إصابات المجنى عليهما ..... و..... مجرد جروح بسيطة ليست فى مقتل، كما أنه استدل على توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد بما لا يسوغ به توافرهما، مما كان يقتضى استبعاد هذين الظرفين وبالتالى انتفاء المسئولية التضامنية للطاعنين ليكون كل منهم مسئولا عن فعله وحده بما يغير وجه الرأى فى الدعوى، كما أن الحكم آخذ الطاعنين بحكم الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على الرغم من عدم توافر ظرف الاقتران فى الواقعة إذ أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين يجمعها سلوك إجرامى وقصد جنائى واحد بما يخضعها لحكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، هذا إلى أن الدفاع تمسك ببطلان اعتراف الطاعن الثالث لأنه جاء وليد إكراه ودفع بعدم مسئوليته عن الحادث لاصابته بمرض عقلى يعفيه من العقاب، وطلب مناقشة الطبيب الشرعى فيما انتهى إليه تقريره فى هذا الشأن، بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم تستجب لهذا الطلب - وأخيراً فقد قضت المحكمة فى الدعوى المدنية دون أن تتحقق من صفة المدعيين بالحقوق المدنية وألزمت الطاعنين متضامنين بتعويض الضرر بغير سند لهذا التضامن، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية شروع فى قتل مع سبق الإصرار والترصد التى دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية فى عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وكانت إصابة المجنى عليه فى غير مقتل لا تنفى معه قانوناً توفر نية القتل، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن قصد القتل فهو متوافر فى حق المتهمين من استعمال آلات قاتلة "بلط" واستهدافهم مقاتل المجنى عليهم وتعدد الضربات بالنسبة للمجنى عليه........ كما ورد فى التحقيقات على لسان الشاهدين......... و....... أن المتهم الأول......... طلب من باقى المتهمين الإجهاز على باقى المجنى عليهم لأنه أجهز على المجنى عليه........." وإذ كان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً فى التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين فإنه لا محل للنعى عليه فى هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرفى سبق الإصرار والترصد وكشف عن توافرهما فى قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو قائم فى حق المتهمين من أقوال شهود الإثبات الذين تطمئن المحكمة إلى اقوالهم - بقيامهم بإعداد وسيلة الجريمة وتجهيز البندقية التى أطلقت على المجنى عليه....... ولكنها كذبت ثم قيامهم بالاعتداء على المجنى عليهم بالبلط وعلمهم بتوجه المجنى عليهم للسوق ولذلك عقدوا العزم على الاعتداء على المجنى عليهم فى هدوء وروية لما فى صدورهم من حقد وضغينة بسبب اتهام المجنى عليه...... بقتل....... واستمرار المنازعات بينهم - وحيث إن ظرف الترصد فهو قائم فى حق المتهمين وذلك لتربصهم للمجنى عليهم أثناء ذهابهم إلى السوق فى الطريق الذى أيقنوا أنهم سيمرون منه لبيعهم البقرة وذلك وفقاً لما جاء بأقوال الشهود سالفى الذكر التى تطمئن إليها هذه المحكمة كل الاطمئنان والانتظار فترة من الزمن حتى قدم المجنى عليهم وما أن مر المجنى عليهم من ذلك المكان حتى قام المتهمون بالاعتداء عليهم". وكان من المقرر أن البحث فى توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد عن اطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج، فإن ما أورده الحكم - يتحقق به ظرفا سبق الاصرار والترصد على النحو المعرف قانوناً ويكون النعى على الحكم فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما انتهى الحكم - فيما تقدم - كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم فى الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر فى إيقاعها، مما يترتب بينهم فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية الجنائية ومن ثم فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد المقترنة بجناية الشروع فى القتل التى وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذى بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من نعى على الحكم فى خصوص عدم توافر ظرف الاقتران مردوداً بأنه يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المصاحبة الزمنية هذه لا تجوز إثارة الجدل فى ذلك أمام محكمة النقض، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم أنه تحدث عن توافر ظرف الاقتران فى قوله: "وحيث إنه عن ظرف الاقتران فإن الثابت من الأوراق ومن أقوال الشهود سالفى الذكر وفق ما سلف البيان أن المتهمين قد قتلوا المجنى عليه....... مع سبق الإصرار والترصد وأعدوا لذلك آلات حادة "بلط" واعتدى عليه المتهم الأول......... بأن ضربة بالبلطة على رأسه قاصداً من ذلك قتله وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اقترنت الجناية بجناية أخرى هى أن المتهمين شرعوا فى قتل كل من المجنى عليهما السيد..... و.....، وأن هذه الجناية مستقلة عن الجناية السابقة وقد ارتكبتا فى فترة قصيرة من الزمن والرابطة الزمنية موجودة بين الجريمتين وأن الجريمتين فى مسرح واحد وارتكبت كل جريمة بفعل مستقل تكونت منها جناية قائمة بذاتها. وقد جمعتها رابطة زمنية بما يتحقق من الاقتران المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات". فإن ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح فى القانون ويتحقق به معنى الاقتران المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. فضلاً عن أنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين - وهى الأشغال المؤقتة - تدخل فى الحدود المقررة لجناية القتل مجردة عن أى ظرف مشدد فلا مصلحة للطاعنين فيما أثاروه من تخلف ظرفى سبق الإصرار والترصد أو ظرف الاقتران. لما كان ذلك، كان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الاكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعنين من بطلان اعتراف الطاعن الثالث لأنه كان وليد إكراه ورد عليه بقوله "وحيث إن المحكمة لا ترى أن هناك إكراه قد وقع على المتهم الثالث للإدلاء بهذه الأقوال لأن المحكمة لا تطمئن إلى ما قرره هذا المتهم من أن اعترافاته لم يملها عليه أحد وكما قرر أن الإصابة التى حدثت به من دفوعه من على دابته وبذلك ترى المحكمة أنه لم يكن ثمة إكراه أو تعذيب وقع عليه للإدلاء باعترافاته والتى لم تأخذ منها المحكمة سوى تواجده هو المتهم الثانى ........ على مسرح الجريمة". وكانت المحكمة بما أوردته فيما سلف قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف الطاعن الثالث إنما كان من طواعية واختيار ولم يكن نتيجة أى إكراه، فإن النعى عليه بأنه وليد إكراه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم مسئولية الطاعن الثالث فى قوله "وحيث إن المحكمة ترى أنه بالنسبة لمسئولية المتهم....... فإنه من المقرر أن الحالات النفسية ليست فى الأصل من موانع العقاب كالجنون والعاهة فى العقل اللذين يجعلان الجانى فاقد الشعور والاختيار فى عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات وأن المرض العقلى الذى يوصف بأنه جنون أو عاهة فى العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً هو ذلك المرض الذى من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التى لا تفقد الشخص شعوره وإداركه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، وتطمئن المحكمة كل الاطمئنان إلى ما ورد فى التقرير الطبى الذى توقع على المتهم....... بتاريخ 15/ 11/ 1976 وما جاء فى نتيجته من أن هذا المتهم لم يكن يعانى من المرض العقلى إبان الحادث الذى تم فى 8/ 9/ 1974 وأنه يعتبر مسئول فى القضية موضوع التحقيق ومن ثم تلتفت عما أثاره الدفاع فى هذا الشأن من طلب مناقشة الطبيب الشرعى فى مدى مسئولية المتهم كما تلتفت عما قدمه المتهم من كشوف طبية فى هذا الشأن وترى المحكمة أن المتهم وفق ما تقدم مسئول مسئولية كاملة عن فعله". ولما كان ما أورده الحكم فيما سلف يستقيم به اطراح دفاع الطاعن ذلك بأنه انتهى فى قضاء سليم لا مخالفة فيه للقانون إلى أن نوع المرض الذى يدعيه الطاعن - على فرض ثبوته - لا يؤثر على سلامة عقله وصحة ادراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذى وقع منه. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعى المطروحة أمامها، وأنها الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، وهى فى ذلك ليست ملزمة باعادة المهمة إلى ذات الخبير أو بإعادة مناقشته ما دام استنادها إلى الرأى الذى انتهت إليه هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون وهو الأمر الذى لم يخطىء الحكم المطعون فيه فى تقديره، وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق، وكان تقدير أدلة الدعوى من اطلاقاتها فإن ما يثيره الطاعنون ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحدا من الطاعنين قد نازع فى صفة المدعين بالحقوق المدنية أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل الحديث عن هذه الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض لانطوائه على منازعة تستدعى تحقيقا موضوعيا. لما كان ذلك، وكان ما قضى به الحكم من تضامن الطاعنين فى التعويض صحيحاً فى القانون ما دام أن مفاد ما أثبته الحكم أن المتهمين قد تطابقت إرادتهم على الاعتداء على المجنى عليهم، إذ من المقرر أن التضامن فى التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا فى إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرر بالمجنى عليهم - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

56-عقوبةالمادة234/2عقوبات. يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل، وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 31 - صـ 1065

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار صلاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعة، وأحمد هيكل، ومحمد عبد الخالق النادي؛ وأحمد أبو زيد.

(205)
الطعن رقم 361 لسنة 50 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن".
عدم تقديم المحامي التوكيل الذي يخوله الطعن بالنقض نيابة عن المحكوم عليه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. علة ذلك؟
(3، 4) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. إثبات "قرائن".
(3) قصد القتل. أمر خفي. استخلاصه. موضوعي.
(4) البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً. لا يحول دون قيام ظرف سبق الإصرار في حق المتهم. تعليق خطة تنفيذ الجريمة على شرط أو ظرف.
(5، 6) إثبات. "اعتراف". "شهود". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير مغيب".
(5) تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات من سلطة محكمة الموضوع. حقها في الأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه.
(6) تطابق أقوال الشاهد - أو اعتراف المتهم - والدليل الفني على الحقيقة المراد إثباتها غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(7) قتل عمد "اقتران". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل، وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها، موضوعي.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". العقوبة المبررة. ظروف مشددة تقدير توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها. موضوعي.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" عقوبة. إعدام. قتل عمد. هتك عرض.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - من حيث إن الأستاذ...... المحامي قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه نيابة عن المحكوم عليه غير أنه لم يقدم التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عنه وبذلك يكون طعنه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه.
2 - حيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج، ويتحقق هذا الظرف ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرك أو ظرف، وهو وصف القصد الجنائي، وبالتالي لا شأن له بالوسيلة التي تستعمل في الاعتداء على المجني عليه نتيجة لهذا القصد المصمم عليه من قبل.
5 - الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به مما لا معقب عليها.
6 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق. بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
7 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
8 - من المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وإذ كانت الأدلة التي ساقتها بالحكم للتدليل على أن المتهم كانت له سلطة على المجني عليها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما أثبته من توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في المادتين 267/ 2، 269 من قانون العقوبات، وتغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات يكون صحيحاً في القانون.
9 - إذ صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يومي 25، 31 من سبتمبر سنة 1977 (أولاً) قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها إذا ما تبين له أنها ليست بكراً وما أن استوثق من ذلك حتى انهال عليها ضرباً بحجر قاصداً من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. (ثانياً). قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله واستدرجه إلى حيث انهال عليه ضرباً بحجر فوق رأسه كما طعنه بمنشار في رقبته قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثالثاً) هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر والتي لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة وتهديد حالة كونه ممن لهم سلطة عليها. (رابعاً). دنس القبور بأن واقع المجني عليها...... بها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسوان بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أنه: (أولاً) قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن انتوى قتلها وعقد العزم المصمم على ذلك إذا ما تبين أنها ليست بكراً واستدرجها إلى مقابر مدينة أسوان للوقوف على هذا الأمر وتنفيذ ما أصر عليه وما أن تيقن من عدم وجود غشاء بكارتها حتى انهال عليها ضرباً بحجر قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وبالتحقيقات والتي أودت بحياتها وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أن المتهم المذكور في الزمان والمكان سالفي الذكر هتك عرض المجني عليها آنفة الذكر والتي لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد حالة كونه ممن لهم سلطة عليها. (ثانياً). دنس القبور بأن هتك عرض المجني عليها المذكورة. (ثالثاً). قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن انتوى قتله وعقد العزم المصمم على ذلك واستدرجه إلى مدينة أسوان بعد أن تبين من مسلكه معه أنه لا زال - على انحرافه القديم. وما أن وصل به إلى المقابر حتى انهال عليه ضرباً بحجر فوق رأسه أكثر من مرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وبالتحقيقات والتي أودت بحياته الأمر المنطبق على المواد 160/ 3، 230، 231، 234/ 2، 266/ 2، 267/ 2 من قانون العقوبات. قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة المفتي. وقضت حضورياًَ عملاً بمواد الاتهام وبإجماع آراء أعضائها بمعاقبة........ بالإعدام شنقاً. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الأستاذ....... المحامي قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه نيابة عن المحكوم عليه غير أنه لم يقدم التوكيل الذي يخول حق الطعن نيابة عنه وبذلك يكون طعنه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه (أو لا) يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه.
وحيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام، على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم....... استدرج المجني عليها الأولى...... - شقيقة زوجته - إلى مقابر مدينة...... بعد ظهر يوم....... لتنفيذ ما صمم عليه في هدوء وروية من قتلها عندما لاحظ على مسلكها ما أثار ريبته منذ أن خرج بها لتوصيلها إلى محطة سكة حديد...... إثر انتهاء ضيافتها لدى شقيقتها بمسكنه، وما أن وصلا معاً إلى تلك المقابر وتمكن منها واكتشف أنها ليست بكراً بعد أن وضع إصبعه وقبله في فرجها وهي وقتئذ تحت سلطته الفعلية باعتباره زوجاً لشقيقتها وفي كنفه وتحت سيطرته في تلك الآونة حتى أتبع جريمة هتكه لعرضها على هذا النحو بجريمة أخرى هي قتله لها بحجر عثر عليه مكان الحادث وأجهز به عليها قاصداً من ذلك إزهاق روحها تنفيذاً لما استقر عليه فكره الهادئ وإصراره السابق طوال الفترة الزمنية التي استغرقها سيره بها من منزله إلى المقابر والتي قدرها بقرابة ساعة بعد أن تحقق من الأمر الذي علق عليه قصده وهو أنها ليست بكراً إثر هتكه لعرضها على الوجه المشار إليه من قبل، ولم يتركها إلا بعد أن فارقت الحياة متأثرة بما أحدثه بها من إصابات مبينة بتقرير الصفة التشريحية وبالتحقيقات، وبعد أن وارى جثمانها بالتراب في ذات المكان الذي ارتكب فيه جناية قتلها وما تقدمتها من جناية أخرى - دنس بها المقابر المحيطة بذلك المكان - وهي جناية هتكه لعرضها، ولم تكد تمضي خمسة أيام على ارتكابه لجريمتيه سالفتي الذكر حتى استدرج المجني عليه الثاني....... أيضاً إلى ذات المقابر بعد أن عقد عزمه على قتله بها تخلصاً من عاره لما تبينه من مسلكه وقتئذ أنه لا زال على انحرافه القديم ولم يتغير عنه، وما كاد يصل به إليها حتى أمسك بحجر آخر - وجده هناك وضربه به على رأسه وهو راقد على بطنه استعداداً لإتيانه له وعندئذ خرج المجني عليه ونهض واقفاً ولم يكد يقطع مسافة بسيطة وهو مصاب في رأسه حتى سقط على الأرض وعندئذ عاود المتهم ضربه له بالحجر بقصد إزهاق روحه حتى لفظ أنفاسه متأثراً بما أحدثه به من إصابات مبينة كذلك بتقرير الصفة التشريحية وبالتحقيقات ونفذ بذلك ما عقد عزمه عليه طوال الطريق الذي سلكه به إلى المقابر للتخلص من عاره"، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهم أدلة مستمدة من اعترافه بالتحقيقات وإرشاده عن مكان الجثتين والحجرين المستعملين في قتل المجني عليهما ومن معاينة النيابة العامة لمكان الحادث ومن أقوال الضابط....... رئيس قسم المباحث والطبيب....... نائب الجراحة بمستشفى أسوان و....... زوجة المتهم و...... والدة المجني عليه الثاني ومن تقريري الصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما. وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات، وقد استظهر الحكم نية القتل في حق المحكوم عليه وتوفر سبق الإصرار لديه في قوله "وحيث إنه عن نية قتل المجني عليهما....... و....... فلا مراء في توافرها لدى المتهم من استعماله حجرين كبيرين من شأنهما أن يحدثا القتل واستهدافه مقتل المجني عليهما وهي الرأس والصدر وتعدد ضرباته لهما وعدم تركه إياهما. إلا جثتين هامدتين، كل ذلك من شأنه أن يثبت في حقه هذه النية بما لا يدع أي مجال للشك في توافرها لديه. وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فلا جدال في توافره أيضاً في حق المتهم من اعترافه الذي اطمأنت إليه المحكمة أنه استدرج المجني عليهما إلى المقابر وصمم على قتلهما منذ اتجه بهما نحوها وطوال الطريق المؤدي إليها والدي قدر طوله بثلاثة كيلومترات تقريباً وقدر الزمن الذي قطعه فيها بقرابة ساعة وهو ما يكفي لتوافر التفكير الهادئ والروية عنده قبل إقدامه على جريمته التي لم يتردد في ارتكابها عندما تيقن من تحقق الشرط الذي علق عليه تصميمه بالنسبة للمجني عليها وهي أنها ليست بكراً بعد أن وضع إصبعه وقبله في فرجها، وعندما تحقق كذلك من مسلك المجني عليه معه يوم قتله له أنه لا زال على انحرافه القديم وذلك للتخلص من عارهما حسبما ورد باعترافه الذي اطمأنت إليه المحكمة بحكم ما بينه وبينهما من رابطة قرابة وثيقة إذ أن الأولى شقيقة زوجته والثاني نجل ابن عمته، ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهم لارتكابه جناية قتل المجني عليها الأولى...... عمداً مع سبق الإصرار مقترنة بجناية هتك عرض وجنحة تدنيس القبور، ولمقارفته جناية قتل المجني عليه الثاني........ عمداً مع سبق الإصرار، وأنزل عليه العقاب بالمواد 230، 231، 234/ 1، 2، 267 فقرة 2، 269، 160/ 3 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج، ويتحقق هذا الظرف ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، وهو وصف للقصد الجنائي وبالتالي لا شأن له بالوسيلة التي تستعمل في الاعتداء على المجني عليه نتيجة لهذا القصد المصمم عليه من قبل ولما كان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون، وقد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ما يؤدي إلى ما رتب عليها فذلك حسبه - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن المحكوم عليه من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه ولا يطابق الحقيقة ويتناقض مع التقرير الفني بقوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم في نهاية التحقيقات وبجلسات المحاكمة ولا على ما أبداه الحاضر معه من دفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت سالفة البيان ومن بينها اعترافه المفصل في أكثر من موضع من تحقيقات النيابة وخلصت منها في يقين جازم إلى أنه ارتكب حادث قتل المجني عليها...... وما تقدمته من جناية هتك عرضها وسط المقابر وهي وقتئذ دون الثامنة عشرة من عمرها وتحت سلطته الفعلية وفي كنفه وتحت سيطرته في تلك الآونة، كما قتل المجني عليه الآخر....... نهاراً أيضاً في تلك المقابر وذلك للتخلص من عارهما وأن ما أبداه من دفاع لم يقصد به إلا مجرد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت بها. وليس في أوراق الدعوى ما يشير من قريب أو بعيد إلى وقوع أي إكراه عليه أثناء اعترافه أمام النيابة العامة عند استجوابها له أكثر من مرة بعد أن أظهره ممثلها على صفته، كما لا يوجد ثمة تناقض أو تعارض بين تقريري الصفة التشريحية الخاصين بجثتي المجني عليهما وأقوال الطبيب الذي قام بتشريحهما وبين اعتراف المتهم وما جاء به خاصاً بضربه للمجني عليها المذكورة على رأسها وطعنه إياها والمجني عليه الآخر في رقبته بآلة حادة بعد ما ثبت من هذين التقريرين وأقوال من قام بالتشريح أن جمجمة المجني عليها ورقبتها كانتا في حالة تحلل لا يمكن معه ظهور أية إصابات بهما وأن من الممكن أن تكون الإصابات التي حدثت بالجمجمة قد أدت إلى نزيف داخلي دون أن تظهر عليها. وأن إصابات غائرة دائرية وجدت برقبة المجني عليه الآخر وتحدث من آلة حادة. وبعد أن شهد رئيس قسم الجراحة بالجلسة الأخيرة بأنه كان في إمكان المجني عليه المذكور أن يجري إثر ضربه على رأسه وإصابته. وأن غشاء بكارة المجني عليها........ غير موجود ولا يمكن معرفة تاريخ فضه بسبب تحلل الجثة، وأن إصابات المجني عليهما تحدث من الحجرين المضبوطين، ولا يمكن معرفة ما إذا كان المجني عليه....... متكرر الاستعمال من عدمه لتعفن الجثة، ومن ثم فلا يوجد أي تعارض بين الدليل الفني وبين اعتراف المتهم الذي اطمأنت إليه المحكمة وأخذت به مع باقي الأدلة وبالتالي فلا تعول على هذا الوجه من دفاعه"، ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق. بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ كانت المحكمة مما أوردته - فيما سلف - قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه، واقتنعت بصحته، كما أنها قد أوضحت انتفاء الخلاف المدعى به بين الدليلين القولي والفني فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن المحكوم عليه من أن ظرف الاقتران - الوارد في الفقرة الثانية من المادة 334 عقوبات - غير متوفر في حق المتهم إذ لا سلطة له على المجني عليها في جريمة هتك العرض بقوله "حيث إنه لا مراء في أن جناية قتل المجني عليها الأولى قد تقدمتها جناية أخرى هي هتك لعرضها برضائها وهي دون الثامنة عشرة من عمرها حالة كونه ممن له سلطة فعلية عليها طبقاً لما تقضي المادتان 267/ 2، 269 - عقوبات وهي السلطة التي تجعله قادراً على تنفيذ أوامره عليها لا سيما وأنها كانت في ذلك الوقت في كنفه وتحت سيطرته وخاضعة لتوجيهاته وتصرفاته باعتباره زوجاً لشقيقتها التي تكبرها وبذلك يتوافر في هاتين الجنايتين حكم الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات" ولما كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتمييزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان من المقرر أن توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وإذ كانت الأدلة التي ساقها الحكم للتدليل على أن المتهم كانت له سلطة على المجني عليها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما أثبته من توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في المادتين 267/ 2 و269 من قانون العقوبات، وتغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات يكون صحيحاً في القانون. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم؛ ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 62 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

55-عقوبة المادة 234/2عقوباتيكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 37 - صـ 453

جلسة 3 من إبريل سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.

(93)
الطعن رقم 150 لسنة 56 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر في القانون. علة ذلك؟
وظيفة محكمة النقض بشأن الأحكام الصادرة حضورياً بالإعدام؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار، محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاصه. موضوعي.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. إثبات "بوجه عام".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) قتل عمد "اقتران". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(6) عقوبة "تطبيقها". إعدام. إثبات "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ثبوت أن سن المتهم وقت ارتكاب الجريمة جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية. يوجب الحكم عليه بالعقوبة المقررة بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم وليس بتلك المقررة بالمادة 15 من القانون 31 لسنة 1974.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "اعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(8) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
الأخذ بقول متهم. دليلاً على آخر. صحيح في القانون.
التعويل على اعتراف المتهم. في أي دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه مرجعه إلى محكمة الموضوع.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. إعدام. قتل عمد. سرقة.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
(10) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقاً للمادة 48 عقوبات. ما لم يدفع به أمامها.
(11) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". قتل عمد. قانون "تفسيره".
الاعتراف الذي يؤدي إلى الإعفاء من المسئولية وفق نص المادة 48 عقوبات. شرطه؟
مثال لانتفاء حق المتهم من الانتفاع بالإعفاء من العقوبة طبقاً للمادة 48 عقوبات.
1 - لما كان المحكوم عليه..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكوناً معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من اطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
5 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتمييزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع.
6 - لما كان الثابت من الاطلاع على البطاقة الشخصية للمحكوم عليه الأول...... المرفقة بالمفردات المضمومة أنه من مواليد الأول من يوليو سنة 1966 أي أن سنه قد جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجرائم المسندة إليه بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1984. ومن ثم فإن العقوبات التي يحكم بها عليه هي المنصوص عليها بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم ومنها عقوبة الإعدام وليس العقوبات الواردة بالمادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وكان الحكم المعروض قد أوقع عليه عقوبة الإعدام المبينة بالمادة 234 عقوبات التي دانه بها مع باقي المواد الأخرى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
7 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه...... بمحضر الشرطة المؤرخ..... وبالمذكرة المقدمة منه بتاريخ..... والإقرار المنسوب إلى المحكوم عليه الثاني من أن اعتراف الأول كان وليد إكراه مادي وقع عليه من الثاني وأن الأخير هو الذي طعن المجني عليها الأولى بالمطواة بما تتناقض مع اعترافه، إنما هو أمر تال لصدور الحكم المعروض وغير موجه لقضائه ولا يتصل به، وكان المحكوم عليه الأول أو المدافع عنه لم يثر أيهما أمام محكمة الموضوع أي دفاع بشأن هذا الاعتراف، وعلى العكس فقد اعترف بمحضري جلسة المحاكمة المؤرخين.....، ...... - في حضور المدافع عنه - بارتكابه للجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، كما أن لها أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه الأول بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع أراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...
10 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك وليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أنه يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المتهم من العقوبة وفقاً لنص المادة 48 من قانون العقوبات أن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، وإذ كان الثابت بالحكم ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر الاتهام المسند إليه أمام المحكمة ولم يعترف به فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 سالفة الذكر بالإضافة إلى ما تقدم فإن الفقرة الأخيرة من تلك المادة - لكي يستفيد الجناة من الإعفاء من العقاب - توجب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن الجناة المشتركين في الاتفاق، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين، وكان الثابت من مطالعة المفردات المضمومة أنه تم ضبط المتهم الأول..... بدون ثمة إخبار من جانب الطاعن، وأن إقرار الأخير بالجريمة بتحقيق النيابة حدث بعد ضبطه وبعد أن وقعت الجريمة ولم يكن من شأنه تمكين السلطات من التوصل فعلاً إلى ضبط المتهم الآخر. ومن ثم فلا محل لما قاله الطاعن من حقه في الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة 48 من قانون العقوبات لعدم توافر مسوغاته التي قررها القانون ويكون نعيه على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين أنهما: قتلا عمداً ومع سبق الإصرار.... بأن بيتا النية على قتلها وأعدا لذلك سلاحاً حاداً (مطواة قرن غزال) وقطعة من الحبال وتوجها إليها بمسكنهما وما إن ظفرا بها قام المتهم الثاني بالإمساك بها وكم فاها فشلت مقاومتها وتعدى عليها المتهم الأول بطعنها بالسلاح سالف الذكر وضربها بقطعة حديدية قاصدين من ذلك إزهاق روحها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين هما أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر. (أولاً): قتلا عمداً..... بأن قام المتهم الثاني بالإمساك به وشل مقاومته وكم فاه وتعدى عليه المتهم الأول بطعنه بالمطواة المنوه عنها بالجريمة الأولى عدة طعنات قاصدين من ذلك إزهاق روحه فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً): سرقا القرط الذهبي ومبلغ النقود المبينة قدراً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها الأولى وكان ذلك ليلاً حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً ظاهراً (مطواة قرن غزال). وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء إحالة أوراق المتهم الأول..... إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 3، 317/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 30 من ذات القانون والمادة 17 منه بالنسبة للمتهم الثاني. (أولاً): - بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً عما أسند إليه. (ثانياً): - بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه ومصادرة الآلات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة بمذكرة مشفوعة برأيها وطلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم الأول.


المحكمة

 

من حيث إن المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة ولئن كانت قد عرضت هذه القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون وطلبت إقرار الحكم إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين - من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من أخطاء أو عيوب سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم، وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "نظراً لحاجة المتهمين..... و..... إلى المال ورغبتهما في الحصول عليه وبدلاً من البحث عن طريق شريف يمكنهما من بلوغ مقصدهما فقد سلكا طريق الغواية والشر وبدأت محاور فكرهما تتلمس المال أنى يكون حتى ولو عن طريق الغدر والفتك بالأبرياء وسفك الدماء، فانعقد تفكيرهما واستقر رأيهما على ذلك وانتويا إزهاق روح المجني عليها...... خالة المتهم الأول المقيمة بمفردها بشارع الخضيري المتفرع من شارع البلدية ببلبيس والتي تستضيف معها الطفلين..... وشقيقته...... أولاد ابنتها، حتى يتمكنا من سرقة ما لديها من نقود أو مصاغ تتحلى به فبيتا النية على قتلها وعقدا العزم على ذلك في هدوء وروية وأعدا العدة لتنفيذ ما عقدا العزم عليه من إعداد أداة قاتلة تتمثل في آلة صلبة حادة "مطواة" ورسما خطة التنفيذ فسلم المتهم الأول..... المطواة في اليوم السابق على الحادث للمتهم الثاني..... لسنها حتى تحدث القتل على الفور، واتفقا على تنفيذ مخططهما الإجرامي مساء يوم الخميس السابق على يوم الحادث بعد العاشرة مساء حتى يكون الطفلان قد استغرقا في نومهما - وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف فجر يوم الحادث..... توجه المتهم الأول إلى المتهم الثاني في مسكنه وأيقظه من نومه واصطحبه معه لتنفيذ ما عقدا العزم عليه وفي الطريق أخذ المتهم الأول المطواة بعد سنها من المتهم الثاني كما أعد المتهم الأول أيضاً حبلاً أحضره معه للاستعانة به في تنفيذ جريمتهما. وأثناء سيرهما في الطريق إلى حيث تقيم المجني عليها حذر المتهم الأول المتهم الثاني من لمس أي شيء بمسكن المجني عليها أو الإمساك به حتى لا يترك أثراً. وما أن وصلا مسكن المجني عليها حتى طرق المتهم الأول الباب ففتحت له المجني عليها ورحبت به وبضيفه وأكرمت وفادتهما وجهزت لهما مشروب الشاي وأثناء ذلك غافلها المتهم الثاني وأمسك بها لشل حركتها وفاجأها المتهم الأول بتسديد عدة طعنات لها بالمطواة التي أعدها لذلك وبعد أن سقطت على الأرض انهال عليها بقطعة من الحديد عثر عليها بمسكنها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها في الحال وحولتها إلى جثة هامدة. وأثناء تنفيذهما لجريمتهما الشنعاء استيقظ الطفل البريء...... من نومه فلفت المتهم الثاني نظر المتهم الأول إلى وجوب التخلص من هذا الطفل خوفاً من افتضاح أمرهما على يديه، فناداه المتهم الأول وما أن أقبل عليه الطفل البريء حتى أجلسه بجواره على الكنبة وأسرع المتهم الثاني بالإمساك به وانهال عليه طعناً بالمطواة سالفة الذكر قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته في الحال. وبعد أن فرغ المتهمان من قتل المجني عليها وحفيدها قام المتهم الأول بالاستيلاء على قرط المجني عليها الذهبي من أذنيها بقطعة بواسطة المطواة كما استولى على كيس نقودها وفرا هاربين من مكان الحادث حاملين أدوات الجريمة والمسروقات حيث تم التخلص من المطواة بإلقائها في مجرى مياه وقطعة الحديد في بئر ساقية، وأسرعا إلى مسكن المتهم الأول حيث قاما بغسل ملابسهما مما علق بها من دماء المجني عليهما ولم يستطيعا التخلص من تلك المياه خوف افتضاح أمر جريمتهما بواسطة الجيران فبقيت كما هي - ثم توجها إلى فاقوس حيث تقيم شقيقة المتهم الأول وقام المتهم الأول بتسليم والدته القرط الذهبي وطلب منها بيعه بعد أن أخبرها بأنهما عثرا عليه، فباعته للمدعو........ الصائغ بفاقوس وسلمته الثمن وقد دلت تحريات المباحث على المتهمين هما مرتكبا الحادث وبمواجهتهما بما أسفرت عنه التحريات أقرا بارتكابهما للحادث وأرشدا عن مكان إخفائهما للأدوات التي استخدمت في ارتكاب الحادث حيث تم ضبطهما كما أرشدا عن المياه المتخلفة عن غسيل ملابسهما وتم ضبطهما كما أقرا بتسليم القرط المسروق لوالدة المتهم الأول بفاقوس لبيعه وتم ضبطه بإرشادها لدى المدعو...... أحد تجار المصوغات بفاقوس". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهمين أدلة مستمدة من أقوال العقيد...... وكيل مباحث مديرية أمن الشرقية و..... و.... بتحقيقات النيابة العامة وما أقر به المتهمان بتلك التحقيقات وما اعترف به المتهم الأول بجلسة المحاكمة بتاريخ...... ومن ضبط الأدوات المستخدمة في ارتكاب الحادث ومن تصوير الصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات، وقد استظهر الحكم نية القتل في حق المحكوم عليهما وتوافر سبق الإصرار لديهما في قوله "..... أن المحكمة ترى أن نية القتل ثابتة في حق المتهمين ثبوتاً لا ريب فيه من معاناتهما من ضائقة مالية ورغبتهما الشديدة في الحصول على المال بقتل المجني عليها...... والاستيلاء على ما لديها من نقود وما تتحلى به من مصاغ وإعدادهما لذلك آلة صلبة حادة (مطواة) تم سنها مسبقاً لتحدث القتل في الحال ومن التوقيت الذي اختير لارتكاب الحادث ومفاجأتهما المجني عليها وتسديد العديد من الطعنات إلى مواضع متفرقة من جسدهما وفي مقتل فنفذ من الطعنات ثمانية إلى التجويف الصدري وسجل تقرير الصفة التشريحية خطورة تلك الإصابات وجسامتها وأنها في مقتل، ومواصلة التعدي عليها بقطعة من الحديد حتى فاضت روحها إلى بارئها. كما أن هذه النية ثابتة في حق المتهمين أيضاً بالنسبة لقتل المجني عليه...... حيث قررا التخلص منه والإجهاز عليه فور استيقاظه من النوم خوفاً من افتضاح أمرهما على يديه وذلك ثابت من إقرارهما بتحقيقات النيابة العامة ومن اعتراف المتهم الأول أمام المحكمة ومن تعدد الطعنات التي سددت إلى جسده وفي مقتل منه فنفذ معظمها إلى العنق والصدر والبطن وسجل تقرير الصفة التشريحية خطورة تلك الإصابات وجسامتها فأحدثت به الإصابات التي أودت بحياته في الحال. وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فثابت أيضاً من إقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واعتراف المتهم الأول بجلسة المحاكمة من أنهما فكرا وانتويا وخططا ودبرا وجهزا آلة صلبه حادة (مطواة) وقام المتهم الثاني بسنها قبل الحادث بيوم حتى تحدث القتل على الفور وتخيرا وقتاً متأخراً من الليل لمفاجأة المجني عليها وحتى لا تجد من تستغيث به وما أن ظفرا بالمجني عليها حتى أمسك بها المتهم الثاني وانهال عليها المتهم الأول طعناً بالمطواة..." كما دلل الحكم على توافر ظرف الاقتران الوارد في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات بقوله: "وحيث إنه عن ظرف الاقتران فقد ثبت من التعاصر الزمني بين قتل المجني عليها..... وجناية قتل الطفل..... ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهمين لارتكابهما جناية قتل المجني عليها الأولى...... عمداً مع سبق الإصرار مقترنة بجناية قتل المجني عليه الثاني...... عمداً وبقصد تسهيل ارتكاب جنحة سرقة نقود وحلي المجني عليها الأولى وأنزل عليهما العقاب بالمواد 230، 231، 234/ 2، 3، 317/ 1 من قانون العقوبات وبعد إعمال نص المادة 32 من ذلك القانون. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من اطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى مع ذلك الاستنتاج. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليهما، وفي الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقهما وقد ساق لإثباتهما قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما قانوناً،. وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتمييزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في المادة 234 من قانون العقوبات، وأورد الأدلة السائغة على توافره فذلك حسبه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على البطاقة الشخصية للمحكوم عليه الأول....... المرفقة بالمفردات المضمومة أنه من مواليد..... أي أن سنه قد جاوز الثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجرائم المسندة إليه بتاريخ...... ومن ثم فإن العقوبات التي يحكم بها عليه هي المنصوص عليها بمواد الاتهام الخاصة بتلك الجرائم ومنها عقوبة الإعدام وليس العقوبات الواردة بالمادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وكان الحكم المعروض قد أوقع عليه عقوبة الإعدام المبينة بالمادة 234 عقوبات التي دانه بها مع باقي المواد الأخرى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المحكوم عليه...... بمحضر الشرطة المؤرخ 5/ 8/ 1985 وبالمذكرة المقدمة منه بتاريخ 26/ 3/ 1986 والإقرار المنسوب إلى المحكوم عليه الثاني من أن اعتراف الأول كان وليد إكراه مادي وقع عليه من الثاني وأن الأخير هو الذي طعن المجني عليها الأولى بالمطواة بما تتناقض مع اعترافه، إنما هو أمر تال لصدور الحكم المعروض وغير موجه لقضائه ولا يتصل به، وكان المحكوم عليه الأول أو المدافع عنه لم يثر أيهما أمام محكمة الموضوع أي دفاع بشأن هذا الاعتراف، وعلى العكس فقد اعترف بمحضري جلسة المحاكمة المؤرخين......، ...... في حضور المدافع عنه - بارتكابه للجرائم المسندة إليه، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى اعتراف المحكوم عليهما بتحقيق النيابة، واعتراف المحكوم عليه الأول بجلسة المحاكمة فهذا يكفي لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، كما أن لها أن تعول في تكوين معتقدها على قول متهم آخر متى اطمأنت إليها وأن لها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه الأول بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول....
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني..... استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترنة بجناية قتل وكان القصد منها ارتكاب جريمة سرقة فقد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم لم يعمل في حق الطاعن حكم الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون العقوبات على الرغم من أنه أبلغ السلطات عن وقوع الجريمة وأرشد عن الأدوات المستعملة في ارتكابها وعن المتهم الأول وقد أثار هذا الدفاع الجوهري بجلسة المحاكمة ومع ذلك فإن الحكم أغفله ولم يرد عليه إيجاباً أو سلباً، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملاً بالمادة 48 من قانون العقوبات، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك وليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه يشترط في الاعتراف الذي يؤدي إلى إعفاء المتهم من العقوبة وفقاً لنص المادة 48 من قانون العقوبات أن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته، فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فلا يمكن أن ينتج الإعفاء، وإذ كان الثابت بالحكم ومحضر الجلسة أن الطاعن أنكر الاتهام المسند إليه أمام المحكمة ولم يعترف به فإن الحكم لا يكون مخطئاً إذا لم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 سالفة الذكر بالإضافة إلى ما تقدم فإن الفقرة الأخيرة من تلك المادة - لكي يستفيد الجناة من الإعفاء من العقاب - توجب المبادرة بإخبار الحكومة بوجود الاتفاق الجنائي وبمن اشتركوا فيه قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن الجناة المشتركين في الاتفاق، فإذا حصل الإخبار بعد البحث والتفتيش تعين أن يوصل الإخبار فعلاً إلى ضبط الجناة الآخرين، وكان الثابت من مطالعة المفردات المضمومة أنه تم ضبط المتهم الأول...... بدون ثمة إخبار من جانب الطاعن، وإن إقرار الأخير بالجريمة بتحقيق النيابة حدث بعد ضبطه وبعد أن وقعت الجريمة ولم يكن من شأنه تمكين السلطات من التوصل فعلاً إلى ضبط المتهم الآخر. ومن ثم فلا محل لما قاله الطاعن من حقه في الانتفاع بالإعفاء المقرر في المادة 48 من قانون العقوبات لعدم توافر مسوغاته التي قررها القانون ويكون نعيه على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، فإن طعنه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

54-النعي بعدم توافر ظرف الاقتران. لا جدوى منه ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة عن الظروف المشار إليها.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 975

جلسة الأول من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

(150)
الطعن رقم 398 لسنة 58 القضائية

(1) قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال: لتسبيب سائغ في استظهاره في جريمة قتل عمد.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". باعث. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الباعث على الجريمة. ليس من أركانها أو عناصر. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله كلية. لا يقدح في سلامة الحكم.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود ما تطمئن إليه.
مثال.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه.
(7) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
(8) قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل وبين وفاته. نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
(9) عقوبة "العقوبة المبررة". قتل عمد. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى متى أخذ المتهم بجريمة قتل أخرى ثبتت في حقه وأوقع عليه عقوبتها بحسبانها العقوبة الأشد.
(10) قتل عمد. اقتران. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(11) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة. قتل عمد. اقتران.
النعي بعدم توافر ظرف الاقتران. لا جدوى منه ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة عن الظروف المشار إليها.
(12) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(13) محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
مثال.
(14) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إقامة الطاعن دفاعه على نفي وقوع الحادث في المكان الذي وجدت فيه جثث المجني عليهم استناداً إلى ما ثبت من المعاينة من عدم وجود دماء بمكان وقوف السيارة المتواجدين بداخلها. وكذا عدم كفاية العثور على كل الطلقات الفارغة المستعملة في الحادث موضوعي. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(16) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة التي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(17) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود تنازل عن سماعهم.
(18) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
(19) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات. ما دامت مطروحة للبحث أمامها.
استناد المحكمة إلى تقرير طبيب قام بالتشريح ليس طبيباً شرعياً بحسبانه عنصراً من عناصر الدعوى. لا عيب. وإن لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعن في هذا الشأن. ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان.
1 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "..... وقد توافرت نية القتل قبل المتهمين الماثلين من استعمالهم أسلحة نارية مششخنة ذات - سرعة عالية فتاكة بطبيعتها وبتصويبها إلى مواضع قاتلة بالمجني عليهم وإطلاق العديد من الأعيرة النارية عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأصابهم العديد منها بمواضع مختلفة برءوسهم وصدورهم وبطونهم وأطرافهم ولم يتركهم المتهمون إلا وهم جثث هامدة فمنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يقض لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركتهم بالعلاج فتأكدت بذلك رغبة المتهمين في التخلص من المجني عليهم والدافع إلى ذلك وجود خلافات ثأرية سابقة، وكل هذه الظروف المحيطة بالدعوى وتلك الأمارات والمظاهر الخارجية التي أتاها المتهمون تنم عما ضمروه في نفوسهم من انتواء إزهاق روح المجني عليهم" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير أساس.
2 - إن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
5 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان يبين مما أورده الطاعنان في أسباب طعنهما أنها متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين..... و...... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثالث قد أضاف تحديداً لبعض أوصاف الطاعنين وملابسهم أو أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين أو أحدهما بالسيارة أو لم يقرر بذلك الشاهد الثاني أو أن الشاهد الثالث سمع حواراً بين الطاعنين يفيد الإجهاز على المجني عليهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقوا بشأن أنه لم يستند في قضائه إلى ما زاد فيه الشاهد الثالث من أقوال.
6 - حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.
7 - لا يعيب الحكم ولا ينال من سلامته ما استطرد إليه تزيداً من أن تحريات الشرطة عن الحادث لا تخرج عن مضمون ما أدلى به شهود الإثبات بالتحقيقات، إذ أن الحكم لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.
8 - من المقرر أن الحكم إذ استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه سالف الذكر التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان من قصور في هذا الصدد.
9 - بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين كي يستقيم قضاؤه عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانهما بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول.
10 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
11 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرف الاقتران فإنه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من تخلف هذا الظرف.
12 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، كما أن هذه المطاعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
13 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو ندب خبير آخر في الدعوى. فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
14 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنان من دفاع مؤداه أن المجني عليهم لم يقتلوا أو يصابوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو المعاينة من وجود دماء في مكانها مما يهدر أقوال شهود الإثبات وأطرحته في قولها "أما المنازعة في مكان وقوع الحادث بدعوى عدم وجود آثار دماء بمكان وقوف السيارة وعدم كفاية العثور على ثلاثة وعشرين طلقة فارغة بمكان الحادث تدليلاً على وقوعه فيه فإنها منازعة لا تتفق ومنطق الأمور ولا سند لها من الأوراق إذ ثبت بمعاينة الشرطة تحديد مكان السيارة بدقة بموقع الحادث فوق كوبري جنابية القصر بالطريق الترابي المتفرع جزء منه إلى - الشعابنة وآخر إلى الصياد والرحمانية واتجاه السيارة للناحية القبلية، كما ثبت بمعاينة النيابة للسيارة وجود آثار دماء غزيرة بالمقعد الخلفي وعلى الباب الخلفي وهو ما يتمشى مع طبيعة الحادث وسقوط القتلى والمصابين داخل السيارة ولا يعقل أن تملأ دماؤهم المهدرة قواعد كراسي السيارة ثم تسيل إلى خارجها تاركة آثاراً بمكان وقوفها، أما الطلقات الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها ثلاثة وعشرين فهي كافية لارتكاب الحادث وفق تصوير شهود الإثبات وإحداث إصابات المجني عليهم التي لا تتعدى في مجموعها مجموع تلك الطلقات". وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة.
15 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
16 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
17 - للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
18 - لما كان النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
19 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بتقرير طبيب قام بالتشريح ولو لم يكن طبيباً شرعياً بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ولا عليها - من بعد - إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنين في هذا الشأن ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... "طاعن"، (2)...... "طاعن" (3)...... بأنهم أولاً: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية ثمان جنايات أخرى. الأولى: أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الثانية: أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا فيه حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الثالثة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الرابعة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا ذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. الخامسة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. السادسة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. السابعة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصابه إحداها وأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج والثامنة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر أتلفوا عمداً السيارة المبينة الوصف بالتحقيقات المملوكة........ وذلك بأن أطلقوا عليها أعيرة نارية فحدثت بها التلفيات الموصوفة بالتحقيقات. ثانياً: أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة "بنادق" ثالثاً: أحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في الأسلحة النارية المذكورة دون أن يكون مرخصاً لأيهم في حيازة السلاح أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث في...... عملاً بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 234/ 2، 361/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان - الطاعنين بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمقترن بجنايات القتل العمد والشروع فيه والإتلاف وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق كما أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل على توافر نية القتل في حق كل منهما تدليلاً كافياً ودلل على توافر الباعث على القتل بوجود خلافات ثأرية بين عائلتي الطاعنين والمجني عليهم بالرغم من عدم قرابتهم لتلك الأسرة الذي كان القتل ثأراً لمقتل أحدها، وأسند إلى الشاهد الأول وجود كل من...... و....... بالسيارة على خلاف الثابت بالأوراق، كما قصر في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث واكتفى بقوله أنهما شهدا بمضمون ما شهد به الأول على الرغم من اختلاف أقوالهم بشأن وجود الطفلين بالسيارة وأضاف الثالث بعض أوصاف المتهمين وأنه سمع حواراً بين المتهمين بالإجهاز على المجني عليهم، كما لم يورد مضمون التحريات التي استند إليها، ولم يعن ببيان رابطة السببية بين إصابات المجني عليه...... ووفاته من واقع دليل فني، كما أخذ الطاعنين بحكم الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على الرغم من عدم توافر ظرف الاقتران في الواقعة إذ أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين يجمعها سلوك إجرامي واحد بما يخضعها لحكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف الأخرى التي دانهما بها - وعول في قضائه على الدليلين القولي والفني مع ما بينهما من تناقض بشأن موقف الجناة من السيارة واحتمال إصابتهم وعدم وجود نمش بارودي بالسيارة بالرغم من قرب مسافة الإطلاق ولم يندب خبيراً لتحقيق دفاع الطاعنين في هذا الشأن، كما أن دفاع الطاعنين قام على أن المجني عليهم لم يقتلوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو مكان الحادث من الدماء التي كان يتحتم وجودها لو صح تصوير شهود الإثبات وهو ما كان يتعين معه إهدار أقوالهم، وأطرح تصوير الطاعنين في هذا الشأن بما لا يسوغ، هذا إلى أن الثابت من التحقيقات أن أشخاصاً آخرين ثبت وجودهم بمكان الحادث وإصابتهم ومنهم..... واتهامه لآخرين غير الطاعنين بل ونفيه لوجودهم في ذات المكان ولم يعرض الحكم لهذه الواقعة مع جوهريتها، فضلاً عن أن المحكمة لم تستمع إلى شهود الإثبات بالرغم من تقديرها لجدية طلب سماعهم وتأجيل الدعوى لإعلانهم - وأخيراً فإن الذي قام بتشريح الجثث ليس طبيباً شرعياً وإنما تم عن طريق أحد الأطباء غير الشرعيين. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "...... وقد توافرت نية القتل قبل المتهمين الماثلين من استعمالهم أسلحة نارية مششخنة ذات - سرعة عالية فتاكة بطبيعتها وبتصويبها إلى مواضع قاتلة بالمجني عليهم وإطلاق العديد من الأعيرة النارية عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأصابهم العديد منها بمواضع مختلفة برءوسهم وصدورهم وبطونهم وأطرافهم ولم يتركهم المتهمون إلا وهم جثث هامدة فمنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يقض لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركتهم بالعلاج فتأكدت بذلك رغبة المتهمين في التخلص من المجني عليهم والدافع إلى ذلك وجود خلافات ثأرية سابقة، وكل هذه الظروف المحيطة بالدعوى وتلك الأمارات والمظاهر الخارجية التي أتاها المتهمون تنم عما ضمروه في نفوسهم من انتواء إزهاق روح المجني عليهم" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير أساس - لما كان ذلك، وكان لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة هو الأخذ بالثأر لمقتل أحد أقارب الطاعنين - على فرض أن الطاعنين لا ينتميان إلى تلك الأسرة التي قيل أن الأخذ بالثأر كان لمقتل أحد أفرادها، أو أنه لا توجد ثمة خلافات بين الطاعنين والمجني عليهم - لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين..... و..... بالسيارة بجوار السائق على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده الحكم من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان يبين مما أورده الطاعنان في أسباب طعنهما إنها متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين..... و....... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثالث قد أضاف تحديداً لبعض أوصاف الطاعنين وملابسهم أو أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين أو أحدهما بالسيارة أو لم يقرر بذلك الشاهد الثاني أو أن الشاهد الثالث سمع حواراً بين الطاعنين يفيد الإجهاز على المجني عليهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقوا بشأن أنه لم يستند في قضائه إلى ما زاد فيه الشاهد الثالث من أقوال طالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها، كما لا يعيب الحكم ولا ينال من سلامته ما استطرد إليه تزيداً من أن تحريات الشرطة عن الحادث لا تخرج عن مضمون ما أدلى به شهود الإثبات بالتحقيقات، إذ أن الحكم لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة من بينهما ما جاء بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المطولة وقد نقل عنها بالنسبة للمجني عليه..... أن به الإصابات الحيوية الحديثة الآتية: 1 - جرح ناري ميزاني الشكل بالجهة الوحشية لمنتصف الساعد الأيمن. 2 - سحج ناري بالجهة الوحشية أسفل الساعد الأيمن. 3 - فتحة دخول مقذوف ناري أسفل النثور الحرقفى الأمامي الأيمن. 4 - جرح ناري محاط بغرز جراحية حوالي عشرة سهم بالجهة اليسرى من البطن 5 - جرح ناري من الجهة اليمنى للبطن أسفل السرة. 6 - جرح ناري أسفل الفخذ الأيسر. 7 - جرح ناري بالركبة اليسرى. 8 - جرح ناري بالجهة الانسية لأعلى سمانة الساعد الأيسر. 9 - جرح ناري متهتك بالجهة الانسية للقدم الأيسر مع كسر بالمشطية الأولى. 10 - جرح ناري فتحة دخول أعلى الركبة اليمنى. 11 - جرح ناري فتحة خروج أسفل الساق بحوالي 2 سم وأورد الحكم عند بيانه لصورة الواقعة ما نصه: "...... واقترن بذلك أن أحدثوا بكل من.... و.... و...... الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم" وكان الواضح من مدونات الحكم فيما تقدم بيانه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه سالف الذكر التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان من قصور في هذا الصدد - هذا إلى أنه بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين كي يستقيم قضاؤه عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانهما بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول - لما كان ذلك وكان الثابت من - مدونات الحكم المطعون فيه أنه تحدث عن توافر ظروف الاقتران في قوله وحيث إن الثابت فيما تقدم من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهمين بعد أن ارتكبوا فعل قتل المجني عليه...... صرعوا أيضاً...... ثم أصابوا كلاً من..... و...... وهو طفل في عمر الزهور بإصابات لم يفلح علاجهما منها وأودت إلى وفاتهما بالمستشفى ثم واصل المتهمون في إطلاق الأعيرة النارية على السيارة التي كانت تقل المجني عليهم فأصابوا أيضاً كلاً من...... و...... و...... و...... بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المطولة بقصد قتلهم وقد نتج عن الأعيرة النارية التي أطلقوها أن أتلفوا عمداً السيارة التي كان يستقلها المجني عليه والمملوكة لـ...... مما ترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر ومن ثم يكون المتهمون قد ارتكبوا تسعة أفعال مستقلة متميزة عن الأخرى بيد أن الثابت بالأوراق أن جرائم قتل...... و...... و...... و...... والشروع في قتل كلاً من...... و...... و...... و...... وإتلاف السيارة قد وقعت جميعها معاصرة لجريمة قتل...... ومقترنة بها مما يتعين معه تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات على هذه الجرائم إذ ورد حكم هذه الفقرة على سبيل الاستثناء بالمخالفة للقواعد العامة فيجب مراعاة تطبيقها دون غيرها من النصوص الأخرى" فإن ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون ويتحقق به معنى الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، ذلك أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة المشار إليها أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض - فضلاً عن ذلك فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرف الاقتران فإنه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من تخلف هذا الظرف - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان من عدم إمكان حدوث الواقعة وفق تصوير الشهود بغير أن يصاب الضاربون وعدم وجود نمش بارودي وأطرحه في قوله "وأما عدم إصابة المتهمين بعضهم لبعض وهم يطلقون الأعيرة النارية على السيارة وهم في مواضع مواجهة فإن التصوير الحقيقي لمواقعهم أثناء الإطلاق حسبما ثبت بأقوال الشهود ومعاينة النيابة أن أحدهم كان يطلق على السيارة من أمامها وهو لا يصيب أياً من - باقي المتهمين لأنه ليس في مواجهة أحدهما، وأما المتهمان الآخران فكانا يطلقان النار على السيارة من جانبيها من الأمام، وإذ كان الثابت بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المطولة للمجني عليهم أن الضاربين على يمين ويسار المضروبين ومن أمامهم وأن مسار الإصابات من أعلى إلى أسفل فمعنى ذلك أنهما لم يكوناً في المواجهة بحيث تصيب رصاصات كل منهما الآخر وإنما كان على جانبي السيارة وكل منهما يطلق وهو منحرف بوجهته ما أمامها نحوها بحيث تلتقي رصاصاتهما في مكان واحد هو أسفل تلك السيارة الممتلئة بالمجني عليهم أما القول بعدم وجود نمش بارودي على السيارة فإن الثابت بالتقارير الفنية بالأوراق أن الإطلاق جميعه على - مسافة تزيد عن نصف متر وهو ما يجاوز الإطلاق القريب وليس بالأوراق ما يشير إلى أن تلك المسافة تقل إلى الحد الذي تترك معه نمش بارودي على السيارة" وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً فإن ما يثيره الطاعنان بوجه طعنهما في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها ومن الحكم المطعون فيه أن الأوراق جميعاً قد خلت مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، كما أن هذه المطاعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض - وفضلاً عن ذلك فإنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو ندب خبير آخر في الدعوى. فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنان من دفاع مؤداه أن المجني عليهم لم يقتلوا أو يصابوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو المعاينة من وجود دماء في مكانها مما يهدر أقوال شهود الإثبات وأطرحته في قولها "أما المنازعة في مكان وقوع الحادث بدعوى عدم وجود آثار دماء بمكان وقوف السيارة وعدم كفاية العثور على ثلاثة وعشرين طلقة فارغة بمكان الحادث تدليلاً على وقوعه فيه فإنها منازعة لا تتفق ومنطق الأمور ولا سند لها من الأوراق إذ ثبت بمعاينة الشرطة تحديد مكان السيارة بدقة بموقع الحادث فوق كوبري جنابية القصر بالطريق الترابي المتفرع جزء منه إلى الشعابنة وآخر إلى الصياد والرحمانية واتجاه السيارة للناحية القبلية، كما ثبت بمعاينة النيابة للسيارة وجود آثار دماء غزيرة بالمقعد الخلفي وعلى الباب الخلفي وهو ما يتمشى مع طبيعة الحادث وسقوط القتلى والمصابين داخل السيارة ولا يعقل أن تملأ دماؤهم المهدرة قواعد كراسي السيارة ثم تسيل إلى خارجها تاركة آثاراً بمكان وقوفها، أما الطلقات الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها ثلاثة وعشرين فهي كافية لارتكاب الحادث وفق تصوير شهود الإثبات وإحداث إصابات المجني عليهم التي لا تتعدى في مجموعها مجموع تلك الطلقات". وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة، لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة قررت بجلسة...... إعلان الشهود، وبجلسة....... طلب المدافع عن المتهمين التأجيل لمناقشة الشهود وتوالت التأجيلات وبجلسة المحاكمة قرر الدفاع عن المتهمين بالاكتفاء بأقوال الشهود المدونة بالتحقيقات ثم ترافع في موضوع الدعوى مطالباً ببراءة الطاعنين ومن ثم فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع هؤلاء الشهود، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم - هذا فضلاً عن أنه لما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بتقرير طبيب قام بالتشريح ولو لم يكن طبيباً شرعياً بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ولا عليها - من بعد إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنين في هذا الشأن ما دام أنه دفع ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

53-عقوبة المادة2342 عقوبات يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 975

جلسة الأول من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

(150)
الطعن رقم 398 لسنة 58 القضائية

(1) قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال: لتسبيب سائغ في استظهاره في جريمة قتل عمد.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". باعث. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الباعث على الجريمة. ليس من أركانها أو عناصر. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله كلية. لا يقدح في سلامة الحكم.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(5) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود ما تطمئن إليه.
مثال.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه.
(7) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
(8) قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل وبين وفاته. نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية. لا قصور.
(9) عقوبة "العقوبة المبررة". قتل عمد. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى متى أخذ المتهم بجريمة قتل أخرى ثبتت في حقه وأوقع عليه عقوبتها بحسبانها العقوبة الأشد.
(10) قتل عمد. اقتران. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(11) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة. قتل عمد. اقتران.
النعي بعدم توافر ظرف الاقتران. لا جدوى منه ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة عن الظروف المشار إليها.
(12) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(13) محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
مثال.
(14) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إقامة الطاعن دفاعه على نفي وقوع الحادث في المكان الذي وجدت فيه جثث المجني عليهم استناداً إلى ما ثبت من المعاينة من عدم وجود دماء بمكان وقوف السيارة المتواجدين بداخلها. وكذا عدم كفاية العثور على كل الطلقات الفارغة المستعملة في الحادث موضوعي. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(16) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حسب الحكم إيراد الأدلة المنتجة التي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(17) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود تنازل عن سماعهم.
(18) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
(19) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات. ما دامت مطروحة للبحث أمامها.
استناد المحكمة إلى تقرير طبيب قام بالتشريح ليس طبيباً شرعياً بحسبانه عنصراً من عناصر الدعوى. لا عيب. وإن لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعن في هذا الشأن. ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان.
1 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "..... وقد توافرت نية القتل قبل المتهمين الماثلين من استعمالهم أسلحة نارية مششخنة ذات - سرعة عالية فتاكة بطبيعتها وبتصويبها إلى مواضع قاتلة بالمجني عليهم وإطلاق العديد من الأعيرة النارية عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأصابهم العديد منها بمواضع مختلفة برءوسهم وصدورهم وبطونهم وأطرافهم ولم يتركهم المتهمون إلا وهم جثث هامدة فمنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يقض لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركتهم بالعلاج فتأكدت بذلك رغبة المتهمين في التخلص من المجني عليهم والدافع إلى ذلك وجود خلافات ثأرية سابقة، وكل هذه الظروف المحيطة بالدعوى وتلك الأمارات والمظاهر الخارجية التي أتاها المتهمون تنم عما ضمروه في نفوسهم من انتواء إزهاق روح المجني عليهم" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير أساس.
2 - إن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
5 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان يبين مما أورده الطاعنان في أسباب طعنهما أنها متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين..... و...... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثالث قد أضاف تحديداً لبعض أوصاف الطاعنين وملابسهم أو أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين أو أحدهما بالسيارة أو لم يقرر بذلك الشاهد الثاني أو أن الشاهد الثالث سمع حواراً بين الطاعنين يفيد الإجهاز على المجني عليهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقوا بشأن أنه لم يستند في قضائه إلى ما زاد فيه الشاهد الثالث من أقوال.
6 - حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.
7 - لا يعيب الحكم ولا ينال من سلامته ما استطرد إليه تزيداً من أن تحريات الشرطة عن الحادث لا تخرج عن مضمون ما أدلى به شهود الإثبات بالتحقيقات، إذ أن الحكم لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.
8 - من المقرر أن الحكم إذ استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه سالف الذكر التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان من قصور في هذا الصدد.
9 - بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين كي يستقيم قضاؤه عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانهما بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول.
10 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
11 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرف الاقتران فإنه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من تخلف هذا الظرف.
12 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، كما أن هذه المطاعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
13 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو ندب خبير آخر في الدعوى. فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
14 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنان من دفاع مؤداه أن المجني عليهم لم يقتلوا أو يصابوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو المعاينة من وجود دماء في مكانها مما يهدر أقوال شهود الإثبات وأطرحته في قولها "أما المنازعة في مكان وقوع الحادث بدعوى عدم وجود آثار دماء بمكان وقوف السيارة وعدم كفاية العثور على ثلاثة وعشرين طلقة فارغة بمكان الحادث تدليلاً على وقوعه فيه فإنها منازعة لا تتفق ومنطق الأمور ولا سند لها من الأوراق إذ ثبت بمعاينة الشرطة تحديد مكان السيارة بدقة بموقع الحادث فوق كوبري جنابية القصر بالطريق الترابي المتفرع جزء منه إلى - الشعابنة وآخر إلى الصياد والرحمانية واتجاه السيارة للناحية القبلية، كما ثبت بمعاينة النيابة للسيارة وجود آثار دماء غزيرة بالمقعد الخلفي وعلى الباب الخلفي وهو ما يتمشى مع طبيعة الحادث وسقوط القتلى والمصابين داخل السيارة ولا يعقل أن تملأ دماؤهم المهدرة قواعد كراسي السيارة ثم تسيل إلى خارجها تاركة آثاراً بمكان وقوفها، أما الطلقات الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها ثلاثة وعشرين فهي كافية لارتكاب الحادث وفق تصوير شهود الإثبات وإحداث إصابات المجني عليهم التي لا تتعدى في مجموعها مجموع تلك الطلقات". وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة.
15 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
16 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
17 - للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
18 - لما كان النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
19 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بتقرير طبيب قام بالتشريح ولو لم يكن طبيباً شرعياً بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ولا عليها - من بعد - إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنين في هذا الشأن ما دام أنه دفاع ظاهر البطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... "طاعن"، (2)...... "طاعن" (3)...... بأنهم أولاً: قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية ثمان جنايات أخرى. الأولى: أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الثانية: أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا فيه حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الثالثة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. الرابعة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا ذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. الخامسة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. السادسة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. السابعة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية مششخنة وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأصابه إحداها وأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج والثامنة: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر أتلفوا عمداً السيارة المبينة الوصف بالتحقيقات المملوكة........ وذلك بأن أطلقوا عليها أعيرة نارية فحدثت بها التلفيات الموصوفة بالتحقيقات. ثانياً: أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة "بنادق" ثالثاً: أحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في الأسلحة النارية المذكورة دون أن يكون مرخصاً لأيهم في حيازة السلاح أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث في...... عملاً بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 234/ 2، 361/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

 

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان - الطاعنين بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمقترن بجنايات القتل العمد والشروع فيه والإتلاف وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق كما أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل على توافر نية القتل في حق كل منهما تدليلاً كافياً ودلل على توافر الباعث على القتل بوجود خلافات ثأرية بين عائلتي الطاعنين والمجني عليهم بالرغم من عدم قرابتهم لتلك الأسرة الذي كان القتل ثأراً لمقتل أحدها، وأسند إلى الشاهد الأول وجود كل من...... و....... بالسيارة على خلاف الثابت بالأوراق، كما قصر في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث واكتفى بقوله أنهما شهدا بمضمون ما شهد به الأول على الرغم من اختلاف أقوالهم بشأن وجود الطفلين بالسيارة وأضاف الثالث بعض أوصاف المتهمين وأنه سمع حواراً بين المتهمين بالإجهاز على المجني عليهم، كما لم يورد مضمون التحريات التي استند إليها، ولم يعن ببيان رابطة السببية بين إصابات المجني عليه...... ووفاته من واقع دليل فني، كما أخذ الطاعنين بحكم الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على الرغم من عدم توافر ظرف الاقتران في الواقعة إذ أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين يجمعها سلوك إجرامي واحد بما يخضعها لحكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف الأخرى التي دانهما بها - وعول في قضائه على الدليلين القولي والفني مع ما بينهما من تناقض بشأن موقف الجناة من السيارة واحتمال إصابتهم وعدم وجود نمش بارودي بالسيارة بالرغم من قرب مسافة الإطلاق ولم يندب خبيراً لتحقيق دفاع الطاعنين في هذا الشأن، كما أن دفاع الطاعنين قام على أن المجني عليهم لم يقتلوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو مكان الحادث من الدماء التي كان يتحتم وجودها لو صح تصوير شهود الإثبات وهو ما كان يتعين معه إهدار أقوالهم، وأطرح تصوير الطاعنين في هذا الشأن بما لا يسوغ، هذا إلى أن الثابت من التحقيقات أن أشخاصاً آخرين ثبت وجودهم بمكان الحادث وإصابتهم ومنهم..... واتهامه لآخرين غير الطاعنين بل ونفيه لوجودهم في ذات المكان ولم يعرض الحكم لهذه الواقعة مع جوهريتها، فضلاً عن أن المحكمة لم تستمع إلى شهود الإثبات بالرغم من تقديرها لجدية طلب سماعهم وتأجيل الدعوى لإعلانهم - وأخيراً فإن الذي قام بتشريح الجثث ليس طبيباً شرعياً وإنما تم عن طريق أحد الأطباء غير الشرعيين. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله "...... وقد توافرت نية القتل قبل المتهمين الماثلين من استعمالهم أسلحة نارية مششخنة ذات - سرعة عالية فتاكة بطبيعتها وبتصويبها إلى مواضع قاتلة بالمجني عليهم وإطلاق العديد من الأعيرة النارية عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأصابهم العديد منها بمواضع مختلفة برءوسهم وصدورهم وبطونهم وأطرافهم ولم يتركهم المتهمون إلا وهم جثث هامدة فمنهم من قضى نحبه ومنهم من لم يقض لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركتهم بالعلاج فتأكدت بذلك رغبة المتهمين في التخلص من المجني عليهم والدافع إلى ذلك وجود خلافات ثأرية سابقة، وكل هذه الظروف المحيطة بالدعوى وتلك الأمارات والمظاهر الخارجية التي أتاها المتهمون تنم عما ضمروه في نفوسهم من انتواء إزهاق روح المجني عليهم" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير أساس - لما كان ذلك، وكان لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة هو الأخذ بالثأر لمقتل أحد أقارب الطاعنين - على فرض أن الطاعنين لا ينتميان إلى تلك الأسرة التي قيل أن الأخذ بالثأر كان لمقتل أحد أفرادها، أو أنه لا توجد ثمة خلافات بين الطاعنين والمجني عليهم - لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين..... و..... بالسيارة بجوار السائق على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده الحكم من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان يبين مما أورده الطاعنان في أسباب طعنهما إنها متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين..... و....... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثالث قد أضاف تحديداً لبعض أوصاف الطاعنين وملابسهم أو أن الشاهد الأول لم يقرر بوجود الطفلين أو أحدهما بالسيارة أو لم يقرر بذلك الشاهد الثاني أو أن الشاهد الثالث سمع حواراً بين الطاعنين يفيد الإجهاز على المجني عليهم - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقوا بشأن أنه لم يستند في قضائه إلى ما زاد فيه الشاهد الثالث من أقوال طالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها، كما لا يعيب الحكم ولا ينال من سلامته ما استطرد إليه تزيداً من أن تحريات الشرطة عن الحادث لا تخرج عن مضمون ما أدلى به شهود الإثبات بالتحقيقات، إذ أن الحكم لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الاستدلال ما دام أنه أقام قضاءه بثبوت الجريمة على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة سائغة من بينهما ما جاء بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المطولة وقد نقل عنها بالنسبة للمجني عليه..... أن به الإصابات الحيوية الحديثة الآتية: 1 - جرح ناري ميزاني الشكل بالجهة الوحشية لمنتصف الساعد الأيمن. 2 - سحج ناري بالجهة الوحشية أسفل الساعد الأيمن. 3 - فتحة دخول مقذوف ناري أسفل النثور الحرقفى الأمامي الأيمن. 4 - جرح ناري محاط بغرز جراحية حوالي عشرة سهم بالجهة اليسرى من البطن 5 - جرح ناري من الجهة اليمنى للبطن أسفل السرة. 6 - جرح ناري أسفل الفخذ الأيسر. 7 - جرح ناري بالركبة اليسرى. 8 - جرح ناري بالجهة الانسية لأعلى سمانة الساعد الأيسر. 9 - جرح ناري متهتك بالجهة الانسية للقدم الأيسر مع كسر بالمشطية الأولى. 10 - جرح ناري فتحة دخول أعلى الركبة اليمنى. 11 - جرح ناري فتحة خروج أسفل الساق بحوالي 2 سم وأورد الحكم عند بيانه لصورة الواقعة ما نصه: "...... واقترن بذلك أن أحدثوا بكل من.... و.... و...... الإصابات الواردة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم" وكان الواضح من مدونات الحكم فيما تقدم بيانه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه سالف الذكر التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان من قصور في هذا الصدد - هذا إلى أنه بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين كي يستقيم قضاؤه عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والإتلاف العمدي الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانهما بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول - لما كان ذلك وكان الثابت من - مدونات الحكم المطعون فيه أنه تحدث عن توافر ظروف الاقتران في قوله وحيث إن الثابت فيما تقدم من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهمين بعد أن ارتكبوا فعل قتل المجني عليه...... صرعوا أيضاً...... ثم أصابوا كلاً من..... و...... وهو طفل في عمر الزهور بإصابات لم يفلح علاجهما منها وأودت إلى وفاتهما بالمستشفى ثم واصل المتهمون في إطلاق الأعيرة النارية على السيارة التي كانت تقل المجني عليهم فأصابوا أيضاً كلاً من...... و...... و...... و...... بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المطولة بقصد قتلهم وقد نتج عن الأعيرة النارية التي أطلقوها أن أتلفوا عمداً السيارة التي كان يستقلها المجني عليه والمملوكة لـ...... مما ترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر ومن ثم يكون المتهمون قد ارتكبوا تسعة أفعال مستقلة متميزة عن الأخرى بيد أن الثابت بالأوراق أن جرائم قتل...... و...... و...... و...... والشروع في قتل كلاً من...... و...... و...... و...... وإتلاف السيارة قد وقعت جميعها معاصرة لجريمة قتل...... ومقترنة بها مما يتعين معه تطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات على هذه الجرائم إذ ورد حكم هذه الفقرة على سبيل الاستثناء بالمخالفة للقواعد العامة فيجب مراعاة تطبيقها دون غيرها من النصوص الأخرى" فإن ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون ويتحقق به معنى الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات، ذلك أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة المشار إليها أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وغيرها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه فلا يجوز إثارة الجدل في ذلك أمام محكمة النقض - فضلاً عن ذلك فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة لأي من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرف الاقتران فإنه لا يكون لهما مصلحة فيما أثاراه من تخلف هذا الظرف - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعنان من عدم إمكان حدوث الواقعة وفق تصوير الشهود بغير أن يصاب الضاربون وعدم وجود نمش بارودي وأطرحه في قوله "وأما عدم إصابة المتهمين بعضهم لبعض وهم يطلقون الأعيرة النارية على السيارة وهم في مواضع مواجهة فإن التصوير الحقيقي لمواقعهم أثناء الإطلاق حسبما ثبت بأقوال الشهود ومعاينة النيابة أن أحدهم كان يطلق على السيارة من أمامها وهو لا يصيب أياً من - باقي المتهمين لأنه ليس في مواجهة أحدهما، وأما المتهمان الآخران فكانا يطلقان النار على السيارة من جانبيها من الأمام، وإذ كان الثابت بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية المطولة للمجني عليهم أن الضاربين على يمين ويسار المضروبين ومن أمامهم وأن مسار الإصابات من أعلى إلى أسفل فمعنى ذلك أنهما لم يكوناً في المواجهة بحيث تصيب رصاصات كل منهما الآخر وإنما كان على جانبي السيارة وكل منهما يطلق وهو منحرف بوجهته ما أمامها نحوها بحيث تلتقي رصاصاتهما في مكان واحد هو أسفل تلك السيارة الممتلئة بالمجني عليهم أما القول بعدم وجود نمش بارودي على السيارة فإن الثابت بالتقارير الفنية بالأوراق أن الإطلاق جميعه على - مسافة تزيد عن نصف متر وهو ما يجاوز الإطلاق القريب وليس بالأوراق ما يشير إلى أن تلك المسافة تقل إلى الحد الذي تترك معه نمش بارودي على السيارة" وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً فإن ما يثيره الطاعنان بوجه طعنهما في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها ومن الحكم المطعون فيه أن الأوراق جميعاً قد خلت مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، كما أن هذه المطاعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض - وفضلاً عن ذلك فإنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو ندب خبير آخر في الدعوى. فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنان من دفاع مؤداه أن المجني عليهم لم يقتلوا أو يصابوا حيث وجدت جثثهم بدليل خلو المعاينة من وجود دماء في مكانها مما يهدر أقوال شهود الإثبات وأطرحته في قولها "أما المنازعة في مكان وقوع الحادث بدعوى عدم وجود آثار دماء بمكان وقوف السيارة وعدم كفاية العثور على ثلاثة وعشرين طلقة فارغة بمكان الحادث تدليلاً على وقوعه فيه فإنها منازعة لا تتفق ومنطق الأمور ولا سند لها من الأوراق إذ ثبت بمعاينة الشرطة تحديد مكان السيارة بدقة بموقع الحادث فوق كوبري جنابية القصر بالطريق الترابي المتفرع جزء منه إلى الشعابنة وآخر إلى الصياد والرحمانية واتجاه السيارة للناحية القبلية، كما ثبت بمعاينة النيابة للسيارة وجود آثار دماء غزيرة بالمقعد الخلفي وعلى الباب الخلفي وهو ما يتمشى مع طبيعة الحادث وسقوط القتلى والمصابين داخل السيارة ولا يعقل أن تملأ دماؤهم المهدرة قواعد كراسي السيارة ثم تسيل إلى خارجها تاركة آثاراً بمكان وقوفها، أما الطلقات الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها ثلاثة وعشرين فهي كافية لارتكاب الحادث وفق تصوير شهود الإثبات وإحداث إصابات المجني عليهم التي لا تتعدى في مجموعها مجموع تلك الطلقات". وهو قول يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة، لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة قررت بجلسة...... إعلان الشهود، وبجلسة....... طلب المدافع عن المتهمين التأجيل لمناقشة الشهود وتوالت التأجيلات وبجلسة المحاكمة قرر الدفاع عن المتهمين بالاكتفاء بأقوال الشهود المدونة بالتحقيقات ثم ترافع في موضوع الدعوى مطالباً ببراءة الطاعنين ومن ثم فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع هؤلاء الشهود، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم استناده إلى تقرير صفة تشريحية بمعرفة أحد الأطباء من غير الأطباء الشرعيين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ومن ثم فإنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم - هذا فضلاً عن أنه لما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة - وقد أجرت النيابة تحقيق الواقعة بوصفها جناية فتحقق بذلك ما يشترطه القانون في مواد الجنايات من إيجاب تحقيقها قبل المحاكمة - إن هي أخذت بتقرير طبيب قام بالتشريح ولو لم يكن طبيباً شرعياً بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ولا عليها - من بعد إن هي لم تعرض في حكمها لدفاع الطاعنين في هذا الشأن ما دام أنه دفع ظاهر البطلان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

52-عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينها. المصاحبة الزمنية. مقتضاها. تقدير تحققها. موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 44 - صـ 296

جلسة 21 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة وسمير مصطفى.

(39)
الطعن رقم 11023 لسنة 61 القضائية

(1) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاص توافره. موضوعي.
(2) قتل عمد. اقتران. ظروف مشددة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات يكفي لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها. وقيام المصاحبة الزمنية بينها.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟ تقدير تحققها. موضوعي.
(3) نقض "أثر نقض الحكم". محكمة الإعادة "سلطتها".
نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض؟
حق محكمة الإعادة أن تستند في قضائها إلى الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى وأن تورد في حكمها الأسباب التي أخذها الحكم المنقوض أسباباً لحكمها ما دامت تصلح لذلك.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب غير الجازم هو الطلب الذي لم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته.
(5) إثبات "اعتراف" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف".
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه. شرط ذلك؟ عدم التزام المحكمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره. لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه كما كشف عنها.
1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "إن عقب وصول خطاب من المجني عليها الأولى بإنهاء العلاقة القائمة بينهما، بعد أن شاهدها في اليوم السابق تسير مع آخر توجه إلى مسكنه وأعد سلاحه وحشاه بالطلقات وجمع ما تبقى منها ووضعها في جيبه وأخفى سلاحه في طيات ملابسه وتوجه إلى مسكن المجني عليها بعد أن تأكد من انصراف أشقاء المجني عليها الأولى لعملهم وأثناء المعاتبة الشفوية أخرج مسدسه وهو سلاح قاتل بطبيعته وأمطر المجني عليها بعدة طلقات تبين من التقرير الطبي الشرعي أن المجني عليها الأولى قد أصابتها ثلاثة منها كما أصاب المجني عليها الثانية ستة طلقات منفردة........ وإزاء ما قررته الشاهدة الأولى من أن المجني عليها لم يبد منها ما يدفع الطاعن لذلك وإن كان يضربها ضرب موت" وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع. وكان الحكم حين تحدث عن الاقتران أورد في ذلك قوله "وكان ما قام به المتهم من أفعال من إطلاق أعيرة نارية على المجني عليها الأولى قاصداً من ذلك قتلها ومن ثم فإن جريمة القتل العمد قد توافرت في حقه، وما وقع منه إطلاق أعيرة نارية على المجني عليها الثانية إنما يتوافر به ظرف الاقتران لوقوع الجريمتين من زمن واحد ومكان واحد وبفعل مادي مستقل لكل جريمة الأمر الذي يتحقق به الاقتران المنصوص عليه في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يوفر أركان جناية القتل العمد المقترن كما هي معرفة به في القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
3 - من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم الغيابي بل ولها أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
4 - لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلستي 24 نوفمبر سنة 1990، 9 مارس سنة 1991 استدعاء أحد أطباء الأمراض النفسية، إلا أنه لم يعود إلى التحدث في طلبه هذا في مرافعته بجلسة 21 إبريل سنة 1991 إذ قصر في هذه الجلسة على طلب استعمال الرأفة فيكون الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع والمحكمة في ذلك ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمد...... بأن أطلق عليها عدة أعيرة نارية من سلاحه الأميري قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً...... بأن أطلق عليها عدة أعيرة نارية من السلاح سالف الذكر قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها - وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة 59 القضائية. ومحكمة النقض قضت أولاً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً. بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد مشكلة من دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بهيئة أخرى قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن ما ساقه الحكم في بيان نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها كما أن ما أورده في مدوناته لا يشير إلى توافر الاقتران المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. كما أن الحكم استند في طرح دفعه بإصابة الطاعن بالجنون إلى إجراء تساند إليه قضاء الحكم المنقوض فضلاً عن التفات الحكم عما أثاره الدفاع بجنون الطاعن وقت الحادث فضلاً عن أن ما عده الحكم اعترافاً من الطاعن بالجريمة لا يعدو اعترافاً سيما وأن الطاعن أنكر التهمة أمام المحكمة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن وتقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة. وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم مما يضمره في نفسه. واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "إن عقب وصول خطاب من المجني عليها الأولى بإنهاء العلاقة القائمة بينهما، بعد أن شاهدها في اليوم السابق تسير مع آخر توجه إلى مسكنه وأعد سلاحه وحشاه بالطلقات وجمع ما تبقى منها ووضعها في جيبه وأخفى سلاحه في طليات ملابسه وتوجه إلى مسكن المجني عليها بعد أن تأكد من انصراف أشقاء المجني عليها الأولى لعملهم وأثناء المعاتبة الشفوية أخرج مسدسه وهو سلاح قاتل بطبيعته وأمطر المجني عليها بعدة طلقات تبين من التقرير الطبي الشرعي أن المجني عليها الأولى قد أصابتها ثلاثة منها كما أصاب المجني عليها الثانية ستة طلقات منفردة..... وإزاء ما قررته الشاهدة الأولى من أن المجني عليها لم يبد منها ما يدفع الطاعن لذلك وإن كان يضربها ضرب موت". وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع. وكان الحكم حين تحدث عن الاقتران أورد في ذلك قوله "وكان ما قام به المتهم من أفعال من إطلاق أعيرة نارية على المجني عليها الأولى قاصداً من ذلك قتلها ومن ثم فإن جريمة القتل العمد قد توافرت في حقه، وما وقع منه إطلاق أعيرة نارية على المجني عليها الثانية إنما يتوافر به ظرف الاقتران لوقوع الجريمتين من زمن واحد ومكان واحد وبفعل مادي مستقل لكل جريمة الأمر الذي يتحقق به الاقتران المنصوص عليه في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يوفر أركان جناية القتل العمد المقترن كما هي معرفة به في القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم الغيابي بل ولها أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن كان قد طلب بجلستي 24 نوفمبر سنة 1990، 9 مارس سنة 1991 استدعاء أحد أطباء الأمراض النفسية، إلا أنه لم يعود إلى التحدث في طلبه هذا في مرافعته بجلسة 21 إبريل سنة 1991 إذ قصر في هذه الجلسة على طلب استعمال الرأفة فيكون الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن بقالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد اعتراف الطاعن بقوله "بسؤال المتهم بالتحقيقات اعترف بارتكابه الحادث وأنه توجه إلى مسكن المجني عليها حيث أطلق عليها عدة أعيرة نارية عقب عتاب ومشادة حدثت بينهم وأنه بعد أن فرغت الطلقات حاول إعادة تعمير المسدس مرة أخرى وأضاف أن سلاحه الحكومي المضبوط هو الذي ارتكب به الحادث" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع والمحكمة في ذلك ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الاعتراف الذي أخذ به الطاعن ورد نصاً في الاعتراف بالجريمة وقد أطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ولم تعتد المحكمة بإنكاره استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها متى كان ذلك فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل وهو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. متى كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يتعين الحكم برفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

51-النعى بعدم توافر ظرف الاقتران. غير مجد. ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعنة تدخل فى الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من الظروف.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - ص 793

جلسة 21 من ديسمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، على سليمان وربيع شحاته نواب رئيس المحكمة.

(110)
الطعن رقم 43595 لسنة 75 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. سبق إصرار.
عدم رسم القانون شكلاً خاصًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة فى جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.
(2) إثبات "بوجه عام" "معاينة" "قرائن". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص محضر المعاينة بكامل أجزائه. لا ينال من سلامته.
استناد الحكم المطعون فيه إلى ما جاء بالمعاينة التصويرية كقرينة معززة للأدلة الأخرى التى بنى عليها قضاءه. لا يعيبه. ما دام لم يتخذ من نتيجتها دليلاً أساسيًا على ثبوت الاتهام.
(3) إثبات "اعتراف". حكم "بيانات حكم الإدانة" "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
إحالة الحكم فى بيان مضمون اعتراف المتهم إلى ما حصله من اعتراف متهم آخر. شرطه: أن ينصب على واقعة واحدة وألا يوجد خلاف بينهما.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
مثال.
(4) إثبات "اعتراف". إكراه. قتل عمد. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات والبحث فيما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه. حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح دفع الطاعن بأن الاعتراف المعزو إليه وليد إكراه.
(5) إثبات "شهود" "خبرة" "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفى الحكم الصلة بين إصابات المتهمين الثانى والثالث واعترافهما. دون أن يستند فى ذلك إلى دليل فنى. لا يعيبه. ما دام قد عول فى بيان حدوثها على أقوال المتهمين ذاتها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير أقوال الشهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟
(7) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. موضوعى. المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. غير مقبولة.
(8) جريمة "أركانها". قتل عمد. قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفى. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل فى جريمة قتل عمد.
(9) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
توافر سبق الإصرار. شرطه؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار فى جريمة قتل عمد.
(10) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة فى الطعن".
النعى على الحكم قصوره فى الرد على الدفع ببطلان القبض. غير مجد. ما دام لم يتساند فى الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(11) حكم "بيانات التسبيب" "تسيببه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة. لا قصور.
(12) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفى التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث. دفاع بنفى التهمة. موضوعى. لا يستأهل ردًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(13) إثبات "بوجه عام" "اعتراف".
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقى عناصر الدعوى اقتراف الجانى للجريمة. نعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن. غير مقبول.
(14) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور". قانون "تفسيره". قصد جنائى. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الغيبوبة المانعة من المسئولية فى مفهوم المادة 62 عقوبات. ماهيتها؟
تناول الجانى مادة مخدرة اختيارًا أو عن علم بحقيقتها. يتوافر به القصد الجنائى لديه. باعتباره فى حكم المدرك تام الإدراك. توافر مسئوليته الجنائية عن الجرائم التى لا يتطلب فيها القانون قصدًا خاصًا. وجوب التحقق من قيامه بأدلة مستمدة من الواقع فى الجرائم التى يتطلب فيها القانون قصدًا خاصًا. علة ذلك؟
تقدير حالة المتهم وقت ارتكابه الجريمة المتعلقة بفقدان الشعور. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفع المتهم بفقدانه الشعور والاختيار وقت ارتكابه الجريمة.
(15) باعث. جريمة " ركانها". قتل عمد. سبق إصرار. حكم " سبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث على الجريمة. ليس ركنًا فيها. خطأ الحكم فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة. لا يعيبه.
مثال.
(16) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة النقض الإحالة فى الرد على منعى أحد الطاعنين على ما ردت به بخصوص ذات المنعى المثار من آخر.
(17) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة فى قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(18) إعدام. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
(19) إثبات "بوجه عام" "قرائن". اشتراك. فاعل أصلى. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتراك بالاتفاق. يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه.
الاشتراك بالتحريض. وجود سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه. غير لازم.
الاشتراك بالمساعدة. مناط تحققه؟
للقاضى الجنائى الاستدلال على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه. ما دام سائغًا.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر الاشتراك فى جريمة قتل عمد.
(20) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع الذى تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه. ماهيته؟
إثارة الدفع فى عبارات مرسلة لا تدل عليه. دفاع موضوعى. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
الجدل الموضوعى فى تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(21) بطلان. دفوع "الدفع ببطلان القبض" "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "الصفة فى الطعن"
الدفع ببطلان القبض والاعتراف المستمد منه. لا صفة لغير من وقع فى شأنه فى الدفع به. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
(22) اقتران. نقض "المصلحة فى الطعن". ظروف مشددة. قتل عمد. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى بعدم توافر ظرف الاقتران. غير مجد. ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعنة تدخل فى الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من الظروف.
(23) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة النقض الإحالة فى الرد على منعى أحد الطاعنين على ما ردت به بخصوص ذات المنعى المثار من آخر.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فى قوله: " أن خلافات حدثت بين المتهمة الرابعة ..... وزوجها المجنى عليه .... لإصابته ببعض الأمراض وتدهور حالته المالية فنشأت بين هذه المتهمة والمتهم الثالث .... علاقة آثمة وقادهما تفكيرهما الشيطانى إلى الاتفاق على قتل المجنى عليه حتى يتزوجا وقامت بإعطائه مبلغ نقدى لاستئجار من يعاونه فى تنفيذ جريمة قتله وفى هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها العجل وضع خطته الإجرامية مع المتهمين الأول...... والثانى......، على قتل المجنى عليه مقابل مبلغ نقدى فاشترى لهما سكين وقفازين بناء على طلبهما وتوجه المتهمون الأول والثانى والثالث يوم الحادث الموافق...... لمسكن المجنى عليه الكائن بالعقار الكائن...... وما أن ظفروا به مستغلين حالته المرضية ورقاده حتى قام المتهمان الثانى والثالث بتقييد وشل حركته أثناء نومه فأصبح فريسة سهلة لهم لتنفيذ قصدهم المشترك وما عقدوا عليه العزم وبيتوا النية فقام المتهم الأول بذبحه بالسكين التى يحملها وانهال بها على جسده طعنًا فى العنق والظهر وهى مواضع جوهرية قاتلة من الجسد حتى تيقنوا من موته متأثرًا بما أحدثته به الإصابات الطعنية النافذة بالظهر والجرح الذبحى بالعنق من قطوع فى الأوعية الدموية الرئيسية وبالأحشاء ونزيف دموى غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة، ثم قام المتهمان الأول والثانى بسرقة جهاز الهاتف المحمول ومبلغ...... جنيه المملوكين للمجنى عليه، وقام الثالث بالتوجه إلى مسكن المتهمة الرابعة وأخبرها بتنفيذ الجريمة محل الاتفاق "، وساق على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن وباقى المتهمين أدلة مستمدة من شهادة كل من...... واعتراف المتهمين الأول والثانى والثالث بتحقيقات النيابة العامة وما قررته المتهمة الرابعة بالتحقيقات وما جاء بمحضر المعاينة التصويرية وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية، وحصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليمًا له أصله الثابت فى الأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال فى الدعوى المطروحة كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققًا لحكم القانون، وكان تحصيل المحكمة للواقعة فى حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافيًا فى شأن بيان الأفعال المادية التى أتاها كل من الطاعن وباقى المتهمين بما يفصح عن الدور الذى قام به كل منهم فى الجريمة التى دانهم الحكم بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
2 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التصويرية التى أجرتها النيابة العامة من قيام المتهمين الثانى والثالث بتمثيل كيفية قيامهما بارتكاب الجريمة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال منها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه، فضلاً عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من المعاينة التصويرية، وإنما استندت على هذه المعاينة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها فى قضائه، مادام لم يتخذ من نتيجة هذه المعاينة دليلاً أساسًا على ثبوت الاتهام قبل المتهمين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف الطاعن فى قوله: " واعترف المتهم الأول تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الواقعة مع المتهمين الثانى والثالث مقررًا مضمون ما قرره المتهم السابق المتهم الثانى فى اعترافه وإن اختلف معه فى أن دوره فى ارتكاب واقعة القتل اقتصر على الإمساك برجلى المجنى عليه وأن المتهم الثالث هو الذى ذبحه بالسكين التى كانت معه وأنه لم يسرق سوى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليه، وكان الحكم قد أورد من قبل أن المتهم الثانى اعترف تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الواقعة مع المتهمين الأول والثالث مقررًا بحضور المتهم الثالث إليه قبل الحادث بخمسة عشر يومًا وطلب منه قتل المجنى عليه...... نظرًا لأنه مدين له ببعض النقود واشترى له سكين وقام بمراقبة المجنى عليه ثم أخبر المتهم الثالث بأنه لا يستطيع قتل المجنى عليه بمفرده واتصل هاتفيًا بالمتهم الأول...... وما أن حضر الأخير حتى اتفق ثلاثتهم على قتل المجنى عليه يوم...... الموافق...... وقام المتهم الثالث باصطحابهما صباح يوم الحادث إلى شقة المجنى عليه ثم قام بإمساكه من كتفيه وهو نائم وقام المتهم الثالث بإمساكه من رجليه على حين قام المتهم الأول...... بجر السكين على رقبته وطعنه عدة طعنات فى وجهه ثم فتح حافظة نقود المجنى عليه واستولى منها على مبلغ...... جنيه وقام...... بالاستيلاء على مبلغ...... جنيه وجهاز الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليه وفر والمتهم الأول هاربين من نافذة الشقة قبل صلاة الفجر ". لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان مضمون اعتراف متهم إلى ما حصله من اعتراف متهم آخر، مادام الاعترافان واردين على واقعة واحدة ولا يوجد خلاف بينهما فى شأن تلك الواقعة، ومن ثم فلا ضير على الحكم إذ أحال فى بيان مضمون اعتراف الطاعن إلى ما أورده من اعتراف المتهم الثانى...... بتحقيقات النيابة العامة، مادام اعتراف كل منهما واردًا على كيفية ارتكابهما لجريمة قتل المجنى عليه، وكان ما أورده الحكم فيما سلف لاعتراف الطاعن يحقق مراد الشارع الذى استوجبه فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التى يستند إليها الحكم بالإدانة، بما تنحسر عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور.
4 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن والمتهمين الثانى والثالث لصدوره وليد إكراه ورد عليه بقوله: " ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان اعترافات المتهمين الأول والثانى والثالث بتحقيقات النيابة العامة لكونه وليد إكراه مادى ومعنوى فقد جاء قولاً مجهلاً فلم يفصح أى من المتهمين عن شخص من أوقع عليه الإكراه والتعذيب أو وسيلته فى ذلك وتوقيته ومكانه بما ينبئ عن عدم جدية هذا الدفع، فضلاً عن أن وكيل النيابة المحقق الذى أثبت مناظره المتهمين الثانى والثالث قرر بأن إصابات المتهم الثانى بذراعيه قديمة وسأل المتهم عنها فقرر له بأنها من جراء حرقه بلفافات التبغ المشتعلة لمخالفته تعليمات صاحب العمل بعدم التدخين وأن إصابة المتهم الثالث بأصبع يده قديمة قرر المتهم أنها حدثت له منذ ثمانية أشهر سابقة على الواقعة من جراء عمله كميكانيكى سيارات، وهو ما تطمئن إليه المحكمة بعد أن تبين لها خلو الأوراق من ثمة دليل أو قرينة على أن تلك الإصابات حديثة أو أنها قد حدثت فى تاريخ يتفق أو يعاصر وقت القبض عليهما، ولا شك بداهة أن التلازم الزمنى بين القبض على المتهمين أو احتجازهما وحدوث الإصابات هو مناط إثبات الصلة بين الإصابات والاعتراف، أما وأن هذا التلازم لا يفترض وقد خلت الأوراق يقينًا من القول به، فإن وجدان المحكمة من كل ما تقدم يكون مطمئنًا بيقين جازم إلى انتفاء الصلة بين أقوال المتهمين التى عولت عليها هذه المحكمة وبين هذه الإصابات، وإلى أن اعترافات كل من المتهمين فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين صدرت منهم طواعية واختيارًا سليمة من أية شائبة تشوبها من إكراه مادى أو معنوى مطابق للحقيقة والواقع، ومن ثم يكون الدفع فى غير محله خليقًا بالرفض "، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المواد الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منهم بطريق الإكراه بغير معقب، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص إلى عدم قيام صلة بين إصابات المتهمين الثانى والثالث واعترافهما، وانتهى إلى سلامة هذا الاعتراف مما يشوبه واطرح الدفع بصدوره نتيجة إكراه بما له أصلة فى الأوراق، فإنه يكون قد اقترن بالصواب، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يستند إلى دليل فنى فيما ذهب إليه من أن إصابات المتهمين المذكورين حدثت قديمًا بمناسبة عملهما، مادام أن الحكم قد عول فى بيان كيفية حدوثها على أقوال المتهمين ذاتهما، فإن تعييب الحكم فى هذا الخصوص يكون فى غير محله.
6 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع، فإن المجادلة فى تعويل الحكم على أقوال العقيد ..... والرائد ..... التى استقياها من تحرياتهما بدعوى أن هذه التحريات تمت فى فترة وجيزة، تتمخض جدلاً موضوعيًا لا يقبل أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل فى قوله: " ومن حيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى وماديات الواقعة أن قصد المتهمين من إزهاق روح المجنى عليه ثابت بيقين جازم، وهو ما تستخلصه المحكمة من جماع ما قرره المتهمون بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهم الثالث كان على علاقة آثمة بالمتهمة الرابعة وأفصحت له عن رغبتها فى التخلص من زوجها المجنى عليه بعد أن ضاقت بمعاشرته لعجزه الجنسى وتدهور حالته المالية ووعدته بالزواج حال التخلص من زوجها فقررا التخلص من المجنى عليه حتى لا تعترض طريقهما ثمة عقبة فاتفق مع المتهمين الأول والثانى على قتل المجنى عليه وأعد وسائل تنفيذ الجريمة بشراء سكين وقفازين، وهنا وبإقرارهم يكون استخلاص القصد ظاهرًا وجليًا بعد أن أفصحت مكنون نفوسهم بأقوالهم ثم قرنوا ذلك بما أتوه من أفعال مادية واكبت تنفيذ هذا القصد فأحكموا تدبير الجريمة بأن دخلوا عليه مسكنه أثناء نومه غائبًا عن الوعى فاقدًا لخاصية المقاومة والدفاع عن النفس فكان وهو غائب عن وعيه صيدًا ثمينًا وسهلاً فكانت طريقة تنفيذ الجريمة على نحو ما أسلفت المحكمة فى بيان صورة الواقعة لا تدع مجالاً لأى شك فى أنهم ماضون فى الإجهاز عليه وأنهم لم يتركوه إلا بعد أن يسلم الروح وهو ما يفسر قيام المتهمين الثانى والثالث بتقييد حركته وهو لا يدرى من أمره شيئًا ثم قام المتهم الأول بذبحه بالسكين وطعنه فى ظهره وأجزاء متفرقة من جسده حتى تيقنوا من تحقيق ما هدفوا إليه وانعقدت عليه نيتهم ثم سارع المتهم الثالث إلى الاتصال بالمتهمة الرابعة ليزف إليها نبأ نجاح خطة تنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وبينه وباقى المتهمين، الأمر الذى يقطع بيقين جازم بتوافر نية القتل لدى جميع المتهمين، وتلتفت المحكمة فى هذا الصدد عما دفع به دفاع المتهمين الأول والثانى والثالث من انتفاء نية القتل ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها على السياق المتقدم هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن وباقى المتهمين، فإن النعى على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل فى حقه يكون غير سديد.
9 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلص منها القاضى مدى توافره، مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، ويشترط لتوفره فى حق الجانى أن يكون فى حالة يتسنى له فيها التفكير فى عمله والتصميم عليه فى روية وهدوء، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: " ومن حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو ثابت فى حق المتهمين مما أوردته المحكمة على السياق المتقدم فى بيان صورة الواقعة وتوافر نية القتل وقيام المتهمين برسم خطة تنفيذ الجريمة وكيفية دخولهم شقة المجنى عليه وإعداد وسيلة التنفيذ وشراء السكين والقفازين المستخدمين فى ارتكابها ومن النقود التى سلمتها المتهمة الرابعة للمتهم الثالث وتحديد وقت تنفيذ الجريمة وتخيرهم وقت نوم المجنى عليه ليسهل عليهم تنفيذ مقصدهم وهى أمور استلزمت إعمال التفكير فى هدوء وروية منذ انعقدت إرادتهم وحتى تنفيذ ما اتفقوا عليه، الأمر الذى يوفر فى حق المتهمين ظرف سبق الإصرار وتلتفت المحكمة فى هذا الصدد عما دفع به الدفاع الحاضر مع المتهمين الثانى والثالث من انتفاء ظرف سبق الإصرار "، وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به فى القانون، ومن ثم فإنه لا محل للنعى على الحكم فى هذا الخصوص.
10 - لما كان لا جدوى للنعى على الحكم بالقصور فى الرد على الدفع ببطلان القبض على الطاعن، مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند فى الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه، وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن وباقى المتهمين ومن تقرير الصفة التشريحية وهى أدلة مستقلة عن القبض، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها على نحو ما سلف بيانه، فإن قالة القصور التى يرمى بها الطاعن الحكم المطعون فيه تكون منتفية.
12 - لما كان الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث، مردودًا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم كما هو الحال فى الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - من المقرر أنه لا يلزم فى الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفى فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقى عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجانى للجريمة كما هو الحال فى الدعوى الماثلة ومن ثم فلا يجدى الطاعن نعيه على الحكم بأنه أسند إليه اعترافًا بارتكاب الجريمة على الرغم من أنه لم يعترف إلا باتفاقه مع باقى المتهمين على ارتكاب الجريمة، ويكون نعيه على الحكم فى هذا الصدد غير سديد.
14 - من المقرر أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها، فإن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارًا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون فى هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض جرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائى خاص، فإنه لا يمكن القول باكتفاء الشارع فى ثبوت هذا القصد بافتراضات قانونية، بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك، ولئن كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء نية القتل لدى الطاعن لفقدانه الشعور والاختيار بقالة: " على فرض أن الوصف الذى وصفته النيابة العامة فإننا نستبعد النية لأن المتهم الثالث ليس فى حالة تمكنه من ارتكاب الفعل المكون للقتل، لأنه كان مغيبًا متعاطيًا لمادة أفقدته التفكير والمسائلة عن نية القتل، وهذا مثبت بأقوال بواب العمارة حيث قرر أن المتهم كان فى غير حالته الطبيعية وهو مبرشم وهذا يدل على أنه كان مغيب وإرادته كانت معدومة "، إلا أن الثابت من المفردات المضمومة أن كل ما قاله حارس العقار المذكور بالتحقيقات فى هذا الخصوص أنه أبصر الطاعن لدى خروجه من شقة المجنى عليه ووصف حالته حينئذ بأنه: "كان مش على بعضه ومرتبك ومتلخبط ومرعوب ووشه أسفر ومبلول "، وقد خلت أقواله مما يشير إلى وجود الطاعن فى حالة سكر آنذاك خلافًا لما يزعمه المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة وبأسباب الطعن فضلاً عن أن الطاعن ذاته لم يشر فى أقواله بالتحقيقات إلى تلك الحالة التى تساند إليها فى دفعه ولم يطلب من النيابة العامة اتخاذ أى إجراء لإثبات توافرها لديه، ومن ثم فإن ما أورده المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة على السياق المتقدم تدليلاً على وجود الطاعن فى حالة سكر وقت الحادث، لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يرتد إلى أصل صحيح فى الأوراق، وبات النعى على الحكم فى هذا الخصوص عاريًا من دليل يظاهره أو واقع يسانده، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع وخلص إلى اطمئنان المحكمة إلى أن الطاعن قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره، وهو رد كاف وسائغ على ما أثاره الدفاع عن الطاعن فى هذا الصدد، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضى الموضوع دون معقب عليه، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم فى هذا الشأن على غير أساس.
15 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أسند له ظرف سبق الإصرار دون أن يعبأ بحداثة سنه وافتتانه بالمتهمة الرابعة وضعف تفكيره أمام عاطفتها الهوجاء مما نأى به عن التفكير الهادئ اللازم لتوافر هذا الظرف إنما يتصل بالباعث على الجريمة، وكان من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركنًا فيها، ومن ثم فلا يقدح فى سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة.
16 - لما كان قد سبق الرد على النعى على الحكم بقصوره فى الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره وليد إكراه عند معالجة الأسباب المقدمة من الطاعن الأول، ومن ثم فتحيل المحكمة عليها فى الرد على ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص، كما تحيل إليها فيما سبق الرد به على النعى على الحكم بشأن قصوره فى استظهار نية القتل وظرف سبق الإصرار، ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الشأن فى غير محله.
17 - لما كانت النيابة العامة وان كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبينة بالمادة 34 من جذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأى الذى تبديه النيابة العامة فى مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
18 - لما كان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان بها المحكوم عليهما بالإعدام، وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقًا للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار حكم الإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهما على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.
19 - لما كان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التى لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة، كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه، ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصودًا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطًا لعقاب الشريك، وللقاضى الجنائى إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه، مادام هذا الاستنتاج سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على اشتراك الطاعنة فى ارتكاب الجريمة بالأدلة التى أوردها فى قوله: " لما كان وجدان المحكمة مطمئنًا بيقين جازم لاشتراك المتهمة الرابعة مع المتهم الثالث بتحريضه والاتفاق معه على قتل المجنى عليه وساعدته على ذلك بإمداده بالمال اللازم لاستئجار من يلزم لمعاونته فى تنفيذ الجريمة وشراء ما يلزم من أدوات التنفيذ، وذلك فيما استخلصته المحكمة من أدلة الثبوت سالفة البيان والمستمدة من اعتراف المتهم الثالث تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهمة الرابعة الطاعنة فاتحته فى أمر رغبتها فى التخلص من زوجها المجنى عليه لشعورها بالضيق من معاشرته وبعجزه الجنسى وتدهور حالته المالية ووعدها له بالزواج منه حال ذلك وأعطته مبلغ..... جنيه لاستئجار من يعاونه فى القتل وشراء ما قد يحتاجه من أدوات تنفيذ الجريمة وإحاطته لها بكافة تفاصيل الجريمة، وما قررته المتهمة الرابعة بالتحقيقات مؤيدًا لاعترافه بخصوص وقوفها على كافة تفاصيل ارتكاب الجريمة فقررت باتصاله بها عقب اتفاقه مع المتهمين الأول والثانى على قتل المجنى عليه فى مساء اليوم السابق على التنفيذ ثم اتصاله بها هاتفيًا وتوجهه إلى مسكنها عقب قتل المجنى عليه وإخبارها بذلك وكيفية التنفيذ، الأمر الذى يوفر فى عقيدة المحكمة بيقين جازم اشتراك المتهمة الرابعة مع المتهم الثالث فى جريمة قتل المجنى عليه بالتحريض والاتفاق والمساعدة "، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه فيما تقدم كافيًا وسائغًا ويستقيم به بيان عناصر الاشتراك والتدليل على قيامه من ظروف الدعوى وملابساتها بما تنتفى معه عن الحكم قالة القصور فى التسبيب فى استظهار عناصر الاشتراك ومظاهره.
20 - من المقرر أن الدفع الذى تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الذى يبد صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذى لم يقصد به سوى مجرد التشكيك فى مدى ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعنة الدفع ببطلان شهادة شهود الإثبات لأنها كانت وليد إكراه وتدخل البوليس أيضًا، دون أن يبين ماهية الإكراه الواقع على هؤلاء الشهود وكيفية تدخل البوليس فى هذا الأمر، بل أطلق ذلك القول فى عبارة مرسلة بغير ما دليل يظاهرها أو واقع يساندها لا تنصرف إلا إلى مجرد التشكيك فى الدليل المستمد من تلك الأقوال توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليها، مما يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تلتزم المحكمة بالرد عليها، إذ الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التى أخذت بها، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وعولت عليها فى إدانة الطاعنة وباقى المحكوم عليهم، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن بطلان الدليل المستمد من أقوال هؤلاء الشهود ينحل فى حقيقته إلى جدل موضوعى فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض على نحو ما سلف بيانه لدى معالجة الأسباب المقدمة من الطاعن الأول.
21 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لا صفة لغير من وقع فى شأنه أن يدفع به ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة من الدفع لاحق لوجود الصفة، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن بطلان القبض على المتهمين الثلاثة الآخرين والدليل المستمد من اعترافاتهم لصدورها فى أعقاب هذا القبض لا يكون مقبولاً.
22 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعنة تدخل فى الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرف الاقتران، فإنه لا يكون لها مصلحة فيما أثارته من تخلف هذا الظرف.
23 - لما كان قد سبق الرد على النعى على الحكم بقصوره فى الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن الثانى المتهم الثالث لصدوره وليد إكراه وقصوره فى التدليل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار عند معالجة الأسباب المقدمة من الطاعن الأول، ومن ثم فللمحكمة أن تحيل عليها فى الرد على ما أثارته الطاعنة فى هذا الخصوص، ويضحى نعى الطاعنة على الحكم فى هذا الصدد فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ...... (طاعن) 2 - ...... 3 - ..... (طاعن) 4 - ...... (طاعنة) بأنهم: أولاً: المتهمون من الأول إلى الثالث: أ - قتلوا..... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا فى سبيل ذلك سلاحًا أبيض " سكين " وسعوا إلى مسكنه وما أن ظفروا به حتى قام الثانى والثالث بشل حركته أثناء نومه وباغته الأول بذبحه بالسكين التى يحملها وانهال بها على جسده طعنًا قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وكان القصد من القتل لتسهيل ارتكاب جنحة سرقة المبلغ النقدى والهاتف المحمول المملوكين للمجنى عليه والمبينين قدرًا ووصفًا بالتحقيقات.
ب - أحرزوا سلاحًا أبيض " سكين " دون أن يوجد لإحرازها أو حملها مسوغًا من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
ثانيًا: المتهمة الرابعة:
اشتركت بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث فى قتل المجنى عليه سالف الذكر بأن قامت بتحريضه والاتفاق معه على قتله وساعدته على ذلك بأن أمدته بالمال اللازم لشراء أداة الجريمة وتنفيذها فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى الشرعى فيما نسب للمتهمين الأول والثالث وحددت جلسة...... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء وعملاً بالمواد 40، 41/ 1، 230، 231، 235، 317/ أولاً ورابعًا وخامسًا من قانون العقوبات والمواد 2، 95، 112، 122/ 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمواد 1/ 1، 25 مكررًا/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث وبإجماع الآراء بالإعدام. ثانيًا: بمعاقبة المتهمة الرابعة بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثالثًا: بمعاقبة المتهم الثانى بالسجن لمدة عشر سنوات. رابعًا: بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدولها برقم 37155 لسنة 73 قضائية، ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن المحكوم عليه الثانى شكلاً. ثانيًا: بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن باقى المحكوم عليهم شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات 0000 لتحكم فيها من جديد هيئة أخرى بالنسبة للطاعنين جميعًا.
ومحكمة الإعادة قررت فى..... وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى الشرعى فيما هو منسوب إلى المتهمين الأول والثالث وحددت جلسة..... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة........ ثم قضت وبإجماع الآراء وعملاً بالمواد 40، 41/ 1، 230، 231، 235، 317/ أولاً ورابعًا وخامسًا من قانون العقوبات والمواد 2، 95، 112، 122/ 2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمواد 1/ 1، 25 مكررًا/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث وبإجماع الآراء بالإعدام شنقًا عما نسب إليهما. ثانيًا: بمعاقبة المتهمة الرابعة بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عامًا عما نسب إليها. ثالثًا: بمعاقبة المتهم الثانى بالسجن لمدة عشر سنوات عما نسب إليه. رابعًا: بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول.......:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين الأفعال المادية التى أتاها كل من المتهمين والتى تفصح عن الدور الذى قام به كل منهم، وعول فى قضائه بالإدانة على المعاينة التصويرية واعترافه دون أن يورد مضمون تلك المعاينة وهذا الاعتراف ووجه استدلاله بهما، واطرح الدفع ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادى ومعنوى بما لا يسوغ اطراحه، كما استند إلى أقوال العقيد........ والرائد........ رغم النعى على الإجراءات التى قاما بها بالبطلان، والتفت عن دفعه ببطلان التحريات لتمامها فى فترة وجيزة وبطلان القبض عليه لوقوعه خارج دائرة اختصاص الضابط الذى قام به، هذا إلى أنه استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار بما لا يسوغ به توافرهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فى قوله: " أن خلافات حدثت بين المتهمة الرابعة...... وزوجها المجنى عليه...... لإصابته ببعض الأمراض وتدهور حالته المالية فنشأت بين هذه المتهمة والمتهم الثالث...... علاقة آثمة وقادهما تفكيرهما الشيطانى إلى الاتفاق على قتل المجنى عليه حتى يتزوجا وقامت بإعطائه مبلغ نقدى لاستئجار من يعاونه فى تنفيذ جريمة قتله وفى هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها العجل وضع خطته الإجرامية مع المتهمين الأول.... والثانى.....، على قتل المجنى عليه مقابل مبلغ نقدى فاشترى لهما سكين وقفازين بناء على طلبهما وتوجه المتهمون الأول والثانى والثالث يوم الحادث الموافق..... لمسكن المجنى عليه الكائن بالعقار الكائن..... وما أن ظفروا به مستغلين حالته المرضية ورقاده حتى قام المتهمان الثانى والثالث بتقييد وشل حركته أثناء نومه فأصبح فريسة سهلة لهم لتنفيذ قصدهم المشترك وما عقدوا عليه العزم وبيتوا النية فقام المتهم الأول بذبحه بالسكين التى يحملها وانهال بها على جسده طعنًا فى العنق والظهر وهى مواضع جوهرية قاتلة من الجسد حتى تيقنوا من موته متأثرًا بما أحدثته به الإصابات الطعنية النافذة بالظهر والجرح الذبحى بالعنق من قطوع فى الأوعية الدموية الرئيسية وبالأحشاء ونزيف دموى غزير وصدمة نزفية غير مرتجعة، ثم قام المتهمان الأول والثانى بسرقة جهاز الهاتف المحمول ومبلغ.... جنيه المملوكين للمجنى عليه، وقام الثالث بالتوجه إلى مسكن المتهمة الرابعة وأخبرها بتنفيذ الجريمة محل الاتفاق "، وساق على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن وباقى المتهمين أدلة مستمدة من شهادة كل من..... واعتراف المتهمين الأول والثانى والثالث بتحقيقات النيابة العامة وما قررته المتهمة الرابعة بالتحقيقات وما جاء بمحضر المعاينة التصويرية وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية، وحصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليمًا له أصله الثابت فى الأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال فى الدعوى المطروحة كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققًا لحكم القانون، وكان تحصيل المحكمة للواقعة فى حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافيًا فى شأن بيان الأفعال المادية التى أتاها كل من الطاعن وباقى المتهمين بما يفصح عن الدور الذى قام به كل منهم فى الجريمة التى دانهم الحكم بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التصويرية التى أجرتها النيابة العامة من قيام المتهمين الثانى والثالث بتمثيل كيفية قيامهما بارتكاب الجريمة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال منها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه، فضلاً عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من المعاينة التصويرية، وإنما استندت على هذه المعاينة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عليها فى قضائه، مادام لم يتخذ من نتيجة هذه المعاينة دليلاً أساسًا على ثبوت الاتهام قبل المتهمين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل اعتراف الطاعن فى قوله: " واعترف المتهم الأول تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الواقعة مع المتهمين الثانى والثالث مقررًا مضمون ما قرره المتهم السابق المتهم الثانى فى اعترافه وإن اختلف معه فى أن دوره فى ارتكاب واقعة القتل اقتصر على الإمساك برجلى المجنى عليه وأن المتهم الثالث هو الذى ذبحه بالسكين التى كانت معه وأنه لم يسرق سوى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليه، وكان الحكم قد أورد من قبل أن المتهم الثانى اعترف تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الواقعة مع المتهمين الأول والثالث مقررًا بحضور المتهم الثالث إليه قبل الحادث بخمسة عشر يومًا وطلب منه قتل المجنى عليه........ نظرًا لأنه مدين له ببعض النقود واشترى له سكين وقام بمراقبة المجنى عليه ثم أخبر المتهم الثالث بأنه لا يستطيع قتل المجنى عليه بمفرده واتصل هاتفيًا بالمتهم الأول..... وما أن حضر الأخير حتى اتفق ثلاثتهم على قتل المجنى عليه يوم..... الموافق..... وقام المتهم الثالث باصطحابهما صباح يوم الحادث إلى شقة المجنى عليه ثم قام بإمساكه من كتفيه وهو نائم وقام المتهم الثالث بإمساكه من رجليه على حين قام المتهم الأول..... بجر السكين على رقبته وطعنه عدة طعنات فى وجهه ثم فتح حافظة نقود المجنى عليه واستولى منها ع�

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

50- لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 288

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(53)
الطعن رقم 26293 لسنة 67 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاعتراف دون بيان وجه النعي عليه أو الإشارة إلى الإكراه المبطل له. لا يعد دفعاً ببطلانه. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. دفاع الطاعن الأول بعدم انتوائه قتل المجني عليها والثاني بعدم قيامه بدور في الواقعة منازعة في صورة الواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاصها. غير مقبول. 
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي. 
(4) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية. جائز. 
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل ونفي كون الواقعة ضرب أفضى إلى الموت. 
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض. 
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع يستنتج منها اقتراف الجاني للجريمة. 
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها كفاية أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما رواه الشاهد مع عناصر الإثبات الأخرى. 
(8) اتفاق. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الاتفاق على ارتكاب الجريمة يقتضي تقابل إرادة المساهمين. مضي وقت معين. غير لازم.
مساهمة شخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها. 
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قول متهم على آخر. في حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها في الإدانة متى اطمأنت إليها. 
(10) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي. 
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض. 
(11) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها. 
1 - لما كان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض. 
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. 
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. 
4 - لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته - آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه. 
5 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة. 
7 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
8 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم. 
9 - أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد. 
10 - تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. 
11 - للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (2)....... الطاعنين بأنهما (1) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا سلاحاً أبيض "مطواة" واستدرجاها إلى كابينة بشاطئ المندرة وشلا حركتها بأن أمسكا بها وطعنها المتهم الأول بالمطواة عدة طعنات بالبطن والصدر والرقبة قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وشد المتهم الثاني من أزره بمسرح الحادث حال تقييده لحركتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها هي أنهما في ذات الزمان والمكان شرعا في مواقعة المجني عليها بغير رضاها بأن شهر المتهم الأول سلاحه سالف الذكر في وجهها وهددها به لشل حركتها وإيقاع الرعب في نفسها لاغتصابها عنوة وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مقاومة المجني عليها واستغاثتها ومفارقتها الحياة كما ارتبطت بها جنحة هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المشغولات الذهبية المملوكة للمجني عليها. (2) أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات........ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 2، 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي سرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه التفت عن دفاعهما ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل لديهما، وأضاف الطاعن الأول أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت إذ إنه إثر مشادة كلامية بينه وبين المجني عليها تعدى عليها بالضرب فحدثت وفاتها دون أن يقصد إزهاق روحها ودلل على ذلك بسبق اتفاقهما على الزواج كما أن الحكم في معرض استظهاره لنية القتل أسند إليه أقوالاً لم ترد على لسانه وهو بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة واعتبره فاعلاً أصلياً رغم أن أقوال الشهود أثبتت عدم وجود اتفاق بينه وبين المتهم الأول وأن مقابلته معه والمجني عليها كانت مصادفة وانحسر دوره في قيادة السيارة ولا يوجد بالأوراق دليل عليه سوى أقوال المتهم الأول التي لا تصلح دليلاً لإدانته وأن التحريات كانت غير جدية وهي ترديد لذات أقوال المتهم الأول وأخيراً التفت الحكم عن الإقرار الصادر من المتهم الأول الذي ينفي ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي السرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الأول بالتحقيقات وأقوال المتهم الثاني وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفعا ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان من المقرر أيضاً أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى مما سلف ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

50- لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 288

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(53)
الطعن رقم 26293 لسنة 67 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاعتراف دون بيان وجه النعي عليه أو الإشارة إلى الإكراه المبطل له. لا يعد دفعاً ببطلانه. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. دفاع الطاعن الأول بعدم انتوائه قتل المجني عليها والثاني بعدم قيامه بدور في الواقعة منازعة في صورة الواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاصها. غير مقبول.
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية. جائز.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل ونفي كون الواقعة ضرب أفضى إلى الموت.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع يستنتج منها اقتراف الجاني للجريمة.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها كفاية أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما رواه الشاهد مع عناصر الإثبات الأخرى.
(8) اتفاق. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاتفاق على ارتكاب الجريمة يقتضي تقابل إرادة المساهمين. مضي وقت معين. غير لازم.
مساهمة شخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قول متهم على آخر. في حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها في الإدانة متى اطمأنت إليها.
(10) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(11) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
1 - لما كان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض.
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته - آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه.
5 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
7 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
8 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم.
9 - أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد.
10 - تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
11 - للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (2)....... الطاعنين بأنهما (1) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا سلاحاً أبيض "مطواة" واستدرجاها إلى كابينة بشاطئ المندرة وشلا حركتها بأن أمسكا بها وطعنها المتهم الأول بالمطواة عدة طعنات بالبطن والصدر والرقبة قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وشد المتهم الثاني من أزره بمسرح الحادث حال تقييده لحركتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها هي أنهما في ذات الزمان والمكان شرعا في مواقعة المجني عليها بغير رضاها بأن شهر المتهم الأول سلاحه سالف الذكر في وجهها وهددها به لشل حركتها وإيقاع الرعب في نفسها لاغتصابها عنوة وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مقاومة المجني عليها واستغاثتها ومفارقتها الحياة كما ارتبطت بها جنحة هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المشغولات الذهبية المملوكة للمجني عليها. (2) أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات........ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 2، 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي سرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه التفت عن دفاعهما ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل لديهما، وأضاف الطاعن الأول أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت إذ إنه إثر مشادة كلامية بينه وبين المجني عليها تعدى عليها بالضرب فحدثت وفاتها دون أن يقصد إزهاق روحها ودلل على ذلك بسبق اتفاقهما على الزواج كما أن الحكم في معرض استظهاره لنية القتل أسند إليه أقوالاً لم ترد على لسانه وهو بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة واعتبره فاعلاً أصلياً رغم أن أقوال الشهود أثبتت عدم وجود اتفاق بينه وبين المتهم الأول وأن مقابلته معه والمجني عليها كانت مصادفة وانحسر دوره في قيادة السيارة ولا يوجد بالأوراق دليل عليه سوى أقوال المتهم الأول التي لا تصلح دليلاً لإدانته وأن التحريات كانت غير جدية وهي ترديد لذات أقوال المتهم الأول وأخيراً التفت الحكم عن الإقرار الصادر من المتهم الأول الذي ينفي ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي السرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الأول بالتحقيقات وأقوال المتهم الثاني وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفعا ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان من المقرر أيضاً أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى مما سلف ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

49-قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 288

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(53)
الطعن رقم 26293 لسنة 67 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الاعتراف دون بيان وجه النعي عليه أو الإشارة إلى الإكراه المبطل له. لا يعد دفعاً ببطلانه. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. دفاع الطاعن الأول بعدم انتوائه قتل المجني عليها والثاني بعدم قيامه بدور في الواقعة منازعة في صورة الواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاصها. غير مقبول.
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية. جائز.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل ونفي كون الواقعة ضرب أفضى إلى الموت.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع يستنتج منها اقتراف الجاني للجريمة.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها كفاية أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما رواه الشاهد مع عناصر الإثبات الأخرى.
(8) اتفاق. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاتفاق على ارتكاب الجريمة يقتضي تقابل إرادة المساهمين. مضي وقت معين. غير لازم.
مساهمة شخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قول متهم على آخر. في حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها في الإدانة متى اطمأنت إليها.
(10) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(11) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
1 - لما كان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض.
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
3 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته - آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه.
5 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
7 - لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
8 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم.
9 - أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد.
10 - تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
11 - للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)....... (2)....... الطاعنين بأنهما (1) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا سلاحاً أبيض "مطواة" واستدرجاها إلى كابينة بشاطئ المندرة وشلا حركتها بأن أمسكا بها وطعنها المتهم الأول بالمطواة عدة طعنات بالبطن والصدر والرقبة قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وشد المتهم الثاني من أزره بمسرح الحادث حال تقييده لحركتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها هي أنهما في ذات الزمان والمكان شرعا في مواقعة المجني عليها بغير رضاها بأن شهر المتهم الأول سلاحه سالف الذكر في وجهها وهددها به لشل حركتها وإيقاع الرعب في نفسها لاغتصابها عنوة وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مقاومة المجني عليها واستغاثتها ومفارقتها الحياة كما ارتبطت بها جنحة هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المشغولات الذهبية المملوكة للمجني عليها. (2) أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات........ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 2، 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً والثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي سرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه التفت عن دفاعهما ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل لديهما، وأضاف الطاعن الأول أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت إذ إنه إثر مشادة كلامية بينه وبين المجني عليها تعدى عليها بالضرب فحدثت وفاتها دون أن يقصد إزهاق روحها ودلل على ذلك بسبق اتفاقهما على الزواج كما أن الحكم في معرض استظهاره لنية القتل أسند إليه أقوالاً لم ترد على لسانه وهو بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة واعتبره فاعلاً أصلياً رغم أن أقوال الشهود أثبتت عدم وجود اتفاق بينه وبين المتهم الأول وأن مقابلته معه والمجني عليها كانت مصادفة وانحسر دوره في قيادة السيارة ولا يوجد بالأوراق دليل عليه سوى أقوال المتهم الأول التي لا تصلح دليلاً لإدانته وأن التحريات كانت غير جدية وهي ترديد لذات أقوال المتهم الأول وأخيراً التفت الحكم عن الإقرار الصادر من المتهم الأول الذي ينفي ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في مواقعة أنثى بغير رضاها والمرتبطة بجنحتي السرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الأول بالتحقيقات وأقوال المتهم الثاني وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يدفعا ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه وكل ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن الأول في هذا الصدد أنه تعرض لإكراه أدبي والقبض على أسرته كما ساق المدافع عن الطاعن الثاني عبارة مرسلة هي بطلان الاعتراف بمحضر الضبط دون أن يبين أيهما وجه ما ينعاه على هذا الاعتراف مما يشكك في سلامته ولا يمكن القول بأن هاتين العبارتين المرسلتين اللتين ساقاها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له وكل ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكك في الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من إجراء تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشادة كلامية بنت وقتها ولم يكن يقصد قتل المجني عليها وما يثيره الطاعن الثاني من أنه ليس له دور في هذه القضية إلا قيادته السيارة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع وفي استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان من المقرر أيضاً أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين بقوله "وحيث إنه عن نية القتل في الجريمة الماثلة فإن الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد باشرا الاعتداء بالطريقة التي أدلى بها المتهم تفصيلاً لإزهاق روح المجني عليها وذلك من استعمال سلاح قاتل بطبيعته آلة حادة - مطواة - ومولاة الاعتداء بتسديد الطعنات في أماكن قاتلة من الجسد هي الصدر والعنق - الأمر الذي يقطع بأن المتهمين حينما اعتديا على المجني عليها بهذه الطريقة إنما كان قصدهما إزهاق روحها إذ لم يتركاها إلا جثة هامدة وقد تأكد من ذلك المتهم الثاني حينما أخبر المتهم الأول قيامه بالإجهاز عليها" وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل في حقهما وتضمن بذاته الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت المجني عليها فإن ما يعيبه الطاعنان على الحكم بالقصور يكون على غير أساس ويتعين الالتفات عنه. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ويكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى توافر نية القتل في حق الطاعنين وكان أي من الطاعنين لا يماري في أن ما أورده الحكم له مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن خلو أقواله من بيان مواضع الطعنات التي كالها للمجني عليها وشدتها وما يثيره الطاعن الثاني بأن الشهود قرروا بأن دوره اقتصر على قيادة السيارة بالمتهم الأول والمجني عليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى مما سلف ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن استدلال الحكم باعتراف المتهم الأول على ارتكابه الجريمة معه - يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم التفاته عما ورد بالإقرار الموقع من الطاعن الأول بتلفيق الاتهام له - على فرض صحته - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 61 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

48-لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 304

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

(55)
الطعن رقم 5335 لسنة 69 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة.
وجوب عرض النيابة الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً بمذكرة برأيها. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحصيل الحكم مؤدى أدلة الدعوى تحصيلاً سليماً له أصله الثابت بالأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كفايته لتحقيق حكم المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(4) إثبات "اعتراف". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "الدفع ببطلان الاعتراف".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(5) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إعدام. قتل عمد.
إثبات جريمة القتل العمد والحكم بالإعدام على مقارفها. لا يشترط القانون وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة متى اطمأنت إليها.
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
عدم التزام الحكم بإيراد الدفاع بوجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. ما دام ما أورده يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
تعقب المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي غير لازم. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) قتل عمد. جريمة "أركانها".
آلة الاعتداء. ليست من أركان الجريمة.
(10) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة".
تقدير حالة المتهم العقلية وتأثيرها على مسئوليته الجنائية. موضوعي. ما دام سائغاً.
عدم التزام المحكمة بالاستعانة بخبير لتقدير حالة المتهم العقلية.
(11) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل والسرقة.
(12) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استخلاص القاضي لها من وقائع خارجية. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل.
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
2 - لما كان الحكم قد حصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان الحكم قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه بالتحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن. ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده قد امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم.
5 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها.
6 - من المقرر أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
7 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن.
8 - ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.
10 - تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية.
11 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها". فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه.
12 - سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه.
13 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من......,....... بأنهما: 1- قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا لذلك أداة حادة (ساطور) واستدرجاها إلى سكنهما وما أن ظفرا بها حتى عاجلها المتهم الأول بضربتين على رأسها بالأداة سالفة البيان قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد وقعت هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرقا المصوغات الذهبية المملوكة للمجني عليها المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. 2 - المتهم الأول: أحرز بغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية أداة حادة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص. وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى........ عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قررت حضورياً بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 المرفق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات والمادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهمة الثانية وبإجماع الآراء للمتهم الأول بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة الأداة المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها أمامها والمحكوم عليها الثانية قامت بإعادة الإجراءات في الحكم الغيابي الصادر قبلها أمام ذات المحكمة.
ومحكمة....... قضت حضورياً للمتهمة الثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة فطعن المحكوم عليهما في الحكمين السالفين بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... قضائية، ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكلاً وقبول عرض النيابة العامة للقضية بالنسبة له وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات....... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليها الثانية شكلاً ورفضه موضوعاً، ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قررت حضورياً بإجماع الآراء إحالة الدعوى إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر 1/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً لما نسب إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

 

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه في حوالي الثانية عشر من ظهر يوم 22/ 1/ 1996 ولضائقة مالية يمر بها المتهم........ وزوجته السابق الحكم عليها عقدا العزم وبيتا النية على قتل المجني عليها....... وسرقة حليها الذهبية وتدبرا أمر ذلك في هدوء وروية فأعدا لذلك سلاحهما الأبيض القاتل (ساطور) واستدرجتها زوجته إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث وما أن ظفر المتهم الأول بها حتى باغتها بضربتين قاتلتين على أم رأسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدثتا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وتمكنا بهذه الوسيلة من سرقة حيلها الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. وقد اعترف المتهم الأول بارتكابه لواقعتي القتل والسرقة على النحو المبين بالتحقيقات. "وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة كل من....... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ومن اعتراف المتهم تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم بإعدامه قد دفع بعدم جدية التحريات التي سبقت إصدار إذن التفتيش، ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن شبهة القصور في هذا الشأن تكون منتفية, لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه في التحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن, ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها، وأن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الدفاع عن المحكوم عليه بالإعدام من دفاع مؤداه أن الحادث لم يقع بمسكنه بدليل عدم العثور على آثار دماء به وذلك بما أورده الحكم في مواضع متعددة من مدوناته أن واقعة القتل قد تمت بمسكن المحكوم بإعدامه وأنه تخلص من آثار جريمته بغسل آثار الدماء بمكان الحادث وهو قول يسوغ به إطراح هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه، فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين الفني والقولي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة، وإذ نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليها يمكن حدوثها من مثل "الساطور" المضبوط ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، ومن ثم فإن ما ساقه الدفاع عن المحكوم بإعدامه في هذا الشأن بمحضر جلسة المحاكمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع منتفية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر، أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، فإن هذا حسبه كي يستقيم قضاؤه بالإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

47-إثبات جريمة القتل العمد والحكم بالإعدام على مقارفها لا يشترط القانون وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 304

جلسة 13 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

(55)
الطعن رقم 5335 لسنة 69 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة.
وجوب عرض النيابة الحكم الحضوري الصادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعاً بمذكرة برأيها. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحصيل الحكم مؤدى أدلة الدعوى تحصيلاً سليماً له أصله الثابت بالأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. كفايته لتحقيق حكم المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(4) إثبات "اعتراف". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش" "الدفع ببطلان الاعتراف".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(5) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إعدام. قتل عمد.
إثبات جريمة القتل العمد والحكم بالإعدام على مقارفها. لا يشترط القانون وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ برواية منقولة متى اطمأنت إليها.
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
عدم التزام الحكم بإيراد الدفاع بوجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. ما دام ما أورده يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
تعقب المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي غير لازم. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) قتل عمد. جريمة "أركانها".
آلة الاعتداء. ليست من أركان الجريمة.
(10) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة".
تقدير حالة المتهم العقلية وتأثيرها على مسئوليته الجنائية. موضوعي. ما دام سائغاً.
عدم التزام المحكمة بالاستعانة بخبير لتقدير حالة المتهم العقلية.
(11) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي".
قصد القتل. أمر خفي إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال. لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل والسرقة.
(12) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استخلاص القاضي لها من وقائع خارجية. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل.
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
2 - لما كان الحكم قد حصل مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان الحكم قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه بالتحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن. ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده قد امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم.
5 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها.
6 - من المقرر أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
7 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن.
8 - ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.
10 - تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية.
11 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها". فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه.
12 - سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه.
13 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من......,....... بأنهما: 1- قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا لذلك أداة حادة (ساطور) واستدرجاها إلى سكنهما وما أن ظفرا بها حتى عاجلها المتهم الأول بضربتين على رأسها بالأداة سالفة البيان قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد وقعت هذه الجناية بقصد ارتكاب جنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرقا المصوغات الذهبية المملوكة للمجني عليها المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. 2 - المتهم الأول: أحرز بغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية أداة حادة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص. وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى........ عن نفسه وبصفته مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قررت حضورياً بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة........ للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 المرفق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات والمادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهمة الثانية وبإجماع الآراء للمتهم الأول بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة الأداة المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها أمامها والمحكوم عليها الثانية قامت بإعادة الإجراءات في الحكم الغيابي الصادر قبلها أمام ذات المحكمة.
ومحكمة....... قضت حضورياً للمتهمة الثانية عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة فطعن المحكوم عليهما في الحكمين السالفين بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... قضائية، ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكلاً وقبول عرض النيابة العامة للقضية بالنسبة له وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات....... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليها الثانية شكلاً ورفضه موضوعاً، ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قررت حضورياً بإجماع الآراء إحالة الدعوى إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر 1/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً لما نسب إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

 

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه في حوالي الثانية عشر من ظهر يوم 22/ 1/ 1996 ولضائقة مالية يمر بها المتهم........ وزوجته السابق الحكم عليها عقدا العزم وبيتا النية على قتل المجني عليها....... وسرقة حليها الذهبية وتدبرا أمر ذلك في هدوء وروية فأعدا لذلك سلاحهما الأبيض القاتل (ساطور) واستدرجتها زوجته إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث وما أن ظفر المتهم الأول بها حتى باغتها بضربتين قاتلتين على أم رأسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدثتا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وتمكنا بهذه الوسيلة من سرقة حيلها الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. وقد اعترف المتهم الأول بارتكابه لواقعتي القتل والسرقة على النحو المبين بالتحقيقات. "وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة كل من....... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ومن اعتراف المتهم تفصيلاً بالتحقيقات بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مما يتحقق به حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الحكم قد سلم من القصور في هذا الشأن لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن المحكوم بإعدامه قد دفع بعدم جدية التحريات التي سبقت إصدار إذن التفتيش، ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن شبهة القصور في هذا الشأن تكون منتفية, لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد عرض لما أبداه الدفاع عن المحكوم بإعدامه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وبطلان الاعتراف المنسوب إليه في التحقيقات لكونه وليد تفتيش باطل وإكراه وقع عليه وأطرحه في قوله "إن الثابت أن الإذن بالضبط والتفتيش صدر بتاريخ 27/ 1/ 1996 وأنه تم القبض على المتهم بتاريخ 28/ 1/ 1996 أي بعد صدور الإذن, ولما كان هذا الدفاع جاء مرسلاً لا دليل عليه مما يتعين رفضه. وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه، حيث صدر من المتهم أثناء حضور ضابط الواقعة إجراءات التحقيق معه في النيابة العامة فهو غير سديد، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف تفصيلاً بارتكابه لواقعة قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية بإرادته الحرة الواعية دون ثمة إكراه مادي أو معنوي أو غش أو تدليس وقع عليه من أحد رجال الشرطة أو النيابة العامة فضلاً عن أنه لو سلمنا جدلاً بتواجد رجل الضبط القضائي بالنيابة العامة أثناء التحقيق مع المتهم فإنه لا يمثل إكراهاً مادياً أو معنوياً وقع عليه طالما لم يثبت أن يده امتدت إليه بالإيذاء المادي أو المعنوي، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد اعترف أمام المحكمة عند تجديد أمر حبسه الاحتياطي بارتكابه للواقعة وكان هذا الاعتراف قد حاز أوضاعه القانونية، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع المبدى". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم - فيما سلف - رداً على ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة له أصله الثابت بالأوراق ويسوغ به إطراح ما أثاره من بطلان القبض عليه وتفتيشه ومسكنه وبطلان اعترافه بالتحقيقات للأسباب التي حددها مما لا شائبة معه تشوب الحكم. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها، وأن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من الأدلة التي استندت إليها في قضائها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي, ومن ثم يكون ما أثاره المدافع عن المحكوم بإعدامه بمحضر جلسة المحاكمة في شأن ما تقدم يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقعة الدعوى - ويكون الحكم متفقاً وصحيح القانون في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الدفاع عن المحكوم عليه بالإعدام من دفاع مؤداه أن الحادث لم يقع بمسكنه بدليل عدم العثور على آثار دماء به وذلك بما أورده الحكم في مواضع متعددة من مدوناته أن واقعة القتل قد تمت بمسكن المحكوم بإعدامه وأنه تخلص من آثار جريمته بغسل آثار الدماء بمكان الحادث وهو قول يسوغ به إطراح هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام قد أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه، فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين الفني والقولي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة، وإذ نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليها يمكن حدوثها من مثل "الساطور" المضبوط ووفقاً للتصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة، ومن ثم فإن ما ساقه الدفاع عن المحكوم بإعدامه في هذا الشأن بمحضر جلسة المحاكمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية ومدى تأثيرها على مسئوليته الجنائية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وهي غير ملزمة بالاستعانة في ذلك بخبير إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها تقديرها، وإذ كان الحكم المعروض قد انتهى في منطق سليم وبأدلة سائغة إلى سلامة إدراك المحكوم بإعدامه وقت اقترافه الجريمة ووقت اعترافه بارتكابها وأطرح طلب الدفاع بعرضه على الطبيب الشرعي لفحص قواه العقلية لعدم استناد هذا الطلب إلى أساس جدي، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن منبت الصلة بما هو محظور على المحكمة أن تقحم نفسها فيه من الأمور الفنية التي لا تستطيع أن تشق طريقها فيها دون الاستعانة بأهل الخبرة بل إنه لا يعدو أن يكون من الأمور التي تتعلق بسلطة المحكمة في تقدير الدليل، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع منتفية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المتهم وزوجته السابق الحكم عليها قد عقدا العزم وبيتا النية وتدبرا أمرهما في هدوء وروية على قتل المجني عليها وسرقة حليها الذهبية للتخلص من الضائقة المالية التي يمران بها فأعد المتهم سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - الساطور - في تاريخ سابق على الحادث ووضعه فوق صيوان ملابسه وما أن استدرجتها زوجته حتى باغتها المتهم بضربتين قاتلتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم بإعدامه في قوله "لما كان من المقرر، أن هذا الظرف يستلزم أن يكون لدى الجاني من الفرص ما يسمح له بالتروي والتفكير فيما هو مقدم عليه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، ولما كان الثابت من الأوراق أن المتهم قد أضمر شراً في نفسه بالمجني عليها ابتغاء سرقة حليها الذهبية وما معها من نقود للتخلص من الضائقة المالية التي يمر بها فأعد العدة لذلك في تفكير هادئ مطمئن ورسم خطته الشيطانية في تعقل وروية في تاريخ سابق على الحادث وأعد لذلك سلاحه الأبيض القاتل بطبيعته - ساطور - والذي أخفاه أعلى صيوان ملابسه وما أن استدرجت زوجته السابق الحكم عليها المجني عليها إلى مسكنها وتجاذبت معها أطراف الحديث حتى باغتها بضربتين على أم رأسها أسقطتها أرضاً مضرجة في دمائها جثة هامدة لا حراك فيها حيث لفظت أنفاسها الأخيرة إلى بارئها". فإن الحكم يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما ينتجه، فإن هذا حسبه كي يستقيم قضاؤه بالإعدام. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم بإعدامه بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر الحكم من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

46-إثبات جريمة القتل والحكم على مقارفها بالإعدام لا يشترط وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وأدلتها.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 354

جلسة 2 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وفرغلي زناتي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

(66)
الطعن رقم 10016 لسنة 66 القضائية

(1) جريمة "أركانها". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه والوفاة.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "خبرة" "معاينة".
الدفاع الموضوعي بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت. غير مقبول.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
النعي على معاينة النيابة. غير مقبول. ما دام لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منها.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني. تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض في بعض تفاصيل اعتراف المتهمين ورواية الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز. أمام محكمة النقض.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. دون التقيد بدليل معين. علة وأساس ذلك؟
(10) قتل عمد. عقوبة "توقيعها". إعدام. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات جريمة القتل والحكم على مقارفها بالإعدام. لا يشترط وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وأدلتها.
لا يشترط لتوقيع عقوبة الإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص شهود رؤية للجريمة أو إقرار بها.
(11) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها أو بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(12) عقوبة "تطبيقها". إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بتشريح جثة المجني عليه تبين أنها في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه - التي أورد تفصيلها نقلاً عن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي - وبين وفاته، وأورد من واقع هذين التقريرين قوله: "وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية". فإن ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وبين الوفاة, ويكون النعي عليه بانتفاء رابطة السببية بين ما عثر عليه من المركب الكلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته غير سديد.
2 - لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي بعدم تحديد نوع المركب السام وكميته بأحشاء المجني عليه، وما إذا كان السبب المباشر للوفاة - بدعوى احتمال أن يكون السبب راجعاً إلى مادة البنزديازين التي كانت تعطى للمجني عليه يومياً كمنوم - لا يكون سديداً.
3 - لما كان ما أثاره الدفاع من أن معاينة النيابة لجثة المجني عليه أثبتت وجود نزيف دموي بالأنف والأذنين وتلوث ملابسه بالدماء، وادعاء دلالة ذلك على وقوع اعتداء عليه تسبب في وفاته، فضلاً عن التذرع بما قررت به الكيميائية....... - بجلسة المحاكمة - من إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق شم المبيد الحشري واحتمال حدوث وفاة المجني عليه - الذي يعمل في مجال المبيدات الحشرية - نتيجة ذلك أيضاً، كل ذلك يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي قصد بها إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، وفي قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرحها ولم ير فيها ما يغير من عقيدته التي خلص إليها، وهو ما لا يجوز معاودة الجدل فيه أمام محكمة النقض. فضلاً عن أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من معاينة النيابة.
4 - لما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن آثار الدماء التي كانت تلوث أنف وأذن وملابس المجني عليه، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
5 - تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه من "أنه بتشريح جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بحالتها الراهنة من التعفن أية متخلفات إصابية، وأنه بالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذ من الجثة عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى وفاة المذكور إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر بما أدى إليه ذلك من هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون منعى الطاعن - بخلو التقرير من الإشارة إلى وجود نزيف دموي في أنف وأذني المجني عليه، وبأن الحكم افترض حدوث الوفاة من المادة الكلورينية - مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
7 - لما كان نعي الطاعن بأن النيابة العامة لم تعن في تحقيقاتها ببيان سبب ما بأنف وأذني المجني عليه من نزيف دموي ومدى صلة ذلك بوفاته، إنما ينصب على الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض رده على الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليها الأخرى قوله: "ولا ينال من وجهة النظر هذه أن تذكر المتهمة الأولى في إحدى روايتها أن المتهم الثاني - الطاعن - هو الذي وضع المبيد الحشري إلى المجني عليه متناقضة في ذلك مع نفسها، حيث أوردت رواية أخرى أنها هي التي قامت بوضع تلك المادة السامة التي أحضرها المتهم الثاني في عصير الليمون بعد خلطه في الخلاط الكهربائي وقدمته إلى المجني عليه وتناوله أمامها، وهذا الاعتراف على النحو سالف الذكر وقد اطمأنت المحكمة إلى صدوره - عن المتهمة الأولى عن طواعية واختيار ليس فيه ما يخالف أو يناقض الدليل الفني بالأوراق، وإذ جاء تقرير الصفة التشريحية مؤكداً لما أوردته المتهمة الأولى في اعترافها من أن وفاة المجني عليه هي نتيجة تناوله المبيد الحشري الذي وضعته له في عصير الليمون. وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من اعترافه - والمحكوم عليها الأخرى - ومن أقوال شهود الإثبات، فإن التناقض في بعض تفاصيل اعترافهما ورواية الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم، ومن ثم يكون منعى الطاعن - بتناقض اعترافات المحكوم عليهما بعضاً مع بعض في شأن القائم بوضع المبيد الحشري بشراب الليمون للمجني عليه، وتناقض تلك الاعترافات مع أقوال كبير الأطباء الشرعيين في شأن مدى إمكانية إذابة المركب الكلوريني بالشراب المذكور - من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
9 - لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها, دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذاتهم أو بالأدلة المباشرة. إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
10 - لما كان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها - على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها.
11 - حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما، ولما كان من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها طبقاً للمادة 46 المشار إليها، لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها، دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
12 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل باستعمال السم، وتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار المحكوم عليهما فاعلين أصليين في جريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه يكون قد اقترن بالصواب، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليهما ودحضه في منطق سائغ. وقد صدر بالإعدام آراء قضاة المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 831/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه بالنسبة إلى المحكوم عليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ....... "طاعن" بأنهما: قتلا المجني عليه...... عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لذلك جواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً ووضعاها له بمشروب الليمون وقدماه له وما أن احتساه حتى حدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أخفيا جثة المجني عليه سالف الذكر بأن ألقياه بترعة النصر بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من والدة المجني عليه وشقيقتيه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء - عملاً بالمواد 230، 231، 233، 239 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات. بمعاقبة كل منهما بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا إلى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم.


المحكمة

 

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه.......
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أغفل دفاعه بانتفاء رابطة السببية بين وجود آثار لمركب كلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته لعدم تحديد نوع المركب وكميته وعدم القطع بأنه السبب الوحيد والمباشر للوفاة، خاصة مع ما ثبت من تقرير معمل التحليل الكيماوي من وجود مادة البنزديازين بالأحشاء والتي يحتمل أن تكون سبب الوفاة، وما ثبت من مناظرة النيابة العامة للجثة من وجود نزيف دموي من أنف وأذن المجني عليه وتلوث ملابسه بالدماء مما يقطع بتعرضه لاعتداء قد يكون السبب في وفاته، مما كان يتعين على المحكمة تحقيقه وصولاً إلى غاية الأمر فيه وعول الحكم - ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن - على تقرير الصفة التشريحية الذي افترض أن سبب الوفاة تناول مادة كلورينية، رغم تعارض ذلك مع ما قال به الفنيون من أن مادة البنزديازين التي عثر عليها بأحشاء المجني عليه يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ولم يشر التقرير - كذلك - إلى النزيف الذي أثبت بمعاينة النيابة التي خلت في تحقيقها من بيان أسبابه وصلته بالوفاة، كما عَول الحكم في الإدانة - كذلك - على اعتراف الطاعن - والمحكوم عليها الأخرى - رغم تناقضهما في تحديد من وضع منهما المادة السامة في شراب الليمون. وتناقض أقوالهما في هذا الشأن مع ما قال به كبير الأطباء الشرعيين من أن تلك المادة لا تذوب، وهو ما يشكك في صحة تصويرهما للواقعة، وأغفل الحكم ما شهدت به الكيميائية...... عن إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق الشم وهو ما يرجح به احتمال حدوث الوفاة على هذا النحو خاصة وأن المجني عليه مهندس زراعي يتصل بحكم وظيفته بالمبيدات الحشرية وأخيراً فقد خلت الأوراق من الدليل اليقيني على ارتكاب الطاعن للجريمة على النحو الموجب للقصاص - من إقرار صحيح أو توافر نصاب الشهادة الشرعية - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار - وإخفاء جثة المجني عليه - اللتين دان الطاعن - وأخرى بهما، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهمين بالتحقيقات، ومن تقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية أنه بتشريح جثة المجني عليه تبين أنها في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر بداخلها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه - التي ورد تفصيلها نقلاً عن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي - وبين وفاته وأورد من واقع هذين التقريرين قوله: "وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية". فإن ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وبين الوفاة ويكون النعي عليه بانتفاء رابطة السببية بين ما عثر عليه من المركب الكلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقريري الصفة التشريحية وأقوال كبير الأطباء الشرعيين - بجلسة المحكمة - أن سبب الوفاة هو المركب الكلوريني العضوي - من المبيدات الحشرية - وأنه مادة سامة بذاتها، على خلاف مادة البنزديازين - وهي من الأدوية - وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي بعدم تحديد نوع المركب السام وكميته بأحشاء المجني عليه، وما إذا كان السبب المباشر للوفاة - بدعوى احتمال أن يكون السبب راجعاً إلى مادة البنزديازين التي كانت تعطى للمجني عليه يومياً كمنوم - لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع من أن معاينة النيابة لجثة المجني عليه أثبت وجود نزيف دموي بالأنف والأذنين وتلوث ملابسه بالدماء، وادعاء دلالة ذلك على وقوع اعتداء عليه تسبب في وفاته، فضلاً عن التذرع بما قررت به الكيميائية......... بجلسة المحاكمة - من إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق شم المبيد الحشري واحتمال حدوث وفاة المجني عليه - الذي يعمل في مجال المبيدات الحشرية - نتيجة ذلك أيضاً، كل ذلك يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي قصد بها إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، وفي قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرحها ولم ير فيها ما يغير من عقيدته التي خلص إليها، وهو ما لا يجوز معاودة الجدل فيه أمام محكمة النقض. فضلاً عن أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من معاينة النيابة، مما يجعل النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن آثار الدماء التي كانت تلوث أنف وأذن وملابس المجني عليه، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه من "أنه بتشريح جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بحالتها الراهنة من التعفن أية متخلفات إصابية، وأنه بالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذ من الجثة عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى وفاة المذكور إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر بما أدى إليه ذلك من هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون منعى الطاعن - بخلو التقرير من الإشارة إلى وجود نزيف دموي في أنف وأذن المجني عليه، وبأن الحكم افترض حدوث الوفاة من المادة الكلورينية - مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية، ومن ثم فإن النعي بأن ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية من أن المادة الكلورينية هي سبب الوفاة يتعارض مع الرأي الفني من أن المادة المنومة التي عثر عليها بأحشاء المجني عليه قد تؤدي إلى الوفاة، يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن بأن النيابة العامة لم تعن في تحقيقاتها ببيان سبب ما بأنف وأذني المجني عليه من نزيف دموي ومدى صلة ذلك بوفاته، إنما ينصب على الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض رده على الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليها الأخرى قوله: ولا ينال من وجهة النظر هذه أن تذكر المتهمة الأولى في إحدى رواياتها أن المتهم الثاني - الطاعن - هو الذي وضع المبيد الحشري إلى المجني عليه متناقضة في ذلك مع نفسها، حيث أوردت رواية أخرى أنها هي التي قامت بوضع تلك المادة السامة التي أحضرها المتهم الثاني في عصير الليمون بعد خلطه في الخلاط الكهربائي وقدمته إلى المجني عليه وتناوله أمامها، وهذا الاعتراف على النحو سالف الذكر وقد اطمأنت المحكمة إلى صدوره - عن المتهمة الأولى عن طواعية واختيار ليس فيه ما يخالف أو يناقض الدليل الفني بالأوراق، وإذ جاء تقرير الصفة التشريحية مؤكداً لما أوردته المتهمة الأولى في اعترافها من أن وفاة المجني عليه هي نتيجة تناوله المبيد الحشري الذي وضعته له في عصير الليمون. وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من اعترافه - والمحكوم عليها الأخرى - ومن أقوال شهود الإثبات، فإن التناقض في بعض تفاصيل اعترافهما ورواية الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم، ومن ثم يكون منعى الطاعن - بتناقض اعترافات المحكوم عليهما بعضها مع بعض في شأن القائم بوضع المبيد الحشري بشراب الليمون للمجني عليه، وتناقض تلك الاعترافات مع أقوال كبير الأطباء الشرعيين في شأن مدى إمكانية إذابة المركب الكلوريني بالشراب المذكور - من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها, دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذاتهم أو بالأدلة المباشرة. إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها. ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توفرت شرائط توقيعها - على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه في هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المطعون فيه بريئاً مما ينعاه الطاعن عليه في هذا الصدد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه - يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ثانياً: عن عرض النيابة العامة للقضية:
من حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما، ولما كان من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 المشار إليها، لتفصل فيها وتبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى بما مجمله: أن المحكوم عليها..... زوجة المجني عليه.... كانت قد تعرفت على المحكوم عليه الذي طلب منها أن تقدمه لزوجها للتعرف عليه ففعلت وقامت صداقة بين الزوج حتى أنه أقام معه إقامة دائمة في مسكن الزوجية وتمكن من إقناعه - أي المجني عليه - أن ينقده مبلغ ثلاثة وثلاثين ألف من الجنيهات لاستثمارها له في تجارة الأسمنت التي يباشرها واستعان بالزوجة في إقناع الزوج بذلك، ونشأت العلاقة الآثمة بين المحكوم عليهما حيث كانت الزوجة تدس الحبوب المنومة - التي كان يحضرها لها العشيق بكمية كبيرة - في مشروب الشاي وتقدمه لزوجها المجني عليه كل ليلة، وما أن يغط في نومه حتى تهرول إلى حجرة العشيق الذي اعتاد على معاشرتها معاشرة الأزواج وفي منزل الزوج المخدوع، وظلا على ذلك مدة طويلة، وعندما طلب الزوج استرداد أمواله التي كان دفعها في تجارة الأسمنت، ضاقا به وتثالثا مع الشيطان - الذي زين لهما المتعة الحرام - في التدبير لقتله - وأعدا لذلك عدته بأن أحضر هو بتوجيه منها كمية من المبيدات الحشرية - وهي سامة بطبيعتها - وطلب منها أن تدسها لزوجها في كوب من شراب الليمون ففعلت وقدمت الشراب - بعد أن مزجته بالمادة السامة في الخلاط الكهربائي - للمجني عليه وبعد تناوله ظهرت عليه أعراض التسمم، فأقتاده المحكوم عليه إلى حجرة نومه وأغلق عليه بابها وبعد عشر دقائق تبين أنه فارق الحياة، وفي هدأة الليل قاما بلف الجثة في قطعة من الموكيت وربطاها بالحبال ووضعاها في سيارة نصف نقل كان المتهم قد أعدها لهذا الغرض وقادها بنفسه وهي إلى جواره حتى أتيا ترعة النصر وألقيا بها الجثة، ثم عادا إلى المنزل لاستئناف ممارسة المتعة الحرام - دون أن تتأثر الزوجة بما فعلت وعشيقها بالزوج الذي لها منه ثلاثة أولاد, وتم انتشال الجثة بعد أن طفت على سطح ماء الترعة، وبدأت الشرطة تباشر تحرياتها. وتوجهت المتهمة إلى منزل أسرتها - بإيعاز من المتهم - بغية الاستيلاء على ورقة كان مدوناً بها محل إقامتها حتى لا يستدل عليها. وهناك أخبرت شقيقها يسري...... بما فعلت - والآخر - بزوجها وبرغبة هذا الآخر في الزواج منها، فأخبر الشقيق بقية أخوته بما قررت به له شقيقتهم، وأجمعوا رأيهم على الإبلاغ وأثبتت التحريات صحة وقوع الحادث على نحو ما سلف بيانه، واعتراف المحكوم عليهما في تحقيقات النيابة تفصيلياً بارتكاب الحادث وقاما بتمثيل ذلك في معاينة تصويرية، وتبين من تقرير الصفة التشريحية أن جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم، ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر به على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق المتهمين - على هذه الصورة - أدلة مستمدة من أقوال المقدمين......, ...... بتفتيش مباحث...... والرائد...... رئيس وحدة مباحث........ والرائد...... رئيس وحدة مباحث........ والنقيب...... بقسم مكافحة جرائم النفس وأشقاء المحكوم عليها ومن اعترافات المحكوم عليهما بالتحقيقات ومن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي ومن شهادة الدكتورة...... وكيلة الطب الشرعي بالإسكندرية والدكتور...... كبير الأطباء الشرعيين بالقاهرة وحصل الحكم مضمون هذه الأدلة بما له أصله الثابت في الأوراق، وبين الواقعة التي دان المحكوم عليهما بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما على نحو يدل على تمحيصها التمحيص الكافي والإلمام بها الإلمام الشامل وأن المحكمة قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وتفهم الواقعة بأركانها وظروفها وهو ما يتحقق به حكم القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل باستعمال السم، وتوافر ظروف سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار المحكوم عليهما فاعلين أصليين في جريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه يكون قد اقترن بالصواب، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليهما ودحضه في منطق سائغ, وقد صدر بالإعدام بإجماع آراء قضاة المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه بالنسبة إلى المحكوم عليهما، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

45-لما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بتشريح جثة المجني عليه تبين أنها في حالة تعفن .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 354

جلسة 2 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وفرغلي زناتي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

(66)
الطعن رقم 10016 لسنة 66 القضائية

(1) جريمة "أركانها". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه والوفاة.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "خبرة" "معاينة".
الدفاع الموضوعي بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت. غير مقبول.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
النعي على معاينة النيابة. غير مقبول. ما دام لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منها.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني. تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض في بعض تفاصيل اعتراف المتهمين ورواية الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز. أمام محكمة النقض.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. دون التقيد بدليل معين. علة وأساس ذلك؟
(10) قتل عمد. عقوبة "توقيعها". إعدام. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات جريمة القتل والحكم على مقارفها بالإعدام. لا يشترط وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية أن تكون المحكمة اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وأدلتها.
لا يشترط لتوقيع عقوبة الإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص شهود رؤية للجريمة أو إقرار بها.
(11) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها أو بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(12) عقوبة "تطبيقها". إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أنه بتشريح جثة المجني عليه تبين أنها في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه - التي أورد تفصيلها نقلاً عن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي - وبين وفاته، وأورد من واقع هذين التقريرين قوله: "وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية". فإن ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وبين الوفاة, ويكون النعي عليه بانتفاء رابطة السببية بين ما عثر عليه من المركب الكلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته غير سديد.
2 - لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي بعدم تحديد نوع المركب السام وكميته بأحشاء المجني عليه، وما إذا كان السبب المباشر للوفاة - بدعوى احتمال أن يكون السبب راجعاً إلى مادة البنزديازين التي كانت تعطى للمجني عليه يومياً كمنوم - لا يكون سديداً.
3 - لما كان ما أثاره الدفاع من أن معاينة النيابة لجثة المجني عليه أثبتت وجود نزيف دموي بالأنف والأذنين وتلوث ملابسه بالدماء، وادعاء دلالة ذلك على وقوع اعتداء عليه تسبب في وفاته، فضلاً عن التذرع بما قررت به الكيميائية....... - بجلسة المحاكمة - من إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق شم المبيد الحشري واحتمال حدوث وفاة المجني عليه - الذي يعمل في مجال المبيدات الحشرية - نتيجة ذلك أيضاً، كل ذلك يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي قصد بها إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، وفي قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرحها ولم ير فيها ما يغير من عقيدته التي خلص إليها، وهو ما لا يجوز معاودة الجدل فيه أمام محكمة النقض. فضلاً عن أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من معاينة النيابة.
4 - لما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن آثار الدماء التي كانت تلوث أنف وأذن وملابس المجني عليه، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
5 - تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه من "أنه بتشريح جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بحالتها الراهنة من التعفن أية متخلفات إصابية، وأنه بالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذ من الجثة عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى وفاة المذكور إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر بما أدى إليه ذلك من هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون منعى الطاعن - بخلو التقرير من الإشارة إلى وجود نزيف دموي في أنف وأذني المجني عليه، وبأن الحكم افترض حدوث الوفاة من المادة الكلورينية - مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
7 - لما كان نعي الطاعن بأن النيابة العامة لم تعن في تحقيقاتها ببيان سبب ما بأنف وأذني المجني عليه من نزيف دموي ومدى صلة ذلك بوفاته، إنما ينصب على الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض رده على الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليها الأخرى قوله: "ولا ينال من وجهة النظر هذه أن تذكر المتهمة الأولى في إحدى روايتها أن المتهم الثاني - الطاعن - هو الذي وضع المبيد الحشري إلى المجني عليه متناقضة في ذلك مع نفسها، حيث أوردت رواية أخرى أنها هي التي قامت بوضع تلك المادة السامة التي أحضرها المتهم الثاني في عصير الليمون بعد خلطه في الخلاط الكهربائي وقدمته إلى المجني عليه وتناوله أمامها، وهذا الاعتراف على النحو سالف الذكر وقد اطمأنت المحكمة إلى صدوره - عن المتهمة الأولى عن طواعية واختيار ليس فيه ما يخالف أو يناقض الدليل الفني بالأوراق، وإذ جاء تقرير الصفة التشريحية مؤكداً لما أوردته المتهمة الأولى في اعترافها من أن وفاة المجني عليه هي نتيجة تناوله المبيد الحشري الذي وضعته له في عصير الليمون. وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من اعترافه - والمحكوم عليها الأخرى - ومن أقوال شهود الإثبات، فإن التناقض في بعض تفاصيل اعترافهما ورواية الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم، ومن ثم يكون منعى الطاعن - بتناقض اعترافات المحكوم عليهما بعضاً مع بعض في شأن القائم بوضع المبيد الحشري بشراب الليمون للمجني عليه، وتناقض تلك الاعترافات مع أقوال كبير الأطباء الشرعيين في شأن مدى إمكانية إذابة المركب الكلوريني بالشراب المذكور - من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
9 - لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها, دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذاتهم أو بالأدلة المباشرة. إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
10 - لما كان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها - على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها.
11 - حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما، ولما كان من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها طبقاً للمادة 46 المشار إليها، لتفصل فيها وتتبين من تلقاء نفسها، دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
12 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل باستعمال السم، وتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار المحكوم عليهما فاعلين أصليين في جريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه يكون قد اقترن بالصواب، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليهما ودحضه في منطق سائغ. وقد صدر بالإعدام آراء قضاة المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 831/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه بالنسبة إلى المحكوم عليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ....... "طاعن" بأنهما: قتلا المجني عليه...... عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لذلك جواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً ووضعاها له بمشروب الليمون وقدماه له وما أن احتساه حتى حدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أخفيا جثة المجني عليه سالف الذكر بأن ألقياه بترعة النصر بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من والدة المجني عليه وشقيقتيه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء - عملاً بالمواد 230، 231، 233، 239 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات. بمعاقبة كل منهما بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا إلى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم.


المحكمة

 

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه.......
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أغفل دفاعه بانتفاء رابطة السببية بين وجود آثار لمركب كلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته لعدم تحديد نوع المركب وكميته وعدم القطع بأنه السبب الوحيد والمباشر للوفاة، خاصة مع ما ثبت من تقرير معمل التحليل الكيماوي من وجود مادة البنزديازين بالأحشاء والتي يحتمل أن تكون سبب الوفاة، وما ثبت من مناظرة النيابة العامة للجثة من وجود نزيف دموي من أنف وأذن المجني عليه وتلوث ملابسه بالدماء مما يقطع بتعرضه لاعتداء قد يكون السبب في وفاته، مما كان يتعين على المحكمة تحقيقه وصولاً إلى غاية الأمر فيه وعول الحكم - ضمن ما عول عليه في إدانة الطاعن - على تقرير الصفة التشريحية الذي افترض أن سبب الوفاة تناول مادة كلورينية، رغم تعارض ذلك مع ما قال به الفنيون من أن مادة البنزديازين التي عثر عليها بأحشاء المجني عليه يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ولم يشر التقرير - كذلك - إلى النزيف الذي أثبت بمعاينة النيابة التي خلت في تحقيقها من بيان أسبابه وصلته بالوفاة، كما عَول الحكم في الإدانة - كذلك - على اعتراف الطاعن - والمحكوم عليها الأخرى - رغم تناقضهما في تحديد من وضع منهما المادة السامة في شراب الليمون. وتناقض أقوالهما في هذا الشأن مع ما قال به كبير الأطباء الشرعيين من أن تلك المادة لا تذوب، وهو ما يشكك في صحة تصويرهما للواقعة، وأغفل الحكم ما شهدت به الكيميائية...... عن إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق الشم وهو ما يرجح به احتمال حدوث الوفاة على هذا النحو خاصة وأن المجني عليه مهندس زراعي يتصل بحكم وظيفته بالمبيدات الحشرية وأخيراً فقد خلت الأوراق من الدليل اليقيني على ارتكاب الطاعن للجريمة على النحو الموجب للقصاص - من إقرار صحيح أو توافر نصاب الشهادة الشرعية - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار - وإخفاء جثة المجني عليه - اللتين دان الطاعن - وأخرى بهما، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهمين بالتحقيقات، ومن تقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية أنه بتشريح جثة المجني عليه تبين أنها في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر بداخلها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه - التي ورد تفصيلها نقلاً عن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي - وبين وفاته وأورد من واقع هذين التقريرين قوله: "وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية". فإن ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وبين الوفاة ويكون النعي عليه بانتفاء رابطة السببية بين ما عثر عليه من المركب الكلوريني بأحشاء المجني عليه وبين وفاته غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقريري الصفة التشريحية وأقوال كبير الأطباء الشرعيين - بجلسة المحكمة - أن سبب الوفاة هو المركب الكلوريني العضوي - من المبيدات الحشرية - وأنه مادة سامة بذاتها، على خلاف مادة البنزديازين - وهي من الأدوية - وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي بعدم تحديد نوع المركب السام وكميته بأحشاء المجني عليه، وما إذا كان السبب المباشر للوفاة - بدعوى احتمال أن يكون السبب راجعاً إلى مادة البنزديازين التي كانت تعطى للمجني عليه يومياً كمنوم - لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع من أن معاينة النيابة لجثة المجني عليه أثبت وجود نزيف دموي بالأنف والأذنين وتلوث ملابسه بالدماء، وادعاء دلالة ذلك على وقوع اعتداء عليه تسبب في وفاته، فضلاً عن التذرع بما قررت به الكيميائية......... بجلسة المحاكمة - من إمكانية دخول المركب الكلوريني جسم الإنسان عن طريق شم المبيد الحشري واحتمال حدوث وفاة المجني عليه - الذي يعمل في مجال المبيدات الحشرية - نتيجة ذلك أيضاً، كل ذلك يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي قصد بها إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، وفي قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها ما يفيد ضمناً أنه أطرحها ولم ير فيها ما يغير من عقيدته التي خلص إليها، وهو ما لا يجوز معاودة الجدل فيه أمام محكمة النقض. فضلاً عن أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من معاينة النيابة، مما يجعل النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن آثار الدماء التي كانت تلوث أنف وأذن وملابس المجني عليه، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي ثمة حاجة لإجرائه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه من "أنه بتشريح جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم ولم يتبين بحالتها الراهنة من التعفن أية متخلفات إصابية، وأنه بالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذ من الجثة عثر بها على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى وفاة المذكور إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر بما أدى إليه ذلك من هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون منعى الطاعن - بخلو التقرير من الإشارة إلى وجود نزيف دموي في أنف وأذن المجني عليه، وبأن الحكم افترض حدوث الوفاة من المادة الكلورينية - مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقريري الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية، ومن ثم فإن النعي بأن ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية والمعامل الكيماوية من أن المادة الكلورينية هي سبب الوفاة يتعارض مع الرأي الفني من أن المادة المنومة التي عثر عليها بأحشاء المجني عليه قد تؤدي إلى الوفاة، يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن بأن النيابة العامة لم تعن في تحقيقاتها ببيان سبب ما بأنف وأذني المجني عليه من نزيف دموي ومدى صلة ذلك بوفاته، إنما ينصب على الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض رده على الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليها الأخرى قوله: ولا ينال من وجهة النظر هذه أن تذكر المتهمة الأولى في إحدى رواياتها أن المتهم الثاني - الطاعن - هو الذي وضع المبيد الحشري إلى المجني عليه متناقضة في ذلك مع نفسها، حيث أوردت رواية أخرى أنها هي التي قامت بوضع تلك المادة السامة التي أحضرها المتهم الثاني في عصير الليمون بعد خلطه في الخلاط الكهربائي وقدمته إلى المجني عليه وتناوله أمامها، وهذا الاعتراف على النحو سالف الذكر وقد اطمأنت المحكمة إلى صدوره - عن المتهمة الأولى عن طواعية واختيار ليس فيه ما يخالف أو يناقض الدليل الفني بالأوراق، وإذ جاء تقرير الصفة التشريحية مؤكداً لما أوردته المتهمة الأولى في اعترافها من أن وفاة المجني عليه هي نتيجة تناوله المبيد الحشري الذي وضعته له في عصير الليمون. وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من اعترافه - والمحكوم عليها الأخرى - ومن أقوال شهود الإثبات، فإن التناقض في بعض تفاصيل اعترافهما ورواية الشهود لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم، ومن ثم يكون منعى الطاعن - بتناقض اعترافات المحكوم عليهما بعضها مع بعض في شأن القائم بوضع المبيد الحشري بشراب الليمون للمجني عليه، وتناقض تلك الاعترافات مع أقوال كبير الأطباء الشرعيين في شأن مدى إمكانية إذابة المركب الكلوريني بالشراب المذكور - من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها, دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذاتهم أو بالأدلة المباشرة. إذ أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها. ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توفرت شرائط توقيعها - على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه في هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المطعون فيه بريئاً مما ينعاه الطاعن عليه في هذا الصدد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه - يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ثانياً: عن عرض النيابة العامة للقضية:
من حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة - عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، مشفوعة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما، ولما كان من المقرر أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 المشار إليها، لتفصل فيها وتبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى بما مجمله: أن المحكوم عليها..... زوجة المجني عليه.... كانت قد تعرفت على المحكوم عليه الذي طلب منها أن تقدمه لزوجها للتعرف عليه ففعلت وقامت صداقة بين الزوج حتى أنه أقام معه إقامة دائمة في مسكن الزوجية وتمكن من إقناعه - أي المجني عليه - أن ينقده مبلغ ثلاثة وثلاثين ألف من الجنيهات لاستثمارها له في تجارة الأسمنت التي يباشرها واستعان بالزوجة في إقناع الزوج بذلك، ونشأت العلاقة الآثمة بين المحكوم عليهما حيث كانت الزوجة تدس الحبوب المنومة - التي كان يحضرها لها العشيق بكمية كبيرة - في مشروب الشاي وتقدمه لزوجها المجني عليه كل ليلة، وما أن يغط في نومه حتى تهرول إلى حجرة العشيق الذي اعتاد على معاشرتها معاشرة الأزواج وفي منزل الزوج المخدوع، وظلا على ذلك مدة طويلة، وعندما طلب الزوج استرداد أمواله التي كان دفعها في تجارة الأسمنت، ضاقا به وتثالثا مع الشيطان - الذي زين لهما المتعة الحرام - في التدبير لقتله - وأعدا لذلك عدته بأن أحضر هو بتوجيه منها كمية من المبيدات الحشرية - وهي سامة بطبيعتها - وطلب منها أن تدسها لزوجها في كوب من شراب الليمون ففعلت وقدمت الشراب - بعد أن مزجته بالمادة السامة في الخلاط الكهربائي - للمجني عليه وبعد تناوله ظهرت عليه أعراض التسمم، فأقتاده المحكوم عليه إلى حجرة نومه وأغلق عليه بابها وبعد عشر دقائق تبين أنه فارق الحياة، وفي هدأة الليل قاما بلف الجثة في قطعة من الموكيت وربطاها بالحبال ووضعاها في سيارة نصف نقل كان المتهم قد أعدها لهذا الغرض وقادها بنفسه وهي إلى جواره حتى أتيا ترعة النصر وألقيا بها الجثة، ثم عادا إلى المنزل لاستئناف ممارسة المتعة الحرام - دون أن تتأثر الزوجة بما فعلت وعشيقها بالزوج الذي لها منه ثلاثة أولاد, وتم انتشال الجثة بعد أن طفت على سطح ماء الترعة، وبدأت الشرطة تباشر تحرياتها. وتوجهت المتهمة إلى منزل أسرتها - بإيعاز من المتهم - بغية الاستيلاء على ورقة كان مدوناً بها محل إقامتها حتى لا يستدل عليها. وهناك أخبرت شقيقها يسري...... بما فعلت - والآخر - بزوجها وبرغبة هذا الآخر في الزواج منها، فأخبر الشقيق بقية أخوته بما قررت به له شقيقتهم، وأجمعوا رأيهم على الإبلاغ وأثبتت التحريات صحة وقوع الحادث على نحو ما سلف بيانه، واعتراف المحكوم عليهما في تحقيقات النيابة تفصيلياً بارتكاب الحادث وقاما بتمثيل ذلك في معاينة تصويرية، وتبين من تقرير الصفة التشريحية أن جثة المجني عليه وجدت في حالة تعفن رمي متقدم، ولم يتبين بها أية متخلفات إصابية، وبالتحليل الكيماوي للعينات الحشوية المأخوذة من جثة المجني عليه عثر به على آثار لأحد مشتقات البنزديازين - من المنومات - وعلى آثار لأحد المركبات الكلورينية العضوية - من المبيدات الحشرية - وتعزى الوفاة إلى التسمم بالمبيد الحشري سالف الذكر أدى إلى هبوط بالدورة الدموية والتنفسية، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق المتهمين - على هذه الصورة - أدلة مستمدة من أقوال المقدمين......, ...... بتفتيش مباحث...... والرائد...... رئيس وحدة مباحث........ والرائد...... رئيس وحدة مباحث........ والنقيب...... بقسم مكافحة جرائم النفس وأشقاء المحكوم عليها ومن اعترافات المحكوم عليهما بالتحقيقات ومن تقريري الصفة التشريحية ومعمل التحليل الكيماوي ومن شهادة الدكتورة...... وكيلة الطب الشرعي بالإسكندرية والدكتور...... كبير الأطباء الشرعيين بالقاهرة وحصل الحكم مضمون هذه الأدلة بما له أصله الثابت في الأوراق، وبين الواقعة التي دان المحكوم عليهما بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما على نحو يدل على تمحيصها التمحيص الكافي والإلمام بها الإلمام الشامل وأن المحكمة قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة وتفهم الواقعة بأركانها وظروفها وهو ما يتحقق به حكم القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل باستعمال السم، وتوافر ظروف سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار المحكوم عليهما فاعلين أصليين في جريمتي القتل بالسم مع سبق الإصرار وإخفاء جثة المجني عليه يكون قد اقترن بالصواب، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إلى المحكوم عليهما ودحضه في منطق سائغ, وقد صدر بالإعدام بإجماع آراء قضاة المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه بالنسبة إلى المحكوم عليهما، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 99 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

44-قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 740

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

(147)
الطعن رقم 10717 لسنة 68 القضائية

(1) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض. 
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة" "شهود". 
من أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها. 
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الاستعانة بأهل الخبرة بغير حلف يمين. جائز. ما دام التقرير المقدم منهم ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة وعنصراً من عناصرها مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. 
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
قرار المحكمة في غيبة الطاعن باستمرار إيداعه مستشفى الأمراض العقلية والعصبية لاستكمال المراقبة والفحص. لا يبطله. ما دام يمكنه التمسك لدى المحكمة بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب. 
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتقرير الطبي كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض. 
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
النعي على التفات المحكمة طلب الطاعن ضم ملف خدمته العسكرية للوقوف على حالته العقلية والنفسية. غير سديد. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". قتل عمد. 
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض. 
(9) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي. 
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل. 
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". سبق إصرار. ترصد. مسئولية جنائية. قتل عمد. 
اختلاف الحكم فيما أورده في معرض تحصيله للواقعة وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل. لا تناقض. علة وأساس ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. قتل عمد. 
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. 
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. 
1 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض. 
2 - لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير عنه المحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها. 
3 - من المقرر أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. 
4 - قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى. 
5 - لما كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. 
6 - لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. 
7 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها. 
8 - لما كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. 
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. 
10 - لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم. 
11 - التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها. 
12 - لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد.

 


 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا - وآخران مجهولان - المجني عليه....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد الأول لذلك سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربصوا له وسط ذوي المتهمين المعروضين على النيابات الجزئية بفترتها المسائية حيث أيقنوا وصوله وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً بأجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" والتي استخدمها في قتل المجني عليه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع أعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح. 
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

 


 

المحكمة

 

أولاً: عن موضوع الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز مطواة قرن غزال بغير ترخيص فقد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان التقرير الطبي من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية لصدوره من مستشفى غير تلك التي أمرت المحكمة بإيداعه وملاحظته فيها، ومن أطباء لم يحلفوا اليمين القانونية، فأطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه. كما أن تجديد فترة إيداعه المستشفى تم في غيبته. 
وأغفلت المحكمة طلبه ضم ملف خدمته العسكرية وقوفاً على سبب إنهائها، فلم تورده ولم ترد عليه. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الأول - الطاعن الأول - بالتحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره دفاع الطاعن من اعتراضات على التقرير الطبي المودع عن حالة الطاعن وأطرحه في قوله: "وحيث إن ما أثاره الدفاع من اعتراضات على تقرير الخبرة المودع عن حالة المتهم الأول بمقولة أن إيداع المتهم كان بمكان غير المعين من قبل المحكمة إيداعه فيه وعدم حلف يمين من اللجنة التي باشرت المأمورية، فمردود ذلك أن الثابت بجلسة الأول من أبريل سنة 1997 بعد أن أُودع المتهم مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالمعمورة طلبت النيابة العامة استكمال إيداعه مرة أخرى بذات المستشفى فوافقت المحكمة على ذلك، ومن ثم يكون قرارها قد صادف محلاً وتم إيداع المتهم ذات المستشفى، وقدمت اللجنة تقريراً عن حالته العقلية والنفسية بالنتيجة المشار إليها في التقرير، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير آخر لتقدير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله من موقفه في التحقيق ومن حالته النفسية ومن إجاباته على ما وجهت إليه من الأسئلة، ذلك أن تقدير حالة المتهم التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى حتى يفصل فيه قاضي الموضوع، ومن المقرر أيضاً أن التقرير المقدم من اللجنة بدون حلف يمين يكون في قوة الاستدلالات المقيدة التي لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقديرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن - فضلاً عما استبانته من التحقيقات واعترافات المتهم الأول وسلامة عقله وحالته العقلية - أن التقرير المودع من المستشفى سليم ويتفق مع ما قررته المحكمة وطلب الدفاع، ويكون النعي على التقرير والتشكيك في عقلية المتهم مبنياً على غير أساس لعدم ثبوت آفة عقلية مانعة من المسئولية. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير المقدم عنه للمحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها، فضلاً عما هو مقرر من أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى. كما أنه إذا كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. 
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن تحصيل الحكم للواقعة يناقض تصوير بعض شهود الإثبات لها ولكيفية حدوثها، ففي حين أثبت في مقام تحصيل الواقعة أن دور الطاعن انحصر في مساعدة الطاعن الأول في طرح المجني عليه أرضاً ليمكنه وآخرين من الإجهاز عليه، عاد وأثبت في مقام تدليله على قيام نية القتل أنه كان يحمل سلاحاً انهال به على المجني عليه بعد أن سقط أرضاً. كما استظهر نية القتل لديه بما لا يسوغ توافرها - وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. 
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين اتفقت كلمتهما على قتل المجني عليه وأن كلاً منهما أسهم تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة حسبما يبين من أقوال شهود الواقعة واعتراف الطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورتب عليه أن كلاً من الطاعنين قد ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يعد من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وهو من إطلاقات محكمة الموضوع، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص من أقوالهم الحقيقة استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق، ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً، وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم. وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها. وأنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون - كسابقه - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

44-قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 740

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

(147)
الطعن رقم 10717 لسنة 68 القضائية

(1) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة" "شهود".
من أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستعانة بأهل الخبرة بغير حلف يمين. جائز. ما دام التقرير المقدم منهم ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة وعنصراً من عناصرها مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قرار المحكمة في غيبة الطاعن باستمرار إيداعه مستشفى الأمراض العقلية والعصبية لاستكمال المراقبة والفحص. لا يبطله. ما دام يمكنه التمسك لدى المحكمة بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتقرير الطبي كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على التفات المحكمة طلب الطاعن ضم ملف خدمته العسكرية للوقوف على حالته العقلية والنفسية. غير سديد. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". قتل عمد.
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(9) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". سبق إصرار. ترصد. مسئولية جنائية. قتل عمد.
اختلاف الحكم فيما أورده في معرض تحصيله للواقعة وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل. لا تناقض. علة وأساس ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. قتل عمد.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
1 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير عنه المحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
3 - من المقرر أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
4 - قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى.
5 - لما كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض.
6 - لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
7 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها.
8 - لما كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى.
10 - لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم.
11 - التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها.
12 - لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا - وآخران مجهولان - المجني عليه....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد الأول لذلك سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربصوا له وسط ذوي المتهمين المعروضين على النيابات الجزئية بفترتها المسائية حيث أيقنوا وصوله وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً بأجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" والتي استخدمها في قتل المجني عليه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع أعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

أولاً: عن موضوع الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز مطواة قرن غزال بغير ترخيص فقد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان التقرير الطبي من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية لصدوره من مستشفى غير تلك التي أمرت المحكمة بإيداعه وملاحظته فيها، ومن أطباء لم يحلفوا اليمين القانونية، فأطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه. كما أن تجديد فترة إيداعه المستشفى تم في غيبته.
وأغفلت المحكمة طلبه ضم ملف خدمته العسكرية وقوفاً على سبب إنهائها، فلم تورده ولم ترد عليه. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الأول - الطاعن الأول - بالتحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره دفاع الطاعن من اعتراضات على التقرير الطبي المودع عن حالة الطاعن وأطرحه في قوله: "وحيث إن ما أثاره الدفاع من اعتراضات على تقرير الخبرة المودع عن حالة المتهم الأول بمقولة أن إيداع المتهم كان بمكان غير المعين من قبل المحكمة إيداعه فيه وعدم حلف يمين من اللجنة التي باشرت المأمورية، فمردود ذلك أن الثابت بجلسة الأول من أبريل سنة 1997 بعد أن أُودع المتهم مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالمعمورة طلبت النيابة العامة استكمال إيداعه مرة أخرى بذات المستشفى فوافقت المحكمة على ذلك، ومن ثم يكون قرارها قد صادف محلاً وتم إيداع المتهم ذات المستشفى، وقدمت اللجنة تقريراً عن حالته العقلية والنفسية بالنتيجة المشار إليها في التقرير، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير آخر لتقدير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله من موقفه في التحقيق ومن حالته النفسية ومن إجاباته على ما وجهت إليه من الأسئلة، ذلك أن تقدير حالة المتهم التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى حتى يفصل فيه قاضي الموضوع، ومن المقرر أيضاً أن التقرير المقدم من اللجنة بدون حلف يمين يكون في قوة الاستدلالات المقيدة التي لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقديرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن - فضلاً عما استبانته من التحقيقات واعترافات المتهم الأول وسلامة عقله وحالته العقلية - أن التقرير المودع من المستشفى سليم ويتفق مع ما قررته المحكمة وطلب الدفاع، ويكون النعي على التقرير والتشكيك في عقلية المتهم مبنياً على غير أساس لعدم ثبوت آفة عقلية مانعة من المسئولية. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير المقدم عنه للمحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها، فضلاً عما هو مقرر من أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى. كما أنه إذا كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن تحصيل الحكم للواقعة يناقض تصوير بعض شهود الإثبات لها ولكيفية حدوثها، ففي حين أثبت في مقام تحصيل الواقعة أن دور الطاعن انحصر في مساعدة الطاعن الأول في طرح المجني عليه أرضاً ليمكنه وآخرين من الإجهاز عليه، عاد وأثبت في مقام تدليله على قيام نية القتل أنه كان يحمل سلاحاً انهال به على المجني عليه بعد أن سقط أرضاً. كما استظهر نية القتل لديه بما لا يسوغ توافرها - وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين اتفقت كلمتهما على قتل المجني عليه وأن كلاً منهما أسهم تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة حسبما يبين من أقوال شهود الواقعة واعتراف الطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورتب عليه أن كلاً من الطاعنين قد ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يعد من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وهو من إطلاقات محكمة الموضوع، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص من أقوالهم الحقيقة استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق، ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً، وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم. وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها. وأنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون - كسابقه - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

43-لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 740

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

(147)
الطعن رقم 10717 لسنة 68 القضائية

(1) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة" "شهود".
من أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستعانة بأهل الخبرة بغير حلف يمين. جائز. ما دام التقرير المقدم منهم ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة وعنصراً من عناصرها مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قرار المحكمة في غيبة الطاعن باستمرار إيداعه مستشفى الأمراض العقلية والعصبية لاستكمال المراقبة والفحص. لا يبطله. ما دام يمكنه التمسك لدى المحكمة بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب.
(5) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بالتقرير الطبي كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على التفات المحكمة طلب الطاعن ضم ملف خدمته العسكرية للوقوف على حالته العقلية والنفسية. غير سديد. علة ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". قتل عمد.
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(9) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". سبق إصرار. ترصد. مسئولية جنائية. قتل عمد.
اختلاف الحكم فيما أورده في معرض تحصيله للواقعة وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل. لا تناقض. علة وأساس ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. قتل عمد.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(12) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
1 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض.
2 - لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير عنه المحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها.
3 - من المقرر أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة.
4 - قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى.
5 - لما كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض.
6 - لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
7 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها.
8 - لما كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى.
10 - لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم.
11 - التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها.
12 - لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا - وآخران مجهولان - المجني عليه....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد الأول لذلك سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وتربصوا له وسط ذوي المتهمين المعروضين على النيابات الجزئية بفترتها المسائية حيث أيقنوا وصوله وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه طعناً بأجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" والتي استخدمها في قتل المجني عليه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرر، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق مع أعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

أولاً: عن موضوع الطعن المقدم من الطاعن الأول:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز مطواة قرن غزال بغير ترخيص فقد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع، ذلك بأنه دفع ببطلان التقرير الطبي من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية لصدوره من مستشفى غير تلك التي أمرت المحكمة بإيداعه وملاحظته فيها، ومن أطباء لم يحلفوا اليمين القانونية، فأطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه. كما أن تجديد فترة إيداعه المستشفى تم في غيبته.
وأغفلت المحكمة طلبه ضم ملف خدمته العسكرية وقوفاً على سبب إنهائها، فلم تورده ولم ترد عليه. وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الأول - الطاعن الأول - بالتحقيقات ومن تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره دفاع الطاعن من اعتراضات على التقرير الطبي المودع عن حالة الطاعن وأطرحه في قوله: "وحيث إن ما أثاره الدفاع من اعتراضات على تقرير الخبرة المودع عن حالة المتهم الأول بمقولة أن إيداع المتهم كان بمكان غير المعين من قبل المحكمة إيداعه فيه وعدم حلف يمين من اللجنة التي باشرت المأمورية، فمردود ذلك أن الثابت بجلسة الأول من أبريل سنة 1997 بعد أن أُودع المتهم مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالمعمورة طلبت النيابة العامة استكمال إيداعه مرة أخرى بذات المستشفى فوافقت المحكمة على ذلك، ومن ثم يكون قرارها قد صادف محلاً وتم إيداع المتهم ذات المستشفى، وقدمت اللجنة تقريراً عن حالته العقلية والنفسية بالنتيجة المشار إليها في التقرير، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير آخر لتقدير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله من موقفه في التحقيق ومن حالته النفسية ومن إجاباته على ما وجهت إليه من الأسئلة، ذلك أن تقدير حالة المتهم التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية أمر يتعلق بوقائع الدعوى حتى يفصل فيه قاضي الموضوع، ومن المقرر أيضاً أن التقرير المقدم من اللجنة بدون حلف يمين يكون في قوة الاستدلالات المقيدة التي لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقديرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن - فضلاً عما استبانته من التحقيقات واعترافات المتهم الأول وسلامة عقله وحالته العقلية - أن التقرير المودع من المستشفى سليم ويتفق مع ما قررته المحكمة وطلب الدفاع، ويكون النعي على التقرير والتشكيك في عقلية المتهم مبنياً على غير أساس لعدم ثبوت آفة عقلية مانعة من المسئولية. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء وما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من بطلان التقرير الطبي لصدوره في مستشفى غير التي حددتها المحكمة وأمرت بإيداع الطاعن بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل المستمد من تقرير الخبير، مما لا يقبل التصدي له أو معاودة الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم ألا تكون اللجنة الطبية - التي تولت فحص الطاعن، وأعدت التقرير المقدم عنه للمحكمة - قد حلفت اليمين، ما دام كل عضو من أعضائها قد أدى يميناً عند مباشرته لوظيفته يغني عن تحليفه في كل قضية يحضر فيها أو تندبه المحكمة للقيام بمهمة بها، فضلاً عما هو مقرر من أنه يجوز الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين، ومن ثم فليس هناك ما يمنع من الأخذ بالتقرير الطبي المحرر بمعرفة من قاموا بإجرائه ولو لم يحلفوا يميناً باعتباره ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المنظورة أمام المحكمة - كما ورد بمدونات الحكم - وعنصراً من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتناولها الدفاع بالمناقشة. ومن ثم فإن هذا النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان قرار المحكمة باستمرار إيداع الطاعن مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لاستكمال المراقبة والفحص لا يلحقه البطلان إذا تم في غيبته، طالما يمكنه التمسك لدى محكمة الموضوع بما يكون قد لحق القرار من نقص أو عيب تقدره المحكمة شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة الأخرى. كما أنه إذا كان الدفع ببطلان القرار لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل يتجه إلى إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة - وكان الحكم قد عول على التقرير الطبي كقرينة معززة للأدلة التي استند إليها ولم يعول عليه بصفة أساسية - فإن النعي على الحكم بالتعويل على التقرير رغم بطلانه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان الدفاع عن الطاعن قد أثار في مرافعته أن القصد من طلب ضم ملف خدمته العسكرية - وقوف المحكمة على حالته العقلية والنفسية التي كانت سبباً في إنهاء خدمته العسكرية - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، ولا يجوز مصادرتها في عقيدتها، فلا عليها إن هي التفتت عن هذا الطلب فلم تورده أو ترد عليه بعد أن اطمأنت إلى حالة الطاعن العقلية مما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى المعمورة للأمراض العقلية والنفسية، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن تحصيل الحكم للواقعة يناقض تصوير بعض شهود الإثبات لها ولكيفية حدوثها، ففي حين أثبت في مقام تحصيل الواقعة أن دور الطاعن انحصر في مساعدة الطاعن الأول في طرح المجني عليه أرضاً ليمكنه وآخرين من الإجهاز عليه، عاد وأثبت في مقام تدليله على قيام نية القتل أنه كان يحمل سلاحاً انهال به على المجني عليه بعد أن سقط أرضاً. كما استظهر نية القتل لديه بما لا يسوغ توافرها - وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين اتفقت كلمتهما على قتل المجني عليه وأن كلاً منهما أسهم تحقيقاً لذلك بالدور الذي أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة حسبما يبين من أقوال شهود الواقعة واعتراف الطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ورتب عليه أن كلاً من الطاعنين قد ارتكب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يعد من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وهو من إطلاقات محكمة الموضوع، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان تناقض روايات بعض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص من أقوالهم الحقيقة استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها. ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة إعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في الأوراق، ذلك أن الثابت في التحقيقات أن المتهم الأول والثاني - الطاعنان - كانا في اعتدائهما على المجني عليه ينويان إزهاق روحه فعلاً وليس مجرد الإيذاء، وآية ذلك أنهما واصلا الطعنات بعد سقوطه على الأرض بعدة طعنات أودعاها كل قوتهما فنفذت وكانت في مقتل وظل المتهم الأول يوالي الطعنات كيفما يريد ويشاء ولم يتركه ويتوقف عن الطعن إلا بعد أن أجهز عليه ذبحاً تاماً، وإذ واجهته النيابة العامة بقتل المجني عليه عمداً اعترف بذلك، وقد تناول تقرير الصفة التشريحية بيان هذه الطعنات التي أحدثها المتهم بالمجني عليه، فكان في عرضه لها ووصفه لطبيعتها ما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلاً إزهاق روحه وآزره في ذلك شقيقه المتهم الثاني - الطاعن الثاني - فمن جماع ما تقدم تقنع المحكمة بتوافر ركن نية القتل لدى المتهمين معاً". وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في معرض تحصيله للواقعة، وما أثبته في مقام تدليله على ثبوت نية القتل، ذلك أن توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعنين يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية كل منهما مسئول عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم. وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر نتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها. وأنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة ساق الأدلة عليها دون تناقض. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون - كسابقه - على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

42-بيان الحكم إصابات المجني عليهما من واقع تقرير الطب الشرعي وعلاقة السببية بين تلك الإصابات بالنسبة للمجني عليه الثاني ووفاته. لا قصور .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 25

جلسة 4 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أحمد عبد القوي أيوب، السعيد برغوث ومحمد محجوب نواب رئيس المحكمة.

(1)
الطعن رقم 14136 لسنة 68 القضائية

(1) فاعل أصلي. اشتراك. قانون "تفسيره". قصد جنائي. قتل عمد. مساهمة جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك. يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله.
تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها.
مثال.
(2) اتفاق. سبق إصرار. فاعل أصلي. مسئولية جنائية.
انتفاء ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين. لا ينفي قيام الاتفاق بينهم. مؤدى ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي. أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(6) إثبات "شهود".
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق. غير لازم. حد ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم عدم بيانه شخص مطلق النار على كل مجني عليه تحديداً أو محدث إصابته. غير مجد. علة ذلك؟
(9) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد وقت الحادث ومكانه. لا أثر له على ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة لحدوثها وفق رواية الشهود.
الجدول الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(11) إثبات "خبرة". قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الحكم إصابات المجني عليهما من واقع تقرير الطب الشرعي وعلاقة السببية بين تلك الإصابات بالنسبة للمجني عليه الثاني ووفاته. لا قصور.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفي التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(13) قتل عمد. اقتران. ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟
تقدير قيام الاقتران. موضوعي. أثر ذلك؟
(14) دعوى جنائية "انقضاؤها بالتقادم". تقادم.
المدة المسقطة للدعوى الجنائية. انقطاعها بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة. امتداد هذا الانقطاع إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في تلك الإجراءات.
1 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً في الجريمة. 1 - من ارتكبها وحده أو مع غيره 2 - من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وعندئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإذ لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه. ولما كانت نية تدخل الطاعنين في جريمة قتل المجني عليهم والشروع في قتل (هـ)، (و) تحقيقاً لقصدهما المشترك وباقي المتهمين السابق الحكم عليهم - والمستفاد من نوع الصلة بينهما وباقي المحكوم عليهم والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وبين ثبوت الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليهم والشروع فيه بما مقتضاه مساءلة كل منهم باعتباره فاعلاً أصلياً عن النتيجة التي وقعت تنفيذاً لهذا الاتفاق من غير حاجة إلى تقصي محدث الإصابة التي نشأت عنها الوفاة.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل والشروع فيه فإنها ثابتة في حق المتهمين من اشتراكهما في وقائع قتل المجني عليهم والشروع في قتلهم كفاعلين أصليين مع آخرين سبق الحكم عليهم وتواجدهما على مسرح الحادث ومشاركتهما في الاعتداء على المجني عليهم أو بعضهم ومن استعمالهما لسلاحين قاتلين بطبيعتهما "بندقيتين آليتين" وإصابتهم المجني عليهم في مقتل حسب وصف إصاباتهم وأنهما والمتهمين السابق الحكم عليهم لم يتركوا من المجني عليهم الستة حياً إلا المجني عليهما (و) و(هـ) وذلك لسبب خارج عن إرادتهم وهو فرار الثاني ومداركة الأولى بالعلاج" وإذا كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد.
4 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - لما كان وزن أقوال الشهور وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لما كان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
7 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان لا يجدي الطاعنين أن الحكم لم يفصح عن بيان شخص المتهم الذي أطلق النار على كل من المجني عليهم تحديداً أو أحدث إصابته والتي أودت بحياته ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من صور الاتفاق على ارتكاب الجريمة - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون ولا محل له.
9 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول وما نقله من تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من الأوراق فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتلاءم معه ويكون ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما غير سديد.
10 - من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهم الأربعة قد قتلوا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الحكم قد نقل عن تقرير الطب الشرعي بالنسبة للمجني عليها: (و) "أنها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر وبالصدر وأن تلك الإصابات جائزة الحدوث من مسدس وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الحادث"، كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليها: (و) "نارية حيوية حديثة بأعلى يسار مقدم الصدر وبأعلى يمين مقدم الصدر وبأسفل يمين الصدر وبأسفل منتصف المخاصرة اليمنى وتعزى وفاته إلى تلك الإصابات بما أحدثته من كسور بالقفص والأضلاع وتهتك بالأحشاء الصدرية والبطن وما صاحبه من نزيف داخلي وخارجي، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهما وعلاقة السببية بين تلك الإصابات التي أوردها تفصيلاً بالنسبة للمجني عليه الثاني - على النحو المار ذكره - ووفاته فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.
12 - من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني يكون ولا محل له.
13 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اسند إلى الطاعنين إحرازهما للبندقيتين الآليتين على خلاف ما يزعمه الطاعنان بأسباب طعنهما ويكون نعيهما على الحكم في هذا الشأن على غير سند، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل تميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز إثارة الجدل بشأنها أمام محكمة النقض فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد.
14 - من المقرر أن المدة السقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم في الدعوى وأن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إجراءات محاكمة المتهمين الآخرين في الدعوى أمامها من شأنه أن يقطع مدة التقادم في حق الطاعن الأول فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين سبق الحكم عليهم أنهم أولاً: قتلوا...... عمداً بأن انتووا قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية "بنادق ومسدسات" وأطلقوها عليه قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية الجنايتان الآتيتان وذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر 1 - قتلوا (.......)، (.......)، (.......) عمداً بأن انتووا قتلهم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية أطلقوا منها عدة أعيرة صوبهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأحدثوا بكل منهم الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم.
2 - شرعوا في قتل (.......)، (.......) عمداً بأن انتووا إزهاق روح كل منهما وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية أطلقوا منها عدة أعيرة نارية صوبهما قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بالمجني عليها الثانية الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو تمكن الأول من الفرار ناجياً بحياته وعدم إحكام التصويب عليه ومداركة الثانية بالعلاج ثانياً - حاز وأحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً وبندقية آلية. ثالثاً: حاز وأحرز كل منهما ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازتها أو إحرازها. رابعاً - اتلفوا عمداً باب منزل (.......) بإطلاق العديد من الأعيرة النارية صوبه فأحدثوا به التلفيات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. خامساً: المتهم الثاني (الطاعن الثاني) سرق الدابة المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ (.......) وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1 – 2، 318، 361/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 26/ 2 - 4، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978 والجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب لكل منهما ومصادرة الأسلحة النارية المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما وآخرين سبق الحكم عليهم بجرائم القتل العمد المقترن والشروع فيه وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر مما تستعمل فيها وإتلاف منقول مملوك للغير ودان الطاعن الثاني بجريمة السرقة قد انطوى على القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه وقد انتهت المحكمة إلى عدم توافر أركان جريمة التجمهر وانتفاء ظرف سبق الإصرار كان جديراً به أن يأخذ كل متهم بما اقترفت يداه وأن يحدد الإصابات التي أحدثها وموضعها وأنها قد أدت إلى حدوث الوفاة بما تستلزمه تلك الجناية أو الشروع فيها من قصد خاص لم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على توافره في حق الطاعنين. كما خلا تحصيل الحكم المطعون فيه لأقوال الشهود التي استندت المحكمة إلى أقوالهم في قضائها بالإدانة من بيان عناصر الجريمة وأركانها وعدد الأعيرة التي أصابت كلاً من المجني عليهم ومطلقها تحديداً، وتناقضت أقوال الشهود بشأن إصابات والدة المجني عليه (.......) من حيث موضعها وموقف الضارب من المضروب ومسافة الإطلاق وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية أطرحت بما لا يسبغ دفاع الطاعنين بالمنازعة في ميقات حدوث الواقعة بدلالة الثابت من تقرير الصفة التشريحية بأن جثث المجني عليهم كانت في حالة زوال التيبس الرمي وقت تشريحها في اليوم التالي لميقات القتل كما رواه الشهود - بيد أن تلك الحالة - زوال التيبس الرمي - يقطع بأن القتل وقع قبل الميقات الذي حدده هؤلاء الشهود بوقت كبير وكذا دفاعهما بأن الحادث لم يقع بالمكان الذي تمت به معاينة الجثث بدلالة عدم وجود آثار دماء بمعاينة النيابة أو فارغ طلقات.. وجاء تحصيل الحكم لتقرير الصفة التشريحية للمجني عليهما (.......)، (.......) قاصراً، كما لم يدلل على توافر الاقتران ولم يرد على دفاع الطاعن الثاني بأنه لم يكن على مسرح الجريمة، ودانت الطاعنين بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن آلي بيد أن الحكم حصل أقوال شاهد الإثبات (......) الذي عول على أقواله في شأن ثبوت تلك الجناية قبل المتهمين بأن كل منهما كان يحرز مسدساً، وأخيراً فقد قضت المحكمة برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون سند من القانون، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "تخلص الواقعة في أن ماعزاً مملوكاً للمجني عليه (.......) صرف من منزله وقصد زراعة المتهم/ ........ السابق محاكمته فأخذه هذا الأخير إلى منزله حيث قام نجله المتهم الطاعن الثاني بذبحه" وإذ توجه المجني عليه سالف الذكر بالتوجه إلى منزل المتهمين المذكورين فشاهد الماعز مذبوحاً وتم تجزئة لحمه إلى قطع فاختطف قطعة من هذه الأجزاء وتوجه بها لإبلاغ شيخ الخفراء وعند عودته إلى منزله شاهد المتهمين الماثلين "الطاعن الأول والطاعن الثاني" حاملين أسلحة نارية وبرفقتهم باقي المتهمين السابق محاكمتهم - عددهم ثمانية - وكل منهم حاملاً سلاحاً نارياً بنادق آلية ومسدسات - وتوجه الجميع إلى منزل المجني عليه المذكور الذي كان قد دخله محتمياً به وأغلقه خلفه ومطروا المنزل بالأعيرة النارية قاصدين من ذلك إزهاق روح من بداخله فأحدثوا به تلفيات انفتح على إثرها وإذ استمر إطلاق الأعيرة النارية من جانب المتهمين المشاركين في الهجوم لاذ المجني عليه بالفرار حيث نجا من الموت الذي أريد به وإصابة بعض الطلقات المجني عليها شقيقته (.......) التي تصادف وجودها بالمنزل فأحدثت بها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر بالصدر قاصدين من ذلك إزهاق روحها لكن أثر الجريمة خاب بسبب مداركتها بالعلاج ثم توجه جميع المتهمين ومن بينهم المتهمين الماثلين إلى منزل المجني عليه (.......) وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك إزهاق روحه ومن معه بحسبانهم من ذوي قربى المجني عليه سالف الذكر وإذ حاول المجني عليه (.......) إثناءهم عن عزمهم فأطلقوا عليه عدداً كبيراً من الأعيرة النارية بقصد قتله فأحدثوا به الإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته كما أحدثوا بالمجني عليه (.......) الإصابات النارية الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته كما أحدثوا بالمجني عليه (......) الإصابات النارية الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وقد ترتب على اعتداء المتهمين على منزل المجني عليه (.......) إحداث تلفيات عبارة عن ثقوب بباب المنزل وبالدولاب الكائن بالحجرة العليا وحوائط المنزل وذلك من جراء إطلاق الأعيرة النارية وعددها ثلاثة وثلاثون طلقة وكان كل من المتهمين الماثلين يحمل بندقية آلية صالحة للاستعمال، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من أقوال كل من......، ......، ....... في التحقيقات ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً في الجريمة 1 - من ارتكبها وحده أو مع غيره 2 - من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وعندئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإذ لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع - ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه. ولما كانت نية تدخل الطاعنين في جريمة قتل المجني عليهم والشروع في قتل (......)، (......) تحقيقاً لقصدهما المشترك وباقي المتهمين السابق الحكم عليهم - والمستفاد من نوع الصلة بينهما وباقي المحكوم عليهم والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وبين ثبوت الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليهم والشروع فيه بما مقتضاه مساءلة كل منهم باعتباره فاعلاً أصلياً عن النتيجة التي وقعت تنفيذاً لهذا الاتفاق من غير حاجة إلى تقصي محدث الإصابة التي نشأت عنها الوفاة. هذا فضلاً أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين كانا يحملان أسلحة مششخنة آلية ضمن باقي المعتدين السابق الحكم عليهم وأطلقا النار معهم على المجني عليهم وأحدثوا إصابتهم والتي أودت بحياة أربعة منهم ومداركة اثنين بالعلاج فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد بوصفه فاعلاً أصلياً بغض النظر عن الإصابة التي أحدثها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل والشروع فيه فإنها ثابتة في حق المتهمين من اشتراكهما في وقائع قتل المجني عليهم والشروع في قتلهم كفاعلين أصليين مع آخرين سبق الحكم عليهم وتواجدهما على مسرح الحادث ومشاركتهما في الاعتداء على المجني عليهم أو بعضهم ومن استعمالهما لسلاحين قاتلين بطبيعتهما "بندقيتين آليتين" وإصابتهم المجني عليهم مقتل حسب وصف إصابتهم وأنهما والمتهمين السابق الحكم عليهم لم يتركوا من المجني عليهم الستة حياً إلا المجني عليهما (.......)، (.......) وذلك لسبب خارج عن إرادتهم هو فرار الثاني ومداركة الأولى بالعلاج" وإذا كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وإذا كان الطاعنان لا ينازعان في صحة ما نقله الحكم عن الشهود من أنهما كانا يحملان بندقيتين آليتين ضمن زمرة المعتدين ويطلقان وباقي المعتدين النار على منزل المجني عليه (.......) ثم توجها مع المتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم إلى منزل المجني عليه (.......) إذ وجدوه موصداً فحاول والد الشاهد الأول منعهم من مواصلة الاعتداء وأطلقوا عليه وابلاً من الرصاص قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا به إصابته والتي أودت بحياته ثم أطلقوا الأعيرة النارية على المجني عليه (.......) حيث أردوه قتيلاً وقام بعض المعتدين ومنهم الطاعن الأول بإطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما (....... و......) حتى فارقا الحياة. لما كان ذلك وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان لا يجدي الطاعنين أن الحكم لم يفصح عن بيان شخص المتهم الذي أطلق النار على كل من المجني عليهم تحديداً أو أحدث إصابته والتي أودت بحياته ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من صور الاتفاق على ارتكاب الجريمة على النحو السالف البيان فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل هو أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول وما نقله من تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من الأوراق فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتلاءم معه ويكون ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهم الأربعة قد قتلوا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الطب الشرعي بالنسبة للمجني عليها (.......) "أنها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر بالصدر وأن تلك الإصابات جائزة الحدوث من مسدس وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الحادث" كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليه (.......) "نارية حيوية حديثة بأعلى يسار مقدم الصدر وبأعلى يمين مقدم الصدر وبأسفل يمين الصدر وبأسفل منتصف المخاصره اليمنى وتعزى وفاته إلى تلك الإصابات بما أحدثته من كسور بالقفص والأضلاع وتهتك بالأحشاء الصدرية والبطن وما صاحبه من نزيف داخلي وخارجي"، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهما وعلاقة السببية بين تلك الإصابات التي أوردها تفصيلاً بالنسبة للمجني عليه الثاني على النحو المار ذكره - ووفاته فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعة التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسند إلى الطاعنين إحرازهما للبندقيتين الآليتين على خلاف ما زعمه الطاعنان بأسباب طعنهما ويكون نعيهما على الحكم في هذا الشأن على غير سند. لما كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا يجوز إثارة الجدل بشأنها أمام محكمة النقض فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد أسس رفضه دفع الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في قوله لما كان الثابت في الأوراق أن المتهم........ "الطاعن الثاني" حضر أمام المحكمة بجلسة 22/ 5/ 1988 بناء على إعلان صحيح له ثم قضى عليه بحكم غيابي بعد ذلك وتم القبض عليه لإعادة إجراءات محاكمته وأخلى سبيله بجلسة 3/ 10/ 1995 مع تحديد جلسة لمحاكمته ومن ثم تكون فترة التقادم لم تكتمل في حقه كما أن باقي المتهمين قد اتخذت إجراءات قاطعة للتقادم حتى تم الحكم عليهم حضورياً عدا المتهمين الماثلين ومن ثم وطبقاً للمادة 18 إجراءات جنائية. يكون الدفع المبدى في غير محله خليقاً بالرفض" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم في الدعوى وإن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إجراءات محاكمة المتهمين الآخرين في الدعوى أمامها من شأنه أن يقطع مدة التقادم في حق الطاعن الأول فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 47 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

41-الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك . يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 25

جلسة 4 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أحمد عبد القوي أيوب، السعيد برغوث ومحمد محجوب نواب رئيس المحكمة.

(1)
الطعن رقم 14136 لسنة 68 القضائية

(1) فاعل أصلي. اشتراك. قانون "تفسيره". قصد جنائي. قتل عمد. مساهمة جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك. يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله.
تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها.
مثال.
(2) اتفاق. سبق إصرار. فاعل أصلي. مسئولية جنائية.
انتفاء ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين. لا ينفي قيام الاتفاق بينهم. مؤدى ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي. أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
(6) إثبات "شهود".
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق. غير لازم. حد ذلك؟
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(8) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم عدم بيانه شخص مطلق النار على كل مجني عليه تحديداً أو محدث إصابته. غير مجد. علة ذلك؟
(9) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد وقت الحادث ومكانه. لا أثر له على ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة لحدوثها وفق رواية الشهود.
الجدول الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(11) إثبات "خبرة". قتل عمد. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الحكم إصابات المجني عليهما من واقع تقرير الطب الشرعي وعلاقة السببية بين تلك الإصابات بالنسبة للمجني عليه الثاني ووفاته. لا قصور.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفي التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(13) قتل عمد. اقتران. ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها؟
تقدير قيام الاقتران. موضوعي. أثر ذلك؟
(14) دعوى جنائية "انقضاؤها بالتقادم". تقادم.
المدة المسقطة للدعوى الجنائية. انقطاعها بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة. امتداد هذا الانقطاع إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في تلك الإجراءات.
1 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً في الجريمة. 1 - من ارتكبها وحده أو مع غيره 2 - من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وعندئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإذ لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه. ولما كانت نية تدخل الطاعنين في جريمة قتل المجني عليهم والشروع في قتل (هـ)، (و) تحقيقاً لقصدهما المشترك وباقي المتهمين السابق الحكم عليهم - والمستفاد من نوع الصلة بينهما وباقي المحكوم عليهم والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وبين ثبوت الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليهم والشروع فيه بما مقتضاه مساءلة كل منهم باعتباره فاعلاً أصلياً عن النتيجة التي وقعت تنفيذاً لهذا الاتفاق من غير حاجة إلى تقصي محدث الإصابة التي نشأت عنها الوفاة.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل والشروع فيه فإنها ثابتة في حق المتهمين من اشتراكهما في وقائع قتل المجني عليهم والشروع في قتلهم كفاعلين أصليين مع آخرين سبق الحكم عليهم وتواجدهما على مسرح الحادث ومشاركتهما في الاعتداء على المجني عليهم أو بعضهم ومن استعمالهما لسلاحين قاتلين بطبيعتهما "بندقيتين آليتين" وإصابتهم المجني عليهم في مقتل حسب وصف إصاباتهم وأنهما والمتهمين السابق الحكم عليهم لم يتركوا من المجني عليهم الستة حياً إلا المجني عليهما (و) و(هـ) وذلك لسبب خارج عن إرادتهم وهو فرار الثاني ومداركة الأولى بالعلاج" وإذا كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد.
4 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - لما كان وزن أقوال الشهور وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لما كان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
7 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان لا يجدي الطاعنين أن الحكم لم يفصح عن بيان شخص المتهم الذي أطلق النار على كل من المجني عليهم تحديداً أو أحدث إصابته والتي أودت بحياته ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من صور الاتفاق على ارتكاب الجريمة - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون ولا محل له.
9 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول وما نقله من تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من الأوراق فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتلاءم معه ويكون ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما غير سديد.
10 - من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهم الأربعة قد قتلوا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الحكم قد نقل عن تقرير الطب الشرعي بالنسبة للمجني عليها: (و) "أنها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر وبالصدر وأن تلك الإصابات جائزة الحدوث من مسدس وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الحادث"، كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليها: (و) "نارية حيوية حديثة بأعلى يسار مقدم الصدر وبأعلى يمين مقدم الصدر وبأسفل يمين الصدر وبأسفل منتصف المخاصرة اليمنى وتعزى وفاته إلى تلك الإصابات بما أحدثته من كسور بالقفص والأضلاع وتهتك بالأحشاء الصدرية والبطن وما صاحبه من نزيف داخلي وخارجي، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهما وعلاقة السببية بين تلك الإصابات التي أوردها تفصيلاً بالنسبة للمجني عليه الثاني - على النحو المار ذكره - ووفاته فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.
12 - من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني يكون ولا محل له.
13 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اسند إلى الطاعنين إحرازهما للبندقيتين الآليتين على خلاف ما يزعمه الطاعنان بأسباب طعنهما ويكون نعيهما على الحكم في هذا الشأن على غير سند، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل تميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز إثارة الجدل بشأنها أمام محكمة النقض فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد.
14 - من المقرر أن المدة السقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم في الدعوى وأن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إجراءات محاكمة المتهمين الآخرين في الدعوى أمامها من شأنه أن يقطع مدة التقادم في حق الطاعن الأول فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين سبق الحكم عليهم أنهم أولاً: قتلوا...... عمداً بأن انتووا قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية "بنادق ومسدسات" وأطلقوها عليه قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية الجنايتان الآتيتان وذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر 1 - قتلوا (.......)، (.......)، (.......) عمداً بأن انتووا قتلهم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية أطلقوا منها عدة أعيرة صوبهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأحدثوا بكل منهم الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم.
2 - شرعوا في قتل (.......)، (.......) عمداً بأن انتووا إزهاق روح كل منهما وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية أطلقوا منها عدة أعيرة نارية صوبهما قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بالمجني عليها الثانية الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو تمكن الأول من الفرار ناجياً بحياته وعدم إحكام التصويب عليه ومداركة الثانية بالعلاج ثانياً - حاز وأحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً وبندقية آلية. ثالثاً: حاز وأحرز كل منهما ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازتها أو إحرازها. رابعاً - اتلفوا عمداً باب منزل (.......) بإطلاق العديد من الأعيرة النارية صوبه فأحدثوا به التلفيات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق. خامساً: المتهم الثاني (الطاعن الثاني) سرق الدابة المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة لـ (.......) وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 1 – 2، 318، 361/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 26/ 2 - 4، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978 والجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب لكل منهما ومصادرة الأسلحة النارية المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما وآخرين سبق الحكم عليهم بجرائم القتل العمد المقترن والشروع فيه وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر مما تستعمل فيها وإتلاف منقول مملوك للغير ودان الطاعن الثاني بجريمة السرقة قد انطوى على القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه وقد انتهت المحكمة إلى عدم توافر أركان جريمة التجمهر وانتفاء ظرف سبق الإصرار كان جديراً به أن يأخذ كل متهم بما اقترفت يداه وأن يحدد الإصابات التي أحدثها وموضعها وأنها قد أدت إلى حدوث الوفاة بما تستلزمه تلك الجناية أو الشروع فيها من قصد خاص لم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على توافره في حق الطاعنين. كما خلا تحصيل الحكم المطعون فيه لأقوال الشهود التي استندت المحكمة إلى أقوالهم في قضائها بالإدانة من بيان عناصر الجريمة وأركانها وعدد الأعيرة التي أصابت كلاً من المجني عليهم ومطلقها تحديداً، وتناقضت أقوال الشهود بشأن إصابات والدة المجني عليه (.......) من حيث موضعها وموقف الضارب من المضروب ومسافة الإطلاق وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية أطرحت بما لا يسبغ دفاع الطاعنين بالمنازعة في ميقات حدوث الواقعة بدلالة الثابت من تقرير الصفة التشريحية بأن جثث المجني عليهم كانت في حالة زوال التيبس الرمي وقت تشريحها في اليوم التالي لميقات القتل كما رواه الشهود - بيد أن تلك الحالة - زوال التيبس الرمي - يقطع بأن القتل وقع قبل الميقات الذي حدده هؤلاء الشهود بوقت كبير وكذا دفاعهما بأن الحادث لم يقع بالمكان الذي تمت به معاينة الجثث بدلالة عدم وجود آثار دماء بمعاينة النيابة أو فارغ طلقات.. وجاء تحصيل الحكم لتقرير الصفة التشريحية للمجني عليهما (.......)، (.......) قاصراً، كما لم يدلل على توافر الاقتران ولم يرد على دفاع الطاعن الثاني بأنه لم يكن على مسرح الجريمة، ودانت الطاعنين بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن آلي بيد أن الحكم حصل أقوال شاهد الإثبات (......) الذي عول على أقواله في شأن ثبوت تلك الجناية قبل المتهمين بأن كل منهما كان يحرز مسدساً، وأخيراً فقد قضت المحكمة برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دون سند من القانون، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "تخلص الواقعة في أن ماعزاً مملوكاً للمجني عليه (.......) صرف من منزله وقصد زراعة المتهم/ ........ السابق محاكمته فأخذه هذا الأخير إلى منزله حيث قام نجله المتهم الطاعن الثاني بذبحه" وإذ توجه المجني عليه سالف الذكر بالتوجه إلى منزل المتهمين المذكورين فشاهد الماعز مذبوحاً وتم تجزئة لحمه إلى قطع فاختطف قطعة من هذه الأجزاء وتوجه بها لإبلاغ شيخ الخفراء وعند عودته إلى منزله شاهد المتهمين الماثلين "الطاعن الأول والطاعن الثاني" حاملين أسلحة نارية وبرفقتهم باقي المتهمين السابق محاكمتهم - عددهم ثمانية - وكل منهم حاملاً سلاحاً نارياً بنادق آلية ومسدسات - وتوجه الجميع إلى منزل المجني عليه المذكور الذي كان قد دخله محتمياً به وأغلقه خلفه ومطروا المنزل بالأعيرة النارية قاصدين من ذلك إزهاق روح من بداخله فأحدثوا به تلفيات انفتح على إثرها وإذ استمر إطلاق الأعيرة النارية من جانب المتهمين المشاركين في الهجوم لاذ المجني عليه بالفرار حيث نجا من الموت الذي أريد به وإصابة بعض الطلقات المجني عليها شقيقته (.......) التي تصادف وجودها بالمنزل فأحدثت بها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر بالصدر قاصدين من ذلك إزهاق روحها لكن أثر الجريمة خاب بسبب مداركتها بالعلاج ثم توجه جميع المتهمين ومن بينهم المتهمين الماثلين إلى منزل المجني عليه (.......) وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك إزهاق روحه ومن معه بحسبانهم من ذوي قربى المجني عليه سالف الذكر وإذ حاول المجني عليه (.......) إثناءهم عن عزمهم فأطلقوا عليه عدداً كبيراً من الأعيرة النارية بقصد قتله فأحدثوا به الإصابات الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته كما أحدثوا بالمجني عليه (.......) الإصابات النارية الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته كما أحدثوا بالمجني عليه (......) الإصابات النارية الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وقد ترتب على اعتداء المتهمين على منزل المجني عليه (.......) إحداث تلفيات عبارة عن ثقوب بباب المنزل وبالدولاب الكائن بالحجرة العليا وحوائط المنزل وذلك من جراء إطلاق الأعيرة النارية وعددها ثلاثة وثلاثون طلقة وكان كل من المتهمين الماثلين يحمل بندقية آلية صالحة للاستعمال، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من أقوال كل من......، ......، ....... في التحقيقات ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً في الجريمة 1 - من ارتكبها وحده أو مع غيره 2 - من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وعندئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإذ لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع - ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من وقائع تشهد لقيامه. ولما كانت نية تدخل الطاعنين في جريمة قتل المجني عليهم والشروع في قتل (......)، (......) تحقيقاً لقصدهما المشترك وباقي المتهمين السابق الحكم عليهم - والمستفاد من نوع الصلة بينهما وباقي المحكوم عليهم والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وبين ثبوت الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليهم والشروع فيه بما مقتضاه مساءلة كل منهم باعتباره فاعلاً أصلياً عن النتيجة التي وقعت تنفيذاً لهذا الاتفاق من غير حاجة إلى تقصي محدث الإصابة التي نشأت عنها الوفاة. هذا فضلاً أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين كانا يحملان أسلحة مششخنة آلية ضمن باقي المعتدين السابق الحكم عليهم وأطلقا النار معهم على المجني عليهم وأحدثوا إصابتهم والتي أودت بحياة أربعة منهم ومداركة اثنين بالعلاج فإن كلاً منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد بوصفه فاعلاً أصلياً بغض النظر عن الإصابة التي أحدثها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل والشروع فيه فإنها ثابتة في حق المتهمين من اشتراكهما في وقائع قتل المجني عليهم والشروع في قتلهم كفاعلين أصليين مع آخرين سبق الحكم عليهم وتواجدهما على مسرح الحادث ومشاركتهما في الاعتداء على المجني عليهم أو بعضهم ومن استعمالهما لسلاحين قاتلين بطبيعتهما "بندقيتين آليتين" وإصابتهم المجني عليهم مقتل حسب وصف إصابتهم وأنهما والمتهمين السابق الحكم عليهم لم يتركوا من المجني عليهم الستة حياً إلا المجني عليهما (.......)، (.......) وذلك لسبب خارج عن إرادتهم هو فرار الثاني ومداركة الأولى بالعلاج" وإذا كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وإذا كان الطاعنان لا ينازعان في صحة ما نقله الحكم عن الشهود من أنهما كانا يحملان بندقيتين آليتين ضمن زمرة المعتدين ويطلقان وباقي المعتدين النار على منزل المجني عليه (.......) ثم توجها مع المتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم إلى منزل المجني عليه (.......) إذ وجدوه موصداً فحاول والد الشاهد الأول منعهم من مواصلة الاعتداء وأطلقوا عليه وابلاً من الرصاص قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا به إصابته والتي أودت بحياته ثم أطلقوا الأعيرة النارية على المجني عليه (.......) حيث أردوه قتيلاً وقام بعض المعتدين ومنهم الطاعن الأول بإطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما (....... و......) حتى فارقا الحياة. لما كان ذلك وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكاملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يجب أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان لا يجدي الطاعنين أن الحكم لم يفصح عن بيان شخص المتهم الذي أطلق النار على كل من المجني عليهم تحديداً أو أحدث إصابته والتي أودت بحياته ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من صور الاتفاق على ارتكاب الجريمة على النحو السالف البيان فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل هو أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الطاعنان لا ينازعان في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول وما نقله من تقرير الصفة التشريحية له معينه الصحيح من الأوراق فإن ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني بل يتلاءم معه ويكون ما يثيره الطاعن من وجود تناقض بينهما غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحديد وقت الحادث ومكانه لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليهم الأربعة قد قتلوا في ذات الميقات والمكان الذي قال به شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان ومكان حدوثها أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الإثبات التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الطب الشرعي بالنسبة للمجني عليها (.......) "أنها إصابات نارية بالطرف العلوي الأيسر بالصدر وأن تلك الإصابات جائزة الحدوث من مسدس وفي تاريخ قد يتفق وتاريخ الحادث" كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليه (.......) "نارية حيوية حديثة بأعلى يسار مقدم الصدر وبأعلى يمين مقدم الصدر وبأسفل يمين الصدر وبأسفل منتصف المخاصره اليمنى وتعزى وفاته إلى تلك الإصابات بما أحدثته من كسور بالقفص والأضلاع وتهتك بالأحشاء الصدرية والبطن وما صاحبه من نزيف داخلي وخارجي"، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استظهر إصابات المجني عليهما وعلاقة السببية بين تلك الإصابات التي أوردها تفصيلاً بالنسبة للمجني عليه الثاني على النحو المار ذكره - ووفاته فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأن مرتكبها أشخاصاً آخرين مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعة التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسند إلى الطاعنين إحرازهما للبندقيتين الآليتين على خلاف ما زعمه الطاعنان بأسباب طعنهما ويكون نعيهما على الحكم في هذا الشأن على غير سند. لما كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع فمتى قدر الحكم قيام رابطة المعاصرة الزمنية هذه كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا يجوز إثارة الجدل بشأنها أمام محكمة النقض فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد أسس رفضه دفع الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في قوله لما كان الثابت في الأوراق أن المتهم........ "الطاعن الثاني" حضر أمام المحكمة بجلسة 22/ 5/ 1988 بناء على إعلان صحيح له ثم قضى عليه بحكم غيابي بعد ذلك وتم القبض عليه لإعادة إجراءات محاكمته وأخلى سبيله بجلسة 3/ 10/ 1995 مع تحديد جلسة لمحاكمته ومن ثم تكون فترة التقادم لم تكتمل في حقه كما أن باقي المتهمين قد اتخذت إجراءات قاطعة للتقادم حتى تم الحكم عليهم حضورياً عدا المتهمين الماثلين ومن ثم وطبقاً للمادة 18 إجراءات جنائية. يكون الدفع المبدى في غير محله خليقاً بالرفض" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم في الدعوى وإن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إجراءات محاكمة المتهمين الآخرين في الدعوى أمامها من شأنه أن يقطع مدة التقادم في حق الطاعن الأول فإن الحكم إذ رفض الدفع سالف الذكر يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

40-لما كان الحكم قد أورد في تحصيله للواقعة "أن الطاعن أطلق عياراً نارياً صوب رأس المجني عليه استقر بيمين الجبهة محدثاً كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 85

جلسة 8 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي حجاب، جاب الله محمد جاب الله، شبل حسن وهاني حنا نواب رئيس المحكمة.

(11)
الطعن رقم 14306 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ لنفي التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. قتل عمد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. أثر ذلك؟
مثال.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". علاقة السببية. قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ على توافر علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه في جريمة قتل عمد.
(10) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي. مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه. عدم توافره متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام.
مثال لتسبيب سائغ على عدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق الطاعن وتوافرها في حق متهم آخر في ذات الواقعة.
(13) سلاح. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإحراز. هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان.
إدانة الطاعن بإحراز سلاح ناري مملوك للمجني عليه وإدانة المتهم الآخر بإحرازه ذات السلاح لإخفائه. صحيح.
مثال.
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم. فإن في ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - لما كان تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى، بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من تعارض بين الدليلين القولي والفني وأطرحه في منطق سائغ بقوله "وعن المنازعة بتوافر تناقض بين أقوال الشاهدة حميدة وبين الطب الشرعي فإنه قول مرسل لا دليل عليه خاصة وأنه ثبت أن مكان الإصابة وهى بالرأس عضو متحرك لا يمكن تحديد اتجاه إطلاق العيار الذي أصابه فضلاً عن أنه ثبت أن الإصابة النارية التي أودت بحياة المجني عليه حدثت من مسدس على نحو ما قررته تلك الشاهدة" وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يتناقض مع الدليل الفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
7 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ....... أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أنه كان يجب سماع أقوال المبلغ دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة، لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض.
8 - لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي لم تعرض لما أثاره الطاعن من أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته إذ هو - في صورة الدعوى، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة. ومن ثم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
9 - لما كان الحكم قد أورد في تحصيله للواقعة "أن الطاعن أطلق عياراً نارياً صوب رأس المجني عليه استقر بيمين الجبهة محدثاً كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه، ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه أن به إصابة نارية بيمين الجبهة حدثت من عيار ناري مفرد لم يستقر بالجسم من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب ويتعذر تحديد اتجاهه لحركة الرأس وأحدث العيار كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفس ويجوز حدوث إصابة المجني عليه من مثل أي من المسدسين المضبوطين" فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب مؤدية وبما تملك محكمة الموضوع تقديره بغير معقب عليها من محكمة النقض وجود علاقة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه بما تتحقق به مسئوليته عن جريمة القتل التي دانه بها.
10 - لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه وعن توافر نية القتل لدى المتهم.... ولما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية يكون من عناصر الدعوى المطروحة موكولها إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كانت هذه المحكمة يطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل لدى المتهم المذكور لحظة إطلاقه للعيار الذي استقر في رأس المجني عليه، وأودى بوفاته وذلك بعد استيلائه على سلاح المجني عليه ومبادرته بإطلاق العيار الناري الذي أصابه وعلى الفور لأن الإطلاق في مكان قاتل بطبيعته وهو الرأس ومن سلاح قاتل بطبيعته" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد.
11 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة.
12 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى. لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه، بما مؤداه أن الطاعن أخذ المسدس الخاص بالمجني عليه بعد طرح الأخير أرضاً ثم قام بإطلاق العيار الذي استقر برأس المجني عليه وأودى بحياته وبالتالي فإن الخطر الذي كان محتملاً من قبل المجني عليه وموجهاً صوب الطاعن قد زال بسقوط المجني عليه أرضاً واستيلاء الطاعن على سلاحه ولم يثبت من الأوراق وجود أسلحة أخرى مع المجني عليه. وخلص الحكم إلى قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق المتهم الآخر - والد الطاعن - بما مؤداه أن والد الطاعن فوجئ بالمجني عليه يطلق عياراً نارياً على نجله الطاعن مما ألحق به إصابة في بطنه بررت للمذكور رد الاعتداء ومنعه من الاستمرار فيه فضرب المجني عليه بفأس على رأسه فأحدث إصابته وكان يبين مما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً من نفي توافر حالة الدفاع الشرعي في حق الطاعن يتفق وصحيح القانون إذ أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام. وهذا الذي أثبته الحكم لا يتعارض مع ما خلص إليه من توافر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم الآخر والد الطاعن بعد أن أثبت أنه فوجئ باعتداء المجني عليه على نجله الطاعن بمسدس وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت وهذا التخوف مبني على أسباب معقولة تبرر الاعتداء بالوسيلة التي كانت بيد المدافع. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم.
13 - لما كان إدانة الطاعن بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهى ذات الطبنجة التي دين المتهم الآخر بإحرازها فأمر لا يأباه منطق القانون ويستقيم مع ما نسبه الحكم إلى كل منهما ذلك أن الحكم قد دان الطاعن أخذاً بأقوال الشهود بإحرازه لها ودان المتهم الآخر أخذاً بما ثبت في حقه من أنه أخذ السلاح من الطاعن بعد إطلاقه النار منه على المجني عليه وظل محتفظاً به إلى أن تم ضبطه وبحوزته ذلك السلاح ولا تناقض بين الأمرين فالإحراز هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان ولو سلمه المتهم لآخر بعد ذلك لإخفائه. مما يتوافر به في صحيح القانون اعتبارهما محرزين لهذا السلاح،


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: - قتلا...... عمداً بأن أطلق عليه الطاعن عياراً نارياً من سلاح ناري كان يحمله وضربه الآخر بمؤخرة فأس على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الطاعن. 1 - أحرز سلاحين ناريين أحدهما مششخن (طبنجة) والآخر غير مششخن (فرد) حالة كونه ممن لا يجوز لهم الترخيص بحيازة أو إحراز سلاح ناري. 2 - أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه ممن لا يجوز لهم الترخيص بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 2، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به أولاً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن تهمتي القتل العمد والسلاح المششخن والذخيرة وبحبسه لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسين جنيهاً عن تهمة السلاح الغير مششخن باعتبار أن تهمة القتل مجردة من الظروف المشددة. ثانياً: بمصادرة الأسلحة النارية المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاحين ناريين أحدهما مششخن والآخر غير مششخن وذخيرة بدون ترخيص، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يتضمن بياناً بالواقعة تتحقق به الأركان القانونية لهذه الجرائم ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت التي استند إليها في قضائه بالإدانة، واعتنق تصويراً للواقعة رغم استحالته وعدم صحته لإصابة الطاعن بطلق ناري في بطنه ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع عن طريق فني لبيان مدى إمكان وقوع الحادث وفق هذا التصوير، رغم تلك الإصابة، وتساند في قضائه إلى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الصفة التشريحية، رغم اختلافهما بشأن البادئ في الاعتداء ورغم تناقض أقوالهما مع الدليل الفني من حيث كيفية حدوث الواقعة، والتفتت المحكمة عن طلب سماع المبلغ، وأغفل الحكم الرد على دفاعه بأن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته وهو ما يهدر شهادة الشاهدين، ولم يوضح توافر علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل، وأطرح ما دفع به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه على الرغم من أنه قضى ببراءة المتهم الآخر - والده - استناداً إلى قيام هذه الحالة في حقه، ودانه بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهي ذات الطبنجة التي دان المتهم الآخر بإحرازها مع أنه لا يتأتى أن تكون في حيازتهما معاً في آن واحد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق بما مؤداه أنه لوجود خلافات بين المتهم الآخر - والد الطاعن - وبين والد المجني عليه بشأن قطعة أرض مستأجرة من هيئة الأوقاف المصرية بزمام ساقية وافوق مركز سمالوط أطلق المجني عليه عياراً نارياً من مسدسه على الطاعن إلا أنه تمكن من طرحه أرضاً وأخذ سلاحه وأطلق عياراً نارياً صوب رأسه فأحدث كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه وقد تم ضبط مسدسين وفرد خرطوش في حيازة المتهم الآخر وأن أحد المسدسين خاص به والمسدس الآخر خاص بالمجني عليه وأن الفرد الخرطوش خاص بالطاعن وجميعهم صالحين للاستعمال، وأن إصابة المجني عليه النارية يجوز حدوثها من مثل المسدسين المار بيانهما - وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال...... و....... و....... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وما قرره المتهم الآخر بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف. من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم فإن في ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي، الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى، بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من تعارض بين الدليلين القولي والفني وأطرحه في منطق سائغ بقوله "وعن المنازعة بتوافر تناقض بين أقوال الشاهدة حميدة وبين الطب الشرعي فإنه قول مرسل لا دليل عليه خاصة وأنه ثبت أن مكان الإصابة وهي بالرأس عضو متحرك لا يمكن تحديد اتجاه إطلاق العيار الذي أصابه فضلاً عن أنه ثبت أن الإصابة النارية التي أودت بحياة المجني عليه حدثت من مسدس على نحو ما قررته تلك الشاهدة" وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يتناقض مع الدليل الفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ....... أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أنه كان يجب سماع أقوال المبلغ دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض. لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي لم تعرض لما أثاره الطاعن من أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته إذ هو - في صورة الدعوى، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة. ومن ثم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان الحكم قد أورد في تحصيله للواقعة - "أن الطاعن أطلق عياراً نارياً صوب رأس المجني عليه استقر بيمين الجبهة محدثاً كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه - ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه أن به إصابة نارية بيمين الجبهة حدثت من عيار ناري مفرد لم يستقر بالجسم من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب ويتعذر تحديد اتجاهه لحركة الرأس وأحدث العيار كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفس ويجوز حدوث إصابة المجني عليه من مثل أي من المسدسين المضبوطين"، فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب مؤدية - وبما تملك محكمة الموضوع تقديره بغير معقب عليها من محكمة النقض - وجود علاقة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه بما تتحقق به مسئوليته عن جريمة القتل التي دانه بها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه وعن توافر نية القتل لدى المتهم.... ولما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية يكون من عناصر الدعوى المطروحة موكولها إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كانت هذه المحكمة يطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل لدى المتهم المذكور لحظة إطلاقه للعيار الذي استقر في رأس المجني عليه، وأودى بوفاته وذلك بعد استيلائه على سلاح المجني عليه ومبادرته بإطلاق العيار الناري الذي أصابه وعلى الفور لأن الإطلاق إلى مكان قاتل بطبيعته وهو الرأس ومن سلاح قاتل بطبيعته" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة. لما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه، بما مؤداه أن الطاعن أخذ المسدس الخاص بالمجني عليه بعد طرح الأخير أرضاً ثم قام بإطلاق العيار الذي استقر برأس المجني عليه وأودى بحياته وبالتالي فإن الخطر الذي كان محتملاً من قبل المجني عليه وموجهاً صوب الطاعن قد زال بسقوط المجني عليه أرضاً واستيلاء الطاعن على سلاحه ولم يثبت من الأوراق وجود أسلحة أخرى مع المجني عليه. وخلص الحكم إلى قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق المتهم الآخر - والد الطاعن - بما مؤداه أن والد الطاعن فوجئ بالمجني عليه يطلق عياراً نارياً على نجله الطاعن مما ألحق به إصابة في بطنه بررت للمذكور رد الاعتداء ومنعه من الاستمرار فيه فضرب المجني عليه بفأس على رأسه فأحدث إصابته وكان يبين مما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً على نفي توافر حالة الدفاع الشرعي في حق الطاعن يتفق وصحيح القانون إذ أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام. وهذا الذي أثبته الحكم لا يتعارض مع ما خلص إليه من توافر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم الآخر والد الطاعن بعد أن أثبت أنه فوجئ باعتداء المجني عليه على نجله الطاعن بمسدس وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت وهذا التخوف مبني على أسباب معقولة تبرر الاعتداء بالوسيلة التي كانت بيد المدافع. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان إدانة الطاعن بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهي ذات الطبنجة التي دين المتهم الآخر بإحرازها فأمر لا يأباه منطق القانون ويستقيم مع ما نسبه الحكم إلى كل منهما ذلك أن الحكم قد دان الطاعن أخذاً بأقوال الشهود بإحرازه لها ودان المتهم الآخر أخذاً بما ثبت في حقه من أنه أخذ السلاح من الطاعن بعد إطلاقه النار منه على المجني عليه وظل محتفظاً به إلى أن تم ضبطه وبحوزته ذلك السلاح ولا تناقض بين الأمرين فالإحراز هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان ولو سلمه المتهم الآخر بعد ذلك لإخفائه. مما يتوافر به في صحيح القانون اعتبارهما محرزين لهذا السلاح ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,126,873

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »