موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

الأحكام القضائية في القتل العمد مكتب البسيونى عبده

edit

20-عقوبة المادة 234/ 2/ عقوبات. يكفى لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 1 - صـ 581

جلسة 3 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، هانى مصطفى كمال نواب رئيس المحكمة وعلى سليمان.

(95)
الطعن رقم 34413 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة فى قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) حكم "بياناته" "بيانات الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيانات حكم الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(4) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفى. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
(5) سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
(6) سبق الإصرار. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعى". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق التدبير للجريمة أو التحيل لارتكابها ينتفى به حتماً موجب الدفاع الشرعى. علة ذلك؟
(7) قتل عمد. ضرب "أفضى إلى موت". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص صورة الواقعة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة. غير مقبولة محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى.
والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً. كفاية الرد من أدلة الثبوت.
(8) قتل عمد. اقتران. نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة.
عقوبة المادة 234/ 2/ عقوبات. يكفى لتطبيقها. ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما.
مثال لتسبيب سائغ على توافر ظرف الاقتران.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره.
ندب محامياً للدفاع عن المتهم لعدم توكيله محامياً ورغبته فى الدفاع عنه. ترافع المنتدب وإبداء ما عن له من دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(10) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرار بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
2 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة.... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
3 - لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى فى قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل فى أن المتهم...... وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة....... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذى يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح فى طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه..... أن تعاود الكره مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها..... قبل عشرين يوماً من تاريخ..... تقريباً ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر فى ذهنه وأصبح هدفاً له يريد تحقيقه بأى وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة......... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفاً لا بد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان فى تهديد لوالد الفتاة مؤكداً لما اشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجاً لها ولم يكن فى تهديده مع سوء خلقه هازلاً إذ أنه بتاريخ..... وقد خلال المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد فى تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته فى شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجنى عليه..... وأعد لذلك جسماً صلباً راضاً ثقيلاً ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفاً وهو قتل أحد أشقاء الفتاة فى ليلة...... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ فى تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه فى نفسه ووجد على ما سلف فى المجنى عليه.... ضالته فأخذ فى البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التى يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجنى عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكداً عزمه على تنفيذ ما أضمر فى نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح لذى أعده سالفاً لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجنى عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 14 سم ويقع شاملاً خلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخرى فى مساحة أبعادها حوالى 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامى أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعياً رضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض بطول حوالى 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفى صيوان الإذن بحوالى 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحاً قطعياً رضياً متكدماً ومستوى الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالى 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامى خلف زاوية الفم اليمنى بحوالى 3 سم والجرح الخامس كان قطعياً رضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالى 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلى وكان الجرح السادس ذبحياً إذ كان موقعه مقدم العنق مستوى الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالى 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق فى مستوى الغضروف الدرقى وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً ومستعرض الوضع وبطول حوالى 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه فى أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً بطول حوالى 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفى منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعى متقدم مستوى الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجنى عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحاً قطعياً متكدماً مستوى الحواف طولى الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثاً كسراً شطفياً بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريباً وما كان قصد المتهم من أحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجنى عليه تنفيذاً لإصراره السابق على قتل أى من أشقاء الفتاة التى أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذى استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجنى عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعاً آخر إجرامياً كان قد اختمر فى ذهنه فقد توجه بعد قتله المجنى عليه.... إلى مسكن المجنى عليه..... الذى يقع على مبعده 250 متر تقريباً من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثانى المتزوج من سيدة تدعى..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريباً قد تقدم إلى خطبتها أيضاً ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى المجنى عليه الثانى إلى خطبتها وارتضت به الأسرة زوجاً لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجنى عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساءً تقريباً من ذات ليلة..... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجنى عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصداً من ذلك قتله تنفيذاً لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجنى عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجنى عليه فأحدثت به جرحاً قطعياً بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالى 5 سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالى 10سم ولكن صوت المجنى عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذى كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجنى عليه..... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هارباً بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة...... واستند الحكم فى الإدانة على شهادة كل من النقيب....... رئيس مباحث مركز...... و....... و..... و........ و....... و........... و...... و............. و......... و........... و........ وما شهد به....... قبل وفاته -....... و....... و........ و........ و...... و......... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجنى عليه....... وهى أدلة سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان المحكوم عليه بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها ألماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
4 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجنى عليه....... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها فى الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التى كالها إلى المجنى عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجنى عليه فى مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدها طوله 15 سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحى والثانى أسفل الجرح الأول وبطول حوالى 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوى القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوى إلا القتل عند إحداثه الجرح الثانى وإذا أضيف إليها الجرح الذى أحدثه المتهم برأس المجنى عليه والذى يبلغ 14 سم شاملاً لخلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصحفيتين الخارجتين فى مساحة بلغت 9 × 7 سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة فى ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفى فى استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغاً وصحيحاً فى القانون.
5 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف سابق الإصرار وتوافره فى حق المحكوم عليه فى قوله "وبما أنه عن توافر سبق الإصرار السابق على قتل المجنى عليه..... فالثابت بالأوراق أن المتهم قد هدد والد المجنى عليه بقتل أحد أبنائه وأخذت فكرة الزواج من ابنته بالغ أهميتها لديه حتى أنه يضرب أمه المسنة ويطردها من مسكنه لرفضها الانصياع لفكرته ولعلمها برفض الأسرة خطبته، فضلاً عن أنه قد توجه للبحث عن المجنى عليه فى إحدى المقاهى ولما لم يجده وعلم بمكان وجوده على شاطئ البحر ذهب إليه والتقى به واصطحبه إلى مسكنه فإن كل ما تقدم يؤكد أنه لم يكن هازلاً فى تهديده فقد أعد السلاح القاتل وأخذ يتحين الفرصة فى استدراج المجنى عليه إلى مسكنه ولما رافقه فقد أجاد تنفيذ ما أصرت عليه نفسه بل أن إعداد مثل هذا السلاح يؤكد إصرار المتهم السابق على قتل المجنى عليه وأمر تهديده لوالد المجنى عليه وإن كان المتهم قد نفاه إلا أن نفيه كان بمثابة تشويه الحقيقة وذلك أنه يقرر أنه التقى والد المجنى عليه فى موقف السيارات وسأله عن سبب رفضه خطبته لابنته وهدده بتطليق ابنته من أخيه فهدده والد المجنى عليه بقتله وهو أمر يغاير مجرى الأمور ومنطق الأحداث فلا يتصور أن يهدد أب طالب خطبة ابنته بالقتل سيما وهو شقيق لزوج ابنته، ومن ثم فإن المحكمة تتيقن من توافر إصرار المتهم السابق على قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم فى نفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى مع هذا الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون.
6 - لما كان المقرر فى صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعى الذى يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وأعمال الخطة فى إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض فى قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجنى عليهما فإن حالة الدفاع الشرعى تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعى الذى يفترض رداً على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفى الاعتداء، وغنى عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعى إلا بثبوت الحق فيه ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى فإن الحكم يكون قد برئ من أى شائبة فى هذا الخصوص.
7 - لما كان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ فى قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمنها أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
8 - لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران فى قوله وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذى غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضاً إلى جميع الأحوال التى يرتكب فيها الجانى علاوة على فعل القتل أى فعل مستقل متميز عنه يكون فى ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائى واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذى يعتبر به كلاً منها مكوناً لجريمة مستقلة فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجنى عليه...... قد تلتها جناية الشروع فى قتل المجنى عليه...... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثانى الذى لا يبعد عن المسكن الذى ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتى وخمسين متراً تنفيذاً لغرض إجرامى واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجنى عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به فى القانون وبالتالى تغليظ العقاب فى جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون فى هذا الشأن، فضلاً عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضى بها على المحكوم عليه هى ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى أثبتها الحكم فى حقه مجرد من ظرف الاقتران.
9 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه إلا أنه رغب فى المحامى الذى تولى الدفاع عنه وندبته الحكم محامياً ترافع فى الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكم تكون قد وفرت للمتهم حقه فى الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامى المنتدب الوقت الكافى للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامى شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه فى مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التى أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
10 - لما كان الحكم المعروض قد أثبت فى حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحاكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وبرأ من الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه أولاً: قتل عمداً مع سبق الإصرار..... بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحاً أبيض (سنجة) واستدرجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً فى مواضع متفرقة من جسده قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هى أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى البيان شرع فى قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك السلاح الأبيض سالف البيان وتوجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى عاجله بضربة بيسار الوجه قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجنى عليه وفراره خشية ضبطه. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت والدة المجنى عليه وأشقاء المجنى عليه الثانى مدنياً قبل المتهم بطلب إلزامه أن يؤدى لهم مبلغ مائتى وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها. وحددت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 230، 231، 234/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به مع أعمال المادة 32 من قانون العقوبات. وباجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وأمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم....... - على محكمة النقض.


المحكمة

 

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث إن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة.... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى فى قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل فى أن المتهم...... وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة.... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذى يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح فى طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه..... أن تعاود الكره مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها..... قبل عشرين يوماً من تاريخ..... تقريباً ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر فى ذهنه وأصبح هدفاً له يريد تحقيقه بأى وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة.... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفاً لا بد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان فى تهديد لوالد الفتاة مؤكداً لما اشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجاً لها ولم يكن فى تهديده مع سوء خلقه هازلاً إذ أنه بتاريخ..... وقد خلال المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد فى تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته فى شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجنى عليه.... وأعد لذلك جسماً صلباً راضاً ثقيلاً ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفاً وهو قتل أحد أشقاء الفتاة فى ليلة.... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ فى تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه فى نفسه ووجد على ما سلف فى المجنى عليه.... ضالته فأخذ فى البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التى يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجنى عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكداً عزمه على تنفيذ ما أضمر فى نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح لذى أعده سالفاً لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجنى عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحاً قطعياً رضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 14 سم ويقع شاملاً خلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخرى فى مساحة أبعادها حوالى 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحاً قطعياً راضياً متكدماً مستعرض الوضع بطول حوالى 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامى أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعياً راضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض بطول حوالى 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفى صيوان الأذن بحوالى 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحاً قطعياً راضياً متكدماً ومستوى الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالى 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامى خلف زاوية الفم اليمنى بحوالى 3 سم والجرح الخامس كان قطعياً راضياً متكدماً مستوى الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالى 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلى وكان الجرح السادس ذبحياً إذ كان موقعه مقدم العنق مستوى الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالى 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق فى مستوى الغضروف الدرقى وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً ومستعرض الوضع وبطول حوالى 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه فى أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحاً قطعياً مستوى الحواف متكدماً بطول حوالى 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفى منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعى متقدم مستوى الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجنى عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحاً قطعياً متكدماً مستوى الحواف طولى الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثاً كسراً شطفياً بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريباً وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجنى عليه تنفيذاً لإصراره السابق على قتل أى من أشقاء الفتاة التى أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذى استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجنى عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعاً آخر إجرامياً كان قد اختمر فى ذهنه فقد توجه بعد قتله المجنى عليه.... إلى مسكن المجنى عليه..... الذى يقع على مبعده 250 متر تقريباً من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثانى المتزوج من سيدة تدعى..... وكان المتهم قبل أربعة سنوات تقريباً قد تقدم على خطبتها أيضاً ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى خطبتها المجنى عليه الثانى وارتضت به الأسرة زوجاً لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجنى عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجنى عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساءً تقريباً من ذات ليلة..... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجنى عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصداً من ذلك قتله تنفيذاً لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجنى عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجنى عليه فأحدثت به جرحاً قطعياً بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالى 5 سم آخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالى 10 سم ولكن صوت المجنى عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذى كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجنى عليه..... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هارباً بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة...... واستند الحكم فى الإدانة على شهادة كل من النقيب....... رئيس مباحث مركز...... و....... و...... و........ و....... و........... و...... و............. و......... و........... و........ وما شهد به....... قبل وفاته -....... و....... و........ و........ و...... و......... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجنى عليه..... وهى أدلة سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان المحكوم عليه بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها ألماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجنى عليه.... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها فى الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التى كالها إلى المجنى عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجنى عليه فى مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدهما طوله 15 سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحى والثانى أسفل الجرح الأول وبطول حوالى 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوى القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوى إلا القتل عند إحداثه الجرح الثانى وإذا أضيف إليها الجرح الذى أحدثه المتهم برأس المجنى عليه والذى يبلغ 14 سم شاملاً لخلفية فروة الرأس محدثاً كشطاً بالصحفيتين الخارجتين فى مساحة بلغت 9 × 7 سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة فى ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجنى عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفى فى استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغاً وصحيحاً فى القانون. لما كان ذلك، وكان المدافع مع المحكوم عليه قد أورد بأن المتهم انتزع الساطور من المجنى عليه وقتله لفوره مردود بأن من المقرر فى صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعى الذى يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وأعمال الخطة فى إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض فى قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجنى عليهما فإن حالة الدفاع الشرعى تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعى الذى يفترض رداً على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفى الاعتداء، وغنى عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعى إلا بثبوت الحق فى ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى فإن الحكم يكون قد برئ من أى شائبة فى هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ فى قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران فى قوله "وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذى غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضاً إلى جميع الأحوال التى يرتكب فيها الجانى علاوة على فعل القتل أى فعل مستقل متميز عنه يكون فى ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائى واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذى يعتبر به كلاً منها مكوناً لجريمة مستقلة" فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجنى عليه...... قد تلتها جناية الشروع فى قتل المجنى عليه...... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجنى عليه الثانى الذى لا يبعد عن المسكن الذى ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتى وخمسين متراً تنفيذاً لغرض إجرامى واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجنى عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به فى القانون وبالتالى تغليظ العقاب فى جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون فى هذا الشأن، فضلاً عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضى بها على المحكوم عليه هى ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى أثبتها الحكم فى حقه مجرد من ظرف الاقتران. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه إلا أنه رغب فى المحامى الذى تولى الدفاع عنه وندبته الحكم محامياً ترافع فى الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكم تكون قد وفرت للمتهم حقه فى الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامى المنتدب الوقت الكافى للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامى شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه فى مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التى أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد أثبت فى حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحاكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون وبرأ من الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 65 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

19-قصد القتل أمر خفى. إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التى تنبئ عنه. استخلاص توافره موضوعى.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 936

جلسة 5 من أكتوبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، فتحى جوده، محمد عبد العال وعابد راشد نواب رئيس المحكمة.

(156)
الطعن رقم 530 لسنة 69 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها". محكمة النقض "حقها فى الرجوع عن أحكامها".
حق محكمة النقض الرجوع عن حكمها بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم تقديم أسباب له. متى تبين لها أن الأسباب قدمت ولم تعرض عليها.
(2) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". دعوى جنائية "انقضاؤها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "حجيته".
الدفع بقوة الشىء المحكوم فيه فى المسائل الجنائية. شرطه وأساسه؟
صدور الحكم فى مسألة غير فاصلة فى موضوع الدعوى لا يحوز قوة الشىء المحكوم فيه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(3) محاكم أمن الدولة "التصديق على أحكامها". قانون "تفسيره".
الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة العليا لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها. أساس وأثر ذلك؟
(4) محاكم أمن الدولة "التصديق على أحكامها". قوة الأمر المقضى. إجراءات "إجراءات المحاكمة". قانون "تفسيره". حكم "حجيته". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التصديق على أحكام محاكم أمن الدولة العليا الصادرة بالبراءة بعد إعادة المحاكمة. شرط ليكسبها قوة الأمر المقضى. أساس ذلك ومؤداه؟
الحكم الصادر من محاكم أمن الدولة طوارئ الذى لم يصدق عليه غير منه للخصومة. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها عن الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة طوارئ بالبراءة الغير مصدق عليه. صحيح.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى".
قصد القتل أمر خفى. إدراكه بالأمارات والمظاهر الخارجية التى تنبئ عنه. استخلاص توافره موضوعى.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير رابطة السببية". رابطة السببية. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر رابطة السببية. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ لتوافرها فى جريمة قتل عمد.
(7) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع الدليل الفنى فى كل جزئية ليس بلازم. كفاية أن يكون الدليل القولى غير متناقض مع مضمون الدليل الفنى.
(8) قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة عناصرها. موضوعى.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(9) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وفى تصوير المحكمة للواقعة. جدل موضوعى. غير جائز أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ فى الرد على منازعة الطاعن فى تاريخ ومكان الحادث.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعى.
مفاد الأخذ بأقوال الشهود؟
حق المحكمة أن تأخذ بقول الشاهد فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون بيان العلة أو موضع الدليل فى أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
1 - لما كانت المحكمة سبق أن قضت بجلسة........ بعدم قبول الطعن شكلاً استنادًا إلى أن الطاعنين لم يقدما أسبابًا لطعنهما، غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة...... ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن - على ما هو ثابت من مذكرة إدارة الإجراءات الجنائية بمحكمة النقض المرفقة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الرجوع فى ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة....... بالنسبة للطاعنين.
2- لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضى الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون "وكان مفاد هذا النص - على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض - أنه يشترط للدفع بقوة الشىء المحكوم فيه فى المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أن يكون هناك حكم جنائى نهائى فى الموضوع بالبراءة أو بالإدانة سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد فى الموضوع والسبب والأشخاص المتهمين.
3 - وإذ نصت المادة 12 من القانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ على أن الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة العليا لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية، فإن مقتضى هذا الإطلاق أن جميع الأحكام الصادرة من هذه المحاكم لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من السلطة المختصة, يستوى فى ذلك أن تكون هذه الأحكام الصادرة ابتداء أو بعد إعادة المحاكة أمام دائرة أخرى بناء على أمر سلطة التصديق. لا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 14 من القانون المار ذكره من وجوب التصديق على الحكم إذا صدر بالبراءة بعد إعادة المحاكمة، فقد جاء نص المادة 12 من القانون المشار إليه بصيغة العموم فلا يحص تخصيصه بغير مخصص، بل أن المادة 14 المشار إليها إذ أوجبت التصديق على الحكم الصادر بالبراءة من محاكم أمن الدولة بعد إعادة المحاكمة فقد جلت على أن هذه الأحكام لا تكتسب قوة الأمر المقضى إلا بعد التصديق عليها شأنها فى ذلك شأن سائر الأحكام الصادرة من تلك المحاكم ولو شاء المشرع غير هذا النظر لما أعوزه النص على أن يصبح الحكم نهائيًا بقوة القانون إذا صدر بالبراءة بعد إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى دون تطلب التصديق عليه، مثلما ذهب إليه المشرع فى ذات القانون حين نص فى المادة السادسة منه على أن قرار المحكمة بالإفراج المؤقت عن المتهم يكون نافذًا ما لم يعترض عليه رئيس الجمهورية فإذا اعترض أحيل الاعتراض إلى دائرة أخرى ويكون قرار المحكمة فى هذه الحالة نافذًا.
4 - لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ - ........ - ........... لم يصبح نهائيًا لعدم التصديق عليه من السلطة المختصة بذلك طبقًا للمادة 12 من القانون 162 لسنة 1958 فإنه يكون غير منه للخصومة، ولا تكون له قوة الأمر المقضى عند الفصل فى موضوع الدعوى الجنائية الماثلة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد أصاب صحيح القانون.
5 - لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وينم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية.
6 - لما كان من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا ونفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إليه وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التى أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجنى عليه نتيجة إصاباته النارية وما صاحبها من نزيف وأن باقى إصاباته ساهمت فى سرعة حدوث الوفاة، ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذا الصدد فى غير محله.
7 - لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد من أقوال شهود الإثبات أن الطاعنين وآخر توجهوا ناحية تواجد المجنى عليه يسار سيارته وأطلقوا عليه الأعيرة النارية من الأسلحة النارية التى كانت معهم مما أدى لوفاته، ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أن إصاباته النارية وما صاحبها من نزيف وكذا باقى إصاباته ساهمت فى سرعة حدوث وفاته، فإن ما أورده الحكم من دليل قولى لا يتعارض مع ما نقله عن الدليل الفنى بل يتلاءم معه، فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديرى وليس من شأن الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين أقوال الشهود والتقرير الفنى أن تصادر شهادة الشهود ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها ومن ثم يكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى، وبذلك برأ من قالة التناقض الذى رماه به الطاعنين.
8 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول التصوير الذى أخذت به المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
9 - لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وأطرحته فى قولها: - "...... وحيث أنه عن منازعة الدفاع فى مكان وزمان الواقعة فإن الثابت من أقوال شهود الواقعة.......... فى أن الواقعة حدثت قبل مغرب يوم....... حوالى الساعة 7.30 م قبل الغروب وأن مكان الحادث هو نهاية الطريق المؤدى لأرض المجنى عليه - المدق - والواقع بأرض المذكور بناحية....... وتطمئن المحكمة لأقوالهم فى هذا الخصوص، ولا يغير من ذلك قالة الدفاع بعدم وجود دم بمكان الجثة ذلك أن النيابة العامة فى محضر معاينتها اقتصرت على معاينة جثمان المجنى عليه ولم تشمل معاينتها المكان. كما أن الثابت من المعاينة المذكورة وجود دم متجلط بكميات كبيرة على ملابس المجنى عليه وأجزاء جسمه هذا فضلاً عن أن الحادث وقع فى أرض رملية يجرى استصلاحها ولا يتكون عليها بقع الدم بل أنها تتشرب السوائل التى تسال عليها ومن بينها الدم، كما أن المحكمة لا تعول على قالة الدفاع من وجود تعفن رمى بالجثة الأمر الذى يؤكد المنازعة فى زمن الوفاة إذ أن هذا القول ظاهر الفساد فالثابت من تقرير الصفة التشريحية أن الجثة فى دور التيبس الرمى الأخذ فى الزوال من العنق والرسوب الدموى بلون باهت وأن التعفن الرمى لم يتضح بعد بالجثة وهذا يؤكد عدم ظهور التعفن رمى بالجثة وهو الذى لا يظهر إلا بعد مرور أربع وعشرين ساعة على الوفاة، ولما كان الثابت من أقوال الشهود أن زمن الوفاة هو حوالى الساعة 7.30 مساء يوم 22/ 6/ 1992 وأن التشريح تم يوم 23/ 6/ 1992 وأورد الطبيب الشرعى فى نهاية تقريره أنه قد مضى على الوفاة لحين التشريح مدة أقل من يوم، فإن منازعة الدفاع فى زمن الواقعة تضحى على غير سند صحيح متعين الالتفات عنه" وإذا كان ما أورده الحكم ردًا على دفاع الطاعنين - سالف البيان - سائغًا فى العقل والمنطق ومقبولاً فى كيفية وقوع الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصوله على الصورة التى جاءت بأقوال شهود الواقعة والتى تأيدت بالتقرير الفنى، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وفى صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
10 - لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وللمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضوع الدليل فى أوراق الدعوى ما دام لها أصل ثابت فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بوصف أنهم فى يوم......... بدائرة....... - محافظة....... (1) قتلوا عمدًا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية "بنادق آلية وخرطوش" وتوجهوا إلى المكان الذى أيقنوا سلفًا مروره فيه وتربصوا وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين آخريين هما أنهم فى ذات المكان والزمان سالفى الذكر: أ) شرعوا فى قتل........ بأن أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو حيده الهدف عنه وفراره. ب) سرقوا السلاح المبين بالتحقيقات "مسدس" والمملوك لـ........ حال تواجده بالطريق العام داخل القرى حال كونهم حاملين أسلحة ظاهرة "بنادق آلية وخرطوش" على النحو المبين بالأوراق. (2) المتهمان الأول والثالث: أحرزا سلاحًا ناريًا مششخنًا "بندقية آلية" مما لا يجوز الترخيص به. (3) المتهم الأول: أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًا مششخن "مسدس". (4) المتهم الثانى: أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًا مششخن "بندقية خرطوش". (5) المتهمون جميعًا: أ) أحرزوا بغير ترخيص ذخائر مما تستعمل فى الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصًا لهم بحيازتها أو إحرازها على النحو المبين بالأوراق. ب) أطلقوا داخل كردون....... أعيرة نارية على النحو سالف الذكر. وأحالتهم إلى محكمة جنايات....... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للثانى والثالث غيابيًا للأول عملاً بالمواد 39/ أولاً، 45/ 1، 46/ 1، 230، 231، 232، 234/ 2، 315/ أولاً، 377/ 6 من قانون العقوبات، والمواد 1/ 1، 2، 6، 26/ 5، 2، 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدولين رقمى 2، 3 الملحقين مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إلى كل منهم. فطعن المحكوم عليهما الثانى والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 5 من مارس سنة 2000 بعدم قبول الطعن شكلاً استنادًا إلى أن الطاعنين لم يقدما أسبابًا لطعنهما، غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب نيابة...... ولم تعرض على المحكمة قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن - على ما هو ثابت من مذكرة إدارة الإجراءات الجنائية بمحكمة النقض المرفقة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الرجوع فى ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة...... بالنسبة للطاعنين.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما وآخر بجرائم القتل العمد المقترن مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاحين ناريين وذخيرة بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل كردون القرية قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى الإسناد وفى تطبيق القانون، ذلك بأن أطرح دفعهما بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إذ سبق محاكمتهما عنها وقضى ببراءتهما منها بموجب الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بجلسة....... بما لا يسوغ به إطراحه، كما أنه لم يدلل تدليلاً كافيًا وسائغًا على توافر نية القتل فى حقهما، ولم يستظهر رابطة السببية بين الأفعال المادية المسندة إليهما والنتيجة التى ساءلهما عنها وهى موت المجنى عليه، وعول على الدليلين القولى والفنى رغم ما بينها من تعارض ولم يعن برفعه، هذا وقد رد الحكم ردًا قاصرًا على المنازعة فى كيفية وقوع الحادث ومكانه وزمانه ودون أن تجرى المحكمة تحقيقًا فى هذا الشأن، وأخيرًا رد على دفعهما ببطلان أقوال الشهود لكونها وليدة إكراه وقع عليهم من ضابط المباحث بما لا يصلح ردًا، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة مستمدة من أقوال الشهود وما قرر به...... بالتحقيقات وما ثبت من تقرير الصحة التشريحية للمجنى عليه وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور حكم محكمة أمن الدولة طوارئ -.......- ببراءة الطاعنين وأطرحه فى قوله :- "... وحيث أنه عن الدفع من دفاع المتهمين الثانى والثالث بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إعمالاً لنص المادة 14/ 2 من القانون 162 لسنة 1958 فمردود بأن الثابت من أوراق الدعوى أن محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ قضت بجلسة...... بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لاختصاص محكمة الجنايات بالفصل فى الدعوى وقد ألغى مكتب التصديق على الأحكام هذا الحكم فى..... وتعاد المحاكمة أمام هيئة أخرى وبجلسة..... حكمت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ ببراءة المتهمون مما نسب إليهم وقد ألغى مكتب التصديق على هذا الحكم فى...... بعدم اختصاص المحكمة وإعادة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها وتم التصديق على إلغاء الحكمين السالفين لم يتعرضا لموضوع الدعوى سواء من ناحية الإدانة أو البراءة وثبوت الاتهام من عدمه - بل كانا متعلقان بالاختصاص فقط دون الفصل فى الموضوع - ومن ثم لا تسرى أحكام المادة 14/ 2 من القانون 162 لسنة 1958 هذا فضلاً عن أن إلغاء الحكم الأخير قد تصدق عليه من نائب الأحكام العسكرى وصار حجة على الجميع وله حجيته ولا يجوز التعرض له. ومن كل ذلك يضحى الدفع على غير سند من واقع وقانون". لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضى الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطريق المقررة فى القانون" وكان مفاد هذا النص - على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض - أنه يشترط للدفع بقوة الشىء المحكوم فيه فى المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أن يكون هناك حكم جنائى نهائى فى الموضوع بالبراءة أو بالإدانة سبق صدوره فى محاكمة جنائية معينة وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التى يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد فى الموضوع والسبب والأشخاص المتهمين وإذ نصت المادة 12 من القانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ على أن الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة العليا لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية، فإن مقتضى هذا الإطلاق أن جميع الأحكام الصادرة من هذه المحاكم لا تكون نهائية إلا بعد التصديق عليها من السلطة المختصة, يستوى فى ذلك أن تكون هذه الأحكام الصادرة ابتداء أو بعد إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى بناء على أمر سلطة التصديق. لا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 14 من القانون المار ذكره من وجوب التصديق على الحكم إذا صدر بالبراءة بعد إعادة المحاكمة، فقد جاء نص المادة 12 من القانون المشار بصيغة العموم فلا يصح تخصيصه بغير مخصص، بل أن المادة 14 المشار إليها إذ أوجبت التصديق على الحكم الصادر بالبراءة من محاكم أمن الدولة بعد إعادة المحاكمة فقد جلت على أن هذه الأحكام لا تكتسب قوة الأمر المقضى إلا بعد التصديق عليها شأنها فى ذلك شأن سائر الأحكام الصادرة من تلك المحاكم ولو شاء المشرع غير هذا النظر لما أعوزه النص على أن يصبح الحكم نهائيًا بقوة القانون إذا صدر بالبراءة بعد إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى دون تطلب التصديق عليه، مثلما ذهب إليه المشرع فى ذات القانون حين نص فى المادة السادسة منه على أن قرار المحكمة بالإفراج المؤقت عن المتهم يكون نافذًا ما لم يعترض عليه رئيس الجمهورية فإذا اعترض أحيل الاعتراض إلى دائرة أخرى ويكون قرار المحكمة فى هذه الحالة نافذًا. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ - ....... - بجلسة....... سنة 1995 لم يصبح نهائيًا لعدم التصديق عليه من السلطة المختصة بذلك طبقًا للمادة 12 من القانون 162 لسنة 1958 فإنه يكون غير منه للخصومة، ولا تكون له قوة الأمر المقضى عند الفصل فى موضوع الدعوى الجنائية الماثلة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه نعى الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وينم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل فى حق الطاعنين - مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى كافيًا وسائغًا فى استظهار قيامها، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتًا ونفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إليه وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التى أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجنى عليه نتيجة إصاباته النارية وما صاحبها من نزيف وأن باقى إصاباته ساهمت فى سرعة حدوث الوفاة، ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد من أقوال شهود الإثبات أن الطاعنين وآخر توجهوا ناحية تواجد المجنى عليه يسار سيارته وأطلقوا عليه الأعيرة النارية من الأسلحة النارية التى كانت معهم مما أدى لوفاته، ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أن إصاباته النارية وما صاحبها من نزيف وكذا باقى إصاباته ساهمت فى سرعة حدوث وفاته، فإن ما أورده الحكم من دليل قولى لا يتعارض مع ما نقله عن الدليل الفنى بل يتلاءم معه، فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديرى وليس من شأن الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين أقوال الشهود والتقرير الفنى أن تصادر شهادة الشهود ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها ومن ثم يكون الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى، وبذلك برأ من قالة التناقض الذى رماه به الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول التصوير الذى أخذت به المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وأطرحته فى قولها: - "... وحيث أنه عن منازعة الدفاع فى مكان وزمان الواقعة فإن الثابت من أوراق شهود الواقعة........ فى أن الواقعة حدثت قبل مغرب يوم حوالى الساعة 7.30 م قبل الغروب وأن مكان الحادث هو نهاية الطريق المؤدى لأرض المجنى عليه - المدق - والواقع بأرض المذكور بناحية....... وتطمئن المحكمة لأقوالهم فى هذا الخصوص، ولا يغير من ذلك قالة الدفاع بعدم وجود دم بمكان الجثة ذلك أن النيابة العامة فى محضر معاينتها اقتصرت على معاينة جثمان المجنى عليه ولم تشمل معاينتها المكان. كما أن الثابت من المعاينة المذكورة وجود دم متجلط بكميات كبيرة على ملابس المجنى عليه وأجزاء جسمه هذا فضلاً عن أن الحادث وقع فى أرض رملية يجرى استصلاحها ولا يتكون عليها بقع الدم بل أنها تتشرب السوائل التى تسال عليها ومن بينها الدم، كما أن المحكمة لا تعول على قالة الدفاع من وجود تعفن رمى بالجثة الأمر الذى يؤكد المنازعة فى زمن الوفاة إذ أن هذا القول ظاهر الفساد فالثابت من تقرير الصفة التشريحية أن الجثة فى دور التيبس الرمى الأخذ فى الزوال من العنق والرسوب الدموى بلون باهت وأن التعفن الرمى لم يتضح بعد بالجثة وهذا يؤكد عدم ظهور التعفن رمى بالجثة وهو الذى لا يظهر إلا بعد مرور أربع وعشرين ساعة على الوفاة، ولما كان الثابت من أقوال الشهود أن زمن الوفاة هو حوالى الساعة 7.30 مساء يوم..... وأن التشريح تم يوم...... وأورد الطبيب الشرعى فى نهاية تقريره أنه قد مضى على الوفاة لحين التشريح مدة أقل من يوم، فإن منازعة الدفاع فى زمن الواقعة تضحى على غير سند صحيح متعين الالتفات عنه "وإذ كان ما أورده الحكم ردًا على دفاع الطاعنين - سالف البيان - سائغًا فى العقل والمنطق ومقبولاً فى كيفية وقوع الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت بها من إمكان حصوله على الصورة التى جاءت بأقوال شهود الواقعة والتى تأيدت بالتقرير الفنى، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وفى صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع الذى أثاره الطاعنان ببطلان أقوال الشهود للإكراه الذى وقع عليهم وأطرحه بقوله:- ".... وحيث أنه بالنسبة لأقوال كل من الشاهدتين...... بتحقيقات النيابة فإن المحكمة تطمئن إليها وتعول عليها ولا تعول على أقوالهما أمام هذه المحكمة بهيئة سابقة بجلسة........ أو بمحضر الشرطة المؤرخ....... والمقيد برقم....... أحوال........ والتى حاول الدفاع أن يدلل بها على أن ثمة إكراه قد وقع على الشاهدتين حال التحقيقات فى النيابة - وقد خلت الأوراق من ثمة دليل على ذلك وقد اصطنعت هذه الأقوال خصيصًا بقصد محاولة طمس الحقيقة والتشكيك فى دليل الإدانة بل أن أيًا من الشاهدتين لم تقرر أن إكراهًا قد وقع عليهما - وقد ثبت من أقوال شاهد الإثبات الخامس........ بالتحقيقات تواجد الشاهدتين بأرض المجنى عليه وقت الحادث - وكانتا تبعدان عن مكان الحادث بحوالى خمسين متر وهو الأمر الذى أكدته الشاهدتين فى أقوالهما بتحقيقات النيابة فور وقوع الحادث، وحيث إنه عن التشكيك فى أقوال...... وأنه عدل عن هذه الأقوال فإن المحكمة تطمئن إلى أقواله بتحقيقات النيابة بتاريخ...... حيث تم سؤال باعتباره متهمًا وفى حضور الأستاذان....... المحاميان كمدافعان عنه، مقررًا أنه كان بصحبة المجنى عليه بسيارته فشاهد واقعة قتل المجنى عليه بمعرفة المتهمين على النحو الذى عرضت له المحكمة فى بيان أدلة الثبوت فى الدعوى ولا تعول على ما قرر به بالتحقيقات فى...... من أنه لم يشاهد المتهمين ولا يعرف من الذى أطلق الرصاص على المجنى عليه ولا تطمئن إليه - كما لا تطمئن ولا تعول على ما قال به الدفاع من وقوع إكراه على المذكور - إذ الثابت أنه قرر بالتحقيقات فى أقواله الأخيرة أنه لم يتعرض لإكراه أثناء التحقيق معه بالنيابة ولم يكن أحدًا متواجدًا بغرفة التحقيق من ضباط الشرطة عند سؤاله فى المرة الأولى. كما أن الثابت من الأوراق حضور محاميات معه بالتحقيقات منذ بداية سؤاله حتى نهاية التحقيق معه وأن قرر ما قرر فى حضورهما، وتطمئن المحكمة إلى ما قرر به بشأن ارتكاب المتهمون للواقعة. وحيث إنه مما سبق جميعه يضحى ما قال به الدفاع من وقوع إكراه على شهود الإثبات وكذا....... هو قول مرسل تلتفت عنه المحكمة ولا تعول عليه". وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيًا وسائغًا وله معينه الصحيح من أوراق الدعوى، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله منزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وللمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضوع الدليل فى أوراق الدعوى ما دام لها أصل ثابت فيها، وهو ما لا يجادل فيه الطاعنين - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

18-القضاء بالبراءة لتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس فى جريمة قتل عمد. لازمه. رفض الدعوى المدنية المرفوعة عنها. ولو لم ينص على ذلك فى منطوق الحكم.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 54 - الجزء الأول - صـ 220

جلسة 27 من يناير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغريانى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، محمد ناجى دربالة، هشام البسطويسى ومحمود مكى نواب رئيس المحكمة.

(17)
الطعن رقم 21092 لسنة 63 القضائية

(1) نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائى "اختصاصاتهم". سلاح. قصد جنائى.
لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى عنها. المادة 25 إجراءات. احتفاظ المبلغ بجسم الجريمة الذى يحظر القانون حيازته أو إحرازه لتقديمه إلى السلطة العامة. لا عقاب. المادة 60 عقوبات.
إحراز الطاعن السلاح المضبوط لتسليمه لمأمور الضبط القضائى وهو ما بادر به بمجرد وصوله إليه. ينتفى معه قصد الإحراز بمعناه القانونى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ فى تطبيق القانون. يوجب نقضه وبراءة الطاعن.
(2) قتل عمد. دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". تعويض. نقض "الصفة فى الطعن" المصلحة فى الطعن".
القضاء بالبراءة لتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس فى جريمة قتل عمد. لازمه. رفض الدعوى المدنية المرفوعة عنها. ولو لم ينص على ذلك فى منطوق الحكم. تزيد الحكم فى أسبابه من أنه فاته الفصل فيها. لا محل له. أثره: توافر الصفة والمصلحة للمدعين بالحقوق المدنية فى طعنهم.
(3) أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". قتل عمد.
تقدير المتهم لظروف الاعتداء الذى استوجب عنده حق الدفاع الشرعى. أمر اعتبارى. يجب أن يكون مبنيًا على أسباب معقولة تبرر رد الاعتداء بالوسيلة التى تصل إلى يد المدافع.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي".
تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء فى حالة الدفاع الشرعى. موضوعى.
(5) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. يجب أن يكون واضحًا محددًا.
1 - لما كان من المقرر أن المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية أباحت لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى عنها والتبليغ فى بعض صوره يقتضى الاحتفاظ بجسم الجريمة وتقديمه إلى السلطة العامة وقد يكون جسم الجريمة مما يحظر القانون حيازته أو إحرازه إلا أن الاحتفاظ به فى هذه الحالة مهما طال أمده لا تتغير طبيعته مادام القصد منه وهو التبليغ لم يتغير وإن كان فى ظاهره يتسم بطابع الجريمة وذلك عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات التى تنص على أنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة". لما كان ذلك، وكان البين مما سرده الحكم المطعون فيه أن إحراز الطاعن السلاح المضبوط لم يكن إلا بقصد الاحتفاظ به لتسليمه لمأمور الضبط القضائى وهو ما بادر به بمجرد وصوله إليه، وهو ما ينتفى معه قصد الإحراز بمعناه القانونى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى فى قضائه على توافر القصد الجنائى لمجرد إحراز الطاعن للسلاح المضبوط، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه والحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة برأت المطعون ضده من تهمة قتل مورث الطاعنين عمدًا لتوافر الدفاع الشرعى عن النفس وهو من الأعذار القانونية المبيحة للفعل والمسقطة للعقوبة، ويتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك فى منطوق الحكم، ومن ثم فلا محل لما تزيد إليه الحكم فى أسبابه من أنه فاته الفصل فى الدعوى المدنية، وتكون قد توافرت للمدعين بالحقوق المدنية الصفة والمصلحة فى الطعن فى الحكم بطريق النقض.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التى استندت إليها النيابة العامة فى نسبة الاتهام إلى المطعون ضده والتى تنحصر فى أقوال........ شقيق المجنى عليه والنقيب........ رئيس وحده مباحث مركز..... وفى تقرير الصفة التشريحية عرض لإنكار المطعون ضده وتمسكه بتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس وخلص إلى الأخذ بدفاعه استنادًا إلى أن المطعون ضده فوجئ بالمجنى عليه يعبر إليه مياه الترعة ويبادره بالضرب بالعصا على رأسه وعلى يده اليسرى فأحدث إصاباته، فما كان منه إلا أن أخرج سلاحه النارى المرخص له بحمله وإحرازه وأطلق منه عيارًا ناريًا على المجنى عليه للحيلولة بينه وبين الاستمرار فى الاعتداء عليه بالضرب بالعصا فأرداه قتيلاً، وكان يبين من هذا الذى أورده الحكم أن المطعون ضده كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه إذ فوجئ بالمجنى عليه يبدأ بالاعتداء عليه بالضرب بالعصا على رأسه ثم عاود ضربه بها على يده اليسرى وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة وهذا التخوف مبنى على أسباب معقولة تبرر رد الاعتداء بالوسيلة التى تصل إلى يد المدافع، وتقدير ظروف الدفاع الشرعى ومقتضياته أمر اعتبارى يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيه مختلف الظروف الدقيقة التى أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات ولذلك فإن تخوف المطعون ضده فى هذه الحالة يكون مبنيًا على أسباب معقولة تبرر رد الاعتداء بالوسيلة التى استخدمها مما يتعين معه اعتباره فى حالة دفاع شرعى عن نفسه.
4 - من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء وما إذا كان يدخل فى حدود الدفاع الشرعى أو يتعداه هو من شأن محكمة الموضوع، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تدل بغير شك على أن المطعون ضده كان فى حالة دفاع شرعى.
5 - من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون لا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - قتل........ عمدًا بأن أطلق عليه عيارًا ناريًا من مسدسه قاصدًا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًا مششخنًا "مسدس".
وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى كل من........ مدنيًا قبل المتهم بإلزامه أن يؤدى لهم مبلغ........ جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1/ 1، 26/ 2 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مع إعمال المادة 17 عقوبات بمعاقبته عن إحرازه السلاح النارى المششخن بغير ترخيص بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، و ببراءته من تهمة القتل.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
كما طعن........ بصفته وكيلاً عن المدعين بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه........:
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز سلاح نارى مششخن "مسدس" بغير ترخيص قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه خلص فى قضائه إلى توافر أركان الجريمة فى حق الطاعن لمجرد إحرازه للسلاح المضبوط برغم أن إحرازه له كان بقصد تسليمه إلى رجال الشرطة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "أن واقعة الدعوى فى خصوص إحراز المتهم........ للسلاح النارى المششخن بغير ترخيص، والمرخص بحمله وإحرازه ل........ تخلص فى أنه نشب خلاف بين عائلة المتهم........، وعائلة المجنى عليه........، بسبب طريق يمتد للأرض الزراعية المملوكة لعائلة المتهم، وينتفع به أفراد عائلة المجنى عليه، كائن بعزبة........ التابعة لمركز شرطة........ وفى يوم........ توجه المتهم........ وشقيقه........ إلى الأرض الزراعية المملوكة لعائلتهما، وأثناء قيامهما بالإشراف على أعمال حرث فى الطريق موضوع النزاع، حضر........ مستقلاً دراجته البخارية ومن خلفه شقيقه المجنى عليه........، قادمين فى الطريق المواجه للطريق محل النزاع والذى يفصل بينهما ترعة، ثم قام المجنى عليه بالقفز مسرعًا إلى مياه الترعة، وتوجه إلى المتهم وشقيقه........، بعد أن التقط عصا من الأرض وضرب بها المتهم على رأسه، ثم ضربه بها على يده اليسرى فأطلق المتهم على المجنى عليه عيارًا ناريًا من مسدسه رقم........ والمرخص له بحمله وإحرازه للحيلولة بينه وبين الاستمرار فى الاعتداء عليه فأرداه قتيلاً، ولما شاهد........ ذلك، أخرج مسدسه رقم........ والمرخص له بحمله وإحرازه، وأطلق منه عيارين ناريين فى الهواء، فما كان من........ إلا أن انتزع المسدس من يده وأعطاه لشقيقه المتهم........ موصيًا إياه بتسليمه لرجال الشرطة، وإذ توجه النقيب........ رئيس وحدة مباحث مركز شرطة........ عقب الحادث إلى مستشفى........ العام للاستعلام عن حالة المتهم وما إذا كان يمكن استجوابه، قدم له المتهم السلاح النارى المذكور". وبعد أن سرد الحكم أقوال النقيب........ بما يتطابق مع صورة الواقعة على النحو المتقدم، ذكر مضمون اعتراف الطاعن بقوله "وبسؤال المتهم فى تحقيقات النيابة العامة، اعترف بإحراز السلاح النارى سالف البيان بغير ترخيص، قائلاً أن شقيقه........، أعطاه السلاح النارى المذكور بمكان الحادث موصيًا إياه بتسليمه لرجال الشرطة، وأثناء وجوده بمستشفى........ العام للعلاج من إصاباته، حضر إليه النقيب........، فقدم له السلاح النارى المذكور بعد أن أخرجه من أسفل وسادة سرير نومه". ثم خلص الحكم من ذلك إلى "أنه لما كان من المقرر أنه يكفى لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح نارى بدون ترخيص مجرد الحيازة المادية - طالت أو قصرت وأيا كان الباعث عليها - ولو كانت لأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائى العام الذى يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح النارى بدون ترخيص من علم وإدراك. لما كان ذلك، وكان الثابت من اعتراف المتهم الذى أبداه فى تحقيقات النيابة العامة وهو اعتراف سديد صدر منه عن طواعية وباختياره وتأيد بأدلة الثبوت الأخرى التى بسطتها المحكمة على الصراط المتقدم أن المتهم أحرز بغير ترخيص السلاح النارى المششخن والمرخص بحمله وإحرازه لـ........، فإنه بذلك تكون جريمة إحراز المتهم سلاحًا ناريًا بغير ترخيص قائمة قانونًا مستوجبة مساءلته عنها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية أباحت لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى عنها والتبليغ فى بعض صوره يقتضى الاحتفاظ بجسم الجريمة وتقديمه إلى السلطة العامة وقد يكون جسم الجريمة مما يحظر القانون حيازته أو إحرازه إلا أن الاحتفاظ به فى هذه الحالة مهما طال أمده لا تتغير طبيعته مادام القصد منه وهو التبليغ لم يتغير وإن كان فى ظاهره يتسم بطابع الجريمة وذلك عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات التى تنص على أنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة". لما كان ذلك، وكان البين مما سرده الحكم المطعون فيه أن إحراز الطاعن السلاح المضبوط لم يكن إلا بقصد الاحتفاظ به لتسليمه لمأمور الضبط القضائى وهو ما بادر به بمجرد وصوله إليه، وهو ما ينتفى معه قصد الإحراز بمعناه القانونى، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى فى قضائه على توافر القصد الجنائى لمجرد إحراز الطاعن للسلاح المضبوط، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه والحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ثانيًا: الطعن المقدم من المدعين بالحقوق المدنية:
من حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة برأت المطعون ضده من تهمة قتل مورث الطاعنين عمدًا لتوافر الدفاع الشرعى عن النفس وهو من الأعذار القانونية المبيحة للفعل والمسقطة للعقوبة، ويتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك فى منطوق الحكم، ومن ثم فلا محل لما تزيد إليه الحكم فى أسبابه من أنه فاته الفصل فى الدعوى المدنية، وتكون قد توافرت للمدعين بالحقوق المدنية الصفة والمصلحة فى الطعن فى الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة قتل مورثهم عمدًا مؤسسًا هذا القضاء على توافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس رغم تجاوز المطعون ضده لحدود الدفاع الشرعى بتوجيه السلاح النارى للمجنى عليه وإصابته فى مقتل، ولم يفطن الحكم لوقائع الدعوى وظروفها ولم يمحص أوراقها وفاته التصدى فى أسبابه للدعوى المدنية وأغفل كلية طلبات الخصوم ودفاعهم. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التى استندت إليها النيابة العامة فى نسبة الاتهام إلى المطعون ضده والتى تنحصر فى أقوال........ شقيق المجنى عليه والنقيب........ رئيس وحدة مباحث مركز........ وفى تقرير الصفة التشريحية عرض لإنكار المطعون ضده وتمسكه بتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس وخلص إلى الأخذ بدفاعه استنادًا إلى أن المطعون ضده فوجئ بالمجنى عليه يعبر إليه مياه الترعة ويبادره بالضرب بالعصا على رأسه وعلى يده اليسرى فأحدث إصاباته، فما كان منه إلا أن أخرج سلاحه النارى المرخص له بحمله وإحرازه وأطلق منه عيارًا ناريًا على المجنى عليه للحيلولة بينه وبين الاستمرار فى الاعتداء عليه بالضرب بالعصا فأرداه قتيلاً، وكان يبين من هذا الذى أورده الحكم أن المطعون ضده كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه إذ فوجئ بالمجنى عليه يبدأ بالاعتداء عليه بالضرب بالعصا على رأسه ثم عاود ضربه بها على يده اليسرى وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة وهذا التخوف مبنى على أسباب معقولة تبرر رد الاعتداء بالوسيلة التى تصل إلى يد المدافع، وتقدير ظروف الدفاع الشرعى ومقتضياته أمر اعتبارى يجب أن يتجه وجهة شخصية تراعى فيه مختلف الظروف الدقيقة التى أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الملابسات ولذلك فإن تخوف المطعون ضده فى هذه الحالة يكون مبنيًا على أسباب معقولة تبرر رد الاعتداء بالوسيلة التى استخدمها مما يتعين معه اعتباره فى حالة دفاع شرعى عن نفسه. ولما كان تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء وما إذا كان يدخل فى حدود الدفاع الشرعى أو يتعداه هو من شأن محكمة الموضوع، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تدل بغير شك على أن المطعون ضده كان فى حالة دفاع شرعى، فإن النعى عليه فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد أرسلوا القول دون أن يبينوا أوجه الدفاع والطلبات التى عابوا على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنون من إغفال الحكم الفصل فى الدعوى المدنية، قد سبق الرد عليه عند الفصل فى جواز الطعن، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا ومصادرة الكفالة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

17-تميز جناية القتل العمد بقصد خاص. هو نية إزهاق الروح. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً وإيراد الأدلة الدالة عليه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 235

جلسة 6 من مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، حمدى أبو الخير، رفعت طلبة نواب رئيس المحكمة والنجار توفيق.

(29)
الطعن رقم 1013 لسنة 69 القضائية

(1) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى.
تميز جناية القتل العمد بقصد خاص. هو نية إزهاق الروح. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً وإيراد الأدلة الدالة عليه.
(2) سبق إصرار. ظروف مشددة. ترصد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائى. قتل عمد.
سبق الإصرار. ماهيته ومناط تحققه؟
استفادة توافر سبق الإصرار من وقائع خارجية يستخلصها القاضى بشرط ألا تتنافر عقلاً مع استنتاجه.
الترصد. ماهيته؟
جواز حصول الترصد بغير استخفاء. الحديث عن الأفعال المادية. لا ينبئ بذاته عن توافر القصد الجنائى لجريمة القتل العمد. مثال.
1 - من المقرر أن جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه ومن ثم فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسا تبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بيانا واضحا ويرجعها إلى أصولها فى أوراق الدعوى.
2 - من المقرر فى تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار هو ظرف مشدد عام فى جرائم القتل والجرح والضرب يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضى الهدوء والروية قبل ارتكابها. فضلا عن أنه حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج. وكان الترصد هو تربص الجانى للمجنى عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بيانا لنية القتل لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى قارفها الطاعنان والتى لا تنبئ بذاتها على توافر هذا القصد لديهما مما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانيين. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنقتلا.خاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه - وفضلا عن ذلك - فإن ما أورده الحكم فى مقام استظهار ظرفى سبق الإصرار والترصد فيما تقدم وإن توافرت لهما فى ظاهر الأمر مقومات هذين الظرفين كما هما معرفان بهما فى القانون إلا أن ما ساقه الحكم فى هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس فى حقيقته إلا ترديدا لوقائع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم: 1 - قتلا.... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لذلك أسلحة بيضاء (سيفًا - عصا) وكمنا له بالمكان الذى أيقنا مروره فيه وما إن ظفرا به حتى فاجأه الأول بضربه على رأسه بعصا وبادره الثانى بطعنه ببطنه قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. 2 - أحرزا بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحًا أبيض (سيف وأداة مما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص) وأحالتهما إلى محكمة جنايات.... لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكررا/ 2 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمى 1، 11 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول والمستبدل بالمادة السابعة من القانون 97 لسنة 1992 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكل منهما وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأن ما أورده الحكم بيانا لنية القتل واستظهارا لظرفى سبق الإصرار والترصد غير كاف وخاصة أن واقعة الدعوى وظروفها لا ترشح لتوافر أى من تلك العناصر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل فى معرض عرضه لدفاع الطاعنين بانتفائها فى قوله: "..... أما ما أثاره الدفاع من عدم وجود نية القتل لديه وكذا المتهم الثانى فهو أيضا قول مرسل لا دليل عليه، إذ إنه من المستقر عليه أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى وبالأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، وأن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية والمحكمة فى حدود سلطتها التقديرية ترى أن نية القتل متوافرة فى حق كل من المتهمين وذلك بتوعدهما له وتهديدهما به عند المشاجرة الأولى وإعداد الأدوات التى تستخدم فى ذلك وتصميمهما عليه وذلك بالترصد له فى المكان المتيقن مروره فيه ثم التعدى عليه بالضرب وإحداث إصابته التى أودت بحياته وهذا ما استخلصته المحكمة من أقوال الشاهدة الأولى كان يستغيث ويستعطف المجنى عليه بعدم قتله وما تأيد أيضا من تحريات الشرطة مما يتعين معه طرح ما أثاره الدفاع". كما عرض الحكم إلى ظرفى سبق الإصرار والترصد واستظهرهما فى قوله: "ومن حيث إنه عن توافر سبق الإصرار والترصد فإن المحكمة تكون عقيدتها بشأن تحققه وذلك مما هو ثابت بالأوراق من أن المتهمين هددا المجنى عليه فى الليلة السابقة على الواقعة وأنهما أفصحا عن ذلك علانية ثم أعدا لارتكاب الجريمة الأوراق المستخدمة فى الحادث وكمنا له، وما إن ظفرا به حتى انهال عليه المتهم الأول بعصا على رأسه وبادره المتهم الثانى بطعنه فى بطنه بالسيف فأحدث إصابته التى أودت بحياته". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه ومن ثم فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسا تبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون تحقيقها يجب أن يبينها الحكم بيانا واضحا ويرجعها إلى أصولها فى أوراق الدعوى. ومن المقرر - كذلك - فى تفسير المادة 231 من قانون العقوبات أن سبق الإصرار هو ظرف مشدد عام فى جرائم القتل والجرح والضرب يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيدا عن ثورة الانفعال مما يقتضى الهدوء والروية قبل ارتكابها. فضلا عن أنه حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج. وكان الترصد هو تربص الجانى للمجنى عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بيانا لنية القتل لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى قارفها الطاعنان والتى لا تنبئ بذاتها على توافر هذا القصد لديهما مما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانيين. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائى الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه. وفضلا عن ذلك، فإن ما أورده الحكم فى مقام استظهار ظرفى سبق الإصرار والترصد فيما تقدم وإن توافرت لهما فى ظاهر الأمر مقومات هذين الظرفين كما هما معرفان بهما فى القانون إلا أن ما ساقه الحكم فى هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس فى حقيقته إلا ترديدا لوقائع الدعوى وأن ما أورده الحكم فى صدره وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه لا يعدو أن يكون تعبيرا عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجانى والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها مما كان ينبغى على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى توافر ظرف سبق الإصرار وكذلك توافر ظرف الترصد بعناصره - وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقينا - وهو ما قصر الحكم فى استظهاره فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

16-تميز القتل والشروع فيه بنية خاصة. هى إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره. الحديث عن الأفعال المادية غير كاف

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 55 - صـ 252

جلسة 17 من مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، على سليمان نواب رئيس المحكمة وربيع شحاتة.

(34)
الطعن رقم 4066 لسنة 66 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "وصف الحكم". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" "نظرها الدعوى والحكم فيها".
حضور الخصم أمام المحكمة أو غيابه. أمر واقع. اعتبار الحكم حضوريا أو غيابيا فرع من هذا الأصل. تمام المرافعة. العبرة فيه بواقع الحال. شرط ذلك؟
حضور الطاعن بالجلسة التى نظرت فيها الدعوى واستيفائه دفاعه وصدور الحكم بجلسة أمرت بها المحكمة. مؤداه: الحكم حضوريًا بالنسبة له. ولو تخلف عن الجلسة التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته. أثر ذلك؟
(2) قتل عمد. شروع. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز القتل والشروع فيه بنية خاصة. هى إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره. الحديث عن الأفعال المادية غير كاف. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
مثال لتسبيب معيب فى استظهار نية القتل فى جريمة قتل عمد.
(3) إثبات "شهود". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". وجوب إيراد الأدلة التى استندت إليها المحكمة فى حكمها وبيان مؤداها بيانًا كافيًا. مجرد الإشارة إليها. غير كاف.
استناد المحكمة إلى شهادة شاهدة الإثبات فى جريمة قتل عمد. دون العناية بسرد مضمون تلك الشهادة. قصور. علة وأثر ذلك؟
1 - حيث إن المحكمة تشير بداءة أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر وبجلسة...... نظرت محكمة الموضوع الدعوى فى حضوره واستمعت لدفاعه وبعد أن استوفى دفاعه طلب البراءة ثم أمرت المحكمة بأن الحكم لجلسة...... ونبهت على الطاعن والحاضر عن المدعى بالحق المدنى، وفى هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعن، ذلك أن من البداهة ذاتها أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع وغيابه كذلك، واعتبار الحكم حضوريًا أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ويعتبر الحكم من محكمة الجنايات فى جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذى يمثل فى جلسة المحاكمة وتسمع البينة فى حضرته ويتم دفاعه أو يسعه أن يتمه، كما أن العبرة فى تمام المرافعة هى بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن هذا الواقع فى صورة قرار أو لم يعلن مادامت المحكمة لم تحتفظ له فى إبداء دفاع جديد ولم تأمر بإعادة الدعوى على المرافعة لسماعه وإذ كان الواقع فى الدعوى الراهنة قد سمعت بيناتها بحضور الطاعن واستوفى الدفاع عنه مرافعته فإن الإجراء بالنسبة إليه يكون حضوريًا ولا يزال هذا الوصف إن تخلف الطاعن فى الجلسة التالية التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته لتحكم فيها ومن ثم فإن الطعن يكون جائزًا.
2 - من المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونًا بنية خاصة، هى انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة فى هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التى ثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب فى التدليل على توافر نية القتل إلى القول "حيث إن المحكمة وقد اطمأن وجدانها ووقر فى يقينها أن المتهم قتل المجنى عليه عمدًا فإنها تطمئن إلى توافر نية القتل والتى وإن كانت أمرًا خفيًا يضمره الجانى فى نفسه إلا أن الظروف والملابسات تكشف عنها وتستشف من ثنايا الواقعة وإحداثها وتستظهرها المحكمة فى هذه الدعوى من طبيعة الإصابات التى أحدثها المتهم بالمجنى عليه والتى أوردها الطبيب الشرعى فى أقواله أمام المحكمة والتى لا يمكن أن تحدث من اصطدام المجنى عليه بالجرار الزراعى قيادة المتهم حسبما أورد الأخير بأقواله بتحقيقات النيابة العامة فضلاً عن عدم التصور العقلى لقول المتهم من قيادته الجرار الزراعى فى تلك الساعة المتأخرة من الليل وهو يجهل قيادته ولا يملك مثله وذلك للبحث من قبل لشراء مبيدات حشرية ما هو إلا محاولة منه فى التخلص من ركن العمد فى تلك الجريمة والجنوح بها إلى جريمة القتل الخطأ" وكان هذا الذى أورده الحكم لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى اقترفها الطاعن والتى لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائى الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يعيبه.
3 - لما كان ما أورده الحكم من أقوال شاهدة الإثبات الأولى زوجة المجنى عليه والتى تساند إليها فى إدانة الطاعن قوله فى شهادتها "شهدت....... زوجة المجنى عليه أن الأخير سبق له أن اشتكى من المتهم لمضايقته إياه فى المرور بأرضه وذلك فى تاريخ سابق للواقعة" وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى حكمها بيانًا كافيًا فلا تكفى الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة، وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع فى حكمها على النحو السالف بيانه إلى شهادة زوجة المجنى عليه......... كشاهدة إثبات فى قتل عمد وإدانة الطاعن دون العناية بسرد مضمون هذه الشهادة وذكر مؤداها والأسانيد التى أقيم عليها، لا يكفى لتحقيق الغاية التى تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون كما صار إثباتها فى الحكم الأمر الذى يصم الحكم بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل المجنى عليه..... عمدًا بأن انهال عليه ضربًا بآلة راضة (بنز جرار زراعي) قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات......... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت زوجة المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات أولاً: فى الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. ثانيًا: فى الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ خمسمائة جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/........ المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

 

حيث إن المحكمة تشير بداءة أن الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر وبجلسة..... نظرت محكمة الموضوع الدعوى فى حضوره واستمعت لدفاعه وبعد أن استوفى دفاعه طلب البراءة ثم أمرت المحكمة بأن الحكم لجلسة....... ونبهت على الطاعن والحاضر عن المدعى بالحق المدنى، وفى هذه الجلسة الأخيرة أصدرت حكمها المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعن، ذلك أن من البداهة ذاتها أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع وغيابه كذلك، واعتبار الحكم حضوريًا أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ويعتبر الحكم من محكمة الجنايات فى جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذى يمثل فى جلسة المحاكمة وتسمع البينة فى حضرته ويتم دفاعه أو يسعه أن يتمه، كما أن العبرة فى تمام المرافعة هى بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن هذا الواقع فى صورة قرار أو لم يعلن مادامت المحكمة لم تحتفظ له فى إبداء دفاع جديد ولم تأمر بإعادة الدعوى على المرافعة لسماعه وإذ كان الواقع فى الدعوى الراهنة قد سمعت بيناتها بحضور الطاعن واستوفى الدفاع عنه مرافعته فإن الإجراء بالنسبة إليه يكون حضوريًا ولا يزال هذا الوصف أن تخلف الطاعن فى الجلسة التالية التى أجلت إليها الدعوى فى مواجهته لتحكم فيها ومن ثم فإن الطعن يكون جائزًا.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغًا على توافر نية القتل وعول فى ذلك على أن الإصابات التى لحقت بالمجنى عليه عمدية دون بيان ما إذا كان إحداث تلك الإصابات كان بقصد القتل وإزهاق روح المجنى عليه من عدمه، كما عول فى قضائه بإدانة الطاعن على أقوال الشاهدة..... زوجة المجنى عليه بما لا يصلح الاستدلال بها ولا يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت الواقعة فى حق الطاعن بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونًا بنية خاصة، هى انتواء القتل وإزهاق الروح، وهذه تختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة فى هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التى ثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب فى التدليل على توافر نية القتل إلى القول "حيث عن المحكمة وقد اطمأن وجدانها ووقر فى يقينها أن المتهم قتل المجنى عليه عمدًا فإنها تطمئن إلى توافر نية القتل والتى وإن كانت أمر خفى يضمره الجانى فى نفسه إلا أن الظروف والملابسات تكشف عنها وتستشف من ثنايا الواقعة وأحداثها وتستظهرها المحكمة فى هذه الدعوى من طبيعة الإصابات التى أحدثها المتهم بالمجنى عليه والتى أوردها الطبيب الشرعى فى أقواله أمام المحكمة والتى لا يمكن أن تحدث من اصطدام المجنى عليه بالجرار الزراعى قيادة المتهم حسبما أورد الأخير بأقواله بتحقيقات النيابة العامة فضلاً عن عدم التصور العقلى لقول المتهم من قيادته الجرار الزراعى فى تلك الساعة المتأخرة من الليل وهو يجهل قيادته ولا يملك مثله وذلك للبحث من قبل لشراء مبيدات حشرية ما هو إلا محاولة منه فى التخلص من ركن العمد فى تلك الجريمة والجنوح بها إلى جريمة القتل الخطأ" وكان هذا الذى أورده الحكم لا يفيد فى مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التى اقترفها الطاعن والتى لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائى الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى تدل عليه وتكشف عنه فإنه يكون مشوبًا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يعيبه، فضلاً عن ذلك أن ما أورده الحكم من أقوال شاهدة الإثبات الأولى زوجة المجنى عليه والتى تساند إليها فى إدانة الطاعن قوله فى شهادتها "شهدت..... زوجة المجنى عليه أن الأخير سبق لها أن اشتكى من المتهم لمضايقته إياه فى المرور بأرضه وذلك فى تاريخ سابق للواقعة" وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى حكمها بيانًا كافيًا فلا تكفى الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقى الأدلة، وإذ كان ذلك فإن مجرد استناد محكمة الموضوع فى حكمها على النحو السالف بيانه إلى شهادة زوجة المجنى عليه....... كشاهدة إثبات فى قتل عمد وإدانة الطاعن دون العناية بسرد مضمون هذه الشهادة وذكر مؤداها والأسانيد التى أقيم عليها، لا يكفى لتحقيق الغاية التى تغياها الشارع من تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون كما صار إثباتها فى الحكم الأمر الذى يصم الحكم بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث الأوجه الأخرى.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

15-قصد القتل. أمر خفى. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى تنم عما يضمره الجانى فى نفسه. استخلاص توافره. موضوعى.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 277

جلسة 3 من مايو سنة 2005

برئاسة السيد القاضى/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طه سيد قاسم، محمد سامى إبراهيم، يحيى عبد العزيز ماضى ومحمد مصطفى أحمد العكازى نواب رئيس المحكمة.

(42)
الطعن رقم 23236 لسنة 74 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير صحة الاعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". قتل عمد.
تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات. موضوعى.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من ادوار التحقيق ولو عدل عنها. ما دامت قد اطمأنت إليها.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل. موضوعى.
مثال لاطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن للإكراه صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
(2) إثبات "اعتراف" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "نظر الطعن والحكم فيه". قتل عمد.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال للتدليل على انتفاء التناقض بين الدليلين القولى والفنى صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
(3) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "المصلحة فى الطعن".
النعى ببطلان اعتراف الطاعن أمام المحكمة. غير مجدٍ. ما دام الحكم لم يستند فى الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(4) دفوع "الدفع ببطلان القبض". قتل عمد.
مثال لرد سائغ صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى اطراح الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن به من النيابة العامة فى جريمة قتل عمد.
(5) إثبات "بوجه عام". قتل عمد. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
اطمئنان المحكمة لأدلة الثبوت. مفاده؟
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى جريمة قتل عمد.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
قصد القتل. أمر خفى. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى تنم عما يضمره الجانى فى نفسه. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال للتدليل على توافر قصد القتل لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(7) قتل عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
ظرف سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجانى قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال. البحث فى توافره. موضوعى.
مثال للتدليل من محكمة النقض على توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لدى نظرها موضوع الدعوى.
(8) قتل عمد. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. كفايته لتطبيق المادة 234/ 2 عقوبات.
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى فى التدليل على توافر ظرف الاقتران بين جريمتى القتل عمد مع سبق الإصرار والسرقة مع حمل السلاح ليلاً.
1 - لما كان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ بأقوال المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لانتزاعه منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع. لما كان ذلك وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادى عليه مردودًا عليه بأن المتهم المذكور مثل أمام النيابة العامة للتحقيق فى ....... سنة ...... حيث قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به آثار إصابات وقد أدلى فى هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة بالاشتراك مع المتهمين الأول والثانى وخطوات إعدادهم لها ثم تنفيذها وهو فى كامل حريته واختياره ومن ثم فإن القول بوقوع إكراه مادى عليه يضحى قولاً عار من دليل أما ما اثير عن وقوع إكراه معنوى عليه مردودًا بأن ذلك القول ليس فى الأوراق ما يظاهره أو يسانده، كما وأن القول بعدم صدق هذا الاعتراف أو معقوليته هو فى مجمله مردود بأن اعتراف المتهم الثالث جاء تفصيليًا يتفق وما أوردته الأدلة الفنية بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع فى هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن دفاع المتهمين بشأن بطلان الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس فى الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة كدليل عليه وعلى المتهمين الأول والثانى.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى اعتراف المتهم الثالث بأن المتهم الأول قام بالاعتداء على المجنى عليه ببلطة على رأسه ثم طعنه بسكين وقام المتهم الثانى بطعنه بسكين فى أجزاء متفرقة من جسده وهو ما يتطابق فيه الدليل القولى مع الدليل الفنى ومؤداه أن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثاه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتونى والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثانى عشر الأيسر والإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث.
3 - لما كان ما يثيره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان الاعتراف المعزو إليه أمام المحكمة لعدم إدراكه ما يترتب على هذا الاعتراف فإنه لا جدوى مما يثار فى هذا الصدد لأن هذه المحكمة لم تعول على هذا الاعتراف فى إدانة المتهمين وإنما عولت على اعتراف المتهم المذكور فى تحقيقات النيابة العامة الذى تطمئن إلى صدقه وصحته.
4 - حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة فإنه على غير سند من الواقع إذ الثابت من أوراق الدعوى أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام العقيد ............. مفتش مباحث فرقة ........ بإجراء تحرياته التى دلت على أن المتهمين هم مرتكبى الجريمة وأفرغ هذه التحريات فى محضره المؤرخ ....... سنة ....... والذى صدر بموجبه إذن النيابة العامة المؤرخ فى ........ سنة ..... الساعة ..... مساء بضبط وتفتيش المتهمين ومسكنهم وضبط الأدوات والأسلحة والأشياء التى استخدمت فى ارتكاب الحادث ونفاذا لهذا الإذن فقد تم ضبط المتهمين بتاريخ ...... سنة ...... الساعة ....... صباحًا.
5 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت فى الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين الأول والثانى وعدول المتهم الثالث عن اعترافه فى تحقيقات النيابة العامة وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندًا من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئنانًا منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذى جاء مصدقًا لها فى بيان واضح فضلاً عن أن أقوال الطبيب الشرعى جاءت مؤيدة لذلك وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولى ومؤداه حدوث إصابات المجنى عليه والتى أودت بحياته وفق ما ذهب إليه المتهم الثالث فى اعترافاته وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهمين وتوفرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهم الملحة إلى المال لإنهاء ضائقتهم المالية وأن فى قتل المجنى عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء بلطة وسكين وقام الأول باستدراجه إلى مكان ارتكاب الجريمة حيث كان كل من المتهمين الثانى والثالث فى انتظاره حيث قاما بشل حركته وقام المتهم الأول بضربه بالبلطة والسكين وقام الآخرين بطعنه بالسكين فى أجزاء متفرقة وقاتلة من جسده ولم يتركوه حتى أيقنوا هلاكه وإزهاق روحه ثم قاموا بسرقة المبلغ النقدى الذى كان بحوزته.
7 - حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجانى قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث فى توافره من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذ كان ذلك وكان الثابت فى حق المتهمين حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهمين تدبروا الأمر قبل الحادث بفترة كافية فى هدوء وروية وانتووا قتل المجنى عليه ليتمكنوا من سرقته وأعدوا أدوات الجريمة ثم استدرجه المتهم الأول إلى مكان التنفيذ حيث كان ينتظره كل من المتهمين الثانى والثالث ثم قاموا بقتل المجنى عليه والتخلص من جثته بإلقائها فى الطريق العام بعيدًا عن مكان ارتكاب الجريمة وكان المتهمون فى كل ذلك يتسمون بالهدوء والروية سواء فى إعدادهم لجريمتهم أو فى تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديهم.
8 - لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات فى شقها الأول بنصها على ظرف الاقتران أنه يكفى لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى استقلت تمامًا عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً والتى تلتها ببرهة يسيرة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: - اشتركوا فى اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والسرقة بأن اتحدت إرادتهم على قتل المجنى عليه وسرقة ما بحوزته من نقود وقد وقع تنفيذا لذلك الاتفاق الجرائم التالية: - أولاً: قتلوا عمدًا مع سبق الإصرار والترصد المجنى عليه بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إزهاق روحه والاستيلاء على ما بحوزته من نقود وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء " سكينتين وبلطه " وتنفيذا لذلك توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه واستدرجه لمسكنه بزعم استرداد بعض المبالغ النقدية المستحقة لأحد أقاربه وما أن ظفر به المتهمان الثانى والثالث اللذان كانا بانتظاره باغتاه بشل حركته وانهال عليه الأول ببلطة وسكين وتابعه الثانى والثالث بطعنه بسكين قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتى أودت بحياته وقد ارتكبوا هذه الجناية بقصد ارتكاب جناية أخرى مرتبطة وهى: أنهم فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر أ - سرقوا المبلغ النقدى المبين قدرًا بالأوراق والمملوك للمجنى عليه ليلا حال حملهم لأسلحة بيضاء ظاهرة على النحو المبين بالتحقيقات. ب - حازوا وأحرزوا بدون ترخيص أسلحة بيضاء " بلطة سكينتين " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ....... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة بإجماع الآراء إحالة الأوراق بالنسبة لجميع المتهمين إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى وحددت جلسة ....... من ..... سنة ...... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقًا ومصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وبقبول طعن المحكوم عليهم شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ....... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة بدائرة أخرى قررت فى..... وبإجماع الآراء إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الراى بالنسبة للمتهمين الأول والثانى وحددت جلسة ....... من ........ سنة ........ للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة حكمت المحكمة حضوريًا عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 2، 316 من قانون العقوبات و1/ 1، 25 مكررًا/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به و 2، 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثانى بالإعدام شنقًا عما أسند إليهما. ثانيًا: بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن خمسة عشر عامًا عما أسند إليه. ثالثًا: بمصادرة الأسلحة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.
ومحكمة النقض قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليهم شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة ...... لنظر الموضوع مع استمرار حبس المتهمين وعلى النيابة إعلان الشهود وإحضار المتهمين من السجن لتلك الجلسة.
وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات نظرت المحكمة القضية حيث سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث قررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل فى أن المتهمين ....... و....... و........ (حدث) كانت تربطهم علاقة بالمجنى عليه ........ مردها الصداقة والمنشأ ونظرًا لمرورهم بضائقة مالية وعلمهم بوجود مبلغ مالى معه ينوى شراء قطعة أرض به ببلدته فقد قادهم تفكيرهم الشيطانى إلى قتله والاستيلاء على ما يملكه من نقود لفك ضائقتهم المالية، وفى هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها تعجل وضعوا خطتهم ونفاذا لهذه الخطة اعدوا سلاحًا أبيض بلطة وسكين وتوجه الأول إلى مسكن المجنى عليه مساء يوم ....... من ..... سنة ...... واستدرجه إلى مسكنهم حيث كان يتواجد به المتهمان الثانى والثالث وما أن وصلا إلى المسكن حتى قام المتهمان الثانى والثالث بالإمساك به وشل حركته فى حين قام المتهم الأول بطعنه بالسكين ثم ضربه بالبلطة ثم تابع الثانى والثالث طعنه بالسكين فى أجزاء مختلفة من جسده قاصدين من ذلك إزهاق روحه ثم عندما أيقنوا من موته قاموا بسرقة المبلغ النقدى الذى كان بحوزته واقتسموه فيما بينهم ثم أشعلوا النار فى الملابس ومرتبة السرير التى تلوثت بدم المجنى عليه وغسلوا الحجرة محل الحادث ثم قاموا بلف الجثة فى بطانية ووضعوها فى كرتونة وقام المتهمان الأول والثالث بحملها على دراجة وإلقائها حيث تم العثور عليها.
وحيث إن الواقعة على النحو سالف البيان قد ثبتت جميعها وتوافرت الأدلة على نسبتها إلى المتهمين من شهادة كل من العقيد ....... و....... والطبيب الشرعى ....... ومما ثبت من محضر المعاينة التصويرية وتقرير الصفة التشريحية ومن إرشاد المتهمين عن الأسلحة المستخدمة ومن اعتراف المتهم الثالث (الحدث) فى تحقيقات النيابة العامة.
فقد شهد العقيد ........ مفتش مباحث فرقة ........ بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة الأولى المعقودة بتاريخ ...... سنة ...... أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام بإجراء تحرياته السرية التى دلت على أن المتهمين الثلاثة هم الذين قاموا بارتكاب الجريمة فاستصدر إذنًا من النيابة العامة بضبطهم وتفتيش أشخاصهم ومحل إقامتهم وبضبطهم ومواجهتهم بتحرياته أقروا له بأنهم نظرًا لمرورهم بضائقة مالية اتفقوا فيما بينهم على قتل المجنى عليه وسرقة نقوده التى يحتفظ بها معه لشراء قطعة أرض فى بلدته وفى مساء يوم ........ سنة ....... توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه وهناك اتصل المتهم الثانى بالمتهم الأول تليفونيا للاطمئنان على نجاح الخطة وعقب ذلك قام الأخير باصطحاب المجنى عليه إلى مسكن المتهمين بزعم استرداد بعض المبالغ المالية المستحقة لأحد أقاربه بمنطقة .......، وبعد وصول المتهم الأول وبصحبته المجنى عليه إلى محل إقامة المتهمين قام المتهمان الثانى والثالث بشل حركته وقام المتهم الأول بطعنه بسكين أعدت سلفا لهذا الغرض عدة طعنات فى بطنه وجانبيه ثم واصل الاعتداء عليه ببلطة كان يخفيها بطيات ملابسه ثم قام المتهم الثالث ...... بطعنه أيضًا بسكين كانت بحوزته فى أجزاء متفرقة من جسده حتى فارق الحياة ثم قاموا بالاستيلاء على النقود التى كانت معه وقدرها ست جنيهات واقتسموها فيما بينهم وقام المتهمان الأول والثالث بلف الجثة بكوفرتة ووضعها فى كرتونة ونقلها على الدراجة الخاصة بالمتهم الأول إلى مكان العثور عليها ثم أخذا الكوفرتة والكرتونة وعادا إلى حجرتهما مرة أخرى وقاما بإحراق المرتبة والملابس الملوثة بالدماء وعند تصاعد الدخان بكثافة قاما بمحاولة إخماد النار بالماء وأضاف الشاهد أنه تم ضبط السكين والبلطة المستخدمتين فى الحادث بإرشاد المتهم الأول وتم ضبط الكوفرتة وباقى الكرتونة بإرشاد المتهم الثالث.وشهدت الشاهدة الثانية ....... بتحقيقات النيابة بأنه فى حوالى الساعة ...... من مساء يوم ...... سنة ....... حال تواجدها بمنزلها صحبة زوجها المجنى عليه حضر المتهم الأول وطلب منه التوجه معه لتحصيل مبلغ مالى من أحد الأشخاص وأثناء ذلك اتصل المتهم الثانى تليفونيا بالمتهم الأول وعقب ذلك اصطحب الأخير زوجها وانصرفا ولم يعد زوجها بعد ذلك إلى أن علمت بوفاته وأضافت بأن زوجها كان بحوزته مبلغًا ماليًا سحبا بعضه من دفتر التوفير بغرض شراء قطعة أرض بموطنهما الأصلى وأن المتهم الأول كان يعلم بذلك بعد ترديد المجنى عليه لهذه الرغبة أمام آخر على صلة وثيقة بالمتهم الأول. وشهد الطبيب الشرعى ....... بجلسة المحاكمة المعقودة بجلسة ...... سنة ...... بأن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة النافذة الطعنية بالبطن وكذا بمنتصف يسار الظهر وما أدت إليه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتونى والأوعية الرئيسية بالبطن وتهتك بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثانى عشر الأيسر وأن إصابات المجنى عليه جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بأقوال المتهم الثالث بالتحقيقات. وأثبت محضر معاينة النيابة العامة التصويرية المؤرخ ....... سنة ....... قيام المتهم الثالث بتمثيل ارتكابه والمتهمان الأول والثانى لجريمتهم على نحو مطابق لما جاء بأقواله بتحقيقات النيابة العامة وإرشاده عن الأسلحة المستخدمة فى الاعتداء على المجنى عليه.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه أن بالمجنى عليه الإصابات التالية: 1 - كدم بفروة الرأس وآخر بالوجنة اليمنى رضى حيوى حديث حدث كل منهما من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وكل منهما بسيط ولا يحدث الوفاة. 2 - جروح بأعلى وأسفل مقدم يسار الصدر وأعلى يسار الظهر والجانب الأيسر من الظهر وأعلى الألية اليسرى جميعها جروح قطعية حيوية حديثة حدثت من الإصابة بجسم أو أجسام صلبة ذات حافة حادة أيا كان نوعها وجميعها غير نافذة لا تحدث الوفاة فى حد ذاتها. 3 - جرح بفروة الرأس مصحوب بكسر بعظام الجمجمة وهو عبارة عن إصابة قطعية رضية حيوية وحديثة حدثت من الإصابة بجسم صلب ثقيل ذو حافة حادة أيا كان نوعه ومن شأن تلك الإصابة أن تفقد المجنى عليه الوعى. 4 - جرح بمنتصف يسار البطن وجرح بمنتصف يسار الظهر كل منهما طعنى حيوى حديث حدث من الإصابة بجسم صلب ذو حافة حادة وطرف مدبب أيا كان نوعه. 5 - أن الوفاة ناشئة أساسًا من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثتاه من تهتك للأمعاء والغشاء البريتونى والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثامنة والضلع الثانى عشر الأيسر وأنه قد مضى على الوفاة لحين التشريح الذى حدث يوم ..... مدة حوالى يوم وأن الإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث ....... وفى تاريخ قد يعاصر التاريخ الوارد بالأوراق والمعطى للواقعة.
وأثبت تقرير الإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعى العثور على دم آدمى بالبلطة المضبوطة بإرشاد المتهم الأول كما عثر على دم آدمى على ملابس المتهم الثالث بالقميص وكذلك بالكوفرتة التى ضبطت بإرشاده وبقطعة الكرتون التى أرشد عنها أيضًا وكذلك آثار دماء على ملابس المجنى عليه وثبت أن جميع العينات المأخوذة من التلوثات الآدمية أنها من فصيلة دم (....) وهى ذات فصيلة الدم المأخوذة من المجنى عليه.
ومن حيث إن المتهم الثالث ....... اعترف فى تحقيقات النيابة العامة التى أجريت فى ....... من ........ سنة ........ بارتكابه جريمة قتل المجنى عليه وسرقة النقود التى كانت معه بالاشتراك مع المتهمين الأول والثانى مقررًا أنهم اتفقوا فى وقت سابق على تاريخ الجريمة على قتل المجنى عليه وسرقة ما بحوزته من نقود علموا بأنه يحملها معه وحاولوا تنفيذا الجريمة أكثر من مرة حتى قاموا بتنفيذها بتاريخ ...... من ...... سنة ...... حيث قام المتهم الأول باستدراج المجنى عليه من منزله إلى محل إقامتهم. وبعد حضور المجنى عليه بصحبة المتهم الأول دخلوا جميعًا إلى حجرة حارس قطعة الأرض التى يقيمون بها ثم قام والمتهم الثانى بشل حركته حيث قام الأخير بوضع فوطة على فم المجنى عليه وقام هو بالإمساك بقدميه ثم قام المتهم الأول بضربه على رأسه بالبلطة ثم طعنه هو بالسكين ثم قام المتهم الثانى بطعنه بذات السكين فى أجزاء متفرقة من جسمه وكان ذلك بقصد إزهاق روحه وسرقة ما معه من نقود وعندما تأكدوا من موته قاموا بالاستيلاء على المبلغ الذى كان بحوزته واقتسموه فيما بينهم وقاموا بلف الجثة ببطانية وكوفرتة ووضعه فى كرتونة وربطوها بحبل غسيل وبعد حوالى ثلاث ساعات قام هو والمتهم الأول بحمله على دراجة والقياه بجوار سور محطة مترو الأنفاق ........... ثم قاموا بغسل ملابسهم الملوثة بالدماء وحرق المرتبة والبطانية وغسل البلطة والسكين ووضعها فى برميل موجود بقطعة الأرض كما قاموا بغسل الحجرة والحائط من الدماء وتخلصوا من الفوطة المستعملة فى التنظيف.
ومن حيث إن تقرير الباحث الاجتماعى أورى أن المتهم الثالث انقيادى الشخصية ولا يبالى بعواقب الأمور ويعانى من التفكك الأسرى وقد تورط لغياب السلطة الضابطة عن طريق الأسرة لبعده عن أسرته وهو ضحية الظروف الاجتماعية الصعبة.
ومن حيث إن المتهمين حضروا بجلسات المحاكمة أمام هذه المحكمة ومع كل من المتهمين الأول والثانى محام موكل للدفاع عنه وقد ندبت المحكمة للمتهم الثالث الحدث محام للدفاع عنه.
وحيث إنه بجلسات المحاكمة أنكر المتهمان الأول والثانى الاتهام المسند إليهما
واعترف المتهم الثالث بالتهمة المسندة إليه مقررًا أنه ارتكب الجريمة بالاشتراك مع آخر غير المتهمين الأول والثانى ودفع محاميا المتهمين الأخيرين ببطلان الاعتراف المعزو للمتهم الثالث أمام النيابة العامة لصدوره وليد إكراه مادى ومعنوى وعدم صدقه أو معقوليته وتناقضه مع الدليل الفنى وعدم صلاحية أداة ارتكاب الجريمة لإحداث الإصابات الواردة بالمجنى عليه وبطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة وأن رواية زوجة المجنى عليه الأولى هى الصادقة والتمسا براءة المتهمان من الاتهام المسند إليهما، ثم ترافع محامى المتهم الثالث ودفع ببطلان الاعتراف المعزو للمتهم فى الأوراق وأمام المحكمة لكونه لا يدرك ما يترتب على اعترافه وعدم صدق ما ورد بهذا الاعتراف أو ما جاء بأقوال زوجة المجنى عليه وبطلان القبض والتفتيش وعدم وجود اقتران بين القتل والسرقة والتمس براءة المتهم من الاتهام المسند إليه واحتياطيًا استعمال الرأفة.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ بأقوال المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك مادامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لانتزاعه منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع. لما كان ذلك وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادى عليه مردودًا عليه بأن المتهم المذكور مثل أمام النيابة العامة للتحقيق فى ........ سنة ....... حيث قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به آثار إصابات وقد أدلى فى هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة بالاشتراك مع المتهمين الأول والثانى وخطوات إعدادهم لها ثم تنفيذها وهو فى كامل حريته واختياره ومن ثم فإن القول بوقوع إكراه مادى عليه يضحى قولاً عار من دليل أما ما أثير عن وقوع إكراه معنوى عليه مردودًا بأن ذلك القول ليس فى الأوراق ما يظاهره أو يسانده، كما وأن القول بعدم صدق هذا الاعتراف أو معقوليته هو فى مجمله مردود بأن اعتراف المتهم الثالث جاء تفصيليًا يتفق وما أوردته الأدلة الفنية بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع فى هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن دفاع المتهمين بشأن بطلان الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس فى الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة كدليل عليه وعلى المتهمين الأول والثانى.
وحيث إنه عن دفاع المتهمين الأول والثانى بتناقض اعتراف المتهم الثالث مع الدليل الفنى فهو فى غير محله ذلك أن المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى اعتراف المتهم الثالث بأن المتهم الأول قام بالاعتداء على المجنى عليه ببلطة على رأسه ثم طعنه بسكين وقام المتهم الثانى بطعنه بسكين فى أجزاء متفرقة من جسده وهو ما يتطابق فيه الدليل القولى مع الدليل الفنى ومؤداه أن وفاة المجنى عليه ناشئة من الإصابة الطعنية النافذة بيسار البطن والإصابة الطعنية النافذة بمنتصف يسار الظهر وما أحدثاه من تهتك بالأمعاء والغشاء البريتونى والأوعية الدموية الرئيسية بالبطن وتمزق بالكلية اليسرى وكسر بجسم الفقرة القطنية الثانية والضلع الثانى عشر الأيسر والإصابات جميعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد على لسان المتهم الثالث.
وحيث إن ما يثيره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان الاعتراف المعزو إليه أمام المحكمة لعدم إدراكه ما يترتب على هذا الاعتراف فإنه لا جدوى مما يثار فى هذا الصدد لأن هذه المحكمة لم تعول على هذا الاعتراف فى إدانة المتهمين وإنما عولت على اعتراف المتهم المذكور فى تحقيقات النيابة العامة الذى تطمئن إلى صدقه وصحته.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لعدم صدور إذن من النيابة العامة فإنه على غير سند من الواقع إذ الثابت من أوراق الدعوى أنه بعد العثور على جثة المجنى عليه قام العقيد ........... مفتش مباحث فرقة ........... بإجراء تحرياته التى دلت على أن المتهمين هم مرتكبى الجريمة وأفرغ هذه التحريات فى محضره المؤرخ ...... سنة ..... والذى صدر بموجبه إذن النيابة العامة المؤرخ فى ...... سنة ..... الساعة ..... مساء بضبط وتفتيش المتهمين ومسكنهم وضبط الأدوات والأسلحة والأشياء التى استخدمت فى ارتكاب الحادث ونفاذا لهذا الإذن فقد تم ضبط المتهمين بتاريخ ..... سنة ..... الساعة .... صباحًا.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت فى الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهمين الأول والثانى وعدول المتهم الثالث عن اعترافه فى تحقيقات النيابة العامة وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندًا من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئنانًا منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعتراف المتهم الثالث فى تحقيقات النيابة العامة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذى جاء مصدقًا لها فى بيان واضح فضلاً عن أن أقوال الطبيب الشرعى جاءت مؤيدة لذلك وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولى ومؤداه حدوث إصابات المجنى عليه والتى أودت بحياته وفق ما ذهب إليه المتهم الثالث فى اعترافاته وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات.
ومن حيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهمين وتوفرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهم الملحة إلى المال لإنهاء ضائقتهم المالية وأن فى قتل المجنى عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء بلطة وسكين وقام الأول باستدراجه إلى مكان ارتكاب الجريمة حيث كان كل من المتهمين الثانى والثالث فى انتظاره حيث قاما بشل حركته وقام المتهم الأول بضربه بالبلطة والسكين وقام الآخرين بطعنه بالسكين فى أجزاء متفرقة وقاتلة من جسده ولم يتركوه حتى أيقنوا هلاكه وإزهاق روحه ثم قاموا بسرقة المبلغ النقدى الذى كان بحوزته.
وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجانى قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث فى توافره من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذ كان ذلك وكان الثابت فى حق المتهمين حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهمين تدبروا الأمر قبل الحادث بفترة كافية فى هدوء وروية وانتووا قتل المجنى عليه ليتمكنوا من سرقته وأعدوا أدوات الجريمة ثم استدرجه المتهم الأول إلى مكان التنفيذ حيث كان ينتظره كل من المتهمين الثانى والثالث ثم قاموا بقتل المجنى عليه والتخلص من جثته بإلقائها فى الطريق العام بعيدًا عن مكان ارتكاب الجريمة وكان المتهمون فى كل ذلك يتسمون بالهدوء والروية سواء فى إعدادهم لجريمتهم أو فى تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديهم.
ومن حيث إن المادة 234 من قانون العقوبات فى شقها الأول بنصها على ظرف الاقتران أنه يكفى لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين قد ارتكبوا جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى استقلت تمامًا عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً والتى تلتها ببرهة يسيرة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه وتأسيسًا على ما تقدم يكون قد ثبت فى يقين المحكمة على سبيل الجزم أن المتهمين: 1 - ..... 2 - ..... 3 - ...... فى يوم ...... بدائرة قسم ..... محافظة .....: 1 - قتلوا عمدًا مع سبق الإصرار المجنى عليه ...... بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إزهاق روحه والاستيلاء على ما بحوزته من نقود وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء - سكين وبلطة - وتنفيذًا لذلك توجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه واستدرجه لمسكنه بزعم استرداد بعض المبالغ المستحقة لأحد أقاربه وما أن ظفروا به حتى قام المتهمان الثانى والثالث اللذان كانا بانتظاره بشل حركته وانهال عليه الأول ببلطة وسكين وتابعه الثانى والثالث بطعنه بذات السكين قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتى أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى مرتبطة وهى أنهم فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر أ - سرقوا المبلغ النقدى المبين قدرًا بالأوراق والمملوك للمجنى عليه ....... ليلاً حال حملهم لأسلحة بيضاء ظاهرة - بلطة وسكين - على النحو آنفا المؤثمة بالمادة 316 عقوبات. ب - حازوا وأحرزوا بدون ترخيص أسلحة بيضاء - بلطة وسكين - وبغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية على النحو المبين بالتحقيقات الأمر الذى يتعين معه إدانتهم طبقًا للمواد 230، 231، 232، 234/ 2، 316 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003، 1/ 1، 25 مكررًا/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق به، والمادتين 2، 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية مع توقيع عقوبة واحدة عن التهم الثلاث المسندة إلى كل منهم وهى عقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الأشد وذلك لوجود ارتباط بينهم عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها ما يدعوها إلى النزول بالعقوبة فى نطاق ما تقرره المادة 17 من قانون العقوبات.
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فترى المحكمة إلزام المتهمين الأول والثانى بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

14-جناية القتل العمد. تميزها بقصد إزهاق روح المجنى عليه. اختلافه عن القصد الجنائى العام المتطلب فى سائر الجرائم. أثر ذلك؟

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 677

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ فتحى خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس، عمر بريك، فرحان بطران وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

(103)
الطعن رقم 54932 لسنة 75 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة فى قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب ". قصد جنائى. قتل عمد. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض يعيبه.
مثال.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة " أركانها ". قتل عمد. قصد جنائى.
جناية القتل العمد. تميزها بقصد إزهاق روح المجنى عليه. اختلافه عن القصد الجنائى العام المتطلب فى سائر الجرائم. أثر ذلك؟
إدانة المتهم فى جناية القتل العمد. وجوب تحدث الحكم عن قصد القتل استدلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التى تدل عليه بيانًا واضحًا. مجرد الحديث عن الفعل المادى لا يفيد توافر هذا القصد. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور.
ازهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه.
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة فى جريمة قتل عمد لعدم استظهار قصد ازهاق الروح.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دستور. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب تعيين محام لكل متهم فى جناية تحال إلى محكمة الجنايات. ما لم يكن قد وكل محاميًا للدفاع عنه. المادتان 67 من الدستور، 214 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحامون المختصون بالمرافعة أمام محكمة الجنايات. هم المقبولون للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية. المادة 377 إجراءات جنائية.
عدم وقوف محكمة النقض على أمر قيد المحامى الذى تولى المرافعة عن المحكوم عليه بالإعدام وخلو محضر الجلسة والحكم من ذلك البيان. يصم إجراءات المحاكمة بالبطلان. أساس ذلك؟
(5) محكمة النقض "سلطتها". حكم "بطلانه". بطلان.
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها إذا وقع فيه بطلان. أساس ذلك؟
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها إنتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضوريًا من إعدام الطاعنة، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب. يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
2 - لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت فى عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة - الطاعنة - والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة فى مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها - المجنى عليه - وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالى حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه "... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب،الأمر الذى أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الإنتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكينًا وما أن أيقنت استغراقه فى النوم حتى قامت بطعنه فى بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة. ثم عاد الحكم فى معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقًا صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه - وفقًا لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجًا على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضًا فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة فى بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعًا عن نفسها ". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أى أساس كونت المحكمة عقيدتها فى الدعوى. فضلاً عما ينبىء عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعنة. ومن ثم يكون حكمها متخاذلا فى أسبابه متناقضًا فى بيان الواقعة تناقضًا يعيبه بما يوجب نقضه.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجنى عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه فى بطنه وهو موضع قاتل فى جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة فى التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين فى بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقامًا منه. ومن ثم، فقد توافر فى حقها القصد الجنائى الخاص الذى تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها فى المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكاب الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المُسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه. وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تُبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها فى الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها فى الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول، وكان ما أورده فى هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالا منه على توافر نية القتل فى حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفته، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين فى بطنه مرة واحدة، لا يفيد حتمًا أن الطاعنة إنتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها - فى هذه الحالة - مجرد التعدى. خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسهـا وذلـك خلافـًا لمـا ذهـب إليـه الحكـم المطعـون فيـه مـن أنهـا قـررت بـذلك، فإنـه وبغـض النـظر عمــا ذهب اليه الحكم، فإنه لا يغنى فى ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه، فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور فى هذا الصدد.
4 - لما كان الثابت من الإطلاع على محاضر الجلسـات أن الطاعنـة لـم توكل محاميًا للدفاع عنها وانتدبت لها المحكمة الأستاذ "... " المحامى والذى حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه. لما كان ذلك، وكانت المادتان 67 من الدستور و 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم فى جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محاميًا للدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات. لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ "... " المحامى أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحًا، وإذ غلب الظن على الأوراق فى هذا الشأن، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع فى صحة هذا الأمر قائمًا ولا تحوطه شكوك ولا ريب، لأنه يتعلق بضمانه أوردها الدستور وعينها المشرع تحديدًا فى المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل فى الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة فى محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامى الذى تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان.
5 - لما كان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التى أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة (39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة - محكمة النقض - أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل. فمن ثم، ولِما تقدم جميعه، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أولاً: - قتلت المجنى عليه "... "عمدًا مع سبق الإصرار بأن عقدت العزم وبيتت النية على قتله وأعدت لهذا الغرض سلاح أبيض " سكين " وما أن ظفرت به أثناء نومه حتى عاجلته بطعنه قاصده من ذلك قتله فأحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيًا: - أحرزت سلاح أبيض دون مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية.
وأحالتها إلى محكمة جنايات "....... " لمحاكمتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت، بإحالة الأوراق لفضيلة المفتى لإبداء الرأى الشرعى. ثم وبجلسة..، قضت حضوريًا وبإجماع الآراء - عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات، والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30/ 1 من قانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978، 97 لسنة 1991 والبند رقم (1) من الجدول رقم (1) المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 - بمعاقبة "... " بالإعدام شنقًا وبمصادرة السلاح المضبوط.
فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة (46) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضوريًا من إعدام الطاعنة، دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب. يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتى القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وقضى بإعدامها، قد شابه قصور وتناقض فى التسبيب ومخالفة الثابت فى الأوراق، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتنق صورتين متناقضين لواقعة الدعوى ذلك أنه بعد تحصيله لواقعة الدعوى - حسبما استخلصتها محكمة الموضوع - بما مجمله حدوث مشادة كلامية بين الطاعنة والمجنى عليه انتهت بقيامه بصفعها على وجهها مما أثار حفيظتها فصممت على الانتقام منه بقتله، فأعدت سكينًا وانتظرته حتى استغرق فى النوم فطعنته فى بطنه، إلا أن الحكم عاد فى موضع آخر وفى معرض سرده لأدلة الإدانة قِبل المتهمة ومنها اعترافها بجلسة المحاكمة فيقول باعترافها بقتل المجنى عليه دفاعًا عن نفسها عندما حاول التحرش بها جنسيًا الأمر الذى يصمه بالتناقض، كما أن الحكم تساند فى التدليل على توافر نية القتل قبل الطاعنة على أنها اعترفت بذلك بتحقيقات النيابة، بيد أن أقوالها لم تتضمن هذا الذى ذهبت إليه المحكمة. كل ذلك، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البيّن من الحكم المطعون فيه أنه حصّل واقعة الدعوى حسبما استقرت فى عقيدة المحكمة بما حاصله أن المتهمة - الطاعنة - والبالغة من العمر إحدى وعشرين سنة قد اعتادت التغيب عن منزل والدها والمبيت خارجه بطريقة تثير الشك والريبة فى مسلكها، مما أثار غضب أهليتها عليها وأنها إذ خشيت العودة إلى مسكن والدها توجهت حيث إقامة جدتها لأمها وخالها - المجنى عليه - وبعد أن باتت ليلتها طرفهما وفى صباح اليوم التالى حدث شجار بينها وخالها المجنى عليه "... " وذلك لمعاتبته لها عن تصرفاتها وغيابها تم تعدى عليها بالضرب،الأمر الذى أثار حفيظتها وغضبها، فصممت على الانتقام منه بقتله وأعدت لذلك سكينًا وما أن أيقنت استغراقه فى النوم حتى قامت بطعنه فى بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وأنها قد اعترفت بارتكابها الجريمة. ثم عاد الحكم فى معرض استعراضه لأدلة الدعوى ومنها اعتراف المتهمة معتنقًا صورة أخرى للواقعة تتعارض على الصورة السابقة، إذ ذهب إلى القول " أن المجنى عليه - وفقًا لاعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة - عندما عاتبها لتغيبها محتجًا على سلوكها قام بالاعتداء عليها بالضرب " بخنجر " إلا أنها أمسكت يده فسقط أرضًا فقامت بالتقاطه وطعنته به طعنة واحدة فى بطنه فأحدثت إصابته وكان ذلك منها دفاعًا عن نفسها ". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم هاتين الصورتين المتعارضين لواقعة الدعوى،مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أى أساس كونت المحكمة عقيدتها فى الدعوى. فضلاً عما ينبئ عنه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يُؤْمَن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعنة. ومن ثم، يكون حكمها متخاذلا فى أسبابه متناقضًا فى بيان الواقعة تناقضًا يعيبه بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل ودلل على توافرها بقوله ".... لما كان ذلك، وكان الثابت فى الأوراق ومن اعتراف المتهمة أنه إثر مشادة كلامية بينها وبين المجنى عليه تطورت إلى مشاجرة قام على إثرها بضربها على وجهها، مما أثار غضبها وصممت على الانتقام منه وقتله فقامت بطعنه أثناء نومه بسكين وهو سلاح خطر ومميت إذا أصاب فضلاً عن طعنه فى بطنه وهو موضع قاتل فى جسده فزاد ذلك من خطورتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اعترفت المتهمة فى التحقيقات بأنها قامت بطعنه بالسكين فى بطنه بنية قتله وإزهاق روحه انتقامًا منه. ومن ثم، فقد توافر فى حقها القصد الجنائى الخاص الذى تتطلبه جريمة القتل العمد المنصوص عليها فى المادة 234 من قانون العقوبات ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكاب الفعل الجنائى إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن إستقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التى تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المُسند إليه كان فى الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه. وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تُبنى عليه النتيجة التى يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبّينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها فى الدعوى وأن لا يكتفى بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها فى الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر نية القتل على ما سلف القول، وكان ما أورده فى هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت إستدلالاً منه على توافر نية القتل فى حق الطاعنة، لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفته، ذلك أن ضرب المجنى عليه بسكين فى بطنه مرة واحدة، لا يفيد حتمًا أن الطاعنة إنتوت إزهاق روحه لاحتمال أن لا تتجاوز نيتها - فى هذه الحالة - مجرد التعدى. خاصة وأن الثابت بالتحقيقات قولها أنها لم تكن تقصد قتله وإنما كان قصدها الدفاع عـن نفسهـا وذلـك خلافـًا لمـا ذهـب إليـه الحكـم المطعـون فيـه مـن أنهـا قـررت بـذلك، فإنـه وبغـض النـظر عمــا ذهب اليه الحكم، فإنه لا يغنى فى ذلك ما قاله من أنها اعترفت أنها كانت تقصد قتله، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التى رأت المحكمة أنها تدل عليه ويكشف عنه، فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور فى هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على محاضر الجلسـات أن الطاعنـة لـم توكل محاميًا للدفاع عنها وإنتدبت لها المحكمة الأستاذ "... " المحامى والذى حضر إجراءات المحاكمة وقام بالدفاع عن المحكوم عليها، إلا أن المحكمة لم تقف على صحة أمر قيده أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها، إذ أفادت نقابة المحامين أنه لم يستدل عليه. لما كان ذلك، وكانت المادتان 67 من الدستور و 214 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبتا تعيين محام لكل متهم فى جناية تحال إلى محكمة الجنايات ما لم يكن قد وكل محاميًا للدفاع عنه، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محاكم الجنايات. لما كان ما تقدم بيانه وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - لم تقف على صحيح أمر قيد الأستاذ "... " المحامى أمام المحاكم الابتدائية وما يعلوها حتى يستقيم القول بأن حضوره إجراءات المحاكمة و مرافعته عن المحكوم عليها قد تم صحيحًا، وإذ غلب الظن على الأوراق فى هذا الشأن، وكان يتعين حتى تكون إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة أن يكون القطع فى صحة هذا الأمر قائمًا ولا تحوطه شكوك ولا ريب، لأنه يتعلق بضمانه أوردها الدستور وعينها المشرع تحديدًا فى المادتين 214، 377 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا ينال من ذلك القول بأن الأصل فى الأحكام أن تكون الإجراءات قد روعيت أثناء نظر الدعوى إعمالاً للمادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض،إذ أن مناط ذلك أن تكون الإجراءات مذكورة فى محضر الجلسة أو الحكم وهو ما خلا كل منهما من بيان قيد المحامى الذى تولى المرافعة عن المحكوم عليها بالإعدام، مما يُصم إجراءات المحاكمة بالبطلان. لما كان ذلك، وكان العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959، التى أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة (39) وكانت المادة (46) من القانون سالف الذكر قد أوجبت على المحكمة - محكمة النقض - أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان من هذا القبيل. فمن ثم، ولِما تقدم جميعه، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية والطعن المقدم من المحكوم عليها شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون ما حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

13-تدليل الحكم على ثبوت واقعة قتل المجنى عليه رغم عدم العثور على جثته كاملة. لا ينال من سلامته.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 56 - من يناير إلى ديسمبر 2005 - صـ 761

جلسة 7 من ديسمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد البارى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدى، مصطفى محمد أحمد ومحمود عبد الحفيظ نواب رئيس المحكمة.

(106)
الطعن رقم 56397 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". قتل عمد. سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة فى جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.
(2) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات والبحث فيما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه. حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(3) جريمة "أركانها". قتل عمد. قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفى. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. استخلاص توافره. موضوعى.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل فى جريمة قتل عمد.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى. ما دام سائغًا.
عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة وحدها. حقها فى استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه؟
تجريح أدلة الدعوى لمناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان المحكمة. غير مقبول أمام محكمة النقض.
(5) إعدام. محكمة النقض "سلطتها". نيابة عامة.
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة فى قضايا الإعدام. غير لازم.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون التقيد بالرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها.
(6) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
انصراف غرض المصر على العدوان إلى شخص معين بالذات لتوافر سبق الإصرار. غير لازم. كفاية انصرافه إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف سبق الإصرار فى جريمة قتل عمد.
(7) اقتران. سرقة. ظروف مشددة. عقوبة "تقديرها". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الاقتران". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إثبات الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتغليظ العقاب عملاً بنص المادة 234/ 2 عقوبات. تقدير ذلك. موضوعى. ما دام سائغًا.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ظرف الاقتران فى جريمة قتل عمد.
(8) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الحالة العقلية للمتهم. موضوعى. ما دام سائغًا.
مثال.
(9) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك؟
(10) قتل عمد. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تدليل الحكم على ثبوت واقعة قتل المجنى عليه رغم عدم العثور على جثته كاملة. لا ينال من سلامته.
(11) حكم "بيانات التسبيب". عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها".
خطأ الحكم فى مادة العقاب. لا يبطله. ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى وقضى بالعقوبة الواجبة التطبيق. لمحكمة النقض تصحيحه. المادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(12) إعدام. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: " تتحصل فى أن المتهم...... (الطاعن) ولمروره بضائقة مالية فقد أعمل فكره الشيطانى فى وسيلة للخلاص من تلك الضائقة المالية وفى روية لا يشوبها تعجل وهدوء لا يخالطه اضطراب وضع خطته باستدراج أحد سائقى سيارات الأجرة من موقف...... وقتله وسرقة سيارته وبيعها واغتنام ثمنها إذ كان ذلك قبل ثمانية أيام سابقة على تنفيذ ما انتواه وقد أعد للقتل سلاح نارى طبنجة 9 م ميرى، وعمره بسبع طلقات لتنفيذ جريمته التى بدأت عندما توجه إلى موقف...... قبل مغرب يوم...... حوالى الساعة...... وتقابل مع الشاهد الثانى...... الذى اعتذر عن توصيله إلى نقطة إسعاف...... لتعطل سيارته فاتفق المتهم مع المجنى عليه...... لتوصيله إلى المكان سالف الذكر والعودة مرة أخرى مقابل مبلغ...... جنيه واستقلا السيارة بيجو رقم...... ملاكى...... المملوكة للمجنى عليه ويعمل عليها كسائق حتى وصلا إلى نقطة...... وتقابلا مع الشهود الثالث...... والرابع...... والخامس...... واحتسيا معهم الشاى وانصرفا وقت الغروب وقد سلك المجنى عليه الطريق الصحراوى الشرقى بناء على طلب المتهم وحين بدأ الليل يرخى سدوله بدأ المتهم فى تنفيذ ما انتواه بأن طلب من المجنى عليه التوقف بالسيارة على جانب الطريق بزعم قضاء حاجة وإذ توقفت السيارة خرج منها المتهم وقام بإخراج سلاحه النارى وصوبه ناحية رأس المجنى عليه وأطلق منه عيارين ناريين فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أردته قتيلاً مضجرًا فى دمائه التى علقت بمفروشات السيارة فأضحت شاهدة عليه وحينئذ راح المتهم يتحسس صدر ضحيته ليتأكد من مقتله ثم قام بسحب جثته خارج السيارة وجرها حوالى خمسون مترًا إلى حيث وضعها خلف كومة من الحجارة ثم عاد إلى مسرح جريمته السيارة فى محاولة للتخلص من آثارها فأخذ دواسة السيارة ووسادة قطنية ملوثتين بالدماء وكذلك فوطة مع بعض آثار الدماء من داخل السيارة وألقى بهم خارجها وإذ بدى للمتهم أنه أنهى تنفيذ الشق الأول من خطته فقد بدأ وفى رابطة زمنية متصلة فى تنفيذ شقها الثانى باستيلائه على سيارة قتيله وإخفائها عن الأعين بمنطقة...... حتى صباح اليوم التالى...... حيث استقلها فى طريقه إلى منطقة...... لبيعها والحصول على مغنمه منها ولكن ارتكابه لحادث مرورى واصطدامه بسيارة ميكروباص رقم...... قيادة الشاهد السادس...... ثم فراره بها بالسيارة وتعطلها اضطره إلى تركها ب...... عند محطة كهرباء...... وتوجه إلى منطقة...... دونها ولم يتمكن من بيعها فعاد أدراجه إلى مسكنه وإذ أبلغ الشاهدان السابع...... والثامن...... بغياب والدهما المجنى عليه وتم عمل نشرة بمواصفات السيارة فتم العثور عليها وبها تلفيات وآثار وأجرى الشاهد الأول مقدم...... تحرياته أسفرت عن ارتكاب المتهم واقعة الدعوى وقد أقر للشاهد المذكور بمقارفتها وأرشده إلى مسرح الجريمة وما تخلف عنها من آثار أشلاء جثة المجنى عليه وفارغ طلقة ووسادة ودواسة وفوطة ملوثات بدماء آدمية كما أرشده إلى السلاح المستخدم فى الحادث حيث تم ضبطه ووجده بمسكن المتهم الذى اعترف بارتكاب الحادث وبكيفية وقوعه "، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة استقاها من اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ولدى نظر تجديد حبسه أمام قاضى المعارضات ومحضر معاينة النيابة التصويرية ومن أقوال الشهود وما تضمنه محضر معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وتقارير الطبيب الشرعى وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه واطرحه فى قوله: " حيث إنه لما كان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، وأن لها وحدها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطلاً لانتزاعه منه تحت تأثير إكراه مادى ومعنوى وإجبار الضابط له للإدلاء به بالتحقيقات وحضوره أثناء الإدلاء به وأنه غير مطابق للحقيقة والواقع، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المتهم مثل أمام النيابة بجلسة...... وبمحضرها وقد ناظره وكيل النيابة وأفهمه أن النيابة العامة هى التى تباشر التحقيق معه ولم يجد به أية إصابات واعترف المتهم له بارتكاب الحادث اعترافًا تفصيليًا وأكد اعترافه لدى تمثيله كيفية وقوع الحادث وكذلك أمام قاضى المعارضات فى جلسات متلاحقة ولم يقل المتهم فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو أمام قاضى المعارضات بحصول ذلك الإكراه المدعى به، فضلاً عن أن وجود ضابط الشرطة أثناء التحقيق مع المتهم بفرض حصوله لا أثر له على إرادة المتهم من الإدلاء باعترافه مادام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى ماديًا أو معنويًا، هذا فوق أن خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف معنًا وحكمًا، وكان اعتراف المتهم قد ورد مفصلاً كيفية ارتكاب الجريمة وكيفية تنفيذها وأداة التنفيذ على نحو يتفق مع باقى أدلة الدعوى المادية الفنية وشهودها بما يخدم ويؤكد بمطابقة اعتراف المتهم للحقيقة والواقع، وإذ كان ما تقدم، وكانت المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم فى مراحل التحقيق والمحاكمة وإلى صدوره عنه خالص من أى شائبة، الأمر الذى يضحى معه دفاع المتهم فى شأن ما تقدم هو دفاع خلت الأوراق من سند عليه أو ظاهر يؤكده، كما تلتفت المحكمة عن دفاع المتهم بأن ما أدلى به من اعتراف لا ينم عن أنه شخص طبيعى وأنه أجرى جراحة بالمخ، ذلك أن هذا الدفاع دحضه ما ورد بتقرير مستشفى...... للأمراض النفسية والسابق الإشارة إليه من أن المتهم سليم وليس به أية آفة عقلية ومدرك لكافة أفعاله التى أتاها ". لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يمارى فى صحة ما نقله الحكم من الأوراق فى معرض رده على دفاعه، وكان هذا الذى رد به الحكم على ما أثير بشأن تعييب اعتراف المتهم سائغًا فى تفنيده وفى نفى أية صلة للاعتراف بأى نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هو الحال فى الدعوى فإن تعييب الحكم فى هذا الخصوص يكون فى غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على نية القتل بقوله: " وحيث إن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، وإذ كان ذلك، فإن المحكمة تطمئن إلى توافر تلك النية فى حق المتهم بانية عقيدتها فى ذلك من ظروف ارتكاب المتهم الواقعة وتبييت النية على قتل أحد سائقى الأجرة وحيازته لأداة بقصد القتل وهى طبنجة معمرة بالذخيرة واصطحابه المجنى عليه لمكان غير آهل بالسكان وإطلاقه عيارين ناريين من سلاح قاتل بطبيعته وفى موضع قاتل من المجنى عليه وهى رأسه ألا أدل على هذه النية من أنه وإثر أن أطلق المتهم الأعيرة على رأس المجنى عليه توجه إليه وتحسس صدره ليتأكد من قتله، هذا وقد اعترف المتهم فى كافة مراحل التحقيق والمحاكمة بقتل المجنى عليه وبتوافر نيته على ذلك، الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى توافر تلك النية فى حق المتهم ". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرًا خفيًا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم يكفى فى استظهار نية القتل، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس.
4 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم فى الأدلة التى يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقًا للتصوير الذى أورده، وكانت الأدلة التى استند إليها فى ذلك سائغة ومقبولة فى العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن فى أن لها معينها من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن من روايته التى أدلى بها وما أورده بعض الشهود بشأنها تخالف ما اعتنقته المحكمة، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان المحكمة بالدليل الصحيح، وهو ما لم يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
6 - لما كان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد استظهر سبق الإصرار وتوافره فى حق المحكوم عليه فى قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار، فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجانى قد فكر فيما أعزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، وأن البحث فى توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى وعناصرها، وإذ كان ذلك، وكان الثابت فى حق المتهم حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه تدبر الأمر قبل الحادث بفترة كافية حوالى ثمانية أيام فى هدوء وروية وانتوى قتل أحد سائقى السيارات بعد استدراجه من الموقف ليتمكن سرقة سيارته وأنه جهز لأداة القتل ما أحرزه من سلاح وذخيرة توجه إلى موقف سيارات...... لتنفيذ خطته التى عقد العزم عليها وقارف بالفعل جريمته ونفذ ما خطط له بهدوء وروية، وكان هذا ما اعترف به المتهم فى التحقيقات وتأيد بأقوال الشاهد الأول، الأمر الذى يكون ظرف سبق الإصرار قد توفر فى حقه، بما يضحى معه دفاعه فى شأن عدم توافره وبأن القتل كان بسبب خلاف حول الأجرة هو دفاع قائم على غير سند من الواقع والقانون متعينًا رفضه "، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ولا يشترط لتوافر هذا الظرف أن يكون غرض المصر هو العدوان على شخص معين بالذات، بل يكفى أن يكون غرضه المصمم عليه منصرفًا إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة.
7 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران فى قوله: " وحيث إنه لما كان يكفى لتوافر ظرف الاقتران المنصوص عليه فى المادة 234/ 1 عقوبات فى الأوراق أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجريمتين قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق استقلال جريمة قتل المجنى عليه عن جريمة سرقة سيارته من الطريق العام ليلاً حال حمله سلاحًا وقد تميزت تلك الجريمة الأخيرة بأفعال مستقلة، ذلك أنه بعد قيام المتهم بقتل المجنى عليه فقد بدأ فى تنفيذ باقى مخططه الذى عقد العزم عليه واعترف به وهو سرقة سيارة المجنى عليه لبيعها وقد قامت المصاحبة الزمنية بين الجريمتين، الأمر الذى يوفر فى حق المتهم ظرف الاقتران ويدحض معه دفاعه فى شأن عدم توافره وأنه لم يقصد من القتل السرقة ذلك لتوافر شرط الاقتران واقعًا وقانونًا، واطمئنان المحكمة إلى اعترافه بأن قصده من القتل هو السرقة "، فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما، بأن تكون الجرائم قد ارتكبت فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، مادام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال فى الدعوى المطروحة.
8 - لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الأمراض النفسية بـ...... الذى جاء به أن الطاعن لا يعانى من أية أعراض لمرض عقلى وقت ارتكاب الفعل موضوع القضية وأنه مسئول عما فعل وذلك لسلامة الإدراك والعاطفة والإرادة والتفكير وقت ارتكاب الفعل المسند إليه، وذلك فى مجال الرد على دفاع الطاعن من أن ما أدلى به من اعتراف لا ينم على شخص طبيعى وأنه أجرى جراحة بالمخ، فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة ومدرك لكافة أقواله التى أتاها، بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير فى شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، مادامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ومن ثم يكون بريئًا من القصور.
9 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى، ومن ثم فإن النعى على الحكم يكون فى غير محله.
10 - لما كان لا ينال من سلامة الحكم أن تكون جثة المجنى عليه لم يعثر عليها كاملة، مادامت المحكمة قد بينت بالأدلة التى اعتنقتها بوقوع جناية القتل على شخص المجنى عليه.
11 - لما كان من المقرر أن الخطأ فى رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم، مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بيانًا كافيًا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الأولى بدلاً من الفقرة الثانية لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذى وقع فى أسباب الحكم المطعون فيه، وذلك باستبدال الفقرة الثانية من المادة 234 المذكورة بالفقرة الأولى عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
12 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض آنف البيان أن الحكم المطعون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها بالإعدام وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل......0 عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتله وأعد لهذا الغرض " طبنجته الميرى رقم...... " واصطحبه إلى مكان الحادث الذى أيقن سلفًا عدم وجود أحد فيه وما أن تهيأت الفرصة للإجهاز عليه حتى أطلق عليه عيارين من السلاح النارى سالف الذكر قاصدًا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى والتى أودت بحياته وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى تلتها وهى أنه بذات المكان والزمان سالفى الذكر سرق السيارة المبينة بالتحقيقات والمملوكة للمجنى عليه سالف الذكر وكان ذلك بالطريق العام حال كونه حاملاً سلاحًا ناريًا " طبنجة " سالف الذكر.
وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى نجل المجنى عليه مدنيًا قبل المتهم بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة...... وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة المفتى لاستطلاع الرأى فيما نسب إلى المتهم.
وبجلسة...... قضت وعملاً بالمواد 230، 231، 234/ 1، 315/ ثالثًا من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بإعدامه شنقًا لما أسند إليه وفى الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية السرقة فى الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح قد شابه القصور فى التسبيب، ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه وليد إكراه لصدوره نتيجة ضغوط مادية وأدبية بدلالة أن اعترافه فى بداية التحقيقات من أنه ذهب لموقف السيارات ليس لقتل سائق وسرقة سيارته وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بما لا يسوغ، إلى جانب أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافيًا على توافر نية القتل فى حقه وما ساقه فى هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقى منها أن الطاعن اصطحب المجنى عليه من موقف السيارات أمام الجميع ليس لقتله وسرقة سيارته ولكن لتوصيله إلى من يدعى...... بنقطة إسعاف...... النيل بدلالة ما شهد به الشهود الثلاثة المتواجدين بالمكان سالف الذكر وأن الطاعن أطلق الأعيرة النارية على المجنى عليه لخلاف نشب بينهما على الأجرة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: " تتحصل فى أن المتهم...... (الطاعن) ولمروره بضائقة مالية فقد أعمل فكره الشيطانى فى وسيلة للخلاص من تلك الضائقة المالية وفى روية لا يشوبها تعجل وهدوء لا يخالطه اضطراب وضع خطته باستدراج أحد سائقى سيارات الأجرة من موقف...... وقتله وسرقة سيارته وبيعها واغتنام ثمنها إذ كان ذلك قبل ثمانية أيام سابقة على تنفيذ ما انتواه وقد أعد للقتل سلاح نارى طبنجة 9 م ميرى، وعمره بسبع طلقات لتنفيذ جريمته التى بدأت عندما توجه إلى موقف...... قبل مغرب يوم...... حوالى الساعة...... وتقابل مع الشاهد الثانى...... الذى اعتذر عن توصيله إلى نقطة إسعاف...... لتعطل سيارته فاتفق المتهم مع المجنى عليه...... لتوصيله إلى المكان سالف الذكر والعودة مرة أخرى مقابل مبلغ...... جنيه واستقلا السيارة بيجو رقم...... ملاكى...... المملوكة للمجنى عليه ويعمل عليها كسائق حتى وصلا إلى نقطة...... وتقابلا مع الشهود الثالث...... والرابع...... والخامس...... واحتسيا معهم الشاى وانصرفا وقت الغروب وقد سلك المجنى عليه الطريق الصحراوى الشرقى بناء على طلب المتهم وحين بدأ الليل يرخى سدوله بدأ المتهم فى تنفيذ ما انتواه بأن طلب من المجنى عليه التوقف بالسيارة على جانب الطريق بزعم قضاء حاجة وإذ توقفت السيارة خرج منها المتهم وقام بإخراج سلاحه النارى وصوبه ناحية رأس المجنى عليه وأطلق منه عيارين ناريين فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أردته قتيلاً مضجرًا فى دمائه التى علقت بمفروشات السيارة فأضحت شاهدة عليه وحينئذ راح المتهم يتحسس صدر ضحيته ليتأكد من مقتله ثم قام بسحب جثته خارج السيارة وجرها حوالى خمسون مترًا إلى حيث وضعها خلف كومة من الحجارة ثم عاد إلى مسرح جريمته السيارة فى محاولة للتخلص من آثارها فأخذ دواسة السيارة ووسادة قطنية ملوثتين بالدماء وكذلك فوطة مع بعض آثار الدماء من داخل السيارة وألقى بهم خارجها وإذ بدى للمتهم أنه أنهى تنفيذ الشق الأول من خطته فقد بدأ وفى رابطة زمنية متصلة فى تنفيذ شقها الثانى باستيلائه على سيارة قتيله وإخفائها عن الأعين بمنطقة...... حتى صباح اليوم التالى...... حيث استقلها فى طريقه إلى منطقة...... لبيعها والحصول على مغنمه منها ولكن ارتكابه لحادث مرورى واصطدامه بسيارة ميكروباص رقم...... قيادة الشاهد السادس...... ثم فراره بها بالسيارة وتعطلها اضطره إلى تركها ب...... عند محطة كهرباء...... وتوجه إلى منطقة...... دونها ولم يتمكن من بيعها فعاد أدراجه إلى مسكنه وإذ أبلغ الشاهدان السابع...... والثامن...... بغياب والدهما المجنى عليه وتم عمل نشرة بمواصفات السيارة فتم العثور عليها وبها تلفيات وآثار وأجرى الشاهد الأول مقدم...... تحرياته أسفرت عن ارتكاب المتهم واقعة الدعوى وقد أقر للشاهد المذكور بمقارفتها وأرشده إلى مسرح الجريمة وما تخلف عنها من آثار أشلاء جثة المجنى عليه وفارغ طلقة ووسادة ودواسة وفوطة ملوثات بدماء آدمية كما أرشده إلى السلاح المستخدم فى الحادث حيث تم ضبطه ووجده بمسكن المتهم الذى اعترف بارتكاب الحادث وبكيفية وقوعه "، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة استقاها من اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ولدى نظر تجديد حبسه أمام قاضى المعارضات ومحضر معاينة النيابة التصويرية ومن أقوال الشهود وما تضمنه محضر معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وتقارير الطبيب الشرعى وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاعتراف لأنه وليد إكراه واطرحه فى قوله: " حيث إنه لما كان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، وأن لها وحدها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطلاً لانتزاعه منه تحت تأثير إكراه مادى ومعنوى وإجبار الضابط له للإدلاء به بالتحقيقات وحضوره أثناء الإدلاء به وأنه غير مطابق للحقيقة والواقع، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المتهم مثل أمام النيابة بجلسة...... وبمحضرها وقد ناظره وكيل النيابة وأفهمه أن النيابة العامة هى التى تباشر التحقيق معه ولم يجد به أية إصابات واعترف المتهم له بارتكاب الحادث اعترافًا تفصيليًا وأكد اعترافه لدى تمثيله كيفية وقوع الحادث وكذلك أمام قاضى المعارضات فى جلسات متلاحقة ولم يقل المتهم فى أية مرحلة من مراحل التحقيق أو أمام قاضى المعارضات بحصول ذلك الإكراه المدعى به، فضلاً عن أن وجود ضابط الشرطة أثناء التحقيق مع المتهم بفرض حصوله لا أثر له على إرادة المتهم من الإدلاء باعترافه مادام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى ماديًا أو معنويًا، هذا فوق أن خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف معنًا وحكمًا، وكان اعتراف المتهم قد ورد مفصلاً كيفية ارتكاب الجريمة وكيفية تنفيذها وأداة التنفيذ على نحو يتفق مع باقى أدلة الدعوى المادية الفنية وشهودها بما يخدم ويؤكد بمطابقة اعتراف المتهم للحقيقة والواقع، وإذ كان ما تقدم، وكانت المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم فى مراحل التحقيق والمحاكمة وإلى صدوره عنه خالص من أى شائبة، الأمر الذى يضحى معه دفاع المتهم فى شأن ما تقدم هو دفاع خلت الأوراق من سند عليه أو ظاهر يؤكده، كما تلتفت المحكمة عن دفاع المتهم بأن ما أدلى به من اعتراف لا ينم عن أنه شخص طبيعى وأنه أجرى جراحة بالمخ، ذلك أن هذا الدفاع دحضه ما ورد بتقرير مستشفى...... للأمراض النفسية والسابق الإشارة إليه من أن المتهم سليم وليس به أية آفة عقلية ومدرك لكافة أفعاله التى أتاها ". لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يمارى فى صحة ما نقله الحكم من الأوراق فى معرض رده على دفاعه، وكان هذا الذى رد به الحكم على ما أثير بشأن تعييب اعتراف المتهم سائغًا فى تفنيده وفى نفى أية صلة للاعتراف بأى نوع من الإكراه، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب، مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هو الحال فى الدعوى فإن تعييب الحكم فى هذا الخصوص يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على نية القتل بقوله: " وحيث إن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، وإذ كان ذلك، فإن المحكمة تطمئن إلى توافر تلك النية فى حق المتهم بانية عقيدتها فى ذلك من ظروف ارتكاب المتهم الواقعة وتبييت النية على قتل أحد سائقى الأجرة وحيازته لأداة بقصد القتل وهى طبنجة معمرة بالذخيرة واصطحابه المجنى عليه لمكان غير آهل بالسكان وإطلاقه عيارين ناريين من سلاح قاتل بطبيعته وفى موضع قاتل من المجنى عليه وهى رأسه ألا أدل على هذه النية من أنه وإثر أن أطلق المتهم الأعيرة على رأس المجنى عليه توجه إليه وتحسس صدره ليتأكد من قتله، هذا وقد اعترف المتهم فى كافة مراحل التحقيق والمحاكمة بقتل المجنى عليه وبتوافر نيته على ذلك، الأمر الذى تطمئن معه المحكمة إلى توافر تلك النية فى حق المتهم ". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرًا خفيًا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم يكفى فى استظهار نية القتل، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، وهى فى ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت فى وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وأنه لا يلزم فى الأدلة التى يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقًا للتصوير الذى أورده، وكانت الأدلة التى استند إليها فى ذلك سائغة ومقبولة فى العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن فى أن لها معينها من الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن من روايته التى أدلى بها وما أورده بعض الشهود بشأنها تخالف ما اعتنقته المحكمة، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان المحكمة بالدليل الصحيح، وهو ما لم يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة برأيها فى الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية السرقة التى دان المحكوم عليه بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، كما خلص إلى توافر نية القتل فى حق الطاعن على ما سلف بيانه فى معرض التصدى لأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه، كما استظهر سبق الإصرار وتوافره فى حق المحكوم عليه فى قوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار، فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته جأن يكون الجانى قد فكر فيما أعزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال، وأن البحث فى توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى وعناصرها، وإذ كان ذلك، وكان الثابت فى حق المتهم حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه تدبر الأمر قبل الحادث بفترة كافية حوالى ثمانية أيام فى هدوء وروية وانتوى قتل أحد سائقى السيارات بعد استدراجه من الموقف ليتمكن من سرقة سيارته وأنه جهز لأداة القتل ما أحرزه من سلاح وذخيرة توجه إلى موقف سيارات...... لتنفيذ خطته التى عقد العزم عليها وقارف بالفعل جريمته ونفذ ما خطط له بهدوء وروية، وكان هذا ما اعترف به المتهم فى التحقيقات وتأيد بأقوال الشاهد الأول، الأمر الذى يكون ظرف سبق الإصرار قد توفر فى حقه، بما يضحى معه دفاعه فى شأن عدم توافره وبأن القتل كان بسبب خلاف حول الأجرة هو دفاع قائم على غير سند من الواقع والقانون متعينًا رفضه "، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون، ذلك بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة وإنما هى تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصًا مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ولا يشترط لتوافر هذا الظرف أن يكون غرض المصر هو العدوان على شخص معين بالذات، بل يكفى أن يكون غرضه المصمم عليه منصرفًا إلى شخص غير معين وجده أو التقى به مصادفة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ظرف الاقتران فى قوله: " وحيث إنه لما كان يكفى لتوافر ظرف الاقتران المنصوص عليه فى المادة 234/ 1 عقوبات فى الأوراق أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجريمتين قد ارتكبتا فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق استقلال جريمة قتل المجنى عليه عن جريمة سرقة سيارته من الطريق العام ليلاً حال حمله سلاحًا وقد تميزت تلك الجريمة الأخيرة بأفعال مستقلة، ذلك أنه بعد قيام المتهم بقتل المجنى عليه فقد بدأ فى تنفيذ باقى مخططه الذى عقد العزم عليه واعترف به وهو سرقة سيارة المجنى عليه لبيعها وقد قامت المصاحبة الزمنية بين الجريمتين، الأمر الذى يوفر فى حق المتهم ظرف الاقتران ويدحض معه دفاعه فى شأن عدم توافره وأنه لم يقصد من القتل السرقة ذلك لتوافر شرط الاقتران واقعًا وقانونًا، واطمئنان المحكمة إلى اعترافه بأن قصده من القتل هو السرقة "، فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى الاقتران، لما هو مقرر من أنه يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما، بأن تكون الجرائم قد ارتكبت فى وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع، مادام يقيمه على ما يسوغه كما هو الحال فى الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الأمراض النفسية ب...... الذى جاء به أن الطاعن لا يعانى من أية أعراض لمرض عقلى وقت ارتكاب الفعل موضوع القضية وأنه مسئول عما فعل وذلك لسلامة الإدراك والعاطفة والإرادة والتفكير وقت ارتكاب الفعل المسند إليه، وذلك فى مجال الرد على دفاع الطاعن من أن ما أدلى به من اعتراف لا ينم على شخص طبيعى وأنه أجرى جراحة بالمخ، فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة ومدرك لكافة أقواله التى أتاها، بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير فى شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، مادامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره، ومن ثم يكون بريئًا من القصور، هذا فضلاً عن أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى، ومن ثم فإن النعى على الحكم يكون فى غير محله، وكان لا ينال من سلامة الحكم أن تكون جثة المجنى عليه لم يعثر عليها كاملة، مادامت المحكمة قد بينت بالأدلة التى اعتنقتها بوقوع جناية القتل على شخص المجنى عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ فى رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم، مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بيانًا كافيًا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الأولى بدلاً من الفقرة الثانية لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذى وقع فى أسباب الحكم المطعون فيه، وذلك باستبدال الفقرة الثانية من المادة 234 المذكورة بالفقرة الأولى عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض آنف البيان أن الحكم المطعون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها بالإعدام وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 57 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

22-جناية القتل العمد. تميزها بقصد خاص هو نية إزهاق روح المجني عليه واختلافه عن القصد العام المتطلب في سائر الجرائم.

الحكم كاملاً

المكتب الفني - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 46

جلسة 3 من يناير سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فرحان بطران، عبد التواب أبو طالب، محمد سعيد ومحمد متولي عامر نواب رئيس المحكمة.

(4)
الطعن رقم 71915 لسنة 75 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده ".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام أو تجاوز ميعاد تقديمها. لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. مؤداه: وجوب الحكم بقبول عرض النيابة.
(2) إثبات " شهود ". استدلالات. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه. تسبيب معيب ". قتل عمد.
الشهادة في الأصل. هي إخبار الشخص بما يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه بحواسه.
الشهادة السمعية. لا تكفي بمجردها للأخذ بها دليلاً قطعيًا على الواقعة المراد إثباتها.
اتخاذ الحكم المطعون فيه من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلٌ على قيام جريمة قتل بالسم مع سبق الإصرار والترصد وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها. قصور. لا يغير منه استناده إلى تحريات الشرطة. علة ذلك ؟
استناد القاضي في المواد الجنائية في ثبوت الحقائق القانونية إنما يكون إلى الدليل الذي يقتنع به وحده دون رأي غيره.
التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة. مناط تعويل المحكمة عليها ؟
عدم جواز ابتناء الحكم على رأي مجري التحريات وحده. علة ذلك ؟
مثال.
(3) قتل عمد. جريمة " أركانها ". قصد جنائي. حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما يقبل منها ".
جناية القتل العمد. تميزها بقصد خاص هو نية إزهاق روح المجني عليه واختلافه عن القصد العام المتطلب في سائر الجرائم. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة عليه وإرجاعها إلى أصولها في الدعوى أو بالإحالة إلى ما سبق بيانه عنها بالحكم. تحدث الحكم عن وضع الطاعنة السم للمجني عليه. عدم كفايته لثبوت نية القتل لديها. علة ذلك؟
وضع الطاعنة السم للمجني عليه بكوب الشاي. لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل لديها. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب للتدليل على توافر نية القتل بالسم.
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنة بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها، دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. ومن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعات الدعوى ونسبتها إلى الطاعنة في قوله: - " تخلص الواقعة فيما أبلغ به الرائد ...... رئيس مباحث مركز شرطة ...... بوجود حالة وفاة المجني عليه ..... بأنه قد قُتل عمدًا واتهام زوجته المدعوة ...... بقتله حيث تبين من الكشف الطبي الظاهري على جثة المتوفى لا يوجد بها أي إصابات ظاهرية وبانتقال ضابط المباحث سالف الذكر إلى مكان الواقعة وتقابله مع أهلية " شقيقي " المتوفى إلى رحمة الله قررا أنهما يتهمان زوجة شقيقهما المدعوة ........ بالتسبب في وفاته وذلك نظرًا لوجود خلافات بينهما مستمرة لا تنقطع وذلك بسبب سلوكها السيء وارتدائها لملابس خليعة عند خروجها وسمعتها السيئة وكان المجني عليه دائما يشكو منها لأشقائه حيث خروجها المستمر من منزل الزوجية وكانت زوجته دائمًا تستفسر منهما عما إذا كان - على افتراض أن زوجها قد بنى لها منزلاً جديدًا وتوفي فجأة - هل من حقها أن تتزوج مرة أخرى في نفس منزل زوجها المتوفى وحيث قررت المتهمة ........ بالتحقيقات بعدم ارتكابها لواقعة قتل زوجها المجني عليه وأفادت بأنها كانت على خلافات مستمرة معه وأنه أثناء عودته من عمله وكانت الساعة الخامسة قبل صلاة المغرب بتاريخ ...... قام بالصلاة وقامت بتحضير الطعام له وقاموا جميعًا بتناوله هي وأولادها وجلسوا يتحدثون بعد تناولهم الطعام وقامت هي بعمل كوب شاي له وهي التي أعدته وبعد ذلك ببرهة بدأ يتألم من شدة الألم الذي فاجأته مباشرة وتوفي عقب ذلك ...... واستدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة من أقوال الشاهدين ...... و..... اللذين قررا أنه تناهى لعلمهما وفاة شقيقهما إثر تناوله كوب من الشاي أعدته له زوجته المتهمة ...... وأنهما يتهمانها بقتله لوجود خلافات مستمرة بينها وبين المجني عليه لسوء سلوكها وأقوال النقيب ....... معاون مباحث مركز ...... والذي قرر أن تحرياته أفادت بصحة الواقعة وأن زوجة المجني عليه دست له السم للتخلص منه لسوء سلوكها ". لما كان ذلك، وكانت الشهادة في الأصل هي إخبار الشخص بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان البين من استعراض الحكم لأقوال الشاهدين المار ذكرهما - على السياق المتقدم - أنهما لم يكونا معاصرين لواقعة دس المتهمة السم للمجني عليه بكوب الشاي والظروف التي أحاطت بتلك الواقعة وأن شهادتهما لم تنصب عليها بما يكون قد رأياه أو سمعاه بأنفسهما أو أدركاه بحاسة من حواسهما، فهي بذلك شهادة تسامعية، ولا تكفي بمجردها للأخذ بها باعتبارها دليلاً قاطعًا على الواقعة المراد إثباتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلاً على قيام جريمة قتل المجني عليه بالسم مع سبق الإصرار وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها وهو استدلال قاصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من ثبوت جريمة القتل بالسم في حق الطاعنة، ولا يغير من ذلك استناد الحكم إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها من أن الطاعنة قتلت زوجها - المجني عليه - بدس السم له في طعامه،ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنة لجريمة القتل بالسم رأي محرر محضر التحريات، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحرياته لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، فإن تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه بما يعيبه ويوجب نقضه.
3 - من المقرر أن جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وألا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها، إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: - " وحيث إنه عن نية القتل والتي قوامها هو ارتكاب المتهمة أو المتهم لماديات الجريمة بنية إزهاق روح المجني عليه ......... وقد توافر الدليل على ثبوتها في حق المتهمة من إعدادها لمادة " الكارباماتي " - مبيد حشري سام - والتي أودت بحياة المجني عليه زوجها وإزهاق روحه. ومن ثم فقد توافر في حق المتهمة نية القتل، إذ أرادت إزهاق روح المجني عليه فقامت بتنفيذ جريمة القتل، الأمر الذي يشكل دليلاً مقنعًا على أن المتهمة قارفت تلك الأفعال بنية إزهاق روح المجني عليه وقد تحقق لها قصدها الإجرامي بوفاته مباشرة بتجرع الكوب المملوء بالشاي المسموم ". ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة من أنها أعدت المادة السامة وقدمتها في كوب الشاي للمجني عليه الذي تجرعه وتوفي بعد ذلك مباشرة لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة، ذلك أن وضع السم للمجني عليه بكوب الشاي لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعنة، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانية لاحتمال ألا تتجاوز نيتها في هذه الحالة مجرد الإصابة، فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية، بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب، مما يبطله ويوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها قتلت ...... عمدًا مع سبق الإصرار بجوهر يتسبب عنه الموت عاجلاً " مبيد حشري " بأن انتوت قتله فأعدت لذلك مبيدًا حشريًا دسّته في طعامه وما إن تناوله حتى حدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وأحالتها إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي. وبجلسة ....... قضت حضوريًا عملاً بالمادتين 231، 233 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة ........ بالإعدام شنقًا وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
وعرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة بالرأي.


المحكمة

 

من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنة بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها، دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانونًا، إلا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة. ومن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة القتل العمد بالسم مع سبق الإصرار، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم قد عول في استدلاله على ثبوت واقعة القتل بالسم في حق الطاعنة على أقوال الشاهدين ...... و...... برغم أن شهادتيهما تسامعية، إذ لم يكن كلاهما شاهدًا على تلك الواقعة وقت حصولها أو معاصرًا للظروف التي أحاطت بها، بما لا يصح الأخذ بها، لأن مبناها الظن وليس اليقين، كما جاء قاصرًا في بيان نية القتل، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعات الدعوى ونسبتها إلى الطاعنة في قوله: - " تخلص الواقعة فيما أبلغ به الرائد ..... رئيس مباحث مركز شرطة ...... بوجود حالة وفاة المجني عليه ..... بأنه قد قُتل عمدًا واتهام زوجته المدعوة ...... بقتله حيث تبين من الكشف الطبي الظاهري على جثة المتوفى لا يوجد بها أي إصابات ظاهرية وبانتقال ضابط المباحث سالف الذكر إلى مكان الواقعة وتقابله مع أهلية " شقيقي " المتوفى إلى رحمة الله قررا أنهما يتهمان زوجة شقيقهما المدعوة ........ بالتسبب في وفاته وذلك نظرًا لوجود خلافات بينهما مستمرة لا تنقطع وذلك بسبب سلوكها السيء وارتدائها لملابس خليعة عند خروجها وسمعتها السيئة وكان المجني عليه دائما يشكو منها لأشقائه حيث خروجها المستمر من منزل الزوجية وكانت زوجته دائمًا تستفسر منهما عما إذا كان - على افتراض أن زوجها قد بنى لها منزلاً جديدًا وتوفي فجأة - هل من حقها أن تتزوج مرة أخرى في نفس منزل زوجها المتوفى وحيث قررت المتهمة ....... بالتحقيقات بعدم ارتكابها لواقعة قتل زوجها المجني عليه وأفادت بأنها كانت على خلافات مستمرة معه وأنه أثناء عودته من عمله وكانت الساعة الخامسة قبل صلاة المغرب بتاريخ ...... قام بالصلاة وقامت بتحضير الطعام له وقاموا جميعًا بتناوله هي وأولادها وجلسوا يتحدثون بعد تناولهم الطعام وقامت هي بعمل كوب شاي له وهي التي أعدته وبعد ذلك ببرهة بدأ يتألم من شدة الألم الذي فاجأته مباشرة وتوفي عقب ذلك ...... واستدل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة من أقوال الشاهدين...... و..... اللذين قررا أنه تناهى لعلمهما وفاة شقيقهما إثر تناوله كوب من الشاي أعدته له زوجته المتهمة ...... وأنهما يتهمانها بقتله لوجود خلافات مستمرة بينها وبين المجني عليه لسوء سلوكها وأقوال النقيب ....... معاون مباحث مركز ...... والذي قرر أن تحرياته أفادت بصحة الواقعة وأن زوجة المجني عليه دست له السم للتخلص منه لسوء سلوكها ". لما كان ذلك، وكانت الشهادة في الأصل هي إخبار الشخص بما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، وكان البين من استعراض الحكم لأقوال الشاهدين المار ذكرهما - على السياق المتقدم - أنهما لم يكونا معاصرين لواقعة دس المتهمة السم للمجني عليه بكوب الشاي والظروف التي أحاطت بتلك الواقعة وأن شهادتهما لم تنصب عليها بما يكون قد رأياه أو سمعاه بأنفسهما أو أدركاه بحاسة من حواسهما، فهي بذلك شهادة تسامعية، ولا تكفي بمجردها للأخذ بها باعتبارها دليلاً قاطعًا على الواقعة المراد إثباتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من شهادة الشاهدين التسامعية بمفردها دليلاً على قيام جريمة قتل المجني عليه بالسم مع سبق الإصرار وإسنادها للطاعنة وإدانتها بها وهو استدلال قاصر ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه من ثبوت جريمة القتل بالسم في حق الطاعنة. ولا يغير من ذلك استناد الحكم إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها من أن الطاعنة قتلت زوجها - المجني عليه - بدس السم له في طعامه، ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده. ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأي غيره وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت الجريمة ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنة لجريمة القتل بالسم رأي محرر محضر التحريات، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحرياته لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، فإن تدليل الحكم يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه بما يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون بمقتضاها، يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويرجعها إلى أصولها في الدعوى وألا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها، إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن نية القتل بقوله: - " وحيث إنه عن نية القتل والتي قوامها هو ارتكاب المتهمة أو المتهم لماديات الجريمة بنية إزهاق روح المجني عليه ..... وقد توافر الدليل على ثبوتها في حق المتهمة من إعدادها لمادة " الكارباماتي " - مبيد حشري سام - والتي أودت بحياة المجني عليه زوجها وإزهاق روحه. ومن ثم، فقد توافر في حق المتهمة نية القتل، إذ أرادت إزهاق روح المجني عليه فقامت بتنفيذ جريمة القتل، الأمر الذي يشكل دليلاً مقنعًا على أن المتهمة قارفت تلك الأفعال بنية إزهاق روح المجني عليه وقد تحقق لها قصدها الإجرامي بوفاته مباشرة بتجرع الكوب المملوء بالشاي المسموم ". ولما كان ما أورده الحكم في هذا الخصوص وما ساقه من أدلة الثبوت استدلالاً منه على توافر نية القتل في حق الطاعنة من أنها أعدت المادة السامة وقدمتها في كوب الشاي للمجني عليه الذي تجرعه وتوفي بعد ذلك مباشرة لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفته الطاعنة، ذلك أن وضع السم للمجني عليه بكوب الشاي لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعنة، إذ لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجانية لاحتمال ألا تتجاوز نيتها في هذه الحالة مجرد الإصابة، فإن ما ذكره الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل لا يبلغ حد الكفاية، بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب، مما يبطله ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

11-ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. كاف لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على المتهم.

الحكم كاملاً

المكتب الفني - أحكام النقض - جنائي
السنة 57 - صـ 100

جلسة 16 من يناير سنة 2006

برئاسة السيد المستشار/ فتحي الصباغ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق الدهشان، حسن أبو المعالي، عبد الرحمن أبو سليمة وخالد مقلد نواب رئيس المحكمة.

(10)
الطعن رقم 71175 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات " بوجه عام ". قتل عمد. هتك عرض. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد مقترن بجناية هتك عرض.
(2) محاماة. وكالة. دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". إجراءات " إجراءات المحاكمة ".
ندب المحكمة محاميًا ترافع في الدعوى لتخلف المحامي الموكل عن الطاعن. لا يعد إخلالاً بحق الدفاع. ما دامت المحكمة قد أمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته ولم يبد الطاعن اعتراضًا ولم يتمسك بطلب التأجيل لحضور محاميه الموكل.
مثال.
(3) إثبات " اعتراف ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف". دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف ". حكم " تسبيب. تسبيب غير معيب ".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. موضوعي. ما دام سائغًا.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره وليد إكراه.
(4) قتل عمد. هتك عرض. إثبات " اعتراف " "خبرة ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
نعي الطاعن على الحكم بالتناقض بين اعترافه والدليل الفني دون الإفصاح عن ماهيته وخلو الحكم من ذلك التناقض. غير مقبول.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ ينتفي فيه التناقض بين الدليلين القولي والفني في جريمة قتل عمد مقترنة بجناية هتك عرض.
(5) إثبات " خبرة " " اعتراف ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
مثال.
(6) إعدام. نيابة عامة. نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده ". محكمة النقض " سلطتها ".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. أساس وعلة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة " أركانها ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(8) قتل عمد. هتك عرض. اقتران. عقوبة " تطبيقها ". حكم " تسبيبه تسبيب غير معيب ".
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. كاف لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على المتهم.
(9) إثبات " خبرة ". مسئولية جنائية. عقوبة " الإعفاء منها ". أسباب الإباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية وفقًا لمفهوم نص المادة 62 عقوبات. هو الذي يعدم الشعور أو الإدراك. سائر الأمراض والأحوال النفسية الأخرى. لا تعد سببًا لانعدام المسئولية.
الجنون والعاهة العقلية. هما مناط الإعفاء من المسئولية.
المرض النفسي. لا يعد عذرًا معفيًا من العقاب. اعتباره دفاعًا بتوافر عذر قضائي مخفف. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزام المحكمة بالرد عليه على استقلال. علة ذلك؟
مثال.
(10) قبض. نيابة عامة. نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن ".
النعي بعدم عرض الطاعن على النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه. غير مجد. ما دام أن هذا الإجراء لم يسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى.
(11) دفوع" الدفع ببطلان القبض ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من القبض. ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانه.
(12) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي باستحالة حدوث الواقعة. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير مقبول.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. مفاده: اطراحها.
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". إعدام. عقوبة " توقيعها ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال تواجد المجني عليها والتي لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالحقول الزراعية ترعى الغنم شاهدها المتهم حال ذهابه لحقله لرعاية ماشيته وما إن شاهدها حتى نزل من فوق دابته وتوجه إليها وتودد إليها وبادلها الحديث عن شعرها ثم قرب منها وقبلها وأخذ يقبلها حتى تمكن من استدراجها داخل الأرض الزراعية المنزرعة قطن حان وقت جنيه ثم نزع عنها بنطالها وشورتها وقام بربط يديها ورجليها بكيس كان معه ثم قام بوضع بنطالها على فمها حتى لا تصرخ ولا يسمع لها صوت وحاول إيلاج قضيبه في فرجها فلم يتمكن فطرحها على وجهها وهي تحاول الصراخ والاستغاثة ثم حاول معاشرتها لواطًا فلم يتمكن لصغر سنها فأدارها مرة أخرى على ظهرها وحاول إتيانها إلا أنها ظلت تصرخ وتتألم فوضع يده على رقبتها بشدة وكتم أنفاسها قاصدًا قتلها والخلاص منها مخافة أن يفتضح أمره ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها فعاد إلى منزله ثم ذهب إلى عمله وبعد عودته منه علم من أهل قريته باختفاء المجني عليها فاشترك معهم في البحث عنها حتى تم العثور عليها جثة هامدة بالأرض الزراعية التي كانت مسرحًا لأحداث جريمته، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها.
2 - لما كان البين من محضر جلسة ...... أن المحامي الأصيل لم يحضر وحضر عنه محام طلب أجلا لحضور الأول وأن تخلفه يرجع لمرضه الذي لم يقدم دليله - خلافا لما يدعيه في أسباب طعنه - فندبت المحكمة محاميًا مقيدًا أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - للدفاع عنه وأمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته فترافع هذا المحامي مدافعًا عن الطاعن بما هو مدون في محضر الجلسة والذي لم يثبت فيه أن الطاعن أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل قد اعترض على ذلك أو أبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو تمسكا بحضور المحامي الأصيل، وكان من المقرر، أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي واطرحه في قوله: " .... فهو مردود عليه وهو قول في غير محله البتة ذلك بأن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة لم تتوصل إلى ثبوت الإكراه المزعوم لأسباب حاصلها 1) أن التحريات توصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة وتم استدعاؤه بتاريخ ..... بواسطة رئيس فرع البحث الجنائي ..... وسئل شفاهة بشأن المعلومات والتحريات فأقر بذلك وعرض على النيابة العامة في ذات اليوم ولم يثبت على الإطلاق أنه تم احتجازه أو تقييد حريته من قبل كما يزعم الدفاع وليس من دليل دالاً على ذلك 2) ثبت من تحقيقات النيابة العامة وقد أفهمه السيد النائب المحقق بأن النيابة العامة هي التي تباشر معه التحقيق وتم فحص جسده ومناظرته قبل وأثناء استجوابه وثبت عدم وجود إصابات أو آثار به تؤيد ما يدعيه دفاعه وإذ سئل عن التهمة المسندة إليه بعد أن أحيط علمًا بها وبعقوبتها فأقر بها تفصيلاً 3) عرض المتهم على القاضي حوالي ثلاث أو أربع جلسات للنظر في أمر تجديد حبسه ولم يقل هو أو الدفاع الحاضر معه أن ثمة إكراه أو حجز بدون وجه حق كان قد وقع عليه طوال أكثر من مائة يوم 4) لم يثبت من تحقيق النيابة العامة أن أيا من رجال الضبط كان متواجدًا بغرفة التحقيق أثناء استجواب المتهم بمعرفة النيابة العامة وحتى ولو كان ذلك، فأنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن تواجد مأمور الضبط القضائي أثناء التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته ولا يعد بذاته إكراهًا ما لم يستطل على المتهم بأذى مادي أو معنوي وعليه يكون هذا الدفع في غير محله ألبتة ويتعين الالتفات عنه". وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في اطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - لما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين اعترافه والدليل الفني وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى على غير أساس، فضلاً عن ذلك، فإنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن أنه حاول إيلاج قضيبه في فرج المجني عليها فلم يستطع لصغر سنها فطرحها على وجهها وأولج قضيبه في دبرها ولما كانت تتألم وتحاول الصراخ والاستغاثة كتم أنفاسها ببنطالها واضعًا وضاغطًا بيده على عنقها وأنفها كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها أن بها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وأن سبب وفاتها يرجع إلى إسفكسيا كتم النفس وأن ما بها من إصابات بأسفل الساقين غرار ما يتخلف عن التقييد، ومن ثم تنتفي دعوى التناقض بين الدليلين اللذين عول عليهما الحكم في قضائه مع باقي الأدلة التي تساند إليها ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير محل.
5 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من أن بجثة المجني عليها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وهو ما يتفق مع ما جاء باعتراف الطاعن من قيامه بمحاولة إيلاج قضيبه في دبر المجني عليها فإن ما يثيره الطاعن في شأن الدليل الفني لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه.
6 - لما كانت النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
7 - لما كان الحكم المعروض بعد أن بين واقعة الدعوى - على النحو المار بيانه - حصل مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة بما له أصله الثابت في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة قتل المجني عليها عمدًا المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وأنزل عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتًا في حق المحكوم عليه في قوله: " ..... أن المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما تبينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقتها ذلك أنه بعد أن استدرج المتهم المجني عليها إلى داخل حقل القطن وهو الذي تغطى أشجاره من يدخل فيها لأنه يكون كامل النمو وفي طريقه للجني وبعد أن أوثق رجليها ويديها على النحو الذي عثرت عليه الجثة ومناظرة النيابة العامة ثم حسر عنها بنطالها ووجدت الجثة عارية من أسفل ثم وضع هذا البنطال على وجهها وفاها وبعد أن ارتكب فعلته الشنعاء من الأمام والخلف وهي تتألم وتحاول أن تستغيث قام بالضغط الشديد كاتمًا أنفاسها بكلتا يديه وبواسطة هذا البنطال الذي يسد كل هواء داخل إليها أو نفس خارج منها خوفًا من افتضاح أمره بعد أن نال منها أمامًا وخلفًا ولم يتركها إلا وقد همدت حركتها وتوقفت أنفاسها وتأكد من إزهاق روحها في قصد واضح على قتلها وإزهاق روحها ولم يكن ما يفعله عبثًا أو هباء وقد كان بإمكانه تركها بعد ارتكاب فعلته وهي الصغيرة ثماني سنوات التي لا تناله بأذى ولن تستطيع ولكنها كان بإمكانها أن تخبر أهلها وتفضح أمره وقد تمكن من إزهاق روحها ". فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه.
8 - لما كان الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما، بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
9 - لما كان ما أثاره المحكوم عليه في صدر أسباب طعنه دون النعي به على الحكم المعروض من طلب إحالته إلى أحد المستشفيات للصحة النفسية وأنه قدم بجلسة المحاكمة شهادة تفيد أنه يعاني من مرض نفسي فإن هذا القول مردود بأنه من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونًا طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد مرضه النفسي في صحيح القانون عذرًا معفيًا من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنًا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في أعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم إذ هو دان الطاعن على سند من الأدلة السائغة التي أوردها دون أن يرد على هذا الدفاع على استقلال لظهور بطلانه.
10 - من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره المحكوم عليه من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره من دفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
11 - لما كان الحكم المعروض قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من القبض الذي يدعى المحكوم عليه ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
12 - لما كانت منازعة المحكوم عليه في استحالة حدوث الواقعة في أرض زراعية نهارًا لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنًا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومن ثم يضحى ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يكون له محل.
13 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ....... عمدًا بأن قام بكتم أنفاسها بالضغط بيديه على فيها وأنفها قاصدًا من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات والأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى أنه في ذات الزمان والمكان آنف البيان هتك عرض المجني عليها المذكورة والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن استدرجها داخل أحد الحقول وقيد قدميها ويديها وحسر عنها ملابسها ووضعها على وجهها لمنع استغاثتها ثم أولج قضيبه في دبرها على النحو المبين بالأوراق. وأحالته على محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنيًا قبل المتهم بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 234/ 2،1 من قانون العقوبات بإحالة الأوراق إلى فضيلة المفتي لإبداء رأيه وحددت جلسة ...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغًا وقدره ألفا جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية القتل العمد المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وعاقبه بالإعدام قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن محاميه تخلف عن حضور جلسات المحاكمة لعذر قهري هو مرضه وحضر عنه محام قدم دليلاً على صحة العذر وطلب أجلا لحضوره إلى أن المحكمة التفتت عن طلبه وندبت محام آخر للدفاع عنه دون رغبة منه وبعد أن استمعت لمرافعته قضت في الدعوى، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي تمثل في حضور ضابط الواقعة تحقيقات النيابة، هذا إلى أن الحكم عول على الدليل الفني رغم تعارضه مع اعتراف الطاعن كما عجز الدليل الفني عن تحليل السائل المنوي ونسبته للطاعن وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه حال تواجد المجني عليها والتي لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالحقول الزراعية ترعى الغنم شاهدها المتهم حال ذهابه لحقله لرعاية ماشيته وما إن شاهدها حتى نزل من فوق دابته وتوجه إليها وتودد إليها وبادلها الحديث عن شعرها ثم قرب منها وقبلها وأخذ يقبلها حتى تمكن من استدراجها داخل الأرض الزراعية المنزرعة قطن حان وقت جنيه ثم نزع عنها بنطالها وشورتها وقام بربط يديها ورجليها بكيس كان معه ثم قام بوضع بنطالها على فمها حتى لا تصرخ ولا يسمع لها صوت وحاول إيلاج قضيبه في فرجها فلم يتمكن فطرحها على وجهها وهي تحاول الصراخ والاستغاثة ثم حاول معاشرتها لواطًا فلم يتمكن لصغر سنها فأدارها مرة أخرى على ظهرها وحاول إتيانها إلا أنها ظلت تصرخ وتتألم فوضع يده على رقبتها بشدة وكتم أنفاسها قاصدًا قتلها والخلاص منها مخافة أن يفتضح أمره ولم يتركها إلا بعد أن تيقن من موتها فعاد إلى منزله ثم ذهب إلى عمله وبعد عودته منه علم من أهل قريته باختفاء المجني عليها فاشترك معهم في البحث عنها حتى تم العثور عليها جثة هامدة بالأرض الزراعية التي كانت مسرحًا لأحداث جريمته، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة وما ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة ..... أن المحامي الأصيل لم يحضر وحضر عنه محام طلب أجلاً لحضور الأول وأن تخلفه يرجع لمرضه الذي لم يقدم دليله - خلافا لما يدعيه في أسباب طعنه - فندبت المحكمة محاميًا مقيدا أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - للدفاع عنه وأمهلته الوقت الكافي لأداء مأموريته فترافع هذا المحامي مدافعًا عن الطاعن بما هو مدون في محضر الجلسة والذي لم يثبت فيه أن الطاعن أو المحامي الحاضر عن المحامي الأصيل قد اعترضا على ذلك أو أبديا طلبًا ما في هذا الشأن أو تمسكا بحضور المحامي الأصيل، وكان من المقرر، أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محاميًا آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضًا على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي واطرحه في قوله: ".... فهو مردود عليه وهو قول في غير محله ألبتة ذلك بأن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة لم تتوصل إلى ثبوت الإكراه المزعوم لأسباب حاصلها 1) أن التحريات توصلت إلى أن المتهم هو مرتكب الواقعة وتم استدعاؤه بتاريخ ....... بواسطة رئيس فرع البحث الجنائي ....... وسئل شفاهة بشأن المعلومات والتحريات فأقر بذلك وعرض على النيابة العامة في ذات اليوم ولم يثبت على الإطلاق أنه تم احتجازه أو تقييد حريته من قبل كما يزعم الدفاع وليس من دليل دالاً على ذلك 2) ثبت من تحقيقات النيابة العامة وقد أفهمه السيد النائب المحقق بأن النيابة العامة هي التي تباشر معه التحقيق وتم فحص جسده ومناظرته قبل وأثناء استجوابه وثبت عدم وجود إصابات أو آثار به تؤيد ما يدعيه دفاعه وإذ سئل عن التهمة المسندة إليه بعد أن أحيط علمًا بها وبعقوبتها فأقر بها تفصيلاً 3) عرض المتهم على القاضي حوالي ثلاث أو أربع جلسات للنظر في أمر تجديد حبسه ولم يقل هوأو الدفاع الحاضر معه أن ثمة إكراه أو حجز بدون وجه حق كان قد وقع عليه طوال أكثر من مائة يوم 4) لم يثبت من تحقيق النيابة العامة أن أيًا من رجال الضبط كان متواجدًا بغرفة التحقيق أثناء استجواب المتهم بمعرفة النيابة العامة وحتى ولو كان ذلك، فإنه من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن تواجد مأمور الضبط القضائي أثناء التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته ولا يعد بذاته إكراهًا ما لم يستطل على المتهم بأذى مادي أو معنوي وعليه يكون هذا الدفع في غير محله البتة ويتعين الالتفات عنه ". وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في اطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض الذي يشير إليه في أسباب طعنه بين اعترافه والدليل الفني وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى على غير أساس. فضلاً عن ذلك، فإنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد حصل من اعتراف الطاعن أنه حاول إيلاج قضيبه في فرج المجني عليها فلم يستطع لصغر سنها فطرحها على وجهها وأولج قضيبه في دبرها ولما كانت تتألم وتحاول الصراخ والاستغاثة كتم أنفاسها ببنطالها واضعًا وضاغطًا بيده على عنقها وأنفها كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها أن بها إصابات تشير إلى حدوث إيلاج عنيف من دبر وأن سبب وفاتها يرجع إلى إسفكسيا كتم النفس وأن ما بها من إصابات بأسفل الساقين غرار ما يتخلف عن التقييد، ومن ثم تنتفي دعوى التناقض بين الدليلين اللذين عول عليهما الحكم في قضائه مع باقي الأدلة التي تساند إليها ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من أن بجثة المجني عليها إصابات تشير إلى حدوث ايلاج عنيف من دبر وهو ما يتفق مع ما جاء باعتراف الطاعن من قيامه بمحاولة إيلاج قضيبه في دبر المجني عليها فإن ما يثيره الطاعن في شأن الدليل الفني لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعينًا رفضه موضوعًا.
وحيث إن النيابة العامة - عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه، وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المعروض بعد أن بين واقعة الدعوى - على النحو المار بيانه - حصل مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة بما له أصله الثابت في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات ثم خلص إلى إدانة المتهم بجريمة قتل المجني عليها عمدًا المقترن بجناية هتك عرض صبية لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة وأنزل عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتًا في حق المحكوم عليه في قوله: "... أن المحكمة تستخلص توافر هذه النية لدى المتهم من حاصل ما تبينته المحكمة من الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة التي ساقتها ذلك أنه بعد أن استدرج المتهم المجني عليها إلى داخل حقل القطن وهو الذي تغطي أشجاره من يدخل فيها لأنه يكون كامل النمو وفي طريقه للجني وبعد أن أوثق رجليها ويديها على النحو الذي عثرت عليه الجثة ومناظرة النيابة العامة ثم حسر عنها بنطالها ووجدت الجثة عارية من أسفل ثم وضع هذا البنطال على وجهها وفيها وبعد أن ارتكب فعلته الشنعاء من الأمام والخلف وهي تتألم وتحاول أن تستغيث قام بالضغط الشديد كاتمًا أنفاسها بكلتا يديه وبواسطة هذا البنطال الذي يسد كل هواء داخل إليها أو نفس خارج منها خوفًا من افتضاح أمره بعد أن نال منها أمامًا وخلفًا ولم يتركها إلا وقد همدت حركتها وتوقفت أنفاسها وتأكد من إزهاق روحها في قصد واضح على قتلها وإزهاق روحها ولم يكن ما يفعله عبثًا أو هباء وقد كان بإمكانه تركها بعد ارتكاب فعلته وهي الصغيرة ثماني سنوات التي لا تناله بأذى ولن تستطيع ولكنها كان بإمكانها أن تخبر أهلها وتفضح أمره وقد تمكن من إزهاق روحها ". فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح بعد أن دلل على توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الاقتران واستظهر توافره من استقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما، بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المحكوم عليه في صدر أسباب طعنه - دون النعي به على الحكم المعروض - من طلب إحالته إلى أحد المستشفيات للصحة النفسية وأنه قدم بجلسة المحاكمة شهادة تفيد أنه يعاني من مرض نفسي فإن هذا القول مردود بأنه من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانونًا طبقًا لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سببًا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به الجنون أو العاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية، ولا يعد مرضه النفسي في صحيح القانون عذرًا معفيًا من العقاب، بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مؤذنًا بتوفر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو اطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم إذ هو دان الطاعن على سند من الأدلة السائغة التي أوردها دون أن يرد على هذا الدفاع على استقلال لظهور بطلانه. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره المحكوم عليه من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره من دفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من القبض الذي يدعي المحكوم عليه ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكانت منازعة المحكوم عليه في استحالة حدوث الواقعة في أرض زراعية نهارًا لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ومن ثم يضحى ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقًا للقانون وجاء الحكم متفقًا وصحيح القانون ومبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

10-وجوب استطلاع محكمة الإعادة رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام. لا يغني عن ذلك سبق أخذ رأيه في المحاكمة الأولى.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 – صـ 4

جلسة 12 من نوفمبر سنة 2006

برئاسة السيد القاضي/ مقبل شاكر رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ محمد صلاح الدين إبراهيم البرجي وعادل عبد الحميد عبد الله والسيد صلاح عطية عبد الصمد وحسن سيد أحمد حمزة ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد علي عبد الرحمن ومحمد مجدي إسماعيل الجندي ورضوان عبد العليم مرسي موسى وحامد عبد الله محمد عبد النبي وإبراهيم علي أحمد عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

(1)
الطعن رقم 49390 لسنة 75 القضائية

(1) إعدام. قتل عمد. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الإعادة. حكم "إصداره".
وجوب استطلاع محكمة الإعادة رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام. لا يغني عن ذلك سبق أخذ رأيه في المحاكمة الأولى. علة ذلك؟
(2) حكم "إصداره". محكمة النقض "نظرها الطعن والفصل فيه". قانون "تطبيقه" "تفسيره".
فصل الهيئة بتشكيليها في موضوع الطعن بعد فصلها في مسألة العدول. غير لازم. أساس وأثر ذلك؟
1 - لما كانت المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية جرى نصها على أن "ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى" واستقر قضاء محكمة النقض على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية فضلاً عن أن هذا الإجراء يُطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم - حسبما استلزم القانون وليكون الرأي العام على بينة من ذلك وهي مقاصد تراها هذه الهيئة لازمة جديرة بالاحترام. لما كان ذلك، وكانت الأحكام المطلوب العدول عنها والتي تستلزم استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام على المتهم في كل محاكمة ترى المحكمة الحكم بالإعدام على المتهم حتى ولو كانت المحاكمة للمرة الثانية هي أحكام تتفق مع صحيح حكم القانون، أما الأحكام التي ذهبت إلى أن هذا الإجراء لا يكون لازماً إذا لم تأت المحاكمة عند الإعادة بجديد، فلا تتفق مع صريح النص وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض فضلاً على أن هناك جديد في المحاكمة الثانية هو أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً، والمحكمة بتشكيلها الجديد في حاجة إلى أن تطمئن بدورها إلى موافقة حكمها للشرع - إذا رأت الحكم بإعدام المتهم - هذا بالإضافة إلى أن المرافعة التي تجرى في الدعوى هي مرافعة جديدة تسمعها المحكمة الجديدة لأول مرة، ثم كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك - ومن ثم فلا ترى هذه الهيئة العدول عن المبادئ التي قررتها أحكام محكمة النقض من ضرورة استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية في المحاكمة الثانية إذا رأت المحكمة الحكم بإعدام المتهم.
2 - لما كانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن "تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل". والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة/ 2 أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة/ 3 هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة "وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل" التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم....... لسنة 2002 مركز........ (المقيدة بالجدول برقم....... لسنة 2002 كلي.......) بوصف أنه في يوم 2 من مارس سنة 2002 بدائرة مركز....... - محافظة البحيرة: أولاً: - قتل........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك أداة صلبة راضة "عصا" واستدرجها إلى مكان الحادث بعيداً عن أعين الرقباء وما إن ظفر بها انهال عليها ضرباً بالأداة سالفة البيان في أنحاء متفرقة من جسدها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها.
ثانياً: - أحرز أداة "عصا" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازها أو حملها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى ورثة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة الخامس من مايو سنة 2003 وبإجماع الآراء إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة الخامس من يونيه سنة 2003 للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم "11" من الجدول رقم "1" الملحق وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام ومصادرة العصا المضبوطة وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها....... إلخ وهذه المحكمة قضت بجلسة 17 من مارس سنة 2004 أولاً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية. ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة......... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً في 22 من مايو سنة 2005 عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم "1" الملحق مع إعمال المادة 32 من ذات القانون وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً ومصادرة العصا المضبوطة دون إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها........ إلخ.
وحيث إنه بجلسة الثالث عشر من نوفمبر سنة 2005 قررت محكمة النقض - الدائرة الجنائية - الأحد (ب) - إحالة الطعن رقم 49390 لسنة 75 ق إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بالمحكمة لتقضي فيه بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بعد أن رأت الدائرة تأييد الحكمين الصادرين في الطعنين رقمي 23121 لسنة 67 ق، 26321 لسنة 69 ق بجلسة الرابع من ديسمبر سنة 2001 من دائرة الثلاثاء ( أ ) الجنائية. والعدول عن الأحكام التي توجب استطلاع محكمة الجنايات في المحاكمة الثانية رأي مفتي الجمهورية إذا رأت الحكم بالإعدام باعتباره إجراء أوجبه القانون ذاته وأنه لا يغير من ذلك سبق استطلاع رأيه في المحاكمة الأولى قبل إصدار الحكم بالإعدام الذي قضي بنقضه.


الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن مبنى الأحكام المراد العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته من وجوب استطلاع محكمة الجنايات في المحاكمة الثانية رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام باعتباره إجراء أوجبه القانون ذاته وأنه لا يغير من ذلك سبق استطلاع رأيه في المحاكمة الأولى قبل إصدار الحكم بالإعدام الذي قضي بنقضه، وهو إجراء الغرض منه اطمئنان المحكمة قبل الحكم أن حكمها يوافق الشريعة الإسلامية واقتناع المتهم بأن ما ارتكبه من جرم يوجب القصاص وما لهذا من وقع لدى الرأي العام الذي ألف هذا الإجراء. ومبنى الأحكام التي رأت عدم استطلاع رأي مفتي الجمهورية عند إعادة المحاكمة هو أن نقض الحكم لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التي أبديت أمام المحكمة الأولى ومن ثم يظل رأي مفتي الجمهورية ورقة من أوراق الدعوى مطروحة على المحكمة عند الفصل فيها ما لم تتغير عناصر الدعوى أو جزئية منها أو ركن من أركانها أو ظرف من ظروفها المعتبرة قانوناً والتي من شأنها محو التجريم أو نقل الجريمة إلى نوع أخف.
وحيث إن المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية جرى نصها على أن "ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى" واستقر قضاء محكمة النقض على وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بالإعدام باعتباره شرطاً لازماً لصحة الحكم أوجبه القانون لا يغني عنه سبق اتخاذه في المحاكمة الأولى لكون نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل إصدار الحكم المنقوض، فإذا رأت محكمة الإعادة أن تقضي بالإعدام وجب عليها إرسال أوراق القضية إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه حتى تطمئن إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها هيئة حكم جديدة لم يسبق لها نظر الدعوى واتجه الرأي عندها إلى الحكم بإعدام المتهم ولم تستطلع من قبل رأيه حتى يطمئن وجدانها إلى أن حكمها يوافق أحكام الشريعة الإسلامية فضلاً عن أن هذا الإجراء يطمئن المتهم إلى أن المحكمة الجديدة قد استطلعت رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم - حسبما استلزم القانون وليكون الرأي العام على بينة من ذلك وهي مقاصد تراها هذه الهيئة لازمة جديرة بالاحترام. لما كان ذلك، وكانت الأحكام المطلوب العدول عنها والتي تستلزم استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام على المتهم في كل محاكمة ترى المحكمة الحكم بالإعدام على المتهم حتى ولو كانت المحاكمة للمرة الثانية هي أحكام تتفق مع صحيح حكم القانون، أما الأحكام التي ذهبت إلى أن هذا الإجراء لا يكون لازماً إذا لم تأت المحاكمة عند الإعادة بجديد، فلا تتفق مع صريح النص وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض فضلاً على أن هناك جديد في المحاكمة الثانية هو أن تشكيل المحكمة أصبح مغايراً، والمحكمة بتشكيلها الجديد في حاجة إلى أن تطمئن بدورها إلى موافقة حكمها للشرع - إذا رأت الحكم بإعدام المتهم - هذا بالإضافة إلى أن المرافعة التي تجرى في الدعوى هي مرافعة جديدة تسمعها المحكمة الجديدة لأول مرة، ثم كيف يتم تحديد الجديد الذي يستوجب أخذ رأي مفتي الجمهورية والقديم الذي لا يستلزم ذلك - ومن ثم فلا ترى هذه الهيئة العدول عن المبادئ التي قررتها أحكام محكمة النقض من ضرورة استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية في المحاكمة الثانية إذا رأت المحكمة الحكم بإعدام المتهم.
وحيث إن نص المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل جرى على أنه "تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة "2" أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة "3" هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين، ولم تلزم هذه المادة أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة "وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل" والتي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها، دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

9-من المقرر أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه .

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 51 - صـ 11

جلسة 12 من نوفمبر سنة 2006

برئاسة السيد القاضي/ مقبل شاكر رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة/ محمد صلاح الدين إبراهيم البرجي وعادل عبد الحميد عبد الله والسيد صلاح عطية عبد الصمد وحسن سيد أحمد حمزة ومحمد حسام الدين الغرياني وأحمد علي عبد الرحمن ومحمد مجدي إسماعيل الجندي وحامد عبد الله محمد عبد النبي وإبراهيم علي أحمد عبد المطلب ومحمد طلعت محمد العيسوي الرفاعي نواب رئيس المحكمة.

(2)
الطعن رقم 72594 لسنة 75 القضائية

(1) مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الغيبوبة" "السكر الاختياري". قتل عمد. قصد جنائي. قانون "تفسيره".
الغيبوبة المانعة من المسئولية الجنائية. ماهيتها؟ المادة 62 عقوبات.
توافر مسئولية السكران باختياره عن الجرائم ذات القصد العام.
عدم ثبوت القصد الخاص بافتراضات قانونية. وجوب توافره قبل تناول المخدر أو المسكر اختياراً.
(2) حكم "إصداره". محكمة النقض "نظرها الطعن والفصل فيه". قانون "تطبيقه" "تفسيره".
فصل الهيئة بتشكيليها في موضوع الطعن بعد فصلها في مسألة العدول. غير لازم. أساس وأثر ذلك؟
1 - من المقرر أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وإن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجري عليه - في هذه الحالة - حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، فلا تصح معاقبة الجاني عن القتل العمد إلا أن يكون قد انتوى القتل من قبل ثم أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته. وحيث إن قضاء محكمة النقض في هذا الصدد أقيم على أسباب صحيحة ويحقق العدالة والصالح العام ويتفق وصحيح القانون وتقره الهيئة وترفض العدول عن هذه المبادئ وتعدل بالأغلبية المقررة في هذا القانون عن الأحكام الأخرى التي خالفت هذا النظر.
2 - لما كانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن "تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل. وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل". والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة (2) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة (3) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة "وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل" التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جرائم القتل المقترن بجناية السرقة بالإكراه وإحراز الجواهر المخدرة بقصد التعاطي وإحراز الأسلحة البيضاء بدون ترخيص بأن اتفقوا واتحدت إرادتهم على ارتكابها فوقعت منهم تنفيذاً لذلك الجرائم الآتية: -
أولاً: قتلوا "........." عمداً بأن طعنه المتهم الأول بسلاح أبيض "مطواة" في صدره فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته بينما تواجد المتهمان الثاني والثالث بمسرح الجريمة لشد أزره وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي البيان سرقوا المبلغ النقدي والأشياء المملوكة لـ........ بطريق الإكراه الواقع عليه بالطريق العام وباستخدام الأسلحة البيضاء بأن استوقفوه حال سيره وأشهروا في وجهه الأسلحة البيضاء "مديتين وشفرة موس" مهددين إياه بها وبثوا الرعب في نفسه وشلوا بذلك مقاومته فتمكنوا بتلك الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة.
ثانياً: - أحرزوا بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "الفلوبنز ايبام" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
ثالثاً: - أحرزوا أسلحة بيضاء "مديتين وشفرة موس" دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وطلبت معاقبتهم بالمواد 48، 234/ 1، 315 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 2، 37/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 131 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الصحة رقم 21 لسنة 1999 والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1978 والبندين رقمي 10، 11 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 97 لسنة 1992 - والمادتين 95، 112/ 1 - 2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 وأحالتهم إلى محكمة أحداث القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالسجن لمدة عشر سنوات لكل منهم والمصادرة.
استأنفوا ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.
ومحكمة الإعادة "بهيئة مغايرة" قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)....... إلخ.
وبجلسة 21 من مايو سنة 2006 قررت محكمة النقض - الدائرة الجنائية - الأحد - أ - إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه.


الهيئة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن المادة 62 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل. إما لجنون أو عاهة في العقل. وإما لغيبوبة ناشئة من عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها". وقد اختلف في أمر تفسير هذه المادة بالنسبة للجرائم ذات القصود الخاصة فهناك عدة اتجاهات منها من يرى بمسئولية فاقد الشعور أو الاختيار بسبب تعاطيه لعقاقير مخدرة باختياره عن الجرائم ذات القصود الخاصة استناداً إلى افتراض ثبوت هذا القصد الخاص.
ومنها من يرى عدم مسئولية فاقد الشعور أو الاختيار بسبب تعاطيه لعقاقير مخدرة باختياره عن الجرائم ذات القصود الخاصة إلا أن يكون قد انتوى ارتكاب الجريمة ثم أخذ المسكر مشجعاً له على ارتكابها، وهو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض. وإذ رأت الدائرة التي نظرت الطعن العدول عن هذا المبدأ القانوني الذي قررته الأحكام السابقة، فقد قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 21 من مايو سنة 2006 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه وذلك عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
وحيث إن أحكام محكمة النقض قد استقرت على أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون يجري عليه - في هذه الحالة - حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت هناك بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبارات وافتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع، فلا تصح معاقبة الجاني عن القتل العمد إلا أن يكون قد انتوى القتل من قبل أخذ المسكر ليكون مشجعاً له على ارتكاب جريمته.
وحيث إن قضاء محكمة النقض في هذا الصدد قد أقيم على أسباب صحيحة ويحقق العدالة والصالح العام ويتفق وصحيح القانون وتقره الهيئة وترفض العدول عن هذه المبادئ وتعدل بالأغلبية المقررة في هذا القانون عن الأحكام الأخرى التي خالفت هذا النظر. لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن "تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل. وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل". والمستفادة مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة فقرة (2) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين فقرة (3) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وهو ما تشير إليه عبارة "وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن - وهو مرفوع للمرة الثانية - إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

8-تحديد وقت الوفاة. مسألة فنية بحتة. المنازعة فيه. دفاع جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق الطبيب الشرعي المختص فنيا والرد عليه بما يفنده ولو سكت الدفاع عن طلب ذلك.

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 280

جلسة 12 من مارس سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كامل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد, هاني حنا, محمد هلالي وحازم بدوي نواب رئيس المحكمة.

(43)
الطعن رقم 6542 لسنة 80 القضائية

(1)نيابة عامة. إعدام. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها أو بميعاد محدد. علة ذلك؟
(2) قتل عمد. إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحديد وقت الوفاة. مسألة فنية بحتة. المنازعة فيه. دفاع جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق الطبيب الشرعي المختص فنيا والرد عليه بما يفنده ولو سكت الدفاع عن طلب ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور وإخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. جوهري. وجوب مناقشة المحكمة له والرد عليه. إغفالها ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع. علة وأثر ذلك؟
1- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ..... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حدده شهود الإثبات ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود جثث المجني عليهم في دور التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقارير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليهم جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على منازعة الدفاع بشأن زمان الحادث إلى ما أورده من تقارير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنون في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقارير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى الراهنة. هذا فضلاً عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ ..... أن دفاع الطاعن الأول - المحكوم بإعدامه - تمسك أمام المحكمة بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض لهذا الدفع ويرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ من شأن هذا الدفع - لو ثبت - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً - فوق قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم : 1 قتلوا الصغير ...... و...... عمداً مع غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق الأول صوبهما عدة أعيرة نارية من بندقية آلية بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين جميعاً قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتهما وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين هما أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر: أ- قتلوا ..... و..... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق المتهم الأول عليهما عدة أعيرة نارية من السلاح السالف بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين جميعاً قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. ب- شرعوا في قتل ..... و..... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق المتهم الأول الأعيرة النارية من السلاح السالف صوب كل من ..... و..... بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين قتلهما فانحرفت بعض من الأعيرة النارية عن مسارها وأصابت سالفتي الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركتهما بالعلاج. 2- أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً بندقية آلية حال كونها من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها. 3- أحرز كل منهم ذخائر "عدة طلقات" مما تستعمل على السلاح الناري السالف حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
4- أطلق كل منهم أعيرة نارية داخل قرية.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى نجل المجني عليه ..... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيما أسند إلى المتهم الأول وحددت جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1, 46/ 1, 2, 234/ 1, 3, 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2, 6, 26/ 3, 5, 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978, 101 لسنة 1980, 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول وإعمالاً للمادتين 17 بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث، 32 بالنسبة للمتهمين جميعاً من قانون العقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من الثاني والثالث بالسجن المؤبد عما أسند إليهما ومصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطين وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ..... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992, إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والشروع فيه وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائرها مما لا يجوز الترخيص بهما وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أغفل دفاعهم القائم على عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود بدلالة وجود الجثث في حالة التيبس الرمي عند التشريح ولم يعن بتحقيقه بالطريق الفني، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حدده شهود الإثبات ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود جثث المجني عليهم في دور التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقارير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليهم جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على منازعة الدفاع بشأن زمان الحادث إلى ما أورده من تقارير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنون في الدعوى المطروحة - على ما سلف بيانه - يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقارير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلا عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى الراهنة. هذا فضلاً عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ ..... أن دفاع الطاعن الأول - المحكوم بإعدامه - تمسك أمام المحكمة بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض لهذا الدفع ويرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ من شأن هذا الدفع - لو ثبت - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً - فوق قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

7-تميز جناية القتل العمد بقصد خاص هو نية إزهاق الروح. وجوب التحدث عنه استقلالا وإيراد الأدلة التي تدل عليه.

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 400

جلسة 26 من سبتمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة، محمد محمود محاميد، منصور القاضي ومحمد سليمان نواب رئيس المحكمة.

(67)
الطعن رقم 3074 لسنة 81 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز جناية القتل العمد بقصد خاص هو نية إزهاق الروح. وجوب التحدث عنه استقلالا وإيراد الأدلة التي تدل عليه.
مجرد الحديث عن الأفعال المادية في جناية القتل. غير كاف لثبوت نية القتل ولو أثبت الحكم في مدوناته أن الطاعن قصد قتل المجني عليه. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب في استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". بطلان.
القضاء للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت دون بيان اسم كل منهم وصفته. قصور. علة ذلك؟
(3) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد الطعن للمحكوم عليه الذي صدر الحكم بالنسبة له غيابيا.
1- لما كان الحكم المطعون فيه تحدث عن نية القتل في قوله: "..... وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات من الأولى وحتى الرابع أن المتهمين قد تلاقت إرادتهما اتفاقا على ضرورة الخلاص من المجني عليه وقتله عمداً أثناء انحنائه على نجله لمشاهدة الإصابة التي برأسه وينزف الدم منها بسبب الخلف السابق بين المتهم الأول والمجني عليه على النحو السالف بيانه، وأن المتهم الثاني كان متواجدا على مسرح الحادث وبيده خوصه حديديه بسبب صلة القرابة بينه وبين المتهم الأول، وما إن ظفرا بالمجني عليه حتى قام المتهم الأول بجذب الخوصة الحديدية من يد المتهم الثاني والقاتلة بطبيعتها إذا ما وقع الاعتداء بها على المجني عليه في موضع قاتل من جسده وهوى بها على رأس المجني عليه بضربة جسيمة قاصدين من ذلك قتله، لأن كلاً منهما قصد قصد الآخر فحدثت إصابة المجني عليه الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية لجثته وما أحدثته تلك الضربة من إصابة رضية بالرأس والتي حدثت من المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل خوصة وفى وقت معاصر لتاريخ الإصابة وتعزى وفاة المجني عليه إلى إصابته برأسه وما أدت إليه من كسور بقبوة الجمجمة واصلة لقاعها ونزيف دموي خارج وداخل السحايا وبجوهر المخ نتج عنه فشل في المراكز العليا المنظمة للوظائف الحيوية انتهت بهبوط حاد في الدورتين الدموية والتنفسية أدت لحدوث الوفاة وأن ما صدر من المتهمين كان عن علم وإرادة منهما بمساسهما بسلامة جسد المجني عليه وتعمد إلحاق الأذى به بقتله عمداً وقد توافرت علاقة السببية بين نشاطهما الآثم المتمثل في فعل الاعتداء وإحداث إصابة المجني عليه عمداً والنتيجة المترتبة على أفعالهما والمتمثلة في وفاته ومن ثم فإن ما أتاه المتهمان لا يصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصداً وتكون جناية القتل العمد المؤثمة بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات متوافرة بركنيها المادي والمعنوي في حق المتهمين". لما كان ذلك, وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه, وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم, ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه, وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بيانا واضحا ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى. وإذا كان ما أورده الحكم فيما تقدم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن ذلك أن استخدامه أداة صلبة راضه خوصة حديد وتعديه بها على رأس المجني عليه لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حقه ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية لديه ولا يغير من ذلك قالة الحكم إن المتهمين ابتغيا القتل مقصداً إذ إن قصد القتل هو القصد المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
2- لما كان الحكم المطعون فيه وقد قضى للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت المطالب به فقد خلا من بيان اسم كلٍ منهم وصفته, مع أن هذا بيان جوهري يتعين ذكره في الحكم باعتبار أن إغفاله يؤدي إلى التجهيل به, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان في شقه الخاص بالدعوى المدنية.
3- من المقرر أن القصور في التسبيب يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية، وذلك بغير حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعن، وذلك بالنسبة له وحده دون المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم غيابياً بالنسبة له فلا يمتد إليه أثر النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: 1- قتلا المجني عليه ..... عمداً بغير سبق إصرار أو ترصد، بأن عاجله الأول بضربة بآلة حادة "خوصه حديد" على رأسه حال تواجد الثاني للشد من أزره حاملاً للأداة سالفة البيان قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص "خوصه حديد" دون مسوغ قانوني. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 10001 جنية على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول" الطاعن"، وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر 1/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ومع إعمال نص المادة 32 عقوبات والمواد 251، 309، 320 إجراءات جنائية. بمعاقبة كل من المتهمين..... ، ..... أولاً: بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليهما وألزمتهما بالمصاريف الجنائية. ثانياً: في موضوع الدعوى المدنية بإلزام المتهمين بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت وبمصاريف الدعوى المدنية ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمدي وإحراز أداة مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ، وألزمه بالتعويض، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقه، كما خلا الحكم من بيان أسماء المدعين بالحقوق المدنية وصفاتهم، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن نية القتل في قوله: "..... وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات من الأولى وحتى الرابع أن المتهمين قد تلاقت إرادتهما اتفاقا على ضرورة الخلاص من المجني عليه وقتله عمداً أثناء انحنائه على نجله لمشاهدة الإصابة التي برأسه وينزف الدم منها بسبب الخلف السابق بين المتهم الأول والمجني عليه على النحو السالف بيانه، وأن المتهم الثاني كان متواجدا على مسرح الحادث وبيده خوصه حديديه بسبب صلة القرابة بينه وبين المتهم الأول وما إن ظفرا بالمجني عليه حتى قام المتهم الأول بجذب الخوصة الحديدية من يد المتهم الثاني والقاتلة بطبيعتها إذا ما وقع الاعتداء بها على المجني عليه في موضع قاتل من جسده وهوى بها على رأس المجني عليه بضربة جسيمة قاصدين من ذلك قتله، لأن كلاً منهما قصد قصد الآخر فحدثت إصابة المجني عليه الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية لجثته وما أحدثته تلك الضربة من إصابة رضية بالرأس والتي حدثت من المصادمة بجسم صلب راض ويجوز حدوثها من مثل خوصة وفي وقت معاصر لتاريخ الإصابة وتعزي وفاة المجني عليه إلى إصابته برأسه وما أدت إليه من كسور بقبوة الجمجمة واصلة لقاعها ونزيف دموي خارج وداخل السحايا وبجوهر المخ نتج عنه فشل في المراكز العليا المنظمة للوظائف الحيوية انتهت بهبوط حاد في الدورتين الدموية والتنفسية أدت لحدوث الوفاة وأن ما صدر من المتهمين كان عن علم وإرادة منهما بمساسهما بسلامة جسد المجني عليه وتعمد إلحاق الأذى به بقتله عمداً، وقد توافرت علاقة السببية بين نشاطهما الآثم المتمثل في فعل الاعتداء وإحداث إصابة المجني عليه عمداً والنتيجة المترتبة على أفعالهما والمتمثلة في وفاته، ومن ثم فإن ما أتاه المتهمان لا يصدر إلا ممن ابتغى القتل مقصداً وتكون جناية القتل العمد المؤثمة بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات متوافرة بركنيها المادي والمعنوي في حق المتهمين". لما كان ذلك, وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه, وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم, ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه, وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى. وإذا كان ما أورده الحكم فيما تقدم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن، ذلك أن استخدامه أداة صلبة راضه خوصة حديد وتعديه بها على رأس المجني عليه لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حقه ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية لديه، ولا يغير من ذلك قالة الحكم إن المتهمين ابتغيا القتل مقصداً، إذ إن قصد القتل هو القصد المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب. لما كان ذلك، كان الحكم المطعون فيه وقد قضى للمدعين بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت المطالب به فقد خلا من بيان اسم كلٍ منهم وصفته, مع أن هذا بيان جوهري يتعين ذكره في الحكم باعتبار أن إغفاله يؤدي إلى التجهيل به, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان في شقه الخاص بالدعوى المدنية. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية وذلك بغير حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعن وذلك بالنسبة له وحده دون المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم غيابياً بالنسبة له فلا يمتد إليه أثر النقض.
<!--

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

6-انعدام مصلحة الطاعن في النعي بفساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 445

جلسة 8 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد، هاني حنا، حازم بدوي نواب رئيس المحكمة ووائل شوقي.

(76)
الطعن رقم 33 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن".
إدراج تاريخ التقرير بالطعن على سبيل الخطأ. لا أثر له. علة ذلك؟
(2) شروع. قتل عمد. سبق إصرار. ترصد. حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
(3) شروع. قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". سبق إصرار. ترصد.
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل في جريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
(4) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها. شرط ذلك؟
(5) قتل عمد. سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحة الطاعن في النعي بفساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.
|(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه. علة ذلك؟ نعي الطاعن ببطلان القبض عليه والذي لم يكشف بأسباب الطعن عن وجهه. غير مقبول.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير جائز.
مثال.
(8) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
تناقض وتضارب الشاهد في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً.
النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
مثال.
(10) ثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم بشأن تحريات الشرطة والتي لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منها استناداً لأدلة أخرى ومنها أقوال الضابط مجريها. غير مقبول. علة ذلك؟
(11) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة للمتهم. تعقبه في كل جزئيات دفاعه. غير لازم. علة ذلك؟
(12) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
1- من المقرر أنه وإن كانت ورقة التقرير بالطعن حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومنها تاريخ الحكم المطعون فيه، إلا أنه متى كان ما أثبت بها لا يطابق الحقيقة سواء عن طريق السهو أم الخطأ أم العمد فإنه لا يعتد به، وتكون العبرة بحقيقة الواقع. ولما كان الثابت من كتاب قطاع مصلحة السجون المؤرخ ..... المرفق بملف الطعن أن التاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه الطعن بالنقض هو ..... وليس ..... وأن الإدراج تم على سبيل الخطأ، ومن ثم فإن ما ورد بتقرير الطعن لا يعدو أن يكون مجرد سهو وخطأ مادي لا عبرة به ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "إنه على أثر وجود خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم لاتهامه لهم بسرقة جهاز رسم قلب من عيادته الخاصة عقد المتهم العزم وبيت النية على الانتقام من المجني عليه وفى يوم ..... توجه المتهم من مسكنه الكائن ..... إلى مقر عيادة المجني عليه الكائنة ..... وكمن له خارجها وما إن شاهد المجني عليه خارجاً من عيادته بعد انتهاء عمله حتى باغته ولف ذراعه الأيسر حول رقبته وطعنه ثلاث طعنات بسلاح أبيض كان بحوزته محدثاً إصابته في عنقه وكتفه ويده اليمنى قاصداً من ذلك قتله وقد خاب أثر جريمته ولم يحقق مقصده بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه واستغاثته بالمارة وتداركه بالعلاج، وقد أسفرت تحريات النقيب ..... معاون مباحث ..... عن تعدى المتهم بالضرب على المجنى عليه مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض محدثاً إصاباته وقاصداً من ذلك قتله بسبب خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم، كما أورى تقرير الطب الشرعي أن إصابات المجني عليه بالرقبة والكتف الأيمن والرسخ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك وهي جائزة الحدوث على النحو الوارد بأقوال المجني عليه وفي تاريخ معاصر للحادث"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال المجني عليه والنقيب ..... معاون مباحث ..... ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دين الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله "وحيث إنه عن نية القتل ومدى توافرها في حق المتهم فإن الثابت بتقرير الطب الشرعي أن المجني عليه به إصابات بالرقبة والكتف الأيمن والرسغ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك كما أشارت الأوراق الطبية لهذا التقرير إلى إصابة المجني عليه بجرح قطعي ممتد من فروة الرأس تحت حلمة الإذن طوله حوالي 20 سم حتى الخط المنتصف الأمامي للرقبة وجرح آخر قطعي بمنتصف الرقبة بطول حوالي 10 سم وجرح من الجهة اليمني بالرقبة طوله 5 سم وجرح في مقدمة الكتف الأيمن طوله حوالي 10 سم وجرح قطعي عميق بظهر مفصل الرسغ الأيمن وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتستخلص من تعدد الطعنات وقوتها وأماكن حدوثها والسلاح المستخدم بالإضافة إلى ما قرره المجني عليه في جميع مراحل الدعوى وما أسفرت عنه تحريات النقيب ..... معاون مباحث ...... وما قرره بالتحقيقات من أن المتهم كان قاصداً قتل المجني عليه للانتقام منه بسبب اتهامه السابق لبعض أفراد أسرته بسرقة جهاز رسم قلب من عيادة المجني عليه مما يتوافر به في حق المتهم القصد الجنائي العام والخاص بمعناه المقرر قانوناً في جريمة الشروع في القتل المسندة إلى المتهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحي.
4- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5- لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - هي السجن المشدد - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.
6- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
7- من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد ضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويغدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له.
8- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة في تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وإذ كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهدي الإثبات لا يكون صائباً.
9- من المقرر أن خلو شفرة الموس المضبوطة من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الأداة أياً كانت وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة - لم تكن من بعد - ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة عدم وجود آثار لدماء بها إذ إن مفاد سكوتها أنه في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
10- إلما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال المجني عليه وضابط المباحث وتقرير الطب الشرعي وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
11- من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة القصور في التسبيب بعدم الرد على دفاعه الموضوعي الذي أورده بأسباب طعنه يكون في غير محله.
12- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤال شهود النفي بتحقيقات النيابة، لا يعدو أن يكون تعييباَ للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: شرع في قتل ... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم وأعد لذلك سلاحاً أبيض "شفرة حادة " وتوجه إلى حيث أيقن وجوده بعيادته "محل عمله" وكمن له خارجها متربصاً انتهاء عمله وما إن ظفر به إلا ولف ذراعه الأيسر حول عنقه وكال له باليد الأخرى عدة طعنات من ذلك السلاح المعد سلفاً بالرقبة فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي قاصداً من ذلك قتله إلا أن جريمته قد خاب أثرها لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه والاستغاثة بالمارة وتداركه بالعلاج على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: أحرز بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية شفرة حادة. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 1، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم (6) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات. ثانياً: بإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني تعويضاً مؤقتاً قدره عشرة آلاف وواحد جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إنه ولئن كانت ورقة التقرير بالطعن حجة بما ورد فيها في صدد إثبات بياناته ومنها تاريخ الحكم المطعون فيه، إلا أنه متى كان ما أثبت بها لا يطابق الحقيقة سواء عن طريق السهو أم الخطأ أم العمد فإنه لا يعتد به، وتكون العبرة بحقيقة الواقع. ولما كان الثابت من كتاب قطاع مصلحة السجون المؤرخ ..... المرفق بملف الطعن أن التاريخ الحقيقي الذي قرر فيه المحكوم عليه الطعن بالنقض هو ..... وليس ..... وأن الإدراج تم على سبيل الخطأ، ومن ثم فإن ما ورد بتقرير الطعن لا يعدو أن يكون مجرد سهو وخطأ مادي لا عبرة به ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة ومضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة في حقه، وجاء قاصراً في استظهار نية القتل وسبق الإصرار لديه، ورد بما لا يسوغ على دفعه ببطلان القبض، واطرح دفاعه باستحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وأن الواقعة في حقيقتها لا تعدو مجرد جنحة ضرب، وعول على أقوالهما رغم اختلافها وتناقضها مع الدليل الفني بشأن كيفية حدوث الواقعة والأداة المستخدمة، وأن شفرة الموس المضبوطة خلت من آثار دماء تفيد استخدامها في ارتكاب الجريمة، واستند ضمن ما استند إليه إلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح بذاتها دليلاً للإدانة، وأغفل الرد على ما ساقه الدفاع من وجود خلافات تشير إلى تلفيق الاتهام، وأخيراً جاءت تحقيقات النيابة العامة قاصرة فلم يتم سؤال شهود نفي الطاعن، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "أنه على أثر وجود خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم لاتهامه لهم بسرقة جهاز رسم قلب من عيادته الخاصة عقد المتهم العزم وبيت النية على الانتقام من المجني عليه وفي يوم ..... توجه المتهم من مسكنه الكائن ...... إلى مقر عيادة المجني عليه الكائنة ..... وكمن له خارجها وما أن شاهد المجني عليه خارجاً من عيادته بعد انتهاء عمله حتى باغته ولف ذراعه الأيسر حول رقبته وطعنه ثلاث طعنات بسلاح أبيض كان بحوزته محدثاً إصابته في عنقه وكتفه ويده اليمنى قاصداً من ذلك قتله وقد خاب أثر جريمته ولم يحقق مقصده بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه واستغاثته بالمارة وتداركه بالعلاج وقد أسفرت تحريات النقيب ..... معاون مباحث ..... عن تعدى المتهم بالضرب على المجني عليه مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض محدثاً إصاباته وقاصداً من ذلك قتله بسبب خلافات سابقة بين المجني عليه وأسرة المتهم، كما أورى تقرير الطب الشرعي أن إصابات المجني عليه بالرقبة والكتف الأيمن والرسخ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك وهي جائزة الحدوث على النحو الوارد بأقوال المجني عليه وفى تاريخ معاصر للحادث"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال المجني عليه والنقيب ..... معاون مباحث ...... ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دين الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة (شفرة موس) بغير مسوغ قانوني اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعي الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وثبوتها بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل ومدى توافرها في حق المتهم فإن الثابت بتقرير الطب الشرعي أن المجني عليه به إصابات بالرقبة والكتف الأيمن والرسغ الأيمن ذات طبيعة قطعية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب ذي حافة حادة مثل قطر أو مطواة أو ما في حكم ذلك كما أشارت الأوراق الطبية لهذا التقرير إلى إصابة المجني عليه بجرح قطعي ممتد من فروه الرأس تحت حلمة الإذن طوله حوالي 20 سم حتى الخط المنتصف الأمامي للرقبة وجرح آخر قطعي بمنتصف الرقبة بطول حوالي 10 سم وجرح من الجهة اليمنى بالرقبة طوله 5 سم وجرح في مقدمة الكتف الأيمن طوله حوالي 10 سم وجرح قطعي عميق بظهر مفصل الرسغ الأيمن وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتستخلص من تعدد الطعنات وقوتها وأماكن حدوثها والسلاح المستخدم بالإضافة إلى ما قرره المجني عليه في جميع مراحل الدعوى وما أسفرت عنه تحريات النقيب ...... معاون مباحث ..... وما قرره بالتحقيقات من أن المتهم كان قاصداً قتل المجني عليه للانتقام منه بسبب اتهامه السابق لبعض أفراد أسرته بسرقة جهاز رسم قلب من عيادة المجني عليه مما يتوافر به في حق المتهم القصد الجنائي العام والخاص بمعناه المقرر قانوناً في جريمة الشروع في القتل المسندة إلى المتهم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعن ـ وهي السجن المشدد ـ تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة، فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن من استحالة حدوث الواقعة وفق تصوير شاهدي الإثبات وقوله بأن الواقعة مجرد ضرب لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويعدو معناه في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة في تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة وإذ كان الواضح من محضر الجلسة التي دارت فيها المرافعة واختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شاهدي الإثبات لا يكون صائباً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خلو شفرة الموس المضبوطة من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الأداة أياً كانت وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة ـ لم تكن من بعد ـ ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة عدم وجود آثار لدماء بها إذ إن مفاد سكوتها أنه في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم ـ في أصول الاستدلال ـ بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال المجني عليه وضابط المباحث وتقرير الطب الشرعي وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداَ صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بقالة القصور في التسبيب بعدم الرد على دفاعه الموضوعي الذي أورده بأسباب طعنه يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم سؤال شهود النفي بتحقيقات النيابة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

 

5-لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد وسرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 528

جلسة 17 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ حسين الجيزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير سامي، رضا سالم نائبي رئيس المحكمة، عادل غازي ومحمود عمر.

(90)
الطعن رقم 2295 لسنة 81 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" "الجنون والعاهة العقلية". ظروف مخففة. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الظروف المخففة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مسئولية جنائية. سلاح. دفوع "الدفع بانعدام المسئولية الجنائية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط الإعفاء من العقاب. الجنون والعاهة العقلية دون غيرهما. المادة 62 عقوبات المعدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009.
دفاع المتهم بأنه كان في حالة استفزاز وغضب. لا يتحقق به الدفع بالجنون.
حالات الإثارة والاستفزاز والغضب. أعذار قضائية مخففة. تقديرها. موضوعي.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول.
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد وسرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص.
من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما. وكان المستفاد من دفاع الطاعن هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكته عقب علمه بسوء سلوك زوجته عليها فإن الدفاع - على هذه الصورة - لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل، ولما كانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض. وهي تلك الأعذار التي فندتها فيما بعد تعديلات قانون العقوبات بالقانون رقم 71 لسنة 2009 في المادة 62 من قانون العقوبات باعتبار الاضطراب النفسي أو العقلي ظرفاً مخففاً عند تحديد مدة العقوبة، وكان الحكم المطعون فيه قدر عذر الطاعن بقوله "وما أثاره الدفاع في شأن سلوك المجني عليها فإنه على الرغم من ثبوت ذلك فإن المحكمة لاحظت أن سلوك المتهم هو أيضاً سلوك منحرف وقد وازنت المحكمة بين الأمرين على نحو ما سيرد بالحكم" فإن النعي على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل، فضلاً عن أن الثابت من الرجوع إلى محضر الجلسة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب الاستعانة بأهل الخبرة لتحقيق دفاعه هذا. فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- قتل زوجته ...... عمداً مع سبق الإصرار لسبق وجود خلافات بينهما بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها وأعد لهذا الغرض سلاحاً أبيض "سكيناً" ولاصقاً وأكياساً بلاستيكية وانتظر يتحين فرصة النيل منها نوما إن سنحت له وظفر بها حتى باغتها بسلاحه فأجرى نصل سكينه بنحرها ثم زاد فطوي عنقها بذراعه حتى خارت قواها ولم يتركها إلا بعد أن استيقن وفاتها ثم جلس يطفئ نار انتقامه بتقطيع جثمانها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2- سرق الهاتف الخلوي المبين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوك للمجني عليها سالفة الذكر حال حمله السلاح آنف البيان. 2- أحرز سلاحاً أبيض "سكيناً" دون مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمادتين 234/ 1، 318 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 6 من الجدول رقم 1 الملحق، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عن التهمتين الأولى والثالثة وبالحبس لمدة ثلاثة أشهر عن التهمة الثانية ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار والترصد.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

 

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد والسرقة وإحراز سلاح أبيض "سكين" بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن دفع بانعدام مسئوليته لأنه عندما أقدم على قتل زوجته المجني عليها كان فاقد الإرادة والاختيار بسبب عنصر الاستفزاز الذي تعرض له حين علم بسوء سلوكها بيد أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفع ودون أن تعني المحكمة بتحقيقه بالاستعانة بأهل الخبرة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني شعوره واختياره في عمله وقت ارتكاب الفعل، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تنص عليه المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما. وكان المستفاد من دفاع الطاعن هو أنه كان في حالة من حالات الإثارة والاستفزاز والغضب تملكته عقب علمه بسوء سلوك زوجته عليها فإن الدفاع - على هذه الصورة - لا يتحقق به الدفع بالجنون أو العاهة في العقل، ولما كانت حالات الإثارة أو الاستفزاز أو الغضب مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض. وهي تلك الأعذار التي فندتها فيما بعد تعديلات قانون العقوبات بالقانون رقم 71 لسنة 2009 في المادة 62 من قانون العقوبات باعتبار الاضطراب النفسي أو العقلي ظرفاً مخففاً عند تحديد مدة العقوبة، وكان الحكم المطعون فيه قدر عذر الطاعن بقوله "وما أثاره الدفاع في شأن سلوك المجني عليها فإنه على الرغم من ثبوت ذلك فإن المحكمة لاحظت أن سلوك المتهم هو أيضاً سلوك منحرف وقد وازنت المحكمة بين الأمرين على نحو ما سيرد بالحكم" فإن النعي على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل، فضلاً عن أن الثابت من الرجوع إلى محضر الجلسة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب الاستعانة بأهل الخبرة لتحقيق دفاعه هذا. فلا يجوز للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

4-جناية القتل العمد. تميزها قانونًا بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه مناط تحقق هذا القصد؟

الحكم كاملاً

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عمر محمدين, نادي عبد المعتمد, نائبي رئيس المحكمة, أبو الحسين فتحي وأشرف فريج.

(112)
الطعن رقم 3585 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قتل عمد. شروع. جريمة " أركانها ". قصد جنائى. إثبات "بوجه عام". حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ".
جناية القتل العمد. تميزها قانونًا بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه مناط تحقق هذا القصد؟
وجوب تحدث الحكم بالإدانة في جناية القتل العمد أو الشروع فيها عن الركن المعنوي استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة عليه وبيانها بيانًا واضحًا.
مثال لتسبيب معيب في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب ".
وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها.
مثال لتسبيب معيب في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. قانون "تطبيقه" "تفسيره". إكراه. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. ارتباط. حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون ".
المادة 234/ 1, 2 عقوبات. مفادها؟
انتهاء الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه. دون مراعاة نص المادة 234 عقوبات. بالنظر إلى جناية القتل العمد مجردة عن ذلك الظرف عند توقيعها عقوبة الإعدام على الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون. كون هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للفقرة الثالثة من هذه المادة. لا يغير من ذلك. أساس وعلة وأثر ذلك؟
1 - لما كان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانونى إلا أنهما لم يقدما أسبابًا لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: " تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد..... رئيس مباحث قسم..... أنه نفاذًا للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم..... لسنة..... إداري قسم..... بضبط وإحضار كل من (1)..... (2)..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات " توك توك " بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه...... وطلب منه توصيله إلى ناحية...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجنى عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجنى عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من لجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظرًا لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه "، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: " لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم..... لسنة..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجنى عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذى أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهرًا وجليًا تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجنى عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستندًا في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتًا واستخلاصًا إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض ذلك أن ما أقرا به هو أنهما بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجنى عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجنى عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتمًا في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجنى عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
3 - لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: " فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيدًا عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانونًا ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجنى عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيرًا عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقينًا، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه.
4 - لما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانونًا وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معًا تبين أن هناك عاملاً مشتركًا بينهما وهو فعل الاعتداء الذى وقع على المجنى عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أى ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقًا لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهه النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفًا مشددًا هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام، لما كانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1 - قتل المجني عليه....... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض أداة "حبلاً" بأن استقل معه المتهم الأول الدراجة النارية "توك توك" التي يقودها المجني عليه وتتبعهما المتهم الثاني بدارجة نارية أخرى "توك توك" واستدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة ليلاً وما إن ظفرا به حتى كبلاه وخنقاه بالأداة "حبل" وألقيا به في مياه "بحر موسى" قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المجني عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه بمنطقة نائية خالية من المارة وكبلاه وخنقاه واستوليا على الدراجة النارية "توك توك" التي كان يقودها والتصرف في بعض محتوياتها وكان ذلك ليلاً بالطريق العام على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أحرز أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملها مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهما طبقً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 230, 234/ 2, 314, 315/ ثانيًا عقوبات والمواد 1/ 1, 25 مكررًا/ 1, 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978, 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 عقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة كل منهما بالإعدام. ثانيًا: بإلزام كل منهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

 

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانونى إلا أنهما لم يقدما أسبابًا لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
ثانيًا: عن عرض النيابة العامة للقضية:
حيث إن عرض النيابة العامة للقضية استوفي مقومات قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: " تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد..... رئيس مباحث قسم..... أنه نفاذًا للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم..... لسنة..... إداري قسم..... بضبط وإحضار كل من (1)..... (2)..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات " توك توك " بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه...... وطلب منه توصيله إلى ناحية...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجنى عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجنى عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من لجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظرًا لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه "، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: " لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم..... لسنة..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجنى عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذى أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهرًا وجليًا تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجنى عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستندًا في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتًا واستخلاصًا إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض - ذلك أن ما أقرا به هو أنهما - بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجنى عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجنى عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتمًا في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجنى عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: " فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيدًا عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانونًا ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجنى عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيرًا عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقينًا، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه. لما كان ذلك, وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانونًا وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معًا تبين أن هناك عاملاً مشتركًا بينهما وهو فعل الاعتداء الذى وقع على المجنى عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أى ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقًا لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهه النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفًا مشددًا هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك، وكانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

4-جناية القتل العمد. تميزها قانونًا بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه مناط تحقق هذا القصد؟

الحكم كاملاً

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عمر محمدين, نادي عبد المعتمد, نائبي رئيس المحكمة, أبو الحسين فتحي وأشرف فريج.

(112)
الطعن رقم 3585 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قتل عمد. شروع. جريمة " أركانها ". قصد جنائى. إثبات "بوجه عام". حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ".
جناية القتل العمد. تميزها قانونًا بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه مناط تحقق هذا القصد؟
وجوب تحدث الحكم بالإدانة في جناية القتل العمد أو الشروع فيها عن الركن المعنوي استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة عليه وبيانها بيانًا واضحًا.
مثال لتسبيب معيب في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب ".
وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها.
مثال لتسبيب معيب في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. قانون "تطبيقه" "تفسيره". إكراه. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. ارتباط. حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون ".
المادة 234/ 1, 2 عقوبات. مفادها؟
انتهاء الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه. دون مراعاة نص المادة 234 عقوبات. بالنظر إلى جناية القتل العمد مجردة عن ذلك الظرف عند توقيعها عقوبة الإعدام على الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون. كون هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للفقرة الثالثة من هذه المادة. لا يغير من ذلك. أساس وعلة وأثر ذلك؟
1 - لما كان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانونى إلا أنهما لم يقدما أسبابًا لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: " تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد..... رئيس مباحث قسم..... أنه نفاذًا للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم..... لسنة..... إداري قسم..... بضبط وإحضار كل من (1)..... (2)..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات " توك توك " بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه...... وطلب منه توصيله إلى ناحية...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجنى عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجنى عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من لجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظرًا لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه "، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: " لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم..... لسنة..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجنى عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذى أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهرًا وجليًا تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجنى عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستندًا في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتًا واستخلاصًا إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض ذلك أن ما أقرا به هو أنهما بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجنى عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجنى عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتمًا في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجنى عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
3 - لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: " فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيدًا عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانونًا ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجنى عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيرًا عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقينًا، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه.
4 - لما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانونًا وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معًا تبين أن هناك عاملاً مشتركًا بينهما وهو فعل الاعتداء الذى وقع على المجنى عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أى ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقًا لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهه النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفًا مشددًا هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام، لما كانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1 - قتل المجني عليه....... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض أداة "حبلاً" بأن استقل معه المتهم الأول الدراجة النارية "توك توك" التي يقودها المجني عليه وتتبعهما المتهم الثاني بدارجة نارية أخرى "توك توك" واستدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة ليلاً وما إن ظفرا به حتى كبلاه وخنقاه بالأداة "حبل" وألقيا به في مياه "بحر موسى" قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المجني عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه بمنطقة نائية خالية من المارة وكبلاه وخنقاه واستوليا على الدراجة النارية "توك توك" التي كان يقودها والتصرف في بعض محتوياتها وكان ذلك ليلاً بالطريق العام على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أحرز أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملها مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهما طبقً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 230, 234/ 2, 314, 315/ ثانيًا عقوبات والمواد 1/ 1, 25 مكررًا/ 1, 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978, 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 عقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة كل منهما بالإعدام. ثانيًا: بإلزام كل منهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانونى إلا أنهما لم يقدما أسبابًا لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
ثانيًا: عن عرض النيابة العامة للقضية:
حيث إن عرض النيابة العامة للقضية استوفي مقومات قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: " تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد..... رئيس مباحث قسم..... أنه نفاذًا للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم..... لسنة..... إداري قسم..... بضبط وإحضار كل من (1)..... (2)..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات " توك توك " بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه...... وطلب منه توصيله إلى ناحية...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجنى عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجنى عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من لجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظرًا لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه "، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: " لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم..... لسنة..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجنى عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجنى عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذى أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجنى عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهرًا وجليًا تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجنى عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين ". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونًا عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذى يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهارًا بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجنى عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساسًا تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بيانًا واضحًا ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستندًا في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقًا في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتًا واستخلاصًا إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض - ذلك أن ما أقرا به هو أنهما - بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجنى عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجنى عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجنى عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتمًا في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغنى عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجنى عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: " فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيدًا عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانونًا ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجنى عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديدًا لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطًا لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيرًا عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقينًا، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتمًا إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسيًا على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصرًا عن حمل قضائه. لما كان ذلك, وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانونًا وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معًا تبين أن هناك عاملاً مشتركًا بينهما وهو فعل الاعتداء الذى وقع على المجنى عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أى ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقًا لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترنًا بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهه النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقًا للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفًا مشددًا هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذى كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك، وكانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 22 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

3-جناية القتل العمد. تميزها قانوناً بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه. مناط تحقق هذا القصد؟

الحكم كاملاً

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 63 – صـ 621

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عمر محمدين، نادي عبد المعتمد، نائبي رئيس المحكمة، أبو الحسين فتحي وأشرف فريج.

(112)
الطعن رقم 3585 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد. دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قتل عمد. شروع. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية القتل العمد. تميزها قانوناً بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه. مناط تحقق هذا القصد؟
وجوب تحدث الحكم بالإدانة في جناية القتل العمد أو الشروع فيها عن الركن المعنوي استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة عليه وبيانها بياناً واضحاً.
مثال لتسبيب معيب في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها.
مثال لتسبيب معيب في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. قانون "تطبيقه" "تفسيره". إكراه. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
المادة 234/ 1، 2 عقوبات. مفادها؟
انتهاء الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه. دون مراعاة نص المادة 234 عقوبات. بالنظر إلى جناية القتل العمد مجردة عن ذلك الظرف عند توقيعها عقوبة الإعدام على الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون. كون هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للفقرة الثالثة من هذه المادة. لا يغير من ذلك. أساس وعلة وأثر ذلك؟
1- لما كان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ..... رئيس مباحث قسم ..... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ..... (2) ..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض ذلك أن ما أقرا به هو أنهما بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
3- لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار" . لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه.
4- لما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام، لما كانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1- قتلا المجني عليه/ ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض أداة "حبلاً" بأن استقل معه المتهم الأول الدراجة النارية "توك توك" التي يقودها المجني عليه وتتبعهما المتهم الثاني بدراجة نارية أخرى "توك توك" واستدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة ليلاً وما إن ظفرا به حتى كبلاه وخنقاه بالأداة "حبل" وألقيا به في مياه "بحر موسى" قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المجني عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة وكبلاه وخنقاه واستوليا على الدراجة النارية "توك توك" التي كان يقودها والتصرف في بعض محتوياتها وكان ذلك ليلاً بالطريق العام على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرز أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملها مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234/ 2، 314، 315/ ثانياً عقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً / 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 عقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة کل منهما بالإعدام. ثانياً: بإلزام كل منهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة

 

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
ثانياً: عن عرض النيابة العامة للقضية:
حيث إن عرض النيابة العامة للقضية استوفى مقومات قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ...... رئيس مباحث قسم ...... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ...... (2) ...... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ..... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ....... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطله الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض - ذلك أن ما أقرا به هو أنهما - بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدا الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار"، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى کما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدا الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه رکن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 3/ 234 من قانون العقوبات لا المادة 2/ 234 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة التي قرر القانون لها - عند توافرها - عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك، وكانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

2- تعين استقلال الجناية الأخرى المقترنة بجناية القتل عنها وعدم اشتراكها معها في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفها المشددة للعقاب.

الحكم كاملاً

جلسة 10 من فبراير سنة 2014

برئاسة السيد القاضي/ زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد ناجي دربالة ومهاد خليفة ومجدي شبانة وعرفة محمد نواب رئيس المحكمة.

(12)
الطعن رقم 31 لسنة 83 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض دون تقديم أسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. نيابة عامة.
عرض النيابة العامة القضية في الميعاد المحدد بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بمذكرة برأيها. أثره: قبول العرض.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. اقتران. حريق عمد.
تحصيل واقعة الدعوى وإيراد مضمون الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق. لا قصور.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة.
إجابة المحكمة طلب الطاعن أجلاً لحضور محاميه ثم طلبه من المحكمة ندب محام للدفاع عنه. ندب المحكمة محام له وإعطاؤه أجلاً للاستعداد وإبداء دفاعه. كفايته ردًا على النعي بالإخلال بحق الدفاع.
عدم الاستدلال على درجة قيد المحامي بنقابة المحامين لتشابه الأسماء. لا يقدح في صحة إجراءات المحاكمة. علة ذلك؟
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
اطمئنان المحكمة لصحة الاعتراف واطراح الدفع ببطلانه لكونه وليد إكراه في منطق سائغ. كاف.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم بيان الطاعن أوجه التناقض بين أقوال الشهود. أثره؟
تقدير أقوال الشهود والأدلة في الدعوى. موضوعي.
(7) تلبس. قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
إثبات الحكم القبض على الطاعن بناءً على أمر النيابة العامة. لا محل للنعي بانتفاء حالة التلبس.
(8) قتل عمد. قصد جنائي. باعث. جريمة "أركانها". سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم "تسبيه. تسبيب غير معيب".
استظهار نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلاصها استخلاصًا سائغًا. صحيح.
الباعث على ارتكاب جريمة القتل العمد ليس من عناصرها القانونية. التفات الحكم الرد على الدفع بانتفاء الدافع على ارتكاب الجريمة. لا يعيبه.
(9) استدلالات. دفوع "الدفع بعد جدية التحريات". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات. كفايته للرد على الدفع بعدم جديتها.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) قتل عمد. إعدام. إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا يشترط لثبوت جريمة القتل العمد والحكم على مرتكبها بالإعدام. وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من ظروف الدعوى وأدلتها.
(12) قتل عمد. إعدام. اقتران. حريق عمد. شروع. ظروف مشددة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تعين استقلال الجناية الأخرى المقترنة بجناية القتل عنها وعدم اشتراكها معها في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفها المشددة للعقاب. وضع النار في مكان مسكون. العنصر المكون لجناية القتل العمد والركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل. اعتبار الحكم القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل. خطأ في التكييف القانوني. لا يؤثر في سلامة الحكم. علة وأساس ذلك؟
(13) إعدام. حكم "تسبيبه غير معيب".
الحكم بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ومن ثم يتعين قبول هذا العرض.
3 - لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مفاده "... أنه على إثر خلافات مالية بين المتهم... والمجني عليه الأول... - شقيق زوجته - قام المتهم بتهديد المجني عليه سالف الذكر بالإيذاء أكثر من مرة والانتقام منه ونفاذًا لذلك قام بشراء وعاء من البلاستيك "جركن" وملأه بمادة البنزين وتوجه إلى شقة المجني عليه صباح يوم... وبعد أن أيقن بتواجد المجني عليه وأفراد أسرته داخلها قام بسكب مادة البنزين أسفل باب الشقة إلى داخلها ثم أشعل النار بها فامتدت النيران إلى داخل المسكن وعند مشاهدة زوجة المجني عليه الأول دلوف النيران إلى داخل الشقة استغاثت بزوجها الذي كان متواجدًا "بالحمام" فخرج عاريًا متوجهًا إلى غرفة نوم أطفاله الثلاثة... و... و... وقام باحتضانهم في محاولة منه لإنقاذهم إلا أنه لم يستطع ولقي حتفه هو وأبناؤه سالفو الذكر حرقًا وتفحمت جثثهم الأربعة على سرير حجرة النوم، بينما قامت الزوجة بالقفز من شرفة المسكن إلى الشارع هربًا من النيران التي أتت على كل محتويات الشقة فحدثت إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي..."، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة استقاها من أقوال شهود ذكرهم ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وأورد مضمون كل هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق.
4 - لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي... ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع. ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.
5 - لما كان قد عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه في تحقيقات النيابة العامة كان وليد إكراه وقع عليه واطرحه في منطق سائغ وتدليل مقبول وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
6 - لما كان المدافع عن المحكوم عليه لم يبين في دفاعه بمحضر جلسة المحاكمة وجه التناقض بين أقوال الشهود فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد، ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة قوامها اطمئنان المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى أقوال هؤلاء الشهود.
7 - لما كان الحكم المعروض قد أثبت أن القبض على المتهم تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره المدافع عنه بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس.
8 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلصهما استخلاصًا سائغًا، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه من انتفاء الدافع على ارتكاب جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون أمرًا متعلقًا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه.
9 - لما كان الحكم قد عرض لما أبداه المدافع عن المحكوم عليه من دفع بعدم جدية التحريات واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اطمأنت إلى جدية تلك التحريات وهو من بعد يكفي ردًا على ذلك الدفع.
10 - لما كان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
11 - لما كان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام عـلى مـرتـكـبها وجــود شهـود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهد رأى الجريمة وقت ارتكابها، ومن ثم فإن دفــاع المحـكـوم عـليه فـي هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المعروض بريئًا في هذا الصدد.
12 - لما كانت المحكمة تلاحظ من ناحية القانون أن هناك عاملاً مشتركًا بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل العمد المقترنين بها، وهو فعل وضع النار بمسكن المجني عليهم فإنه يكوِّن جريمة القتل ويكوَّن في الوقت نفسه الركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثانية قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب فإذا ما كان وضع النار في المكان المسكون هو العنصر المكون لجناية القتل العمد، فإن ما انتهى إليه الحكم في التكييف القانوني واعتباره القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل وإن كان يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، إلا أن ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم، ذلك بأن عقوبة الإعدام التي قضى بها الحكم مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أثبته الحكم في حق الطاعن وهى أيضا مقررة لجريمة الحريق العمد الذي نتج عنه موت أشخاص، فإذا رأت المحكمة توقيع هذه العقوبة للظروف والملابسات التي بينتها بأسباب الحكم، فإن قضاءها يكون سليمًا.
13 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه وجاء خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ....., والأطفال ....., ....., ..... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلهم وأعد لهذا الغرض وعاء من البلاستيك يحوى مادة الجازولين المعجلة للاشتعال على باب المسكن وأضرم به النار قاصدًا من ذلك قتلهم فامتدت النيران إلى داخل المسكن فأحدث إصابات المجني عليهم الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم. وقد تقدمت تلك الجناية واقترنت بها جنايتان أخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان: أ – وضع النار عمدًا في مسكن المجني عليهم سالفي الذكر الكائن ..... شارع .....بأن سكب مادة معجلة للاشتعال – جازولين – على باب المسكن وأضرم به النار فامتدت النيران إلى داخل المسكن فشب الحريق المبين آثاره بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية. ب – شرع في قتل ..... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لهذا الغرض وعاء من البلاستيك يحوى مادة الجازولين المعجلة للاشتعال وتوجه إلى مسكنها وما أن أيقن تواجدها فيه حتى سكب تلك المادة على باب المسكن وأضرم به النار قاصدًا من ذلك قتلها فامتدت النيران إلى داخل المسكن فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق إلا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتها بالعلاج. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها..... مدنيًا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. وقررت المحكمة المذكورة بجلسة .... وبإجماع الآراء إرسال القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي وحددت جلسة ... للنطق به. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريًا وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 45/ 1 ,46/ 1, 230, 231, 234/ 2, 252 257 من قانون العقوبات, والمادتين 2, 116 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 2008 مع إعمال المادة 32/ 1 من القانون الأول بمعاقبته بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وبمصادرة المضبوطات وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه, فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ومن ثم يتعين قبول هذا العرض.
وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مفاده "... أنه على إثر خلافات مالية بين المتهم... والمجني عليه الأول... - شقيق زوجته - قام المتهم بتهديد المجني عليه سالف الذكر بالإيذاء أكثر من مرة والانتقام منه ونفاذًا لذلك قام بشراء وعاء من البلاستيك "جركن" وملأه بمادة البنزين وتوجه إلى شقة المجني عليه صباح يوم... وبعد أن أيقن بتواجد المجني عليه وأفراد أسرته داخلها قام بسكب مادة البنزين أسفل باب الشقة إلى داخلها ثم أشعل النار بها فامتدت النيران إلى داخل المسكن وعند مشاهدة زوجة المجني عليه الأول دلوف النيران إلى داخل الشقة استغاثت بزوجها الذي كان متواجدًا "بالحمام" فخرج عاريًا متوجهًا إلى غرفة نوم أطفاله الثلاثة... و... و... وقام باحتضانهم في محاولة منه لإنقاذهم إلا أنه لم يستطع ولقي حتفه هو وأبناؤه سالفو الذكر حرقًا وتفحمت جثثهم الأربعة على سرير حجرة النوم، بينما قامت الزوجة بالقفز من شرفة المسكن إلى الشارع هربًا من النيران التي أتت على كل محتويات الشقة فحدثت إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي..."، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة استقاها من أقوال شهود ذكرهم ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وأورد مضمون كل هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق. لما كان ذلك, وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي... ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع. ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.كما عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه في تحقيقات النيابة العامة كان وليد إكراه وقع عليه واطرحه في منطق سائغ وتدليل مقبول وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان المدافع عن المحكوم عليه لم يبين في دفاعه بمحضر جلسة المحاكمة وجه التناقض بين أقوال الشهود فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد، ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة قوامها اطمئنان المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى أقوال هؤلاء الشهود. كما أن الحكم المعروض قد أثبت أن القبض على المتهم تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره المدافع عنه بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس. لما كان ذلك, وكان الحكم قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلصهما استخلاصًا سائغًا، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه من انتفاء الدافع على ارتكاب جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون أمرًا متعلقًا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه, كما عرض لما أبداه المدافع عن المحكوم عليه من دفع بعدم جدية التحريات واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اطمأنت إلى جدية تلك التحريات وهو من بعد يكفي ردًا على ذلك الدفع. لما كان ذلك, وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام عـلى مـرتـكـبها وجــود شهـود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهد رأى الجريمة وقت ارتكابها، ومن ثم فإن دفــاع المحـكـوم عـليه فـي هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المعروض بريئًا في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكانت المحكمة تلاحظ من ناحية القانون أن هناك عاملاً مشتركًا بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل العمد المقترنين بها، وهو فعل وضع النار بمسكن المجني عليهم فإنه يكوِّن جريمة القتل ويكوَّن في الوقت نفسه الركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثانية قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب فإذا ما كان وضع النار في المكان المسكون هو العنصر المكون لجناية القتل العمد، فإن ما انتهى إليه الحكم في التكييف القانوني واعتباره القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل وإن كان يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، إلا أن ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم، ذلك بأن عقوبة الإعدام التي قضى بها الحكم مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أثبته الحكم في حق الطاعن وهى أيضا مقررة لجريمة الحريق العمد الذي نتج عنه موت أشخاص، فإذا رأت المحكمة توقيع هذه العقوبة للظروف والملابسات التي بينتها بأسباب الحكم، فإن قضاءها يكون سليمًا. لما كان ما تقدم, وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه وجاء خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 24 مارس 2020 بواسطة basune1

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,934,810

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »