يعتبر الرضا الوظيفي أحد الموضوعات التي حظيت باهتمام الكثير من علماء النفس وذلك لأن معظم الأفراد يقضون جزءاً كبيراً من حياتهم في العمل وبالتالي من الأهمية بمكان أن يبحثوا عن الرضا الوظيفي ودوره في حياتهم الشخصية والمهنية، كما أن هنالك وجهة نظر مفادها أن الرضا الوظيفي قد يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ويترتب عليه الفائدة بالنسبة للمنظمات والعاملين مما زاد من أهمية دراسة هذا الموضوع.
وبالتالي كثرة البحوث والدراسات في مجال علم النفس الإداري حول موضوع الرضا الوظيفي وكشفت بعض نتائج البحوث النقاب عن أن الأفراد الراضين وظيفياً يعيشون حياة أطول من الأفراد غير الراضين وهم أقل عرضة للقلق النفسي وأكثر تقديرا للذات وأكبر قدرة على التكيف الاجتماعي ويؤكد البعض إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الرضا عن الحياة والرضا الوظيفي، أي بمعنى أن الراضين وظيفيا راضين عن حياتهم والعكس صحيح.
ومن المسلم به أن لرضا الأفراد أهمية كبيرة حيث يعتبر في الأغلب مقياسا لمدى فاعلية الأداء، إذ كان رضا الأفراد الكلي مرتفعا فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج مرغوب فيها تضاهي تلك التي تنويها المنظمة عندما تقوم برفع أجور عملها أو بتطبيق برنامج للمكافآت التشجيعية أو نظام الخدمات، ومن ناحية أخرى فإن عدم الرضا يسهم في التغييب عن العمل وإلى كثرة حوادث العمل والتأخر عنه وترك العاملين المنظمات التي يعملون بها والانتقال إلى منظمات أخرى ويؤدي إلى تفاقم المشكلات العمالية وزيادة شكاوى العمال من أوضاع العمل وتوجهيهم لإنشاء اتحادات عمالية للدفاع عن مصالحهم كما أنه يتولد عن عدم الرضا مناخ تنظيمي غير صحي.
وقد ذكر " لكرت " أنه يصعب تحقيق مستوى إنتاج رفيع على مدى طويل من الزمن في ظل عدم الرضا، كما أشار إلى أن الجمع بين زيادة الإنتاج وعدم الرضا في آن واحد لا بد أن يؤدي إلى تسرب العناصر الرفيعة المستوى في المنظمة إضافة إلى تدني مستوى منتجاتها ومن ثم فإن ثمة نوعا من الاتفاق بأن من أوضح الدلالات على تدني ظروف العمل في منظمة ما يتمثل في انخفاض مستوى الرضا لدى العاملين.
الاهتمام بالرضا الوظيفي مهم للعديد من الأسباب التي تؤثر على الموظفين والمنظمة بشكل عام. بعض هذه الأسباب:
<!--تأثير ارتفاع الرضا على انخفاض غياب الموظفين: عندما يكون الموظف راضيًا عن وظيفته ومحيطه المهني، يزيد ارتباطه بالعمل ورغبته في الحضور يوميًا. وهذا ينتج عنه انخفاض نسبة الغياب، حيث يكون الموظف أكثر استعدادًا للالتزام بمسؤولياته والمشاركة بفعالية في الأنشطة المهنية. وبالتالي، يؤدي انخفاض نسبة الغياب إلى استقرار الإنتاجية وتحسين أداء المنظمة.
<!--زيادة مستوى الطموح والتطلعات: الموظفون الذين يشعرون برضا وسعادة من وظائفهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر طموحًا وإيجابية في عملهم. والرضا الوظيفي يشجعهم على تحديد أهداف أكثر تحديًا والسعي لتحقيقها، مما يسهم في تعزيز الدافع والتحفيز لديهم.
<!--تأثير الرضا على جودة الحياة: الموظفون الذين يشعرون بالرضا من وظائفهم ينعكس ذلك إيجابيًا على جودة حياتهم الشخصية. والشعور بالسعادة والرضا في العمل ينعكس على الحياة الخاصة والأسرية، حيث يصبح لديهم وقت واستعداد أكبر للاستمتاع بأوقات الفراغ والتفاعل الإيجابي مع العائلة والأصدقاء.
<!--تقليل احتمالية حوادث العمل: الموظفون الذين يشعرون بالرضا والسعادة في وظائفهم يميلون إلى تبني سلوكيات آمنة أثناء العمل. إن تركيزهم الأكبر وانخراطهم الإيجابي يزيد من حذرهم والالتزام بإجراءات السلامة والحماية، مما يقلل من احتمالية وقوع حوادث العمل.
<!--زيادة الإنتاجية: هناك ارتباط وثيق بين الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية. الموظفون الذين يشعرون بالرضا والراحة في وظائفهم يكونون أكثر ميلاً لتقديم أفضل ما لديهم وبذل المزيد من الجهد لتحقيق أهداف المنظمة. إن الاستمتاع بالعمل يعزز من التفاني والانخراط، مما يسهم في زيادة معدلات الإنتاج.
إن الرضا الوظيفي له تأثيرات إيجابية متعددة على المنظمة والموظفين، من خلال تحسين الأداء والإنتاجية، وتقليل نسبة الغياب وحوادث العمل، وتعزيز الرضا الشخصي والجودة العامة لحياة الموظفين. وعموما يعتبر الرضا الوظيفي للموظفين من أهم مؤشرات النجاح للدائرة ومدى فاعليتها على افتراض أن الدائرة التي لا يشعر الموظفين فيها بالرضا سيكون حظها قليل من النجاح مقارنة بالتي يشعر فيها الموظفين بالرضا، مع ملاحظة أن الموظف الراضي عن عمله هو أكثر استعداد للاستمرار بوظيفته وتحقيق أهداف المنظمة كما أنه يكون أكثر نشاطاً وحماساُ في العمل وأهم ما يميز أهمية دراسة الرضا الوظيفي أنه يتناول مشاعر الإنسان إزاء العمل الذي يؤديه والبيئة المحيطة به.