طبيعة الإدارة الاستراتيجية.
تهتم الادارة الاستراتيجية بالحاضر والمستقبل في آن واحد وهي ثمرة لتطور مفهوم التخطيط الاستراتيجي الذي يعني بانه عملية تنبؤ لفترة طويلة الاجل، وتوقع ما سيحدث وتخصيص الموارد والامكانيات الحالية ولكن في نطاق الزمن الذي تحدده الخطة، وما تقدمه الادارة الاستراتيجية هو تكوين البصيرة والقدرة على التفكير والتحليل الاستراتيجي وصنع القرارات الاستراتيجية في مرحلة استكشاف الحاضر والمستقبل وخلق هذا المستقبل أو التأثير فيه على الاقل للتأكد من فرص البقاء أو النمو أو التوسع في ميدان الاعمال.
فعلى صعيد المنظمة تتولى الإدارة الاستراتيجية عملية تخطيط كل الانشطة المتصلة بصياغة رسالة المنظمة وتحديد الاهداف الاستراتيجية لها وحشد الموارد اللازمة وصياغة الخطة الاستراتيجية في ضوء تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة. اما على صعيد وحدات الاعمال فان الادارة الاستراتيجية تتولى صياغة وتنفيذ الخطة الاستراتيجية الخاصة بكل وحدة اعمال انطلاقاً من تحليل متغيرات البيئة الداخلية للوحدة والبيئة الخارجية المحلية, وتحديد امكانيات الوحدة والاهداف الاستراتيجية وتخطيط وتنظيم كل الانشطة الخاصة بالخطة الاستراتيجية للوحدة واتخاذ القرارات اللازمة للتنفيذ. أما على المستوى الوظيفي فان الإدارة الاستراتيجية تتولى وضع خطة الاستراتيجية على صعيد كل مستوى وظيفي كالإنتاج، التسويق، الموارد البشرية، المالية، تتولى هذه الخطة عملية تقييم السياسات والبرامج والإجراءات الخاصة بتنفيذ كل وظيفة. (<!--)
اصبحت منظمات الاعمال اليوم تعمل في بيئة اكثر تعقيداً حيث اندماج الاسواق العالمية وظهور اسواق جديدة وقواعد جديدة للعمل بسبب ما خلفته التحالفات في الشركات سواء كان على مستوى الشركات أو الدول، كما أن التغير المستمر في الافكار والتكنولوجيا والاذواق والمنتجات والخدمات والسكان وتلاشي الفواصل الجغرافية في ظل العولمة تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه منظمات الاعمال، ولما كان البقاء والاستمرار والربحية من الأهداف لأي منظمة فلابد من مواجهة التغيير ومواكبة التقدم والتكيف مع البيئة. (<!--)
وتعتبر الاستراتيجية هي الطريق الذي يحدد التوجهات الخاصة بالأنشطة لمواجهة المشاكل والتعامل مع المتغيرات الداخلية والخارجية ولابد لمنظمات الاعمال من تبني الإدارة الاستراتيجية لمواجهة تحديات هذه البيئة السريعة التغير، باعتبارها عملية مهمة وحيوية عليها أن تحقق تفاعل المنظمة مع بيئتها، وأن التغير الذي حل في بيئة الاعمال والذي فرضته ثورة المعلوماتية وانفجار المعرفة وكونية الأعمال أعطى للإدارة الاستراتيجية أهمية قصوى باعتبارها المسؤولة عن توظيف إمكانيات المنظمة وتكيفها مع البيئة الخارجية.
وتعتبر الإدارة الاستراتيجية حقل دراسة، ينظر إلى المنظمة ككل ويحاول أن يفسر لماذا تنمو وتتقدم بعض المنظمات بينما تتوقف ويموت بعضها الاخر, وتركز الإدارة الاستراتيجية عادة على تحليل المشكلات والفرص التي تواجه الأفراد في الإدارة العليا، وتتعلق قراراتها الاستراتيجية بمستقبل المنظمة على المدى الطويل، من هنا تبرز ضرورة دراسة الإدارة الاستراتيجية مفهومهاً، وأهميتها، مهامها، لأن منطلقاتها الفكرية وممارساتها التطبيقية تسهم مساهمة فعالة ومباشرة في بقاء المنظمات في عالم الأعمال.
تختلف الإدارة الاستراتيجية كفكر إداري عن غيرها بكون مبادئها الرئيسية وأساليبها المختلفة ونظرياتها قد جرى تطويرها بمزيج من التجارب العلمية الميدانية، والفكر الأكاديمي المنهجي المتخصص، فهي وليدة واقع عملي ميداني مدعوم بفكر أكاديمي نابع من الحاجة إلى تطوير أداء المنظمات على المدى البعيد لضمان استمرارها، وخلق أجواء حيوية تستفيد من الإمكانيات المتاحة بصورة فعالة تعتمد التخطيط الاستراتيجي كأسلوب علمي بارع لتحقيق أهداف المنظمة.
<!--[if !supportFootnotes]--><!--[endif]-->
(<!--)سعد غالب ياسين, الإدارة الاستراتيجية, الطبعة الأولى, دار اليازوري للنشر, عمان, الأردن, 2002م، ص: 33- 34.
(<!--)سوما علي سليطن، الإدارة الاستراتيجية وأثرها في رفع أداء منظمات الأعمال: دراسة ميدانية على المنظمات الصناعية العامة, رسالة ماجستير غير منشورة, قسم إدارة الأعمال, كلية الاقتصاد, جامعة تشرين, اللاذقية, سوريا, 2007م, ص: 6.