مقدمة:
لقد أصبح التدريب و التطوير الوظيفي هو العنصر الأساسي في نجاح المنظمات الحديثة في ظل التحديات والمتغيرات التي يمر بها العالم اليوم, وقد عملت المنظمات بكل طاقتها على تطبيق أحدث الطرق والوسائل التي تضمن بها فعالية التدريب، هذا المجهود المتميز الذي يهدف إلى تطوير أداء الموظف للقيام بواجباته الحالية والمستقبلية.
و لذلك كان لابد من توفير أدوات فعالة أيضا تتأكد بها المؤسسات الناجحة من أن الأموال التي تدفعها من أجل تدريب وتطوير الموارد البشرية تصرف في مكانها الصحيح، و أن هناك أثراً فعالاً على أداء الفرد و المنظمة على السواء، و أن هناك عائدا يمكن التعرف عليه تطمئن به على هذه الاستثمارات المتميزة لتدريب و تطوير مواردها البشرية بكل فاعلية واقتدار.
و لابد لنا من أن نوضح مفهوم وأهمية التدريب و التطوير الوظيفي: فهو نشاط مستمر يهدف إلى إحداث تغييرات في الفرد و فريق العمل بالمؤسسة من ناحية المعلومات و الخبرات و المهارات و معدّلات الأداء و طرق العمل و السلوك و الاتجاهات، بما يجعل الفرد و الجماعة لائقين للقيام بأعمالهم بكفاءة وإنتاجية عالية. و هو أيضا نشاط لنقل المعرفة من أجل تنمية نماذج التفكير وأنماط الأفعال و تغيير سلوك الفرد وعاداته ومهاراته وقدراته اللازمة في أداء العمل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود على يد مدرّب فعّال.
ويمكن أيضاً القول إنه تلك العملية المنظمة التي تكسب العاملين المعارف والمهارات والقدرات اللازمة لأداء عمل معين وجعلهم لائقين للقيام بمهام وظائفهم اليوم و غداً. و لذلك يمكن القول إنّ التدريب عمليّة مستمرة في المنظمة و هو العنصر الأساسي لتنمية و تطوير الموارد البشرية.
ومن هذا المنطلق يمكن تصوّر الأدوار الإستراتيجية المختلفة التي يلعبها أطراف هذا النشاط التدريبيّ وهذه العملية التدريبية من أجل تحقيق أهداف وإستراتيجيات التدريب بما يتوافق مع أهداف وإستراتيجيات المؤسسة ورؤيتها الإستراتيجية الطموحة, و ذلك من خلال إلقاء الضوء بصورة مختصرة وفعالة على دور كل طرف و علاقة هذه الأدوار ببعضها حتى تستطيع المؤسسات المعاصرة أن تضع أيديها على عناصر النجاح والتفوق المنشودة.
أغراض العملية التدريبية ( معايير دولية ):
• عندما يلتحق الشخص بالعمل في المنظمة لأوّل مرة.
• عندما يوشك الشخص على تولّي عمل جديد في المنظمة أو مستوى وظيفي أعلى.
• عندما يتطلب أداء الشخص تطويراً أو تحسيناً معيّناً.
• عندما يتطلب العمل تغييرا في أساليب العمل أو المنتجات أو السياسات أو الإجراءات.
• عندما يتطلب العمل قيام بعض الأشخاص بأعمال أخرى أو المساهمة في أعمال أخرى.
• و يمكن قياس فاعلية التدريب بمدى مساهمته في تطوير و تحسين أداء الفرد و أداء المنظمة.
و في هذه السطور يمكن بصورة مختصرة عرض العملية التدريبية الطموحة التي يجب القيام بها لتخطيط وتنفيذ و تقييم التدريب و قياس الفاعلية والعائد على الاستثمارات التدريبية. ومنها نستطيع الخروج ببعض التوجهات الخاصة بهذه الأدوار الإستراتيجية الفعالة لأطرافها المختلفة.
العملية التدريبية ومراحلها المختلفة كطرف إستراتيجي في تفعيل النشاط التدريبي:
(من تحديد الاحتياجات التدريبية إلى تقييم التدريب وقياس الفاعلية)
تخطيط النشاط التدريبي، و يشمل الأنشطة التالية:
- تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية على مستوى المنظمة ككل و مستوى الفرد و مستوى الوظيفة.
و هي تعني مجموعة التغيرات التي تريد المؤسسة إحداثها في الفرد أو مجموعة العمل من حيث المعارف و المهارات و السلوكيات و الاتجاهات باستخدام الأساليب المتميزة مثل:
- استمارات الاستقصاء للمستويات الإدارية المختلفة
- دراسة أهداف واستراتيجيات المؤسسة
- مقابلة المديرين للتعرف منهم فعلياً على احتياجاتهم التدريبية لأنفسهم ومرءوسيهم
- الاتجاهات الحديثة في الإدارة واتجاهات التطوير الوظيفي والتطوير التنظيمي، و أساليب أخرى...
الاحتياجات التدريبية:
الاحتياج التدريبي هو مجموعة التغييرات المطلوب إحداثها في الفرد أو المجموعة في بعض النواحي بهدف جعله أو جعلهم صالحين لشغل الوظائف و القيام بالعمل المطلوب.
و يتحدد عن طريق مقارنة الأداء الحالي بالأداء المستهدف :
- أداء حالي دون المستوى .
- الأداء المطلوب غير قائم حاليا .
- الفجوة والاحتياج التدريبي.
و يلزم لتحديد الاحتياجات التدريبية توفر ما يلي:
1- التعرف على مستويات الأداء الحالية.
2- وضع معايير واقعية للأداء الأمثل.
3- توفير وسائل موضوعية لقياس الأداء.
4- تحديد الإجراءات المطلوبة لتحقيق المستويات المثلى للأداء المستهدف.
و يتم تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية من خلال دراسة المستويات التالية:
• مستوى المنظمة ككل : وذلك من خلال دراسة الأهداف العامة التي تريد أن تحققها خلال هذا العام وأيضا الرؤية الإستراتيجية و رسالة المنظمة والاتجاهات العامة وتوجهات الدولة نحو تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وتفعيل دور المنظمة للقيام بدورها الريادي في تحقيق أهداف الدولة داخلياً وخارجياً.
• مستوى الفرد : و ذلك من خلال التحليل المنطقي والدقيق لاحتياجات الأفراد سواء بالتعرف مباشرة على احتياجاتهم التدريبية بواسطة استمارات الاستقصاء التي يتم تصميمها طبقا لكل وظيفة
و تخصص، أو المقابلة الشخصية و آراء المديرين وتحليل نقاط الضعف التي تؤثر على أداء الفرد
و المنظمة ومدى تأثير ذلك على تحقيق أهداف المنظمة ككل.
• مستوى العمل أو الوظيفة : و ذلك من خلال تحليل المهام والواجبات الوظيفية والتعرف على مستويات الأداء المطلوبة والمستويات الحالية لكل وظيفة ومدى تحقق ذلك , وكذلك الاحتياجات التدريبية الفعلية لوظائف جديدة تم إنشائها , ووظائف جديدة تم الترقية إليها مثل وظائف الإشراف الإداري والمديرين الجدد.
بعض آليات تحديد الاحتياجات:
• التحليل الاستراتيجي للمؤسسة: حيث يتم تحليل الهيكل التنظيمي للعمل وسياسات وأهداف المؤسسة بهدف التعرف على الأهداف الإستراتيجية والموارد المتاحة و الرؤية الإستراتيجية والرسالة وتحديد المشكلات والمعوقات التي قد تواجه تحقيق إستراتيجيات وأهداف المؤسسة مستقبلا بهدف تحديد الحاجات التدريبية على مستوى المؤسسة ككل (سيتم أثناء ذلك تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة SWOT).
• مراجعة وتحليل الوظائف:حيث يتم تحليل جوانب العمل تحديدا دقيقا لمراجعة وصف الوظائف وشروطه ومعاييره وشروط إنجاز الأعمال بدقة وتحديد مدى جدواها مع إستخدام نظم الجدارات المرتبطة بكل وظيفة للتعرف على الاحتياجات التدريبية.
• مراجعة و استخدام نظم تقييم وإدارة الأداء المتاحة: جمع المعلومات الميدانية عن أداء العاملين في موقع الأعمال الحقيقة في ضوء معايير الأداء المتاحة في ظل نظم تقييم الأداء.
• المقابلات الشخصية: يتم مقابلة المسئولين على كافة المستويات الإدارية للتعرف على آرائهم حول الاحتياجات التدريبية لهم وللعاملين معهم في ظل الأهداف المعتمدة.
• الحوار مع مجموعات خاصة: يتم تحديد بعض العاملين اللذين تتوفر فيهم الخبرة بأعمال المؤسسة وعقد لقاء معهم و حوار هادف يهدف إلى تحديد كفايات العمل ومتطلباته ومعوقاته من وجهة نظر العاملين.
• استخدام استقصاءات تحديد الاحتياجات التدريبية: يتم تصميم بعض الاستقصاءات المتطورة لكل مستوى وظيفي لجمع المعلومات من العاملين من خلال مجموعة من الأسئلة المكتوبة بصورة واضحة حول جوانب الأداء و ظروفه و متطلباته و كفاياته و قد تكون الأسئلة مفتوحة أو أسئلة تتطلب إجاباتها الاختيار من بين عدة بدائل بحيث تغطي الأسئلة كافة جوانب العمل.
• التعرف على آراء الخبراء: حيث يتم عقد الندوات والمؤتمرات عن جوانب العمل و متطلباته و ظروفه و مشكلاته و واقع العاملين.
• استخدام الاختبارات: يتم عقد بعض الاختبارات التحريرية والعملية و الشفوية لمعرفة المعارف و المهارات و الاتجاهات لبعض العاملين و المديرين بعينات عشوائية و بطريقة علمية.
• دراسة الانجازات السابقة للتدريب و التطوير للتعرف على نقاط الضعف و القوة.
• استقراء التطورات المتوقعة في المؤسسة: لتوفير مستلزمات ومتطلبات الأعمال في ضوء معطيات المستقبل.
- الخطوة التالية في تخطيط النشاط التدريبي هي تحديد أهداف التدريب وتنمية الموارد البشرية.
- إعداد الخطة التدريبية بناءً على التحديد الفعلي للاحتياجات التدريبية و الأهداف التدريبية المتوقعة و أهداف التطوير الوظيفي.
- ثم تُعرض الخطة التدريبية على الإدارة من حيث الموضوعات التي تشتملها الخطة, والأهداف المتوقعة, و وصف مبسط لما سوف يحتويه كل برنامج تدريبي, وآلية التنفيذ و طرق التدريب التي سوف تستخدم في التنفيذ, و التوقيتات الزمنية و المدة و مستويات المتدربين و كيفية تنفيذ الخطة و التكاليف المتوقعة و ميزانية التدريب وتنمية الموارد البشرية, و المدربين وجهات التدريب المنفذة و المتاحة.
- تصميم البرامج التدريبية وإعداد المواد التدريبية المصاحبة لها و وضعها موضع التنفيذ و تحديد طرق و أساليب التنفيذ الملائمة تطبيقا لمنهج الجدارة و الكفاءة Competency.
- الإشراف على تنفيذ البرامج التدريبية وتحديد المدربين الملائمين واختيارهم و تأهيلهم إذا لزم الأمر.
- قياس و تقييم النشاط التدريبي و البرامج التدريبية و قياس فاعلية النشاط التدريبي و قياس العائد على استثمارات النشاط التدريبي من خلال وضع الإطار العام لهذه العملية و المتابعة الدائمة من خلال آلية متطورة و عمليّة.
- إعداد دليل التدريب و تنمية الموارد البشرية ليكون مرشداً فعّالاً لإدارة العملية التدريبية و تنمية الموارد البشرية, و الذي يشرح و يحدد سياسات وإجراءات العمل في إدارة العملية التدريبية, و يستطيع أن يستخدمه العاملون بكل سهولة للمساهمة في إدارة التدريب وتطوير العاملين في المنظمة.
تخطيط النشاط التدريبي :
تخطيط النشاط التدريبي هو تلك العملية التي تهدف إلى تحديد أهداف التدريب من خلال التحديد الفعلي للاحتياجات التدريبية ووضع هذه الاحتياجات في صورة أهداف تدريبية محددة يتم وضعها موضع التنفيذ من خلال خطط العمل وفى صورة برامج وندوات ذات أهداف محددة يتم تنفيذها باستخدام طرق ووسائل التدريب المناسبة مع وضع الخطط الكفيلة بتقييم التدريب وقياس فاعليته في مكان العمل.
والخطة التدريبية هي مجموعة العمليات والإجراءات التي يتم تحديدها ووضعها في ضوء الإمكانيات المتاحة وطبقا لاحتياجات تدريبية فعلية في ظل استراتيجيات و أهداف المنظمة وتغطّي فترة زمنية محددة.
العوامل التي تجب مراعاتها عند إعداد الخطة التدريبية:
1. الأهداف العامة للمنظمة .
2. الاحتياجات التدريبية الفعلية.
3. الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
4. ظروف العمل.
5. الجمهور المستهدف.
6. العائد المرجو من الخطة و الآثار المتوقعة بعد تنفيذ الخطة بقصد إقناع الإدارة.
و من هنا سوف ننطلق إلى إلقاء الضوء على أطراف العملية التدريبية والدور الاستراتيجي لكل منهم:
دور المدرّب في تفعيل العمليّة التدريبيّة:
المدرّب: هو ذلك الشخص المسئول الذي يتمتع بالجدارات الأساسية كمدرب ( من معارف و مهارات و سمات شخصية) ويمارسها بدرجة عالية من الاحتراف تجعله قادراً على إدارة وتنظيم عملية التعلّم، و تؤدّي إلى اكتساب المشاركين المعارف و المهارات والاتجاهات المطلوبة عن طريق التفاعل الإيجابي بينه وبين المشاركين وبين المشاركين أنفسهم بعضهم مع بعض.
المهارات الشخصية للمدرب:
كيف يتعامل المدرب المحترف مع المشاعر السلبية و يحولها الى مشاعر إيجابية ؟
• بالتحفيز
• بالتشجيع
• بالاحترام
• بالمشاركة الإيجابية
• بالاحترام المتبادل
• بالثقة
• بإعطاء المثل
• بالقدوة
يتمتع المدرب المحترف بعدد من الجدارات المعرفية و المهارية و الانفعالية ويمكن الإشارة إليها فيما يلي:
• يعرف الدور الأساسي للمدرب .
• يعرف الأسس المادية لعملية الاتصال (التحدث والحوار و الإنصات والاتصال الغير لفظي) يعرف خصائص المتدربين الثقافية.
• ينوّع مصادر معلوماته.
• يفهم دوافع المتدربين.
• يستمع إلى المتدربين.
• ينظّم الفريق في مجموعات عمل.
• ينظّم الوقت.
• يعرض الأسس النظرية للموضوع.
• يدير النقاش بعد الأنشطة التدريبية.
• يحدّد أهداف التدريب.
• يحلّل البرنامج التدريبي.
• يحدّد حاجات المتدربين.
• ينظّم الجلسة بحيث يضمن مشاركة كل المتدربين.
• يوزّع مهام العمل على المتدربين.
• يخطّط إشراك المتدربين في الجلسات.
• يسأل أسئلة سابرة و متعمقة.
• يدير الجلسات بنجاح.
• يوزع العمل بين المشاركين.
• يبني على خبرات المتدرّبين.
• يوازن بين اللغة اللفظية وغير اللفظية.
• يستخدم أساليب تقويم مختلفة.
• يقدم رأيه دون أن يفرضه على الآخرين.
• يستخدم أساليب اتصال ناجحة.
• يختار أساليب تدريب ملائمة.
• خبير في الاتصال.
• يستمع جيداً ويلاحظ جيداً.
• لا يقدّم نفسه كشخص محوري مهم.
• يعمل مع المتدربين لا من أجلهم.
• يحاور ويفاوض.
• لا يضع المتدربين في مواقف دفاعية.
• لا يحتكر الحديث.
• يشارك في التدريب و يمارس دور المدرّب و المتدرّب.
• لا يمارس سلطة رسمية أو فنية.
• يستثمر الوقت دون إطالة أو بطء.
• يستثمر خبرات المتدربين.
• يمتنع عن إصدار أحكام تقويمية.
• يتعامل مع المتدربين كأفراد لا كأنماط .
• يقدم تغذية راجعة.
• يمارس عملية الحوار و المفاوضات.
• يهتم بجميع المتدربين دون تمييز.
• يؤمن بحل النزاعات دون استخدام العنف.
• يتحكم بانفعالاته ومشاعره.
• يحافظ على خصوصيّات المتدرّبين و مسائلهم الشخصية.
• يتقبّل مشاعر المتدرّبين.
• يتقبّل المتدربين كما هم.
• يثق بقدرات الآخرين.
المصدر: الدكتور: أحمد حسني المستشار الدولي وخبيرالموارد البشرية وتطوير المنظمات.
نشرت فى 3 أغسطس 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,770,693