إن كمال الشريعة وتمام الدين الإسلامي جعل الإدارة التي تستند على أصليه الأساسيين القرآن والسنة تمتاز بالعديد من الخصائص والسمات التي تميزها عن غيرها من المذاهب والممارسات الإدارية.

فقد لقيت الإدارة من الشريعة الإسلامية كل اهتمام سواء من حيث وظائف الإدارة – التنظيم والتخطيط والرقابة والتدريب - وغيرها من الوظائف أو من حيث نطاق العمل الجماعي السليم لدى الفرد المسلم فاستطاع الإسلام تكوين الفرد المسلم العامل المتحفز للعمل المنتج الهادئ النفس والمستقيم الضمير وكان هذا الفرد نتاج الخصائص المتميزة للإدارة الإسلامية التي يمكن الإشارة إلى بعضها فيما يلي:

<!-- الإدارة الإسلامية تقوم على الجدارة والكفاءة والأخلاق

فهي تستند على القرآن والسنة وقد بين العديد من الآيات والأحاديث مكانة الكفاءة والجدارة والأخلاق التي لابد من توافرها في الفرد المسلم، فاهتمام الإسلام بتربية وإعداد الفرد المسلم جعل الرسول يقضي الفترة الأولى من بعثته في إعداد الفرد المسلم كخطوة أولى لبناء المجتمع الإسلامي بكافة نظمه الاجتماعية ومنها نظامه الإداري فحث الإسلام على العمل وجعله أساس الاقتصاد الإسلامي واهتم بإعداد وتربية العامل بحيث يصبح مهيئاً للعمل ويتكفل الإسلام بإيجاد العمل له فلا يصبح عالة على المجتمع الإسلامي وإنما فردا ذا قدرة عملية بجانب الصدق والأمانة والإخلاص كما أقر الإسلام بقيمة العمل والعامل.

<!-- سبق الإسلام إلى تقرير نظام الكفاءة والجدارة

وطبقه في عهوده الزاهية واهتم بأخلاقيات العامل المسلم فاعتبر الإسلام الأمانة الركن الثاني في إسناد التكليف إلى الأفراد فربطت الإدارة الإسلامية بين الإنسان كعنصر منتج في العمل وبين سلوكه وبيئته الإسلامية وهذا يعكس بوضوح ارتباط المنظمات الإدارية في الفكر الإسلامي بعقيدة المجتمع الإسلامي وأخلاقه وهذا الارتباط يجعل المنظمات الإدارية في المجتمع الإسلامي تسعى لتحقيق العدل بين العاملين وتنفيذ أوامر الله تعالى الذي أنزل في محكم كتابه " إن خير من استأجرت القوي الأمين" وتنفيذ أمر النبي الكريم " من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح منه فقد خان الله ورسوله" وقوله . ﷺ . " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وقوله " من ولاه الله من أمر المسلمين شيئاً فاحتجب عن حاجتهم احتجب الله عنه يوم القيامة " وقوله " المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ".

وهذا الارتباط بين المنظمة الإدارية والعقيدة هو ما نمى الرقابة الذاتية لدى العامل والموظف السلم فالسلم في المنظمة الإدارية يرعى الله تعالى ويخافه في كل عمل يؤديه خلال وظيفته ويدرك أن هناك رقيباً أعلى هو الله تعالى لذلك وفي هذا المنظور يصعب وجود تلك الفروق الكبيرة والتعارض الكبير بين التنظيم الرسمي والتنظيم غير الرسمي وهذه المبادئ تواتر التأكيد عليها في كتابات رواد الفك الإداري مثل الماوردي وابن تيمية وغيرهم حيث ربطت الإدارة بنظام الجدارة والكفاءة والاعتماد على الأخلاق والارتباط بالعقيدة.

<!-- الإدارة الإسلامية تقوم على الشورى

للشورى مكانة خاصة في الإسلام في كل شئون الحياة وبلغ من اهتمام الإسلام بالشورى أن أصبحت ركناً من أركان الإدارة وكيف لا وقد استشار النبي . ﷺ . وهو المعصوم أصحابه وقال لأبي بكر وعمر لو اجتمعتما على رأي ما خالفتكما وورد عنه . ﷺ . أنه قال "ما خاب من استخار و لا ندم من استشار " وقد كان اهتمام النبي . ﷺ . بالشورى مبني على التوجيه الإلهي حيث قال تعالى " واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " ومدح الله تعالى عباده المؤمنين بأنهم " أمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" واستجابة لهذا الهدي يقرر الخليفة عمر بن الخطاب أنه " لا خير في أمر أبرم من غير مشورة "، وقال سيدنا علي – رضي الله عنه - " نعم المؤازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد وقد خاطر من استغنى برأيه ".

والشورى تعني استطلاع الرأي في كل ما يهم الجماعة فالشورى فريضة من فرائض الإسلام ولا تقتصر على المجال السياسي وحسب حيث أن نص أمرهم شورى بينهم نص مكي أي قبل قيام الدولة فهو طابع أعم من طابع الدولة في حياة المسلمين فهو طابع الجماعة الإسلامية في كل حالاتها إنه طابع ذاتي للحياة الإسلامية وسمة مميزة لجماعة المختارة لقيادة البشرية وهي من ألزم صفات القيادة والشورى تطبق ما تؤكد عليه نظريات الإدارة من ضرورة إشراك العامل في الرأي وصنع و اتخاذ القرار في كل ما يتعلق بشئون المنظمة التي ينتمي إليها الموظف والعامل.

فالإدارة الشورية تدفع الفرد العامل في الإدارة إلى العمل والمشاركة في مسئولية المنظمة الإدارية كما تجعل القياديين في المنظمة يلتزمون بهذا النمط والأسلوب من الإدارة وذلك لاعتبار الشورى فريضة فرضها الله تعالى على المجتمع، كما أن الشورى تقدم وسيلة فعالة للتغلب على الصراعات التي تثور داخل المنظمات الإدارية بإشراك كافة العاملين فيها في اتخاذ القرار.

 

 

<!-- الإدارة الإسلامية تهتم بالجوانب الروحية والنفسية والمادية للإنسان

حيث أقام الإنسان توازناً محكماً بين الروح والجسد وبين المطالب النفسية والاجتماعية والمادية وفي هذا السياق يمكن فهم أمر الله تعالى " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا " كما امر النبي . ﷺ . بهذه الموازنة عندما قرر " إن لنفسك عليك حقاً وإن لبدنك عليك حقاً " فرفق الإسلام بالإنسان العامل وأمر بعدم تحميله ما لا طاقة له به او تكليفه فوق طاقته " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" لذلك يقل التنافس بين العامل وصاحب العمل لأنهما جميعاً يعلمان أمر الله بتلك الموازنة وتقيدهما شرائع الإسلام وهو ما يجعل الإدارة في الإسلام تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وذلك بتحديد اّلأجر العادل له الذي يوفر له سبل العيش الكريم.

<!-- الإدارة الإسلامية إدارة ذات مسئولية رعاية وسلطة مطاعة

فالسلطة والمسئولية وجهان لعملة واحدة وقد حدد الإسلام معالم السلطة والمسئولية فقال النبي . ﷺ . كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وحدد الله تعالى نطاق المسئولية في قوله عز وجل " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" وقال . ﷺ . " اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي ". وعلى المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية.

<!-- الإدارة الإسلامية تتسم بالرقابة الذاتية

والرقابة هي إحدى الوظائف الإدارية التي يقصد بها التزام الأفراد في المنظمة بالطريق الواجب سلوكه في أداء العمل لضمان سير المنظمة وفق الخطط المرسومة و لا يعني هذا ان الرقابة لابد أن تكون رقابة لاحقة على النتائج بل الرقابة يمكن أن تكون خلال الأداء تلافياً للأخطاء من البداية وقد عرفت الحضارة الإسلامية أنواعاً مختلفة من الرقابة فقد وجه القرآن للرقابة عندما أمر المسلمين " ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون" كما أمر النبي . ﷺ . " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ".

وقد تبلورت مفاهيم الرقابة الاجتماعية في مؤسستين هامتين هما الحسبة وولاية المظالم اللتين مثلتا أدوات الرقابة الشاملة إلا أن الإسلام اهتم بتنمية أهم وأدق وأضمن أنواع الرقابة وهي الرقابة الذاتية التي تعي رقابة الفرد المسلم على سلوكه وضبطه وفق تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة وكذلك رقابة المجتمع ككل على تصرفات أفراده وهذه الرقابة تعتمد على يقظة الضمير وصحوته وربط ذلك الضمير بخالقه سبحانه وتعالى في السر والعلن وتؤدي هذه الرقابة إلى تنمية السلوك السليم وأخلاقيات العمل القويمة من خلال التناصح بين المسلمين بالائتمار بالمعروف والتناهي عن المنكر فقد قال الله تعالى " ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" ومن السمات المميزة للإدارة ة الإسلامية أنها إدارة تحقق المساوة فالعمل وحده هو وسيلة التفاضل وهو حق وواجب على كل مسلم كما أنها إدارة تدفع روح الابتكار والمبادرة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,878,821

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters