من ميزات وخصائص الدين الإسلامي التي لا حصر لها، أنه منهج حياة وصالح لكل زمان ومكان. فهو يهتم بالحياة الاجتماعية بكافة تفاصيلها وكذلك بالحياة الاقتصادية، والسياسية، والعلمية والعملية. فقد اهتم الفكر الإسلامي بالعنصر البشري اهتماماً بالغاً، فتجاوزت النظرة إليه كل العناصر الأخرى.

فلا أهمية لرأس المال أو الآلات أو المواد وغيرها ما لم يكن الإنسان محركها ومستثمرها ومديرها، يقول تعالى: ﴿ ونقد كَرُمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ في البَر وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مُمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾. [الإسراء :70].

لذلك فإن العديد من قضايا إدارة الموارد البشرية في منظمات الأعمال قد حددتها مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء. ولقد أكد الفكر الإداري الإسلامي على دور الفرد وأدائه وحله على العمل المتقن الهادف لتحقيق سعادة الفرد والجماعة من خلال تعرضه للعديد من موضوعات الموارد البشرية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مجالات الاختيار والتعيين مجالات الأجور والحوافز، مجالات التدريب وتنمية القدرات مجالات الترقية مجالات العلاقات الإنسانية.

وعلاوة على ذلك، وعلى أساس القرآن والسنة النبوية، هناك خمس ممارسات لإدارة الموارد البشرية الإسلامية مثل التوظيف والاختيار وتقييم الأداء والتدريب والتطوير والتعويض، تؤكد الإدارة الإسلامية على مبادئ رفاهية الإنسان والعدالة والنزاهة والأمانة في إدارة الموارد. يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة على السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانَ إِنَّهَ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا. [الأحزاب : 72].

في الواقع، إذا كانت الإدارة قلقة بشأن وجود العدالة التنظيمية والعلاقات السليمة بين الموظفين والثقة فيها، لا يمكنها تجاهل المساهمة الكبيرة لجوانب ممارسات إدارة الموارد البشرية الإسلامية في هذا الشأن، سوف تقتصر هنا على ثلاث ممارسات رئيسية من ممارسات إدارة الموارد البشرية متمثلة في التوظيف والاختيار، نظم المكافآت والحوافز وتقييم الأداء.

<!-- التوظيف والاختيار

يشير التوظيف إلى العملية التي من خلالها تقوم المنظمات بتحديد وجذب المتقدمين المحتملين والقادرين لملء الوظائف الشاغرة. ومن أجل العثور على الشخص المناسب، تقوم المؤسسات بالغالب بالإعلان في كل من الوسائط الإلكترونية والمطبوعة وبالتالي يمكنها إبلاغ وإلهام الباحثين عن العمل بشكل صحيح، في معظم المنظمات يتحمل مديرو الموارد البشرية هذه المسؤولية عادة.

يجب أن تتم عملية التوظيف والاختيار بشكل عادل ويجب قرارات التوظيف بحكمة، لضمان أن المرشح المعين الأنسب للوظيفة وفقا للمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة.

وتعد ممارسة الاختيار والتوظيف من أهم ممارسات إدارة الموارد البشرية وأكثرها تعقيدا لأن العنصر البشري المؤهل يحقق للمؤسسة الميزة التنافسية وتتم عملية الاختيار بفحص المتقدمين للوظائف لضمان تعيين المرشحين الأكثر ملاءمة إن معیار استحقاق الوظيفة وفقا للشريعة الإسلامية هو الكفاءة والأمانة، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْه إِن خَيْرَ من استأجرت القوي الأمين . [القصص : 26].

وبدون ذلك لن يكون الموظف فعالاً. وفي الإسلام، يجب أن يتم اختيار الموظفين باتباع أربعة مبادئ وهي: العدل، الاختيار بنائاً على الكفاءة، الصدق والأمانة تكليف الفرد بالقيام بعمل يتجاوز قدرته وطاقته وترتبط عمليتي الاختيار والتعيين في الفكر الإسلامي الإداري بانتقاء الأصلح لشغل الوظيفة، وإسناد الأمر إلى من يمكنه تقديم أفضل أداء، يقول تعالى على لسان النبي يوسف عليه السلام ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حفيظ عليمٌ. [يوسف : 55].

فالقدرة والأمانة والعلم والمعرفة تعد من أسس الاختيار الجيد للموارد البشرية، ومن ثم يمكننا القول أن ما استقر عليه الفكر الإداري الإسلامي كأصول ومبادئ عامة للاختيار والتعيين يتمثل فيما يلي: [ استعمال الأصل، اختيار الأمثل فالأمثل، وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، الاختبار قبل الاختيار، الاختيار عملية جماعية، والتعيين تحت الاختبار] ولا ينبغي أيضا تحميل الموظف عند التعيين من الأعمال ما لا يطيق وفوق طاقته وقدرته أو تكليفه بعمل محرم يغضب الله ورسوله قال تعلى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾. [البقرة : 286].

وتؤثر المحسوبية والواسطة على قرارات التوظيف والاختيار فلا يجب تعيين الفرد بناءً على علاقة القرابة أو الدم أو الصداقة أو الثروة أو العمر أو العرق أو النفوذ أو ما شابه.

ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد، أن العامل الرئيس الذي يؤثر على الاختيار والتوظيف في البلدان العربية والإسلامية المعاصرة هو شبكات الصداقة أو المصالح، فخلال حياته، رفض النبي محمد . ﷺ . قبول طلب صديقه المقرب، أبو ذر الذي سعى للعمل كحاكم، وأخبره بلطف أن أبا ذر كان ضعيفا غير مناسب للعمل.

وورد في ذلك عن أبي ذر - رضي الله عنه – "قلت: يا رسول الله! ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها". [رواه مسلم].

وبالتالي، من المهم للإدارة الإسلامية الفهم الصحيح للمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في القرآن والسنة بهذا الخصوص تجنبا للتحيز في كثير من الأحيان والأفعال غير المهنية كالمحاباة والمحسوبية التي أصبحت ظاهرة متفشية في مجتمعاتنا وأعمالنا وتمارس جهارا نهارا.

إن التغاضي عن الكفاءة المطلوبة للوظيفة واختيار مرشح محتمل لأي اعتبارات أخرى يرقى إلى عدم الأمانة والظلم، وروي في هذا المعنى "مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَة وفي تلك العصابة مَنْ هُوَ أَرْضى الله مِنْهُ فَقَدْ خَانَ الله وَحَانَ رَسُولَهُ وخان المؤمنين"، رواه الحاكم في مستدركه، والطبراني في المعجم الكبير، وقد روي في هذا المعنى قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيضًا " من استعمل رجلاً لِمَوَدَّة أو لقرابة، لا يستعمله إلا لذلك، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين"، رواه ابن أبي الدنيا، كما في " مسند الفاروق " لابن كثير.

<!-- التدريب والتطوير

اهتم الفكر الإسلامي بتدريب العاملين وتنمية قدراتهم بهدف إتقان ما يؤدونه من أعمال، فكان الرسول . ﷺ . يقوم بتدريب من يستعملهم في مصالح المسلمين ويزودهم بالنصائح والإرشادات، والخلفاء من بعده كانوا يحرصون على الاجتماع بولاتهم من مختلف المناطق لتبادل الآراء في المواقف والمشكلات الإدارية التي تقابلهم، وبحث سبل مواجهتها وعلاجها.

إن تكليف الأفراد بالوظائف والأعمال يحتاج إلى التأهيل والتدريب على متطلبات واحتياجات الوظيفة، وفي هذا الصدد يقول النبي . ﷺ . " فإذا كلفتموهم فأعينوهم "، والإعانة هنا تتمثل في التدريب الجيد على العمل لاكتساب المعارف والمهارات وصقل القدرات ،كما تتمثل في توفير الأدوات والوسائل والظروف المشجعة على إتقان العمل.

وقد حرص الفكر الإسلامي على إلزامية استمرار العنصر البشري التزود بالمعرفة والعلم والخبرات التي تمكنه من أداء مهامه بالشكل المطلوب، حيث قال نبينا محمد . ﷺ . " الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى الناس بها"، وقال . ﷺ . " تعلموا العلم من المهد إلى اللحد "، وقال جل جلاله في كتابه العزيز ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾. [طه : 114]. والعلم في هذا السياق هو المعرفة الشاملة وعلم المعاملات.

<!-- الترقية

تشير الترقية إلى الانتقال لمركز افضل بالنسبة للعامل مما هو عليه الآن، فهي أداة لتحفيز العاملين على العلم والتعلم واكتساب المهارات، يقول تعـالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾. [الزمر : 9]. ويقاس مستوى كل فرد بعمله وخبرته ودرايته بالأعمال المرشح لها والواجبات الوظيفية المنوطة به ، كقوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. [المجادلة : 11].

والترقية سنة الحياة لقوله سبحـانه: ﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾. [آل عمران : 140]. والمهم في الترقية أن تكون الكفاءة والجدارة أساسها وليست الوساطة أو المحسوبية أو السن أو غيرها من العوامل الشخصية.

<!-- العلاقات الإنسانية

تشبع العلاقات الإنسانية حاجات الأفراد المعنوية والنفسية، وذلك لتحقيق الرضا وإثارة الحماس وبث الطمأنينة والشعور بالانتماء لدى الأفراد.

ولقد حرص الفكر الإداري الإسلامي على تدعيم التعامل فيما بين الرئيس ومرؤوسيه، وضرورة تحلي القائد بصفات متعددة منها القدوة الحسنة والرحمة والاستشارة والعفو عند المقدرة، يقول تعـالى ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾. [آل عمران : 159].

لقد أولى الإسلام اهتماماً كبيراً بالعلاقات الإنسانية في المنظمات الإدارية، ومن بين الأصول والقواعد الدالة على ذلك ما يلي:

<!--التأكيد على أهمية التعاون ومساعدة الآخرين.

<!--السعي لاستقرار الأفراد وتنمية الشعور بالانتماء والمشاركة.

<!--إشاعة روح المحبة والود بين العاملين.

<!--مبدأ الشورى.

<!--صيانة كرامة الإنسان.

<!--التشجيع على الإبداع والتطوير.

<!--تحري الصدق والأمانة.

<!--العدالة والمساواة بين العاملين.

<!--تعميق الإحساس بالمسؤولية.

لقد مارس المسلمون الأوائل الإدارة وإدارة الموارد البشرية ممارسة راقية ومميزة ، ولكن المشكلة أن الفكر الإسلامي لم يشهد سوى تأصيل نظري محدود لعلم الإدارة وإدارة الموارد البشرية ، ومن أهم أسباب ذلك أن التعليم في العالم الإسلامي يسير في خطين متوازيين وهما خط العلوم الشرعية ، وخط العلوم الأخرى [الدنيوية أن جاز التعبير]، ومن هنا نشأت لدينا مشكلة أن المتخصصين في العلوم الشرعية [الدينية] لا يعرفون الكثير من علوم الإدارة، كم أن المتخصصين في العلوم الإدارية لا يعرفون الكثير عن العلوم الشرعية.

ولكن شهد العالم الإسلامي في العصر الحديث محاولات من كثير من الكتاب المهتمين بالتأصيل الشرعي للعلوم ومنها العلوم الإدارية وهو ما يطلق عليه البعض جهود أسلمة المعرفة، وقد قدم لنا كثير من الكتاب والمفكرين المهتمين بالربط بين علوم الإدارة والعلوم الشرعية الكثير من الإسهامات الطيبة في هذا المجال.

<!-- تقييم الأداء

قال تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عمَلَكُمْ وَرَسُولَه وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتَردُّونَ إلى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيَنَيُنَكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. [التوبة : 105].

ينظر إلى تقييم الأداء على أنه عملية منهجية ومخصصة لتحسين المنظمة والأفراد معا، وضمن هذه للعملية، يحدد إطار الأهداف ومتطلبات معايير الأداء.

كما عُرف التقييم بأنه مجموعة من ممارسات الموارد البشرية التي تؤثر على الأداء التنظيمي. وعرفه آخرون على أنه لقياس التأثير في خصائص الفرد الأدائية والسلوكية وتقييمه، ومحاولة التعرف إلى احتمالية تكرار الأداء والسلوك نفسه في المستقبل لإفادة الفرد والمنظمة والمجتمع.

إن جعل العاملين يحسنون من أدائهم يحتاج في البداية إلى تقييم أعمالهم بصدق وأمانة وعدل، فلن تستطيع أي شركة أو مؤسسة أن تجعل موظفيها يحسنون من أدائهم دون تحديد مستواهم.

تشير الدراسات في هذا المجال إلى أن [10%] من الشركات الغربية تتبنى وتنفد نظام تقييم فعال، أما غالبية الشركات والمؤسسات فلديها نظام تقييم أداء، ولكن ينفذ بطرق صورية في الغالب، وفي الدول العربية والإسلامية الأمر لا يزال بعيدا عن التطبيق الفعال في أغلب شركات القطاع الخاص، وإن وجد وطبق فيكون صوريا في مؤسسات القطاع العام ومؤسساته الخدمية والإنتاجية.

ومن المبادئ الإسلامية في تقييم الأداء التي يجب أن تمارسها إدارات الأعمال:

<!--استحضار رقابة الله سبحانه وتعالى على العمل

الرسول صلي الله عليه وسلم يؤكد في حديثة الشريف أن عبادة الإنسان المؤمن لا تكون كاملة ومقبولة إلا باستحضار رقابة الله عز وجل وورد في الحديث " الإحسان أن تعمل الله كأنك تراه، فإنك إن لم تره فإنه يراك ". [رواه مسلم].

وهذا العمل ينقل الفرد من التعامل مع الناس والعمل معهم لمرحلة عليا هي مرحلة الرقي بالعمل لوجه الله وليس في سبيل شيء آخر، وكذلك الامتثال للرقابة الربانية على الأعمال جميعها، يقول تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلِ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. [ق : 18]. وقوله تعالى
﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثْ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنْ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. [النساء : 1].

<!-- التقييم الذاتي

فالتقييم الإسلامي قائم بدافع الرقابة الذاتية لإرضاء الله تعالى، فالإنسان إذا فعل شيئا مخالفا لفطرته يشعر بالندم والألم. كما يؤكد رسول الله . ﷺ . على أهمية التقويم الذاتي والرقابة الذاتية في عمل الفرد، عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب  -رضي الله تعالى عنهما - قال: كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ . ﷺ . يومًا قال: " يا غلامُ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ ".

<!--العدل

قال سبحانه وتعالى: ﴿ وإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾. [الأنعام : ١٥٢]. إن من العدل تقويم الموظفين بشكل موضوعي نظامي، لا على أساس مصلحي وعلى جميع الموارد البشرية في المؤسسة بمختلف المستويات الإدارية.

<!--الاستمرارية

         وهو ما يتميز به نظام التقييم الإسلامي في أنه تقويم مستمر طيلة أيام العمل، ولا يترك الموظف حتى نهاية السنه ليتفاجأ بأخطائه التي لا يمكن أن يتفاداها مما يوقعه بمشكلة قد تؤدي به إلى تركه للعمل أو فصله، وفي ذلك قوله تعالي: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبي لم تحرم ما أحل الله لك تُبْتَغِي مَرْضَاتُ أَزْوَاجِكَ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ. [التحريم : 1].

<!-- التقويم الصحبة

يتميز نظام التقويم في الإسلام عن غيرة من الأنظمة الوضعية بتقييم الموظف لزميلة في العمل عن طريق التناصح والتوجيه والإرشاد وأهم وسيله في تحقيق ذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول تعالى في منزل كتابه الكريم: ﴿ ولتكن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هَمَ الْمُفْلِحُونَ ﴾. [آل عمران : 104].

كما دعا رسول الله . ﷺ . المسلم إلى محارية المنكر على قدر الاستطاعة في قوله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله . ﷺ . يقول "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم].

فهذا التقويم يلقى قبولا وتجاوبا كبيرا في نفوس الأفراد حين يكون مبنيا على المحبة والصدق والأمانة والثقة في النصح، لأن الفرد يقبل من زميله أو صديقه ما لا يقبله من غيره، كما قد يكون زميل العمل على اطلاع قبل الإدارة بتفاصيل العمل، ويمكنه تصحيح الاعوجاج بسرعة تمنع من وقوع الخطأ وتضخمه.

<!-- المكافئات والحوافز

كان الرسول . ﷺ . يحدد أجور العاملين بما يتناسب وأعباء الوظيفة وحجم العمل والظروف الاجتماعية والبيئة المحيطة، ويمكن القول أن الفكر الإسلامي قد حدد بعض المبادئ والأصول العامة للأجور والحوافز ومنها: تحديد الأجر مقدماً، السرعة في دفع الأجر المستحق تقييم العمل أساس تحديد الأجر، تأثر الأجر بالظروف الاجتماعية والبيئية.

المكافآت والحوافز إحدى الممارسات الفعالة لزيادة حدة المنافسة بين الموظفين مما ينعكس إيجابيا على الأداء، لذا تحرص المؤسسات على اختلاف أنواعها على تبني نظام عادل للمكافآت والحوافز بهدف تحسين الأداء الإنتاجية والاحتفاظ بمستوى عال من المنافسة.

فالإنسان في تقدمه ضمن عمله، ولمواصلة العطاء وزيادة مستواه ورفع كفاءة إنتاجه كما ونوعاً بجانب التدريب واكتساب الخبرة يحتاج إلى حوافز العمل والتي تتمثل في الكسب المادي أو المعنوي والذي يتمثل في التقدير أو كلاهما معاً بهدف حفز الموظف ودفعه لزيادة إنتاجه كماً ونوعاً ولإشباع حاجاته.

وقد لا تخلو مؤسسة أو منظمة من وجود نظام أو برنامج محدد ومدروس للحوافز وذلك ليساعد الموظفين على تقديم أفضل ما لديهم للعمل مما ينعكس بشكل إيجابي على تفعيل دور المنظمة داخل المجتمع، وبالتالي تكون قادرة على تحقيق أهدافها.

واهتم الإسلام بقضية المكافآت والأجور والحوافز والتعويضات على الأفعال سواء في الدنيا أو في الآخرة، فهي تشجع الأداء المتميز، ولها تداعيات عميقة الأثر في النفس البشرية، وتشعره بأنه إنسان له مكانته وأنه مقدر في عمله، فنجد أن الإسلام اهتم بالعمل وأوضح أهميته بالنسبة للإنسان وقدر العمل كالعبادة، فهناك الكثير من الدلائل القرآنية التي تحث على العمل وأهميته وكذلك التحفيز على العمل وجزائه عند الله سبحانه وتعالى في  ﴿ وأن ليس للْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَة سَوْفَ يَرَى ثُمَّ يَجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى ﴾. [النجم : 39،40،41].

وقوله سبحانه وتعالى في سورة الزمر ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرَ أُولُو الألباب ﴾. [الزمر : 8]. وقوله تعلى في سورة الرحمن ﴿ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانَ ﴾. [الرحمن : 60]. والقيادة الإسلامية تحتم على القائد أن يتعامل مع الآخرين بالعدل والإنصاف والأمانة، دون النظر إلى أجناسهم أو ألوانهم أو أصولهم في الأجور والحوافز، قال سبحانه وتعالى: ﴿ إن اللهَ يَأْمَرَكُمْ أَنْ تَؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أهْلَهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكموا بالعذل ﴾. [النساء: 58]. نجد أن كل تلك الآيات تحث على أهمية العمل والأجر والثواب أو الجزاء المنتظر من هذا العمل، ويعتبر هذا تشجيعا على القيام بالعمل بمستوى عال من الأداء والتميز.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,879,538

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters