إدارة الموارد البشرية تتضمن عدة مراحل تساهم في تنظيم وتطوير القوى العاملة داخل المنظمة. هذه المراحل تشمل:

المرحلة الأولى: أثر الثورة الصناعية على إدارة الموارد البشرية:

تطورت الحياة الصناعية بعد الثورة الصناعية قبل ذلك كانت الصناعات محصورة في نظام الطوائف المتخصصة حيث كان مثلا الصناع يمارسون صناعتهم اليدوية في المنازل بأدوات بسيطة. ومن ناحية إدارة الموارد البشرية كانت الثورة الصناعية بمثابة البداية لكثير من المشاكل الإنسانية حيث:

<!--نظرت إلى العامل باعتباره سلعة تباع وتشترى بعد ان اعتمدت الإدارة على الآلة أكثر من اعتمادها على العامل.

<!--نشأة كثير من الأعمال المتكررة التي لا تحتاج إلى مهارة بسبب نظام المصنع الكبير. وعلى الرغم من ذلك فان الثورة الصناعية حققت زيادة هائلة في الإنتاج والسلع.

المرحلة الثانية: ظهور حركة الإدارة العلمية:

من التطورات التي ساهمت في ظهور أهمية إدارة الموارد البشرية هي انتشار حركة الإدارة العلمية بقيادة تايلور الذي توصل إلى الأسس الأربعة للإدارة وهي:

<!--تطوير حقيقي في الإدارة: ويقصد تايلور بذلك استبدال الطريقة التجريبية أو طريقة الخطأ والصواب في الإدارة بالطريقة العلمية التي تعتمد على الأسس المنطقية والملاحظة المنظمة وتقسيم أوجه النشاط المرتبطة بالوظيفة ثم تبسيط واختصار الأعمال المطلوبة اعتمادا على أعلى المواد والمعدات المستخدمة.

<!--الاختيار العلمي للعاملين: ويعتبره تايلور الأساس في نجاح إدارة الموارد البشرية، فبد ان نتأكد من قدراتهم ومهاراتهم اللازمة لتحمل عبء الوظيفة-يتم اختيارهم.

<!--الاهتمام بتنمية وتطوير الموارد البشرية وتعليمهم: حيث يؤكد تايلور ان العامل لن ينتج بالطاقة المطلوبة منه إلا بعد ان يكون لديه استعداد للعمل، وتدريب مناسب على العمل وهو أمر جوهري للوصول إلى المستوى المطلوب من العمل.

<!--التعاون الحقيقي بين الإدارة والموارد البشرية: حيث يؤكد تايلور انه بالإمكان التوفيق بين رغبة العامل في زيادة أجره وبين رغبة صاحب العمل في تخفيض تكلفة العمل وذلك بزيادة إنتاجية العامل بأن يشارك في الدخل الزائد لارتفاع معدل إنتاجيته.

وقد أكد تايلور على معايير العمل وقوبل بهجوم وركز هذا الهجوم على مطالبته للعمال بأداء معدلات إنتاج دون ان يحصلوا على اجر بنفس الدرجة، كما أهمل الجانب الإنساني.

المرحلة الثالثة: نمو المنظمات العمالية:

في المرحلة الثالثة، والتي تعود إلى بداية القرن العشرين، شهدت العديد من الدول نموًا وتعزيزًا للمنظمات العمالية، وذلك بشكل خاص في قطاعات مثل المواصلات والصناعات الثقيلة. كان هذا النمو يأتي كرد فعل على التحديات والظروف العملية التي كان يواجهها العمال.

قوة المنظمات العمالية نشأت بسبب عدة عوامل، منها:

  • زيادة الوعي العمالي: بفضل التحسينات في التعليم والاتصالات، زاد وعي العمال بحقوقهم وبنضالهم من أجل ظروف العمل المنصفة.
  • الحركة النقابية: ظهرت حركات نقابية قوية تسعى إلى تحسين ظروف العمل وحقوق العمال. هذه النقابات كانت تسعى إلى زيادة الأجور وتقليل ساعات العمل، وهذا دفع العمال إلى التنظيم والانضمام لهذه المنظمات.
  • الإدارة العلمية: بينما كانت حركة الإدارة العلمية تسعى إلى زيادة الإنتاجية من خلال تحسين عمليات الإنتاج، إلا أنها تجاوزت غالبًا حدود التجديد التكنولوجي لتحقيق مكاسب لأصحاب رأس المال. هذا أثار الغضب بين العمال ودفعهم للتنظيم والدفاع عن حقوقهم.

بالتزامن مع ظهور حركة الإدارة العلمية، اندلعت النقابات العمالية بقوة للدفاع عن مصالح العمال وتحسين ظروفهم. تركزت جهود النقابات على تحقيق زيادة في الأجور وتحسين ظروف العمل، وهذا دفع إلى تعزيز القوة التفاوضية للعمال وتحسين المعايير العامة للعمل.

باختصار، في هذه المرحلة، شهدت المنظمات العمالية نموًا كبيرًا وتعزيزًا لدورها في تحقيق حقوق العمال وتحسين ظروف العمل. كما أن تطور حركة الإدارة العلمية ساهم في تعزيز تنظيم العمال وتحفيزهم على الدفاع عن مصالحهم.

المرحلة الرابعة: بداية الحرب العالمية الأولى:

حيث أظهرت الحرب العالمية الأولى الحاجة إلى استخدام طرق جديدة لاختيار الموظفين قبل تعيينهم مثل (ألفا وبيتا)وطُبقت بنجاح على العمل تفاديا لأسباب فشلهم بعد توظيفهم. ومع تطور الإدارة العلمية وعلم النفس الصناعي بدأ بعض المتخصصين في إدارة الموارد البشرية الظهور في المنشآت للمساعدة في التوظيف والتدريب والرعاية الصحية والأمن الصناعي ،ويمكن اعتبار هؤلاء طلائع أولى ساعدت في تكوين إدارة الموارد البشرية بمفهومها الحديث. وتزايد الاهتمام بالرعاية الاجتماعية للعمال من إنشاء مراكز للخدمة الاجتماعية والإسكان ويمثل إنشاء هذه المراكز بداية ظهور أقسام شئون الموارد البشرية واقتصر عمله على الجوانب السابقة وكان معظم العاملين بأقسام الموارد البشرية من المهتمين بالنواحي الإنسانية والاجتماعية للعامل.

ثم أُنشئت أقسام موارد بشرية مستقلة وأُعد أول برنامج تدريبي لمديري هذه الأقسام عام 1915 وقامت 12 كلية بتقديم برامج تدريبية في إدارة الموارد البشرية عام 1919 وعام 1920 أُنشئت كثير من إدارات الموارد البشرية في الشركات الكبيرة والأجهزة.

المرحلة الخامسة: ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية

في المرحلة الخامسة، التي تمتد من نهاية العشرينات وحتى بداية الثلاثينات من القرن العشرين، شهدت عدة تطورات مهمة في مجال العلاقات الإنسانية وإدارة الموارد البشرية. خلال هذه الفترة، أُجريت تجارب هو ثورن التي أُجريت في مصنع هو ثورن للمصابيح الكهربائية بواسطة باحثين من معهد هارفارد للأبحاث الاجتماعية، بقيادة التون مايو. تُعد هذه التجارب من أبرز الأحداث التي ساهمت في تغيير نظرة الإدارة إلى العاملين والعلاقة بين العامل وبيئته العملية.

خلال تجارب هو ثورن، تم اكتشاف أهمية عوامل نفسية واجتماعية في تحقيق الإنتاجية وتحسين أداء العاملين. وقد توصل الباحثون إلى أن رضاء العاملين عن عملهم يؤثر بشكل كبير على أدائهم وإنتاجيتهم. كما تم التركيز على أهمية بيئة العمل والعوامل الاجتماعية التي تؤثر في رفاهية ورضا العاملين.

هذه التجارب ساهمت في تغيير النهج التقليدي للإدارة وتوجهها نحو تحسين العلاقة بين الإدارة والعاملين. بدأت الشركات في النظر إلى العاملين على أنهم جزء أساسي من العملية الإنتاجية وأن توفير بيئة عمل صحية وداعمة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أدائهم وإنتاجيتهم.

بالإضافة إلى ذلك، توجهت الاهتمامات نحو دراسة السلوك الإنساني في بيئة العمل بشكل أعمق، وهو ما أثر على العديد من المفاهيم والنماذج الإدارية المستخدمة حاليًا في مجال إدارة الموارد البشرية.

المرحلة السادسة: ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى الآن:

  • في هذه المرحلة اتسع نطاق الأعمال التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية حيث شملت تدريب وتنمية العاملين ووضع برامج لتحفيزهم وترشيد العلاقات الإنسانية وليس فقط حفظ ملفات الموارد البشرية وضبط حضورهم وانصرافهم والأعمال الروتينية.
  • مازالت الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية تركز على العلاقات الإنسانية والاستفادة من نتائج البحوث لعلم النفس والانثروبولوجيا وكان نتيجة ذلك تزايد استخدام مصطلح العلوم الإنسانية حيث أنه أكثر شمولا لأنه يضع في اعتباره جميع الجوانب الخاصة ببيئة وظروف العمل والعامل وأثرها على سلوكه، ويجب التأكد من أن العلوم السلوكية ماهي إلا مجرد أداة معاونة للإدارة في الكشف عن دوافع السلوك الإنساني للعاملين واثر العوامل على هذه السلوك ،وتضيف نوعا من المعرفة الجديدة التي يُستفاد منها في مجالات إدارة الموارد البشرية مثل سياسة التحفيز والتنظيمات غير الرسمية.

و مستقبلا يمكن النظر إلى إدارة الموارد البشرية على أنها في نمو متزايد لأهميتها في كافة المنشآت نتيجة التغيرات السياسية والتكنولوجية، وهناك تحديات يجب ان تتصدى لها إدارة الموارد البشرية مثل: الاتجاه المتزايد في الاعتماد على الكمبيوتر والأوتوماتيكيات في إنجاز كثير من الوظائف التي كانت تعتمد على العامل. وأيضا الضغوط السياسية والاقتصادية والتغير المستمر في مكونات القوى العاملة من حيث المهن والتخصصات، ويجب التأكيد على استخدام المفاهيم الجديدة مثل هندسة الإدارة والجودة الشاملة في مجال إدارة الموارد البشرية.

 

المصدر: د. أحمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,252,254

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters