نجد أغلب المنظمات والمنظمات في وقتنا الراهن- إن لم نقل كلها- ضمن حلقة دوران شاملة عنوانها البقاء للأفضل والدوام للأكثر فعالية، فهي حلقة تطوير عالية السرعة، تفرض على كل عناصرها (المنظمات الإدارات المنظمات، إلخ) التبديل والتغيير المستمر في بنياتها، سياستها العامة، وكل مكوناتها الاستراتيجية، رغبة في تحقيق الفعالية المطلوبة، بغض النظر عن الطرق والأساليب المنتهجة، أو حتى على الأقل تحقيق عنصر البقاء؛ حتما هو عصر التغييرات السياسية الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية.

يعتبر التغيير التنظيمي في عالم الأعمال المتغير باستمرار أمرًا لا غنى عنه للمنظمات التي تسعى إلى البقاء والازدهار. فالتطور التكنولوجي والتغيرات في الاقتصاد والمتطلبات العالمية يجعلان من التغيير ضرورة ملحة لضمان استمرارية النجاح والتنافسية. إن فهم وإدارة عملية التغيير التنظيمي أصبح مهمة حيوية للقادة والمدراء في المنظمات الحديثة.

يشير التغيير التنظيمي إلى عملية تحويلية تستهدف تعديل هيكل ووظائف وثقافة المنظمة بهدف تحقيق تحسين شامل في أدائها. كما أنها جهود مستمرة ومنهجية لإحداث تغيير إيجابي يؤثر على جميع جوانب المنظمة. ويتضمن هذا التغيير تطوير الممارسات الإدارية، وتحسين العمليات، وتعزيز التواصل، وتطوير المهارات، وتغيير الثقافة التنظيمية ليتماشى مع رؤية وأهداف جديدة.

تتسم عملية التغيير التنظيمي بالتعقيد، حيث يمكن أن تواجه المنظمات تحديات عديدة أثناء تنفيذها. ومن هذه التحديات، مقاومة الموظفين للتغيير، عدم توافق بعض الأفراد مع الرؤية الجديدة، التأثيرات الاجتماعية والنفسية للتغيير، وضغوط الزمن والموارد. لهذا، تتطلب عملية التغيير التنظيمي استراتيجيات مدروسة وتخطيط دقيق، بالإضافة إلى قدرة على التواصل وإدارة التوترات.

في هذا السياق، تعد القيادة الفعّالة دورًا حاسمًا في نجاح عملية التغيير التنظيمي. ويجب أن يكون القادة قدوة ومصدر إلهام للموظفين، ويجب أن يستطيعوا تفهم التحديات والمخاوف التي يواجهها الفريق أثناء عملية التغيير. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتمتعوا بالقدرة على تخطيط وتنفيذ الخطط التي تضمن تنفيذ التغيير بسلاسة وبتأثير إيجابي.

إن التغيير التنظيمي ليس مجرد تعديلات سطحية، بل هو جهد شامل يهدف إلى تحسين المنظمة وتجديدها لتلبية متطلبات وتحديات العالم الحديث. وتحقيق التغيير التنظيمي الناجح يعتمد على الرؤية الواضحة، والقيادة القوية، والتخطيط الدقيق، والتواصل الفعّال، والقدرة على التكيف والتعلم من التجارب.

يعرف التغيير في معناه اللغوي بأنه التحول والتبديل، أو الخروج عن المألوف سواء كان هذا الخروج طوعيا تلقائيا، أو بدون تخطيط أو تدبير، أو كان تغييرا مفروضا مرغما صاحبه على انتهاجه حفاظا على بقائه، وقد شكل هذا سمة من سمات عالمنا هذا، وربما كان الأكثر شيوعا من خلال استعماله من قبل السياسيين المفكرين، أو حتى الأفراد العاديين.

أما عند أصحاب الاختصاص، فقد عرفه مصطفى عشوي بأنه: «الانتقال من حالة إلى أخرى مغايرة لها، وعادة ما يفترض أن يكون التغيير لما هو أحسن من الوضعية السابقة ويهدف إلى إنجاز المهام عن طريق إتباع استراتيجية الانتقال من الجزئي إلى الكلي والأهداف التي تأسست من أجلها المنظمة بمنهجية أحسن وفعالية أفضل لغرض إشباع الحاجات المادية والمعنوية للأفراد الذين ينشطون داخل المنظمة».

وهو ما يعني أن التغيير الذي يخص مختلف التنظيمات، يقصد به أساسا التحول إلى أفضل ما يمكن، بغية تحقيق الفعالية المطلوبة، وذلك من خلال إحداث تعديلات في أهداف وسياسات الإدارة، أو في أي عنصر من عناصر العمل التنظيمي وحتى في هيكلها التنظيمي أو طبيعة نشاطها، وفي السياق نفسه يعرف التغيير بأنه: «إجراء تعديلات في عناصر العمل التنظيمي كأهداف للإدارة أو سياستها، في محاولة لحل مشاكل التنظيم، وأي ظروف بيئية جديدة تتحقق من حوله»

 وفي هذا الصدد نود التفرقة بين التغير والتطوير، فالتغير العشوائي هو الذي يحدث مصادفة بدون تدخل من أحد، وإنما يرجع إلى اختلال في التوازن بين عدد من العوامل الطبيعية أو التكنولوجية أو الديمغرافية، وبالتالي فهو ليس لديه خطة مرسومة، ويطلق عليه اسم التغير، أما التغيير المخطط فهو الذي يتحكم فيه وفي مساره ويخطط له، فيحدد أهدافه ومجالاته وسرعته.

وفي علاقة بالموضوع تأكد أنه قد يستعمل التغيير التنظيمي ليراد به التطوير التنظيمي، مع أن لكل منهما تعريفه الخاص، إذ يعرّف بيكهارد التطوير التنظيمي بأنه: "جهود مخططة على نطاق المنظمة بأكملها تدار من أعلى المستويات لزيادة فاعلية وحيوية المنظمة من خلال التدخل المحسوب، في إجراءات المنظمة باستخدام العلوم والمعارف السلوكية، كما يتضمن هذا عادة أساليب وإجراءات العمل، سلوك العاملين واتجاهاتهم وعلاقاتهم في نطاق التنظيم. وبمعنى آخر تغيير الهيكل التنظيمي يكون انعكاسا لتغيير حجم التنظيم أو رغبة في تحقيق الفعالية كما أن تغيير المهام والوظائف يكون نتيجة إدخال آلات وتقنيات حديثة، وهو ما يفرض إعادة تقييم العمل.

ومما تجدر الإشارة آلية يتبين لنا جليا مما سبق أن التغيير أصبح ظاهرة عالمية مرادفة في دلالاتها للتحول والتطور الاقتصادي المفروض من قبل عناصر أخرى، يتحتم من خلاله على كل منظمة تنشد التطور والتقدم التفكير بجدية في كيفية التكيف مع الوتيرة التي تفرضها من خلال تبني برامج ومخططات استباقية توضح فيها كل جوانب التغييرات المتوقعة وعلى كافة الأصعدة، فعملية الإعداد تمثل عاملا مهما بالنسبة للمنظمة، تمكنها من مباشرة سياستها المستقبلية في وضع مريح، فكلما كان مشروع التغيير مدروسا ومضبوطا، كلما كانت النتائج متوقعة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,872,405

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters