يعد قرار التسعير في الأسواق الخارجية من القرارات الهامة التي تؤثر على نجاح المؤسسة، حيث أن قرارات التسعير تساهم في زيادة الربحية، بالتأثير المباشر على حجم المبيعات المتوقعة، و الأرباح التي يمكن تحقيقها من جراء ذلك. فهو أحد القرارات الحيوية لحياة المشروع في المؤسسة، و أحد العناصر الاستراتيجية التي من ورائه تسعى المؤسسة لتحقيق الربح، بالإضافة إلى هذا يستخدم السعر كعنصر فعال و مؤثر يجذب المستهلكين، و من هذا المنطلق، كان محور اهتمام الكثير.

أ- تعريف السعر في التسويق الدولي:

يقصد بالسعر بصفة عامة بأنه القيمة المعطاة لسلعة، أو خدمة معينة، و التي يتم التعبير عنها في شكل نقدي، و في مجال التسويق الدولي " فإن سعر المنتوج هو قيمته التبادلية في الأسواق الخارجية".

و كما يرى رجال التسويق أن السعر هو أهم عناصر المنافسة، مستدلين بالدراسات الميدانية التي أجريت في بريطانيا، و من بين هذه الدراسات التي تؤكد أن السعر هو أهم عناصر المنافسة في المزيج التسويقي (الدراسة التي قام بها محمد صديق عفيفي حول صناعة النسيج و الغزل في بريطانيا، حيث أجرى استقصاء حول 36 مؤسسة، فذكرت 31 مؤسسة أهمية السعر في الترتيب الأول كأحد العناصر الاستراتيجية التسويقية.

ب- مشاكل التسعير في الأسواق الدولية

تواجه الشركة عند إعداد استراتيجياتها التسعيرية على المستوى الدولي عدة مشاكل أهمها ما يلي:

<!--مشكلة تهريب المنتج:

تعد مشكلة تهريب المنتج من السوق المضيف إلى الأسواق المجاورة تحدًا هامًا في إعداد استراتيجيات التسعير الدولي. ويحدث هذا التهريب عندما يكون هناك فارق كبير في الأسعار بين السوقين، ويتسبب غالبًا في فقدان العائدات المستحقة للشركة. ويمكن أن يكون ذلك ناتجًا عن اختلافات في أنظمة الرقابة على الأسعار أو معدلات التضخم بين السوقين. على سبيل المثال، قد يكون هناك تشدد في تنظيم الأسعار في سوق واحد بينما يكون في السوق المجاور يفتقر إلى هذا التنظيم، مما يدفع المنتجين إلى تهريب منتجاتهم.

<!--مشكلة تأثير سعر المنتج النهائي وسعر أجزائه على ربحية الشركة:

تواجه الشركات ذات أرقام أعمال كبيرة في السوق الدولي تحديات في تحديد سعر المنتج النهائي وأجزائه، خاصةً عندما يتم تسويق المنتج ككل وفي شكل أجزاء. وعلى سبيل المثال، قد يظهر فارق السعر بين السيارات المنتجة محلياً وتلك المستوردة من الخارج تحديًا. وهذا الفارق في السعر قد يؤدي إلى تأثير غير متناسق على ربحية الشركة، خاصةً إذا كانت أسعار الأجزاء مرتفعة بشكل غير متناسب.

في مواجهة هذه المشكلة، يتوجب على الشركة تحديد سياسات تسعير متوازنة تأخذ في اعتبارها فروق السعر بين المنتج النهائي وأجزائه، وتضع استراتيجيات ملائمة لضمان الحفاظ على ربحية الشركة بشكل عادل ومستدام.

 

<!--مشكلة عدم تناسق السعر مع باقي عناصر المزيج التسويقي الدولي:

تعتبر مشكلة عدم تناسق السعر مع باقي عناصر المزيج التسويقي الدولي تحديًا يستدعي التفكير الاستراتيجي. ولا يمكن تحديد سعر المنتج بمعزل عن باقي العناصر مثل المنتج نفسه، وطريقة التوزيع، وحملات الترويج. درجة التطور التجاري والفني للمنتج قد تسمح بتسعيره بشكل يختلف عن منافسيه، ولكن يجب أن تتم مع هذا التفوق جهود ترويجية فعّالة لتسليط الضوء على مزايا المنتج. وفي حالة سلع الاستهلاك الأخير، يمكن التفاوض مع الوكيل أو المستورد لبث رسالة إعلانية تبرز تميز المنتج المستهلكين في السوق الخارجية المستهدفة. بالنسبة لسلع الإنتاج، يمكن للمسوق الدولي تدريب رجال البيع على إقناع المشترين بالخصائص المميزة للسلعة.

ويجب أن يتم تحديد السعر يجب أن يتم بشكل استراتيجي يعكس قيمة المنتج ويتناغم مع باقي عناصر المزيج التسويقي لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة في السوق الدولية.

أعلى النموذج

ج- محددات السعر في الأسواق الدولية:

إن قرار التسعير يتأثر بعدة عوامل، على المؤسسة أخذها بعين الاعتبار عند تحديد السعر في الأسواق الأجنبية، و فيما يلي سنتناول هذه المحددات وتأثيرها على قرار التسعير في الأسواق الدولية، و التي يمكن حصرها في الآتي:

<!--هـدف المؤسسـة:

إن أهداف التسعير ترتبط بأهداف التسويق التي يتم تحديدها من طرف المؤسسة، و هذه الأهداف تتمثل في الإنتاج، المخزون، البيع، الربحية، و زيادة نصيب المؤسسة من السوق...الخ. إلا أنه غالبا ما يختلف هدف المؤسسة من سوق لآخر.

ففي الأسواق الأجنبية دوما تعمل المؤسسة على التعمق و غزو السوق بتطبيق نظرية التمكن السوق، أما إذا كانت المؤسسة تعتمد في سوق آخر على الموزع فإنه من الأفضل لها فرض سعر مرتفع لاستخدام استراتيجية كشط السوق. ومن ناحية أخرى، قد تقوم المؤسسة بتحديد أهدافها من التسعير في بناء صورة معينة لمؤسسة، أي بمعنى أن الاستراتيجية المتبعة في التسعير، الهـدف من ورائها الإسهام في خلق انطباع معين لدى المستهلك من أجل البقاء و الاستمرار و كسب تأييد الرأي العام لها، حتى تستطيع تحقيق أقصى ربح ممكن.

<!--التكـاليـف:

للتكاليف دور هام في تحديد السعر في الأسواق الدولية، و هو الأمر الذي لا يمكن تجاهله في التسويق الدولي، لذلك فإن التكلفة في الأسواق الأجنبية يجب أن تضمن كل شيء ضروري، لتوصيل المنتوج إلى المستهلك مثل نفقات المبيعات، الإعلان، تكاليف البحـوث، و التسويق إضافة إلى بقية التكاليف للسلعة ذاتها. إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعار مرتفعة في حالة ما إذا كان المركز التنافسي في المؤسسة طويلا، و كذلك إذا اتبعت سياسة التمييز السلعي.

<!--الـمنـافسـة:

إن درجة المنافسة السائدة في الأسواق الأجنبية، تعتبر إحدى العوائق أو الاعتبارات الأساسية التي تؤثر على قرار التسعير في الأسواق الخارجية، فيختلف السعر في هذه الأسواق باختلاف قوة المنافسة في السوق الآخر، إلا أنه يمكن للمؤسسة الاحتفاظ بأسعارها المرتفعة في حالة ما إذا أتبعت سياسة التمييز السلعي.

<!--الـحكـومـة:

في العديد من الدول تفرض الحكومة بعض أشكال التحكم في الأسعار، كأن تفرض رسوما جمركية مرتفعة على المؤسسات الأجنبية، أو إصدار بعض القوانين و التشريعات تفرض على المؤسسة بألا تبيع منتوجاتها أقل من السعر الموجود في السوق، و هذا يؤدي إلى فقدان حصتها في السوق وإلحاق الضرر بهـا.

<!--قنوات التـوزيـع:

إضافة إلى العوامل التي سبق ذكرها، فإن هيكل التوزيع هو الآخر من العوامل الرئيسية التي تؤثر على سياسة التسعير، بفرض تسعير معين في سوق أجنبية، لأن قنوات التوزيع المختلفة تتطلب تكاليف مختلفة، فمثلا استخدام نفس القناة في دولتين فرنسا و العربية السعودية، لا يعني هذا أن التكلفة ستكون متشابهة، لذا اختيار قناة معينة يؤثر في قرار التسعير و هذا ما يجعل المؤسسة مضطرة لاختيار قناة التوزيع الأقل تكلفة، حتى تستطيع تسعير المنتوج و فق ما يرغب فيه المستهلك.

د- استراتيجية تنميط أم تكييف السعر للأسواق الدولية

تطرح القرارات المتعلقة بالسعر على المستوى الدولي إشكالية الاختيار بين بديلين استراتيجيين هما :

<!--استراتيجية تنميط السعر: بحيث تقدم الشركة الدولية سعرا واحدا لكافة الأسواق الدولية؛

<!--استراتيجية تعديل السعر: إن استراتيجي تعديل السعر مع كل سوق أجنبي هي الحالة المعتمدة من قبل الشركات الدولية غالبا، حيث من غير المعقول أن تقوم الشركة بتنميط استراتيجياتها السعرية في مختلف أسواقها المستهدفة، لأنه لا يمكنها التحكم في جميع العوامل المؤثرة في السعر خاصة منها العوامل الخارجية كالقيود الجمركية، تكاليف النقل والتوزيع، التشريعات والقوانين الحكومية... وغيرها.

والحقيقة أن الاختيار والمفاضلة بين استراتيجية تنميط السعر أو استراتيجية تكييف السعر وفقا لطبيعة كل سوق تحددها مجموعة من العوامل يتمثل أهمها فيما يلي:

<!--طبيعة المنافسة السائدة في السوق الأجنبي؛

<!--موقع المنتج من دورة حياته؛

<!--قدرة انتشار المنتج الجديد ودرجة تبني المستهلكين له في الأسواق المضيفة؛

<!--التشريعات والقوانين المنظمة للأسعار في الدول الأجنبية؛

<!--هيكل قنوات التوزيع أي بحسب طول أو قصر القناة التوزيعية.

وكمثال يبرز تفوق استراتيجية تكييف السعر للأسواق الأجنبية، على استراتيجية التنميط نجد أنه من بين عشرات المنتجات المعروضة في الأسواق الأوربية، من بينها عديد قليل فقط يباع بنفس السعر، منها منتجات

ي- طرق التسعير:

توجد أربعة أساليب يمكن للشركة الدولية الاختيار فيما بينها لتحديد أسعار التحويل:

<!--تحديد السعر على أساس التكاليف:

يعاب على هذا الأسلوب لتحديد أسعار التحويل ضعف الحافز على ضغط التكاليف أو تعظيم الأرباح بالنسبة لتلك الوحدات أو الفروع المشرية للسلع بأسعار منخفضة، على حين أن الفروع التي تبيع منتجاتها بأسعار منخفضة قد تكون في حالة إحباط مستمر نتيجة عدم رؤيتها لأرباحها و تحويلها بشكل مقنع إلى الفروع الأخرى.

<!--تحديد السعر على أساس السوق:

وهذه الأسعار قد تكون منخفضة بالنسبة للوحدات البائعة نظرا لإهمال الاعتبارات الخاصة بتكاليف الإنتاج و الاعتماد فقط على ظروف السوق في الدولة التي يوجد بها الفرع المشتري.

<!--تحديد السعر على أساس الأسعار الاتفاقية لمعاملات شبيهة:

وهي عبارة عن أسعار التعامل مع تجار آخرين من غير الفروع التي يجري البيع لها، والمشكلـة التي تواجه هذا الأسلوب في التسعير تكمن احتمال عدم وجود مشترين للمنتج في الأسواق الخارجية، أو بيع المنتجات بأسعار مختلفة في الأسواق المختلفة. و تتأثر أسعار التحويل بعدة عوامل منها:

<!--الضريبة على الأرباح في الدولة البائعة والمشترية.

<!--الرسوم الجمركية في الدولة البائعة والمشترية.

<!--الرقابة على النقد في الدولة البائعة والمشترية.

<!--شكل ملكية الفروع في الدولة البائعة والمشترية.

<!--تقييد حرية خروج الأرباح.

<!--حصص الاستيراد المفروضة على التجارة الدولية.

<!--الموقف الائتماني للشركة الأم.

<!--الموقف الائتماني للوحدات التابعة للشركة الأم.

ولتحديد أسعار التحويل بين الوحدات التابعة تقوم الشركات الدولية بوضع قواعد مرشدة كالتالي:

تعامل الوحدات التابعة كمراكز ربح و يتم تحديد سعر التحويل بالشكل الذي يحقق أرباح معقولة لوحدات البائعة والمشترية.

<!--يتم تقسيم الربح تبعا للوظائف المؤداة في إنتاج و تسويق المنتج.

<!--يتم تقسيم هامش الربح بالتساوي بين الوحدات المنتجة والمسوقة للسلعة.

<!--يظل الاعتبار الحاكم في نهاية الأمر هو الأثر على ربح الشركة الدولية ككل.

هذا وقد قامت العديد من حكومات الدول النامية و الدول الصناعية على حد السواء، بوضع قواعد لتحديد أسعار التحويل نظرا لاستخدام أسعار التحويل بواسطة الشركة الدولية كأداة لتحويل الأرباح الخارج و تدنية العبء الضريبي مما قد يؤثر على ميزان مدفوعات الدولة في المدى الطويل.

 

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 326 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,877,542

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters