هو قسم يتضمن مقالات سياسية تتحدث حول شأن الأوضاع السياسية فى مصر والعالم العربى بدءاً من أحداث ثورة 25 يناير " ثورة الصبار"
أمام الميلاد والموت تسقط كل الأقنعة، ويقف الإنسان ليرى إنسانيته وإنسانية الآخرين، وليؤكد تضامنه الشامل معهم ضد ما هو غير إنسانى."
هذا المعنى الذى ذكره د.عبد الوهاب المسيرى رحمه الله كان حاضرا فى نفسى بشدة بعد "مذبحة ماسبيرو" ، وقد كنت أرى دائما أن الموت له حضور قوى فى وجدان أى إنسان يزيل الحواجز النفسية والفوارق الأيدلوجية والدينية فلا يبقى منها شئ إلا التراحم والمواساة وغيرها من العواطف الإنسانية النبيلة.
غير أننى قد لاحظت فى لهجة البعض تعاميا مقصوداًعن هذه الحقيقة الواضحة وتجاهلاً متعمداً لهذا الشعور الفطرى الذى خلقنا الله عليه ،بل هو يذهب إلى أبعد من ذلك فيمعن فى تحليل الأمور ليخرج علينا بعد ذلك قائلاً:"إن الخطأ من البداية كان خطأ الأقباط فهم فعلوا وفعلوا..."
ولست ميالاً لمناقشة أمثال هؤلاء - ممن نزع الله الرحمة من قلوبهم وأعمى أبصارهم بغشاوة من الطائفية المقيتة –فيما يحملون من أقكار ،خاصةً وأنا أبصر بعينىَ ما جرى لإخواننا المسيحيين فى فترة قصيرة تلت الثورة من هدم للكنائس وتهديدات بالحرق لدور العبادة وترويع وقتل واعتداءات على أفراد وكل هذا يمر بلا عقاب وبلا محاسبة من السلطة وتحت سمع وبصر العسكريين، وكأنهم يتعمدون - لا والله بل هم يتعمدون- إثارة فتنة طائفية بين المسيحيين والمسلمين فلما استعصى عليهم الأمر افتعلوا تلك المشكلة ولما ثار الشباب القبطى كان لهم رد الفعل العنيف والدموى الغير مبرر وكأنهم كانوا يأملون أن يتعاطف المسلمون مع الجيش فتشتعل الفتنة ويلتهم أوارها الحديث عن الانتخابات وتسليم السلطة ...هذا الحديث الذى يقض مضاجعهم منذ فترة.
من منظور إنسانى وعقلانى بحت أقول إن هؤلاء الشباب الذين قتلوا تحت جنازير المدرعات وبالرصاص هم بشر مثلنا ...شباب فى نفس أعمارنا...كانت لهم أحلام بمستقبل أفضل وبحقوق كاملة فى بلدهم مثلهم فى ذلك مثل كل الشباب ،وهم مهما أتوا من أفعال فهم لم يرتكبوا أبدا ما يبرر هذه العقوبة وهذه الوحشية فى التعامل...هؤلاء الشباب لهم أهل ومعارف وأصدقاء وربما زوجات وأطفال يستشعرون مرارة فقدهم ويتألمون لمقتلهم بهذه الوحشية المفرطة ويقطع الغيظ أفئدتهم أكثر عندما يعلمون أن قاتلى أبنائهم لن يعاقبوا بل ربما يكرموا على ما فعلوه!!
أيها الراضون بما حدث...لسنا نحن من نزكى نار الفتنة حين نعلن غضبنا ،وألمنا مما حدث ،ونستنزل الرحمة على من مات ،وننادى بالقصاص العادل ،ولكنكم أنتم بتخاذلكم ودعواتكم للتهدئة من تشعلون النار حقاً فى قلوب من بقى من أهل هؤلاء الشباب ومن أصدقائهم.
إن كراهية الناس للظلم والظالمين لا تنفك عن كراهيتهم لمن برر الظلم ورضى به ،ولا عن احتقارهم لمن جبن أن يقول كلمة حق.
إلى متى ينبغى على المظلوم أن يستشعر مرارة القهر فى حلقه ولا يجوز له أن يمجها فى كلمات يبث فيها غضبه وحنقه؟!!
لماذا ينبغى على المقتول أن يموت فى صمت كيلا يزعج قاتله؟!!
وإن لم نقم نحن لمناصرة إخواننا من المسيحيين فلماذا نتهمهم بالخيانة حين يستعيضون عنا بالخارج!!!
لماذا نجبن عن حل مشاكلنا وعن إعلانها ونرضى بالسكوت الذى يفجر المشكلة ولا يحلها؟!!
أما بالنسبة للمنظور الإسلامى لهذا الأمر فالمسألة تختلف....
إننى أرى أن دماء هؤلاء الشباب فى أعناقنا قبل أن تكون فى أعناق قاتليهم،وستلاحقنا صور جثثهم المسحوقة فى قبورنا وسيسألنا عنهم الله عز وجل يوم القيامة وسيحاسب الصامتين والراضين عما حدث ولا نجاة لنا من حسابه تعالى إلا ببذل كل جهد ممكن للقصاص لهم وتحقيق ما خرجوا من أجله..
ألا هل بلغت؟!! اللهم أشهد...اللهم أشهد.
بقلم : أحمد طاهر عبد العزيز
بين “المرجعية الإسلامية” والمرجعية العلمانية
إن هدفنا من إجراء تلك المقابلة بين “المرجعية الإسلامية” والمرجعية العلمانية لا يتمثل في تبيان مدى أفضلية الأولى على الثانية، وإنما نستهدف الوصول بالمصطلح الأول”المرجعية الإسلامية” إلى درجة من الوضوح تتيح لنا أن نستوعب بشكل كامل ما تدعونا إليه تلك المرجعية، وما الحدود التي ترسمها لكل من ارتضاها مرجعية نهائية له، وكيف يمكن أن يتوافق حولها الجميع؟.
لا نريد أن نسارع بوضع تعريف للمرجعية الإسلامية، إذ قد يكون من الأنسب ادخاره حتى نورد أهم السمات التي تتميز بها مرجعيتنا تلك، وستسهل عملية المقارنة بين “الإسلامية” والعلمانية استكشاف تلك السمات، ولتكن نقطة البداية ـ في تلك المقارنة ـ التمييز بين المنطلقات التي تأسست عليها كلتا المرجعيتين، أو بتعبير أدق الأدوات المعرفية التي تشكلت كلا منهما على أساس منها.
ففي حين تولدت المرجعية العلمانية ـ على اختلاف الايدلوجيات التي تستند إليها ـ بواسطة الحواس أوالعقل كأداتين معرفيتين لا ثالث لهما، نبصر على الجانب المقابل؛ وهو جانب “المرجعية الإسلامية”، هذا الثالث المتمثل في الوحي المنزل من السماء، وهو يستأثر بتشكيل تلك المرجعية، ليكسبها ذلك ثباتا لا تبدل فيه (ثباتا مطلقا)، مصدره أن واضع قيمها ومبادئها ليس بشريا ـ وإنما هو المولى عز وجل ـ ومن ثم لا حيال لأي فرد أو لأية جماعة أن تتناول تلك المرجعية بالتعديل أو التبديل، بينما نجد المرجعية العلمانية وإن كانت قيمها الرئيسية تتمتع بنوع من الثبات النسبي غير أنه ليس هناك ما يمنع أن يتناولها التغيير.
إضافة إلى ذلك فإن هذه المرجعية، المرجعية العلمانية ـ سواء أكانت جزئية أم شاملة بحسب تقسيم الدكتور المسيري ـ فإما ان “لا تتفرع عنها منظومات معرفية أو أخلاقية”([1]) (العلمانية الجزئية) أو تكون “المعرفة المادية هي المصدر الوحيد للأخلاق”(2) (العلمانية الشاملة)، ومن ثم فهي في الحالتين لا تضم أي منظومة أخلاقية مطلقة، كذلك فهذه المرجعية لا تحفل بالمعنى، إنما اعتناءها بتحقيق المنفعة فقط، واعتمادها كمرجعية نهائية يجعلنا ندور مع المنفعة أينما وكيفما دارت.
ويقودنا ما ذكرناه إلى استنتاج أنه لا محيص في أن نعتقد في مرجعية مقدسة تكون بمثابة مرجعية نهائية لنا، تحمينا من ذلك المصير الذي رصده وتحدث عنه المفكر الأمريكي “إرفنج كريستول” عندما أشار إلى “البربرية العلمانية”، التي نشأت نتيجة لعجز العقل عن تأسيس نسق أخلاقي، كذلك عجزه عن ابتداع معنى يتبطن الوجدان الإنساني، ويحميه من الشعور بالاغتراب.
“الإسلامية” كمرجعية نهائية يتوافق حولها الجميع
وإذا ما سلمنا بهذه الضرورة (ضرورة تبني مرجعية مقدسة) سننتقل إلى نقطة أخرى ذات صلة وثيقة بما أقررناه؛ فإذا كانت المرجعية الإسلامية تزودنا بالنسق الأخلاقي اللازم لحياة سياسة واجتماعية متوزانة، كذلك هي تمدنا بالمعنى، فما الذي يمنع إذن أن تنطلق من تلك القاعدة المستقرة الراسخة كافة الأطياف السياسية إلى فضاء الحياة العامة من بعد؟.
للإجابة عن هذا السؤال يستلزم بداية الإشارة إلى أن “المرجعية الإسلامية” إنما مجالها ـ كما سبق الذكر ـ هو القواعد العامة، التي وإن كانت حاكمة لعالم التفصيلات بيد أنها لا تنتمي إليه، فهذه المرجعية قد تضم من بين قيمها قيمة كقيمة العدل، غير أنها لا تفرض ـ من أجل تطبيقها ـ توجها بعينه، إذ أنه ـ مثلا ـ فيما يخص المجال الاقتصادي، واستنادا إلى تلك المرجعية، هناك من الفقهاء الذين أدلو بدلوهم في هذا الجانب ارتأوا أن “الحق الوحيد في المال هو الزكاة”([2])، وأن ليس على المسلم إن أداها شئ آخر “إلا ما تطوع به”(2)،(وهو ـ للأسف الشديد ـ التوجه الأشهر في الفقه الإسلامي الذي يتناول هذا الجانب).
وفي مقابل هذا الاجتهاد نجد أن هناك من رأى أنه “إذا جاع مسلم فلا مال لأحد”، وهو عمر بن الخطاب (رضي الله عنه وأرضاه)، وهو القائل كذلك “لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين”.
ومن أصحاب هذه المدرسة أيضا والتي توافقت على أن للمسلم حقوق أخرى واجبة يؤديها للدولة غير الزكاة أبي ذر الغفاري، وابن عمر، والإمام علي (رضوان الله عليهم)، وفي عصرنا الحديث مولانا جمال الدين الأفغاني، وأصحاب هذا التوجه تتخذ سيرتهم (أقوالهم وأفعالهم) مسارا مباينا لأصحاب الاجتهاد السابق ذكره.
إذن فإن كانت هذه المرجعية قد أقرت مبدأ العدالة، إلا أن ذلك لم يمنع أن يبرز من بين معتنقيها من يقول بالرأي الأول، معتقدا أنه يحقق هذا المبدأ، بينما رأى آخرون ـ ممن استندوا لذات المرجعية ـ أن لا سبيل للعدل إلا بتمثل الرأي الثاني.
وبعد ذكرنا لتلك الملاحظة التي كان من الأهمية بمكان إيرادها ليستقيم حديثنا، (ونستهدف من وراء الإتيان بها إبراز مدى سعة هذه المرجعية، وأنها يمكن أن تضم تحت مظلتها أصحاب الرؤى المختلفة، ليس فقط في المجال الاقتصادي، وإنما في شتى المجالات الأخرى)، فلنرصد أهم العوائق التي تحول دون توافق الجميع حول المرجعية الإسلامية كمرجعية نهائية.
إن هناك من بين الجماعات والقوى السياسية التي ترفع اليافطة الإسلامية من يغويهم التلبس بالمقدس؛ فيدفعوا بآرائهم النسبية إلى دائرة المطلق (وهي مساحة محدودة إلى حد كبير)، ليضيقوا واسعا، وتتبدى ـ تلك الدائرة ـ للآخرين كطوق مقيد ينفروا من أن يدخلوا فيه، ويأبوا أن يتنكبوا سبيل تلك المرجعية إذ يبصروها تتحدث بلغة مخاصمة للغة العصر (فهذه الآراء التي تزج بها تلك الجماعات والقوى السياسية إلى دائرة المطلق غالبا ما تكون مستجلبة من كتب التراث، وربما لهذا يحيطونها بهالة القداسة إذ أن التراث يمت بصلة رحم للمقدس، وسوف يدفع تعريفنا للمرجعية الإسلامية هذا العائق، بترسيم حدود واضحة لها).
وهنا لا يجد البعض غضاضة في أن يتبنى مرجعية نهائية ـ علاوة على أنها لا تثقل كاهله إلا بما الزم به نفسه ـ تعده إن هو طلق الغيبيات والمطلقات بالفردوس الأرضي، وهي المرجعية العلمانية.
وهذه النقطة تفتح لنا بابا لندلف منه إلى العائق الثاني الذي قد يحول بين دعوتنا في أن تكون المرجعية الإسلامية مرجعية نهائية لكافة الأطياف السياسية وبين تلبيتها، ويتمثل في الاعتقاد السائد ـ لدى دعاة العلمانية ـ في الربط الحتمي بين الحداثة والعلمنة، وما من شك أن هذا التلازم ـ في إطار التجربة الغربية ـ كان ضروريا، فلم يكن ليتلون شفق تلك المجتمعات الغربية بألوان الحداثة الزاهية إن لم تعتملها يد العلمنة؛ إذ أن الكنيسة ـ التي كانت تحتكر التحدث باسم الدين ـ قد سعت لفرض إرادتها ورؤاها(المقدسة) على كثير من جوانب الحياة في الغرب، ومن ثم مثلت تلك الرؤى ـ الغير علمية ـ عائقا أمام النهضة والتنوير والحداثة؛ لذا كان من الضروري إحداث نوع من المفاصلة بين الكنيسة والدولة، وبالتبعية المفاصلة بين الدين والدولة، لتنطلق مسيرة النهضة والتنوير والحداثة من بعدُ.
لكن هذه الضرورة التي نشأت وترعرعت في الغرب، لا مجال لاستنساخها في بلادنا، لأن مبررات فرضها هناك لا تتوافر داخل بيئاتنا العربية الإسلامية، (وهي مسألة أسهب في تناولها العديد من الكتاب والمفكرين الإسلاميين، فلا حاجة بنا إلى التكرار) ومن ثم تكلف استجلابها والإصرار عليه عوضا عن أنه لن ينجم عنه إلا مزيدا من التباعد بين النخبة التي تصر على ذلك وبين الجماهير ــ فهو محاولة غير علمية أيضا.
تعريف “المرجعية الإسلامية”
وإذا كان ذلك كذلك، فيبقي أن نشير إلى ما المقصود بهذا المصطلح “المرجعية الإسلامية”؟ ( إذ رغم تداوله كثيرا في ساحاتنا الفكرية والسياسية غير أنه مازال يكتنفه الغموض وعدم التحديد).
من خلال ما سبق ذكره نستطيع أن نثبت لمرجعيتنا تلك السمات التي ذكرناها فيما سبق أعلاه، وهي كونها قواعد عامة، وكذلك سمة الثبات المطلق الذي تتمتع به مبادئها وقيمها، فلننطلق بعد ذلك لوضع تعريفا لها، يرسم حدودها بدقة، ويقيها شر إدخال ما ليس منها عليها (وهو ما دأبت على القيام به بعض القوى التي تنتمي إليها ).
إذن يمكن أن نعرف هذه المرجعية بأنها “الأصول العامة المطلقة، والتي تحتوي علي مضامين أخلاقية، وفلسفية، وتشريعية، مصدرها الدين الإسلامي ( وتشاركه في كثير منها الأديان السماوية الأخرى)، وهذه الأصول العامة المطلقة تحكم بصورة مباشرة وغير مباشرة (عبر تجنب ما قد يتعارض تعارضا قطعيا مع ما تدعو إليه) كل فعل يقوم به معتنقيها، وتُعني تلك المرجعية بالدرجة الأولى بتحقيق مصالح الناس”.
والمرجعية الإسلامية ـ كما قدمناها في التعريف السابق ـ لا تقف حائلا بين أي تيار أو جماعة وبين أن تبدع أو تتبنى ما عنى لها من فكر، أو فلسفة، أو تشريع تتحقق به مصالح الناس، بما لا يتعارض مع المطلق، (وهي مساحة محدودة إلى حد بعيد)، بل ربما إن جمود وتمسك هذه الجماعة أو تلك بأي فكرة، أو فلسفة، أو تشريع، يتصادم والمصلحة العامة، وفي ذات الوقت لا يتعارض مع المطلق ـ تعارضا قطعيا ـ يفقد هذه الجماعة شرطا هاما من شروط إسلاميتها.
وإسلامية أي جماعة أو حزب إنما تتوقف بدرجة أكبر ـ وفق التعريف المقدم ـ على مدى قدرته في خدمة مصالح الناس، فالجماعة أو الحزب الذي تتحقق بسياساته المصلحة العامة هو الأكثر إسلامية من جميع القوى الأخرى.
والمرجعية الإسلامية وفق هذا التعريف أشبه بشمس مشرقة لا تأبى أن ترسل بأشعتها إلى كل من تطلع إليها، متمنعة فقط عن أولئك الذين اتخذوا حجبا كثيفة، أو حجرات مغلقة تعصمهم نورها الوضاء (وهم الذين تتغذى أفكارهم من رؤى تتعارض تعارضا قطعيا مع الأصول العامة المطلقة التي قعدتها المرجعية الإسلامية).
وختاما نشير إلى إن تلك الدعوة لا تصبو فقط لتقليص مدى الشُقة القائمة بين النخبة ـ في بلدنا ـ وجماهيريها، بل هي ـ كذلك ـ تستهدف تأسيس قاعدة ارتكاز تستند إليها النهضة المرجوة لبلادنا، إذ أن للنهضة وجها ثقافيا، لا تستبين ملامحه إلا عبر الشعور بالتمايز عن الآخر، ويغذي هذا الشعور ـ بالطبع ـ مدى وعي الجماهير بشخصيتها التاريخية، والتي يقف الإسلام في القلب منها لا يزاحمه في ذلك أي مكون آخر من مكونات تلك الشخصية.
محمد السيد الطناوي
[1] الدكتور عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، دار الشروق، الجزء الأول، الطبعة الثانية، ص220
2 المصدر السابق، ص220
[2] د.يوسف القرضاوي، فقه الزكاة، الجزء الثاني، مؤسسة الرسالة، ص963
2 المصدر السابق، ص963
http://www.youtube.com/watch?v=U3JxILVmOlc
واضح من رابط الفيديو أعلاه- لمن يرغب فى مشاهدته- قد ايه أن أحنا محتاجين مبدأ واحد يحكمنا وطبعاً أقصد " الدستور " ، الفيديو دا صحيح تمثيلى بس بيعرض تصنيفات عديدة من الناس ، ووجهات نظر مختلفة تجاه الثورة المصرية وأن فى ناس سعيدة بالثورة ، وفى ناس بترجع كل السلبيات اللى بتحصل دلوقتى للثورة - زى مايكون كان الأمن مستتب تماماً فى عهد النظام البائد - المهم أن الناس دى محتاجه لحاجة أعلى منها تحتكم إليها قانون ومبدأ يمشى على الكل ، قادر أنه يرضى جميع الأطراف ويلبى رغباتهم .
وأى حد عاقل وذو منطق يفهم قد ايه أن احنا محتاجين الدستور أولا وبعد كده يحكمنا أى حد مش هنخاف إن كان إخوانى أو سلفى أو حتى هندوسى لأنه له مرجعية ميقدرش يحيد عنها .
وعلى كل دا يهل علينا شهر أكتوبر ونسمع عن الاتفاقية الشهيرة دلوقتى اللى وقعت بين الفريق سامى عنان ، وبعض الأحزاب السياسية واللى كان ليها رد فعل سلبى وساخط على عموم الشارع المصرى ودا اللى لمسناه على المواقع الاجتمعية الشهيرة مثل الفيس بوك وتويتر .
طيب المجلس العسكرى ومفهوم موقفه فى المماطله وفى ترك حالة الفوضى اللى احنا فيها - غنى عن البيان شرح موقف المجلس العسكرى - لكن الأحزاب اللى وقعت على الاتفاقية دى مصلحتها ايه من وراها ؟ هو مش المفروض أنت كحزب أو مجموعة أحزاب بتعبر عن إرادة الشعب ؟ ومش مفروض أنك تدرس بمنهجية الشعب يقبل بالبنود المنصوص عليها فى الاتفاقية ولا لأ ؟! طيب الشعب دلوقتى ساخط تماماً على الاتفاقية دى ، والأحزاب اللى وقعت الاتفاقية أصبحوا من الملعونين و " سيلعنهم التاريخ " . لحد امتى هنفضل نتصرف بعشوائية وبتخبط ، 8 شهور لحد دلوقتى من غير أساسيات ولا خارطة واضحة المعالم .
أو كما قال الصحفى بلال فضل فى مقال بعنوان " مصر تحتاج لممر آمن":
" وإذا كنا سنحتمل هذا الغلب كثيرا، فهل ستحتمله مصر؟ وإلى متى؟ ومن الذى سيدفع فاتورة هذا العبث سوى الفقراء والبسطاء الذين أناخ عليهم عهد مبارك ونوينا أن نكمل نحن عليهم؟ باختصار أقولها بالفصحى: إلامَ الخلفُ بينكمو إلاما، وهذِى الضجّة الكبرى علاما؟ وأقولها بالعامية: ليه يا مشير ماسبتناش أبرياء.. وواخدنا ليه فى طريق مامنّوش رجوع؟
لا، أموت وأفهم، لماذا لا يطلع على الناس لواء من قادة المجلس العسكرى ليكلم الناس بأسلوب غير الشخط والانفعال، فيقول لهم مثلا إن هناك مصلحة وطنية عليا هى كذا وكذا تكمن وراء إصرار المجلس على جعل الثورة وجهة نظر وجعل الثوار طرفا؟ نريد أن نعرف والله وبصدق ودون مزايدات هل ستخرب الدنيا لو حددنا موعدا ناجزا للانتخابات الرئاسية يقرر فيه المصريون مصيرهم ويعود فيه الجيش إلى ثكناته معززا مكرما؟ ما الذى يستفيده الوطن من حالة طوارئ لم تنفع أمنه ببصلة، ومن محاكمات عسكرية للمدنيين لم تجلب للجيش إلا الصداع ولنا إلا الأسى؟ هل كفر الذين يطالبون بالعزل السياسى لقيادات فاسدة أخذت فرصتها كاملة فى تخريب الوطن وإفقاره ونهبه؟
وإذا كان هناك بعض من يتحلق حول المجلس العسكرى ليحذره من عدم قدرة الشعب على الاختيار، فلماذا سكت المجلس العسكرى ثلاثين سنة على أسوأ اختيار فى البشرية، اسمه حسنى مبارك؟ هل يُعقل أن يختار المصريون حاكما أسوأ منه؟ وإذا كنتم قد صبرتم على مبارك لأنكم كنتم تحمون الشرعية الدستورية وتحملتم تخريبه للبلاد وإفساده فيها، فما المانع أن تواصلوا صبركم على رئيس سينتخبه الشعب بمحض إرادته؟ لعلك تعلم أننى من الذين بُحّت أصواتهم وهم يطالبون القوى الثورية بالتعقل والتوحد وتفويت الفرصة على من يرغبون فى جر الوطن إلى التصعيد الممهد للطغيان، كنت أفعل ذلك بدأب وإصرار لأننى كنت أرى مخرجا لما نحن فيه، هو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى ستتيح للشعب المصرى أن يقرر مصيره ويختار سلطة تحقق مطالبه فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويحاسبها إن أخفقت.
يا قادة يا كرام، افتحوا لمصر ممرا آمنا إلى المستقبل فى ظل حكم مدنى منتخَب، وتذكروا أن هذا الوطن لن يبنيه إلا التوافق، وإياكم ومن يصور لكم أن أحدا يمكن أن يكسر إرادة أحرار المصريين، قلّ عددهم أو كثر، فلا يزال الناس يحسنون بكم الظن، ويرجون خيركم ويسألون الله أن يكفيهم ويكفيكم شر من يصور لكم أن الاستقرار يمكن أن يحققه العناد، ولتكن لكم فى حامل دكتوراه العند أسوة حسنة.
ألا هل بلغت.. اللهم نِخلَص" .
إن ما يحدث الآن لايرقى بأى حال من الأحوال لثورة عظيمة قامت أطلق عليها البعض " أنها ثورة من صنع الله " ، فتلك الثورة يلزمها عقل ثورى !!. لذلك استشهد فى ذلك المقام ما قاله الكاتب محمد السيد الطناوى فى كتيبه بعنوان " الإنسان الأعلى " يقول فيه :
" العقل الثورى هو إدراك للواقع يحكمه المعنى ، والذى يستهدف إحداث تغيير بذلك الواقع ، فهو لاينفذ إليه ليقف عند حد استيعابه وفهمه ، بل عمله الأساسى هو تناوله بالتغيير ، التغيير الجذرى ، ومن ثم فهو عقل عملى ، يأبى التنطع فى سموات الفكر ، ويتوق إلى العمل الجاد .
فالعقل الثورى عندما ينصب على الواقع مستهدفاً إحداث تغيير فيه يكون محكوماً بمبادئ وقيم سابقة عليه ( سابقة على الواقع ) ، أى ليست مستمدة منه ذلك أننا إذا قصدنا التغيير وليس فى أيدينا من أدوات إلا ماهو منتمى لهذا الواقع عز علينا أن نحدث فيه أى تغيير حقيقى .
إن أهم خصيصة يمتاز بها العقل الثورى هو أنه يدين بالولاء للوجدان ، حيث يقبع المعنى ، وهذه الآصرة التى تربط الوجدان بالعقل ضرورية ، إذ يفيض نبع الوجدان بالثورة ( فهو مستودعها ) فيمد العقل بالحيوية اللازمة لإتمام عمله الموكل إليه ، وهى ضرورية - أى الثورة - إذ أن أهم مباحثه لاتنقضى بأن يوازن ، ويقارن ، ويقيس ، ويمنطق ...... ، بل إن فعله الرئيسى يتمثل فى أن يثور ( حيث يمده الوجدان بمادة هذا الفعل ) ليتمخض عن ثورته تلك خلق أو عالم جديد " .
والعلو في الإنسانية المرتبط بنموذج الإنسان الأعلى لا يقتصر تمثله ـ فقط ـ على فرد أو أفراد معدودين، بل قد يسمو إليه شعب بأكمله في حالة بعينها، الحالة الثورية، كالتي تكون في الثورة على محتل أو مستبد، ففي خضم مثل تلك الحالة ترتقي النفوس، وتتوحد لتصل إلى درجة من الصفاء والسمو هي أعلى ما قد يصل إليه بشر مجتمعون؛ وبرغم الاختلاف والتفاوت بين أفراد هذا الشعب في المعرفة والعلم، والذكاء، والتكوين النفسي والخلقي ….إلخ، إلا أن ذلك لا يخدش حالة العلو التي يرتقي إليها أفراد ذاك الشعب، فالنقص في أحدهم يكمله الأخر؛ والجماهير في هذه الحالة هي وحدة واحدة لا سبيل لتجزئتها، والوطن إن هو إلا البوتقة التي ينصهر فيها الجميع، جميع فئات الشعب وطبقاته، فتذوب الفوارق، وتندمل الجروح، وتصفو النفوس، وتتحد الإرادات، وتعلو الهمم، ويتردد دوي صوت المتجاوز بين أرجاء الوطن، ليغدو الشعب بذلك الإنسان الأعلى في أكمل صوره وأبهاها. والثمن الذي قد تدفعه تلك الجماهير في سبيل علوها ونيل حقوقها ـ من مغتصبيها ـ هو ماء ذُلال يُتطهر به من أدناس المستنقع الذي كانت حياتهم غارقة فيه، مستنقع المحتل الغاصب، أو المستبد الغشوم.
والحالة الثورية ـ المشار إليها أعلاه ـ إنما هي الذروة التي لا سبيل لعلو بعدها، قمة الجبل التي تقصدها الجماهير، وكلما صعدت درجة إليها ازدادت التصاقا وتقاربا، وتنسمت عبير الحرية المنعش، فاشرأبت أعناقها متطلعة في لهفة إلى الاعتلاء، وما أن تبلغ تلك القمة، لا يرى الرائي غير كيان واحد، بل كائن عملاق ترتعد لمرآه القلوب، قلوب المحتلين الغاصبين أو الطغاة المستبدين؛ بل قلوب كل من استعداه، ولم يحسب له حساب، وما هذا الكائن العملاق غير الإنسان الأعلى.
وهذه الحال إن تمكنت من الأمة تفجرت بها ينابيع القوة، وتدفقت في أوصالها شلالات الحيوية والشباب، فما من مطمح رنت إليه إلا وقد أطبقت بيدها عليه، وما من أمنية تمنتها إلا وأتت إليها تسعى صاغرة في إذعان ورضوخ.
ولكي تتبع الجماهير هذا السبيل متجشمة عناء الصعود إلى تلك الربوة المرتفعة، ليُبعث الإنسان الأعلى في صورته المُثلي، لزم بادئ ذي بدء أن يرسخ الإيمان به في قلوبها، ومن إيمانهم هذا يتدفق الجهد والتضحية، فما من عائق حينذاك قد يعوق سبيل صعودهم إلى الذروة المنشودة، وإن كان الاحتلال أو النظام المستبد ـ بطبيعة الحال ـ يسيطر على كافة مقدرات المجتمع أو الدولة، تلك التي وصفها هوبز ب”التنين الجبار”، فما هو إلا أن ينهض الإنسان الأعلى من رقاده نافضا عن نفسه غبار الغفلة، حتى يستحيل ذلك “التنين الجبار” قط مستأنس يموء في ضعف واستكانة عند قدمي إنساننا ذاك.
وحتى إذا ما عادت الجماهير أدراجها، بعد بلوغ المُرام، فهذا الشعور بالقوة والعنفوان، وهذا السمو، لن يبارحهم زمانا طويلا، ليخلف الإنسان الأعلى من بعدُ رابطة قدسية شريفة، هي رابطة ال”نحن”؛ وهذه الرابطة الجامعة هي رابطة بناء ونهضة لا غنى عنها لشعب أراد الحياة الكريمة العزيزة......).
هذه الفقرة جزء من أحد فصول كتيب صغير، كتبته قبيل الثورة، واضعا فيه تصوري للإنسان الأعلى كيف يكون؟. وهي تحوي ما تخيلته أن تكون عليه الحالة الثورية، وما يعقبها من مرحلة لاحقة.
والآن بعد مرور 7 أشهر على الثورة أتساءل: (هو مينفعش يكون فيه
try again??
1- المصريون خرجوا من الحجر السياسي الذي كان يعيشون فيه ولن يعودوا فيه مرة أخرى. هذه رسالة لكل واحد فاكر إنه سيحكم شعب "أليف."
2- المظاهرات السلمية المنظمة تحتاج كيانات منظمة قادرة على أن تحكم سلوك المنضوين تحتها. ومن يدعو للمظاهرات ولا يعرف كيف يتحكم فيها فعليه مسؤولية أخلاقية إن لم تكن عليه مسؤولية سياسية كذلك. ولا يكفيك أن تقول "لقد تركت الميدان الساعة 7، وما ليش دعوة بعد كدة." ومن المسؤول في النهاية عن من مات، وعن من أصيب في الاشتباكات من أبنائنا؟ حرام علينا ما نفعله بأنفسنا؟ هل نحن قررنا الدخول في حالة انتحار جماعي؟
3- الفوضى تأتي بالفوضى، كما أن الفساد يأتي بالفساد، والضعف الحكومي يرسخ صورة ذهنية بأن الاستبداد وقوة الدولة قرينان. وهذا خطر على الثورة وعلى الدولة.
4- الحلقة المفرغة للوم الآخرين تقول: بعض الشباب يهاجمون مقار الداخلية والمنشآت العامة والخاصة، يخرج علينا من يقول ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)، الشرطة تضبط النفس أحيانا مثل ما حدث نهار الجمعة فتُنتَقد لأنها ضعيفة لم تقمع "البطلجية،" وحين تهاجم من تعتبرهم "البلطجية" مساء الجمعة يخرج عليك من يقول ليس من حقها أن تهاجمهم لأنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم ثوار من طبقة اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم.) تتدخل الشرطة العسكرية لتقبض على من يهاجمون المنشآت العامة والخاصة لأنهم "بلطجية" وتحولهم إلى المحاكمات العسكرية، فيخرج علينا من يقول إنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)... وتستمر الحدوتة وتزداد اتساعا.
5- من قرر ألا يستدعي السفير المصري في إسرائيل للتشاور لعدة أيام وكان معه كل الحق أمام العالم ونفسه وقرر بدلا من ذلك أن يبني جدارا أمام السفارة الإسرائيلية، وضع مصر كلها في مأزق أمام نفسها والعالم بعد أن اقتحم الغاضبون السفارة الإسرائيلية وستظل مصر تتحمل مسؤوليتها كاملة أمام العالم لانتهاكها الأعراف الدبلوماسية، وترسل رسالة قوية بأن مصر ليست آمنة لأي مستثمر أو سائح أو حتى لأهلها.
6- حكومة إسرائيل أكثر قدرة على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على مصر، من قدرة الحكومة المصرية على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على إسرائيل. بل أزعم أن حكومة إسرائيل أكثر احتراما للرأي العام فيها، من احترام الإدارة الحاكمة في مصر للرأي العام فيها.
7- أصبحت على يقين الآن لماذا لم تنجح مصر في إدارة أي أزمة واجهتها لا سابقا ولا حاليا. لأن أفضل العقول المصرية تركت العمل الحكومي بقرار واع منها في مرحلة سابقة، وأصبحنا الآن نواجه مشكلة أن معظم العقول النيرة في القطاع الخاص والعمل المدني بل وخارج مصر تماما.
8- ماذا يريد المجلس العسكري من الحكومة وماذا تريد الحكومة من المجلس العسكري؟ إما أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن ما هي حدود الحكومة، فالأفضل أن تستقيل وأن يدير المجلس العسكري البلاد كاملة لحين الانتخابات القادمة في نوفمبر (وليس بعد ذلك بأي حال من الأحوال). مثلا، لماذا تتقدم الحكومة بمشروع قانون يقضي باعتبار مواقع كافة القيادات الجامعية خالية في أول أغسطس، ويرفض المجلس العسكري التصديق على ذلك بما يثير حنق أساتذة الجامعات وقطاع من الطلاب؟ هل نحن مستعدون لعام جامعي مليء بالمشاحنات والنزاعات والاعتصامات وتتحول الجامعات إلى ثكنات عسكرية؟ إذا لم تنجح الحكومة في الاستفادة من مساحة الحركة المتروكة لها وأن تزيد منها، فعليها الاستقالة، وقد أبدأ بنفسي رغما عن أن غيابي لن يؤثر في شيء؟
9- بعض كتب القانون كانت تقول عن الشعب المصري إنه "شعب سبّاب" لتبرير لماذا لا تواجه المحاكم المصرية عقوبات "السب والقذف" بالشكل اللائق. يؤسفني أن أقول أن هذه هي البداية، ولا بد أن نعرف أن السباب والهمجية والفوضى والعشوائية والفهلوية وتضليل الآخرين والتدخين في الأماكن المغلقة ورفع صوت الكلاكسات والأغاني وتخطي الآخرين في الطوابير لا بد أن تكون لها عقوبات اجتماعية مغلظة ومعها عقوبات تشريعية صارمة وإلا سيطرد أسوأ من فينا أفضلَ من فينا.
10- من قالوا "لا" لرئيس منتخب سريعا، وانسحاب سريع للجيش من الحياة السياسية، وبشرونا بفترة انتقالية أطول وجدل حول الدستور أولا، وضغطوا أو أعطوا للمجلس العسكري الفرصة كي يعدل في صياغة التعديلات الدستورية بما يؤجل انتخاب رئيس الجمهورية، أتفهم موقفهم، إنما ما لا أتفهمه هو استمرار بعضهم في ازدراء موقف الأغلبية التي قالت "نعم" بدعوى أن المجلس العسكري والإسلاميين خدعوهم، مع أن المسار الذي اختارته الأغلبية كان قطعا الأسلم والأسرع في إخراج العسكر من اللعبة السياسية.
هذا ما عنّ لي بعد يوم طويل ومزعج وإحساس رهيب بالعجز أمام أحداث ليس لها ضابط. وهذا بعض ما سأقوله حين تجتمع لجنة إدارة الأزمة بمجلس الوزراء اليوم إن شاء الله
بقلم : دكتور معتز بالله عبد الفتاح
لقد أفاء الله علينا بثورة عظيمة لم تحبل أرضنا الولود بمثلها على مدار تاريخها الموغل في القدم، وشاء المولى ـ عز وجل ـ أن تهب علينا ريحها الزكية فجأة بغير ترتيب أو استعداد لمقدمها، وتولى سبحانه ترتيب أحداثها وإعداد وسائل نجاحها، ليكون ذلك مدعاة للوحدة فيتكلل جهدنا نهاية الأمر بالنجاح. ويرحل الطاغية ـ كما أراد الشعب وسعى إليه ـ فيسقط النظام، وتبدأ ـ إثر ذلك ـ مرحلة جديدة من مراحل الثورة، يتصدر المشهد فيها مجلس عسكري اعترف بمشروعية مطالب الثورة وتعهد بإنفاذها كما يحب الشعب ويرضى، وإذ به ينهج نهجا لا يتفق وما قطعه من وعد؛ فيسوق الشعب إلى تعديلات دستورية ظاهرها تسليم السلطة في أقرب وقت، وباطنها إسباغ المشروعية على حكمه في الفترة الانتقالية، لتكون تلك التعديلات بذلك هي مصدر شرعيته لا الثورة ـ كما صرح بهذا عدد من أعضاء المجلس ـ وكأن هذه التعديلات كانت لتوجد لولا الثورة!!.
وإذ بالمطالب المعترف بمشروعيتها من قبله لا تأخذ سبيلها إلى التحقق إلا تحت وطأة الضغوط الشديدة من قبل الثوار، ولا محاجة في أن تلبيتها حينئذ تكون بذلك تقديم تنازلات لتفادي انفجار غضب الثوار، لا تنفيذا لمطالب مشروعة اعترف بمشروعيتها المجلس العسكري.
وإذ به يدفع باتهامات خطيرة إلى حركة من الحركات التي ساهمت بنصيب غير منكور في الثورة، اتهامات تخرجها من حظيرة الوطنية وتدفع بها إلى مستنقع العمالة دون دليل أو بينة واحدة.
وكلها مسالك لا تبشر بخير، ورغم جميع ما ذكرنا فنحن لسنا في معرض لوم أو حساب، وإنما جل همنا منصب على أن تصل الثورة إلى بر الأمان، وأن تحقق ما قامت لأجله، ولن يكون ذلك إلا بإقامة نظام ديمقراطي سليم، ونرى أن سبيلنا إليه يكون عبر التفاف جميع القوى الوطنية حول المطالب الآتي ذكرها، والضغط بكل الوسائل المشروعة لتحقيقها، وهى:
ـ تحديد جدول زمنى محدد يشمل موعداً للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسئولية الكاملة عن تأمين العملية الانتخابية.
ـ ضرورة إعادة النظر في القانون المنظم للانتخابات البرلمانية، وذلك في ظل رفض كافة القوى الوطنية والأحزاب السياسية له.
ـ تبني أحد الحلول الجذرية التي طرحتها عدد من القوى السياسية لإعادة الفاعلية الكاملة للمنظومة الأمنية.
ـ تطهير مؤسسات الدولة المختلفة من الفاسدين وأذناب النظام السابق.
ورسالتنا إلى إخواننا من كافة التيارات الإسلامية أن هوية بلادنا لا يمكن أن يتهددها أحد في ظل حكم ديمقراطي سليم، إذ أن الشعب حينذاك ـ حينما تسلم السلطة له ـ سيكون هو الضمانة الحقيقة لها، وأنه إذا أردنا حقا أن نحافظ على هوية بلادنا لزم علينا ـ في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الوطن ـ أن نوحد ونوجه كل جهودنا لهدف أوحد هو استلام السلطة في أقرب وقت من العسكر.
"إسلاميون ثوار"
للكاتب :/ محمد السيد الطناوى
الإسلامية" كلمةٌ لطالما اقترنت بالخضوع للسلطان والسير في ركابه، واختطفها علمائه؛ علماء السلطان، ليحجبوها ـ قرون طويلة ـ عن كل ثورة، ويحادثوا الناس باسمها، فيخبروهم أنها لم تجز الخروج عن الحاكم وإن ظلم وفسق و.......
ثم كان هو.
بُعث في زمن قد غشى الجسد العربي الإسلامي ـ فيه ـ سبات عميق طال أمده، ليحوم حوله طائر الاستعمار المشئوم، إذ لم تك تصدر عنه حركة تنبئ بحياة، فيحط عليه ـ من بعدُ ـ ليفتك بالجسد المسجى وينهش أعضائه بلا رحمة.
وكان أن أشرقت شمس ضياءه ـ انذاك ـ على عالمنا، وإذ بمعجزة البعث تتدفق من بين كلماته، ليجابه بما جوبه به كل أصحاب الرسالات من قبله، فيقصى من الهند بعد ان تجمع أهلها حوله يحادثهم بحديث الثورة، فإذ بمحتليها ــ حينذاك ـ الإنجليز ـ يتلبسهم الذعر فيخفون لإبعاده عن الهند، ليحط رحاله ـ من بعدُ ـ بالآستانة، فإذ بحاسديه ـ من علماء السلطان ـ يهيلوا عليه مما تفيض نفوسهم من حقد وحسد وغيرة؛ فيقذفوه في دينه لتثور ثائرته تاركا تلك البلاد، ثم يكون ترحاله إلى مصر، ليطرد في قسوة وعنف بعد أن لبث بها ثمان سنوات قضاها في تحرير العقول من طغيان الجهل، وإزكاء النفوس من دنس الخضوع والذل لحاكمها المستبد، غادرها وما فتئ صدى صوته الهادر يدوي مجلجلا في البلاد " هبوا من غفلتكم، اصحوا من سكرتكم، انفضوا عنكم الغباوة والخمول.. وشقوا صدور المستبدين بكم، كما تشقون أرضكم بمحاريثكم .. عيشوا، كباقي الأمم، أحرار سعداء، أو موتوا مأجورين شهداء ..". فكانت الثورة من بعدُ.
لم يشهدها، غير أنها ـ بلا شك ـ لا تعدو كونها نفحة من نفحات روحه الثائرة العظيمة.
ولم يمض وقت طويل حتى شهده الناس يُسحب على الثلوج ليساق مسلسلا بالأصفاد على دابة، ويلقى خارج حدود البلاد الإيرانية بأمر من طاغتيها، بعد أن كان قد عمد إليه برئاسة وزارته، ولكن أنى يكون له بقاء في منصب كهذا، ونفسه التى أثقلتها الأماني العظام لا تطمح إلا للأعالي؛ إلى فردوس بسطه حرية وقبابه عزة وكرامة. أنى يُستبقى ـ في منصب كهذا ـ من سُأل (من قبل شاه إيران): "أيصحّ أن أكون يا حضرة السيد وأنا ملك ملوك الفرس كأحد أولاد الفلاحين؟!".
فكانت إجابته عما سأل عنه: "اعلم يا حضرة الشاه أن تاجك وعظمة سلطانك وقوائم عرشك ستكون بالحكم الدستوري أعظم وأنفذ وأثبت مما هي عليه الآن..والفلاح والعامل والصانع في المملكة، يا حضرة الشاه أنفع من عظمتك ومن أمرائك .. ولا شك، يا عظمة الشاه أنك رأيت وقرأت عن أمة استطاعت أن تعيش بدون أن يكون علي رأسها ملك، ولكن هل رأيت ملكا عاش بدون أمة ورعية؟!"!!.
وجاءت خاتمة أسطورته في الآستانة، إذ دُس له السم؛ لتنسلخ روحه عن جسده، ضاربة بجناحيها أسوار الأبدية، ليعتلي مقعده في عالم الخلود شهيدا من شهداء الحرية، وسيدا للثوار عبر العصور، لا ينازعه ـ في تلك المكانة ـ منازع من الأولين والمتأخرين.
إنه مولانا جمال الدين الأفغاني، من نسله جئنا، لا من نسل أولئك الذين جعلوا من ضعفهم ووهنهم وطمعهم دين ينفثوه بين الناس؛ فنادوا بأن السلطة لمن غلب، وجاء من بعدهم أقوام ـ ينتسبون إليهم ـ ما زالوا يشيعون في الناس أمثال تلك الوصايا المضللة، إن لم يكن بلسانهم فبأفعالهم، مدنسين بذلك غدير "الإسلامية"، ابتغاء وجه السلطان.
لذا فقد أخذنا على عاتقنا أن نبشر ـ من جديد ـ بتعاليم "الإسلامية" كما بثها فينا سيدنا (سيد الثوار) جمال الدين الأفغاني (قدس الله روحه)، وأن نستكمل مع إخواننا الثوار ـ من خلال تلك الحركة ـ مشوار الثورة التي مازال أمامها الكثير والكثير لترسيه في بلادنا
ظلوا طوال عقود مضت يتخبطون في خلافاتهم وصراعاتهم، ويعتصرون جل طاقاتهم لتصب فيها، ويتنقلون من سُلم إلى سُلم (سلم نقابة الصحفيين، سلم دار القضاء العالي، سُلم..........، وأعتقد أن الإصرار على التظاهر من على السُلم راجع إلى أنه لوكان مكان التظاهر الشارع مثلا لما ظهر جميعهم في كادر الكاميرا)، ومن مصطبة فضائية إلى أخرى(برامج التوك شو)، ويستزرعون المقالات والفصول التنفيسية في صحفهم وكتبهم، لنهزها فلا يتساقط علينا منها سوى ثمرات ذابلة هزيلة، لا تسمن ولا تغني من جوع للتغيير.
وكثير منهم لطالما ارتضى شاكرا الفتات الذي كان يلقى إليه ـ بين الحين والآخر ـ من قبل النظام، وبعضهم كان يلملمه مبديا تذمرا وسخطا لقلته، وقليل منهم من كانت تزجره العفة عن فعل ذلك، ولم يكن أحد تلكم الفئتين السابقتا الذكر ليتورع عن تلبية دعوة من النظام البائد لحوار أو جلسة أو صفقة، رغم علمه الأكيد أنه لاطائل منها، فهذا كان دأبهم، وتلك كانت سيرتهم.
واحترفوا في السنوات الأخيرة التي سبقت الثورة إنشاء الحركات، فأنشأوا العشرات منها، وما كانت غير كهوف تنبعث عبرها الروائح العفنة لأنواتهم المتضخمة، وهل كان لأيا منها برنامج عمل موضوع يستهدف التغيير حقا؟!.
وكان يتبع كل إعلان عن حركة من تلك الحركات إعلان آخر عن حركة أخرى تبشر بذات الهدف، ليعتلي منصة الإعلان عنها ذات الوجوه. (فكلما أسسوا حركة صحبها ـ بالطبع ـ مؤتمر صحفي ينقل إلينا ذلك الحدث الهام!!، وتتداول وسائل الإعلام أخبارها لفترة، لتدفن بعد ذلك إلى جوار أخواتها السابقات، لتبدأ الكَرّة مرة أخرى، وهكذا دواليك).
ثم كانت الثورة ليتدافع هؤلاء ممارسين ذات الدور الذي احترفوه على مدار العقود السابقة، إذ ما عاد بمقدورهم بعد طول عهد اضطلاعهم بدور المحلِل (لاستمرار شرعية النظام) أن يضطلعوا بدور غيره، فإذ بهؤلاء والثورة لم تكد ترقى من سُلم الخلاص من النظام البائد غير درجات قليلة يتوافدون في جماعات، ملبين دعوة النظام البائد إلى الحوار. منهم من استحى فاستتر (في جلسات سرية مغلقة مع عمر سليمان لم يكشف عنها بعد)؛ ومنهم من كان ودع الحياء وداعا بائنا منذ زمن طويل، فما كان يعنيه الاستتار من عدمه؛ ومنهم من أذهب حجم المكاسب والمغانم التي تصور أنه جانيها ـ من وراء تلك الثورة الناشبة ـ عقله، فلم يعن بستر أو استخفاء، وصاحبهم قلة من الثوار الشباب الذين ذهبوا ليبحثوا عن دور لهم. (فما من شك أنه قد بلغ سمعهم هتاف إخوانهم في التحرير "لاتفاوض قبل الرحيل"، وعادوا بعد ذلك إلى أقرانهم محذرين وواعدين ومتوعدين بالويل والثبور إن لم يتم إخلاء ميدان التحرير).
ثم كان التنحي، لتفتح ساحات العمل السياسي على مصراعيها، لمن أراد وقدر عليه، لكن ما أشبه الليلة بالبارحة!!، ذات الصورة القديمة، وذات الوجوه تتصارع وتتجادل وتخوض غمار معاركها النخبوية، وبعيد زوال غمار تلك المعارك الطاحنة، يتقدم البعض ممن لا يزال يأمل خيرا في أولئك ليستجلي الأمر، ويحصي ما قد اغتنمه أي من الطرفين المتصارعين لنا أو لأنفسهم، فإذا بالإحصاء يفضي بهم ـ في كل مرة ـ إلى صفر ممزوج بالمرارة والأسى.
لكم أتمنى أن يُعرض الشباب ـ المزمع خوض غمار الحياة السياسية ـ عن تلك الكيانات التي يظللها مثل أولئك بظلالهم، فلن ينتفعوا ولن ينفعوا من خلالها أحد، فمثل هؤلاء لا ينتمون إلا لذواتهم، وما كياناتهم ـ التي يقودونها سواء أكانت أحزاب أم جماعات أم حركات ـ وأيدلوجياتهم سوى سيوف وحراب يستعملونها في القتال مع بعضهم البعض لا أكثر، ولن يقبلوا ممن يتبعونهم ـ إذا ما ارتضوا قيادتهم لهم ـ سوى أن يكونوا قطعانا، أينما أشاروا إليهم بعصا خبرتهم وحكمتهم المزعومة اندفعوا مهرولين إلى حيث يشيرون . لن يرتضوا بأقل من ذلك، فدعوها إنها منتنة، وانطلقوا في فضاء الحياة السياسية، لتقيموا بها من الأطر ما لا تظله إلا سماء نفوسكم الصافية.
محمد السيد الطناوي
[email protected]
suprahuman.wordpress.com
“شيئان يملآن الوجدان بإعجاب وإجلال يتجددان ويزدادان على الدوام كلما أمعن الفكر التأمل فيهما: السماء ذات النجوم من فوقي والقانون الأخلاقي في صدري”.
مقولة وردت في ختام كتاب للفيلسوف الألماني العظيم “كانت”، وهو ثاني أشهر كتبه “نقد العقل العملي”.
وقد كان التصور الذي قدمه “كانت” للقانون الأخلاقي ـ كما ادعى ـ شئ يستلزم الإعجاب والإجلال حقا، إذ رأى الفيلسوف الكبير أن القانون الأخلاقي لا يمكن له أن يكون مشتقا من التجربة، وأن أصله ومستقره إنما يكون في العقل، وإذ هو ينبع من العقل فهذا يعني أنه مطلق، يصلح لكل زمان ومكان، ليكون بذلك على غرار العلوم التي أرساها العقل بعيدا عن أي تجربة، كالعلوم الرياضية على سبيل المثال.
وبحسب هذه الرؤية الكانتية (أو ما يسميها “كانت” فكرة الواجب) فإن تشريع القوانين لسلوكياتنا يقع على عاتقنا، دون غيرنا.
وربط الفيلسوف العظيم ـ في ظل أطروحته تلك ـ بين القانون الأخلاقي وبين مفهوم الحرية، إذ أرتأى أننا نعتبر أحرارا بمقدار خضوعنا للقانون الأخلاقي، فالحرية ـ في تعريفه لها ـ ليست إلا الخضوع الإرادي لذاك القانون، وهو ما أسماه ب”التحديد الذاتي”.
والفرد الذي يعتمد هذا المفهوم، يكون ملزما باتباع القانون الأخلاقي حتى وإن جافى ميوله ورغباته وعواطفه، ودون أن ينتظر جزاءا أو شكورا من وراء التزامه ذاك.
وقد وضع “كانت” هذه الرؤية أو الفكرة (فكرة الواجب) متفاديا أن يخضع الأمر الأخلاقي لمبدأ اللذة أو السعادة أو المنفعة، إذ هنالك تغرق الأخلاق في الفوضي حتما؛ فهذه الأمور نسبية ومتغيرة، أما إذا ما كان القانون الأخلاقي صادرا عن “العقل الخالص” ـ بالتعبير الكانتي ـ منفصلا انفصالا تاما عن الواقع أو التجربة فهو ـ عندئذ ـ سيكون حاكما لها لا محكوما؛ أمرا ناهيا، لا تابعا خاضعا.
وقد حمل كثيرون على “كانت” وهاجموا فكرته تلك، إذ فزعوا من صرامتها، وكان من هؤلاء الشاعر الألماني الشهير “شيللر” ـ برغم ما كان يكنه للفلسفة الكانتية من تقدير وإعجاب ـ فكتب يقول: “إن فكرة الواجب في فلسفة “كانت” تتميز بصلابة تفزع منها جميع العواطف الرقيقة، وقد تغري ضعاف الفهم ـ في سهولة ـ على أن يبحثوا عن الكمال الأخلاقي في زهد الرهبان”.
وهذه الرؤية الكانتية لشد ما هو الشبه بينها وبين منظور الثقافة العربية الإسلامية للقانون الأخلاقي، إذ هو في ثقافتنا ـ كما هو الحال في فكرة الواجب لدى “كانت” ـ ملزم الزاما قاطعا وصارما، حتى وان لم تنهض التجربة لتدل على منفعة ظاهرة له، ومن ثم فالتجربة ـ في الثقافة العربية الإسلامية ـ ليس لها أي سلطان على ذاك القانون أيضا. بيد أن هناك اختلاف يتمثل في مصدر القانون الأخلاقي فيما بين الرؤيتين، ففي الرؤية الكانتية مرجع هذا القانون هو “العقل الخالص”، أما في الثقافة العربية الإسلامية فمرجعه هو وحي السماء. وهذا يجعل للأمر الأخلاقي ـ في ثقافتنا تلك ـ جلالا ورهبة وقدسية ليست متوافرة له في فكرة الواجب لدى كانت.
وإذا كانت الرؤيتان تتفقان في أن التجربة لا يمكن أن تكون حاكمة للأمر الأخلاقي، غير أنها ـ أي التجربة ـ قادرة على تحديد ما يتمتع الفرد به من حرية فعليا، (وهذا إذا ما اعتمدنا التعريف الكانتي لها)، فكيف يكون ذلك؟!
نستطيع القول أنه عن طريق تجارب أو ممارسات الفرد على أرض الواقع ، والتي يمكن أن نقيس عبرها مدى التزامه بالقانون الأخلاقي الذي أقره لنفسه ـ وبالتالي مدى ما يتمتع به من حرية، يكون حكمنا عليه.
ولي رغبة أن أستعمل مفهوم “التحديد الذاتي” ذاك استعمالا أخرا غير الذي وُضِع له، مستخدما ذات الفكرة التي صاغها “كانت” عن الحرية، والتي تفيد بأن الفرد يعد حرا بقدر التزامه بما أرساه لنفسه من مبادئ وقيم، وهي ما أرغب في توسيع دائرتها قليلا لتشمل المبادئ أو الأيدلوجية السياسية.
وأزعم أنه إذا ما اعتمدنا هذا الاستعمال، وأصبح تقييمنا قائم علي أساسٍ منه، ستخف حدة الاستقطاب الآخذة في الاتساع ـ على الساحة السياسية ـ تبعا للأيدلوجية، كما ستزداد فرص نجاح أي تعاون أو عمل مشترك بين أصحاب الأيدلوجيات المختلفة.
لكن بدايةً لابد أن نضع نصب أعيننا ـ دوما ـ تلك القاعدة التي أرساها المولى عز وجل، وسير عليها شئون الحياة والعباد، وهي قاعدة الاختلاف، فالاختلاف سنة كونية، لا حيال لنا إزاءها، وحتما علينا أن نقبل بها ونرضخ لها، وهذا القبول والرضوخ لن يكون إلا عبر تقبل الآخر.
منطلقين بعد ذلك في تقييمنا لأنفسنا وللآخرين ليكون منبثقا من مدى التزامنا والتزامهم بقيم المجتمع بصفة عامة، و كذلك مدى التزام كل منا بأيدلوجيته السياسية بصفة خاصة.
فتقيمي لفلان وتقديري له ـ وذلك إذا ما اعتمدنا هذا الاستعمال الجديد للمفهوم الكانتي ـ ومن ثم تعاوني معه، لن يكون على أساس كونه ليبراليا أو اسلاميا أو اشتراكيا….الخ، بل سيكون موقوفا على مدى التزامه بالقيم المجتمعية ـ كما أسلفنا ـ وكذلك مدى تمسكه بما تفرضه عليه الأيدلوجية التي يعتنقها.
فأنا حين أؤدي ما تمليه علي الأيدلوجية ـ التي أتبناها ـ لا أخضع لأي قوة خارجية أيا كان سلطانها، وإنما أقوم بحق معتقد شرعته لنفسي بنفسي، مؤمنا بأنه الوسيلة الأمثل لتحقيق المصلحة المجتمعية، وهنا أكون حرا بقدر التزامي به، وأصبح صادقا مصدقا بقدر تطابق ممارساتي العملية مع معتقدي النظري ذاك.
وهذا يعني أننا إذا ما الفينا شخصا لا يلتزم بالقيود التي ارتضاها عندما اعتقد في ايدلوجية معينة، فهذا يدلل على أنه مجرد دجال مشعوذ، لا ينتمي إلا لذاته، وما كلمات مثل المصلحة العامة ـ لديه ـ إن هي إلا تعاويذ يرددها لسانه، ويطلقها في أوجه الناس ابتغاء تضليلهم.
وهذه دعوة ٌ. لنلفظ جميعا ـ سواء أكنا إسلاميين أو ليبراليين أو يساريين ـ كل أولئك الدجالين والمشعوذين الذين يحيون بيننا، لنلفظ ذلك الاشتراكي الذي يبشر بالعدالة الاجتماعية، معلنا انحيازه للطبقات الفقيرة والمعدمة، ليحيا حياة الأمراء والملوك إن استطاع لذلك سبيلا. لنلفظ هذا الليبرالي الذي ما فتق يدعو لإطلاق الحريات وتطبيق الديمقراطية، وإذا ما أستقدمت أحدا غيره ليتصدر المشهد السياسي، كان أول المنقلبين عليها. لنلفظ ذلك الإسلامي الذي ما برح يحشو فمه بأحاديث القيم والأخلاق والمثل العليا، وإذا ما جد الجد أبصرت أمامك ميكافيليا خالصا، لا يقيم وزنا لأي قيمة أو مُثل. لنلفظ كل هؤلاء من حياتنا السياسية، وما أكثرهم!!. ولنتعاون ـ بعد ذلك ـ فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه. وحينها لن يكون هذا عسيرا كل العسر، بل سيصبح يسيرا كل اليسر، لأنه ـ عندئذ ـ سيكون تعاون بين أُناسٍ وإن كانوا ينتمون إلى أيدلوجيات متباينة، فهم عندها أبناء قيمة عظمى، يدين جميعهم لها بالولاء، قيمة الحرية ـ بحسب الطرح الذي قدمناه ـ وهذه رابطة وصلة نسب لا تنفصم.
محمد السيد الطناوى
مطلوب تأكيد تواجد مبارك بالأراضى المصرية وعدم مغادرتها
الصمت يعنى عكس ذلك وعلى الصامتين تحمل العواقب
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
نقلاً عن العقيد / عمر عفيفى
...
تلقيت اتصال من أحد المصريين المدنيين بمطار تبوك
أكد لي وصول طائره خاصه الساعه 11.45 دقيقة مساءا وكانت في حراسة طائرتين حربيتين وأنه تبين بوضوح السيده سوزان مبارك وحسني مبارك وأنها كانت قادمة من الرياض وكان يجلس مبارك علي كرسي متحرك وتم منع العاملين في المطار من الأقتراب حيث كانت الحراسه مشدده للغايه ولكنه بحكم عمله أستطاع تبين مبارك جيدا بنظاره مكبره وكان المخلوع الهارب يرتدي قميص نصف كم وبنطلون ويظهر عليه علامات الهزال الشديد وشعره غير مسبوغ وكانت السيده سوزان ترتدي غطاء للرأس ونظاره شمسيه تغطي نصف وجهها تقريبا رغم ان الوقت كان ليلا وكان يرافقهم 12 فرد حرس أجانب مسلحين وبرفقتهم ثلاث خادمات أجانب ويبدو انهم من جنسيات أسيوية
وفور هبوط الطائره تم ركوب مبارك في سياره مجهزه وموكب حراسه من سيارات مدنيه لعدم لفت الأنظار ولا يعرف مصدرنا إلي أين أتجه الموكب
والذي لفت نظر مصدرنا أن الطائره هبطت علي الممر الأحتياطي ولم تهبط علي الممر الرئيسي
وبمقارنة هذه المعلومات عن الشائعات بوفاة مبارك وتمهيد أحمد المسلماني عن ردود أفعال المصريين في حالة اعلان وفاة مبارك نستنتج أن هناك مخطط يقوم المجلس العسكري تدبيره بأعلان وفاة مبارك بألأتفاق مع النظام السعودي للتخلص من المأزق الذي وقع فيه المجلس العسكري بتهريب مبارك من مصر من فتره طويله
أناشد المصريين وأخواننا من أهل الجزيرة موافاتنا بأي مشاهدات أو مكان أقامة المتهم الهارب محمد حسني مبارك لأتخاذ الأجراءات القانونية
ونحذر النظام السعودي من الأستمرار في التستر علي مجرم هارب من العداله
كما نحذر المجلس العسكري من إستمرار التستر علي هروب المتهم مبارك والإستهتار بمشاعر المصريين في التاكد من مكانه
كما انه لن يكون مقبول أشاعة خبر وفاته والتدليس علي المصريين
كشف محمد الطماوى، عضو المكتب التنفيذى بأمانة شباب حزب الوسط، عن وجود «انقسام» بين أعضاء وقيادات الحزب حول الشخصية التى سيتم دعمها للترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، موضحاً أن هناك «مجموعتين» فى «الوسط»، الأولى تؤيد المفكر الإسلامى الدكتور محمد سليم العوا، والأخرى تؤيد القيادى الإخوانى السابق الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.
وقال الطماوى لـ«المصرى اليوم»: «عرضت على المهندس أبوالعلا ماضى، رئيس الحزب، دعم (أبوالفتوح) فى انتخابات الرئاسة المقبلة، لكن الحزب لم يحسم موقفه الرسمى حتى الآن»، لافتاً إلى أن «ماضى» يسعى لعقد لقاء يجمعه بـ«العوا» و«أبوالفتوح» ليتفقوا على ترشح أحدهما.
من جانبه، قال طارق الملط، المتحدث باسم حزب الوسط: «ما قيل عن دعم الوسط لـ(العوا) كان بشكل شخصى، وهذا ينطبق أيضا على من يقول إن هناك شباباً فى الحزب يدعمون أبوالفتوح»، موضحاً أن دعم «الطماوى» لأبوالفتوح يعبر عن «رأيه الشخصى».
من جهة أخرى، شن أبوالعلا ماضى هجوماً حاداً على المؤسسات الدينية فى مصر، قائلاً: «الأزهر قائم على مؤسسة ضعيفة خاضعة للسلطة وبدأ يميل إلى التقليد والانزلاق الفكرى وفتاوى متشددة بعكس طبيعة تكوينه الأصلى، وبدأ الجمود يدب فى علمائه مع ظهور الجماعات إلاسلامية».
وطالب «ماضى» - فى كلمته بمؤتمر «تحديات التحول الديمقراطى» أمس - بانتخاب هيئة من كبار العلماء تنتخب شيخ الأزهر ونائبه، وضرورة الاستقلال المالى عن الحكومة، كما طالب باستقلال الكنيسة عن الحكومة وإخضاعها إلى الجهاز المركزى للمحاسبات.
_________________________________________________
تعليق محمد الطناوى على ما نٌشر فى المصرى اليوم :-
ما نشر على لساني بجريدة المصري اليوم من أن هناك انقسام بين أعضاء الوسط، وأنني عرضت على المهندس أبوالعلا دعم د.أبو الفتوح..........الخ، غير دقيق بالمرة.
وما قلته في ذلك أن هناك مجموعة من حزب الوسط تدعم الدكتور عبد المنعم وترى أنه الأكفأ لهذا المنصب، وعندما سألني عن إذا ما كان المهندس أبو العلا يعلم بهذه المجموعة وبالجروب الذي أنشأته، أخبرته أنه على معرفة بذلك، وأنه لم يكن لديه أي مشكلة وأن الحزب يترك لنا مساحة واسعة من الحرية نتحرك فيها، وبخاصة وأنه إلى الآن لم يتخذ الحزب قرارا في تلك المسألة.
وعندما سألني عن مسألة الانقسام أو الانشقاق هذه، أخبرته أن هذا غير صحيح، وأن الاختلاف في الرأي هنا هو أمر صحي، وأنه إذا ما كان الحزب في هذه المرحلة (مرحلة ما قبل اتخاذ القرار) مجمع على رأي واحد حينها عليه أن يتأكد أن بهذه الصورة شذوذ.
كما قام الصحفي بتحريف ما قلته حول أن م.أبو العلا صرح من قبل أن د.عبد المنعم قيمة كبيرة وإضافة لأي منصب وأنه إذا ما ترشح سوف ندعمه بقوة، فقال على لساني أنني عرضت على المهندس أبو العلا ترشيح د. عبد المنعم (وأن ضحكت الصراحة لما شفت العبارة دي، دة العلاقة بينهم تبدأ يمكن من قبل أن أولد)......
باختصار لم يكتب الصحفي عبارة على لساني إلا وقام بتحريفها، وأتمنى مراجعة نفس التصريح في جريدة الأهرام، فقد نشر بطريقة أقرب إلى الدقة.
حتى اسمي لم يسلم من التحريف)
http://www.ahram.org.eg/Al-Mashhad-Al-Syiassy/News/81087.aspx
زهقنا من جس النبض، قرفنا من بالونات الاختبار، هرمنا من الغموض، سئمنا من عدم المصارحة، ورمنا من الاستهانة بدماء الشهداء.
لماذا لا يخرج أحد من حكام هذه البلاد ليقول لنا صراحة: نحن لن نحاكم حسنى مبارك ولا زوجته ولا ابنيه ولا كبار رجاله، لأنهم جميعاً أخذوا الوقت اللازم لتستيف أوراقهم وحساباتهم وليس هناك ما يدينهم، وبما أنه ليست لدينا قوانين تُحاكم الفساد السياسى، ولسنا راغبين فى استصدارها ولا حتى راغبين فى محاكمتهم طبقاً لما هو موجود من مواد قانونية تحدث عنها رئيس محكمة جنايات الإسكندرية منذ شهر ولا حياة لمن تنادى، فكل ما هنالك أن هناك بعض كباش الفداء ستسقط، بعضها سمين مثل حبيب العادلى، وبعضها هزيل مثل مدير تلك المؤسسة أو رئيس ذلك الاتحاد.
قولوا لنا ذلك لكى نعود فى التو واللحظة إلى الميادين والشوارع، وننال الشهادة التى كنا نحلم بها، أنا آسف لأن حماسة اللحظة جعلتنى أقع فى الكذب، نعم، كذبت وأعترف لكم الآن بأننى لم أحلم بالشهادة عندما شاركت فى يوم الخامس والعشرين من يناير والأيام التى تلته، فقد كنت خائفا بشدة، وكنت راغبا بجنون فى أن أشهد هذه البلاد وقد تغيرت إلى الأبد، نعم كنت أحب الحياة وأكره الموت، لكننى وأقسم بالله العظيم بعد أن رأيت خيرة أبناء مصر يسقطون إلى جوارى شهداء وجرحى ويضحون بأرواحهم من أجل مصر، أحب الموت الآن وأكره الحياة يوماً واحداً فى ظل ثورة مقطومة لأسباب لا أعلمها ولا أريد أن أعلمها. كل ما أعلمه أن الله سيلعننا جميعاً لو فرطنا فى حق هذه البلاد وسمحنا لها أن تعيش يوماً واحداً فى ظل نظام شبه صالح أو شبه عادل أو شبه مستقيم.
لن نسألكم عن عفو لم تأخذوا رأينا فيه، سنسألكم لماذا تتباطأون فى وضع حسنى مبارك وزوجته فى المكان الذى يليق بكل فاسد وظالم وسارق ومنتهك لحق الناس؟
ومن قال لكم إن غاية المراد من رب العباد هو أن نحاسب لصوصا بعد أن منحناهم الوقت الكافى لإخفاء المسروقات؟ أنا لا أتحدث باسم أحد، أتحدث عن نفسى فقط، أنا لم أخرج يوم ٢٥ يناير حاملا أدويتى فى جيبى مستودعا الله زوجتى وبناتى لكى أشعر الآن بالنصر فقط لأن حسنى وزوجته أعادا كذا مليون إلى خزانة الدولة، أنا أصلا لم أبلع أبداً شعار (عيش حرية كرامة إنسانية) الذى وجدت من حولى يهتفون به، بل هتفت من أعماق قلبى ومن أول لحظة أصابنى فيها دور الهتاف صارخا (يسقط يسقط حسنى مبارك)، ليس لأن بينى وبينه ثأرا شخصيا،
فقد نشأت ونموت وترعرعت وكان يفترض أن أموت فى عهده هو وابنه، بل هتفت بسقوطه لأنه رجل أهان هذا البلد العظيم الذى عرفت عظمته من كتب التاريخ، فأنا من جيل لم يشهد تلك العظمة فى الواقع، هتفت ضده من أعماق قلبى لأننى تذكرت مئات المرضى الذين كنت أراهم يرقدون إلى جوار والدتى فى معهد الأورام المنهار، لأن خيالات ضحايا العبارة الغارقة ومراكب الموت ومسرح بنى سويف وقطار الصعيد ستظل تطاردنى حتى أموت، لأن دموع المعذبين فى زنازينه كانت ستلعننى لو لم أهتف بسقوطه، لأن كل لحظة قضيتها فى بلاد الله التى تقدمت وتطورت واحترمت كرامة الإنسان كانت ستلعننى لو لم ألعنه.
العفو!، أى عفو؟ يا سادة العفو عند المقدرة، ونحن لم نعد قادرين على التحمل بصراحة، ولذلك عفواً لن أسألكم: هل ستعفو عن مبارك وعن رجاله أمهات الشهداء؟ هل ستعفو عنهم ابنتا طارق الأقطش؟ هل ستعفو عنهم أم زياد بكير؟ هل ستعفو عنهم زوجة أحمد بسيونى؟ لن أعدد لكم أسماء الشهداء ولن أذكركم بصورهم، أنا آسف، لن أفعل ذلك،
لأننى موقن بحتمية محاكمة مبارك ورجاله ولست محتاجا من أجل ذلك إلى كل تلك الدماء الطاهرة التى لا يساوى مبارك وكل رجاله نقطة واحدة منها، لقد كاد مبارك يزهق روح مصر ومصر فوق الجميع وأغلى من الجميع، لقد أهان رجال مبارك كرامة مصر، وكرامة مصر فوق كل اعتبار، إذا كنتم حقا حريصين على اقتصاد البلاد واستقرارها وأمنها، فاعلموا أن مصر أغلى من حسنى مبارك ورجاله ونسائه، إذا كانت لديكم اعتبارات خفية فقولوها لنا لأننا زهقنا من هذا الملل، لا تطلبوا منا أن ننظر إلى الأمام وأنتم تجبروننا كل يوم على أن ننظر إلى الخلف بقلق وترقب، لا تحرموا أحلامنا من فرصتها فى أن ترى النور كاملة قبل أن تطالبونا بأن نسير خلفكم.
لقد وقفنا ضد كل من يريد أن يوقع بيننا وبينكم تحت أى مسمى أو أى سبب، لأننا ندرك أنكم العمود الصلب الوحيد الذى نجا من تهشيم مبارك والذى لا تستغنى عنه مصر أبدا، ولذلك نرجوكم ألا تجعلوا تلك الوقيعة تحدث بفعل قرارات متعجلة قد يزينها من يبدو أنهم حسنو النية، اتركوا هذا الملف الشائك للشعب والشعب وحده، اجعلوه حقا للرئيس المنتخب والبرلمان المنتخب القادمين، اتركوا مبارك ورجاله يواجهون مصيرهم الذى سيقرره الشعب، والشعب وحده.
أنا لا أتحدث باسم أحد، أنا أتحدث عن نفسى فقط، وما أعرفه أنه إذا كانت مصر تحتاج إلى ثورة ثانية وثالثة ورابعة من أجل أن تصبح وطنا يتمتع بحرية كاملة وعدالة كاملة وتغيير شامل، فوالله العظيم ثلاثة، وحياة شهداء ستة أكتوبر وثمانية وعشرين يناير، سأمنحها روحى ودمى وحريتى، فلست أغلى من الذين استُشهِدوا أو جُرِحوا أو اعتُقِلوا قبل الثورة وأثناءها وبعدها، أنا ببساطة مثل كل الذين رأيتهم فى الميدان، لست طالب ثأر، بل طالب عدل، والعدل لا تصنعه الغرف المغلقة، بل يولد فى قاعات المحاكم المفتوحة للناس التى تمنح عدالة كاملة، وليس عدالة إلا ربع كالتى كان يمنحها نظام مبارك بمزاجه وقتما يشاء ويحجبها عمن يشاء.
هل أنا وحدى الذى يفتقد التحرير ياجدعان؟
ألاحظ ويلاحظ الكثيرون الافتعال الواضح فى الأحداث الطائفية الأخيرة فالحقيقة أن المنحنى البيانى لتصاعد الأحداث كان حادا بشكل مستغرب بلا مقدمات حقيقية تبرر مثل هذا التصادم بشكل منطقى.
والحقيقة أن من اختار التيار السلفى ليكون المتهم الرئيسى فى أحداث العنف الطائفى قد أحسن الاختيار لعدد من الأسباب أولها أنه تيار يشتهر بالتشدد بما فى ذلك فتاواه بما يتعلق بالأقباط فيسهل إلصاق التهم به وتشويه صورته عند الغالبية العظمى من العوام وثانيها أنه تيار فكرى فحسب ولا يحمل سمة التنظيم والمركزية التى يتسم بها الإخوان فيصبح استقصاء الحقائق من خلال مشايخ هذا التيار ضربا من المستحيل لكون أفراده لا تربطهم ببعضهم البعض روابط تنظيمية فمن الصعب أن يجد قيادات التيار السلفى ومشايخه من يثقون به لنقل الأحداث بشكل واضح وثالثها أن قوته الإعلامية فى نفى ما يلتصق به من تهم شديدة الضعف فقد سمع الكل عن حادثة قطع أذن القبطى بيد السلفيين غير أنهم لم يسمعوا أن السلفيين أبرياء بشكل كبير من هذه التهمة.
هناك أيضا شئ آخر فهذا التيار منتشر بشكل ما فيكاد لا يخلو شارع من رجل ملتحى وسيدة منتقبة ولا سيما الأماكن التى اتخذها منفذوا الجرائم الطائفية مسرحا لهم فهى أماكن تكتظ بالسلفيين ولها فى ذاكرة الناس سمعة سوداء فى أحداث التطرف الإسلامى فمن منا لم يسمع عن "جمهورية إمبابة" التى استعادتها الحكومة من المتطرفيين من الجهاد والجماعة الإسلامية بما يشبه المعارك؟
وأنا هنا لا أحاول تبرئة هذا التيار فربما يكون قد تم التغرير ببعض أفراده فعلا واشتركوا فى الأحداث فأقول أننى لا أحاول التبرئة بقدر ما أحاول توضيح صورة غائبة ليس أكثر فلا أريد أن تأخذ بعضنا الحمية فى الإدانة قبل ظهور دلائل حقيقية تدين أشخاصا بعينهم.
إننى كمواطن مصرى أطالب بمحاكمة كل من اشترك فى هذه الأحداث سواء بالفعل أو التحريض كما أطالب إخواننا من الأقباط بألا يتقوقعوا حول أنفسهم وألا يحددوا أنفسهم بأساليب متصلبة فالمصيبة تخص كل مصرى ولا تخصكم وحدكم.
إن السبيل الأمثل هو وأد هذه الفتن فى مهدها هو العقاب السريع والحاسم لكل من تسول له نفسه العبث بمقدرات أبناء هذا الوطن كما ينبغى معالجة الأسباب أيضا فخضوع الكل بشكل عادل للقانون يمثل الضمانة الحقيقية ضد أى تعصب..إن التعصب منشئه فى بعض الأحيان إحساس بالظلم وعدم المساواة أو العدل فى المعاملة عند صاحبه فيجب أن يقضى على مثل هذه الأمور.
إن هناك قضايا معلقة بين المسلمين والأقباط تسبب توترا شديدا وحساسية بالغة بين الطرفين ومنها قضية كاميليا شحاته ووفاء قسطنطين والحل الأمثل هو إثبات سيادة الدولة على كل مواطنيها وعلى المؤسسة الكنسية والأزهر أيضا فلا ينبغى أن يتعمق إحساس عند أحد الأطراف أن الطرف الآخر فوق القانون أو أنه يستطيع تحديه.
لذلك ففى رأيي إن تلبية السيدة كاميليا لاستدعاء النيابة سيكون له أبلغ الأثر فى تهدئة الأجواء فإن كانت مسيحية فليعاقب من أثار الشائعات عن إسلامها واحتجازها وإن كانت مسلمة وتم احتجازها فليعاقب من احتجزها وليكن هذا هو القول الفصل فى هذا الأمر.
للكاتب : أحمد طاهر عبد العزيز
أحب الكتابة دوما في حضرة التفاؤل، فصحبته تسعدني، وتغمر نفسي سرورا وحماسة، لكن استدعاؤه ـ في أغلب الأحيان ـ ما يكون أمرا عزيزا، لذا أجدني مضطرا إلى الكتابة ـ في أوقات كثيرة ـ وأنا وحيدٌ فاتر الهمة، غير أني لا أنفك أحاول تخطي تلك الحالة متعكزا على مقولة قرأتها مؤخرا لأحد الفلاسفة، إذ يقول بأن "التشاؤم هو علامة الضعف والانحطاط، والتفاؤل هو علامة السطحية في التفكير وقصر النظر"، فما حاجتي ـ إذن ـ لذاك التفاؤل الذي هو سطحيةٌ وقصرٌ في النظر؟!. هكذا حاولت إقناع نفسي، لعلها تقتنع وتُقبِلُ على فعل هو أحب الأفعال إليّ؛ فعل الكتابة، وها أنا في غيبة التفاؤل ـ وقد طاوعتني تلك النفس العنيدة ـ أكتب متسائلا:
أمن ضرورة الحياة السياسية هذه الينابيع المسمومة؟! وما هي؟ إنها الالتواء والخداع، والنفاق والرياء، والتمركز الطفلي حول الذات . . .
كان ظني أن هذه الينابيع سيجف كثير منها بعد ثورة عظيمة زكت نفوس كثيرين من أمراضها، وسقت قلوبنا الطهر، وأبصرنا عبرها عظمة قدرة المولى عز وجل فتدفقت كالجداول أشواقنا للتغيير؛ لتغيير أحوالنا التي ألفناها وما ألفتها الفضيلة، ليتم الله نعمته علينا من بعدُ ليستحيل التغيير المأمول إلى حقيقة واقعة. أو هكذا ظننت.
لكن بعض الظن سذاجة.
فما أن أجازت الثورة حزبا من بين ما أجازته من الأحزاب، حتى تلبد صفاء أديم وجه أحد قياداته بالغيوم، ليمطر أعضاء حزبه بأحاديث باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، ويرعد في وجوههم بتصرفات صادمة يندى لها جبين كل حيي. ويبرق بألاعيب تشبه ألاعيب الحواة، أو هكذا يظن، وما ينخدع بها إلا البله والمعاتيه.
وحزب آخر حملت قياداته فوق رأسها لوح شريعتها، ومضت تبشر بها، وما انتفع حزبها من ذلك شيئا، إذ أن المسطور عليه ليس ـ كما يظن مرتادي ذلك الحزب ـ فكرة أو رؤية أرادوا هم إذاعتها في الناس، وإنما كتب عليه كلمة واحدة أنا ثم أنا ثم أنا ثم أنا . . . ..
وآخرون ينتمون إلى تيار سياسي ثالث ما فتأوا يتجشأون الفضيلة في وجوه الناس، وإذا ما خلوا إلى بعضهم البعض قالوا إنما نحن مستهزئون، والشعب الثائر يستهزئ بهم، إذ أن الرغبة المضطرمة في نفوسهم إلى القوة والسيطرة قد نهشت تلك الأقنعة التي أحكموا وضعها على وجههم القبيحة، ولا تلبث أن تسقط لتستبين أمام أعين الناظرين جميعا.
وآخرون. . . .وآخرون. . . . .
ما حديثي الغاضب ذاك بحديث تنفيسي أطلقه على ورقة لتهدئ نفسي وتثوب إلى حالتها الطبيعية، إنما أتطلع عبره إلى تحذير الوافدين الجدد إلى تلك الساحة؛ الساحة السياسية، أولئك الذين أحدثوا في بلدهم حدثا قلما كان له نظيره في تاريخنا الموغل في القدم، ولهؤلاء أقول:
ـ ليكن انغماسكم في تلك الساحة متشحا بالحذر والحيطة، ولتتلفعوا بسوء الظن، فإن كان بعض الظن إثم ـ كما يقال ـ فالبعض الآخر من حسن الفطن.
ـ لتحافظوا على نقاءكم الثوري، ولتبحثوا عن أشباهكم. لتلتصقوا ببعضكم البعض فتُعجِزون تلك الأنوات المتوحشة التي تمخر عُباب ذلك العالم، عالم السياسة، باحثة عن خدم وتُبَّع.
ـ ولتكن تلك الوجوه الباسمة لإخوانكم الذين هم عند ربهم أحياء يرقبون ماثلة أمام أعينكم دوما.
ـ وحذاري أن تجزعوا من تلك التشوهات الخُلُقية التي ضربت أطنابها في نفوس مثل تلك النخبة، وترهبكم سطوتهم فتفروا فزعين. لا تكونوا كفاتلي الحبال يحبكوا الخيوط لينسحبوا من بعدُ إلى الوراء.
وليعذرني القارئ إن غلف بعض حديثي الاقتضاب، وغشيه الرمز، وسكنه الغموض، فما استهدف التشهير، وإنما قصدت التنبيه، إذ في ظل هذا الجو المسموم فلسوف تتهرأ كل عاطفة نبيلة، وتذبل كل حماسة، وتسود عقيدة الأنا.
وأقول نهايةً أنه رغم ما سُقته من نماذج ووقائع قد تضفي شئ من الكآبة على القارئ الكريم، إلا أنني متفاؤل بعد أن أنهى الوافدون الجدد ـ على الساحة السياسية ـ احتكار سياسيو العصر البائد لها، متفاؤل وأنا أبصر من بين النخبة ـ وإن كانوا قلة ـ من جعل من خبراته وعلمه ربوة يعتليها الشباب ليشرفوا على المستقبل(د.معتز بالله عبد الفتاح نموذجا)، متفاؤل رغم أنف فيلسوفي صاحب المقولة السابقة الذكر أعلاه.
محمد السيد الطناوي
عضو مؤسس بحزب الوسط
[email protected]
أرسل إلىّ الأستاذ مؤمن جودة تدوينة مهمة أتشرف بنشرها هنا وأطلب من كل من يقرؤها أن يؤجل الحكم على ما فيها حتى السطر الأخير منها، ثم بعد ذلك ليفعل بها وبكاتبها وبناشرها ما يشاء. استعنا على الشقا بالله.
«فكر دقايق واكسب دولة»: من هم قائلو العبارات الآتية؟ وهل تعتقد أن من قالوا هذه العبارات ينتمون إلى التيار الإسلامى أم إلى التيار العلمانى؟ (حل هذا السؤال موجود بالأسفل):
١- «لا يهم الإيمان بالله لقيام الحضارات وتقدمها.. من وجهة نظرى، ما يهم حقاً هو مقدار العدالة والمساواة المتوافر بين الناس. لذلك فإنى أعتقد أن الأولى أن نهتم بإقامة دولة عادلة على أن نقيم دولة مؤمنة بالله.. بالطبع أنا أؤمن بالله ولكنى أعتقد أن العدل أهم من الإيمان إذا أردنا التقدم والرفعة لدولتنا».
٢- «على الرغم من إيمانى التام والكامل بكل ما جاء بكتاب الله لكنى أعتقد أنه من الأولى الآن ألا يتم تطبيق ما جاء به فيما يخص عدة مواضيع أرى من وجهة نظرى أنها مهمة وشديدة الخطورة على المجتمع فى المرحلة الراهنة وسوف تحدث عواقب وخيمة للدولة ما إذا تم تطبيق الشريعة فى تلك الموضوعات، بحسب علمى فإن اختلاف الزمان والأحوال هو فى حد ذاته سبب كاف لعدم تطبيق بعض ما جاء بالقرآن حتى يتغير الزمان وتتبدل الأحوال وتتيح الظروف تطبيق ما تم إيقافه سابقاً».
٣- «يعلم الله كم أحبه وكم أتمنى أن ألقاه وهو راض عنى ولكنى أرى أن يتم السماح بشرب الخمر وإباحة القمار والجهر بالزنى فى بلدى.. قد يتهمنى البعض بالتقصير ولكنى لا أريد أن أحدث فتنة بين الناس وأدمر وطنى إذا أجبرتهم على ترك تلك المنكرات.. أنا أعلم أن الله سيحاسبنى على سماحى وتهاونى فى إيقاف هذه المعاصى، ولكن أرى أن المصلحة الآن تقتضى ألا يتم إيقافها حتى تتم تهيئة المجتمع وتسمح الظروف والأحوال بهذا ولكن الآن.. لا».
٤- «كيف لشخص سليم وطبيعى ألا يستمع ويتفاعل مع الموسيقى؟ فالموسيقى تصفى النفوس وتحيى القلوب وتجعل الجسد يتمايل مع الأنغام ولا يلبث المستمع إلا أن يرقص طرباً من وجد الموسيقى.. أما مَن لا يستمع إلى الموسيقى ولا يستطيع أن يشعر بها فهو شخص لا يعرف معنى الروحانية وأقول إنه كالبهيمة، بل أقول إنه أدنى من البهيمة حيث إن البهائم نفسها تتفاعل مع الأنغام وتتأثر بها».
٥- «طبقاً لما أوتيت من العلم، أرى أننا يجب أن ندرس أنظمة القضاء والقانون فى الدول الغربية المتقدمة فى مجالات حقوق الإنسان وأن نطبقها فى بلادنا، لا مانع أبدا أن نطبق الأنظمة الغربية بما يساعد فى إقامة دولة ترعى قيم العدالة بين مواطنيها.. بل وأقول إن هذا هو الأصل فى الإسلام..
يجب أن نقدم قيمة العقل والتجربة العلمية التى خاضتها تلك المجتمعات ولا أرى أن هناك أى تعارض بين هذا المنظور وبين التزامنا بالقيم الإسلامية.. لا يهمنى تماماً ماهية النظام القانونى المطبق ولا يهمنى من أين اقتبسناه طالما أنه يحقق أفضل درجات العدالة فإن النظام القانونى وأصله ليس غاية فى حد ذاتها بل وسيلة إلى الوصول لدولة تحترم مواطنيها وتلتزم بالمساواة بين الجميع، واعتقادى أن الشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لتحقيق هذه المقاصد، وعلى هذا فأنا أرى أن ندرس المصلحة ونعمل على الوصول إليها بجميع السبل والطرق».
٦- «كثير من الأحكام الخاصة بالشريعة الإسلامية تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله أو لحدوث ضرورة أو لفساد أهل الزمان بحيث لو بقى الحكم على ما كان عليه أولاً للزم منه المشقة والضرر بالناس ولخالف قواعد الشريعة الإسلامية المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لهذا نرى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد فى مواضع كثيرة بناها على ما كان فى زمنه لعلمهم بأنه لو كان فى زمنهم لقال بما قالوا به أخذاً من قواعد مذهبه».
٧- «الجمود على المنقولات أبداً ضلال فى الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين».
٨- «من أفتى الناس بمجرد المنقول فى الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم فقد ضلّ وأضلّ. فمهما تجدد العرف فاعتبره ومهما سقط فألغه، ولا تجمد على المنقول فى الكتب طول عمرك».
٩- إذا أردتم غير المسلمين أن يؤمنوا بالإسلام ويعتنقوه فيجب أن يقوم المسلمون أولاً وقبل كل شئ بالعمل الجاد والدؤوب على تقدم الأمة الإسلامية فى المجالات العلمية المختلفة، وعلى جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والفنية، وأن تحقق انتصارات مدوية فى هذه المجالات حتى يحترم غير المسلمين تلك الحضارة العظيمة حيث إن الناس لا تأتى إليك لتعتنق مبدأك إلا إذا كنت منصوراً فاتحاً إذ تمتلك منهاج حياة يقنع من يريد أن يعيش الحياة بمنهج صحيح.
من فضلك حاول التفكير قليلاً قبل قراءة الأجوبة وستندهش عندما تعرف من هم الذين قالوا المقولات السابقة.
١- قائل هذه المقولة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فى رسالة الحسبة، والمدرجة فى مجموع الفتاوى: «ج٢٨ /١٤٦»، وهذا نصها: (وأمور الناس تستقيم فى الدنيا مع العدل الذى فيه الاشتراك فى أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم فى الحقوق، وإن لم تشترك فى إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام).
٢- هذه المقولة ما هى إلا لسان حال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - وهى مجرد وصف بسيط لاجتهاده مع النصوص الشرعية مثل عدم قطع يد السارق فى عام الرمادة وإيقاف إعطاء مال الدولة للمسلمين الجدد (سهم المؤلفة قلوبهم).
٣- هذه المقولة هى لسان حال رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا، منذ ١٤ مارس ٢٠٠٣، رئيس حزب العدالة والتنمية الذى ينتمى إلى التيار الإسلامى.
٤- هذه مقولة الإمام أبوحامد الغزالى فى مصنفه المشهور «إحياء علوم الدين» والنصوص الأصلية المذكورة فى باب «آداب السماع والوجد» هى: «اعلم أنّ السماع هو أول الأمر، ويثمر السماع حالة فى القلب تسمى الوجد، ويثمر الوجد تحريك الأطراف، إمّا بحركة غير موزونة فتسمى الاضطراب، وإمّا موزونة تسمى التّصفيق والرقص
- ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية، زائد عن غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور، بل على جميع البهائم، فإنّها جميعاً تتأثر بالنغمات الموزونة».
٥- مجرد إعادة صياغة لمقولات الإمام ابن القيم الجوزية فى كتابه «الطرق الحُكْميّة فى السياسة الشرعية» ونصها يقول فيه ابن القيم «إن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذى قامت به السماوات والأرض، فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العقل وأسفر صبحه بأى طريق كانت فثم شرع الدين ودينه ورضاه وأمره، والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته فى نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التى هى أقوى منه، وأدل وأظهر بل بيّن بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط، فأى طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها وبمقتضاها.
والطرق أسباب ووسائل لا تراد لذاتها وإنما المراد غاياتها التى هى المقاصد، ولكن نبه بما شرعه من الطرق على أسبابها وأمثالها ولن تجد طريقا من الطرق المثبتة للحق إلا وهى شرعة وسبيل للدلالة عليها».
والمقولة الثانية للإمام تحت عنوان «بناء الشريعة على مصالح العباد فى المعاش والمعاد»: ونصها «فإن الشريعة بناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد فى المعاش والمعاد، وهى عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل».
٦- نص مقولة الفقيه (ابن عابدين) فى رسالته (نشر العرف).
٧- نص مقولة للإمام القرافى.
٨- نص مقولة لابن القيم فى (إعلام الموقعين).
٩- مجرد رؤية متواضعة للعبدلله لقوله تعالى {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }.
كانت هذه مجرد محاولة لتوضيح الرؤية ولنشر الوعى بحقيقة ما فى الإسلام من سعة وما فى الفقه من تبديل وتغيير باختلاف الأزمنة والأمكنة.. ما استوقفنى وأنا أكتب هذه التدوينة أن كل الآراء السابقة لم تقابل بدعاوى التكفير ولا باتهامات العمالة ولا بالتشبه بالغرب الفاسق، ولم يتعرض أصحاب هذه الآراء بسببها للتجريح ولا للشتيمة من «الملتزمين دينياً» فى عصرهم، بل احترم السابقون واللاحقون تلك الآراء والاجتهادات ولم يتهمهم أحد بأنهم «غير متخصصين».
سؤالى الأخير الذى يبقى بلا إجابة: ترى لو كان يعيش بيننا سيدنا عمر بن الخطاب وأوقف العمل بحد السارق أو بصريح القرآن فى حالة (سهم المؤلفة قلوبهم)، كيف كان سيستقبل الإخوة السلفيون اجتهادات عمر؟ لقد أمر بإيقاف ما أمر به الله فهل تعتقدون أن الإخوة السلفيين أو مَن سار على منهجهم الفكرى كان سيقبل هذا أم سيعترض عليه ويقول لعمر (لا اجتهاد مع النص)، أو سيصرخ فى وجهه قائلا: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[المائدة:٤٤]؟.
أترك لكم أنتم الإجابة.
لم أك قديسا، أو متبتلا في محراب الوطنية ذاك الذي دنسه المدعون والمهرجون ليضيع المعنى في أغوار نفوسهم المظلمة. لم أك أحد أولئك الذين يلوكون في أفواههم كلمة الوطن صباح مساء.
نعم لم أك أحد هؤلاء.
بل كنت واحدا من الذين ينظمون أناشيد البهجة والمرح ليترنموا بها نهارا، وإذا ما احتوى الليل أحدهم استعرض الوطن في قصيدة لشاعر مرابط على دروب المعنى الحقيقي له. كان قوام حديثي الفخر بما كان، والسخط على ما هو كائن، والأمل فيما سيكون.
ثم كانت غضبتي. كانت ثورتي. انا ابن العشرين. لم أنفثها في وجه الطغاة من أجل لقمة عيش، أو من أجل تراتيل أيدلوجية أرددها كالببغاء، كما كان يفعل الآخرون من حولي، لا يفقهون لها معني. إذ قد نزهت نفسي أو أراد الله تنزيهي ـ عن ذلك ـ ليوم معلوم. وإنما هو حلمٌ راودني منذ الصبا، حلمٌ امتزجت فيه معاني الحرية والكرامة والعزة والكبرياء، وكان النتاج انسان رأيته أنا.
نعم. هذا أنا . . لا لست من عصر الأفول. . انا ساعة الهتك العظيم أتت . . وخلخلة العقول، أبيات رددتها ـ وأنا أثور ـ لشاعر لا أتذكر اسمه، وقد كنتها.
وإذا بشمس الحرية قد بزغت من بعيد لتطوح بشعاع نحو وطني، لأول مرةٍ. ولي الفخر كل الفخر فأنا من بشرت بها، ودعوتها فلبت دعوتي.
وإذا بهاتف ينادى أن حان وقت الرحيل.. قد كانت مقايضة، فتبسمت، وها أنا راحل؛ هادئ النفس؛ مطمئن، فوداعا. ولي كلمة أخيرة أقولها؛ كلمة ثائر مازلت نفسه تحمل نفثة من غضب. أقول لأولئك الذين يرقصون فوق رفات الشهيد ليجذبوا إليهم الأنظار أن عليكم لعنتي. أقول لأولئك الذين أسرتهم بجميلي فتنكروا لي وله، إذ لم يعضوا بالنواجز على ما قايضت عليه بدمي، أن عليكم لعنتي. وأقول لأولئك الذين سلبتهم الثورة المعنى أن عليكم رحمتي.
محمد السيد الطناوي
في ناس قالت كفايه عايزين استقرار لما مبارك قال مش هاترشح وقالو كفايه عايزين استقرار لما قال هافوض عمر سليمان وقالو كفايه عايزين استقرار لما كنا عايزين نقيل شفيق .... واثبتت الايام ان كفايه التي تعني الاستقرار هي خطأ علي طول الخط وان التظاهرات ذات المطالب الشعبية وليست الفئوية صح علي طول الخط ...فالثورة تعاني من جرائم فلول النظام ومبارك ليس في الحكم فمابالك لو كنا كفيناها زي ماقالو عشان الاستقرار كان عمو مبارك عمل فينا ايه !!. وبالنسبة لشفيق اثبت شرف انه احسن ميت مره منه بغض النظر عن مميزات وعيوب شفيق يعني فكرة كفاية ككل اثبتت خطأها...ويا رب اللي قال كفايه قبل كده يقتنع وينحاز للحق ولمصلحة مصر.
فرق كبير بين الاستقرار والسلبية...الاستقرار مطلب يتفق عليه الكل الي مكميلين مظاهرات والي مش بيتظاهرو...اما الاستحمارهو الاستمرار في ترديد كلمه وكل الي بتعمله يؤدي لغيرها او لعكسها. الاستقرار متوقف علي مطالب شعبيه ميختلفش عليها اتنين لو متحققتش الناس مش هاتبطل تتظاهر وتعتصم ومش هيحصل الاستقرار الي كلنا عايزينه... اما السلبية هي الجمود والتشبث بفكرة خطأ زرعتها الثورة المضدادة ان الاستقرار يعني انك تفضل مبلط سلبي ومتتحركش ابدا مع ان الاستقرار ممكن يكون في انك تنزل تعترض عشان التغير يحصل ونخلص بقي وترجع الميه لمجاريها فيحصل الاستقرار الحقيقي الي كلنا عايزينه.
الاستقرار اننا كلنا نجتمع علي بناء اساس الدولة...الاساس الي يستحمل ويفضل مستقر لعقود وازمنه زي اوربا كده...ولو كان بناء الاساسات دي يعني التظاهر مع بتوع ماسبيرو لان التخلص من فاسدين الاعلام ده جزء من الاساس الي هايعمل استقرار يبقي اشترك مع ماسبيرو ولوكان بناء اساس الاستقرارمعناه اني اشارك طلبة كلية ولو بقلبي في مظاهراتهم عشان يشيلو عميد كليه عضو لجنة سياسات متعين بالواسطة يبقي لازم ادعمهم لان الجامعات جزء من اساس الاستقرار. اكيد دورك في الاستقرار مش انك تكون متفرج...اكيد دورك في الاستقرار انك تفكر ازاي يكون فيه استقرار دائم مش استقرار يومين وبعديه انفجار.... في النهاية مش عيب انك تحب الاستقرار بالعكس ده شئ رائع بس العيب انك تكون سلبي
أحمد الله ثم أشكر عبده الزميل العزيز محمود مسلم على ما أسداه من صنيع تاريخى إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير بإجرائه حواراً ذا قوة قتل ثلاثية مع الدكتور أحمد فتحى سرور الشهير بسيد قراره رئيس مجلس التزوير والتضبيط الشهير بمجلس الشعب، فبفضله لن تظل معلقة فى رقبة الثوار تلك الاتهامات التى تدعى أنهم قاموا بالثورة استجابة لتحريضات أجنبية، فقد ثبت بالحوار القاطع أن أول من بشر بالثورة هو الدكتور السرور، وليس بعيداً أن يزداد كرم الله علينا فى حوارات قادمة مع الصفوت الشريف والزكريا العزمى، فنكتشف أن الثورة كانت أصلا حلماً نبيلاً اشترك فيه الثلاثة سويا، ثم قرروا تنفيذه بعد أن ظلوا عشرات السنين فى بطحاء مبارك يكتمون إيمانهم بالحرية والعدل ويخفون كفرهم بالفساد والتزوير.
طيب والله بجد بجد، أنا مستغرب جدا من مظاهر السخط التى أبداها البعض على نشر «المصرى اليوم» لحوارات المبشر سرور، فلو كنت ضليعاً فى القانون لقدمت الحوارات الثلاثة إلى النيابة العامة متهماً الرئيس المخلوع مبارك برفض نصائح سرور التى كان يمكن أن تنقذ البلاد والعباد، ولطلبت من حضرة القاضى أن ننتقل إلى إذاعة خارجية من شرم الشيخ لبث مواجهة علنية بينهما على موجات شبكة صوت الاستقرار، لكى نعرف هل حقاً وصدقاً سأل مبارك «سرور» بصوت مرهق «نعمل إيه؟»، فطار حرف النون من إجابة سرور الناشفة التى قال فيها طبقا لنص حواره «غَيّر الحكومة وشيل بعض الوزراء المكروهين وعدل الدستور وشوف الناس عايزه إيه؟»، وعندما يطلب القاضى منى أن أوجه سؤالاً إلى مبارك سأسأله سؤالا واحدا «يا ريس بحكم ما كان..
هل كان الدكتور سرور يستجرى يقولك جملة واحدة حاف من غير أن يسبقها بكلمة أفندم ويلحقها بكلمة سيادتك ويحشيها بما تيسر من كلمات التفخيم والتعظيم؟»، وعندما أسمع من مبارك إجابة من نوعية «هىّ حصلت يا فتحى؟»، سأنهى مرافعتى وأطلب من المحكمة أن تجعل الدكتور سرور يطير فورا إلى شرم الشيخ لكى يقرأ الحوارات الثلاثة فى حضور مبارك بصحبة وفود من اللجان الشعبية فى السيدة زينب وضواحيها، ثم يتم استدعاء الدكتور على لطفى لكى يقرأ معلقته الشهيرة «فتحى سرور يا ويكا بنحبك حب الفرخة للديكا»، ثم سأطلب من المحكمة أن تتعامل مع الدكتور سرور بوصفه شاهد ملك مقابل أن يُرشد عن المكان الذى أخفى فيه آراءه المعارضة، مع منحه ترابيزة دائمة شاملة العيش والسلطات الثلاثة فى كبابجى الرفاعى تقديراً لخدماته الجليلة فى تقصير التعليم وتسريع التشريع، وهى الخدمات التى يمكن استخراجها بسهولة من جثمان أى مواطن مصرى يسير داخل بهو أى محكمة.
بصوا بقى، لا أظن أنكم توقعتم منى أن أنضم إلى مسيرات «آسفين يا ريس» التى افتقدها ميدان مصطفى محمود مؤخرا، لكن دعونى أفاجئكم بأننى فكرت أكثر من مرة أن أنضم إليها بمنتهى الإخلاص، كان على رأسها المرة التى سمعت فيها الفريق أحمد شفيق صديق عمر مبارك وهو يقول فى حوار على الهواء مباشرة إن مبارك أخذ منه إنجازاته فى الضربة الجوية ونسبها إلى نفسه دون أن يقول لنا أين كانت شجاعته فى إعلان ذلك طيلة سنوات صداقته بمبارك، ولماذا لم يبادر إلى استرداد ثروة مبارك فور خلعه لكى لا تضيع على المصريين كما ضاعت إنجازات شفيق التى أصبحت ملكاً لمبارك بوضع اليد، هذا إذا افترضنا حسن النية فى التباطؤ فى هذا الملف الذى أضاع ثروات المصريين فى بلدين هما بريطانيا وألمانيا حتى الآن فضلا عن فضيحة ثروات مبارك فى البورصة التى كشفتها «المصرى اليوم» أمس الأول؟. المرة الثانية التى صعب علىّ مبارك فيها كانت عندما رأيت الثائر تامر أمين وهو يكاد يخرّ من على كرسيه من فرط نشوته بالملايين التى خرجت فى جمعة النصر بعد رحيل مبارك، وأعتقد أنه إذا كان هناك سبب لرحيل تامر عن التليفزيون فورا فيجب أن يكون بسبب تلك الحلقة القميئة تحديدا، أما المرة الثالثة فقد كانت وأنا أكتشف مع كل جملة حوار تخرج من فم الدكتور سرور أننى كنت مقصرا فى معارضتى لعهد مبارك، وأن ما كابده الثوار من قنص وسحل وقمع كان نزهة لطيفة، مقارنة بالحرب الضروس التى كان يخوضها سرور فى الوضع «سايلنت» فى وجوه مبارك وابنه وأتباعهما. بالطبع لم تضع إلى الأبد فرصة انضمامى إلى جروبات «آسفين ياريس» خاصة إذا أتحفتنا «المصرى اليوم» قريبا بفتوحات صحفية مع أشرس المعارضين لعهد مبارك من أمثال حبيب العادلى وأحمد عز وزكريا عزمى وصفوت الشريف وأحمد نظيف.
عارفين، حكى لى صديق أن رجلا متنفذا فى السلطة التشريعية كان يلجأ إلى طبيب تجميل شهير لكى يقوم بحقن وجهه بالبوتوكس لعله يبرم ما نقضته محكمة الزمن، وكنت أعتقد أن الدكتور سرور سيحتذى بذلك الرجل بدلا من أن يلجأ إلى الحوارات الصحفية كوسيلة للتجميل، فقد صدمت حواراته الذين كانوا يظنون أنه صاحب مبدأ فى انحيازه إلى تزوير الانتخابات وتفصيل القوانين وسلق التشريعات وتحلية الاستبداد، ثم اكتشفوا أنه لم يكن مقتنعا بكل ما بَصَم عليه بكلتا يديه، وأنه كان فى أحسن الأحوال ساكتا على الباطل، وإذا كان الساكت على الحق شيطاناً أخرس فالساكت على الباطل يبقى إيه يا ولاد؟ برجاء إرسال الإجابة إلى الأستاذ عبداللطيف المناوى قاهر الفتنة الطائفية ورئيس انقطاع الأخبار، وفى حالة كونه خارج التغطية يمكن ترك الإجابة طرف (تامر بتاع غمرة) القاطن بمبنى التليفزيون.
أعزائى القراء: برجاء إكمال هذا المقال بما تعتقدون أنه لابد أن يُختم به. نشكركم على تعاونكم معنا.
نبدأ جولتنا بمقال للكاتب سمير مرقص بجريدة الشروق، والذي جاء تحت عنوان "الإسلام السياسي والحوار المطلوب"، وذهب مرقص ـ في مقاله ـ إلى أنه من أجل وحدة هذا الوطن ومستقبله لابد من أن يطلق حوارا وطنيا، يبدأ مما أسماه ب"إسلام الخبرة المصرية"، ويرى الكاتب أنه من خلال تجربته الحوارية مع مجموعة من رموز الفكر الإسلامي، يمكن القول إن تيار المجددين نجح فى أن يعبر عن الخبرة المصرية للإسلام مستوعبة المنظومات الفقهية الإسلامية من جهة، وفاعلة فيها من جهة أخرى.
و عرض مرقص ما طرحه الدكتور محمد سليم العوا في كتابه "الفقه الإسلامى فى طريق التجديد"، كنص تأسيسى لمن يريد أن يقترب من مسألة غير المسلمين، ومن أهم النقاط التي أكد عليها مرقص في هذا الطرح:
ـ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين "علاقة المشاركة فى الدار والأخوة فى الوطن".
ـ والوشائج الرابطة بين الفريقين وشائج ثابتة لا تهزها محن طارئة تعترض حياة الفريقين أو حياة واحد منهما.. تشتد وتقوى إذا تعرض الوطن كله لمحنة عامة أو خاض حربا ضد عدو أجنبى أو واجه طغيانا من مستبد محلى.
ـ وأنه يجوز "لغير المسلمين من المواطنين من الحقوق العامة والخاصة، ومن حق تولى الوظائف العامة مثل ما للمسلمين بلا زيادة ولا نقصان.. ذلك أننا: «.. خرجنا من إطار الإمامة التى عرفناها فى تاريخنا إلى إطار الدولة المدنية التى نعيش فيها الآن، ويجوز أن يتولاها أى إنسان مسلم أو مسيحى، أو أى شخص مواطن فى الدولة لأنه جزء من المؤسسة وليس هو المؤسسة كلها، وجزء من الحكومة وليس هو الحكومة كلها..."
وفي ختام مقاله أكد الكاتب على أن التراكم على الخبرة المصرية بما لها من زخم فقهى ما يجعلها تتجاوز تجارب أخرى. فليس من المنطقى أن ننُحى اجتهاد الخبرة المصرية لصالح اجتهادات جاءت فى غير سياق من جهة أو نتيجة عدم إطلاع على المسار الفقهى العريق من جهة أخرى، والنتيجة فى الحالتين البدء من أول وجديد والعودة إلى المربع واحد.
"التزام الثورة ونقد الذات"
وننتقل إلى جريدة الخليج الإماراتية، ومقال للكاتب كلوفيس مقصود، "التزام الثورة ونقد الذات"، وفيه يرى مقصود أن الحيوية الملهمة التي ميزت حركات التغيير في كل من تونس ومصر لم يكن لها مرجعية متماسكة، أو بالأحرى موحدة بالقدر المطلوب . وأن هذا لا يعني أن وجود طلائع قادرة ومؤهلة غير متوافرة، لكن ما حصل بعد سقوط النظامين اعتبر الإنجاز بحد ذاته بمثابة انتصار واضح، وهو كذلك، لكن لم تتبعه بما فيه الكفاية خطوات تميز، وكأن من صنعوا الانتصار ـ وهنا التوصيف دقيق وصحيح ـ لم يكونوا مهيئين بالقدر المرغوب إلى تأسيس مرجعية موثوقة قادرة على توفير البوصلة التي ترسم بوضوح مراحل الانتقال إلى مشروع النظام البديل.
ويُرجع مقصود ذلك إلى أنه عندما تحقق الانتصار ظهرت تعددية الرؤى وتناقضاتها ما أدى إلى عجز عن تحديد برمجة واضحة المراحل وإلى ظهور قوى كانت عصية على نقد الذات وعلى إخراج نفسها من الانطواء على الذات وبالتالي قررت احتضان الثورة الشبابية لعلها تكافأ بتمكينها أن تتولى قيادة ما عجزت بقواها الذاتية عن تحقيقه .
وذهب الكاتب ـ في سياق عرضه لرؤيته تلك ـ إلى أن الانتصار على النظام البائد كأنه لم ينطو بالقدر الكافي على قدرة رسم وبالتالي توفير البدائل، وبالرغم من هذا النقص المؤذي أفسح المجال أن تدار المرحلة الانتقالية بمن اعترفوا بشرعية ثورة الشباب ووفروا حماية صادقة، ما سرّع في إنجازاتها الملهمة، ومن ثم قامت قيادة القوات العسكرية بإدارة المرحلة الانتقالية ما مهد للتنظيم الواضح في التزامه أن يوفر الغطاء لدستور دون ما توقعته ثورة الشباب، وإذ بالدستور الجديد جاء مبتوراً في صدقيته، وإلى حد ما نتيجة للتبعثر الذي ساد حالة ما بعد الانتصار في ساحة التحرير، ومهد لفرض أوضاع حائلة دون الإصلاحات الجذرية التي تعبر عن تطلعات ثورة الشباب في كل من مصر وتونس .
وخلص مقصود إلى أن الفترة الحالية تتطلب ضرورة الانتقال من مرحلة الإلهام إلى سلامة الالتزام، إذ إن ما حصل أخرجنا من حالة الإحباط والانكفاء وأعاد للأجيال بمختلف أعمارها رغبة المشاركة بإيصال تجاربها التي كانت ملهمة في زمانها وتلاشت نتيجة إخفاقاتها إلى الأجيال الشبابية حتى تبقى مسيرة الثورة مستمرة من دون تقطع وحتى يتمكن الثوار الملتزمون من اعتبار نقد الذات هو البديل لهدر الفرص المتاحة وتهميش الطاقات الذاتية في بناء النظم الجديدة المحددة . ورأى أن هذا الحوار بين الأجيال من شأنه تجنب أية رغبة في الاستيلاء على إدارتها أو احتكارها . . كما أن نقد الذات يؤكد متانة الإنجاز ومناعة المشاركة في إرساء وتفعيل عوامل وعناصر تأكيد ثوابت الثورة مع تمكينها من التكيف مع المستجدات .
(ثائر) من جنود فرعون
وعودة إلى الشروق لنتعرف على ذاك ال "(ثائر) من جنود فرعون"، والذي يحدثنا عنه الكاتب الكبير فهمي هويدي في مقاله، وهو الدكتور فتحي سرور رئيس برلمان مبارك طوال 21 عاما، ويقول هويدي ساخرا أنه أخيرا اكتشفنا ان بعض جنود فرعون كانوا ثوارا ونحن لا نعلم. صحيح أنهم تعلقوا بأهدابه وتقلبوا فى بلاطه، وتغنوا بإنجازاته واستجابوا لنزواته ومكنوا لاستبداده، وباركوا شطحاته وحماقاته، لكنهم ظلوا يكظمون غيظهم ويكتمون استياءهم. وما ان سقط فرعون عن عرشه حتى أفشوا ما اخفوه إبان عشرين عاما، وخرجوا على الملأ قائلين انهم عاشوا طوال تلك المدة يحدثون أنفسهم بالتمرد وينكرون المنكر بقلوبهم. مشير إلى ما ورد على لسان الدكتور فتحي سرور في حوار نشرته "المصرى اليوم، على ثلاث حلقات، قال فيه ما يلى:
ـ المرحلة السابقة شابها بعض العيوب التى نبهت لها المسئولين، لكنهم لم يستمعوا ولم يرتدعوا ــ عندما نبهت إلى خطورة استئثار الحزب (الوطنى) بكل المقاعد كانوا يرفضون ــ لم أكن شخصيا راضيا عن كثير من الأداء، بالنسبة للداخلية أو الحزب الوطنى فى الانتخابات، وشكوت وزير الداخلية لرئيس الجمهورية، ولم يفعل شيئا ــ كنت ساخطا ولأننى كنت فى الجانب المعارض، فإنهم لم يكونوا يخبرونى بما يجرى ــ الانتخابات التشريعية الأخيرة كانت غباء سياسيا والحكومة كانت تلتف على مطالب نواب الشعب من الأغلبية ومن المعارضة، والفساد كان كثيرا ــ الرئيس مبارك هو المسئول عن المادة 76 (التى قصرت الترشح للرئاسة من الناحية العملية على من يقدمه الحزب الوطنى) ــ لم أكن راضيا عن مضمون المادة 76 وكان دورى مقصورا على إدارة الجلسة التى مر فيها التعديل ــ التعديل الذى ألغى الإشراف القضائى على الانتخابات كان صادما واعتبرته من قبيل الغباء السياسى أيضا ــ كانت لى ملاحظات على المادة 76 وعلى المادة 179 الخاصة بالإرهاب لكنهم لم يوافقونى عليها.
أنا "قرفت" من المجلس الأخير لأن الانتخابات كانت غير مطمئنة من بعض مشروعات القوانين كنت افاجأ بها قادمة إلينا من الخارج لأن علاقة الرئيس بالحزب كانت أقوى بعلاقته بالمؤسسة التشريعية
ويقول هويدي ـ في نهاية مقاله ـ أن الدكتور سرور عبر ـ في حواره ذاك ـ عن "قرفه" من مجلس الشعب الأخير الذى ترأسه، واستئذنه هويدي ان يشاركه ذلك الشعور، لسبب آخر مختلف تماما. وأعتقد أن جميع قراء هويدي يشاركونه "القرف"، لذات السبب الذي علل به قرفه.