واقعيَّاً أرى المنتهى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد المهدِّي
يتراكمُ موتُ النَّدى في طريق البُكاءِ,
ولا يستقيمُ التَّفاؤلُ في جُبَّةِ الخوفِ,
بعضُ الطَّريق يُؤدِّي إلى نُزهةٍ الرُّوحِ,
لا روح تأتي من الصَّوتِ
دون مُلامسةٍ للسَّحابةِ,
إنِّي أرى جبلاً عالقاً في الصُّداعِ
أرى جبلين من الملحِ
وامرأتين من الماءِ..
ثَمَّ رواحلُ محمومةٌ بالصَّهيلِ
وباردةٌ بالسَّكينةِ,
لا أحدٌ باردٌ كالسُّكونِ,
ولا أحدٌ شاردٌ كالمساءِ..
المساءُ بلا صورةٍ,
والصَّقيعُ بلا اسمٍ..
أنادي الطُّقوسَ
وألتمسُ الوقتَ من مُقلتيهِ,
كأنَّ المواقيتَ حشدُ صبايا
وليلَ الأسى كهلُ أمِّ البسيطةِ!!..
تلك المآثر عالقةٌ في أعالي الثَّوانيَ,
أيُّ النَّهاراتِ تخرُجُ من قُبَّةٍ للذُّهولِ؟
وأيُّ الذُّهولِ يزفُّ نهاراتهِ باتِّجاه التَّفاعُلِ؟؟
يا ليل: أسماؤنا جنَّةٌ
ونداءاتُنا مهرجانٌ من الجنِّ
حول جبالِ التَّفانيْ ..
لنا أنْ نُحدِّق في كيمياء المسافاتِ
وهو يصُبُّ لكلِّ معادلتين مزيجاً من الوقتِ
والوقتُ كالسَّائلِ الخامِ يصهرُ أيامَنا كالمعادنِ,
كالماءِ يأخذُ أنفاسَهُ ويعودُ بأنفاسِنا,
كالهواءِ يعيشُ مع الكائناتِ حياةً طبيعيَّةً
لنصيرَ مع الأُمنياتِ قُبوراً طبيعيَّةً..
فلماذا نُكسِّر وجهَ زجاجِ الطَّبيعةِ؟!..
هيَّا املأوا الكهفَ بالصَّلواتِ
خُذوا النَّهرَ من كفَّةِ النَّار
واحتفلوا بالمرايا..
أنا معكم من بعيدٍ,
وإن كنت لا أسأل الآخرين عن الآخرين,
أنا معكم من بعيدٍ
وإنْ خاصمتني الصفوفُ الأخيرةُ,
لا أتوقَّع أنّي بعيد الهوى..
واقعيَّاً أرى المنتهى,
وطريقي إلى الواقعِ المُتكسِّرِ:
عشرُ ليالٍ ونصفُ نهارٍ يتيمٍ
وأغنيةٌ في الهواءِ..
جهاتُ المدينةِ سوداءُ من أثرِ الحربِ..
أيُّ الطريق تؤدِّي إلى نفسها بسلام؟
وأيّ الوصولِ يكونُ مداه على ما يرام؟
النَّدى شقَّقتْ قدميه رياحُ الظهيرةِ
حيث الوصول شقيقٌ لهاوية مُرَّةٍ,
والشِّعابُ مُفخَّخةٌ بالمتاهاتِ
تُلقي بأوزارها من على كاهلٍ لليالي,
كما تستضيف القوافلَ
فاتحةً صدرها للعذابِ المُشدَّدِ باليأسِ,
والأُفُقُ الضَّخمُ
يمشي على قدميه بطيئاً بطيئاً
ومن خطوتين إلى خطوتين
إلى وقفةٍ/ وقفتين,
هنالك
يبكي على حالهِ
وهو ينزعُ من رِجْلِهِ شوكةً/ شوكتين,
إلى أين ابن السبيل؟ إلى أين؟؟
لا بدَّ من صخرةٍ للوقوفِ على أنفِها
وقراءةِ نجم الحُفاةِ,
ولا بدَّ من لغةٍ
لا يؤثِّرُ فيها المناخُ المُكهرب,
لا بدَّ من وطنٍ
لا يفاخرُنا بخرائطهِ
وبحجمِ صحاريه والمهرجانِ المُهرَّب,
لا بدَّ من أيِّ شيءٍ
يُعيدُ إلى القلب تيهَ السَّحابة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبراير 2012م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاعر من اليمن