فاطمة المخزومية تلك المرأة ذات النسب الشريف , و التي سرقت فنسج من بعدها المثل الرائع للعدل في الاسلام , وكيف سعى أهل قبليتها ذائعة الصيت والشرف الى واحد منهم هو الصحابي الجليل أسامه بن زيد و قد ساقوه وسيطا لدى من يعلمون حبه وتقديره له إنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى يحول بين المرأة ذات الحسب والنسب وإقامة حد من حدود الله ألا وهو حد السرقة , فماذا كان رد النبي الكريم في خلقه وعدله , كيف وهو الذي لايرد أحدا إذا طلب منه شيئ وهو الذي عرف عنه السبق في الجود , وقد كان أجود من الريح المرسله
فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن إحمر وجهه الكريم , فما كان يغضب إلا في الله , ولم يغضب قط لنفسه .
خاطبه أسامه بعد ترشيح القوم له وهو يعلم يقينا أن النبي لن يرده على أعقابه خائبا , الى أن وقف اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا : "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ". ثم قام فاختطب، ثم قال: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا , فهذه فاطمة من قبيلة مخزوم وهذه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم , وصارت من بعد مثل العدل الذي قامت على ميزانه دولة الاسلام عصورا تلو أخرى
وها نحن آلان نرى أناسا وقد بلغتهم العاطفة مبلغا من الاسراف فأعمت بصائرهم و حجبت عقولهم فأعادوا المثل القائل " العبد مهما جرى يحب جـلاده " فأفردوا دون وعي الصفحات والدعوات لنصرة مبارك وطلب العفو عنه و في خطوة استباقية يدغدون بها عواطف المصري الحنون الذي تهزه الدمعة وتزلزله الفرحه , ويبعثون فيه سجايا الطيبة التي رسمت شخصيته لقرون , وأنسته لحظات كيف يتذوق طعم العدل ؟ والذي كاد أن يحرم منه كثيرا على ايدي جلاديه من قبل , وعلى الرغم فكان يمضي في طريقه غير عابئ , وآلان وهو يعيش لحظات نصره الفريد والتاريخي يستكثرون عليه هذه الفرحة , ويطالبوه بالعفو والسماح حتى يضلوه وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون
سوف تمضي بحول الله محاكمة مبارك رغما عن المسرفين , وسوف يحق الله الحق , ويقيم دولة العدل الحقيقي , فهو ولي ذلك والقادر عليه
ساحة النقاش