قام صاحبي من مقعده ثم جلس فقام ثم جلس وكاد يصرخ : ياخسارة الكورة عصية لاتريد أن تدخل المرمى ثم تابع ياه راحت البطولة !!وآخر جن جنونه وانتفخت أوداجه قائلا : حكم المباراة لايستحق أن يعيش !!؟لاحظت هذه المشاعر المتباينة والانفعالات وراقبت معها مشاعر الفائزوهو يقول فرحا : ياسلام نحن الأبطال بل أبطال العالم لاأحد يقف أمامنا أتحدى نعم أتحدى !!
هذه مشاعر محبي لعب كرة القدم المثيرة الممتعة انها الدنيا نفسها مثال يتردد امامنا يغضبنا يمتعنا يلهينا
من تراه يفهمها على ذلك المنوال فقد فهم الدنيا بحذافيرها , إن تقلبات الدنيا وسنتها تلاحقنا حتى في لهونا ولعبنا
شاهد ماذا تفعل ملهاة الكرة !!
وهكذا نحن نتلقف الدنيا مثل كرة كل واحد منا يلهث ليأخذها لنفسه ثم يعطيها لمن يحب أو يستأثر فينطلق بها بمفرده لعله هو فقط من يحقق الهدف ثم يكتشف خطـأه أن أمر الدنيا مثل الكرة لعبة جماعية فان كان الفريق متجانس الخطوط متقارب يشد بعضه بعضا لتحقق الفوز بالتأكيد كذلك بالقياس أمرك في الدنيا
إننا نزداد شغفا بمتابعة مباريات الكرة لأننا ببساطـة نتابع الدنيا من خلالها ولكن بشكل ملهــاة غير أنها ملهاة تستغرق فترة وجيزة من وقتنا نترقب خلالها متى هذا يخسر ومتى هذا يفوز ؟؟ فهي أيضا ببساطة تختصر لنا الدنيا وتقلدها أمامنا لذا فنحن نعيش مع لحظات الاثارة فيها بكل إنفعالاتنا نضحك نبكي ومن يصدق ويغرق كل انفعالاته مع هذه الملهاة ربما يصاب بصدمة عصبية أو قلبية لأنها تعبير عم يجول بداخله من اثارات يومية في عمله في بيته في الحي الذي يقطن فيه
فأما عن دور الملعب فهو المجال الممثل لتنافسنا في الوظيفة في العمل في التجارة في السياسة ودور الفريق الخصم ليكن مثلا من يقف حجرة عثرة أمام ما نريده من اهداف فإن اخترقنا دفاعاته وحققنا في بيته أي المرمى هدفا فقد بلغنا الغاية وأما الحكم فهو رمز مهم مثل طرف محايد يحكم بيننا فهو القضاء إن شئت القول فهو من يحسم دون اعتراض منا مطلقا من الفائز ومن الخاسر !!
غير أن بعض الأفراد يربطون أهدافهم في الحياة الدنيا بأهداف كرة القدم نفسها فاذا فاز فريقه بالكاس أو حقق نصرا مؤزرا أمام منافسه فقد انفكت عقدته !! وسوف يلبى طلبه و سوف يجد العروس التي ينتظرها وسوف يجد الوظيفة التي يترقبها !! ربما ظل في حال من الكآبة المريضة لفترة وهنا مكمن الخطر والخطورة
ويصبح عندئذ في حال من الطيرة ويقع في فخها وهو فخ من الشرك الخفي !!وهذا الذي حذرنا منه نبينا المعلم محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: " لاصفرولا طيرة ولا عدوى " خلاف أنه يعيش في جذب من طاغوت يحيط به من كل جانب فالمغرق في شأن الكرة من فوز وخسارة ينسيه الشيطان ذكر ربه وذكر واجبات حياتية مطلوبة منه إزاء ذلك فالاغراق في الملهاة أي ملهاة الكرة ومشاهداتها هو عينه الطاغوت الذي ألهى من قبلنا إن كان في صورة المال أو في صورة العشق أم في صورة الحزن أم في صورة الغرور والفرح ولامانع أن نتابع مبارايات الكرة لكنـا نعود ناصحين فنقول على رسلنا حتى لانصاب مثل ما أصاب مرضى الطاغوت من الأمراض التي أفقدتهم الحياة نفسها فلا نغرق في الانفعال والانحياز والعصبية فهل تتصور أن تقابل ربك سبحانه وأنت تقول أو تهتف : هدف هدف !! لاأعتقدأن تقبل بهذه الصورة
لهذا فإن أسلوب الوسطية هو الأمثل على أية حال هكذا تعلمنا من سنــن الحياة فلا تأخذنا إذن الدنيا في تيارها أي عادة ولو كانت الصلاة سبحان الله نعم !! فالاحاديث متعددة وكثيرة فليس ميزان دخولك الجنة الصلاة والصيام والزكاة فقط بل خذ معها توجهات هامة ومتعددة مثل الوقوف على حاجة الناس وإصلاح ذات البين وإجابة ذي الحاجة اللهفان ومعاودة المرضى والسعي مع الأرملة وحرمة سفك دم هذا وسلب مال هذا وشتم وسب ذاك وهذا كلها في الميزان تعادل صلاة أو قيام الشهور وربما السنوات ولن ينقص ذلك من اهمية الفروض وعاقبة أجرها
هنا تتجلــى عظمة ديننا الحنيف واتفاقه والفطرة التي فطر الله الناس عليها وصدق الحق إذ يقول ( ولن تجد لسنة الله تبديلا )
ساحة النقاش