محمد مسعد البرديسي:
إنه ابني يا استاذ طفلي كيف أتركه يلقي بنفسه هكذا على الأرض ثم يتقلب كأنه أصيب بصرع دون أن أعنفه.
وعاجلها الاستاذ الفاضل: لا وألف لا ياسيدتي فإن كنت تقولين وتقرين بأنك تحبيه فلاتواجهي غضبه بالمثل.
وردت : طيب وبعدين؟ احترت!!
إذن فاسمعي .. إن خيبة الأمل التي تصيب الطفل عندما يشعرأن لاقيمة لما يقوم به من عمل مثل ترتيب لعبة ما أو الاستئـثار بلعبة معينة دون أخيه أو أخته ثم إذا به يجد أمه تثبطه أو أبوه وهو إحساس ينافي استقلاله وهي نزعات يصاب بها الطفل ربما من بعد الثانية من العمر وأي محاولة تقوم بها أمه للحد من تصرفاته تقود إلى هذا الغضب والتعبير عنه بهذا الشكل وخذي أمثلة كثيرة مثل :ـ
ـ محاولة إرغامه ارتداء ملابس معينة
ـ إجباره على تناول طعام معين
ـ إجباره على الذهاب للنوم رغمًا عنه
ـ ضغط الأم عليه بقوة وذكاء يفهمه الطفل
* تجنب نوبات الطفل الغضوب
احساس الطفل بفشله يعد أمرا خارج سيطرة الأم الااذا كان الطفل هادئا بطبعه فهنا يمكن سياسته وجعل نوبة غضبه عند أقل درجة ممكنة وأن تتهيأ الأم لذلك وتتقن فن تربية هذا الطفل وبعبارة أدق أن تتدرب على ذلك بل وأن تصبر على التدريب حبا لابنها أولا وسعيا لتحمل مسؤليات التربية ثانيا ومن ثم فانه يجب على الأم الايحاء لطفلها بأنه يمكنه التحكم في انفعالاته وأن تظهر أقل الايجابيات التي يبديها الطفل أنها شيئ جيد على الأقل لتدفعه أكثر الى ممارسة التحكم في نفسه بثقة ونجاح
وأن لتلك الممارسة الايجابية تعطيه على المدى البعيد والقريب معا ثقة وارتياحا وتواكب الأم ذلك بألا تلقي أوامر مباشرة وتتغاضى عن بديهيات حتى ينجح الطفل في تنفيذ الممارسة
وأهم مما تقدم أيضا معاملة الطفل معاملة الراشد ! ولا عجيبة فان لمس شيئا أو أشياء ثمينة مثلا لاينهر الطفل ولا يزجر ولكن يمكن إفهامه أو لفت انتباهه الى عدم الضرر بهذه الأشياء وتبريرذلك وتوضيحه
أما اذا فشل الطفل في القيام بأمر ما فلا تتسرع الأم وتقوم بالعمل بدلا عنه هنا فإن عليها بأسلوب يتسم بالرفق والهدوء أن تريه كيف يقوم بهذا الشيئ كأن تروي قصة خيالية لمن قام بهذا العمل من قبل لتحبب اليه الفعل قبل القيام به أو أن تقوم معه متبسمة ثم تلقي اليه سؤالا ما رأيك أن نقوم معـا بذلك ونرى من ينهي هذا الشيئ أولا هو الفائز ؟؟ وهكذا من الأساليب ومعارضة الطفل الغضوب تبدو واضحة في الصراخ تارة في الهياج والجري بلا معنى في كل مكان أو أن يلقي بنفسه على الارض ويتقلب كما في الصورة التي ذكرتها السيدة والأخطر أن يمسك بأداة ما فيكسر بها أشياء ثمينة وغير ثمينة ومع كل فإن
ظــاهرة الغضب طبيعية !!
وأشارت دراسات ذكرها د محمود أبو العزائم استشاري الطب النفسي أن 60% من الأولاد و40% من البنات مصابون بنوبات غضب وذهبت دراسات الى أخطر من ذلك بأن 50 % من الأطفال تأتيهم نوبات الغضب في فترات متقاربة وبشكل حاد كل خمسة عشر يوما على الأقل
إن حالة الغضب لدى الطفل هي حالة لاوعي تفقده الصلة بمن حوله الا ان الأم عليها ملاحظة ما يلــي :ـ
1- التأكد أن الطفل لن يؤذي نفسه حال غضبه ولا تترك له الفرصة مطلقا
2- الإمساك بالطفل وقت الغضب دون عنف أو زجر فبعدها سيشعر بالراحة خاصة حين يلتصق جسده بأمه فدفء عاطفتها كفيل بأداء المهمة
3- من الغير اللائق أو المناسب تماما أن تواجهي الغضب بالغضب وذلك العامل شديد الحساسية حيث لايملك الكثير من الأباء والأمهات كبح جماح غضبهم أمام ثورة الطفل مما يزيد الأمر تعقيدًا
* رسالة الأسرة المسلمة في هذه الحالة
الى هنا فإن هناك رسالة مؤداها أن الأسرة المسلمة تتمتع ازاءهذه الصورة الطبيعية للطفل الغضوب بم مالم تتمتع به الأسر الأخرى فالهدوء والسكينة من طابع المؤمن اليقظ فقراءة القرآن في البيت وتعلم القرآن في البيت وترديد دعوات الخروج والدخول الى المنزل أمام الأطفال مهما بدت كلماتها وتلقينهم اياها ذهابا وايابا أمر تربوي مهم يكبح جماح الثورة والحساسية ومن ثم الغضب
وإن تظاهرت هذه الصورة في الأسرة المسلمة فلتعلم الأم طفلها كيف يقوم فيتوضأ حين يشعر بالغضب وتؤدي هذا المسلك أمامه عمليا كذلك ترديد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حين الشعور بالغضب وفعل ذلك الذكر المميز من الأب والأم على حد سواء كل ذلك يضفي حتما مناخا داخل الأسرة يتسم بالسكينة والهدوء ومن باب أولى الطمأنينة والتي تأملها كل أسرة وتصبو إليهــا.
ساحة النقاش