إدارة الأزمات: تحديد الاستراتيجيات الخاصة
وأسلوب القيادة لفاعلية النتائج.
CRISIS MANAGEMENT: DETERMINING SPECIFIC STRATEGIES
AND LEADERSHIP STYLE FOR EFFECTIVE OUTCOMES
Lusia Neti Harwati
Faculty of Cultural Sciences, Brawijaya, Univerisity of Malang,
INDONESIA.
ترجمة
أحمد السيد كردي
2015م
ملخص
الغرض من هذه الدراسة هو تحليل ومناقشة الأدبيات الحالية المتعلقة بإدارة الأزمات داخل الأطر التنظيمية, وتحليل ما تفسره الأدبيات حول طبيعة الأزمات, والخطوات اللازمة لتحقيق الإدارة الفاعلة للأزمات, ووضع نموذج عام لإدارة الأزمات من خلال الإطار النظري لفهم ما ينبغي على المنظمات أن تتخذه من أجل إدارة الأزمة. ومن خلال المناقشة تبين أن الأزمة تصنف إلى نوعين رئيسيين هما: الأزمة الطبيعية- والأزمة التي يسببها البشر, حيث يمكن النظر إليها من اتجاهين مختلفين.
الأزمة هي حدث غير متوقع وتواجدها يمكن أن يهدد وظائف المنظمة, وربما تحدث في أي وقت. من ناحية أخرى، يمكن للأزمة أيضا أن تتسبب في تفتح المنظمة. ولكي تكون المنظمة قادرة على إدارة الأزمة على نحو فعال, يجب عليها تحديد الجهات المعنية واختيار الاستراتيجيات المناسبة وأسلوب القيادة. وبشكل أكثر تحديدا, تحتاج المنظمة التركيز على أهمية توافر أسلوبا في كلا الاتجاهين, وإعادة تقييم الاستراتيجيات الحالية قبل تنفيذ استراتيجيات جديدة على النحو المقترح في الدراسة, وإدخال نمط الرؤية القيادية التحويلية كخطوات أساسية للتعافي من الوضع المتأزم.
الكلمات المفتاحية: الأزمة, إدارة الأزمات, التطوير التنظيمي, الاستراتيجية, القيادة.
مقدمة
"إن تأثير الأزمات على المنظمات والأفراد أصبح أقوى من أي وقت مضى" (Wang, 2008, p. 1) ويجب على القادة في المنظمات أن يكونوا على دراية بهذا الكلام, وينبغي أن يمتلكوا مهارات خاصة, والتي تمكنهم من إعداد وإدارة وإيجاد حل للأزمات المحتملة التي يمكن أن تهدد وجود منظماتهم.
أوضح هوليهان Houlihan (2007م, ص.11) أن الأمثلة على هذه المهارات هي القدرة على توقع رد الفعل الطبيعي من الموظفين ومناقشة وضع الاستراتيجية معهم لتجعل العملية الصعبة أكثر فاعلية. وأشار إلى أنه على القادة تفهم مشاعر الموظفين ومشاركتهم في مسار محدد وهو ما الذي تحتاجه المنظمة بأن تكون عليه إذا ما تعرضت للأزمات في المستقبل. باختصار, هناك حاجة إلى بناء الاتصال المتبادل. بالإضافة إلى ذلك, توفير قدر من الاستقلالية للموظفين يرى فيها الملاك جانبا من أهمية المنظمات (Collins, 2007, p. 55). هذا يشير إلى أن المرؤوسين يجب أن يتم معاملتهم معاملة كبار المسئولين. كما يحتاج القادة إلى الثقة بهم للتعبير عن أفكارهم واستكشاف التفكير الإبداعي في الجهود المبذولة لإدارة الأزمات.
وعلاوة على ذلك، فمن الممكن لأفراد المنظمات بعرض الأزمات "كمرحلة طبيعية لتنمية المنظمة" (Seeger, Sellnow, & Ulmer, 2001, p. 156). يعني هذا البيان أن الأزمات تحتاج إلى أن تعامل كجزء من التطوير التنظيمي، وليس كما هو الحال, بأنها تلحق الأضرار الجسيمة. وبالرغم من الأثار المدمرة المحتملة, يمكن أن تؤدي الأزمات أيضا في بعض الأحيان إلى أساليب جديدة وأفضل للقيام بهذه الأمور, فضلا عن توفير الفرص لتحديد ما هو التخطيط الاستراتيجي الذي سيؤدي إلى التطوير التنظيمي بأكثر فاعلية.
وقد ذهب سميتس Smits وعلي Ally (2003م, ص. 1) إلى قولا أخر بأنه ينبغي على القادة أن "يفكروا فيما لا يمكن تصوره". ومن المتوقع أن يكون القادة قادرين على إعداد أنفسهم, وكذلك منظماتهم للأزمات المجهولة التي يمكن أن تهدد وجودها. واقترحا أمرا ضروريا بأن يكون القادة قادرين على قيادة الموظفين لتجاوز تحدي الأزمات. حيث ستتمكن المنظمات من القيام بأفضل الاستعدادات في التعامل مع المخاطر التي لا يمكن التنبؤ بها.
منهج البحث
الطريقة الرئيسية التي اعتمدت عليها هذه الدراسة هي مراجعة الأدبيات, فهذه الدراسة سوف تقوم بمراجعة مكثفة للأدبيات الحالية مركزة على ثلاثة مجموعات للعمل تم تجميعها لوضع إطار مفاهيمي من شأنه توجيه النقاش وتفسيره, وهي: طبيعة الأزمة, والخطوات التي ينبغي على المنظمات اتباعها لإدارة الأزمة بفاعلية, والنموذج العام لإدارة الأزمات, فالتحقيق في الأدبيات يهدف إلى بناء معرفي لكيفية إدارة الأزمات بالمنظمات.
استعراض الأدبيات
ما هي الأزمة؟
عرف ماكنيل MacNeil وتوبينج Topping (2007م, ص.64) الأزمة: بوصفها حدث يتسبب في اضطرابات عاطفية واجتماعية حادة وقد تحدث في أي وقت دون سابق إنذار. وبالمثل, أوضح وينكليمان Winkleman (1999م, ص.80) أن الأزمة: هي حدث غير متوقع يهدد مهمة وبقاء المنظمة.
ومع ذلك, يمكن أن ينظر للأزمة على أنها مرحلة حرجة لتطوير المنظمات. مثلما أكد كلا من بروكنر Brockner وجاميس James (2008م, ص.95) وروشيه Rochet, كيراميداس Keramidas, وبوت Bout (2008م, ص.68) أنه إذا كانت الأطراف المعنية قادرة على التعامل مع الأزمة بشكل مناسب, فمن الممكن أن تتحرك المنظمات نحو مستقبل أفضل, ولذلك ينبغي أن ينظر للأزمة على أنها فرصة أكثر من أنها تهديد, وهذا يدل على أن من المتوقع أن تكون الأطراف المعنية قادرة على السيطرة على هذه الأزمة.
التجنب أو السيطرة على الأزمة.
ذهب تواركو Torraco (2005م, ص.253) إلى قول أخر بأن تنمية الموارد البشرية (HRD) لديها تأثير كبير على التجنب أو السيطرة على الأزمة. ويرجع ذلك إلى مدى إمكانية تنمية الموارد البشرية من توسيع القدرات الفكرية لأفراد المنظمة في الاستجابة لمثل هذه الأزمات. وعلاوة على ذلك, أوضح روساو Rusaw وروساو Rusaw (2008م, ص.2) أن برامج تنمية الموارد البشرية مثل: التدريب على التعامل مع الأزمة, تم تصميمها لتهيئة الأفراد والفرق حتى تكون قادرة على التعامل مع الأزمة. وذكرا أنه من المأمول فيه حصول أفراد المنظمة على المعرفة من هذه البرامج والذي من شأنه أن يعطي لهم نظرة ثاقبة للاستراتيجيات المحددة والتي يتم احتياجها لتطبق في أوقات الأزمات.
أنواع الأزمات
حاول هاتشينز Hutchins (2008م, ص.4) تصنيف الأزمة إلى نوعين مختلفين, هما: أزمة طبيعية, وأزمة يتسبب فيها البشر. ووصف الأزمة الطبيعية بأنها مثل الأعاصير والزلازل والحرائق, في حين أن الرشوة والفساد والفضيحة والهجوم الإرهابي كل ذلك يصنف على أنه أزمة من صنع الإنسان.
ووفقا لبيرسون Pearson وميتروف Mitroff (1993م, ص.49) قد يكون السيطرة على الأزمات الطبيعية أمرا لا يذكر في المنظمات. ومع ذلك, فمن الممكن بالنسبة لها التعامل مع الأزمة التي يسببها الإنسان من خلال وجود أنظمة راسخة في مكانها لإدارة الأزمات, والتي يمكن تنفيذها عند الضرورة, وهكذا, فالاستعداد أمر حيوي من أجل القدرة على التعامل مع هذا النوع من الأزمات.
وقام كومبس Coombs وهولاداي Holladay (2002م, ص.170-171) بإدراج وتعريف أنواع الأزمات طبقا لتجارب المنظمات كما هو مبين في الجدول رقم (1), وأوضح كومبس Coombs وهولاداي Holladay أيضا أنه يمكن لقادة المنظمات استخدام أنماط الأزمة التي قاما بإعدادها كدليل لتحديد الاستراتيجيات المناسبة للتصدي للأزمات.
جدول رقم (1): تعريف أنواع الأزمات التنظيمية
أنواع الأزمات |
التعريف |
- الإشاعة |
هي معلومات كاذبة، تهدف إلى التهديد بوجود المنظمات. |
- الكارثة الطبيعية |
هي حدث طبيعي, والتي عادة لا يمكن السيطرة عليها, وقد تلحق الضرر بالمنظمات. |
- الحقد/ إنتاج العبث |
عمل خاص في هذا الشأن, من قبل طرف خارجي يلحق الضرر بالمنظمات. |
- العنف في مكان العمل |
هجوم من الموظفين السابقين أو الموظفين الحاليين على الموظفين الحاليين/ الزملاء. |
- التحدي |
وجهات نظر مختلفة فيما بين أصحاب المصلحة، بحجة أن منظمتهم تعمل على نحو غير لائق. |
- حوادث التعطل التقني |
حادث معين بسبب خطأ تقني. |
- إلغاء منتج للتعطل التقني |
إلغاء منتج معين بسبب خطأ تقني. |
- الأضرار الضخمة |
حادث تقني يتسبب بخطورة إضرار البيئة. |
- حوادث تعطل بشرية |
حادث معين ناجم عن خطأ بشري. |
- إلغاء منتج للتعطل البشري |
إلغاء منتج معين ناجم عن خطأ بشري. |
- مساوئ تنظيمية بدون إصابات (لأصحاب المصلحة الخارجيين) |
إما عمل أو قرار تتخذه المنظمات، التي يخدع أصحاب المصلحة ولكن لا تؤدي لإصابة خطيرة. |
مساوئ تنظيمية |
إجراء معين يقوم به أعضاء التنظيمي، يتم فيه مخالفة قوانين محددة/ القواعد. |
مساوئ تنظيمية مع إصابات (لأصحاب المصلحة الخارجيين) |
سياسة تنظيمية محددة تضع أصحاب المصلحة في خطر أو ممكن أن تؤدي إلى إصابات خطيرة. |
Source: Adapted from Coombs and Holladay, 2002, pp. 170-171.
تأثير الأزمة على المنظمات
صرح كلا من سيغرSeeger , أولمر Ulmer, نوفاك Novak, وسيلنو Sellnow (2005م, ص.80) أن الأزمة أساسا يترتب عليها إيقاف أو تعطل الاستقرار التنظيمي والوضع الراهن. وهذا يبين أن الأزمة لها تأثير ضار على الاستقرار التنظيمي, الأمر الذي يقود إلى استفهام بالغ الأهمية, سواء كانت أو لم تكن المنظمات قادرة على الصمود بعد أحداث الأزمة.
وكذلك أكد تشيرهارت Tschirhart (1996م, ص.76) أنه إلى جانب تهديد استقرار المنظمات, فالأزمة أيضا تهدد سمعة المنظمات, حيث يمكن أن تؤثر سمعة المنظمات على الجمهور في الاختيار من عدمه لاستهلاك منتجات وخدمات المنظمات, أو حتى قبول الشراكة معهم. بالتالي, فحماية وإصلاح صورة المنظمات أثناء وبعد الأزمات هو من الضروري, حتى تتمكن من استعادة الثقة العامة.
على أعضاء الهيئة
من المتفق عليه عموما أن الأزمة لها آثار نفسية على أعضاء المنظمة, حيث أكد برافرمان Braverman (2003م, ص.11) على أنه: "في الأيام والأسابيع المحيطة بالأزمة, والضغوط الصادمة لردود الأفعال الناتجة عن أعراض التفادي على المدى الطويل, ومشاكل التركيز والاكتئاب ومشاعر الضعف والحزن, فإنها من الممكن أن تسبب في تعاطي المخدرات والأمراض العقلية والجسدية والمشاكل الزوجية".
ومن شأن هذه الأعراض تعطيل أداء الأعضاء ووظائف المنظمات. وبعبارة أخرى, فإنه بسبب الأزمة لن تكون المنظمات قادرة على العمل بشكل صحيح (Braverman, 2003).
أكد كلا من بيرسون Pearson وكلير Clair (1998م, ص.62) وكريستنسن Christensen وكولز Kohls (2003م, ص.333-334) أن الأزمة قد تزيد من التوتر بالنسبة للفرد. وبالتالي, اقترحوا بأنه يكون من الصعب على أعضاء الهيئة (الموظفين) أن يشاركوا بفاعلية في الجهود الرامية إلى اتخاذ قرار أخلاقي متعلق بالبقاء التنظيمي, فالقرار الأخلاقي بخلاف القرار غير الأخلاقي, ويعرف بأنه "قرار يتم فيه منح القيمة الجوهرية عن طريق صناع القرار لجميع أصحاب المصلحة" (Christensen & Kohls, 2003, p. 332).
وهذا يدل على أن جميع أصحاب المصلحة لديهم الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم كجزء من منظماتهم. وبشكل أكثر تحديدا, اقترح كريستنسن Christensen وكولز Kohls (2003م, ص.334) "نموذج لتحليل الأخلاقيات في اتخاذ قرارات الأزمة". وبناء على هذا النموذج فقد أوضحا أن الأزمة وخصائصها تسبب الضغوط التنظيمية والفردية, ومن ثم إعاقة قدرة أعضاء المنظمة على اتخاذ قرار أخلاقي. ويبين الشكل رقم (1) العلاقة بين أحداث الأزمة والضغوط التي تؤثر على صنع القرار الأخلاقي وغير الأخلاقي في المنظمات.
خطوات نحو إدارة الأزمات الفعالة
إدارة الأزمات الفعالة هي عملية يمكن تطبيقها عندما تعاني المنظمات من الأزمات, وهناك خطوتان لعملية إدارة الأزمات الفعالة, وهي تحديد دور أعضاء المنظمة, واختيار الاستراتيجيات المناسبة وأسلوب القيادة. حيث سيتم مناقشة كلا منهما أدناه.
تحديد دور أعضاء المنظمة
ذكرا لوزسيز Lussier وأشيو Achua (2007م, ص.481) أن كلا من القادة والموظفين يتمتعون بحقوق متساوية من حيث إجراءات معينة للتعامل مع الأزمة. فأعضاء المنظمة من جميع المستويات, ينبغي أن يكون لهم نفس الفهم حول الإجراءات التي يمكن أن تحدد التهديدات المحتملة وفهم كيفية التعامل معها. وبذلك, يجب أن يكون للقادة أجندتهم الخاصة "ولا يسمحون للمؤثرات الخارجية على إملاء الأولويات وتوزيع الخدمات" (Jarret, 2007, p. 16). باختصار التحكم والسيطرة نوعان من العناصر الهامة التي تمكن القادة من قيادة منظماتهم على نحو فعال خلال أحداث الأزمة.
وبالنظر إلى أن الأزمة يمكن أن تزيد توتر الفرد, فأكبر مهمة للقادة هي إعطاء الفرصة للموظفين من "التقاط أنفاسهم دون القلق بالإضافة إلى تغلبهم على ازدواج التغير" (Beaudan, 2002, p. 23) . وذكر بيودان Beaudan أن أخذ الاستراحة من السرعة والتغيير لا يعني بالضرورة الخمول للأعضاء في المنظمات. على العكس من ذلك, فإن هذا سيوفر لهم الوقت للتعبير عن أفكارهم في الجهود المبذولة للتعامل مع الأزمة.
اختيار الاستراتيجيات المناسبة وأسلوب القيادة
ذكر كلا من موتس Moatsوشيرماك Chermack ودولي Dooley (2008م, ص.397) أن التخطيط التصوري والتدريب المبني على التصور (SBT) هما نوعان من الاستراتيجيات الهامة التي يتعين تنفيذها للتجنب أو التعامل مع الأزمة. ويشير التخطيط التصوري التعرف على مختلف القصص الواقعية السابقة والتي يمكن الاستناد إليها في الوضع الحالي داخل المنظمات, حيث يمكن من خلالها استفادة الموظفين بأن يكونوا أكثر استعدادا لمواجهة التهديدات غير المعروفة. ومن ناحية أخرى, يمثل (SBT) النشاط الذي يمارس من خلال حالات عملية من الواقع وذلك في كيفية التعامل مع الأزمة. ووفقا لموتس Moats وشيرماك Chermack ودولي Dooley (2008م, ص.401-402) فإن هذا التدريب للمشاركين يعطيهم نظرة ثاقبة عن حالات الأزمات الحقيقية, وتقدم تصورات معينة خلال البرنامج التدريبي, حيث يتم ملاحظة كلا من الأفعال وردود الأفعال من المشاركين وتسجيلها من قبل وحدات التحكم. وأخيرا, فإن التصورات سوف يجرى تعديلها نتيجة لردود أفعال المشاركين. باختصار, يعزز (SBT) مهارات صنع القرار. ويوضح الشكل رقم (2) عملية التدريب المبني على التصورات (SBT).
وبالإضافة إلى ذلك, بناء علاقة إيجابية مع وسائل الإعلام, وخاصة قبل تعرض المنظمات للأزمات, وهو أمر مهم نظرا لتأثير الأزمات على سمعة المنظمات. وذلك طبقا لإشارة هورسلي Horsley وباركر Barker (2002م, ص.408) أن الحصول على دعم من وسائل الإعلام يعود بالنفع من حيث ضمان ثقة الجمهور وأن المنظمات ستكون قادرة على الصمود بعد وقت الأزمات. حيث يمكن لهذه الوسائل توفير معلومات متوازنة متعلقة بالوضع الحقيقي. في المقابل, ستتمكن المنظمات من استعادة ثقة الجمهور.
وعلاوة على ذلك, فمن الأهمية بمكان تحديد أسلوب القيادة, كما ذكر شوينبيرج Schoenberg (2005, ص.2-3) أن القيادة وإدارة الأزمات مرتبطين ارتباطا وثيقا. وفي أوقات عدم الاستقرار في المنظمات ينبغي أن يمتلك قادة الأزمات المهارات الكافية لاتخاذ القرار وما الذي تحتاجه الأهداف حتى تتحقق وفهم ما هي كل الإجراءات التي من شأنها أن تؤثر على منظماتهم. باختصار, لابد من الاستعداد السليم, ومن أخل الحصول على الثقة ينبغي على القادة التأثير والتحفيز للموظفين نحو سلوكيات معينة, وينبغي عليهم استخدام قيمهم أو سماتهم وتطوير أصالتها. بالإضافة إلى ذلك, ينبغي التواصل مع الموظفين وإيقافهم على حقيقة الوضع الحالي وإمكانيات المنظمة بشأن المستقبل.
دعما للتوضيح المبين أعلاه, هناك باحثين آخرين مثل يوكي Yukl (1999م, ورد في هالفيرسون Halverson, ميرفي Murphy, وريجو Riggio, 2004م, ص.498) ذكر أن القيادة الكاريزمية هي أسلوب القيادة الملائم, الذي يتعين تنفيذه بسبب أحداث الأزمة لدعم الشخصية الجذابة لدى القادة مع إعطائهم فرصة أكبر لإظهار تصرفاتهم الكاريزمية. بالإضافة إلى ذلك, ففي الأوضاع غير المستقر بحد ذاتها يتمكن القادة الذين يتمتعون بالشخصية الجذابة من تطوير قدراتهم الكاريزمية ومختلف المشاكل في أوقات الأزمات تمنحهم الفرصة لأن يكونوا مبتكرين في إيجاد الحلول لها. وأوضح كونجر Conger وكانجو Kanungo (1992) أن القيادة الكاريزمية تشير إلى الشخصيات القادرة على "العمل كوكلاء للتغيير الجذري وإجراء تقييمات واقعية من الفرص والمعوقات البيئية" (كما ورد في هالفيرسون Halverson, ميرفي Murphy, وريجو Riggio, 2004م, ص.497) ويعني هذا التوضيح أن القادة الذين يتمتعون بالشخصية الجذابة لن يتوقفون عن الإبقاء على الوضع القائم, بل يقودون الموظفين إلى ما بعد التحدي وإحداث تغييرات إيجابية لمنظماتهم بعد وقت الأزمات.
ومع ذلك, من الضروري فهم الجانب السلبي للقيادة الكاريزمية, كما أشار سانكار Sankar (2003م, ص.47) أن هناك "الجانب المظلم" لهذا النمط من القيادة. فمن الممكن أن يميل القادة الذي يتمتعون بالشخصية الجذابة إلى تلبية احتياجاتهم الخاصة. كأن يضعون أنفسهم موضع اهتمام ويتجاهلون وجهات نظر أعضاء المنظمة الآخرين. ويعن هذا أنه خلال الأوقات الصعبة, يجب على المنظمات أن تكون قادرة على تحديد الأفراد ذوي الصفات الكاريزمية الإيجابية يكون لهم الإحساس باحتياجات الموظفين وتوقعات الأعضاء.
وكثيرا ما ترتبط القيادة الكاريزمية بالقيادة التحويلية. وهذين النوعين من القيادة عادة ما يستخدما بشكل متبادل أو مجتمعة معا وغالبا ما توصف القيادة التحويلية بأن الكاريزما واحدة من سماتها, ويشير هذا المصطلح إلى سمة شخصية وهو ما يعني "هدية إلهية" (Lussier & Achua, 2004, p. 340). وعرف بيرنز Burnsالقيادة التحويلية بأنها "عملية تتيح للقادة والأتباع من رفع كفاءة بعضهم البعض إلى مستويات عالية من الأخلاق والدافعية" (كما ورد في دنهارت Denhardt وكامبل Campbell, 2006م, ص.559) وهذا التعريف يشير إلى أن العلاقة المتبادلة بين القادة والموظفين أمر ضروري, ويجب أن يكون القادة قادرين على دعم احتياجات الموظفين وحثهم على تحقيق الأهداف التنظيمية.
وفيما يتعلق بأحداث الأزمة, أوضح باس Bass (1990م) أن قادة التحويل "يمكنهم تحويل الأزمات إلى تحديات تنموية من خلال تقديم حالات الأزمات كحافز فكري لتعزيز استفادة المرؤوسين بإيجاد حلول لموائمة الظروف الصعبة" (كما ورد في هنتر Hunter, 2006م, ص.47). وبالتالي, يتعين على القيادة التحويلية تشجيع الموظفين للتعبير عن الأفكار التي تؤدي إلى زيادة فرص النمو في أوقات الأزمات.
نموذج عام لإدارة الأزمات
اقترح كومبس Coombs وهولاداي Holladay (2002م, ص.167) "نظرية اتصالات الأزمة الظرفية" (SCCT) وهي استراتيجية مناسبة لإدارة الأزمة. وأشارا إلى أهمية التقييم الأولي في التركيز على عاملين هما: الشدة, وسجل الأداء. ويشير الأول إلى مقدار الضرر (المالي, البشري, والضرر البيئي) الذي حدث بسبب الأزمة, في حين يشير الآخر إلى الإجراءات السابقة في المنظمات, بما في ذلك تواريخ أزماتهم. وذكر أيضا كومبس Coombs وهولاداي Holladay (2002م, ص.168-169) أن تحديد استراتيجية التصدي للأزمات لاستيعاب جميع أصحاب المصالح المتضررين من أحداث الأزمة, فضلا عن كونها قادرة على السيطرة على هذه الأزمة فهو أمر حيوي أيضا من خلال القيام بذلك, مع إظهار المنظمات كيفية اهتمامهم بالمتضررين وما هي الخطوات التي يجب القيام بها خلال فترة الأزمة. في المقابل, سيكون من الممكن لهم استعادة ثقة الجمهور وإصلاح السمعة بالنسبة لهم, ويبين الشكل رقم (4) العديد من المتغيرات التي تحتاجها المنظمة حتى يمكن تطبيق (SCCT).
المناقشة والتفسير
طبيعة الأزمة
كشفت الدراسات المعنية بالأزمات في المنظمات أن الأزمة يمكن تعريفها من عدة زوايا. ومع ذلك, كان هناك اتفاق واضح أن الأزمات لا يمكن التنبؤ بها, وغير متوقعة, ويمكن أن تحدث في أي وقت, بالإضافة إلى ذلك, فإن الأزمات ليس من شأنها فقط في إحداث اضطرابات عاطفية واجتماعية, ولكنها يمكن أن تهدد مهمة وبقاء المنظمة. وهناك جانب أخر تمت مناقشته من خلال مراجعة الأدبيات هو تصنيف الأزمات إلى نوعين, هما: الأزمات الطبيعية, والأزمات التي من صنع الإنسان.
ومع ذلك كشفت النتائج من الأدبيات أيضا أن الأزمات يمكن أن ينظر إليها من منظور مختلف, على أنها فرصة لتطوير المنظمة, بدلا من أن تكون تهديدا لبقاء المنظمة. كما أفادت النتائج أن الأزمات يمكن تجنبها أو السيطرة عليها من خلال تعزيز دور تنمية الموارد البشرية (HRD) وهي البرامج التي توسع القدرات الفكرية لأعضاء المنظمة في الاستجابة للأزمات على أساس من المعرفة والمهارات التي تم الحصول عليها من هذه البرامج. وأقرت الأدبيات أيضا بأهمية الاستراتيجيات سواء في الاتصالات قبل الأزمة وبعد الأزمة بين الأعضاء داخل المنظمة.
إدارة الأزمات في المنظمات
أقرت أدبيات البحوث قضايا المتغيرات الأساسية للإدارة الفعالة للأزمات, مثل تحديد دور أعضاء المنظمة, واختيار الاستراتيجيات المناسبة وأسلوب القيادة, واختيار النماذج المناسبة لإدارة الأزمات. يتم التعرف على هذه المتغيرات كأدلة يمكن اعتماد التنظيم عليها في الجهود المبذولة لإدارة الأزمات على نحو فعال.
ويتضح أن الدراسات التي تم استعراضها في الجزء السابق أنه ينبغي أن يكون لكلا من القائد والموظفين نفس الحقوق من حيث وضع إجراءات محددة للتعامل مع الأزمات. وكما تبين, يجب أن يكون لكلا الطرفين نفس الفهم حول الإجراءات التي يتم تحديدها مما يؤدي إلى القدرة على تحديد التهديدات المحتملة وفهم كيفية التصدي لها.
كشفت مراجعة الأدبيات أيضا ضرورة التصدي للأزمات عن طريق البدء في التخطيط التصوري والتدريب المبني على التصور (SBT). فإن أعضاء المنظمة مع هذا التصور يكونون قادرين على التنبؤ بمستقبل المنظمة على أساس الوضع الراهن. من ناحية أخرى, يوفر SBT الأنشطة التي تمارس, والتي تؤدي إلى فهم كيفية التعامل مع الأزمات. وثمة جانب أخر تم تسليط الضوء عليه في دراسة الأدبيات هو ضرورة إقامة المنظمة لعلاقات إيجابية مع وسائل الإعلام. حيث أفاد التقرير بأن الدعم من وسائل الإعلام أمر حيوي بالنسبة لضمان الجمهور أن المنظمة ستكون قادرة على الصمود بعد أحداث الأزمة.
ومن خلال دراسة الأدبيات أصبح من الواضح أيضا أن القيادة التحويلية هو أسلوب القيادة الملائم الذي تحتاج المنظمة تطبيقه أثناء فترة الأزمة, وكما ورد, أن القائد التحويلي يكون قادر على قيادة المنظمة للتحرك نحو مستقبل أفضل من خلال تشجيع الموظفين للتعبير عن أفكارهم في كيفية التعامل مع الأزمات والعمل بشكل تعاوني عن طريق إدارة أو تجنب مثل هذه الحالات.
ثمة جانب أخر تم مناقشته من مراجعة الأدبيات هو قضية تنفيذ نموذج عام لإدارة الأزمات مثل نظرية اتصالات الأزمة الظرفية (SCCT). وتبين أن النموذج المقترح في الأدبيات يمكن أن يجلب أفكارا جديدة لأعضاء المنظمة لفهم كيفية تحسين صورة المنظمة واستعادة ثقة الجمهور بعد أوقات الأزمات. وتبين من دراسة الأدبيات أن هذا النموذج العام لإدارة الأزمات يشدد على أهمية تحديد خطة استراتيجية محددة للتعامل مع الأزمات.
استراتيجيات ومناهج القيادة الفعالة لإدارة الأزمات في المنظمات
تشير النتائج من الأدبيات أن كلا من القائد والموظفين في المنظمة لهم نفس الحقوق لتحديد إجراءات معينة في التعامل مع الأزمات. وعموما اتفق العديد من الكتاب على أن هناك علاقة طردية بين الاتصال والالتزام. كما أشار بوستيمز Postmes, تانيس Tanis, ودي ويت De Wit (2001م, ص.230) أشار إلى أنه كلما استطاع قادة المنظمات ترسيخ التواصل المفتوح, كلما زاد الموظفين. واقترحا أن الاتصال المفتوح يعزز شعور الموظفين بالانتماء ويشعرهم بمزيد من الراحة في العمل مع قادتهم لأن لكلا من الطرفين نفس الفرص في تطوير المنظمة أو حتى إيجاد الحلول عندما تهدد الأزمات بقاء المنظمة. عند هذه النقطة يمكن القول إذن, أن القادة يجب أن ينفذوا الاتصال المتبادل من أجل كسب ثقة الموظفين. وذلك يبدو عاملا رئيسيا في إدارة الأزمات الحالية.
وثمة جانب أخر تم تسليط الضوء عليه في دراسة الأدبيات هو الشروع في التخطيط التصوري والتدريب المبني على التصور (SBT) كأداة فعالة للمنظمات خلال فترة الأزمة. وكشفت مراجعة الأدبيات أيضا على أهمية وجود النموذج العام لإدارة الأزمات الفعالة. ولذلك فهي مهمة كبيرة بالنسبة للقادة لإعادة تقييم الاستراتيجيات الحالية قبل إدخال التغيرات. كما ذكر بريسون Bryson (2004م, ص.264) في هذا النحو, أن قادة المنظمات التي تواجه الأزمات قد يضعون العديد من التغييرات على الاستراتيجيات الحالية أو حتى إنشاء بدائل أخرى جديدة على أساس الوضع التنظيمي الحالي.
وفيما يتعلق باستراتيجية أخرى نوقشت في الأدبيات, وهي بناء علاقة جيدة مع وسائل الإعلام, وينبغي أن يكون أعضاء المنظمة قادرين على ربط الأزمة الحالية مع الفرص المتاحة لاستخدام وسائل الإعلام وخاصة بوصفها أداه لإصلاح سمعة المنظمة.
وفيما يتعلق بأسلوب القيادة, بينت الأدبيات أن أسلوب القيادة الأكثر فعالية في أوقات الأزمات هو القيادة التحويلية. ومع ذلك, في هذه المرحلة, يقال أن أسلوب القيادة التحويلية في حد ذاته غير كاف في بعض الأحيان خلال أحداث الأزمة. ويجب أن يكون لدى القائد رؤية, والتي تعرف بأنها "تصورات القائد العقلية لمستقبل المنظمة" (Ylimaki, 2006, p. 622). وأفيد بأن مصطلح "الرؤية" هو ذات الصلة بقدرة القادة على تحديد المستقبل المنشود للمنظمات. وبشكل أكثر تحديدا, القائد الملهم أمر ضروري للمنظمات التعليمية. والسبب في ذلك أن المهمة الأساسية للمنظمة التعليمية هي توفير التعليم الجيد, والذي سوف يؤثر على مستقبل الطلاب. كما أشار هيكس Hicks (1999م, ص.8) إلى أنه يجب أن يكون لدى قادة المنظمات التعليمية رؤية واضحة "لأن التعليم به مثل هذه العواقب على الأجل الطويل ويؤثر في الرفاهية على حد سواء للأجيال الحالية وتلك التي لم تولد بعد".
الاستنتاجات والتوصيات
استنتاجات الدراسة
بينت الأدبيات أنه يمكن تعريف الأزمة بطرق مختلفة, ومع ذلك, هناك اتفاق على أن المصطلح يشير إلى النتائج السلبية لأحداث غير متوقعة, ويمكن تصنيفها إلى نوعين مختلفين, وهما: الأزمة الطبيعية وتلك التي من صنع الإنسان. ومن أجل القدرة على إدارة الأزمات بشكل فعال ينبغي على أعضاء المنظمة فهم خطوات إدارة الأزمات الفعالة. مثل: تحديد دور أعضاء المنظمة, واختيار الاستراتيجيات المناسبة وأسلوب القيادة, واختيار النموذج العام المناسب لإدارة الأزمات.
والمنظمات التي تواجه الأزمة بوضوح من الضروري أن تركز على أهمية وجود أسلوب الاتصال المتبادل, وإعادة تقييم الاستراتيجيات الحالية قبل تنفيذ استراتيجيات جديدة, وإدخال أسلوب القيادة التحويلية من أجل تحديد الرؤية والاتجاه المستقبلي للمنظمات, ومنهج الاتصالات, وخطة إدارة الأزمات. ومن المأمول فيه قدرة المنظمة على التعافي من الأزمة الحالية وإعادة بناء رسالتها.
توصيات بدراسات مستقبلية أخرى
من المأمول فيه إمكانية الدراسة على سد الفجوة البحثية في مجال إدارة الأزمات التنظيمية نظرا لمحدودية الأدبيات في هذا المجال في البلدان النامية. فمن المنطقي الافتراض بأن المنظمات في البلدان النامية لا تعتبر إدارة الأزمات قضية رئيسية. فمعرفة استراتيجيات فعالة لإدارة الأزمة ضروري حيث يوفر فهم متعمق لكيفية قدرة المنظمات على التعامل مع الأزمات. لذا فإن إجراء المزيد من الدراسة في هذا المجال سيكون مفيدا في مساعدة المنظمات على إدارة الأزمات على نحو فعال.
فالدراسات الإضافية التي تقارن وتستخلص أساليب القيادة المختلفة التي يمكن تنفيذها في أوقات الأزمات من شأنها أيضا أن تفيد في توسيع معرفة كيف يمكن لأسلوب القيادة المعين أن يلعب دورا حاسما في مساعدة المنظمات للتحرك نحو مستقبل أفضل بعد أحداث الأزمات.