أ - الإدراك الحسي وأجهزته:
من أجل جذب المستهلك أو المتبرع عادة يقوم المسوقون بإثارة المستهلك أو المتبرع حتى ينتبه لإعلانهم أو رسالتهم التسويقية بشتى الطرق بل وبأغرب الطرق أحياناً. إلا أن ما يثير شخصا ليس بالضرورة ما يثير الآخر، وهذا ينبني على إدراكه الحسي للمنتج أو للإعلان أو للدعاية أو لغير ذلك، مما يستدعي دراسة الإدراك الحسي.
الإدراك الحسي:
هو العملية التي يتم من خلالها تعرف الفرد على ما حوله من أشياء ومؤثرات من خلال حواسه الخمس وتفسيرها للوصول إلى معنى خاص بها. ولتوضيح ذلك يمكن رسمها بالشكل التالي: أما أجهزة الإدراك الحسي فهي الحواس الخمس ،وإن كان يختلف مستوى الاعتماد على الحواس من شخص لآخر، فهناك من الناس من يكون اعتماده على حاسة البصر أكثر أو أقوى، بينما هناك من يكون اعتماده على حاسة السمع أقوى وهكذا.
تعامل الفرد مع المثيرات الحسية يحولها في عقله إلى خرائط ذهنية سواءً أكانت صورة ذهنية مميزة أو صوت أو إحساس أو رائحة أو ذوق مميز، وهو بالتالي ينظر إلى المنتج حسب ما تشكل في خريطته الذهنية، فالناس عادة ما يستجيبون لخرائطهم الذهنية وليس للواقع، حتى ولو أن خرائطهم تشكلت بدون وعي منهم. ولذا يكثر في إعلانات المنظمات الخيرية تصوير المشاهد التي تعرض صيحات ومعانات الناس من أجل تشكيل حافز للتبرع يدفع المتبرع للتبرع والسخاء ويتعامل مباشرة مع دوافعه الحقيقية للتبرع.
ب - مستويات الإدراك الحسي وعوائقه
يختلف مستوى الإدراك لدى الناس من شخص لآخر حسب اعتماد الشخص على حاسة معينة من حواسه، كما يختلف مستوى الإدراك من بيئة لأخرى؛ فقدرة العين على التقاط الضوء الخفيف في المكان المظلم قطعاً أكبر من قدرته على التقاطه في حفل صاخب بالألوان. فنحن نبني تصوراتنا الداخلية من خلال حواسنا الخمس وهي: البصر والسمع واللمس والتذوق والشم، وبعبارة أخرى فإننا نشعر بالعالم من حولنا في صورة مثيرات بصرية أو سمعية أو لمسية أو تذوقية ِأو شمية، ويتم ذلك بشكل أساسي من خلال الوحدات النوعية الرئيسية الثلاث
البصرية أو السمعية أو الحسية.
ويمكن تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام حسب الحواس الخمس بعد دمج اللمس والشم والذوق وتسميتها حسّا :
بصري: يركز على المشاهدات، ويرى الفروقات بينها ويميز بينها وهي التي تجذبه وتثيره، يحب المشاهد السريعة الحية المتلاحقة، والأصوات السريعة العالية، ويشكل 45% من الناس .
سمعي: يركز على الأصوات والإيقاعات والنغمات ويرى الفروق بينها ويميزها، وهي التي تثيره، يحب الأصوات المعتدلة السرعة، ويشكل 15% من الناس، 5% منهم يمكن تسميتهم السمعي الرقمي (المنطقي) .
حسي: يركز على أحاسيسه تجاه الشيء، ويرى الفروقات بين الأحاسيس، تثيره أحاسيسه التي تحركها الحركة، يحب الأصوات البطيئة الهادئة المنخفضة، ويتجاوبون مع الحركة والرائحة واللمس والطعم ويشكلون 40 % من الناس.
وإن كان كل الناس لديهم الطرق الثلاث، إلا أن لكل شخص ما يميزه بنظام قوي يغلب عليه استخدامه، ونظام ضعيف يغلب عليه عدم إدراكه، وكلا النظامين القوي والضعيف يجب استخدامه مع العميل، النظام القوي في غالبية التعامل معه والاتصال به، والنظام الضعيف في إرسال رسائل تتجاوز المرشحات الذهنية للعميل لتصل إلى أغواره وإلى عقله الباطن.
وهذا يعني أهمية دراسة جميع نقاط الاتصال مع المتبرع بعمق ومعرفة المتبرع العميقة من أجل التأثير العميق فيه ، واستخدام المؤثرات التي تؤثر فيه بعمق، على سبيل المثال: لدينا يتيم ونريد من متبرع أن يكفله:
1- المتبرع البصري:
تؤثر كل من صورة اليتيم وشكل التقرير ومظهر ممثل المنظمة وشكل المكتب في عقله الواعي الذي يشكل المنطق والسبب والتأثير لدى العميل، ويؤثر الضعيف لديه ولنفترض أنه السمعي مثلاً في عقله اللاواعي الذي يشكل المشاعر والعواطف والميول والرغبات لدى العميل، ولذا سيكون التأثير على المتبرع مضاعفاً لو أمكن رؤية اليتيم والسماع منه مباشرة أو رؤيته والسماع منه عبر شريط الفيديو مثلاً.
2- المتبرع السمعي:
يؤثر صوت اليتيم وكلام الممثل للمنظمة في عقله الواعي، ويؤثر الضعيف لديه ولنفرض أنه الحسي في عقله اللاواعي، ولذا سيكون التأثير عليه مضاعفاً لو استطعنا أن نعطيه هدية من اليتيم وفيها تسجيل بصوت اليتيم
3- المتبرع الحسي:
يؤثر أحاسيس اليتيم وحركاته في عقل المتبرع الواعي، ويؤثر الضعيف لديه ولنفرض أنه البصري في عقله اللاواعي، ولذا سيكون التأثير عليه مضاعفاً لو استطعنا أن نعطيه هدية من اليتيم يتضمن شكلها معناً رمزياً يؤثر في إحساس المتبرع. ويمكن توضيح تأثير ذلك على المتبرع بالجدول التالي (يؤثر القوي في الواعي والضعيف في اللاواعي):
جدول (4 - 1): تأثيرات الإتصال على عقل المتبرع
العقل الواعي المنطق- الإقناع- السبب | العقل الباطن (اللاواعي) المشاعر - الرغبات - الميول | |
البصري | الصور - المشاهد - الألفاظ الصورية - السرعة - الصوت العالي | |
السمعي | الأصوات - النغمات - الألفاظ السمعية - التوسط - الرنين | |
الحسي | اللمس- لذوق-الشم - الألفاظ الحسية - البطء - الصوت المنخفض |
فإذا أردنا التأثير في إقناع المتبرع نستخدم النظام القوي لديه، وإذا أردنا التأثير في مشاعر المتبرع نستخدم النظام الضعيف لديه. وقوة نظام أو ضعفه لدى المتبرع هي التي تحدد عدة مستويات في إدراكه الحسي، فهي التي تحدد
1- الحد الأدنى للإحساس: أي الذي لا يحس ما دونه
2- الحد الأقصى للإحساس: الذي لا يحس ما كان أعلى منه
3- الفرق المميز للإحساس: الذي يستطيع به أن يميز بين مثيرين.
4- الإدراك باللاواعي: الذي يحدد المستوى الذي ينتقل للعقل اللاواعي
ج- المخاطر المدركة: يقوم المتبرع باتخاذ قرار التبرع لتلبية حاجاته ورغباته، وأحياناً يكون لدى المتبرع شك في ذلك فيتخذ قرار التبرع رغم ذلك أو يتخذ قرارا بعدم التبرع، فكلما زادت المخاطر التي يدركها كلما أثرت في قرار التبرع، ولا تقتصر المخاطر المدركة على الجوانب المالية فحسب، سواءً في الثقة بأمانة المنظمة أو الثقة في معرفة المنظمة، بل تتعدى ذلك إلى المخاطر القانونية أو السياسية أو الاجتماعية أو غير ذلك . ويختلف المتبرعون في إدراك مخاطر التبرعات لأسباب مختلفة نجملها فيما يلي:
1- طبيعة المستهلك:
ويتمثل في أمور كثيرة منها:
- درجة الإحساس بالمخاطرة :
فبعض المتبرعين يشعرون بالخطر دائماً، وبعضهم شعوره بالخطر قليل، وذلك باختلاف برامجهم العقلية وتكوينهم النفسي
- الخبرات السابقة المرتبطة بالمنتج:
فقد يكون ليس لديه خبرة سابقة أو أنه لديه خبرة غير جيدة مما يزيد من إدراكه للمخاطر.
- الموارد المالية المتاحة:
كلما قلت أموال المتبرع إزداد حرصه على أن يصرفها بطريقة صحيحة مما يزيد إدراكه للمخاطرة.
- الخبرة الخيرية:
كلما قلت الخبرة الخيرية ازدادت المخاطر المدركة. - ثقة المتبرع في نفسه وقراراته.
2- طبيعة المنتج:
بصفة عامة الخدمات تدرك فيها المخاطر الحسية بشكل أكبر مما تدرك في السلع، مما يعني أن إدراك الناس للمخاطر الخيرية كبير، ويزداد إدراك هذه المخاطر بزيادة قيمة التبرع للمنتج أو عندما يكون المنتج مبتكرا وجديدا
3- طبيعة الموقف الشرائي:
يزداد إدراك مخاطر التبرع كلما كان طلب التبرع أقل رسمية، كمندوبي المنظمات الذين ليس لديهم أوراق متكاملة، وصناديق التبرعات غير المحكمة الإغلاق وما شابه ذلك.
4- ثقافة المجتمع:
حيث تختلف المخاطر المدركة حسب المجتمعات المختلفة. وليخفض المتبرعون المخاطر يتخذون عدة أساليب، منها:
1- جمع معلومات أكبر عن المنتج والمنظمة الخيرية.
2- الولاء لمنظمة خيرية معروفة لديه أو مشهورة
3- البحث عن المنظمات المعروف أفرادها.
4- البحث عن المنظمات التي تمتلك تزكيات من شخصيات معروفة أكبر.
5- البحث عن المنظمات الرسمية أكثر.
6- البحث عن المنظمات التي يمكن مشاهدة أعمالها.
7- مشاهدة الأعمال الخيرية والوقوف عليها بنفسه.
8- الإنفاق بنفسه بدون وساطة منظمة خيرية. 9- طلب تقارير أكثر عدداً وتفصيلاً.
10- إرسال وسيط للتأكد من جودة الخدمة.
11- التبرع بمبلغ صغير للتأكد من فاعلية وطبيعة المنظمة.. وغير ذلك.