1-تمهيد:
2-ماذا يعني الوقف ؟
3- دور الأوقاف في التنمية
4-الوقف اليوم
5-الشروط العامة للنهوض بالأوقاف الإسلامية
6-تنمية الأوقاف وإستغلالها
7-أثر العولمة على العمل الخيري
8-المراجع


1- تمهيد :

جاء الإسلام بتشريعات حكيمة قضى فيها على تكديس الثروات في أيدي القلة من الناس فتوزعت على أكبر عدد ممكن من عباد الله لتكون لهم قواماً . من هذه التشريعات الحكيمة العادلة ما يلي :

1 - توزيع ثـروات من يتوفى على ورثته من بعده كل بقدر حصته الإرثية ومكانة قربه من المتوفى . فعلم المواريث ينظم هذا التوزيع بما فيها من أحكام وفروض .
2 - الحضّ على الوصية للوالدين والأقربين وجهات البر والخير والإحسان ليتحقق إنفاذها بعد الموت .
3 - الحضّ على الصدقات والصلات والإنفاق في سبيل الله وفي وجوه البر والإحسان وأفضل ذلك ما كان من صحيح قادر .
4 - الحضّ على إطعام الفقراء والمساكين ورعايـة اليتامى والمعاقين والأيامى من النساء .
5 - وجوب الزكاة في الأموال الزكوية من أنعام، وأثمان، وعروض تجارة، وخارج من الأرض كل عام، والخارج من الأرض عند حصاده أو جذاذه .
6 - الحضّ على الوقف على وجـوه البر على المحتاج من الأقارب وعلى المرافق العامة والخاصة من مدارس ، ومكتبات ، ومستشفيات ، ومساجد ، وأربطه ، والدعوة إلى الله باللسان والقلم .
هذه الأسباب وغيرها مما لم يذكر من عوامل تفتيت الثروات وإعادة توزيعها على أكبر عدد ممكن ممن هم أهلها وفي حاجتها.

والوقف من أكبر أسباب توزيع الثروات وإشاعة النفع والانتفاع به كما يعتبر من أهم القرب التي يُتقَرب بها إلى الله تعالى كما يعتبر الصلة بين استمرار حصول العبد على الأجر والثواب في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولهذا وصف بأنه الصدقة الجارية المستمر فضلها وأجرها وعطاؤها في حياة المســلم وبعد وفاته لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) . رواه مسلم وأبو داود .
ففي معظم البلاد العربية و الإسلامية يوجد تاريخا عريقا لنظام الوقف، إلا أنه في معظم هذه البلاد لم يبقى منه سوى صورة باهتة و مبهمة نتيجة لعدة ممارسات أدت إلى تشوهه و القضاء عليه. و لم يحظ الوقف حتى الآن بما يستحق من جهود فعالة لإحيائه و تجديد ثقافته و التعلم من التجارب السابقة رغم أن الوقف يعد من أهم صور العطاء المؤسسي المستمر و القادر على تحقيق تنمية ذاتية و نقلة حقيقية في المجتمع تشمل الجوانب العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية دون الاعتماد على تمويل حكومي أو أجنبي. و من ثم فإحياء الوقف واجباً يجب القيام به على كل قادر عليه.

2-ماذا يعني الوقف ؟


فالوقف: هو التنازل لله تعالى – مؤبداً – عن ملكية المال من أجل أن ينتفع به الناس وذلك كوقف المساجد ليصلي فيها الناس ووقف المدارس على طلبة العلم ووقف مياه الشرب في الطرقات والشوارع والأسواق وما إلى ذلك من طرق الخير.
وللوقف في الإسلام أثر كبير في الإنفاق على المرافق العامة والخاصة كالمساجد والمدارس والأربطة والمستشفيات والمكتبات وتجهيز الموتى وعلى دور اليتامى والمعاقين و إيقاف الكتب والأعيان من الثابت كالعقارات او المنقول كأدوات المنازل والبناء وحلى النساء والدواب وغير ذلك . مما كان له أثر في تيسير أحوال الناس واستمتاع فقراء المسلمين ومساكينهم بما يتمتع به أغنياؤهم من المآكل والمشارب والمساكن وشئون الحياة كافة .
للوقف تاريخ وأنواع :
الأوقاف مؤسسة قديمة جداً عرفها الناس منذ العصور القديمة قبل الإسلام. ولقد عرف اليونان الصينيون وغيرهم من الشعوب وقف الأماكن للعبادة. أما العهد الفرعوني في مصر فقد عرف بعض الأوقاف للعبادة وغيرها، فقد دلت الوثائق الفرعونية على وجود أراض ينفق ريعها على دور العبادة، أو تعطى عوائدها للرهبان لينفقوها على الفقراء والمرضى.
ولقد تميزت الشريعة الإسلامية ـ في موضوع الأوقاف ـ بتقنينه بشكل تفصيلي، والتوسع في أهداف الوقف وأنواعه ودوره الاجتماعي. فميزت الشريعة الغراء بين ثلاثة أنواع من الوقف بحسب الأغراض هي: الوقف الديني البحت، والوقف الخيري، والوقف الخاص أو الذري.

أنواع الوقف :


1-الوقف الديني البحت هو تخصيص الأموال لأهداف العبادة بمعناها الضيق، نحو أماكن الصلاة والحج وسائر أشكال العبادة. وهذا النوع قد عرفته جميع الشعوب منذ فجر التاريخ، من مساجد وبيع وكنائس ومعابد ومذابح.
2- الوقف الخيري: هو ما يخصص من عقارات وأموال لوجوه البر المتنوعة من رعاية صحية، وثقافية، وتعليمية، واجتماعية وأمنية وغيرها. وهذا قد عرف بعضه قبل الإسلام.
3- الوقـف الخاص أو الذري، ويسمى أحيانا بالأهلي فهو ابتكار إسلامي محض،
وهو وقف خاص للأهل أو العائلة .
ومن البدهي أنك تجد ضمن كل من أنواع الوقف الثلاثة المذكورة مجموعتين من الأموال الوقفية. فهناك الأموال الوقفية التي تستعمل بنفسها في غرض الوقف. مثالها المسجد بمبناه ومفروشاته، والمدرسة بعقارها وتجهيزاتها، والمسكن المخصص للذرية بما فيه من أثاث، وذلك في أنواع الوقف الثلاثة على التوالي.
وهناك أيضاً الأموال الاستثمارية التي تستثمر في التجارة أو الصناعة أو الزراعة أو غيرها من القطاعات الاقتصادية، وتخصص عوائدها أو إيراداتها أو ثمراتها لتنفق على الغرض الوقفي.
وإذا كان أول وقف في تاريخ الدولة الإسلامية وقفاً للاستعمال الديني، وهو مسجد الرسول ? في المدينة المنورة، فإن ثاني وقف معروف كان هو نفسه للاستعمال الخيري - بئر رومة التي أوقفها عثمان بتوجيه من النبي ليستقي منها المسلمون، وكانوا قـبل ذلك يدفعـون ثمن سقايتهم فأقبل عثمان ابن عفان على شرائها وتسبيلها.
وفي عالمنا المعاصر، تؤلف الأموال الوقفية الإسلامية جزءاً مهما من الثروة المجتمعية في عدد من البلدان الإسلامية. كما تشكل فكرة الوقف الإسلامي مبدأ غزيرا بالعطاء في اتجاه إنماء القطاع غير الحكومي الذي يهدف إلى النفع العام والتنمية الاقتصادية / الاجتماعية. الأمر الذي يجعل هذه الفكرة جديرة بالدراسة النظرية وبالتشجيع في التطبيق العملي في جميع البلدان والمجتمعات الإسلامية، بل وفي البلدان غير الإسلامية أيضا.
وبمعنى آخر، فإن تنمية أموال الأوقاف مسألة مهمة، وأساسية، عند الحديث عن الأوقاف الموجودة فعلا في البلدان والمجتمعات الإسلامية، وكذلك عند الحديث عن ضرورة تشجيع قيام أوقاف جديدة.

3- دور الأوقاف في التنمية :


أولاً: تعريف الوقف :

يمكن تعريف الوقف من الناحية الشرعية العامة بأنه "حبس المال عن الاستهلاك، للانتفاع المتكرر به في وجه من وجوه البر". فهو صدقة جارية مابقي رأس مالها، سواء أكان البقاء طبيعياً بعمر المال الموقوف أم إراديا بنص الواقف ورغبته.
ويشمل هذا التعريف أشكالاً كثيرة من الأموال يمكن أن تكون موضوعا للوقف. فالأرض والبناء يمكن أن يوقفا ليستعملا في أعمال الخير، نحو إقامة الشعائر الدينية، كالمسجد للصلاة، كما يمكن أن يوقفا لوجوه البر الأخرى، نحو المستشفى والمصحة، أو دار الأيتام ودار العجزة، أو المدرسة ونُزُل الطلبة. كما يمكن وقف الأراضي والعقارات لتستعمل في الزراعة، والإجارة، وسائر أنواع الاستغلال الاقتصادي، الذي ينتج فائضاً أو إيراداً صافياً، يستخدم في رعاية وجوه البر، كأن يصرف على إنارة المسجد وتدفئته، أو على الفقراء والمساكين وابن السبيل، أو على النفقات العادية المتكررة للمستشفى أو المدرسة أو دار الأيتام، الخ.
ومن المعلوم أن وجوه البر عديدة لا حصر لها، ومتجددة ومتطورة بتطور المجتمعات البشرية. ولقد كان من وجوه البر التي ابتكرها الصحابة الكرام، في خلافة عمر?، كهدف أو غرض للوقف نفع الأهل والذرية. بحيث كانوا يحبسون الأموال من أراض وعقارات ونخيل وغير ذلك من أموال يتكرر الانتفاع منها، لتوزع منافعها على أهل الواقف وذريته، ويبقى المال نفسه محبوسا لايوزع، ليتكرر عطاؤه موسما بعد موسم، وعاما بعد عام. وليس ذلك غريبا، فإن الشريعة الإسلامية كانت سباقة بتقرير أن في العطاء للأهل والذرية، بل وللنفس أيضا، معنى من معاني الصدقة والبر، وذلك بما جاء على لسان النبي ? من التصدق على النفس، والزوج، والولد، والوالد، والأحاديث في ذلك معروفة مستفيضة.

ثانياً: المضمون الاقتصادي والتنموي للوقف:

إذا أردنا أن نعيد صياغة تعريف الوقف لنعبر عن مضمونه الاقتصادي، لقلنا: إن الوقف هو تحويل للأموال عن الاستهلاك، واستثمار لها في أصول رأسمالية إنتاجية، تنتج المنافع والخيرات والإيرادات التي تستهلك في المستقبل، سواء أكان هذا الاستهلاك بصورة جماعية كمنافع مبنى المسجد أو المدرسة، أم بصورة فردية نحو ما يوزع على الفقراء والمساكين أو على الذرية.
فالوقف هو عملية تجمع بين الادخار والاستثمار معا. فهي تتألف من اقتطاع أموال عن الاستهلاك الآني، كان يمكن للواقف أن يستهلكها إما مباشرة، إذا كانت مما يمكن استهلاكه، أو بعد تحويلها إلى سلع استهلاكية. وبنفس الوقت تحويل هذه الأموال إلى استثمار يهدف إلى زيادة الثروة الإنتاجية في المجتمع. وهذه الثروة الإنتاجية الموقوفة تنتج خدمات ومنافع. مثالها منفعة مكان الصلاة في المسجد، ومنفعة مكان سرير المريض في المستشفى أو مكان مقعد التلميذ في المدرسة. كما أن هذه الثروة الموقوفة يمكن أن تنتج أي سلع أو خدمات أخرى تباع للمستهلكين وتوزع عائداتها الصافية على أغراض الوقف.
فإنشاء وقف إسلامي هو أشبه ما يكون بإنشاء مؤسسة اقتصادية Economic Corporation ذات وجود دائم. فهو عملية تتضمن الاستثمار للمستقبل والبناء للثروة الإنتاجية من أجل الأجيال القادمة، لتوزع خيراتها في المستقبل على شكل منافع وخدمات أو إيرادات وعوائد. كل ذلك يجعل وقف كل من الأسهم، والحصص أو الوحدات في الصناديق الاستثمارية، والودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية من أهم الأشكال الحديثة للوقف التي تنسجم مع حقيقة المضمون الاقتصادي للوقف الإسلامي، فالوقف الإسلامي، كما وضحنا مضمونه وحقيقته الاقتصادية، هو عملية تنموية بحكم تعريفه. فهو يتضمن بناء الثروة الإنتاجية من خلال عملية استثمار حاضرة، تنظر بعين البر والإحسان للأجيال القادمة، وتقوم على التضحية الآنية بفرصة استهلاكية مقابل تعظيم الثروة الإنتاجية الاجتماعية، التي تعود خيراتها على مستقبل حياة المجتمع بكامله.
وإذا نظرنا إلى طبيعة ثمرات أو منافع أو إنتاج الثروة الموقوفة، فإنه يمكن تقسيم الأموال الوقفية إلى نوعين هما: أموال تنتج خدمات استهلاكية مباشرة للغرض الموقوفة عليه، مثال ذلك المدرسة والمستشفى ودار الأيتام، والمسكن المخصص لانتفاع الذرية. وهذا النوع من الوقف يمكن أن يكون غرضه وجهاً من وجوه الخير العامة كالمدرسة للتعليم، أو وجهاً من وجوه البر الخاصة كمسكن الذرية. ولنطلق على هذا النوع من الأموال الوقفية اسم الوقف المباشر.
أما النوع الثاني من أموال الوقف فهو ما قصد منه الاستثمار في إنتاج أية سلع وخدمات مباحة شرعا، تباع في السوق، لتنفق عوائدها الصافية أو أرباحها على أغراض البر التي حددها الواقف، سواء أكانت دينية أو خيرية عامة أم أهلية خاصة (ذرية). ولنطلق على هذا النوع من الأوقاف اسم الأوقاف الاستثمارية.


ثالثاً: التراكم التنموي في الوقف:

وقبل أن ننتقل إلى الدور الذي يمكن أن تؤديه أموال الأوقاف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإنه ينبغي النظر إلى أهمية التراكم التنموي للثروة الوقفية. وذلك لأن طبيعة الوقف ومعظم صوره، كل ذلك يجعل من الوقف ثروة استثمارية متزايدة. فالوقف في أصله وشكله العام ثروة إنتاجية توضع في الاستثمار على سبيل التأبيد، يمنع بيعه واستهلاك قيمته، ويمنع تعطيله عن الاستغلال، ويحرم الانتقاص منه والتعدي عليه. فالوقف إذن ليس فقط استثماراً من أجل المستقبل أو بناء لثروة إنتاجية ، بل هو استثمار تراكمي أيضا يتزايد يوما بعد يوم، بحيث تضاف دائما أوقاف جديدة إلى ما هو موجود وقائم من أوقاف قديمة، دون أن ينتقص من القديمة شيء.
ولقد كان الوقف يتزايد في تاريخنا، حتى في عصور الانحطاط والتمزق.

رابعاً: أهمية الوقف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية:

ماهو دور الوقف في التنمية:
لعب الوقف في وقت ازدهاره دورا فعالا في تحقيق التنمية بمفهومها الواسع متضمنة التنمية العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية.
بدأ دور الوقف التعليمي من المسجد حيث أنه لم يكن فقط مكانا للعبادة و الصلاة و إنما كان مصدرا للعلم حيث كان يقبل عليه الطلاب ليتعلموا من العلماء و المدرسين في مختلف فروع العلم. و لذلك كان المسجد في الحضارة الإسلامية يقوم بدور المدرسة في بادىء الأمر و قد خرج منه الكثير من العلماء. و قد تطور شكل الوقف التعليمي من المسجد و الذي كان نواة التعليم إلى الكتاب الذي كان بمثابة مدرسة صغيرة لتعليم الأطفال القراءة و الكتابة و القرآن و الرياضة. و رغم استمرار الكتاب، إلا أن الوقف التعليمي امتدت صوره ليشمل المدارس التي انتشرت انتشارا واسعا خاصة بعد استقرار الفتوحات الإسلامية. و قد ارتبطت المدارس بالمكتبات حيث أيقن واقفي المدارس أهمية الكتاب في تحصيل العلم و لذلك أوقفوا المكتبات كي يسهلوا العملية التعليمية .
أما بالنسبة للتنمية الاجتماعية، فقد تنوعت الخدمات الاجتماعية التي قدمتها الأوقاف. فكثير من المسلمين أوقفوا أملاكهم لبناء المستشفيات و علاج المرضى. و لم تقتصر هذه الأموال الموقوفة على علاج الإنسان، إنما أيضا تضمنت الحيوان. و أظهرت الوثائق الوقفية الإدارة الدقيقة و الناجحة التي كانت تتمتع بها المستشفيات الموقوفة. إلى جانب الرعاية الصحية، فقد تنوعت الخدمات الاجتماعية التي قدمتها الأوقاف و منها أوقاف لمساعدة الغير قادرين على مصاريف فريضة الحج أو تزويج الفتيات الفقيرات أو بناء أوقاف لليتامى أو المسنين أو المكفوفين .
كما أن للوقف دورا هاما في التنمية الاقتصادية، و ذلك بسبب عدة عوامل.
أولا، ساعد الوقف على انخفاض و استقرار الأسعار و ذلك لأنه كان من اليسير الحصول على محال تجارية مخفضة الأسعار بالأسواق الموقوفة، مما أدى إلى انخفاض الأسعار و رواج التجارة بها أكثر من الأسواق التي ليس بها أوقاف. و أدى ذلك أيضا إلى انخفاض الأسعار في الأسواق الأخرى حتى تستطيع أن تروج سلعها و تجاري أسواق الأوقاف. و بالتالي فإن الوقف على الأسواق ساعد كثيرا على إلزام التجار بأسعار منخفضة حتى لا تبور تجارتهم.
ثانيا، ساعدت الأوقاف على الحد من البطالة و توفير فرص عمل كثيرة و تنمية المهارات. ثالثا، ساعد الوقف على حصول الفئة الفقيرة على أموال لم تكن لتحصل عليها بدونه مما ساعد على الإكثار على الطلب على كثير من السلع و الخدمات التي كانت ستكون مقصورة على الطبقة الغنية لولا الوقف، مما ساعد على تنشيط التجارة و تداول الأموال و السلع.
ثالثا، إلى جانب تنشيط التجارة الداخلية الذي أدى إلى التنمية الاقتصادية، فإن السبيل أو الوقف على أحواض المياه الواقعة على الطرق التجارية الهامة ساعدت بصورة فعالة على تنشيط التجارة و تيسير مرور القوافل التجارية و التنقل بين المدن و القرى .

لماذا يملك الوقف هذه الأهمية في عملية التنمية ؟
تقوم فكرة الوقف نفسها على تنمية قطاع ثالث متميز عن كل من القطاع الخاص، والقطاع الحكومي، وتحميل هذا القطاع مسؤولية النهوض بمجموعة من الأنشطة هي - بطبيعتها - لا تحتمل الممارسة السلطوية للدولة، كما أنه يفيد إبعادها عن الدوافع الربحية للقطاع الخاص. هذا وذاك لأن طبيعة هذه الأنشطة تدخل في إطار البر والإحسان والرحمة والتعاون، لا في قصدِ الربح الفردي، ولا ممارسةِ قوة القانون وسطوته.
وفي هذا نقطةٌ بارزة تميز النظام الإسلامي الذي استطاع أن يفرد القطاع الاقتصادي الثالث بأهمية خاصة، وبحماية وتشجيع قانونيين، لدرجة أن بعض الحكام والأغنياء كانوا يحوّلون أموالهم أوقافا لوجوه البر حماية لها مما يمكن أن يفعله الحكام من بعدهم من مصادرة وعدوان على هذه الأموال.
فالنظام الإسلامي يقرر، منذ البدء، أن أي مجتمع إنساني، وأن المجتمع الإسلامي بشكل خاص، يحتاج إلى أنشطة اجتماعية/اقتصادية تتحرر من دوافع تعظيم الربح و تعظيم المنفعة الشخصية، لأنها تهدف إلى البر والإحسان. وهو هدف تبرعي ينبني على التضحية والتخلي عن المنفعة الشخصية.
فالوقف هو إخراجٌ لجزء من الثروة الإنتاجية في المجتمع من دائرة المنفعة الشخصية ودائرة القرار الحكومي معا، وتخصيصٌ لذلك الجزء لأنشطة الخدمة الاجتماعية العامة. ولقد قررت الشريعة أن هذه الأنشطة والخدمات هي حاجة بشرية لا تقتصر على المجتمع الإسلامي فقط بل هي لغير المسلمين أيضا. ولقد بلغ من عدل الشريعة أنها قررت أنه يصح أن يوقف غير المسلم على ذريته، وله أن يشترط أن يُستبعد من الانتفاع بالوقف من يسلم منهم...

الدور الذي أداه الوقف في تنمية المجتمع المسلم عبر تاريخ الأمة وهو:
أ – التحول من مجتمع قبلي بدائي إلى مجتمع متحضر: حيث أن العلاقات والأفضال والولاءات ليست لشيخ القبيلة ولا لثري متنفذ أو سلطان متملك، بل إن حاجات الإنسان من مأوى ومأكل ومشرب وطلب علم توجه إلى مؤسسات لها أعرافها وأنظمتها وإدارتها.
ب – تحويل عمل الخير، من مبادرات فردية، إلى مؤسسات مستديمة.
ج – ضمان الرعاية الاجتماعية، من سبيل ومأوى وملبس ودواء وعلاج ومياه شرب للفقراء والمعوزين.
د – توفير ضمانات للحرية الفكرية في المدارس والمعاهد والجامعات، وذلك بتوفير المورد المالي بعيداً عن ضغوط الحكام أو تسلطهم، وبذلك أصبحت المعاهد والمدارس لا تخضع إلا لضوابطها وشروط الواقفين.
هـ – استقلالية المساجد والجوامع وضمان استمراريتها ودوام صيانتها وخدمتها، رغم التقلبات الاقتصادية والسياسية التي قد يتعرض لها المجتمع.
و – تطوير القدرات الإدارية والتنظيمية للاستثمار بعيد الأمد، بتدوين الدواوين وضبط القيود ومحاسبة القضاة لمتولي الأوقاف.

خامساً: لمحة عن البعد التاريخي للأوقاف الإسلامية:

ولقد كانت الممارسة الاجتماعية لهذا القطاع التبرعي، خلال التاريخ الإسلامي، متطورة جدا من حيث الحجم والأغراض. فقد بلغت الأوقاف الإسلامية مقدارا ملحوظا جدا من مجموع الثروة الإنتاجية في جميع البلاد والمجتمعات الإسلامية، التي أتاح لها تتابع السنين فرصة مناسبة لتراكم الأموال الوقفية.

1. فقد بلغت مساحة الأراضي الزراعية الموقوفة حوالي ثلث الأراضي المزروعة في مصر في مطلع القرن التاسع عشر. كما أن الأوقاف الاستثمارية في المدن، من مبان سكنية وتجارية بلغت حدا كبيرا، إضافة إلى الأوقاف المباشرة من مساجد، ومدارس، ومستشفيات، ودور للأيتام. حتى إن مدينة القاهرة اشتهرت بأنها مدينة الألف مسجد.
2- في تركيا لم تكن الأراضي الزراعية الموقوفة لتقل عن ثلث مجموع الأراضي الزراعية عند تحول تركيا إلى الجمهورية في أواخر الربع الأول من القرن العشرين.

3- بلغ عدد المدارس الابتدائية، في جزيرة صقلية - عندما كانت إسلامية - حوالي ثلاثمائة مدرسة كلها موقوفة، وكلها تموَّل الدراسة فيها من إيرادات الأموال الموقوفة وقفا استثماريا، كما يذكر ابن حوقل. وتجاوز عدد المدارس العشرات والمئات في القدس ودمشق وبغداد والقاهرة ونيسابور. وقد شملت هذه المدارس جميع المستويات الابتدائية، والمتقدمة، والجامعية المتخصصة. فقامت جامعات معروفة عريقة منها جامعة القرويين في فاس وجامعة الأزهر في القاهرة . وكانت الأوقاف لا تقدم لهذه الجامعات والمدارس المباني وحدها، بل تقدم أيضا أدوات الدراسة من قرطاس وحبر، وأقلام، وكتب علمية، ورواتب المعلمين والمدرسين. وكثير من هذه المدارس والجامعات كانت تقدم فيها الأوقافُ المنحَ الدراسية للطلبة بما يكفيهم لمعيشتهم إضافة إلى السكن الجامعي الخاص بالطلبة.

4- العديد من المكتبات العلمية العامة التي كان يحوي البعض منها مئات الآلاف من المجلدات العلمية. وقد أنشئت هذه المكتبات كلها بأوقاف إسلامية..
كل ذلك أدى إلى انتشار التعليم وتوسعه وشموله جميع الطبقات الاجتماعية فضلا عن استقلاله عن أصحاب السلطة والحكام. الأمر الذي جعل العلماء المسلمين من فقهاء ومحدثين وأطباء وفلاسفة زعماء شعبين وقيادات مجتمعية بكل معنى الكلمة، يقفون في وجه السلطة عندما يرون فيها خطأ، ولايحتاجون إلى ممالأة الحكام ولا إلى تبرير أعمالهم وتصرفاتهم.
كما أدى إلى تقليل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وإقامة نظام اجتماعي دائم التطور والديناميكية بسبب توفر فرص التعليم لجميع الطبقات وبخاصة الفقراء.

5- بالنسبة للخدمات الصحية. فقد تولت الأوقاف الإسلامية تقديمها في طول البلاد الإسلامية وعرضها. فقدمت مباني المستشفيات، وتجهيزاتها، ومختبرات العقاقير، ورواتب الأطباء والمسـاعدين ، وقدمت الرعاية الصحية - من إيرادات أموال الأوقاف - للطلبة والمتدربين في كليات الطب ولأساتذتها بشكل منتظم. بل لقد بلغت درجة التخصص في رعاية الأوقاف الإسلامية للعلوم الطبية أن وجدت أوقاف خاصة بطلبة الطب، وأخرى للتأليف في علم الصيدلة، وغيرها لرعية المرضى في المستشفيات.

6- الرعاية لأماكن العبادة أيضا من مساجد، وزوايا، إضافة إلى المقابر وأمكنة غسل الموتى.
7- ا في مجال الرعاية الاجتماعية وحماية البيئة ورعاية الحيوان، حيث شملت الأوقاف أنواعا خاصة من ذوي الحاجة كالأرامل والشباب المحتاجين للزواج، والفتيات الفقيرات في تجهيزهن لبيت الزوجية عند الزواج، والأمهات المرضعات، والنساء اللواتي يتنازعن مع أزواجهن فيطردن أو يتركن بيوتهن.
وشملت الأوقاف أيضا الفنادق على طرقات الأسفار، والينابيع لسقيا عابري تلك الطرقات. وكان من أوقاف المسلمين ما هو مخصص لرعاية الأطفال، وتحرير الرقيق، ورعاية الحيوان،
فقد ذكر أنه كان في دمشق زمن صلاح الدين وقف عين للحليب للأطفال وكان في العصر الذهبي للدولة الإسلامية وقف لحديقة في دمشق هي للحيوانات التي خرجت من الخدمة كالبغال والحمير والأحصنة التي كبرت ولم تعد قادرة على العمل وحتى وقفً لقطط الضآلة .كل هذه القطاعات الخدمية كانت مما تخصصت الأوقاف الإسلامية به خلال قرون طويلة. وهي تستطيع اليوم تقديم مقدار هائل من الإنتاج الخدمي في هذه المجالات، إذا ما أتيحت للأوقاف الظروف الملائمة لاستثمار ما هو موجود منها وتنميته؛ ولتشجيع استئناف عملية التراكم الرأسمالي للأوقاف ثم الاستمرار فيها.فمن المعروف أن هذه العملية قد تضاءلت خلال القرنين الماضيين في معظم البلدان والمجتمعات الإسلامية.الوقف اليوم :

تعاني المجتمعات الإسلامية اليوم من بعض مظاهر سوء التعامل مع الوقف منها:
1- التوجه بشكل شبه كلي للوقف الديني وترك الوقف الخيري والتوجه للوقف الديني ليس سيئاً ولكن من الأفضل القيام بالأوقاف الخيرية التي تشارك في صنع التنمية فإننا نجد توجه بعض الموسرين إلى بناء المساجد الخمس نجوم ويسرفون
في زخرفتها وذلك من المكروهات دينياً بدلا من توجيه تلك الأموال التي تصرف على الإسراف في التزيين والزخرفة لبناء مستشفى خيري أو بناء مدرسة أو حتى القيام بمشروع ما يشغل يد عاملة وترصد إيراداته لتنمية الوقف
2- إن بعض الذين يقومون بإدارة الأوقاف والمعينين من قبل الحكومات لا يقومون
بهذه المهمة الخيرية على أكمل وجه بل وقد يقوم بعضهم باستغلال مناصبهم لأغراضهم الشخصية
3- بعض دول قامت حكومتها بحظرالأوقاف بتوجه غبي بدلاً مت توجيهها للتنمية .

أسباب ذلك :
1- منها عدم كفاية القائمين على بعض الأوقاف أو عدم أمانتهم ومنها تقادم العهد بالنسبة لبعض الأوقاف وضياعها
2- طمع بعض الولاة والسلاطين في الأوقاف واستيلائهم عليها، وقد كان للأوقاف الذرية أو الأهلية نصيباً كبيراً من هذه المشكلات
وليس العيب في الوقف نفسه كسنة حسنة أو كنظام إسلامي، بل الناس هم الذين قد ينحرفون وتغريهم الدنيا والطمع وينسون الأهداف النبيلة التي من أجلها أوقف الوقف. وانحراف الناس في التطبيق لا يعيب النظام نفسه أياً كان هذا النظام، اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً أو غيره، فعلى سبيل المثال: تقصير الناس في أداء الزكاة وبخلهم بها لا يمكن أن يكون مدخلاً للطعن في الزكاة كنظام إسلامي اجتماعي تكافلي هادف.
وقد تعرض الوقف خلال العصور المتأخرة إلى حملات واسعة تهدف إلى إلغائه وخاصة الأهلي منه، وقد تذرع أصحابها بما سبق ذكره من مشكلات حصلت بين بعض الورثة، أو بعض ممارسات القائمين على بعض الأوقاف الخيرية ومن المؤسف أن معارضي الوقف قد نجحوا في إقناع الحكام بإلغاء الوقف الأهلي والسيطرة على كثير من الأوقاف الخيرية، في كثير من بلاد المسلمين كما سوف يأتي بيانه في الفقرة التالية.

– الوقف عند المسلمين في الوقت الحاضر.
شهدت بدايات القرن العشرين وأواخر القرن التاسع عشر تراجعاً لدور الوقف في حياة المسلمين وذلك لأسباب عديدة من أهمها الحملات التي شنها المعارضون لنظام الوقف من الكتاب والمثقفين والزعماء السياسيين في كثير من بلاد المسلمين، وخاصة في مصر حيث قاد قاسم أمين وغيره حملات فكرية وسياسية تهدف إلى إلغاء فكرة الوقف والاستيلاء على الأوقاف القائمة من قبل الدولة، ورغم مواجهة العلماء لمثل هذه الحملات ومحاولتهم التصدي لها إلا أن أوضاع الأوقاف أخذت تتدهور في عالمنا الإسلامي شيئاً فشيئاً.ولا يتسع المجال هنا لبسط القول في ذلك، إلا أنه يمكن تلخيص وضعية الأوقاف في بلاد المسلمين في الوقت الحاضر – كما أوردها الدكتور شوقي أحمد دنيا – في النقاط التالية:

1 – يخضع معظمها للإشراف الحكومي من قبل وزارت الأوقاف.
2 – حظرت بعض أنواعه القوانين في بلدان كثيرة.
3 – قل بدرجة ملاحظة إقبال الناس عليه بالمقارنة بما كان عليه الوضع في الماضي.
4 – لم يعد يمارس الآثار الاقتصادية والاجتماعية بهذه القوة والاتساع الذي كان يمارسه في الماضي.
5 – في الكثير الغالب من الأوقاف التي مازالت قائمة تحت إشراف وزارات الأوقاف وإدارتها فإن استغلالها واستثمارها ليس على درجة عالية من الكفاءة. بل في بعض الحالات تنحرف تصرفات هذه الوزارات عن الضوابط الشرعية إما في عمارة الوقف وإما في استثماره أو توزيع عوائده على مستحقيه.
6 – لم نعد نشاهد تلك المدارس والجامعات العملاقة، وكذلك المكتبات والمستشفيات التي قامت وازدهرت في الماضي على أموال الوقف، بل ما ظل منها قائماً مثل الجامع الأزهر وغيره، مما استولت وزارات الأوقاف على أوقافه، فإنه قد تدهورت أوضاعه عن ذي قبل رغم تولي الحكومات الإنفاق عليه من خزانتها.
7 – لعل الملاحظة النهائية هو غياب نظام الوقف كظاهرة اقتصادية واجتماعية كانت لها بصماتها الإيجابية البارزة في نهضة العالم الإسلامي في ماضية الطويل.

5-الشروط العامة للنهوض بالأوقاف الإسلامية

الشرط الأول: توفر الإرادة السياسية الواعية لذلك. فإذا وجدت الإرادة السياسية، أمكن عندئذ الحديث عن المتطلبات الأخرى للنهوض بالأوقاف ولإعادتها إلى العطاء الخدمي في صورة تعليم، وصحة، وخدمات مجتمعية، وخدمات للبيئة، وغير ذلك مما كانت تقوم به في الماضي، ومما يمكن أن تتوسع للقيام به في المستقبل .
لا بد بعدئذ من رسم الخطوات اللازمة لنمو الأوقاف واستعادة صحتها في ضوء الواقع الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي القائم في العالم اليوم، وبشكل أخص في البلدان والمجتمعات الإسلامية حيث تتوضع معظم أملاك الأوقاف القائمة.
الشرط الثاني: أن تكون عملية الوقف ضن هدف تعظيم المنفعة أو الربح على أموال الأوقاف.
فمن المعروف أن الأفراد يهدفون في غالب تصرفاتهم إلى تحقيق المنفعة الذاتية لأنفسهم. فهم كمستهلكين غالباً ما يعملون على تحصيل أكبر قدر من المنفعة الشخصية بشكل عام،
وعند الحديث عن أهداف أموال الأوقاف لنا أن نتساءل عن مدى انطباق هدف تعظيم المنفعة أو الربح على أموال الأوقاف.
إذاً لابد من دراسة وتحقيق هدف :

أولاً: تعظيم الربح أو المنفعة في أموال الأوقاف .
إذا أمكن الجمع بين الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الأخرى وبين تعظيم الربح فإن ذلك يحسن بالمتولي، كمايحسن بالمستثمر الخاص بنفس المنطق. لأنه عندئذ تعظيم وإحسان معا، مثل من يعطي صدقة لذي قربى، فتكون له صلة وصدقة معا. ولكن لا ينبغي للأهداف الأخرى أن تصرف المتولي عن هدفه الأول والأساسي، وهو تعظيم الربح أو العائد الذي يُردّ إلى غرض الوقف.
فالناظر على المستشفى الوقفي مطالب أن يديره بحيث يحقق أكبر قدر من المنافع للمرضى والأطباء وسائر العاملين في المستشفى، حسبما اشترطه الواقف وتحقيقا لأكبر قدر من غرض الوقف. ومثل ذلك ناظر المدرسة.
كل هذا التعظيم للمنافع، يكون من خلال تحقيق البر والإحسان العام الذي يتفق مع شروط الواقف ورغبته في البر والإحسان
ثانياً: مدى جواز تحويل وقف مباشر إلى وقف مباشر واستثماري معاً
ومثله أيضا أن يكون الوقف سكنا جامعيا للطلبة فيطالب الناظر الساكنين بعدم المكث في المبنى في العطل الجامعية ويؤجر المبنى للمؤتمرات والندوات، فيكون في ذلك دخل للوقف ينتفع به في صيانته، وتخفيض أجور السكن للطلبة، وإيراد قد يحتاج إليه لإدارة المبنى وإضاءته وتدفئته وصيانته، الخ . وهذا ممكن ضمن شروط فقهية معينة لامجال لذكرها الأن عند تحقيقها يمكن تحويل الوقف المباشر إلى وقف ذي استعمالين: مباشر واستثماري. يمكن من خلاله تنمية وإستغلال الأوقاف

6-تنمية الأوقاف وإستغلالها:

فالتنمية يقصد منها زيادة حجم الأموال المستغلة أو الاستثمارية أو الرأسمالية للوقف. كأن كون الوقف أرضا سكنية معطلة لا بد لاستثمارها من البناء عليها، ويحتاج ذلك البناء إلى إضافة استثمارية جديدة، تضاف إلى رأس مال الوقف نفسه؛
أماالاستغلال، فهي لتمكين مدير المال الوقفي من استثمار الوقف نفسه. كأن يحتاج الوقف إلى صيانة فيخصص المتولي جزءاً من إيرادات الوقف للإنفاق على صيانته،
ضرورة تنمية أموال الأوقاف:
والذي نعتقده في هذا السبيل أن هنالك عاملين هامين حدثا في البلدان الإسلامية خلال القرن العشرين الحالي يمكن اعتبارهما مسؤولين عن بروز مسألة تنمية أموال الوقف إلى السطح واحتلالها أهمية لم يشاهد مثلها في الماضي. وهذان العاملان هما :
1- التقدم الكبير في تكنولوجيا البناء.
2- زيادة التركز السكاني في الأمصار الكبيرة.
فالعامل الأول أدى إلى استغلال أحسن للمساحات الصغيرة من الأراضي السكنية في المدن خاصة، بأن مكّن من التعالي أو التطاول غير المسبوق في البنيان.
والعامل الثاني زاد الطلب على المباني السكنية والتجارية. كل ذلك أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي. فهل يعقل في مثل هذه الأحوال أن يترك مبنى وقفي صغير في وسط مكة المكرمة أو اسطنبول، في وقت صارت فيه قيمة الأرض وحدها تعادل مئات بل آلاف ما كانت عليه، وارتفعت المباني من حوله إلى عشرات الطبقات علوا فوق الأرض، كما نزلت عدة طبقات في باطن الأرض؟ هذه المفارقة الكبيرة استدعت - ولا شك - المطالبة على كل صعيد بضرورة تنمية هذه الأملاك، وبخاصة أن هذه التنمية - وإن غيرت شكل المدرسة أو المسكن الوقفي - تستطيع أيضا أن تضاعف المنافع، أو العوائد، للغرض الموقوفة عليه أضعافا كثيرة.
إنّ عملية تنمية الأوقاف إذا تمت بشكل ناجح تؤدي إلى توفر إمكانيات مالية ضخمة موقفة للبر والإحسان وهنا يجب أن تتوفر الإدارة الصالحة والناجحة والعلمية والمختارة حسب الأكفأ والأصلح وليس لأي محددات أخرى التي تقوم بعملية إدارة وتنمية واستثمار الأموال الوقفية والتصرف بالإمكانيات المتاحة وتوجيهيها لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية مما يضع إمكانيات هائلة في خدمة التنمية لا يمكن توفيرها من قبل القطاع الخاص أو العام وبدون
ترك أي ضغوط مالية على الحكومة .
وكمثال على الاستثمار في الأوقاف كأن توضع لوحات إعلانات ضوئية مأجورة على سطح مبنى مدرسـة وقفية، أو أن يؤجر مبناها في فترات العطل الدراسية ابن الإسلام26-09-2006, 06:347-أثر العولمة على العمل الخيري

للعولمة مؤيدون ومعارضون, فالبعض يرى أن هذه الظاهرة ستعمل على تحسين أوضاع الشعوب من النواحي الاقتصادية والثقافية, في حين أن معارضيها يصفونها بالشر وأنها ستضر بمصالح الشعوب وتوسع الهوة بين الأغنياء والفقراء.
وبغض النظر عن آراء المعارضين والمؤيدين فلا شك أن العولمة لها آثار سلبية وإيجابية. فالعولمة قد تساعد من حيث الإطلاع والاستفادة من خبرات الإنسان في شتى مجالات الحياة, ولكنها في المقابل قد تقضي على الكثير من القيم الإنسانية التي عمل الإنسان على تثبيتها منذ وجوده.
لا شك أن العمل الخيري ارتبط بشكل عام بالدين, فالديانات الإسلامية والمسيحية تدعو إلى العطاء والتطوع لمساعدة الغير. فالإسلام يحتوي على مبادئ أساسية من أهمها الزكاة والصدقة, فالزكاة تعتبر من أركان الإسلام الخمس. وقد ورد ذكر الصدقة في القرآن الكريم مرات عديدة. وبالرغم من أن عمل الخير ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالدين في المنطقة العربية فإننا نجد أن تطور الأفكار والأنظمة الاجتماعية والاقتصادية في العالم دفع العمل الخيري لتبني وظائف تنموية بحيث أصبح عمل الخير يعمل من خلال مؤسسات اجتماعية ودينية وسياسية بهدف تنمية وإصلاح المجتمع.

ولكن بالرغم من وجود المؤسسات والجمعيات الخيرية في المجتمعات العربية فإن العمل الخيري بدأ يتراجع لعدة أسباب من بينها :
تفشي القيم المادية في المجتمعات العربية والفشل في توظيف الدين لإشباع حاجات الإنسان في ضوء التغيرات والتطورات التي أحرزها الإنسان.
1.هيمنة السلطة على مؤسسات العمل الخيري ومحاولة السيطرة عليها.
2.تحول العمل الخيري ليصبح أداة عند الكثيرين للاستفادة الشخصية.
3.هناك أزمة خطيرة بين القيم الإنسانية والقيم المادية في المجتمعات العالمية وخاصة في المجتمعات التقليدية والنامية. فالإنسان في الماضي كان يعتبر هدفاً بحد ذاته, واليوم نرى أن الإنسان أصبح وسيلة لأهداف مادية.

كلمة أخيرة :

إنّ الله تعالى الذي أرسل الرسل بالدين ليسعد البشر في عيشهم وحياتهم ومماتهم وبعد موتهم أنزل معهم المنهاج الكامل الذي هو الدين لصنع هذه السعادة والخير والسلام فرسل الله كلهم سعوا لتحقيق هذه الرسالة السماوية فالله أعلم بما خلق وقد فقد قال تعالى في سورة الملك " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ "
يعلم كيف تكون سعادته ويعلم كيف يكون هلاكه يعلم كل كبيراً وصغيراً عنه , فإذا كان عندك آلة معينة وتعطلت فإنك تلجأ مباشرةً لصانعها وإذا لم تجده فتبحث في الكاتلوك الذي جاء معها والذي لم يقم بكتابته إلا من صنع هذه الآلة وعرف أسرارها وخفاياها .
ولكن ما علاقة هذا بالوقف ............ ؟ كل العلاقة فإذا فهمنا الدين فهماً صحيحاً فهمنا الجانب الاقتصادي منه فهماً صحيحاً ثم طبقتاه تطبيقاً صحيحا لصار اقتصاد المجتمع صحيحاً وصار المجتمع كله صحيحاً
فلماذا إذاً نعاني من كل تلك المشاكل .................؟ المشاكل ليست إذاً في الرسالة ولكن في المرسل إليهم ليست في الآلة ولكن في قهم واستخدام هذه الآلة المشكلة في الفهم أولاً والتطبيق ثانياً .
فبدون العلم النافع لا يكون فهم ولاوعي و لا إرادة , العلم الذي يأتي بالعمل يأتي بالتنمية يأتي بترقية الإنسان ورفعه إلى المكان الذي كرمه الله , وليس العلم الذي يأتي بما يسمى الشهادة والتي تكون الهدف الأول لطالبها- ولا أقول طالب العلم لشرف هذه الكلمة- كي يتوظف ويسمى متعلماً ولا يكون له أي نفع كنفع العلم الذي تعلمه بل يكون عائقاً في وجه كل عمليات الإصلاح ومحولات التنمية .

المراجع :

1- الأوقاف وأثرها في دعم الأعمال الخيرية في المجتمع
بحث ل الأستاذ/ عبد الله بن ناصر السدحان 38 صفحة
مكتبة صيد الفوائد على الإنترنت http://www.saaid.net
2- الأوقاف في العصر الحديث ، كيف نوجهها لدعم الجامعات وتنمية مواردها (دراسة فقهية بحث ل د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح 94 صفحة
مركز دراسات الفقه الإسلامي http://www.kantakji.org
3- تأثير العولمة على الخير العربي المعاصر*
بحث ل الدكتور سري ناصر 7صفحات
مركز التميز للمنظمات غير الحكومية http://www.ngoce.org/
4- الوقف ودعم مؤسسات الرعاية الصحية
بحث ل الدكتور/ عبد العزيز بن حمود الشثري 60 صفحة
مركز دراسات الفقه الإسلامي http://www.kantakji.org
5- الوقف في المجتمع الإسلامي المعاصر
بحث ل الدكتور: منذر قحف 12 صفحة
مركز دراسات الفقه الإسلامي http://www.kantakji.org

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1735 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2012 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,756,283

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters