تعتمد الاستراتيجيات التسويقية الناجحة و المرتبطة بالعناصر المزيج التسويقي على فهم رجال التسويق بشكل عميق لأبعاد السلوك الشرائي للمستهلكين، و يمكن تعريف السلوك الشرائي للمستهلك بأنه تلك العمليات المرتبطة بقيام فرد أو جماعة من الأفراد باختيار، و شراء، و استخدام و التخلص من منتج ما، أو خدمة، أو فكرة أو حتى خبرة بغرض إشباع الحاجات و الرغبات.
دراسة السلوك الشرائي للمستهلك ما هي إلا دراسة للسلوك الإنساني في السوق، و لذا فإن فهم هذا السلوك لبد و أن يتعامل مع مجالين من علوم المعرفة و هما علم النفس و علم الاجتماع، و فهم السلوك الشرائي للمستهلك يمثل تحدي لرجل التسويق لأنه يمكن أن يرى الأفراد و سلوكهم لكنه لا يرى الأسباب التي تأثر على سلوكهم، و نظرا لعدم ملاحظة أسباب السلوك المرئي بشكل مباشر فإن مصطلح الصندوق الأسود هو مصطلح يشير على تلك العمليات العقلية التي تدور في عقول الأفراد عندما يقوموا بإتحاد القرارات الشرائية المختلفة" .
• أسباب الإهتمام سلوك المستهلك: لقد تضافرت عدة عوامل في زيادة الإهتمام بدراسة سلوك المستهلك أهمها:
1. زيادة قبول المفهوم التسويقي كفلسفة في المنظمة فأصبح ينظر على المنتج و الإستراتيجيات من وجهة نظر المستهلك و ليس من وجهة نظر المنتجين، و ترتب على هذا المفهوم ضرورة دراسة دوافع و رغبات المستهلكين و تصرفاتهم و مبرراتهم.
2. ارتفاع فشل العديد من المنتجات فأظهرت العديد من الدراسات أن أهم سبب فشل المنتجات سوء تخطيط الاستراتيجيات التسويقية لعدم تفهم سلوك المستهلك و دوافعه و رغباته.
3. تعقد عملية اتخاذ قرار الشراء ففاعلية دراسة سلوك المستهلك لا تقتصر على الإجابة عن السؤال الخاص ماذا يشتري الفرد و لكن البحث عن كيفية الثراء لم تعد كافية بل تمتد الدراسة إلى إلا طراف المؤثرة في عملية إتحاد القرار، مثل المبادرين بشراء السلعة، و المؤثرين و المشترين و المستعملين للسلعة.
4. تعاظم تأثير متغيرات البيئة سواء على المنظمات أو الأفراد، فزيادة وعي المستهلكين و تنظيم أنفسهم في جماعات و تأثير القرارات الحكومية زاد من الضغط على المنتجين، كما أن زيادة حجم
الدخول لدى الأفراد و تغير العادات الاجتماعية كلها عوامل ساعدت على الاهتمام بسلوك المستهلك.
المطلب الثاني: العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك:
هناك نوعين من المؤثرات التي تحدد سلوك المستهلك هي المؤثرات الداخلية و المؤثرات الخارجية .
و على إثر هذا التفاعل بين المؤثرات الداخلية و الخارجية يتحدد سلوك المستهلك و عن طريق ملاحظة أنماط التفاعل بين هذه العوامل يمكن لمديري التسويق التنبؤ بالسلوك المرتكب للأفراد.
أولا: العوامل الخارجية: يمكن تقسيم العوامل الخارجية حسب درجة تأثيرها إلى نوعين:
• عوامل لها تأثير عام على الأفراد مثل الثقافة، و الطبقة الاجتماعية.
• عوامل لها تأثير مباشر مثل الأسرة و الجماعات المرجعية و قادة الرأي.
1. الثقافة:
تمثل الثقافة كل من القيم العادات و الفنون و المهارات المشتركة بين الأفراد في مجتمع معين و التي يتم انتقالها من جيل لآخر و بالتالي يمكن اعتبارها نمطا للسلوك يتبعه أعضاء المجتمع الواحد، و الاختلاف في الثقافة يعكس الاختلاف في أنماط الاستهلاك، و تمد رجال التسويق بأساس قوي لتقسيم السوق الى قطاعات، ويؤدي التغير في عوامل الثقافة الى التأثير في الجانب التسويقي، كما يتأثر بقيم المجتمع و في نفس الوقت يجب أن يعكسها من خلال الإعلان.
2.الطبقات الاجتماعية:
يمكن تقسيم الأفراد حسب مكانتهم الاجتماعية الى طبقات وفق استخدام عدة أسس أهمها و أكثرها شيوعا الدخل و المهنة و الأسرة، فعادة ما يكون الدخل منخفض عند الطبقات الدنيا و تعبر كل من المهنة و التعلم عن مكانة الفرد.
و يلاحظ أن المعايير السابق الإشارة إليها يمكن استخدامها بصورة جماعية نظرا لتأثر الدخل بالمهنة و بعرافة الأسرة، و طالما أن أنماط الشراء تختلف باختلاف أنماط الحياة فإن هناك العديد من الشركات تستخدم الطبقات الاجتماعية كأساس لتحديد الهدف التسويقي.
3.الأسرة:
إن تأثير الأسرة على تكوين القيم و الاتجاهات و أنماط الشراء للأفراد شيء لا يمكن تجاهله، فالعديد من الأفراد يتبعون نفس الأنماط الاستهلاكية السياسية السائدة على مستوى الأسرة، و قد أثرت التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية على تكوين الأسرة. و يعد تحليل الأدوار التي يلعبها أفراد الأسرة
من المبادرين بشراء السلعة و المؤثرين و المشترين و المستعملين للسلعة و متخذين لقرار الشراء مهم خاصة بالنسبة لدور الإعلان ليشمل التركيز النسبي لكل أفراد الأسرة.
4.الجماعات المرجعية:
تمد الجماعات المرجعية و التي تتكون من الجماعات الاجتماعية و المهنية الأفراد بخصائص الشخصية و تؤثر عليهم في أرائهم و معتقداتهم و طموحاتهم و تختلف هذه الجماعات، من حيث حجمها و درجة تأثيرها و يمكن تقسيم هذه الجماعات الى:
• الجماعات التي تخدم كنقاط للمقارنة، فالمفهوم الخاص بالفرد يختلف تبعا للجماعات التي يقارن نفسه بها، فقد يشعر الفرد بالفقر بالمقارنة لبعض الأفراد دو الدخل العالي و العكس.
• الجماعات التي يتطلع إليها الفرد، فالأفراد يحاولون محاكاة السلوك الشرائي للأفراد الذين ينتمون إليهم.
• الجماعات التي يفترض أن يتبع الفرد سلوكها، فإتباع الفرد جماعة معينة يحتم عليه أدبيا نفس نمط سلوكها. لهذا نجد الجماعات المرجعية أصبحت من الأساليب الأساسية التي يستخدمها المعلنين في إعلاناتهم حتى يحققوا مزايا تنافسية، فمثلا استعمال صور بعض المشاهير و النجوم في الإعلان لجدب الإهتمام بالسلعة أو الخدمة.
5.قادة الرأي:
يعتمد نجاح العديد من السلع على ما يسمى بالاتصال عن طريق الفم و يعني هذا المفهوم انتقال المعلومات الخاصة بالسلعة أو الخدمة من مستهلك الى آخر و ترجع أهمية هذه الوسيلة الاتصالية إلى افتراض مؤداه أن الفرد يتلقى هذه المعلومات بدرجة كبيرة من الصدق عن الوسائل الاتصالية التجارية فنجد مثلا الأطباء قادة رأي في تسويق المعدات الطبية و الأدوية.
ثانيا: العوامل الداخلية:
تتضمن العوامل الداخلية العديد من المؤثرات منها:
1.الدوافع:
تعتبر دراسة الدوافع من المجالات الاساسية في دراسة سلوك المستهلك بهدف التعرف على أسباب إختلاف الأفراد و فيما بينهم في سلوكهم، و تصرفاتهم و الدوافع هي عوامل داخلية لدى الفرد تدفعها و تحركها الحاجات فتوجه و تنسق سلوك الفرد إلى إنتهاج سلوك معين، و من تم فعلى رجال التسويق دراسة و تفهم الدوافع التي توصل المستهلك إلى إتخاد قرار معين بالشراء.
.الإدراك:
يمثل الإدراك العملية التي تتشكل فيها الانطباعات الذهنية للفرد عندما يتلقى و ينظم و يفسر مؤثرات معينة، و طالما أن الإدراك يؤدي الى التفكير و الفكر يؤدي على إحداث التصرف فإن رجل الإعلان يهتم بدراسة عمليةالادراك.
و من الملاحظ أن المستهلك يدرك السلع و مؤثراتها عن طريق انطباعاته عن الاسم التجاري، فالعديد من المستهلكين مستعدون لدفع أسعار أعلى للسلعة نظرا لشهرتها.
3.التعليم:
يتعلق التعليم بعملية الحصول على المعلومات و الخبرات المختلفة نتيجة للتعرض لمواقف متشابهة، لا يرتبط التعليم و الولاء للاسم التجاري ارتباطا كبيرا يبعضها البعض، إذ أن معظم المشترين يعتمدون في عملية الشراء على الخبرات السابقة و من تم يلعب الإعلان دور كبير في ترسيخ و تدعيم ولاء المستهلك للسلعة.
4.الشخصية:
إن الإهتمام بدراسة شخصية المستهلك إنما ترجع إلى أن الشخصية تعكس اختلافات الأفراد في السلوك بمعنى أن الأفراد يختلفوا في درجة استجابتهم لمؤثرات متشابهة تبعا للمميزات الشخصية التي يتمتعوا بها.
المطلب الثالث: مراحل الشراء عند المستهلك:
عمليا، يمر قرار شراء السلع أو الخدمات لدى المستهلك بعدد من المراحل يمكن إيجازها على النحو التالي:
1. مرحلة الإحساس بالحاجة(problème pecsgnitisn):
في هذه المرحلة يدرك الفرد بأن لديه حاجة أو رغبة لبد من إشباعها، لذلك يجب على رجال التسويق تحديد الحاجات و الرغبات التي تحفز المستهلك للبدا في مراحل القرار الشرائي لسلعة أو خدمة ما، و من تم تصميم الإستراتيجيات التسويقية الاتصالية المناسبة للتعامل معها، دهابك للمطبخ لتناول قدرا من الحليب و فتحك للثلاجة قد يطرح أمامك ضرورة البحث عن الحليب و الحاجة إلى شرائه.
2. مرحلة البحث عن المعلومات(information seeking):
في هذه المرحلة يبدأ المستهلك بجمع المعلومات حول البدائل الممكنة و من كافة المصادر حول السلعة أو الخدمة موضوع الإهتمام، و على رجال التسويق في هذه المرحلة معرفة جميع المصادر التي يستخدمها المستهلك لمعرفة البدائل المتاحة و أهمية كل مصدر من تلك المصادر و لمختلف فئات
المستهلكين و ذلك لإيجاد صيغة مناسبة لإرضاء المستهلك، و طرق البحث عن المعلومات في هذه المرحلة تختلف باختلاف فئة السلعة أو الخدمة و أهميتها في منظومة السلع أو الخدمات المألوفة.
3. مرحلة تقييم البدائل (ALTERNATIVES EVALUSTION):
في هذه المرحلة يقوم المستهلك بتقييم البدائل المتاحة أمامه و حسب معايير محددة لكن ما يهم هنا هو تحديد تلك المعاير الواجب استخدامها لكل حالة أو سلعة و التي تعتبر مناسبة له. و تجدر الإشارة إلى أن الإهتمام بهذه المرحلة يختلف باختلاف الظروف الديموغرافية و النفسية للمستهلكين المستهدفين و حجم الدخل المتاح لديهم قبل و أثناء عملية التقييم.
4. مرحلة الاختيار(CHOICE):
في هذه المرحلة يقوم المستهلك النهائي باختيار البديل الذي يحقق له أقصى إشباع ممكن من وجهة نظره و حسب مدركاته الحسية و خبراته السابقة و لأهدافه الحالية، و تجدر الإشارة هنا أن نوعية الاختيار تحكمها مجموعة من العوامل الشخصية و الموقفية المرتبطة بالشخص أو الجهة المعنية.
5. مرحلة النتيجة(OUTCOME):
في هذه المرحلة يفترض أن يشعر المستهلك بالرضا أو عدم الرضا و مهمة رجل التسويق في هذه المرحلة تتمثل في معرفة شعور المستهلك بعد الشراء أو الإستعمال و ذلك لأجل القيام بما يجب في حالتي الرضا و عدم الرضا و توجيه الأنشطة الهادفة لتعزيز القرار الشرائي في حالة الرضا و إزالة مظاهر عدم الرضا باستخدام وسائل توضيحية و تعزيزيه.
المطلب الرابع: مراحل اتخاذ قرار الشراء الصناعي:
تتفاوت دراسة علمية و مراحل الشراء في الأسواق الصناعية تفاوتا لدى الباحثين السلوكيين فمنهم من تناولها بإيجاز، إلا انه يمكن توضيح مراحل الشراء الصناعي كما يلي:
1. تقدير الحاجة:
قد تظهر الحاجة للشراء الصناعي نتيجة أسباب عديدة منها عدم توافر الحد الأدنى من بعض المواد الخام أو المعدات أو السلع المصنعة أو النصف مصنعة الداخلة في عملية الإنتاج، و اكتشاف أن المواد الخام الحالية ذات نوعية غير مناسبة، أو إحلال معدات و آلات جديدة محل معدات قديمة، أو تتجه التوسع في خطوط الإنتاج نتيجة البدء في تضييع سلع جديدة و لأول مرة، كما تظهر الحاجة للشراء الصناعي في الحالات التي تستدعي الاستفادة من الاختراعات الحديثة في المعدات و المواد بحيث يتعين على المؤسسة شرائها و إلا أصبحت في وضع مختلف بالنسبة للمؤسسات المنافسة.
. وصف الحاجة:
بعد تقدير الحاجة كمرحلة أولى، يجب وصف الحاجة وصفا دقيقا واضحا من خلال تحديد مواصفات السلع و المعدات و الخدمات المطلوب شرائها بالإضافة إلى تحديد الكميات المطلوبة من كل منها و مواعيد الحاجة إليها.
3. تطوير خصائص المواد:
إن تطوير خصائص المواد و المعدات و الخدمات من الأمور الأساسية التي على إدارة المشتريات تحقيقها و ذلك عن طريق إعدادها ثم إرسالها للموردين المحتملين.
4. تحديد الموردين:
تتم في هذه المرحلة و عن طريق تجميع اكبر قدر ممكن من المعلومات عن مصادر التوريد الحالية و البديلة و التي يمكن الاعتماد عليها في الوفاء بالاحتياجات المقدرة كما و نوعا في الخطوات الثلاث الأولى السابقة، و يتأثر حجم المعلومات التي يتم جمعها بعدة عوامل، منها:
أ. قيمة المواد و المعدات التي يتم تجميع معلومات عنها، فكلما ارتفعت قيمتها كلما تطلب ذلك ضرورة تجميع قدر ممكن من المعلومات.
ب. تكلفة جمع المعلومات مقارنة مع العائد المتوقع منها، حيث يجب الاستمرار بجمع المعلومات طالما أن القائمين على الشراء يشعرون أن تكلفة الحصول على المعلومات اقل من العائد المتوقع منها أو تساويه.
5.تقييم الاقتراحات المقدمة من الموردين:
بعد تجميع المعلومات و الاقتراحات المقدمة من الموردين، تقوم المؤسسات المشترية بإجراء عمليات تقييم شاملة لمختلف مصادر التوريد لتحديد أفضلها .
6.اتخاذ قرار الشراء: يعد تقييم و تحليل مختلف البدائل المتاحة للمشتري الصناعي، يتحتم عليه اختيار مصدر أو مصادر التوريد القادرة على توفير الاحتياجات التي تم تقديرها كما و نوعا و وفق أفضل الشروط لكل طرف من أطراف العملية التبادلية.
نشرت فى 19 مارس 2012
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,859,136