هبة الله الغلاييني
قبل الخوض في لغة الحركات والجسد ودلالتها لابد من معرفة قدر كافٍ عن علم الفراسة والذي كان قدماء العرب يعرفون من خلاله الأشخاص وطباعهم، فهذه المعرفة تسهّل علينا القراءات الحقيقية أو الأقرب إلى الحقيقة للحركات التي سيقوم بها الشخص.
وبالتالي فإن الحكم الصادر على مدلول هذه الحركات يساعدنا في التواصل مع الآخرين، وعلم الفراسة هو الاستدلال بالأحوال الظاهرة في الجسد (في أشكال وألوان وأعضاء) على الأحوال الباطنة.
فراسة الوجه
الوجه هو الشيء الظاهر للبشر فكثيراً ما نسمع (سِيماهم في وجوههم) أي أن صفات الشخص تتم ملاحظتها من خلال النظر إلى وجه الشخص، وللوجه العديد من الأشكال والصور من ذلك:
الوجه العريض: وهو يدل على الذكاء والطموح والتفتح لكل ما يدور حوله، وأصحاب هذه الوجوه يمتلكون قدرات ذهنية ودهاء لذا تجد أصحاب هذه الوجوه لديهم ميل إجرامي ملحوظ مصدره القوة الذهنية والقدرة على التخطيط الدقيق الذي لا يكون ظاهراً من أول وهلة، وأغلب السياسيين الدواهي هم من أصحاب هذا النوع من الوجوه.
الوجه الطويل: وهذا النوع من الوجوه يوحي عادة بكثرة الحركة وإنجاز المهمات بسرعة وخفة الروح، وقد يواجه ما يعكّر صفوه فهو حاد المزاج.
الوجه البارز: ويقصد به بروز عظم الوجه، وصاحب هذا الوجه إنسان خبيث دائم في تدبير الحيل. والمكائد للآخرين.
الوجه الصغير: وهذا النوع من الوجوه ترى فيه عادة رقة القلب وصفاء النيّة والضعف والاستسلام نتيجة لقلة حيلته.
الوجه المستدير: وصاحب هذا الوجه لا يهتم بما يواجهه من مشاكل بقدر ما يهتم بما سوف يحصده من نتائج والتي غالباً ما تكون إيجابية، ملائمة حجم الجسد مع الوجه.
عندما تنظر إلى شخص وتجد أن حجم وجهه ملائمٌ لحجم جسده وكذلك أعضاء وجهه متناسقة كالفم والأنف والأذن فهذا يدل على أن صاحبه دائم التفكير عند اتخاذ القرارات المصيرية، لذلك فهو دائماً ما يعتلي المناصب العالية لأنه يحب الرقي والسموّ.
ولكنك عندما تنظر إلى شخص وجهه غير ملائم لحجم الجسم، فرأسه من الممكن أن يكون كبيراً وجسمه صغيراً فهذا يدل والله أعلم على كثرة ذنوب والتي ظهرت على وجهه لكي يحتاط الناس منه.
فراسة الرأس
كلمة سر باللغة الفارسية تعني رأساً أو رئيساً وهي تعني الرأس هو رئيس أعضاء الجسم فلا يمكن الاستغناء عنه في فهم أي شيء لأن بداخله العقل. فصاحب الرأس الذكي قادر على التصرف في أي موقف حتى لو كان ذلك الموقف مصيرياً لنبوغ عقله وذكائه الفطري الذي قام بتنميته من خلال اطلاعه على أمهات الكتب عكس الإنسان الغبي والذي ترك عقله يصدأ من قلة ما قرأه وتعلّمه، فالقراءة الكثيرة تنمّي الذكاء وتعلّم الشخص اتخاذ القرارات الصائبة في كل الأمور.
كما أن الشخص الذي يكون صبوراً غير متسرّع في اتخاذ المواقف يكون أسرع في الوصول إلى ما يريد فهذه قاعدة ليس لها شواذ وهناك أشخاص عندما تراهم تجد في ملامح وجوههم النباهة والذكاء الحاد وتجده عند معاملتك يميل إلى الخبث والمكر، فإذا تعلم ذلك الشخص منذ صغره عندما يكبر تجده شيئاً مهماً في المجال الذي تعلم ودرس فيه فنجده يعتلي المناصب العالية.
وأصحاب هذا الرأس لا يحول بينهم وبين أهدافهم شيء فهم لهم القدرة على تخطي الصعاب والحواجز عن طريق الصبر مع الميل إلى الهدوء والسكينة.
وكذلك يعرف من يخدعه أملاً في التقرب إليه أو لكي يقضي له حاجة يصعب عليه أن يفعلها بنفسه، فهذا الشخص مهم للآخرين لكنه لا يهتم بهم حتى لا يوقفوا تقدمه الذي بذل مجهوداً ضخماً للوصول إليه.
فراسة الجبهة
تختلف الجبهة من شخص لآخر حيث لا نجد جبهة تشبه الأخرى مع الاعتراف بأن لكل قاعدة شواذ.
فهناك الجبهة المتسعة وأخرى الضيقة وكما نجد المستديرة والمربعة فالجبهة تظهر ملامح الوجه سواء كان حزيناً أو فرحاً أو خائفاً أو مرتعباً إلى آخره من الصفات التي تظهر على جبهة الشخص وفي جميع الحالات المختلفة.
ولكل جبهة علامة تدل على الحالة التي يكون عليها الإنسان ومن ذلك:
الجبهة المتسعة: سعة الجبهة تدل على سعة العقل وكبر حجم الرأس، ولكن هذه السعة لا تدل غالباً على التّعقل.
الجبهة الضيقة: تدل على ضيق أفق صاحبها وجهله ببواطن الأمور، فهو ضيق الأفق وفقير المعرفة وينظر إلى الأمور بسطحية فقد يتصرف في أمر مهم قد يتحدد عليه مصير أقرب الناس إليه وربما بمصيره هو نفسه بحماقة فيؤدي ذلك به إلى المهالك نتيجة تصرّفه الأحمق ولكنه قد يعتقد أنه يتصرف تصرفاً صحيحاً.
الجبهة المتعرجة: وهي لشخص تظهر على جبهته ثنايا وتجاعيد فهي تدل على أن صاحب هذا الوجه معبأ بالمشاكل والهموم فقد تصادفه الكثير من المشاكل فيحاول حلها وقد يفشل وقد يحالفه الحظ وينجح في حل المشكلات، لكنه إنسان طيب القلب يميل إلى فعل الأشياء الحسنة وإذا صادفه شخص في مشكلة أو مصيبة ما فإنه يشاركه في مصيبته على الرغم مما يتمتع به هو من مشاكل.
وفي النهاية فإن أفضل الجباه هي المشرقة التي يوجد فيها اتساع كما أنها ليست بالقصيرة أو الطويلة وصاحبها كثيراً ما يكون شديد الخلق عظيم الشخصية.
فراسة العين
نظرة العين لا تحتاج إلى ترجمة، فإنك عندما تنظر إلى شخص فإنك تفهم ما يود قوله، وهذه المقولة نلاحظها في العاشقين، فقد تفهم الحبيبة ما يودّ محبها أن يقول لها عندما تنظر في عينه لشدة الترابط بينهما. فلغة العين لغة عامة لا تحتاج إلى تعليم فقد يكذب اللسان ولكن تصدق العين لما فيها من دلالة على الصدق والحقيقة.
والعين لها دلالات كثيرة فهي تدل على الفرح والخوف والحزن والوداعة والتكبر والخبث... فلقد تم تقسيم العيون إلى عدة أشكال وأحجام مثل:
العين الواسعة الكبيرة: وللعين الواسعة مدلول علمي فهي تدل على النظر القوي واليقظة والانتباه وصفاء الذهن.
العين الصغيرة الضيقة: فهي تدل على الخبث واللؤم والمكر والخداع وكذلك فهي تدل على النظر الضعيف.
العين الجاحظة: وهي دلالة على العلم والمعرفة فهي تدل على أن أصحابها محبّين للتعلم ومعرفة كل ما هو جديد لمواكبة ما يدور في العالم فهم ينظرون إلى الأمور عامة ويبحثون في المواضيع بصورة عامة ولكن إذا استحق الموضوع الدراسة نظروا جزئياته، وقد كان الجاحظ ذا عيون جاحظة وهو أديب جليل وما زالت آثاره تُدرس حتى اليوم.
العيون البارزة: وهي العين الدائمة النظر لصغائر الأمور، وأصحاب هذه العيون من دائمي النظر إلى الأشياء الدقيقة عكس العيون الجاحظة التي تنظر إلى الأمور عامة.
العين الناظرة إلى الأعلى: فهي عيون تراها دائمة النظر إلى الأعلى وكأنها تنظر إلى السماء فهي تدل على الطيبة والأمانة وحب الله والتعجب من كل شيء خلقه.
العين الناظرة إلى الأسفل: فهي تدل على الخداع والشر والمكر الذي يدبره صاحب هذه العين للآخرين فدائماً ما يكون صاحب هذه العين غير أمين فقد يسرق المقربين إليه فهو لا يهتم بأحد بقدر اهتمامه بنفسه. هذه العين قد تكون دلالة الخجل فهي دائمة النظر لأسفل فهي تدل على التربية واكتمال مكارم الأخلاق فهو يمتلك آداب الحديث فيحبه الآخرين ويقتربون منه فهو يعتبر قدوة للآخرين.
تغيّرات الوجه
عندما نجد أنفسنا وجهاً لوجه مع شخص ما، فإن الاتصال يتم أولاً بتبادل النظرات، ثم عرضياً أو احتمالياً بابتسامة، إن العينين والفم هما الجزءان من الوجه الأكثر أهمية، ذلك أنهما هما ما يمنحانه تعبيراته وحيث أن الانفعالات الستة الأساسية لدى الإنسان وهي: البسمة والحزن والاشمئزاز والخوف والغضب والدهشة هي بالفعل من السهل جداً كشفها في تعبيرات الوجه إنها وقف على الجميع، رجالاً ونساءً وأطفالاً وحتى الحيوانات بالنسبة إلى بعضها.
وبما أن تعبيرات الوجه ليست انعكاساً للانفعالات وحسب، ولكنه كذلك انعكاس للشخصية، فإن كل شخص يتمتع بمجموعة من التعبيرات المميزة التي يستخدمها مراراً في اليوم. وهكذا مع مرّ السنين، يظهر ما ندعوه "تجاعيد التعبير" التي تفضح غالباً المظهر المسيطر في الشخصية. تجاعيد مستعرضة على الجبين لدى الجنسين، تخص المآقي لدى البشوشين، وثنيات بدءاً من الأنف وتبرز استدارة الوجنتين لدى المبتسمين. الآن لنركّز أعيننا في نظر الآخرين ونراقب الفم أو لننظر إلى أنفسنا في المرآة كي نفهم بصورة أفضل أسرار هذه التعبيرات.
النظرة: بوسع النظر وحده أن يعبّر عن جميع أنواع العواطف.. فكل شيء يُقرأ في العينين.. ففي أثناء المحادثة، يتطلع المتحدثان أحدهما بالآخر في المتوسط بين (30-60) مرة في الدقيقة، وعندما يتطلع شخصان أحدهما بالآخر أكثر من (60%) من الوقت فذلك يعود إلى أن أحدهما يهتم بالآخر أكثر من اهتمامه بما يقال (وهذه الحالة تكون عند العشّاق)، كما أن الناس ينظرون أكثر إلى مخاطبيهم في عيونهم عندما يضحكون، أكثر ما يفعلون ذلك عندما يتكلمون. فهم يحوّلون نظرهم عندما تطرح عليهم أسئلة تزعجهم، أو تحرجهم، بالمقابل عقب سؤال يجعلهم عدوانيين أو مُعادين فإنهم يحدّقون بالآخر، وعلى الرغم من اتساع لائحة التعبيرات التي يتمتع بها النظر، بالوسع حصر عدد معين من النظرات الكبيرة حتى إن اتجاه النظر يقدّم دلالات بالنسبة إلى تفسيره العميق.
طرفة العين (رفّة العين): وهي الأسهل من حيث الانتباه، أي من بين كل التبادلات (النظرية) وهي علاقة واضحة على التواطؤ أو التستر على شيء ما.. عندما يقوم شخص بالنظر بطرف عينه قبل أن يقول شيئاً، أو حتى من خلال تلفظه بأقواله، لا ينبغي أن يوافقه بما يقول، فالمخاطب أو المستمع يجد نفسه تلقائياً شريكاَ متواطئاً.
النظرة الجانبية (عين الحماقة): هي نظرة عابرة، النظرة المرائية، نظرة من يود الرؤية من دون أن يشعر به أحد أو يعلم إنه ينظر.
الجفون نصف المغلقة: وهذا النوع يكون عندما يتم تخفيض الجفون في مجال النظر بحيث تسمح للعينين أن تبرزا قيمة ما تبقى منه. وهذه نظرة العاشق الهائمة أو المظهر المركّز الذي يفكر أو عين الرسام الشديد المدقق في التفاصيل وهو يتأمل لوحة ما لتقديرها.
النظرة المباشرة التي يقوم بها الإنسان هي غالباً وقف على الأشخاص الذين هم في أحسن حالاتهم، ويستمتعون بحياتهم، وهم منفتحون، ويسهل الوصول إليهم، وهم صريحون ومباشرون.
النظرة المحدقة: وهي علاقة الملل، واللامبالاة، والخوف من التورط أو التعهد والرغبة في الهرب.
النظرة المتجهة في كل الاتجاهات: وتكشف هذه النظرة عن روح نشطة ويقظة وفضولية بالنسبة إلى كل شيء ولكنها قد تفضح كذلك نوعاً من عدم الاستقرار والتغلب على المصاعب في التفكير مليّاً.
النظرة إلى الأعلى: وتلاحظ هذه النظرة غالباً لدى المثاليين، حيث النظر إلى أعلى يدل على المثالية في كل شيء، والأشخاص الذين لا يحسّون بالارتياح في الحقيقة والواقع.
النظرة إلى الأسفل: وتدل هذه النظرة على بعض العناد في عدم إرادة أخذ الواقع في الحسبان، فالأشخاص الذين يحفظون دوماً عيونهم، هم غالباً يتوترون وهم قليلو الإخلاص، غير مرتاحين تماماً، أو إنهم ببساطة، خجولون.
النظرة إلى ناحية اليمين: وهذه النظرة هي دليل على عدم الواقعية، فهي تتجنّب الاتصال لكي تسقط في المستقبل.
النظرة إلى ناحية اليسار: وهي تدل على عدم الواقعية أيضاً، فهي تتجنب الاتصال الحاضر لكي تلجأ إلى الانطواء على الذات.
النظرة إلى الأعلى وإلى اليمين: وهي تدل على تطورات تخيلية خادعة من حلم أو هلوسة.
النظرة إلى الأسفل وإلى اليمين: تدل على الحاجة إلى الاستنكار.
النظرة إلى الأعلى وإلى الأسفل: تدل على الحنين، وأحلام اليقظة.
النظرة إلى أسفل وإلى اليسار: تدل على الوساوس الخفية لدى أصحابها.
فراسة الفم
خارجاً عن الكلمات التي يتلفظ بها الفم، فإنه بذلك ناقل ضروري وأساسي للاتصال. لذا فعندما نتكلم ونضع يدنا أمام فمنا، ذلك لأن ثمة شيئاً ما نود إخفاءه ونحن نسعى إلى إخفاء الحقيقة أو إخفاء عيب من عيوب الأسنان الرديئة، وإذا كانت هذه الحركة عادية لدى الشخص فبالوسع البحث عن السبب بين هذه الافتراضات، أو كذلك قد يكون الخجل المفرط من شيء قد قيل أمامه، وإلاّ لا يكون الشخص متأكداً مما يقوله، أو إنه حتى تتأكد من أنه يكذب.
إن أفضل طريقة لمعرفة ذلك هي طرح السؤال التالي: "هل أنت متأكد من ذلك؟ فإذا ما أجاب فحسب "بنعم" دون أن يضطرب فكلامه حتماً حسن النية ولكن في المقابل إذا تلعثم في توضيحاته، أحياناً، وهو موقف دفاعي، فلأن هناك كل المبررات للحذر منه.
الابتسامة: هناك طرق عديدة للابتسام، معبرة عن أشياء متميزة، ولكن بالوسع تلخيصها بكيفية تقريبية بالفئات فالابتسامة المستشعرة والابتسامة البائسة، والابتسامة الزائفة، وابتسامة الابتهاج العريضة.
الابتسامة المستشعرة: وهذه الابتسامة هي الأداة الصحيحة (أو الحقيقية) التي تعبر عن الابتهاج العفوي واللهو، والسرور. بحيث ترفع العضلة الخد بفعل عضلة أخرى ويحدب البشرة حول محجر العين إلى الداخل. وبقدر ما تكون العاطفة أقوى يتحدد أكثر فعل هذه العضلة ومع ذلك حتى أن أكثر الابتسامات إخلاصاً والصادرة من القلب، نادراً ما تلبث ظاهرة أكثر من أربع ثوانٍ.
وهذا النوع من الابتسامة، عموماً، يقع في فئات ثلاث:
الابتسامة والفم مقفل: هي ابتسامة لطيفة، مهذبة، متحفظة، بل حزينة نوعاً ما إذا ترافقت مع حركات الجبين الملائمة. وهذه الابتسامة هي كذلك تلك التي نرسمها لأنفسنا أمام المرآة، أو عندما نفكر في شيء مستحب، وهذه الابتسامة هي غالباً التي ما ترى عندما يبتسم الناس بعضهم لبعض.
الابتسامة التي تظهر الأسنان العليا: وهي الابتسامة الأكثر شيوعاً في الكمية فيما بين الأشخاص، وهي الأكثر تحديداً للمشاعر، طالما أنها تسمح باستشفاف الأسنان وتتوجه عموماً إلى شخص ما دلالة الصداقة أو الترحيب.
الابتسامة العريضة التي تكشف كل الأسنان: وهذه الابتسامة العريضة تبيّن مجموعتي الأسنان معاً، وتكبر عادة وتتوسع أكثر فأكثر حتى تتحول إلى ضحكة. وعادة ما تظهر مثل هذه الابتسامة عندما يتعلق الأمر برغبة الشخص بالظهور أو أن يقف لتلتقط له صورة فوتوغرافية، أو أن تكون الضحكة لها ميزة ذرف الدموع.
الابتسامة الهادئة (التكشيرة): وبحسب التعريف القاموسي، البسمة الهادئة أو التكشيرة هي فتح الفم وإبداء الأسنان مع تقلص الشفتين، ومنح الوجه منظراً ساخراً أو ضاحكاً بكيفية كاذبة وقد تجر أيضاً الاستياء والاحتقار، والألم والغضب بل الحقد. وتعبّر النظرة عموماً معنى التكشيرة (البسمة الهادئة) ولكن بالوسع التأكد أنها ليست دوماً مستحبة.
الابتسامة البائسة: وتحدث الابتسامة البائسة عندما يعترف المرء بالهزيمة أو بالتعاسة وغالباً ما تتم أمام الآخرين، إن الابتسامات العريضة الساخرة التي يعوزها التناغم والانسجام تؤدي معاً إلى اليأس والمحنة، وكذلك استسلامنا إلى مواربات القدر القاسي.
إن الابتسامات من هذه الأنواع هي، حقاً، مميزة بشكلها اللامتناسق كما لو أن نصف الفم هو الذي يبتسم، والنصف الآخر غارق في البؤس.
الابتسامة الزائفة: الابتسامة الزائفة هي الابتسامة التي تشبه في شكلها الابتسامة الحقيقية، ولكنها ابتسامة مضللة عن تعمد، إضافة إلى ذلك فإنها تدوم أطول من الابتسامة الحقيقية وهي أبطأ بالنسبة للانتشار عبر الوجه. وغالباً ما تكون مثل هذه الابتسامة موجودة لدى الباعة غير الصادقين، وكذلك الممثلين، وسائر الأشخاص الذين عليهم أن يبتسموا في أعمالهم ووظائفهم وهي جميعاً أمثلة الابتسامة الزائفة. وهنا يبرز التساؤل كيف يمكننا أن نكتشف الابتسامة الزائفة؟ والجواب عن هذا السؤال يعود بنا إلى (قراءة العينين) حيث إن أكبر إنشاء غير مقصود هو العينان اللتان تضيقان عندما تأتي الابتسامة من القلب، وتبقيان غير متأثرتين عندما يغطي شخص ما العواطف السلبية. لذا أولاً تفحَّص العينين بحثاً عن خطوط الابتسام وحرارة التعبير ثم انظر عن كثب إلى الفم، حيث تكون الشفة العليا مرتفعة بطريقة مبالغ فيها، بينما تبدو الشفة السفلى مربعة دونما أي حركة في الفم، فعندما يضطر الناس مثلاً إلى الابتسام أمام المصور فإنهم غالباً ما يبدون ابتسامة زائفة، وخصوصاً إن لم يكونوا راغبين في أن تُلتقط لهم صورة في المقام الأول.
وسائل الاتصال المعنوية
قال العالم (سيغموند فرويد) ذاك الذي تصمت شفتاه يثرثر بطرق أصابعه، إذاً ما هي الحركات المطابقة انطلاقاً من المشاعر والانفعالات المختلفة التي تظهر على الشخص الآخر.
الحزن: في حالة الحزن يكون الوجه مغلقاً والعينان غامضتين، والحاجبان مقطبين قليلاً، وتوجد كذلك تجعيدة صغيرة تكون عمودية في الجبين، ملتقى الشفتين يهبط إلى الأسفل.. وكذلك الجسم يبدو أنه ينطوي على نفسه، كما لو كان يسعى إلى أن يكون له أقل تأثير تحمّل حقيقي.
السرور: في هذه الحالة فإن الوجه هو أكبر مترجم لحالة السرور. وذلك من خلال الابتسامة التي تظهر على الفم، والعينان التي تشعان بريقاً والوجنتان المرفوعتان وظهور الغمازين مختلجين، والجيوب الصغيرة التي تظهر تحت العينين فكل ذلك يوحي بالسرور الصريح.
السأم: وغالباً ما يظهر السأم بشكل واضح على الإنسان، وذلك من خلال الوضعيات التي تنبئ بذلك، مثلاً التثاؤب، والتنهيدات التي تصدر عن الشخص الذي يشعر بالسأم.. وعندما تحدث (فولتير) عن بلادة السأم، كان إنما يلمّح إلى هذه الحالة من الوهن التي تجد أنفسنا فيها عندما لا ندري ما نفعل.
الحنان: لنذكر أولاً إنه لدى كل شخص يكون الرأس الجزء الأكثر حساسية من باقي أجزاء الجسد وهو الجزء الذي نحميه أكثر من سواه، والتسامح مثلاً في أخذ وجه شخص ما باليدين بحركة رقيقة، لا يمكن أن يحصل إلا إذا كان ثمة مناخ من الثقة المطلقة بين الشخصين.
الرغد: نحن نكون مرتاحين في كل مكان نوجد فيه عندما نتمتع بالرخاء، ولكن لكي نتمتع بالرغد والرخاء، يبقى علينا أن نكون حقاً مرتاحين.. بالفعل، وهناك نوعان من الرغد، ذاك الذي هو طبيعي وعفوي وصادر عن ثقة بالنفس دونما عيب وذلك الذي ليس له سوى مظهر محسوب ومصطنع ويسمى عند ذلك السيطرة على النفس.
فالنوع الأول لا عيب فيه ما دام حقيقياً ومشروعاً، ولكن النوع الثاني يحتوي على جهد على الذات يتحول أحياناً إلى عصبية، وبالوسع اكتشافه من جانب كل مخاطب يقظ متنبه.
الانزعاج: يعرف الانزعاج الذي يعانيه المرء من ألف إثارة وإثارة، حتى لو كان الشخص الطبيعي يبذل المستحيل لإخفائه. فإذا كان الشخص مثلاً يلمس أرنبة أنفه بطرف الإصبع أو يحكّها أو يقبض عليها وكل ذلك خفية فهذه جميعاً علامات انزعاج حاسمة ومقنعة أكثر من غيرها من الحركات. وكذلك قضم الأظافر، ومص الأصابع، وقرض الجلد الصغير المحيط بالأظافر، كل ذلك حركات تدل على انزعاج أو تثبت أن لدى الشخص ما يخفيه.
الغضب: إذا لم يجد أحد صعوبة في مطابقة غضب قوي راعد، فإن المراحل التي تسبق أو التي تحلّ محله هي أكثر إيذاء. فالغضب المكبوت تعتلي فيه راحة اليد على العنق، كما لو كانت تحولت على حين غرة من مرماها الأساسي، الخصم، وهذه تلاحظ بصورة خاصة في مواقف الدفاع وتأتي تفاصيل أخرى لشأن الغضب المكبوت: سلسلة طويلة من الشهيق وبطريقة غير منظمة، وأحياناً يتسارع التنفس وتبقى الكلمات محشورة في الحنجرة، ولكن نشعر جيداً أن الغضب على وشك الانفجار.
الدهشة أو الصدمة: تحت تأثير شديد، تسترخي عضلات الفك بقسوة، الأمر الذي يوضح الفم الفاغر، والذقن الهابط، وتنفتح العينان كبيرتين كذلك، كما لو أن الدهشة استولت عليهما، ويرسم ذلك تجاعيد أفقية، وأحياناً قوس دائري إذا كان الحاجبان في الوقت نفسه مستديرين، وفي حالة صدمة انفعالية عنيفة، يحدث أن ترفع اليد إلى الفم كما لو كنا نود أن نخنق صيحة قد تفلت منه تماماً.
سبع إشارات خاصة بلغة الجسد عليك أن تنتبه لها:
1- العين: تمنحك واحداً من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدلّك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل مَن أمامك، ستعرف من خلال عينيه ما يفكر فيه حقيقة، فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان فإن ذلك دليل على أنه سمع منك تواً شيئاً أسعده، أما إذا ضاف بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث، وإذا ضاقت عيناه ربما يدل على أنك حدثته بشيء لا يصدقه.
2- الحواجب: إذا رفع المرء حاجباً واحداً فإن ذلك يدل على أنك قلت له شيئاً إما إنه لا يصدّقه أو يراه مستحيلاً، أما إذا رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة.
3- الأنف والأذنان: فإذا حكّ أنفه أو مرّر يديه على أذنيه ساحباً إياهما بينما يقول لك إنه يفهم ما تريده فهذا يعني أنه متحير بخصوص ما تقوله ومن المحتمل إنه لا يعلم مطلقاً ما تريد منه أن يفعله.
4- جبين الشخص: فإذا قطّب جبينه وطأطأ رأسه للأرض في عبوس فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك أو إنه لا يحب سماع ما قلته توّاً، أما إذ قطّب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك.
5- الأكتاف: فعندما يهز الشخص كتفه فهذا يعني إنه لا يبالي بما تقول.
6- الأصابع: نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يشير إلى العصبية أو عدم الصبر.
7- عندما يربت الشخص بذراعيه على صدره: فهذا يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف بالفعل منك.
هذه الإشارات السبع تعطيك فكرة عن لغة الجسد ككل وكيف يمكن استخدامها ليس فقط في إبراز قوى شخصيتك ولكن التعرف فيما يفكر الآخرون بالرغم من محاولاتهم إخفاء ذلك.
المصدر : موقع الباحثون - العدد 50 آب 2011