التحالف والتعاون بين الجمعيات الخيرية .
هو سعى منظمتين أو أكثر يعملان فى المجال الخيرى لتكوين علاقات مشتركة تكاملية وتبادلية , بهدف تعظيم الإفادة والإستفادة فى تنمية وتطوير العمل الخيرى من خلال تبادل الموارد المالية والمادية لسد عجز فى أحد المنظمتين , وكذلك من خلال الإستفادة من التشغيل الأمثل للأفراد المتطوعين والذين يمكن أن يمثلوا زيادة فى أحد المنظمات والمنظمة الأخرى فى حاجة لمثل هؤلاء الأفراد , حيث لديها برامج فاعلة وإدارة ذات كفاءة عالية فى إدارة العمل التطوعى وغيرها من فرص تعميق التعاون اوالمشاركة والعلاقات التشابكية بين المنظمات والجمعيات الخيرية .
وترجع أهمية عملية التحالف والتشارك الإستراتيجى بين المنظمات العاملة فى المجال الخيرى فى تعظيم القدرات التنافسية والعمل على بقاء وإستمرارية المنظمات الخيرية فى خدمة المجتمع المدنى وبحث السبل الفاعلة فى تنمية وتطوير أفراد المجتمع من خلال البرامج المشتركة والإستفادة فى ذلك من الطاقات البشرية والخبرات فى كل من المنظمات المتعاونة .
إن عملية التعاون هى مطلب ضرورى من مطالب الشريعة الإسلامية فى تحقيق النهضة والنجاح للأمم , من خلال التعاون على البر والتقوى فالبر هو مفهوم جامع لكافة أعمال الخير كما حددها الإسلام , لذا فإن العمل الخيرى هو أولى بتطبيق هذا المفهوم ليس فقط التعاون بين أفراد المنظمة الواحدة أو فرق العمل فى المنظمة الواحدة ولكن التعاون بين المنظمات الخيرية لمقاومة التحديات والمشاكل المرتبطة بالعمل الخيرى .
وقد أثبتت المنظمات الخيرية فى الوطن العربى كفاءتها على تحدى الصعاب والتغلب على المشاكل التى تواجه المجتمع المدنى من خلال توفير كافة الفرص لأفرادة للعيش حياة كريمة , وهى بذلك تفوقت على المنظمات الغربية التى تخدم أفراد المجتمع الغربى , لأن منظماتنا الخيرية العربية لديها هدف سامى هو السعى لرضا الحق سبحانه وتعالى من خلال تطبيق مفهوم الدين المعاملة والتراحم والآخى والتعاطف بين أفراد المجتمع المسلم, هذا ليس فقط ولكن تعداه بالمعاملة الطيبة بالسماحة الإسلامية مع غير المسلم .
كل هذه المقومات تدعو بأن يكون هناك وحدة للصف بين الجمعيات الخيرية فى الساحة العربية لمعالجة العجز أو أى تقصير يواجة أحد منظومات العمل الخيرى فالبركة ويد الله مع الجماعة .
إن عملية التحالف والتعاون تحول المنظمات المتنافسة إلى منظمات مترابطة ومتكاملة , كل من الطرفين يحاول أن يسد الثغر والعجز لدى الطرف الأخر إلى أن يصبحا نظاما واحدا متماسكا , لا تستطيع أى قوة منافسة أن تحرك من موقفة , وليس المقصود فقط بالمنافسة أن تكون من داخل المجال نفسة من منظمات أخرى تعمل فى المجال الخيرى ولكن التنافس الهدام يمكن أن يأتى من أعداء خدمة الوطن وتنميته ونهضته .
لذا الحل الأمثل فى الخروج من الأزمات التى تواجه أفراد وجماعات المجتمع المدنى هو العمل على إنشاء رابطة بين الأنظمة التى تعمل فى المجال الخيرى وتدعم خدمة المجتمع , مع أهمية أن تساند الجهات الحكومية وقطاعات الإعلام هذا الفكر وهذه القيمة , حتى نصل إلى نماذج فاعلة تنجح فى تكوين تحالفات إستراتيجية يحتذى بها فى ساحة الأعمال الخيرية .
أشكال وصور التعاون فى المنظمات الخيرية
1- التعاون بين فروع المنظمة الواحدة , حيث هناك بعض المنظمات الخيرية يكون لها العديد من الفروع متوزعة جغرافيا فى أماكن ومناطق مختلفة فى البلد الواحد , وتدار هذه الفروع من خلال نظم الإدارة اللامركزية ولكنها جميعا تشترك فى الأهداف والرسالة والرؤية الإستراتيجية , على سبيل المثال : جمعيات الرسالة للأعمال الخيرية بجمهورية مصر العربية , لها فروعها المختلفة فى المحافظات على مستوى الجمهورية أكثر من 25 فرع والمركز الرئيسى لجمعية الرسالة بمحافظة القاهرة بمنطقة المهندسين .
- مساندة الفرع الجديد :- حيث يتم التعاون بين أحد الفروع القائمة وبين الفرع الذى ينشأ حديثا ويتم تدعيمه ماديا وبشريا وإداريا حتى يشتد ساعده ويستقيم الحال بالفرع الجديد ويستطيع أن يعتمد على أعضائه الجدد وموارده الخاصه والمتطوعين من منطقة هذا الفرع الجديد.
- الإشتراك فى القوافل الخيرية :- أو يتم التعاون بين عدة فروع فى إعداد القوافل الخيرية للمناطق النائية التى لا يوجد بها قفرع للجمعية وكذا الأماكن البعيدة والتى تحتاج للمساعدات , ويشترك فى هذه القوافل المتطوعين من الفروع المختلفة للجمعية , كما تشترك الفروع فى التكاليف المادية لإعداد القافلة , وتتميز هذه القوافل بروح التعاون بين أعضاء الجمعية من الفروع المختلفة الكل إجتمع على هدف واحد وغاية واحدة , كما هى دعوة للتعارف والتآلف من جميع الأنحاء والتعرف على والإنسجام بين الأفكار والخبرات والمهارات الخاصة بالعمل الخيرى .
2- التعاون مع منظمات أخرى لا تعمل فى المجال الخيرى :- وذلك فى المجالاات التى يمكن أن تستفيد منها الجمعية الخيرية فى خدمة المجتمع , فعلى سبيل المثال :- يمكن أن تتعامل الجمعية مع أحد مراكز التدريب لتدريب العاملين والمتطوعين فى الجمعية , وكذا الإعتماد على المركز فى القيام بالأنشطة التدريبية التى تصممها الجمعية لأفراد المجتمع المدنى لتنميته وتطويره من دورات الكمبيوتر واللغات الأجنبية ودورات فى التنمية البشرية , بأجر رمزى والعائد يشترك فيه المركز والجمعية , وهكذا ؛؛ ...
3- التعاون بين منظمتين أو أكثر يعملان فى المجال الخيرى :- لهما نفس الأهداف وهذا الأمر له العديد من الصور فى كيفية تدعيم المشاركة , حيث يمكن التعاون فى إعداد القوافل الخيرية للأماكن والناطق الخيرى التى لا يصلها الدعم الخيرى بإمكانيات المنظمات المتعاونة المادية والتطوعية , وكذلك يمكن إعداد مؤتمرات ودورات بتعاون مشترك بين الجمعيات .
4- التعاون بين منظمة كبيرة ومنظمة حديثة :- المنظمة الكبيرة لها خبرة ولديها إمكانيات يمكن أن تدعم المنظات المبتدئة والحديثة بالإحتياجات المادية والبشرية حتى يشتد ساعد المنظمة الصغيرة وتصبح قادرة على العطاء بمفردها بناءا على المعلومات والخبرات التى إكتسبتها من المنظمة الكبيرة .
5- التعاون بين منظات خيرية فى دول مختلفة :- لدعم الترابط والتآلف بين الشعوب , وحيث أن هناك بعض الدول وخاصة فى الوطن العربى تعانى من مشاكل إقتصادية تسببت فى خلق البطالة والفقر والجهل , وعلى العكس هناك العديد من البلدان العربية أنعم الله عليها بفائض فى الرزق وأفراد المجتمع المدنى لديها قد وصلوا إلى حد الكفاف , لذا لزمت الحاجة السعى إلى تكوين علاقات مشتركة بين هذه الجمعيات فى كلتا النوعين من البلدان حتى يمكن الوقوف على الحل الأنسب للمشكلة .
أهم دوافع التعاون فى العمل الخيرى .
1- التعلم من خبرات النظمات الكبيرة , مع إنسجام وتبادل للأفكار والمعلومات والأراء بين المنظمات المتعاونة .
2- التقليل من حدة المنافسة بتأليف الجهود والموارد مع منافس أو أكثر .
3- الإستفادة من الموارد المالية أو البشرية أو الفنية أو جهات داعمة تتوفر لدى منظمة ولا تتوفر لدى أخرى .
4- توزيع المخاطر بين المنظمات الخيرية المتعاونة , فلا تجازف جمعية بكل مواردها وحدها فى مشروع معين .
5- الخروج من الحيز الوطنى أو الإقليمى إلى العالمية والإنتشار فى الوطن العربى والعالم ا؟لإسلامى .
لذا ينبغى على المنظمات الخيرية العمل على تدعيم عملية المشاركة والتعاون فيما بينها والتى تتطلب إعادة هيكلة للخطة الإستراتيجية القائمة وإدراج أهداف إستراتيجية بما يتناسب مع تفعيل عملية المشاركة .
وينبغى عند تطبيق وتنفيذ بروتوكولات التعاون بين المنظمات الخيرية أن تكتسب صفة الرسمية والإلزامية مع المرونة فى بعض الأحيان , حتى يلتزم كل الأطراف المشتركة بما هو متفق عليه فى عقود توضح فيها أهم البنود التى يمكن الإستفادة فيها بعملية التعاون المشترك .
كما أن هناك العديد من الإتفاقيات فى هذا المجال لم تدخل فى حيز التنفيذ العملى , ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها عدم إهتمام القائمين على العمل الخيرى بتفعيل سبل التعاون تكاسلا فى ذلك , أو يمكن بسبب عدم نجاح أحد التجارب كان يتضمنها تعاون مع جهة أخرى مما أثر بالسلب على الإستمرار فى عملية التعاون .
متطلبات التعاون الناجح فى المنظمات الخيرية .
1- أهمية تحليل البيئة الداخلية للجمعية من قوة وضعف وكذلك تحليل البيئة الخارجية من فرص وتهديدات .
2-التعرف على الجهات والمؤسسات الخيرية الأخرى التى تعمل فى ذات النشاط ودراسة وتحليل وضعها الحالى , ومقارنة وضع الجمعية بأفضل المنافسين فى المجال الخيرى .
3- دراسة وتحليل وضع المركز المالى للجهات الداعمة والمانحة للعمل الخيرى للجمعية والجمعيات والمنظمات الخيرية الأخرى .
4- دراسة وتحليل للشرائح المختلفة للجهات المستفيدة من العمل الخيرى فى الجمعية وفى الجمعيات الأخرى .
5- الإستفادة فى الدراسة والتحليل من البيانات والمعلومات المتاحة بهيئة التضامن الإجتماعى والشؤن الإجتماعية عن الجمعيات والمنظمات الخيرية وأنشطتها ومراكزها المالية ومدى توسعاتهم .
6- دراسة وتحليل لأهم الأنشطة والمجالات المتاحة والمختلفة للأعمال الخيرية لدى الجمعية والجمعيات والمنظمات الخيرية الأخرى التى يمكن الإستفادة من عملية التعاون فى تفعيلها وتطويرها .
7- دعم العلاقات الودية المتبادلة مع الجمعيات الأخرى التى تعمل فى ذات النشاط , وتفعيل عملية التواصل والتعاون المختلفة بتبادل الخدمات والمعلومات والأفكار بطريقة ودية مبدأية , وتقييم مدى نجاح هذه العمليات ومدى إنسجام الأفكار والمبادىء والأراء بشأن عملية التواصل والتعاون .
8- إختيار أفضل وأنسب الجمعيات الأخرى التى يمكن دعم التواصل والتعاون معها , والإتفاق على بعض الأنشطة التى يمكن التعاون المشترك فيها بين الجمعيتين , والإلتزام بكل ما هو متفق عليه فإذا نجحت أولى حلقات التعاون , يمكن تفعيل وتطوير تعاون مشترك فى كافة المجالات والأنشطة وفى مدة زمنية أكبر حتى تصل صورة التعاون إلى نموذج فعلى لعملية التحالف الإستراتيجى .