المقدمه


يضخ القلب الدم هذا السائل الأحمر اللزج داخل الأنابيب الحيوية إلى كل خلية من خلايا الجسم النشطة ليمدها بعناصر الحياة من أكسجين وماء وغذاء ثم ييزيل وينقل الدم من خلايا الجسم مانتج عنها من مواد ضارة أثناء عملية التنفس الخلوي واستخراج الطاقة . ماذا يحدث لوحدث المحظور وانتقصت كمية هذا السائل الحيوي سواء بسبب عام مثل الصدمة المفاجئة أو بسبب موضعي مثل انسداد أو تضيق أحد الشرايين ؟

تعالوا معنا نتعرف على الآلية الناتجة عن القصور الدموي التي غالباً ماتكون نتيجة لمرض تصلب الشرايين . ذلك المرض الذي قد يصيب أي شريان في الجسم بترسب دهني داخل طبقة البطانة التي تبطن شرايين الجسم من الداخل . هذا الترسب ومايتبعه من تقرح موضعي بجدار البطانة وتخثر لمواد الدم على السطح المتعرج ينتج عنه تضيق أو انسداد بالوعاء الدموي مع ازدياد في التصلب وسمك الجدار . إذا كان هذا الشريان هو الشريان التاجي الذي يغذي عضلة القلب أو شرايين الأطراف التي تغذي عضلات الساقين أصيب الإنسان المريض إما بالذبحة الصدرية لمعاناة عضلة القلب أو بالعرج المزمن عند ظهور أعراض القصور الشرياني بالأطراف السفلية .

آلية القصور الدموي :

عندما تنخفض كمية الدم للعضو المريض أياً كان السبب ومهما اختلف العضو المصاب – فإنه يحدث افتقار لعناصر النشاط والحركة لعضلات هذا العضو من أوكسجين وغذاء وزيادة في تراكم المواد الضارة الناتجة عن التنفس الهوائي واستخراج الطاقة ، فإذا كان المريض في ظروف عادية حيث تكون العضلات مسترخية أو قليلة النشاط قد يتمكن الدم القليل العابر خلال الشريان المريض من استيفاء احتياجات الخلايا بعضلات هذا العضو دون خلل حيث يكون الطلب أقل من العرض . أما في حالات النشاط الزائد عن المعتاد وزاد الطلب عن العرض ولم يستطع الدم إعطاء الكافي من الأكسجين والغذاء الى الدرجة التي عندها توقف العضلة عن الحركة إجبارياً وتتراكم أيضاً المواد الضارة فتبدأ عملية الأيلام والتألم . ويمتد تأثير المواد الضارة تدريجياً بالتوسع الموضعي يفعل هذه المركبات للشرايين الرئيسية والفرعية وبالتالي تزداد الحاجة إلى دماء كافية لإمتلاء هذا التوسع مؤقتاً .
يبدأ المريض في المشي لمسافة تزيد أو تنقص تبعاً لدرجة القصور الدموي في الأطراف فتطول المسافة إذا كان القصور طفيفاً وتقصر إذا كان القصور شديداً حتى يحدث الألم وتعجز العضلات فيتوقف المريض فترة زمنية تطول في قصور التروية الشديد وتقل في القصور الطفيف في هذه الأثناء يتم أثناءها امداد العضلات بما فاتها من أكسجين وغذاء ويتم إزالة المواد المتراكمة الضارة فتعاود العضلات العمل والحركة ويمشي المريض نفس المسافة الأولى ويعاوده الألم والعجز المؤقت فيتوقف لمدة زمنية مساوية للأولى حتى يعاود الحركة من جديد . على المدى البعيد تتدهور حالة الشرايين المريضة وتطول الفترة الزمنية اللازمة للراحة أثناء المشي وقد تتفاقم الحالة حتى يصبح المريض غير قادر على الحركة مطلقاً ويستمر الألم وعجز العضلات عن الحركة نتيجة لفقر الدم الشديد والتراكم العالي للمواد الضارة وقد تظهر معها تقرحات بالجلد مؤلمة وتبدأ بعض الأنسجة في الموت المتدرج فتتسع بالسواد وهو أعلى علامات الغرغرينا للأنسجة والأعضاء .

العلاج التداخلي والجراحي :

في تلك الحالات الحرجة أصبح التدخل الجراحي لازماً لإنقاذ الطرف المصاب من الغرغرينا وذلك إما بتوسيع الشريان الضيق أو تركيب توصيلة من وريد سليم إلى هذا الشريان في الجهة الطرفية للانسداد ولقد أصبح التوسيع الموضعي دون تدخل جراحي أصبح بحمد الله من الأمور الميسرة والمتوافرة اذ يمكن للأطباء أثناء أجراء عملية التصوير الشرياني بواسطة الحقن بالصبغة داخل الشريان نفسه – نفخ بالون عند موضع التضيق فيقوم البالون بتوسيع هذا الموضع مع إمكانية وضع دعامة شبكية إذا لزم الأمر لمنع إعادة التضيق مستقبلياً .
وفي جميع الأحوال تتدافع أسئلة المرضى إذا كان العلاج الجراحي حتمياً أم لا ، وما نوعية الجراحة ، ووقتها ، وتأثيرها على المدى القريب والبعيد ، وعلاقتها بالضعف الجنسي في حالات قصور الدورة لدموية المزدوج بالطرفين السفليين ، وعن أفضلية التوصيلات ( المجازات ) صناعية كانت أو طبيعية . وسنحاول أن شاء الله القاء الضوء على بعض التفصيلات للمساهمة في الإجابة على هذه الأسئلة
كما هو معروف أن التدخل الجراحي له مخاطره ومضاعفاته منها الشائع ومنها النادر ولهذا يبدأ الأطباء والجراحون في فحص عناصر الخطورة عند المريض . الخطورة على تفاقم مرض تصلب الشرايين والخطورة على حياة المريض وأجهزته الحيوية . بالنسبة لعناصر الخطورة التي تسرع من عملية تصلب الشرايين والتي قد وجدت عند مرضى في الأربعينات من عمرهم مصابون بانسداد في الشريان الأبهر الرئيسي أو الشرايين الرئيسية بالأطراف وقد كان من الشائع أن نرى هذه الحالات المتقدمة في الستينات أو السبعينات من العمر فقط . يرجع الأطباء هذا التغير إلى عوامل الخطورة التي من أهمها التدخين ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني وارتفاع نسبة الدهون بالدم بالإضافة إلى وجود تاريخ مرضي مشابه بالعائلة . وللأسف الشديد ينتشر التدخين بصورة مخيفة بين الصغار والكبار رجالاً ونساءاً بالرغم من معرفة الجميع ماللتدخين من آثار ضارة على القلب والشرايين ودوره المعروف في الإصابة بسرطان الرئة وسرطانات أخرى بالجسم كما أن المرضى الذين لايقلعون عن عادة التدخين السيئة ويتعرضون لجراحات التوصيلات الشريانية تفشل عملياتها ويقل العمر الافتراضي بدرجة ملحوظة وتنسد التوصيلات الشريانية مرة أخرى ويرتفع معدل البتر في الأطراف مقارنة بمجموعة أخرى من المرضى غير المدخنين . وغني عن التعريف مايسببه بتر الأطراف من عجز جسدي ونفسي للأفراد والمجتمع . ولهذا كان واجباًعلى المريض أن يتخذ كل السبل الطبية التي تساعد في التحكم في ضغط الدم ونسبة الدهون ومرض السكري والإقلاع عن التدخين لأنها هى من أوائل الطرق لنجاح أي تدخل جراحي لعلاج القصور الدموي . أما خطورة الجراحة ذاتها واحتمالية المضاعفات فهذه تتوقف على محورين هامين : حالة المريض الصحية ومدى تفاقم القصور الدموي بالساق المصابة . أما الأولى فتشمل أجهزة الجسم الحيوية وأهمها القلب والرئتين والكلى ولذلك فإن عمل فحوصات شاملة قبل إجراء الجراحة تعطي فكرة واضحة للوضع الصحي للوظائف الحيوية للجسم . وبيان درجة الخطورة ثم يأتي دور المناقشة المستفيضة مع المريض وأهله للموازنة بين المنفعه المأمونه من الجراحة والمخاطر الواردة منها ثم الاستقرار على أحدى الجانبين أما الجراحة أو عدمها . وعامة فإن احتمالية الوفاة من عمليات التوصيلات الشريانية الشاملة للشريان الرئيسي ( الأبهر ) بالبطن هى حوالي 5% بالنسبة للمرضى الذكور الذين يعانون من إنسداد أو تضيق شديد عند تفرع الشريان الأبهري إلى فرعين أساسين بالبطن ( الشرايين الحرقفية ) قد يصاحب ذلك ضعف في القدرة الجنسية نتيجة للقصور الدموي بشرايين الحوض وفي كثير من الحالات تتحسن هذه القدرة بدرجة ملحوظة بعد عمل توصيلة شريانية مناسبة إذا كان القصور الدموي هو السبب الوحيد لهذه الشكوى .
وتتساوى نتائج التوصيلات الصناعية مع الطبيعية عند منطقة الفخذ وتتغير لصالح التوصيلات الطبيعية دون الركبة وفي صالح التوصيلات الصناعية داخل البطن ولذلك فإنه من المعلوم أن الأطباء يفضلون التوصيلات الطبيعية إن أمكن ذلك .
إن اختيار الجراح للتوصيلة الشريانية ومكانها يتدخل بها عوامل كثيرة أهمها الأنسب للمريض ولوضعه الصحي والأقل خطورة ومضاعفاتها على المدى الطويل مع مراعاة الحصول على الفائدة المرجوة من إجراء الجراحة في وجود الإمكانات المتاحة للجراح مع المتابعة بعد الجراحة .
بعد إجراء التوصيلات الناجحة – بحمد الله – تتحسن حركة المريض وتتضاعف قدرته على الحركة والمشي عدة مرات وتلتئم أي جروح أو قروح مزمنة في الأطراف المصابة . وفي نهاية هذه الجولة السريعة لابد من أن نتذكر أهمية ضبط مستوى السكر والدهون بالدم والتحكم في ضغط الدم الشرياني مع الإقلاع النهائي عن التدخين لتفادي القصور المزمن بالشرايين والتوصيلات الجراحية لنحصل على عملية ناجحة طويلة المدي

المصدر: دكتور / حسين بن محمد ربيع أستاذ مساعد واستشاري جراحة الأوعية الدموية كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي – جامعة الملك سعود - الرياض
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1550 مشاهدة
نشرت فى 12 إبريل 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,836,451

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters