إن التخطيط بمعناه العادي سمة من سمات الحياة المعاصرة , فكل أمة تبحث عن النجاح، عليها التخطيط والعمل والمثابرة للوصول للهدف المنشود , وليس فقط في الجانب  النظري بل الجانب العملي الميداني التطبيقي وهنا فالجمع بين الفكر العلمي للمستقبل واستشرافه والتخطيط المنظم المستمر الهادف للعمل , سواء عمل فردي أم جماعي , لمؤسسة أم حكومة متلازمتان لا بد منهما.
ولا يمكن العمل والتعلم إلا َبتخطيط منظم ، حتى في أبسط الأشياء والأعمال ، ومن لا يخطط لحياته أو مستقبله لا يمكن أن ينجح في شيء ، والتخطيط الجاد لا يتم بدون إتقان العمل والاستمرارية والوصول للتكامل والتنمية الشاملة ،الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية على حدٍ سواء .
إن التخطيط التعليمي هدف رئيس ، وغاية سامية للرقي ، والاستثمار في الموارد البشرية ،والموارد الطبيعية والتقدم ,  والتركيزعلى الجانب النوعي ، هو الأهم دائما , لا الكمي فقط ،وهذا الذي أدى إلى فشل التخطيط السابق للدول لأن العالم يسير بسرعة كبيرة والمتغيرات بأنواعها كثيرة ، ومن لا يخطط ويتخذ القرار في الوقت المناسب لا يستطيع مجاراة غيره من الأمم .
إن قصور التخطيط السابق ،أعجز القادة , ومتخذي القرار عن إيجاد مدخلات لقياس الأداء في النظم التعليمية وأدى إلى فشلهم في تحقيق ما يصبون إليه فتعدد المداخل وإختلافها لم يسعف صانعي القرار عن إيجاد صياغة واحدة شاملة ناجحة للتخطيط على مر الزمن .
فقد ظهرت النماذج والنظريات والأنماط المتعاقبة في الإدارة والإدارة التعليمية ولكلٍ اسلوبه وأهدافه وحاجاته وعناصره , لكن يبقى هدف واحد وهو الوصول للغاية الأسمى للرقي والارتقاء بالعمل وعندها لايهم المكان أو الزمان بل الانتاج والكفايات والفعالية والتغيير نحو الأفضل لأن المنافسة شديدة والبقاء فقط للأقوى والذي يخطط لمستقبله جيداً ويتنبأ لغده وينوع خياراته وأهدافه وسياساته الشاملة للنجاح .
ظهور التخطيط الاستراتيجي :
      إن ما سبق التخطيط الاستراتيجي من صيغ وأنماط مختلفة ولَد دافعاً  لجهات التخطيط في كل مكان للبحث عن شيء ونمط جديد يتعمق في النظام ويظهر قيمه الجوهرية و يكون لديه القدرة  على الاستمرارية وعلى فهم القوى المحيطة في بيئة النظام ، ولا شك في أن التخطيط الاستراتيجي كان الأهم في إطار التخطيط للمستقبل.
     وكان  أول من بحث فيه هو الإداري ( شاندلر ) في كتاباته في أحد الميادين التطبيقية لعلم الإدارة وهو مجال إدارة الأعمال وقد أشار إليه بأنه " تحديد الأهداف الأساسية بعيدة المدى وتكييف الأداء وتوزيع المصادر أو الموارد لتحقيق هذه الأهداف ".
 
كما وأن (أنسوف ) وضح أن التخطيط الاستراتيجي يتضمن أربعة عناصر رئيسة هي :
• حدود الإنتاج والسوق.
• القوى المحركة للنمو.
• معدل المنافسة.
• التعاون.لقد تعثرت الجهود المبذولة لتطبيق النماذج الخطية للتخطيط التربوي في إحداث التغيرات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع وخاصة النظم التعليمية العربية , والتي تركز على التخطيط الكمي دون الفكر الاستراتيجي بتقنياته المتقدمة والتخطيطية منها وذلك لتحقيق أهداف التنمية التربوية , ووصل الفكر بالعمل , وإزالة الفجوة بين التعليم والمجتمع .تعريف التخطيط الاستراتيجييعرف مكوين التخطيط الاستراتيجي بأنه عميلة تخطيط منطقية تمتاز بتأثيراتها السيكولوجية الفعالة في التأثير على الأفراد داخل تنظيم معين ، من خلال مجموعة من الخطوات المنطقية العقلانية التي تستهدف الارتقاء بهذا النظام ، وبالتالي يهتم بالمتغيرات والعوامل الاقتصادية والسكانية والتنظيمية.الأهداف التي يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى تحقيقها
1. الأهداف التي يسعى التخطيط الاستراتيجي إلى تحقيقها حسب رأي ستينر :
2. تغيير اتجاه المنظمة التعليمية.
3. الإسراع بالنمو وتعظيم الفائدة.
4. تركيز المصادر أو الموارد على الأشياء الهامة.
5. تطوير التنسيق الداخلي بين الأنشطة.
6. تطوير عملية الاتصال.
7. تدريب الرؤساء.
8. تنحية ذوي الأداء المتدني.
9. وضع القضايا الاستراتيجية في بؤرة اهتمام الإدارة العليا.
10. خلق قاعدة بيانات دقيقة أمام المسئولين والمخططين.مشكلات التخطيط الاستراتجي
وضح كل من بين و كيه BEN & KAH  هذه المشاكل على النحو التالي:
• مشكلات تختص بالأهداف ، أي عدم وضوح الأهداف أمام القائمين على التخطيط.
• مشكلة المشاركة ، إذ أن اقتناع أفراد المنظومة التعليمية بأهمية التخطيط يعتبر أمرا هاما لإنجاحها ودعم الخطة .
• مشكلة البيانات التي تتمثل في عدم الفهم الكامل لعملية التخطيط الاستراتيجي ، وعدم الحصول على البيانات الدقيقة وعدم التمكن من تقديم وصف كامل ودقيق للمنفذين للخطط .
• مشكلة الاعتماد المتبادل ، أي أن قدرة المنظمة التعليمية على التخطيط تتوقف بدرجة كبيرة على الاعتماد المتبادل بين التنظيمات الفرعية المكونة لها .
• مشكلات تتعلق بالمصادر ، عدم توافر المصادر أو الموارد المخصصة لعملية التخطيط.
الفرق بين الكفاية والفعالية للنظم التعليمية :-
الكفاية :- يقال كفاه الشيء أي سد حاجته وغناه عن غيره , هي القدرة على تحقيق التنمية المقصودة طبقاً لمعايير محددة مسبقاً وتزداد الكفاية كلما أمكن تحقيق النتيجة كاملة , وهي القدرة على الأداء , وهي معدل التكلفة إلى المنفعة الناتجة عن تحقيق الأهداف , وهي نسبة المخرجات الفعلية للنظام إلى مدخلاته الفعلية , وهي تختص بالإجابة عن السؤال ؟ كيف نعمل ؟ وكيف ننفذ البديل بأقصر وقت وأقل جهد , وهي قياس كمية الموارد المستخدمة لإنتاج وحدة مخرجات . إذاً الكفاية هي (في المجال التعليمي ) :- قدرة النظام التعليمي على تحقيق الأهداف المنشودة منه , وتقسم إلى " كفاية داخلية , وكفاية خارجية " . 1 . الكفاءة :-  المماثلة في القوة البشرية والشرف والزواج , وهي ليست الكفاية .
2. الفعاليَة :- هي تحقيق الأهداف العملية أو الواقعية وهي درجة تحقيق المؤسسة لأهدافها , وهي درجة تناسب المخرجات الفعلية للنظام مع مخرجاته المخططة , وهي تختص بالإجابة عن السؤال : ماذا نريد أن نحقق ؟ والتعرف على البدائل العديدة لتحقيق ما نريد واختيار البديل الذي يوصل للهدف .
أنواع الكفايات:-
أولاً :- الكفاية الداخلية / هي العلاقة بين مدخلات ومخرجات النظام أي معدل المدخلات بالنسبة للمخرجات ( المدخلات هي العمليات والأنشطة الداخلية كي يحقق أهدافه ) .والكفاية الداخلية قسمان :-
 1-الكفاية الداخلية الكيفية :- هي قدرة النظام التعليمي على تحديد أهداف تربوية لمدخلاته والاستثمار الاقتصادي للموارد البشرية ودور محدد للبرامج الدراسية في رفع الكفاية للتعليم . 2- الكفاية الداخلية الكميَة :- قدرة النظام التعليمي على استيعاب المتقدمين إليه وتخريج أكبر عدد ممكن من الطلاب المقبوليين وتقليل حجم الإهدار إلى أقل مستوى دون التأثير على النوعية.ثانياً :- الكفاية الخارجية / مدى مساهمة مخرجات النظام التعليمي في الحياة العامة والتنمية في المجتمع الذي يقع فيه النظام التعليمي , ومدى انطباق كميات تلك المخرجات ومواصفاتها على متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية . وهي نوعان :-
1- الكفاية الخارجية الكيفية :- تعني قياس مخرجات النظام التعليمي من حيث مدى تحقيقها لأهداف المجتمع .
 
2-  الكفاية الخارجية الكميَة :- قدرة النظام التعليمي على تخريج الكم الذي يتناسب مع احتياجات سوق العمل الفعلية .
القسم الثاني :- التخطيط الاستراتيجي وتطبيقاته في المجال التعليمي
ينطلق من علم الإدارة التعليمية (علم اجتماعي ) ويتصف بعدم التحديد والانضباط وتتعدد التعريفات حوله .
1- في مجال الإدارة / (حسب ستينر) له (4) مرتكزات :-
أ:- مستقبلية القرارات الآلية / تحديد مواطن القوة والضعف التي ينطوي عليها المستقبل وايجاد أسس تسير عليها المؤسسات لتحاشي المخاطر .
ب:- التخطيط كعملية / عبارة عن عملية تبدأ بصياغة الأهداف فالاستراتيجيات ثم الخطط التفصيلية والاجرائية ثم التطبيق نحو الهدف ومستمرة .
ج:- التخطيط كفلسفة / يمثل اتجاه وأسلوب حياة ويركز على  الأداء والأساس للتنبؤ والدراسة للمستقبل .
د:- التخطيط كبناء / يسعى لمحاولة الربط بين (4) مكونات هي / الخطط الاستراتيجية , البرامج متوسطة المدى , الميزانيات قصيرة المدى , والخطط الإجرائية والتكامل للوصول لقرارات . 2- في الإدارة التعليمية /
1-(حسب بترسن) التخطيط الاستراتيجي :-
المستهدف منه هو تعزيز عملية التكيف والانسجام بين المؤسسة التعليمية والبيئة التي تتميز بطابع التغير , من خلال تطوير نموذج قابل للتعديل يمكن تطبيقه بغية تحقيق مستقبل المنظمة التعليمية ووضع استراتيجيات لتسهيل التكيف والانسجام . 2-   حسب كوتلر ومورفي :-
التخطيط الاستراتيجي التعليمي هو عملية لتطوير وإصلاح الملائمة أو التوافق الاستراتيجي ما بين المنظمة التعليمية وفرص السوق المتغيرة . ويستهدف تطوير أداء المنظمة لتحقيق مسيرتها.
 
3- روان جوف / عرَف التخطيط التعليمي /
 هو عملية قوامها الملاءمة بين نتائج تقييم البيئة الخارجية للمؤسسة وبين موارد البيئة الداخلية , والقدرة والسيطرة على نقاط الضعف . 4- جورج كيلر / ميز (6) مظاهر للتخطيط الاستراتيجي التعليمي هي :
1- صنع القرار الاستراتيجي يعني القدرة على بقاء المنظمة التعليمية وقادتها في حالة نشاط دائم في مواقعهم .
2-  التخطيط الاستراتيجي يرمي إلى مزيد من التطور والتقدم ,
3-  التنافسية لاستراتيجية التخطيط والتأثر بظروف السوق .
4-  لا يركز التخطيط اهتمامه على الخطط الموثقة والتحليل والتنبؤ بل على صنع القرار .
5-  تمثل عملية صنع القرار على التحليل المنطقي والاقتصادي والتعاون والمشاركة.
6- التخطيط الاستراتيجي يضع مستقبل المنظمة التعليمية فوق أي اعتبار .
أهداف التخطيط الاستراتيجي / حسب ستينر
1- تغير اتجاه المنظمة التعليمية .
2- الإسراع بالنمو وتعظيم الفائدة .
3- تركيز المصادر أو الموارد على الأشياء المهمة .
4- تطوير التنسيق الداخلي بين الأنشطة .
5- تطوير عملية الإتصال .
6- الرقابة على العمليات الجارية .
7- الإهتمام بالممارسات المستمرة .
8- تدريب الرؤساء .
9- تنحية ذوي الأداء المتدني .
10- وضع القضايا الاستراتيجية في الأولوية القصوى .
11- توليد الشعور بالأمن بين الرؤساء يكون نابعاً عن فهم أفضل للبيئة المتغيرة والتكيف معها.
12- خلق قاعدة بيانات دقيقة لترشيد المسؤولين عند صنع القرار .
13- توفير إطار مرجعي للميزانيات والخطط الاجرائية قصيرة المدى .
14- توفير تحليلات موقفية للمخاطر لبيان إمكانية المنظمة وجوانب القوة والضعف .
15- تصميم خريطة لاتجاه المنظمة وآلية تحقيق ذلك .
16- مراجعة وفحص الأنشطة الحالية للتكيف والتعديل وبعد التغيير .
17- توجيه الإنتباه إلى التغييرات البيئية بغية التكيف معها بصورة أفضل .
18- التعرف على طريقة سير المنظمة البطيئة .
مميزات التخطيط الاستراتيجي عن غيره من أنواع التخطيط الأخرى
يختلف التخطيط الاستراتيجي عن غيره من التخطيط ، وقد يعتقد البعض أن التخطيط الاستراتيجي يشبه التخطيط طويل المدى ، لكن هناك اختلاف هيكلي بينهما ، فالتخطيط طويل المدى يبدأ عادة بافتراض أن التنظيم سيظل ثابتا بصورة نسبيةالجدول التالي يوضح مقارنة بين التخطيط الاستراتيجي والتخطيط طويل المدى
  وبشكل عام يفرق زيرمان بين التخطيط الاستراتيجي والتخطيط طويل المدى كما يليالتخطيط طويل المدى يتبع في الأوضاع الراهنة للتنبؤ بالمستقبل.
التخطيط الاستراتيجي يرجع إلى الخلف كي يحدد ما تفضل المنظمة التعليمية أن تصل إليه في المستقبل ، اعتمادا على فهم البيئة الخارجية وقوى وحدود الإمكانات الداخلية.التخطيط طويل المدى يبنى على الظروف الداخلية للنظام .
التخطيط الاستراتيجي يشتمل على تلك التغيرات الحادثة في البيئة ، ولا يفترض وجود حالة ثابته للنمو.بعض نماذج التخطيط الاستراتيجي
• نموذج ستينر Steiner Model
• نموذج مكوين Mccune Model
• نموذج كامل غرابأسس التخطيط الاستراتيجي حسب مكوين
أولا : التخطيط من اجل التخطيط
 ثمة أنشطة هامة يجب القيام بها كالمسح البيئي ، أي جمع وتحليل البيانات والمشاركة والمشورة وإعلام المجتمع ، ويمكن تقسيم المسح البيئي إلى نوعين :
المسح البيئي الخارجي ويشمل
• البيئة السكانية.
• البيئة الاقتصادية.
• البيئة السياسية.
• البيئة الاجتماعية.
• البيئة التعليمية.
• البيئة التقنية.المسح البيئي الداخلي ، أي النظر العميق لنقاط القوة ونقاط الضعف والفجوات والقضايا التي تواجه الإدارة التعليمية .ثانيا : وضع الخطة الاستراتيجية
 الاستعانة بمجموعة من كبار الإداريين وأعضاء من المجتمع وأعضاء من الهيئة التعليمية من ذوي المعرفة الواسعة ومراجعة كل البيانات السابقة ، ويفضل أن يكون العدد من ( 12 – 18 فردا ) ، وهنا يتم التوصل إلى المسودة الأولى.
ثالثا : تطوير خطة التنفيذ.
رابعا : تنفيذ ومراجعة الخطة.
خامسا : تجديد الخطة. مما سبق يتبين مدى أهمية التخطيط الاستراتيجي ، ومن أهم ايجابيات هذا النوع من التخطيط :• يزود التخطيط الاستراتيجي المنظمات التعليمية بالفكر الرئيس لها لتكوين وتقييم الاهداف والخطط والسياسات  .
• يساعد إدارة التعليم على تحديد القضايا الجوهرية التي تواجهها والتي يجب الاهتمام بها.
• يساعد التخطيط الاستراتيجي على توجيه وتكامل الأنشطة الإدارية والتنفيذية.
• يسهل عملية مراقبة وتقيم الأداء الوظيفي للمنظمة التعليمية.
• يساعد القادة التربويين على صنع قرارات استراتيجية مستقبلية دقيقة وواضحة.
• يفيد التخطيط الاستراتيجي في إعداد كوادر للإدارة التعليمية العليا.
• يساعد في زيادة قددرة المنظمة على الاتصال بالمجموعات ووضوح الرؤية.
• أخيرا فإن التخطيط الاستراتيجي يعتبر احد أدوات التكنولوجيا الإدارية الحديثة ، والتي يتطلب التعامل معها إتقان مهارة التفكير العلمي والتحليل الموضوعي المنظم ، من اجل الوصول إلى قرارات رشيدة , وعلمية غير متحيزة. وإصدار أحكام عقلانية ذات رؤية مستقبيلة ثاقبة.  

المصدر: بقلم :زيد ابوزيد
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 113/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 3275 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,765,099

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters