حيث أن الجهات الخيرية مؤسسات غير ربحية أنشئت بهدف نفع ومساعدة فئات محددة من المجتمع فهي مسؤولة أمام المجتمع عن تحقيق هذا النفع ولا يتسنى تحقيق هذا الهدف دون مراجعة مستمرة لمحاورها الأساسية:
1- القوى العاملة.
2- الموارد المالية.
3- الإدارة.
وحيث أن القوى العاملة هي مدار نجاح المحاور الأخرى لذا يلزم تعهدها بالتدريب والتطوير ذلك أن انعكاسات تطوير القوى العاملة يبدو أثره واضحاً جلياً على المستفيدين من خدمات الجهة الخيرية وأبرز ما ينبغي التركيز عليه في قياس نجاح الجهة الخيرية به هو تأهيل المستفيدين ونقلهم من طور العوز والحاجة إلى طور الكفاف ثم إلى العطاء والصدقة. من ذلك يتبين أن التدريب والتأهيل ما هما إلا وجهان لعملة واحدة يمكن أن تسمى تنمية المجتمع.
أهمية التدريب :
التدريب في مفهومه الشامل هو تزويد العاملين بمهارات ترتقي بأدائهم من المستوى الممارس إلى مستوى أفضل بصورة دائمة لتحقيق الأهداف ولما كان المال يحتل عصب الجهات الخيرية أسوة بمثيلاتها من المصالح الأخرى كان لزاماً على القائمين على الجهات الخيرية والتي تكلف تلك الجهات أموالا طائلة يذهل من يحصرها ولو قدر لراصد أن يحسب تلك الأخطاء التي تعد سبباً لذلك الهدر قدر ما يوفره التدريب منها لبادر بتدريب جميع العاملين مهما كانت التكاليف. أضف إلى ذلك الساعات الطوال التي تهدر جراء إعادة الإجراءات الخاطئة بغرض تصحيحها خصوصا إذا علمنا أننا مع فئة يحتل لها الوقت عنصراً حيوياً إذ قد تكون مضاعفات إعادة إجراء معين أو استبداله سبباً في مضاعفة معاناة المستفيد. تلك الأخطاء التي ترتكب هي في الواقع مقدمات لإعادة إجراء الأعمال الأمر الذي يتطلب بذل جهود إضافية كان من المقرر أن توجه لإنجاز أعمال جديدة لمستفيدين آخرين.
تحديد الاحتياج من البرامج التدريبية
كل الفئات العاملة في الجهات الخيرية بحاجة ماسة إلى التدريب وذلك نظراً لأهميتها البالغة في تطوير وتحسين كفاءة الجهة ولكن كل فئة بحاجة إلى نوع مختلف من برامج التدريب يعينها على قيامها بدورها على أكمل وجه. فبينما تحتاج فئات الإدارة المختلفة إلى برامج تدريبيه على المهارات الإدارية المختلفة من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة وما يتفرع عن ذلك من برامج تدريبية على ضمان الجودة وحل المشكلات وإدارة الوقت والقيادة الإدارية والإبداع، نجد في المقابل أن الفئات المنفذة تحتاج إلى دورات تدريبية تخصصية في مجال عملها.
ومع أن هذا التصنيف يعد منطقياً في توزيعه إلا أنه لا يعمل به على إطلاقه إذ لا يمنع أن تدرب الفئات الدنيا على برامج إدارية والفئات العليا على برامج تخصصية ولكن ما ذكر أعلاه يعد من سبيل التغليب إذ تحتاج الفئات الإدارية إلا مالا يقل عن (10%) من مجموع البرامج التدريبية في الإدارة والتدرب على الجوانب التخصصية فيما لا يعدو عن( 20%) من مجموع البرامج التدريبية المقدمة وتنعكس النسبة في حالة العمال التنفيذيين فيدربون على ما لا يزيد عن( 20%) من الدورات المقدمة لهم في الجوانب الإدارية وما لا يقل من( 80% )من الدورات التدريبية المقدمة لهم في البرامج التخصصية ويتم تحديد نوع البرامج التدريبية بعد مراجعة دقيقه لأداء العاملين في المستويات المختلفة. وبناء عليه تحدد البرامج بدءً بالأهداف وانتهاء بالتقييم وقد يتم تحديد بعض البرامج بطلب من الموظفين أنفسهم بعد اكتشاف بعض جوانب القصور لديهم أملاً في أن يفي البرنامج التدريبي بتحسينها ولما كان الأمر معقوداً بتحسين مستوى الأداء لزم أن يكون البدء بمستويات الإدارة العليا إذا أنها هي التي ستقود إلى التغيير والتحسين والتطوير خصوصاً بأن لقرارات الإدارة العليا الأثر البالغ الذي يبلغ مداه كل جوانب العمل والعاملين في الجهة الخيرية.
الإستراتيجية الشاملة للتدريب :
كما ذكر في تعريف التدريب فإن مدار برامج التدريب يدور حول تحسين أداء الموظف ولا يعني ذلك بحال من الأحوال تدني مستوى المتدرب قبل تدريبه التدريب والتأهيل في الجهات الخيرية إنما يعني أن هناك مستوى أفضل من الأداء يطمح في الوصول إليه وحيث أنه من الطبيعي أن يوجد التفاوت في أداء العاملين، فإن التدريب وتحسين الأداء يوفر للجهة الخيرية فئة متميزة من موظفيها تستطيع الاستفادة منهم حال وقوع طارئ الأمر الذي يضمن استمرارية الجهة في خدمة الشريحة المستهدفة بخدماتها وطالما أن التطور الوظيفي هدف يسعى إليه جميع الموظفين فإن التدريب وسيلة مثالية لتوفر البيئة المناسبة لتمييز البارزين من الموظفين وإعدادهم للمناصب الأعلى سواء لإحلالهم بدلاً ممن هم أقل منهم إنتاجية أو في الوظائف الشاغرة بسبب الاستقالات أو الدوران الوظيفي.
تنفيذ الإستراتيجية الشاملة للتدريب:
تبدأ مراحل تنفيذ الإستراتيجية الشاملة للتدريب بتحديد الوظائف الرئيسة التي تعد أساساً لنجاح الجهة إذ أن في كل مستوى من مستويات الهيكل الهرمي للجهة توجد عدد من الوظائف القيادية والتنفيذية وتحدد أهميتها بمدى صلتها بالأهداف المزمع تحقيقها وبناء عليه تعطى درجة الأهمية والأولوية في برامج التدريب. يقاس الأداء الفعلي في تلك الوظائف ويقارن بمستوى الأداء المطلوب وتحديد الفجوات المهارية المسببة لعدم تطابق الأداء الفعلي مع مستوى الأداء المطلوب وبناء على تحديد تلك الفجوات المهارية تحدد البرامج التدريبية والدورات المناسبة وتعد لتفي بردم تلك الفجوات إذ أنها تركز على تزويد المتدربين بما يرفع مستوى الأداء لديهم والرقي به ثم ينظر فيما يمكن أن تخصصه الجهة من ميزانية تصرف منها على البرامج التدريبية وتوضع في الحسبان كل مصادر التكلفة ابتداء برسوم الدورات التدريبية وانتهاء بتكلفة تغيب المتدرب عن جهة عمله ويحسن تحديد مستوى الأداء المستهدف قبل بدء الدورات التدريبية من خلال معايير دقيقة وواضحة المعالم قابلة للتطبيق والقياس.
بعد ذلك تنفذ الدورات التدريبية لجميع الفئات المستهدفة حسب طبيعة كل برنامج من خلال الخطة الشاملة المقررة للمستويات المختلفة للموظفين بمنطقية في التسلسل لضمان حسن الأداء والتفاعل بين المتدربين أثناء التطبيق بعد التدريب ومن خلال المعايير المعدة سلفاً تجري عمليات المقارنة بين الأداء الفعلي بعد التدريب والأداء المستهدف المخطط له قبل التدريب وتبحث الأسباب وتوضع في الحسبان لتلافيها في الدورات اللاحقة.
معايير التدريب الناجح :
هناك عدد من المعايير يلزم مراعاتها لضمان نجاح برامج التدريب تتمثل فيما يلي:-
1- ضرورة مشاركة إدارة الجهة ويتم ذلك من خلال الجوانب العملية التالية:-
أ- افتتاح الدورات لحث المتدربين على حسن الأداء.
ب -المتابعة أثناء تنفيذ الدورات.
ج - اختتام الدورات والإجابة عن استفسارات المتدربين.
د- متابعة تنفيذ المهارات بعد التدريب ومكافأة المتميزين في الأداء.
2- ربط كل جزئيات التدريب بأهداف التدريب.
3- تدريب أكبر قدر من الموظفين.
4- قياس وتقييم النتائج.
5- التركيز على المستفيدين.
6- التركيز على التدريب الواقعي لبيئة العمل.
7- اشتراك المتدربين في الإعداد وتعميم برامج التدريب.
ميزا نية التدريب :
نظراً لأن أحد الأهداف الرئيسة للتدريب هو الترشيد المالي لذا فإنه ينبغي أن نرشد الصرف حتى في ميزانية التدريب نفسها على الرغم من قناعة كثير من المنظرين بأن ما يصرف على برامج التدريب يعد من قبيل الاستثمار طويل المدى في مجال تطوير كفاءات القوى البشرية ويلزم عدم إغفال أي محور من المالية في ميزانية التدريب والتي تشمل :
1. تكاليف الدورات.
2. تكاليف التنقل للدورات خارج المدينة.
3. تكاليف الاشتراك في الدورات المهنية.
4. تكاليف المعدات الخاصة بالتدريب.
ه. تكاليف غياب الموظف عن عمله.
تحويل التدريب :
نظراً لعدم تطبيق المتدربين للمهارات المكتسبة من برامج التدريب بصورة فعالة ودائمة فلقد ركز كثير من الباحثين اهتماماتهم بهذه الظاهرة وخلصوا إلى دراسات تشير إلى عمق المشكلة وضرورة التحرك السريع لتلافي مضاعفاتها فلقد بينت إحدى الدراسات أن المجال الصناعي في أمريكا ينفق مائة بليون دولار سنوياً على التدريب إلا أن الفائدة من تلك البرامج التدريبية لا تتجاوز( 10%) وخلصت دراسة أخرى إلى أن( 40%) من محتويات التدريب تحولت إلى بيئة العمل بعد التدريب مباشرة وأن( 24%) منها تطبق بعد ستة أشهر من التدريب و( 15%) تطبق بعد نهاية السنة.
محاور تحويل التدريب :
ولضمان تطبيق المتدربين لأكبر قدر من المهارات التي اكتسبوها أثناء التدريب يلزم مراعاة ما يلي:
1. أن يكون محتوى التدريب قابلاً للتطبيق.
2. أن يعرف المتدرب المحتوى الخاص ببرنامج التدريب.
3. أن يحفز المتدرب لتغير سلوكه في العمل حتى يطبق ما تعلمه في برنامج التدريب.
احتياطات تحويل التدريب :
هناك عدد من الاحتياطات التي يلزم أن يهتم بها المخططون لبرامج التدريب لضمان تحويل التدريب من قبل المتدرب إلى واقع عملي بصورة فعالة ودائمة ويشمل ذلك مراحل التدريب الثلاثة:
احتياطات قبل التدريب:
أ. إشراك المتدرب في تخطيط برامج التدريب.
ب. الاكتشاف الفعال للخيارات التدريبية.
ج . مشاركة المتدرب التلقائية في الأنشطة التي تسبق برامج التدريب.
احتياطات أثناء التدريب :
أ . المحاورة مع متدرب آخر.
ب. تدوين الأفكار التطبيقية.
ج. التخطيط للتطبيق.
د. توقع الارتداد.
هـ . التهيئة النفسية لمحاولة التغيير.
احتياطات بعد التدريب:
أ . الحافز النفسي للتغيير.
ب . التطبيق المباشر بعد انتهاء التدريب.
ج . تعليم الآخرين على المهارات نفسها.
د. استمرارية الاتصال مع المتدربين الآخرين.
التأهيل :
يعد التأهيل ثمرة من ثمار تدريب العاملين في الجهات الخيرية إذ أن إخراج المستفيدين من دائرة الحاجة والعوز إلى الكفاف يعد تحدياً لجهود التأهيل الذي يركز في مجمله على تهيئة القادرين على العمل والراغبين فيه من أفراد الفئات المستفيدة من الجهات الخيرية وإلحاقهم بأعمال مناسبة. لذا فإن اهتمام العاملين في الجهات الخيرية ينصب على كل من إعداد المستفيدين وتهيئة الأماكن المناسبة والوظائف الممكنة في القطاع الخاص لاستيعاب هؤلاء المؤهلين. ومن هنا نشأت فكرة مشروع سمو الأمير محمد بن فهد للتدريب والتوظيف في 22/5 /1419هـ والذي يهدف إلى:
1 . تحويل الفئات المستفيدة من مساعدات الجمعية من فئة مستهلكة إلى فئة منتجة وذلك عن طريق:
أ .توفير دورات تدريبية لأبناء الأسر التي ترعاهم الجمعية.
ب . البحث عن فرص وظيفية تتناسب وخبراتهم ومؤهلاتهم.
2. إفساح المجال في المساعدات المقدمة من الجمعية لمن لا يستطيع العمل.
3. المساهمة في توجيهات سعودة الأعمال المهنية.
الإجراءات :
1. تثقيف القادرين على العمل من المستفيدين وحثهم عليه.
2. حصر الراغبين في العمل والقادرين عليه من المستفيدين.
3. الحصول على فرص تدريبية مجانية في المعاهد والكليات.
4. توفير فرص تدريبية في المعاهد الأهلية.
5. التنسيق مع أصحاب الأعمال لتوظيف المؤهلين من المستفيدين.
6. دعم الفرص الوظيفية غير المرغوب فيها.
7. المساعدة في فتح مشاريع صغيرة.
8. صرف مساعدة إضافية على الراتب في فترة التجربة.
النتائج :
على الرغم من الفترة الزمنية المحدودة منذ أن بدأ البرنامج إضافة إلى التحديات الجمة التي تقابل المشروع فلقد تم تحقيق ما يلي:
البرنامج :
دورات سلوكيات المهنة- دورات تدريب مهنية- دورة خياطة رجال- دورة خياطة نساء- التوظيف . عدد المستفيدين منه ( 298 )مستفيد .
العوائق :
هناك عدد من العوائق ينبغي للقائمين على برنامج التأهيل استيعابها والعمل على تذليلها لجعل خطط برامج التأهيل واقعا ملموسا ومصدر هذه العوائق ثلاثة كما يلي:
أ . المستفيد :
فبالرغم من الرغبة العارمة لدى المستفيد في الاستفادة من برامج التأهيل وبدء إثبات ذاته فيما يسند إليه من أعمال إلا أن العاملين التاليين يمثلان عائقاً خصوصاً في بداية التحاقه بالعمل:
1. ضعف المستوى العلمي.
2. قلة الخبرة العملية.
ب- المجتمع:
لازال المجتمع متردداً في منح ثقته للعامل السعودي خصوصاً في الأعمال المهنية لذا فإن ذلك يمثل عائقاً قد يستغرق إثبات عكسه بعض الوقت الذي يلزم إعداد فئات من العاملين الجيدين الكفيلين بتغيير نظرة المجتمع إليهم من خلال تعاملهم الأمر الذي يضيف أعباء أخرى على القائمين على برامج التأهيل بالتركيز على جودة برامج التأهيل وتمحيص المتدربين.
ج- أصحاب الأعمال:
مهما كان اهتمام أصحاب الأعمال ودعمهم لبرامج التأهيل إلا أن مصلحة أعمالهم تحتم عليهم التدقيق في اختيار من تسند إليه أعمالهم على اختلاف مستوياتهم لذا فإن من محددات قبولهم للتوظيف ما يلي:
1. قلة الرواتب التي يعرضونها.
2. قلة الخبرة لدى المستفيدين.
3. سرعة الدوران الوظيفي للمتقدمين.