تضمن كتاب الله سبحانه تعالى بين طياته سمات القائد وقد جاء هذا الكتاب لأدلة دامغة إلي سمات القائدة الذين يصلحون لقيادة مختلف المؤسسات في الأمة الإسلامية ومنها المؤسسات التربوية، وعلي مختلف المستويات الإدارية، ليكشف الغمام عن تزاحم الآراء واختيار القادة علي مختلف مؤسساتهم ومنها المؤسسات التربوية، ومن أهم الصفات التي وردت في الكتاب و السنة ما يلي:

<!-- الإيمان بالله

التي تعد أولى وأهم الصفات في القائد المسلم، كيف لا وهو يسعى إلى تحقيق أمر الله في ممارساته الإدارية مع رعيته، وأهدافه القيادية في فترة رئاسته، والتي تتمثل في نشر الإسلام، وبث روح الإيمان، ومحاربة الظلم والطغيان، ولا يكون هذا ممن لم يعمر قلبه الإيمان.

ففي حياة ذي القرنين مثلاً قد عرضت هذه الصفة في كل محاور حياته المعروضة في الآيات، التي تكشف عن المعية الإلهية له في مناسبات مختلفة تبدأ من قوله تعالى: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾. [الكهف : 84]. فالله سبحانه قد مكن له في الأرض وآتاه من الأسباب ما جعله مؤهلاً للقيادة الربانية وأوّل هذه الأسباب – بلا شك – الإيمان، فهذه العناية ما كان ليحصل عليها لولا تميزه الإيماني.

وتبين الآيات دليلاً آخر على إيمانه، تمثل في الكشف عن نوع الفكر الذي يحمله ذو القرنين، فكر إيماني يحارب الظلم والشر ويرسخ معالم التوحيد والإيمان، ويرتقي بروحانية الأتباع إلى أسمى المراتب، فها هو يرسخ الإيمان في قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾. [الكهف : 88]، بمكافأته للمؤمن أوّلاً، وثانياً ببيان أمر عقدي غيبي وهو: أنّ الجنة جزاء المؤمن، ساعيا بذلك للسمو بإيمان الأتباع، ومحرضا لهم على ربط أهدافهم برضا الله لنيل جنته.

هذه أبرز صفة يجب على القائد المسلم أن يتحلى بها، ليشعر أنّه صادق في قيادته من خلال سعيه لتحقيق مبدأ الإيمان، وهذه الصفة سبب رئيس في تحقيق التقدم والوصول للهدف، لأنّها سبب في المعية الربانية والعناية الإلهية للقائد ورعيته.

<!-- أن يكون حراً

أي أن لا يكون القائد التربوي عبداً أو مملوكاً لغيره، لأن العبد يكون دائماً مستغرقاً في أمور سيده ولأنه ممتثل لأوامره ويسير حسب رغبته قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾. [النحل : 75]، وهو أمر هام للقائد التربوي في مؤسسته التربوية والذي يجب أن يكون سيداً لنفسه وللمواقف في جميع الشؤون الإدارية.

<!-- الأمانة

يجب أن يتصف القائد التربوي الإسلامي بالأمانة، والأمانة شأن عظيم في حياة البشرية فقد عظمها القرآن الكريم وكذلك السنة المطهرة قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾. [القصص : 26]، وقد قرنت الأمانة لعظمها بالرسالة النبوية قال تعالى: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ[الشعراء : 107]. كما أن الأمانة جعلتها القيادة بعينها لقوله صلي الله عليه وسلم: "إذا ضيعن الأمانة فانتظر الساعة". ولما سئل الرسول صلي الله عليه وسلم عن كيفية إضاعتها أجاب رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إذا أسند الأمر إلي غير أهله، فانتظر الساعة "، [البخاري 1986،ج8،ص186]. والأمانة من سمات القائد التربوي بالغة الأهمية فهو مؤتمن علي تطبيق السياسات التربوية ورعاية النشء.

<!-- سلامة الأعضاء والحواس من النقص والعطلة

لا يصح أن يكون القائد التربوي مجنوناً، أو أعمي، أو أخرس أو غير ذلك مما يؤثر فقده من الأعضاء في العمل وقيامه بما يجعل له قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾. [النحل : 76]. وقال الله تعالي: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ﴾. [فاطر : 19]. ومن هذا الباب فقد أجاز الله سبحانه تعالى لهذه الفئة من الناس القعود عن الجهاد لضعفهم وعجزهم، قال تعالى: ﴿ لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ . [النور : 61]، ومن باب الحرص علي تربية الأجيال بشكل صحيح وسليم، يجب تعيين القادة التربويين القادرين علي متابعة الأمور والذين لديهم القدرة الجسدية لذلك، إضافة إلي توفر الصفات السلوكية والعلمية الأخرى.

<!-- القوة والقدرة

ومن أبرز مؤهلات القائد التربوي أن يكون قوياً قادراً علي القيام بمهامه بحيوية ونشاط، قال تعالى مخاطباً نبيه يحيي: ﴿ يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا[مريم : 12]. قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾. [القصص : 26]، وجاء في السنة المطهرة قوله . ﷺ . لأبي ذر الغفاري: "يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة"، فلم ينقص أبو ذر العلم ولا الأمانة ولا الجراءة في الحق، بيد أنه ضعيف تركيب البنية الجسمية، وقوله  . ﷺ . أيضا "يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن علي اثنين ولا تولين مال يتيم"، فالقدرة والقوة مؤهلات ضرورية للقائد التربوي تجعلان منه قائداً فعالاً في تطبيق الأنظمة والتعليمات التربوية، وقادراً علي اتخاذ القرارات المناسبة.

<!-- العلم

إذا لا يتصور أن يصل القائد بأتباعه إلى الهدف المنشود دون أن يلم بقضايا علمية مختلفة ودون أن يكون حكيماً في قراراته وأساليبه.

وبالعودة لقصة ذي القرنين، فقد تميز ذو القرنين في هذا الجانب، فكان عالما في تخصصات مختلفة، ويظهر ذلك من خلال:

<!--قول الله سبحانه: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾. [الكهف : 84]، فمن أهم أسس التمكين العلم، فلولا العلم لما كان له هذا التمكين.

<!-- قول الله سبحانه: [فَأَتبَعَ سَبَباً]، وقوله سبحانه [ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً]، وفي هذا بيان على قدرة ذي القرنين على إتباع الأسباب الموصلة إلى شرق الأرض ومغربها، وما هذا إلا لقدرته العلمية على ذلك، مع معرفة الأسباب – العلوم – وإتباعها ليصل إلى ما يصبو إليه.

والآيات الكريمة تحدثت عن أنواع متعددة من العلوم التي كان يتقنها ذو القرنين – موجهة القادة المسلمين والمربيين إلى الاهتمام بهذه العلوم الضرورية لكل قائد – ومنها:

<!--علوم في إدارة الناس من:

<!--القدرة على معرفة أحوال الناس، والتفريق بين الصالح والطالح منهم.

<!--استخدام الأساليب المتنوعة في إصلاح الرعية وإدارة شؤونهم، كأسلوب الترغيب والتعزيز والمكافأة التي منحها للمؤمنين.

<!--التميز في مهارات الاتصال بالجماهير، والحكمة في اختيار وانتقاء الكلمات المؤثرة.

وهذا هو ما كان من ذي القرنين، في خطابه، فكان متميزاً في اختيار الكلمات والأساليب ليربطها بالواقع المعاش، حتى يصل إلى مرحلة الإقناع الكامل، وهذا ما يجب أن يربى عليه القادة من إتقان فن الاتصال بالجماهير، لأنّه من أهم سبل التغيير التربوي المنشود.

<!--العلوم العسكرية:

من تسيير الجيوش وضبطها، والعلوم التابعة لذلك كالجغرافيا مثلا، والتخطيط العسكري الفعال، والقدرة على استثمار النصر لما فيه من الخير، والقدرة على التوظيف الاجتماعي للقوة العسكرية، ويظهر كل ذلك من خلال، انتصاراته في الشرق الغرب، ومن خلال إشاعة العدل بعد تحقيق النصر، وكذلك من خلال تقديم العون لمن بين السدين من بناء الردم بينهم وبين يأجوج ومأجوج.

<!--علوم تطبيقية:

كعلم الكيمياء والهندسة، ويظهر ذلك من خلال بناء السد من اختيار المواد، ومواصفاتها، وطريقة البناء، واختيار الموقع، وكذلك من خلال معرفته بعلوم الأرض وكيفية استخراج المواد، كالحديد، منها، والاستفادة من الطاقات البشرية التي معه في هذه العلوم.

فالعلم من الصفات الأساسية للقائد الفعال، ومن خلاله يشعر القائد بالثقة بالنفس، مما يزيد من فاعليته، وأهليته في القيادة، والقدرة على اتخاذ القرار الحكيم في الوقت المناسب.

<!-- العدل

تعد إقامة العدالة بين الناس في الدين الإسلامي هي من أقدس الواجبات وأهمها لذلك علي القائد أن يحكم بالعدل، فالإسلام لا يقبل قائداً جائراً متعسفاً قال تعالى: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ۚ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾. [المائدة : 42]. وقال تعالى أيضاً: ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾. [الأعراف : 29]، وعدل القائد التربوي يشكل أساساً لعمله وقيادته وصيانة لسلوكه الإداري من التأثر بالتيارات المختلفة في المجتمع المحلي.

<!-- الشورى

تعد الشورى من أهم أسس ودعائم القيادة، ويعدها الإسلام من أصول الدين وتكون في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي قال تعالى :﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ. [آل عمران : 159]. وقال تعالى أيضا: ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾. [الشورى: 38].

وللشورى أثر فعال فيما يتعلق بترابط الزملاء وتصويب أحدهم لأخطاء الآخر وهو ما يساعد القائد على الاستفادة من نصائح ومعلومات الآخرين لتنفيذ القرارات بشكل فعال.

<!--الحزم

وهو الضبط والإتقان وهو الشدة في غير إفراط، وهو اللين في غير إفراط وأحق الناس في القيادة أقدرهم علي البر والحزم، والنهوض بالأعباء فعلي القائد التربوي أن يكون دائم الحذر والحيطة وهو يبادر الفرص قال تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. [آل عمران : 159].

<!--اللين

ويعني أن يكون لين الجانب لرعيته، وأن يخفض لها جناحه في المواقف التي تتطلب ذلك، وأن يبسط لهم كنفه ويفتح لهم أبوابه ولا يطيل الاحتجاب عنهم قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾. [آل عمران : 159]. فالقائد التربوي السليم يجب أن يكون رؤوفاً رحيماً بأتباعه المؤمنين قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾. [التوبة : 128].

<!--التواضع

وهي صفة محمودة في القادة التربويين، والمسلمون بشكل عام، وبتواضع القائد التربوي يلتف المرؤوسين حوله ويحبونه قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . [المائدة : 54]. وقال تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾. [الحجر : 88]. وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾. [لقمان : 18]. وفي تواضع القائد التربوي المسلم قدوة حسنة للمرؤوسين والمعلمين والأبناء والمجتمع بشكل عام.

 

<!-- العفو

وهي صفة محمودة إن حافظ عليها القائد التربوي توفق في إدارته وأحبه مرؤوسيه وتميز في نظر من حوله وبذلك تتطور المؤسسة التربوية وتصبح رائدة في السلوك الإنساني، وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله . ﷺ . بالعفو، قال تعالى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾. [آل عمران : 159]. وقال أيضاً آمرا رسوله محمد . ﷺ .: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾. [الأعراف : 199]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. [آل عمران134].

<!--الصدق

يعد الصدق من الصفات المهمة التي يجب قبل توافرها في القائد الجيد أن تتوافر في جميع الناس، وقد أمر الله سبحانه تعالى نبيه القائد التربوي الأول قول الحق مهما كانت النتائج قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾. [الكهف: 29]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾. [الأحزاب : 70]، فالصدق من الصفات الحميدة التي يجب أن يتعلق بها كل إنسان والقائد التربوي في موقع قيادته هو أسوة لأتباعه وهو أحق الناس في التجميل لهذه الصفة، وهو قدوة لمختلف الفئات في العملية التربوية.

<!--الصبر وعدم اليأس

يعني الصبر حبس النفس عن النواهي والمعاصي، وتدل علي قوة الإرادة التي تمكن الإنسان من ضبط نفسه لتحمل المشاق والمتاعب والآلام قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ﴾. [الأحقاف : 35]، فالصبر زمام سائر الخصال وزعيم الظفر وملاك كل فضيلة وبه ينال كل خير، قال تعالى: ﴿ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. [آل عمران186]، وقال . ﷺ .: "ما أُعطي أحد عطاءً خيراً أوسع من الصبر" [رواه الخمسة ناصف، ج5، ص51]. وهذه الصفة هامة للقائد التربوي نظرا لما ينطوي عليه العمل التربوي في مختلف المجالات من مشاق ومتاعب تتطلب العمل المتواصل وعدم اليأس.

<!--القدرة على التفويض والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة الدائمة

إن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل قدرات القائد التربوي وأفضلها وذلك بعد أن يتم تحديد الوظائف وتعريفها سواء كانت هذه الوظائف تفويضية أم تنفيذية مع الإشراف عليهم ومتابعتهم ومراقبتهم بهدف الاطمئنان علي قيامهم بما أنيط بهم من واجبات، وأن يسأل ويحاسب من قصر في عمله أو اعتدي علي حق غيره أو تجاوز ما فوض به، قال تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ﴾. [الصافات24].

<!--القدرة على التفاوض والإقناع

تؤدي عملية الإقناع دوراً هاماً في حياة القائد التربوي، وهي سمة لا بد من توافرها في القائد الكفء الجيد، واتخاذ القرارات والتقيد والرقابة والمتابعة والتقييم، وتُمارس جميعها من خلال عملية الحوار والإقناع، وقد حث الإسلام القائد أن يسلك الحكمة في الدعوة والمناظرة، والجدال بأسلوب حسن قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . [النحل: 125]، وقال تعالى مخاطباً موسي وهارون: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴾. [طه : 44].

والقائد التربوي أحوج ما يكون لهذه المهارة كونه يتعامل مع فئات المجتمع المختلفة ومستويات عمرية مختلفة مما يجعل من قدرته علي الإقناع وسيلة للتواصل مع هذه الفئات المختلفة.

<!--القدرة علي كتمان الأسرار

يقصد بذلك حفظ الأقوال من الإذاعة وستر الأفعال من الإشاعة،  فذلك أقول أسباب الظفر وأعظم مكيدة للأعداء، وعلي القائد التربوي أن يستعين علي تحقيق أهدافه بكتمان الأسرار، والسرية أفضل ما تكون فيما يخص القرارات الهامة وعليه عدم إعلان الأمر قبل أحكامه وبعد استشارة ذوي الأمانة والإخلاص، والقائد التربوي بحاجه ماسه للتعامل مع كل ما يخص المؤسسة التربوية التي يعمل بها بالسرية التامة وإن كان مؤتمناً علي أسرار العاملين معه وأسرار الفئات التربوية المختلفة وكذلك أسرار المؤسسة التربوية نفسها، مما يعطيه القدرة علي تسير الأمور بشكل مميز وبعيدا عن المخاطرة.

<!--السخاء والجود والإيثار

يمثل السخاء كرم الأفراد وجودهم على الآخرين بل وإيثار غيرهم على أنفسهم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾. [الحشر : 9]. ويعتبر القائد من الأفراد الواجب إظهارهم لمشاعر السخاء والإيثار لغيره على نفسه وبالذات لمن هم أقل حظاً في المجتمع.

 

<!--الاهتمام بالمظهر وحسن الترتيب

يجب على القائد التربوي المسلم الحرص على طهارة ثوبه ونقاءه، فالهيئة الرثة الرديئة تسقط القائد التربوي من أعين المرؤوسين، وقد أنكر الإسلام علي المتقشفين الذين يهملون زينتهم، ويروي أنه قد أخبر رسول الله . ﷺ . بقدوم وفد إليه، فطلب أصحابه التهيؤ لاستقبالهم فقال . ﷺ .: "أحسنوا لباسكم وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس"، ويلاحظ أن الحث علي المنظر الجيد والنظافة والظهور بالمظهر الحسن له درجة عالية في التوجيه الإسلامي، والقادة هم القدوة وأولي أهل الإسلام تطبيقا لهذه التوجيهات لأنهم محط أنظار الجميع، ولا بد للقائد التربوي من ترتيبات خاصة في مجلسه، ومكتبه ومقابلاته كالتجمل والوقار والصمت والضحك تبسماً، والإصغاء الحسن، ويجمل به الترفع عن بعض العادات المنبوذة مثل كثرة التمطي والتثاؤب، والضحك والانقباض الشديد الدال علي الحزن وغيرها من الصفات التي تقلل من هيبة القائد التربوي، القائد القدوة.

<!--القدوة الحسنة

لا بد للأمة من قدوة حسنة في قائدها التربوي وفي كل من يتولى المسؤولية في شتي ميادين الحياة فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، ومسئولية القائد التربوي أعظم فلابد له أن يكون قدوة حسنة لأتباعه ومرؤوسيه وطلابه، وأن يكون مراعياً للأدب والأخلاق الكريمة التي جاء بها الإسلام، وأن يشاركهم في تحمل مسؤوليتهم لأن القدوة تكون في الخلق والمعاملة وفي السلوك العملي، والقائد التربوي له مسئولية أخلاقية ومسئولية تربوية مضاعفة اتجاه المجتمع وهو أولي فئات المجتمع في أن يكون سلوكه قدوة حسنة لمن حوله. وفي ذلك قال تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾. [ الأحزاب : 21]. وقال أيضاً: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا. [الفرقان : 74].

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 21 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,013,461

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters