نموذج اتخاذ القرار التنظيمي هو إطار نظري يهدف إلى فهم وتحليل عملية اتخاذ القرارات داخل المنظمات، ويُعتبر هذا النموذج جزءًا من الأسس النظرية والنماذج السلوكية في مجال السلوك التنظيمي. يسعى النموذج إلى تفسير كيفية اتخاذ القرارات في السياق التنظيمي وكيف تتأثر هذه القرارات بالعوامل المحيطة بها.

يتألف النموذج عادةً من مجموعة من المراحل والعناصر التي يمر بها المديرون والقادة في عملية اتخاذ القرارات داخل المنظمة، وتتكون العناصر الرئيسية لنموذج اتخاذ القرار التنظيمي تشمل:

1. تحديد المشكلة:

تحديد المشكلة هو المرحلة الأولى في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، وهي تتعلق بتحديد الوضع الذي يتطلب اتخاذ قرار، في هذه المرحلة، يقوم القادة والمديرون في المنظمة بتحديد المشكلة أو الفرصة التي تحتاج إلى التدخل واتخاذ قرار بشأنها، ويمكن أن تكون هذه المشكلة متعلقة بأمور مختلفة، مثل تحسين أداء عملية معينة، التغلب على تحديات تنظيمية، استغلال فرص جديدة، أو تحقيق أهداف محددة.

تحقيق فهم دقيق للمشكلة هو خطوة حاسمة، حيث يؤدي تحديد المشكلة بشكل دقيق إلى تحديد نوع القرار المطلوب والبدائل الممكنة للتفكير فيها، هذه الخطوة تتضمن الأنشطة التالية:

<!--تحليل الوضع الحالي: يشمل تحليل الوضع الحالي للمنظمة أو الجزء المعني بالمشكلة، هذا يشمل فحص العمليات الحالية، وتحديد ما يعمل بشكل جيد وما يحتاج إلى تحسين.

<!--تحديد الأهداف والتوقعات: يتضمن تحديد الأهداف والنتائج المأمولة من عملية اتخاذ القرار، هذا يساعد في تحديد ما إذا كان هناك تباين بين الأداء الحالي والأداء المرجو.

<!--تحليل البيانات والمعلومات: قد تشمل المشكلة مجموعة من البيانات والمعلومات التي تحتاج إلى تحليلها لفهم السياق بشكل أعمق، هذا يمكن أن يشمل استخدام أدوات تحليلية مثل الإحصائيات أو النماذج التحليلية.

<!--تحديد أثر المشكلة على المنظمة: يتعين تقدير أثر المشكلة على المنظمة إذا تركت دون حل. هذا يمكن أن يشمل تقدير تكلفة الإجراءات التصحيحية المحتملة والتأثير على أداء المنظمة بشكل عام.

تحديد المشكلة يهدف إلى فهم وتحليل السياق الذي يستدعي اتخاذ القرار، يمثل هذا الخطوة الأولى والأساسية في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، حيث يساهم في توجيه تدفق باقي المراحل بشكل أكثر دقة وتوجيه.

2. جمع المعلومات:

جمع المعلومات هو المرحلة الثانية في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، وهي تتعلق بجمع وتجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالمشكلة المحددة في المرحلة الأولى، ويهدف جمع المعلومات إلى توفير الأسس اللازمة لتقييم الوضع بشكل أفضل واتخاذ قرار مستنير، تشمل هذه المرحلة الأنشطة التالية:

<!--تحديد مصادر المعلومات: يتعين تحديد مصادر المعلومات المختلفة التي يمكن الاعتماد عليها لجمع المعلومات المطلوبة، هذه المصادر قد تتضمن البيانات الداخلية للمنظمة مثل التقارير والسجلات، والبيانات الخارجية مثل التقارير الصحفية والأبحاث المنشورة.

<!--جمع المعلومات: يشمل جمع المعلومات البحث والاستقصاء للحصول على البيانات المتاحة، هذا يمكن أن يشمل إجراء مقابلات مع الأشخاص ذوي الخبرة، أو إجراء استبيانات، وجمع البيانات الكمية والنوعية.

<!--تقييم جودة المعلومات: يتطلب تحديد ما إذا كانت المعلومات المجمعة دقيقة وموثوقة، هذا يتضمن تقييم مصداقية المصادر وتحقق من دقة البيانات.

<!--تنظيم وتحليل المعلومات: بعد جمع المعلومات، يجب تنظيمها وتجميعها بطريقة تسهل عملية التحليل، هذا يشمل استخدام أدوات تحليلية مثل الإحصائيات والرسوم البيانية لفهم البيانات بشكل أفضل.

<!--توجيه المعلومات للمرحلة التالية: إن المعلومات التي تم جمعها تمثل الأساس لاتخاذ القرار، يجب أن يكون لديك فهم دقيق للمعلومات وتقييمها بشكل صحيح قبل التقدم إلى المرحلة التالية من اتخاذ القرار.

جمع المعلومات هو عملية جمع وتجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالمشكلة المحددة، هذه المرحلة تسهم في تزويدك بالمعرفة اللازمة لفهم السياق وتقييم البدائل واتخاذ قرار مستنير ومبني على أسس قوية.

3. تحليل البيانات:

تحليل البيانات هو المرحلة الثالثة في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، وتأتي بعد جمع المعلومات وتنظيمها. في هذه المرحلة، تقوم بتحليل البيانات المجمعة لاستخلاص النتائج والمعلومات المفيدة التي ستساهم في اتخاذ قرار مناسب، وتحليل البيانات يشمل الخطوات التالية:

<!--تحديد أهداف التحليل: يجب تحديد ما تريد تحقيقه من تحليل البيانات. مثلاً، هل تريد تحليل العلاقات بين متغيرات معينة أم تحديد الاتجاهات العامة أو الأنماط المختلفة في البيانات.

<!--اختيار الأساليب والأدوات: تعتمد طريقة تحليل البيانات على نوع البيانات والأهداف المحددة. قد تستخدم الإحصائيات الموجزة لوصف البيانات بشكل عام أو تستخدم تحليل الارتباط لتحديد العلاقات بين متغيرات مختلفة.

<!--تنفيذ التحليل: في هذه الخطوة، تقوم بتنفيذ الأساليب والأدوات المختارة لتحليل البيانات. قد يتضمن ذلك استخدام برامج إحصائية أو أدوات تحليلية مثل Excel أو SPSS.

<!--تفسير النتائج: بعد التحليل، تقوم بتفسير النتائج التي حصلت عليها. ماذا تعني هذه النتائج في سياق المشكلة المحددة؟ هل تدعم توجهات معينة أم تظهر نمطًا معينًا؟

<!--استخلاص الاستنتاجات: استنتاجاتك من تحليل البيانات يجب أن تكون مستمدة من النتائج وتوجهاتها. ما هي المعرفة الجديدة التي اكتسبتها من هذا التحليل؟

<!--اتخاذ القرار: بناءً على التحليل والاستنتاجات، يمكنك الآن اتخاذ القرار المناسب. هل تؤكد النتائج على اتجاه معين أم تشير إلى الحاجة إلى مزيد من البحث أو النقاش؟

يساعد تحليل البيانات في فهم البيانات بشكل أعمق وتوجيه القرارات على أسس دقيقة. يعتمد نجاح هذه المرحلة على الدقة في استخدام الأدوات والأساليب المناسبة وتفسير النتائج بشكل منطقي ومؤدب.

4. تطوير البدائل:

تطوير البدائل هو مرحلة مهمة في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، وهي تأتي بعد تحديد المشكلة وجمع المعلومات. في هذه المرحلة، يتعين عليك تطوير مجموعة من البدائل الممكنة التي يمكن أن تكون حلاً للمشكلة المحددة. تهدف هذه البدائل إلى تقديم خيارات مختلفة يمكن أن تساهم في حل المشكلة. إليك خطوات تطوير البدائل:

<!--استنباط البدائل: ابدأ بتوليد مجموعة من البدائل المحتملة التي يمكن أن تساهم في حل المشكلة، قد تتضمن هذه البدائل أفكارًا مختلفة أو أساليب متنوعة للتعامل مع الوضع.

<!--تنويع البدائل: تأكد من تنويع البدائل التي تقدمها بما يعكس تنوع الحلول الممكنة، هذا يساعد في زيادة فرص العثور على حلاً مناسبًا.

<!--تقييم البدائل: قم بتقييم كل بديل من حيث مدى قدرته على حل المشكلة وتحقيق الأهداف المحددة، استنادًا إلى المعلومات والبيانات المتاحة، قارن بين البدائل واختر البدائل الأكثر واقعية وفعالية.

<!--تحليل الفوائد والمخاطر: قيِّم الفوائد المحتملة والمخاطر لكل بديل، ما هي النتائج المتوقعة إذا تم اختيار البديل؟ وما هي المخاطر المحتملة التي قد تواجهها؟

<!--تحديد البديل المفضل: على تقييم البدائل وتحليل الفوائد والمخاطر، اختر البديل الذي يبدو الأكثر مناسبة وفقًا لمتطلبات المشكلة وأهداف القرار.

<!--تنسيق البدائل: قد تجد أنه من الممكن تنسيق بعض البدائل معًا لتحقيق نتائج أفضل، يمكن أن يتضمن ذلك دمج أفكار مختلفة أو استخدام عدة بدائل معًا للوصول إلى حلاً شاملاً.

تطوير البدائل يساهم في توسيع نطاق الاختيارات المتاحة لاتخاذ القرار ويساعد في زيادة احتمالية اتخاذ قرار مناسب وفعال. تذكر أن هدف هذه المرحلة هو توفير العديد من البدائل الممكنة التي يمكن أن تساهم في حل المشكلة بشكل مبتكر وذكي.

5. تقييم البدائل واتخاذ القرار:

تقييم البدائل واتخاذ القرار هما مرحلتان مهمتان في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي. في هذه المرحلتين، يتعين عليك تحليل البدائل المطروحة واختيار البديل الأنسب والأكثر توافقًا مع أهداف المنظمة والمشكلة المحددة. ويمكن شرح كل مرحلة كما يلي:

<!--تقييم البدائل:

<!--تحليل المعطيات: قم بتحليل كل بديل من حيث الفوائد والمخاطر والعواقب المحتملة، استند إلى المعلومات والبيانات المتاحة لتقييم كل بديل بدقة.

<!--مقارنة البدائل: قارن بين البدائل المختلفة باستناد إلى معايير محددة، انظر إلى مدى توافق كل بديل مع أهداف المنظمة ومتطلبات حل المشكلة.

<!--تحليل الفوائد والمخاطر: قيِّم الفوائد المتوقعة من تنفيذ كل بديل، بالإضافة إلى المخاطر والتحديات الممكنة، هل سيساهم البديل في تحقيق نتائج إيجابية؟ وما هي المخاطر التي يمكن أن تواجهها المنظمة؟

<!--احتمالية النجاح: حاول تقدير احتمالية نجاح كل بديل بناءً على المعلومات المتاحة، هل لديه فرصة جيدة لتحقيق النجاح؟

<!--اتخاذ القرار:

<!--اختيار البديل: بناءً على تقييم البدائل، اختر البديل الذي يبدو الأكثر ملائمة وفقًا لمتطلبات المشكلة وأهداف المنظمة.

<!--توفيق القرار مع الموارد: انظر إلى الموارد المتاحة مثل الميزانية والوقت والقوى العاملة، وتأكد من أن القرار يتناسب مع هذه الموارد.

<!--تخطيط التنفيذ: وضع خطوات تنفيذ القرار وتحديد المسؤوليات والجداول الزمنية المحددة.

<!--التواصل والتنفيذ: تواصل القرار للفرق والأفراد المعنيين وبدء تنفيذه.

<!--متابعة النتائج: بعد تنفيذ القرار، يتم متابعة النتائج وتقييم ما إذا كان قد تم تحقيق الأهداف المرجوة وما إذا كان هناك ضرورة لإجراء تعديلات.

الهدف من تقييم البدائل واتخاذ القرار هو ضمان اتخاذ قرار مستنير ومبني على معلومات دقيقة وتحليل دقيق. يساعد هذا النموذج في تجنب اتخاذ قرارات عشوائية ويعزز من فرص تحقيق النجاح في حل المشكلة التنظيمية.

6. تنفيذ القرار ومراقبة وتقييم:

تنفيذ القرار ومراقبته وتقييمه هما المرحلتان الأخيرتان في نموذج اتخاذ القرار التنظيمي، في هذه المرحلتين، يتم تنفيذ القرار الذي تم اتخاذه ومراقبة تقدم التنفيذ وتقييم النتائج. ويمكن شرح كل مرحلة كما يلي:

<!--تنفيذ القرار ويشمل:

<!--تحويل القرار إلى إجراءات ملموسة: بناءً على القرار المتخذ، قم بتحويله إلى خطوات وإجراءات عملية وملموسة، قم بتحديد المهام اللازمة لتنفيذ القرار وتحديد الموارد المطلوبة.

<!--تحديد المسؤوليات: حدد من هم المسؤولون عن تنفيذ كل مهمة وخطوة.

<!--التخطيط الزمني: قدر المدة المتوقعة لتنفيذ كل مهمة ووضع جداول زمنية واضحة لتحقيق القرار.

<!--مراقبة وتقييم ويشمل:

<!--رصد التقدم: قم بمراقبة تقدم تنفيذ القرار ومدى التزام الأفراد بالجداول الزمنية والمهام المحددة.

<!--جمع المعلومات: اجمع معلومات حول تنفيذ القرار ومدى تحقيق الأهداف المحددة، يمكن ذلك من خلال التقارير والاجتماعات ومراجعات الأداء.

<!--تقييم النتائج: قيّم النتائج المحققة مقارنةً بالأهداف المرجوة، هل تم تحقيق النتائج المتوقعة؟ وما هي الإيجابيات والسلبيات في تنفيذ القرار؟

<!--إجراء التعديلات: إذا لزم الأمر، قم بإجراء التعديلات اللازمة على الخطط والإجراءات لتحسين أداء التنفيذ.

<!--التواصل: تواصل مع الفرق والأفراد المعنيين للحصول على تعليقاتهم وملاحظاتهم حول عملية التنفيذ.

تبدأ مراحل النموذج من تحديد المشكلة وجمع المعلومات، ومن ثم التحليل وتطوير البدائل الممكنة. بعد ذلك، يأتي دور تقييم البدائل واتخاذ القرار، ثم يليه تنفيذ القرار ومراقبته. يكمن الهدف الرئيسي في هذا النموذج في تحقيق أقصى قدر من الفعالية والكفاءة في اتخاذ القرارات وتحقيق أهداف المنظمة بأقل قدر من المخاطر، كما أن تطبيق هذا النموذج يعزز من تركيز المنظمة على جمع المعلومات اللازمة، وفحص البدائل المتاحة بعناية، وتقييم تأثيرات القرارات المحتملة، وتحقيق تنفيذ ناجح للقرارات المتخذة. بالتالي، يسهم هذا النموذج في تعزيز القدرة التنافسية للمنظمة وتحسين أدائها على المدى الطويل، مما يجعلها أكثر تكيفاً مع التغييرات والتحديات في البيئة التنظيمية.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 22 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,911,733

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters