في عالم يتسارع فيه التغير وتتقاطع فيه حدود الأسواق، يصبح التسويق الدولي ركيزة حاسمة لنجاح الشركات واستمراريتها، يفتتح هذا الفصل أبواب فهم التسويق الدولي، ويسلط الضوء على الأساسيات التي يجب على المسوقين أن يكونوا على دراية بها للنجاح في ساحة الأعمال العالمية.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تحولات جذرية في طريقة التفكير حول التسويق، حيث أصبحت الشركات تتجه نحو توسيع نطاق أعمالها إلى خارج حدودها الوطنية، كما يرتبط نجاح العديد من الشركات بفهمها العميق للتحديات والفرص التي تقدمها الأسواق الدولية، ولذلك يعتبر التسويق الدولي جسراً استراتيجياً للتواصل مع عملاء جدد، وفتح آفاق جديدة للابتكار والنمو.
تعرف البيئة التسويقية بأنها "العناصر والقوى التي تقع داخل أو خارج المنظمة، ولها تأثير على ضمان قدرتها في المنافسة، وعلى رسم وتنفيذ سياساتها واستراتيجياتها التسويقية"؛
وتعرف البيئة التسويقية كذلك بأنها " مجموعة من القيود التي تحدد سلوك المنظمة، والتي بدورها تقوم بتحديد طرق التصرف اللازمة لنجاحها وبقائها"؛
وعرفها الاقتصادي كوتلر في كتابه التسويق على أنها "مجموعة القوى والمتغيرات الخارجية التي تؤثر على كفاءة الإرادة التسويقية، وتستوجب القيام بالأنشطة والفعاليات لإشباع حاجات ورغبات المستهلكين"؛
وفي هذا السياق، تلعب العوامل الاقتصادية دورًا كبيرًا، حيث يؤثر التضخم ومعدلات الفائدة والدخل القومي على القدرة الشرائية للعملاء. كما تشمل البيئة التسويقية العوامل الاجتماعية والثقافية، حيث يجب على المسوقين فهم توجهات المجتمع والقيم والعادات لتشكيل رسائل التسويق بشكل فعال. ومن ناحية أخرى، تلعب العوامل السياسية والقانونية دورًا في تحديد إطار العمل التسويقي، حيث يجب على الشركات الامتثال للتشريعات واللوائح المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الابتكارات التكنولوجية دورًا حاسمًا في تشكيل البيئة التسويقية، حيث يتوجب على الشركات استخدام التكنولوجيا لتحسين عملياتها والتفاعل مع اتجاهات السوق.
لذا أن البيئة التسويقية بوجه عام تمثل السياق الذي تتعامل فيه الشركات والمنظمات مع عمليات التسويق وتطوير استراتيجياتها ويعد فهم هذه البيئة أمرًا حيويًا لضمان نجاح الجهود التسويقية والتكيف مع التحولات والتغيرات في السوق كما تتأثر البيئة التسويقية بعدة عوامل متداخلة تؤثر على سلوك المستهلكين والأسواق بشكل عام.
ويرى الكاتب أن البيئة التسويقية الدولية هي السياق الذي يتفاعل فيه المسوقون الدوليون مع مجموعة من العوامل المعقدة، تشمل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. يتطلب فهم هذه البيئة التسويقية التكيف مع تغيرات التضخم وسياسات العملة والتفاعل مع اختلافات الثقافات والتقاليد والتأقلم مع التشريعات والقوانين المحلية والتحديات التكنولوجية في الأسواق العالمية.
يمكن التمييز بين ستة خصائص للبيئة التسويقية الأكثر شيوعا، والتي يجب على المنظمة أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار استراتيجي أو تكتيكي، وتتمثل هذه الخصائص في:
<!--التعقيد: من مميزات البيئة التسويقية أنها مركبة ومتداخلة، بحيث يصعب الفصل بين الأجزاء المكونة لها، فمنها ما هو مؤثر مباشر كالبيئة التنافسية، أو غير مباشر كالبيئة، والمؤشرات المتعلقة بالمتغيرات الوطنية والدولية، وهذا التداخل يحدث على مستوى من التأثيرات قد تكون متزامنة مثل زيادة الضرائب وعلاقتها بهيكل التكلفة، وزيادة حد الصراع التنافسي، أو قد تكون كتوجيهات الحكومة نحو الإصلاح الضريبي؛
<!--عدم التأكد: يمكن اعتبار خاصية عدم التأكد من المتغيرات الرئيسية التي اهتم بها الباحثون، فقد تعددت المعلومات عن العوامل والمتغيرات البيئية المحتملة في ظروف العرض والطلب أو كليهما، وهو ما يزيد من احتمالية أخطار الفشل والتكاليف المصاحبة للمؤسسات التي تعمل في البيئة المعقدة أو الديناميكية.
<!--العدائية: من صفات البيئة التسويقية العدائية قلة الموارد، وعدم قبول العملاء لمخرجات المؤسسة، حيث تشتد المنافسة بين المشتغلين في هذه الصناعة على عكس البيئة الهادئة حيث تكون البيئة غنية بالموارد ويسهل الحصول عليها كما تقل المنافسة بين أطراف الصناعة.
<!--الاعتمادية: وتشير إلى إشراك المؤسسات في الموارد النادرة، يترتب عنه علاقة الاعتماد المتبادل، ويعتمد كأساس للتمييز بين المؤسسات الفعالة من منظور تحصيل الموارد النادرة واستغلالها والمحافظة على الاستقلالية أو محاولة المؤسسة تجنب تبعيتها للآخرين.
<!--التنوع: يشير تنوع العوامل البيئية إلى وجود تفضيلات ومطالب متمايزة لكثير من العملاء.