تعتبر التجارة الدولية من أقدم اهتمامات كل من الفلسفة الاقتصادية و التطبيق الاقتصادي ، لأن الجذور الأولى لتفسير أسباب قيام التجارة بين الدول تقود إلى ما يعرف بالمشكلة الاقتصادية التي تتمثل في الندرة النسبية للموارد الاقتصادية بالنسبة للحاجات و الرغبات الإنسانية غير المحدودة، ولهذا ظهرت التجارة الدولية في محاولة منها لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي و أنماطه و معدلاته .

وللإجابة على أسئلة تفرض نفسها منها: ما هي أسباب قيام التبادل الدولي؟ كيف تختار الدول السلع التي تتخصص في إنتاجها؟ و لماذا تنتج هذه الدولة سلعة معينة وتلك سلعة أخرى؟ أي بلدان يختار أن يتاجر معها ؟ …… إلى غيرها من الأسئلة للإجابة عليها.

إن الجذور الأولى التي تفسر أسباب قيام التجارة الدولية تقود إلى أصل ما يعرف بالمشكلة الاقتصادية التي تتلخص بمحدودية الموارد الاقتصادية و ندرتها النسبية من جهة وبالاستخدامات اللانهائية لهذه الموارد بفرض إشباع الحاجات الإنسانية اللامتنامية بصورة لامحدودة ، لذلك انتهج الإنسان أسلوب إنتاج ما يمكن إنتاجه من السلع و الخدمات بأقل قدر ممكن من التكاليف .

وبالطبع فمشكلة الندرة النسبية التي نتحدث عنها في ظل انقسام العالم إلى دول متعددة تعاني منها جميع هذه الدول وإن كان بدرجات متفاوتة و من هنا كان لابد من ظهور النزوع المتنامي إلى التخصص في الإنتاج وذلك في ظل معرفة الميزة النسبية لكل بلــد من البلدان.

إن المدقق في حقيقة كون المشكلة الاقتصادية تتمثل أساسا في ندرة وسائل الإشباع بالنسبة للحاجات الإنسانية، وعلاقة المشكلة التسويقية بها و التي تتمحور حول كيفية إنتاج السلع و الخدمات التي تطابق حاجات ورغبات المستهلك ، يجعلنا - من وجهة نظر تسويقية – أن تحلل أسباب قيام التبادل الدولي بدلالة عاملين هامين همــــا:

<!--حاجات ورغبات المستهلك .

<!--إنتاج سلع وخدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات .

<!--أعلى النموذج

فبالإضافة إلى عوامل عديدة مؤثرة في قيام وتشكيل هيكل التخصص الدولي، فإن العاملين السابقين لهما تأثير كبير في محيط العلاقات الاقتصادية الدولية، بل ويتوقف عليها إلى حد كبير درجة النمو في محيط هذه العلاقـات .إن تعدد واختلاف الحاجات والرغبات بين الدول، وصعوبة إنتاج سلع و خدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات المتعددة والمختلفة، تضع أساسا ديناميكيا لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي محور هذه الحاجات والرغبات، والسلع والخدمات المطابقة لـــها .

فمثلا تغير الأذواق يغير أنماط الاستهلاك وبالتالي تغيير اتجاهات التجارة الدولية وكذلك الأمر بالنسبة لتغير فنون الإنتاج ( المتعلقة بعملية إنتاج السلع المطابقة للحاجات والرغبات) وانتشاره بين الدول يؤدي إلى تغيير نمط التجارة الدوليـــة .

وكما هو معلوم فإن الدول مثل الأفراد لا تستطيع أن تنتج جميع ما تحتاج إليه من سلع وخدمات ، فلكل دولة حاجات ورغبات متعددة تسعى لإشباعها، فالحاجات و الرغبات –إذن- هي التي تدفع كل دولة إلى إشباعها إما بطريقة مباشرة بإنتاج السلع والخدمات ذاتيا وداخليا أو بطريقة غير مباشرة باللجوء إلى دولة أو دول أخرى قصد الحصول على هذه السلع والخدمات منها لإشباع حاجاتها ورغباتها وعليه فعدم قدرة الدولة على إشباع حاجات ورغبات المستهلكين بها، هي الدافعة إلى الاستيراد. وقدرتها على إشباع حاجات ورغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تقدر دولتهم أو دولهم على إشباعها، هي الدافعة إلى التصدير، وينبني على ذلك أن الدولة تتخصص في إنتاج السلع والخدمات التي تلبي حاجات ورغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تستطيع دولتهم أن تلبيها لهم، ومن أجل هذا فإن الطلب الأجنبي على السلع والخدمات المنتجة من الدولة هو الذي يجعلها تتخصص في إنتاج هذه السلع و الخدمات لتصديرها .

و لهذا ظهرت عدة نظريات للتجارة الدولية "كنظرية الميزة المطلقة" "لآدم سميث" التي تؤكد على مزايا التخصص بين الأفراد والصنائع على ميزة المنافسة الحرة داخل القطر، وعلى ذلك يقوم مبدأ الميزة المطلقة على أنه إذا كانت في استطاعة دولة ما أن تنتج من سلعة معينة أو أكثر من غيرها بنفس الكمية من قيمة العمل، فإنها تكون متمتعة بميزة مطلقة في إنتاج السلعة .كما اشتهرت كذلك "نظرية الميزة النسبية" "لدافيد ريكاردو" الذي يوافق "آدم سميث" على أن قاعدة الميزة المطلقة تعطي ميزة مطلقة لجزء من الدولة بالنسبة للأجزاء الأخرى من نفس الدولة فيما يخص إنتاج سلعة معينة، و لكنه يحدد تلك القاعدة بالنسبة للتجارة الداخلية في نفس الدولة، أما التجارة الخارجية فإن قاعدة الميزة المطلقة لا تسري ولا تفسر قيام التجارة بين الدول المختلفة (خاصة بالنسبة للدولة التي لا تتمتع بالميزة المطلقة)  .

كما أن هذه النظرية تظهر لنا الدوافع إلى إقامة علاقات تجارية بين الدول استنادا إلى اختلاف التكاليف النسبية دون محاولة البحث عن أسباب هذا الاختلاف كما أنها لا تبين بوضوح أثر التجارة الخارجية على أسعار عناصر الإنتاج ولهذا ظهرت نظريات لتشير إلى هذا النقص كنظرية " نسب عناصر الإنتاج " للاقتصادي ( أولين ) الذي يرجع إليه الفضل في صياغتهـــا .

حيث يرى أن كل دولة سوف تصدر السلعة التي تستخدم في إنتاجها قدر كبير من عامل إنتاج وفير و رخيص نسبيا، و تستورد السلعة التي لا تمتلك عامل إنتاجها بسبب ندرته وكلفته المرتفعة نسبيا وكنتيجة سوف تزيل أو تخفض التجارة الفرق المطلق لما قبل التجارة في سعر العوامل الإنتاجية المتجانسة بين الدول.

أما الذي يعاب على هذه النظرية هو استخدامها للتحليل السكوني ( الاستاتيكي ) الذي يقارن بين وضع التوازن في الاقتصاد القومي قبل قيام التجارة ووضع التوازن بعد قيام التجارة بدون أي اعتبار لفترة و كيفية الانتقال من توازني إلى آخر أي بدون استخدام التحليل الحركي ( الديناميكي)  .

وعلى هذا الأساس ظهرت نظريات أخرى قدمت تفسيرا للتجارة الدولية على أساس الطلب كتلك التي قدمها " ليندر " مستخدما تحليلا ديناميكيا للتجارة الدوليـة حيث يرى أن و جود طلب محلي على السلع

(سواء لأغراض الاستهلاك أو لأغراض الاستثمار) يعتب شرطا ضروريا و ليس كافيا لتكون هذه السلع صادرات محتملة كما يدعم " ليندر" مبدؤه الأساسي حول وجود الطلب المحلي وهو وجود فكرة أساسية واحدة وهي أن الدراية بظروف السوق المحلية تكون أكبر من الدراية بظروف السوق الخارجية.

هذه أهم نظريات التجارة الدولية التي أثرت على الفكر الاقتصادي علما بأن هناك نظريات أخرى تكميلية لم يتم التطرف إليها، وعلى الرغم من التفسيرات المختلفة لكل النظريات للعوامل والأسس التي تحكم التجارة الدولية ، إلا أنها ليست هناك نظرية مطلقة يمكن أن تعمم نتائجها وتطبيقاتها على جميع السلع في الأوقـات .

 التسويق الدولي والتمويل الدولي:

بالنسبة للتمويل الدولي، فهو يتكامل مع التسويق الدولي من عدة نواحي أهمها، أنه يقدم المعايير التي تستخدم في تقييم بدائل الاستراتيجيات الدخول للسوق الخارجي، و بالطبع سيكون معدل العائد المتوقع من كل بديل هو أساس اختيار البديل المناسب، ولا شك أن القوة الشرائية للدولة المستوردة هو أحد العوامل التي يؤخذ في الاعتبار عند تقييم هذه البدائل، حيث تمثل نظم النقد الأجنبي و ما ينتج عنها من تحويل أسعار عملة الدولة بعملات الدول الأخرى، أحد البنود المحددة للتكلفة الكلية التي ستتحملها الشركة، و كذلك لمستوى العائد المتوقع و درجة الخطر لكل بديل، و على أساسها، تحدد الشركة مدى دخول السوق الخارجية، و ما هو البديل المناسب لعرض منتجاتها في تلك السوق.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 234 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2024 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,878,645

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters