لا يمكن أن تظل مبادئ وأساسيات التسويق الدولي ثابتة طول الوقت بل إنها تعرضت للكثير من التطورات حتى وصل التسويق الدولي للشكل الذي نراه الآن ومع ذلك فإن التغيير مازال مستمرًا. ومن أهم مراحل تطور التسويق الدولي كالتالي:

1- المرحلة الأولى:

في البداية كان هناك اندفاع تجاه تقليل المبالغ الخاصة بالرسوم الجمركية عن طريق بعض الحكومات من أجل تسهيل عمليات نفاذ السلع والمنتجات إلى الأسواق الخارجية ويمكن تناول هذه المرحلة كما يلي:

<!--إعادة بناء الاقتصادات المتضررة:

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت العديد من الدول تعاني من دمار اقتصادي كبير نتيجة للحروب والدمار البنية التحتية والاقتصادية. كان هناك حاجة ملحة إلى إعادة بناء هذه الاقتصادات وإعادة تشغيل الأنشطة الاقتصادية. تضمنت هذه الجهود إعادة بناء المصانع، تحسين البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار لتعزيز النمو الاقتصادي.

<!--تحرير التجارة وتقليل الرسوم الجمركية:

في ظل الحاجة إلى إحياء الاقتصادات وتعزيز التبادل التجاري، اتجهت الدول نحو تحرير التجارة وتقليل الرسوم الجمركية. كانت الرسوم الجمركية العالية تعتبر عائقًا لحركة السلع والخدمات عبر الحدود، ولذلك تم التركيز على تقليل هذه الحواجز لتيسير عمليات التبادل وتحفيز النمو الاقتصادي. تحقيق هذه النقطة تضمنت:

<!--اتفاقية الجات (GATT): تأسست في عام 1947 كاتفاقية لتحرير التجارة وتقديم إطار للمفاوضات التجارية بين الدول. كانت الهدف منها تعزيز حرية التجارة وتقليل الرسوم الجمركية.

<!--تحديث البنية التنظيمية: بعض الدول أدركت أهمية تحسين هياكلها التنظيمية لتشجيع التجارة الدولية، مما أدى إلى تأسيس هيئات تجارية وتنظيمات دولية.

تلك الجهود كانت جزءًا من جهود أوسع لإنشاء نظام اقتصادي عالمي يعتمد على التعاون وحرية التجارة بين الدول. هذه الجهود جميعها كانت تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي وتعزيز التعاون الدولي بعد فترة الحروب العالمية، وكانت خطوات مهمة نحو تكوين أسس التسويق الدولي الحديث.

وقد كانت هذه المرحلة بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة ولكنها امتدت حتى منتصف الستينات من القرن الفائت.

2- المرحلة الثانية:

وتتضمن الاتجاهات التي ظهرت بعد فترة إعادة بناء الاقتصادات المتضررة من الحرب العالمية الثانية وقد هدفت هذه المرحلة إلى:

<!--تقليل الرسوم والضرائب وتكاليف التأمين والنقل:

في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت الحاجة ملحة لتحفيز النشاط الاقتصادي الدولي وتعزيز التبادل التجاري بين الدول كأحد السبل التي تم اتخاذها لتحقيق ذلك هو تقليل الرسوم والضرائب على السلع والخدمات المتداولة عبر الحدود. ويعتبر ذلك خطوة حيوية نحو تشجيع الشركات على التوسع الدولي وزيادة حركة التجارة.

ولتحقيق هذا الهدف تطلب التركيز على الاتفاقيات التجارية الدولية وتحديد المجالات التي يمكن فيها تقليل الرسوم والضرائب. بالإضافة إلى ذلك، اتُخِذَتْ خطوات لتبسيط الإجراءات الجمركية وتقليل التكاليف المرتبطة بالتأمين والنقل، مما سهل عمليات الشحن وجعلها أقل تكلفة وأكثر فاعلية.

 

<!--معالجة الاختلاف في الثقافات:

في هذه الفترة، ظهر اتجاه نحو تعزيز التفاهم الثقافي وتسهيل انتقال البضائع والخدمات بحرية عبر الحدود وقد كان ذلك بمثابة رد فعل على اختلافات اللغة والعادات والقيم بين الثقافات المختلفة. ولضمان حركة سلسة للسلع والخدمات، تم التركيز على إزالة الحواجز التي تعترض حركة السلع والأيدي العاملة ورأس المال.

ولتحقيق هذا الهدف تطلب تبسيط القوانين والإجراءات المتعلقة بالتجارة الدولية، وكذلك توفير مزيد من الحرية في حركة الأفراد ورأس المال عبر الحدود. وتم التأكيد على أهمية التواصل الثقافي وتعزيز الفهم المتبادل بين الأمم.

<!--تطوير البنية التحتية والتكنولوجيا:

وقد كان تحسين البنية التحتية واعتماد التكنولوجيا دوراً محورياً في تيسير التجارة الدولية لذلك تم التركيز على تحديث وتحسين البنية التحتية اللوجستية، مثل تطوير الطرق والموانئ ووسائل النقل. كما استُغلت التكنولوجيا لتسهيل الاتصالات وتحليل البيانات، مما ساهم في تحسين كفاءة العمليات التسويقية الدولية. هذا الاتجاه يعكس الحاجة إلى تيسير حركة السلع والخدمات بشكل فعّال، مع توفير بنية تحتية قوية وتكنولوجيا متقدمة لدعم هذا التطور.

3- المرحلة الثالثة:

تُعبر هذه المرحلة عن مرحلة "التحول إلى العولمة" أو "التفاعل الاقتصادي العالمي"، حيث تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية تطورات هامة نحو التكامل العالمي. في هذه المرحلة، تتسم الشركات بالتوسع الدولي والتعاون مع شركات من جميع أنحاء العالم، وتتجاوز العوائق الجغرافية والثقافية لتحقيق التفاعل الاقتصادي العالمي ومن أهم مميزات هذه المرحلة:

<!--ظهور أنشطة جديدة ومشاريع مشتركة:

لم يمض الكثير من الوقت حتى بدأت أنماط جديدة من الأنشطة التجارية تظهر، وكانت من بينها إقامة مشاريع مشتركة هذا الاتجاه الجديد ساهم في تطوير حجم الأعمال المتجهة للتجارة الخارجية والتسويق الدولي. على سبيل المثال، بدأت الشركات في تكوين شراكات مع شركات أخرى من مختلف الدول لتحقيق فوائد متبادلة. 

<!--ترسيخ مبدأ تبادل السلع:

ظهرت فكرة ترسيخ مبدأ تبادل السلع بشكل أوسع عبر الحدود وتحفيز عمليات التبادل وتبسيطها أصبح أمرًا حيويًا للشركات التي تسعى لتحقيق نجاح دولي هذا شمل تحسين عمليات اللوجستيات وتسهيل حركة البضائع عبر الحدود بشكل أكثر كفاءة.

<!--انتشار مفهوم عقود الامتياز والترخيص:

شهد العالم انتشار مفهوم عقود الامتياز والترخيص على نطاق واسع. حيث بدأت الشركات في منح رخص للشركات الأخرى لاستخدام العلامة التجارية أو التكنولوجيا أو المعرفة الفنية بمقابل مالي هذا المفهوم ساعد في نقل التكنولوجيا والمعرفة الفنية بين الدول وتحفيز الابتكار والتطوير.

<!--إنشاء المؤسسات متعددة الجنسيات:

تم بناء هياكل تنظيمية جديدة بمؤسسات متعددة الجنسيات، والتي تكون لها وجود في العديد من الدول حول العالم هذه المؤسسات تمثل نموذجًا للتعاون الدولي والإدارة الفعّالة للأنشطة عبر الحدود وقد حققت هذه المؤسسات القدرة على التحكم في نشاطها الدولي متعدد الإمكانيات الاقتصادية والثقافية.

<!--تطور التسويق الدولي:

بفعل هذا التطور، أصبح التسويق الدولي يتمتع بميزات تجعله يتفوق على التسويق المحلي. وتضمن هذه الميزات القدرة على الوصول إلى مجموعة واسعة من الأسواق الدولية، وتحقيق الفوائد من التكامل الاقتصادي والثقافي، بالإضافة إلى إمكانية إدارة النشاط الدولي بشكل فعّال.

4- المرحلة الرابعة:

ظهور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (المرحلة اللاحقة للعولمة): في المرحلة اللاحقة للعولمة، شهدنا ظهور مؤسسات صغيرة ومتوسطة (المشددة أحيانًا بمصطلح SMB) كلاعبين رئيسيين في الساحة الاقتصادية العالمية. حيث قامت هذه المؤسسات بالتأقلم السريع مع تغيرات السوق العالمية واستغلال فرص العولمة، وكانت قادرة على تحقيق الابتكار والنجاح في اختراق أسواق جديدة بفضل مرونتها والتكيف الفعّال مع متطلبات السوق الدولية وتتضمن هذه المرحلة:

أعلى النموذج

<!--الظهور الأوائل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة:

بعد التطورات التي شهدتها فترة التحول إلى العولمة، بدأت مجموعة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الظهور في بعض الدول المتقدمة. كانت هذه المؤسسات تمثل نموذجًا جديدًا للأعمال، يتسم بالحجم الصغير والقدرة على التكيُّف السريع. 

<!--تشجيع الحكومات واستفادة من ظاهرة الادخار الوطني:

حرصت الحكومات المختلفة على تشجيع هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال توفير بيئة تشريعية واقتصادية مشجعة. كان الهدف هو الاستفادة من ظاهرة الادخار الوطني وتوجيهها نحو تمويل هذه المؤسسات وتعزيز نمو القطاع.

<!--نجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأسواق العالمية:

تمكنت هذه المؤسسات في النهاية من النجاح في اختراق العديد من الأسواق العالمية. كانت قدرتها على التكيُّف السريع مع تغيرات السوق العالمية وفهم احتياجات العملاء الدوليين هي أحد أسباب النجاح.

<!--تحقيق الإنجازات المرتبطة بزيادة الحصص السوقية والمبيعات:

حققت هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العديد من الإنجازات، بما في ذلك زيادة الحصص السوقية وتحسين المبيعات. كانت قدرتها على التفاعل بسرعة مع احتياجات السوق العالمية وتقديم منتجات وخدمات ملائمة هي أحد أسباب تفوقها على بعض الشركات الكبيرة.

<!--المرونة والتكيُّف في السوق الدولي:

يعزى النجاح البارز لهذه المؤسسات إلى مرونتها وقدرتها على التكيُّف بسرعة مع التحولات في السوق الدولي. يمكنها التفاعل بفعالية مع التغيرات الاقتصادية والثقافية في أسواق متعددة، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية.

في المجمل، يمثل ظهور وتطور هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مرحلة متقدمة من العولمة نموذجًا للريادة والابتكار في عالم الأعمال العالمي.

المرحلة الخامسة: التسويق الدولي مع بدايات العقد الثامن

مع بدايات العقد الثامن من القرن الماضي، شهدت مرحلة جديدة في تطور التسويق الدولي تمثلت في فكرة قدرة تدويل المنتج عن طريق طرحه في الأسواق الدولية مرة واحدة. ويرى بعض الباحثين في مجال التسويق أن هذا النهج فعّال عندما تكون الأسواق المستهدفة متشابهة من حيث الخصائص الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ويعني ذلك أن المنتج يمكن أن يلبي احتياجات متشابهة لمجموعة من الدول دفعة واحدة.

ومع ذلك، يعترض البعض هذه الفكرة، حيث يؤكدون على ضرورة أن تخضع السلع لدورة حياة محددة تبدأ غالبًا في بلد المنشأ أو دولة أخرى محددة. يتم طرح المنتج تدريجياً في الأسواق الدولية بناءً على تقدير دورة حياته واستجابة الأسواق المحلية. من الأمثلة الملموسة على ذلك هو انتشار الحاسب الآلي، حيث بدأ في بعض الدول المتقدمة ولم يتم طرحه في الأسواق الدولية لعدة سنوات. بعد ذلك، تم إطلاقه تدريجيًا في الدول النامية. ويظهر هذا المفهوم توجهًا نحو استراتيجية تسويق دولية مدروسة تأخذ في اعتبارها الاختلافات الثقافية والاقتصادية بين الدول، مع التركيز على مراحل محددة في دورة حياة المنتج.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 225 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2024 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,878,710

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters