“المَالُ والبَنونَ زينةُ الحياةِ الدُّنيا”، هذا ما يقوله الله رب العالمين سبحانه وتعالى، خالق البشر والأعلم بأحوالهم النفسية. ولذلك فإن السعي إلى كسب المال بالطرق المشروعة هو سلوك بشري طبيعي؛ فجميعنا يسعى إلى ذلك ما دام على قيد الحياة. إن غالبية البشر يفكرون باستمرار بالوسائل الكفيلة بتحسين أوضاعهم المالية وزيادة الدخل، سواء كان ذلك عن طريق وظائفهم الحالية، أو من خلال مشروعاتهم الخاصة، أو الجمع بين الإثنين. ورغم ذلك، فإن النسبة العظمى لا يبذلون ما يكفي من الجهد اللازم لكسب المزيد من المال. والأهم من ذلك، أنهم لا يمتلكون خطة استراتيجية واضحة لبلوغ تلك الغاية؛ الأمر الذي يجعلهم يركنون إلى الوظيفة وما ينتج عنها من دخل ضئيل لا يكاد يكفي لعدة أيام، وعدم التفكير بكسب المال من عمل حر يمتلكونه ويديرونه بأنفسهم ويقطفون ثماره لأنفسهم.
وقبل أن نبدأ في استعراض خطوات تلك الخطة الاستراتيجية المتكاملة لكسب المال، سنجيب عن السؤال التالي: ما هي الأسباب التي قد تدفعني إلى التفكير بكسب المال من خلال العمل الحر؟ في الحقيقة هناك أربعة أسباب رئيسة قد تدفعك إلى ذلك:
- أن تستغل طاقتك وقدراتك في عملك الخاص وتتمتع بعائداته لنفسك، بدلا من أن تعمل في وظيفة يعود ريعها على غيرك، ولا تعود عليك إلا بدُريهِماتٍ لا تكاد تسد جزءا من حاجاتك الأساسية. وفوق ذلك كله، قد تخسرها في أي لحظة!
- أن تحقق نوعا من الأمان والاستقلال المالي، اللذين يضمنان لك راحة نفسية لن تشعر بها وأنت تعمل في وظيفة معينة، سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، ومهما كان منصبك وراتبك. ولذلك إذا كنت تملك 1% في مشروع ما خير لك من أن تدير 100% من مشروع لا تملكه. ونحن لا ننكر أن العمل في وظيفة معينة يؤدي بك إلى الشعور بالأمان؛ حيث أنك تضمن دخلا شهريا ثابتا، ولكننا ننصحك بالتفكير جديا بإضافة مصدر جديد للدخل يمكنك من كسب المال وترك وظيفتك حينما يستقر مشروعك وتتضح أوضاعك المالية.
اقرا : 6 خطوات لتنويع مصادر دخلك
- أن تستغل التطور التكنولوجي وما أدى إليه من وسائل تواصل سريعة جعلت العالم قرية صغيرة بالفعل. ومع هذا التطور أصبح كسب المال سهلا جدا، من خلال إتمام الصفقات التجارية – مهما كان حجمها – مع أي شركة خارجية بدون الحاجة إلى السفر لمسافات طويلة. كما أنه ليس عليك أن تبيع سلعة مادية ملموسة كما كان الوضع سابقا لكي تكسب المال، بل يمكنك أن تقدم خدمة بسيطة من خلال الإنترنت إلى من يحتاجها وتحقق دخلا إضافيا أو أساسيا.
- أن تحقق الحرية المالية وتتخلص من عبودية الوظيفة؛ فعندما تكون موظفا فأنت لا تملك أن تتخذ قراراتك بنفسك، بل أنت مجرد منفذ لما يمليه عليك مديرك، الذي لا يهمه – في غالبية الحالات – ما تتمتع به من مهارة أو كفاءة في تنفيذ المهام الموكلة إليك؛ فكل ما يهمه أن يظهر أمامك وأمام رؤسائه بأنه المسيطر والمتنفذ والممسك بزمام الأمور.
اقرا ايضا : هل يمكن أن تكون الوظيفة بداية للانطلاق إلى الحرية المالية؟
لهذه الأسباب وغيرها، قد تفكر بوسائل وطرق كسب المال وزيادة مصادر الدخل الإضافي، وربما تبدأ باتخاذ خطوات عملية لتحقيق ذلك. ورغم أن هذا هو المطلوب، إلا أنه قد لا يكون لديك خطة استراتيجية متكاملة لتسير عليها بثبات كي تبلغ غايتك. ونحن هنا لنساعدك في رسم هذه الخطة لكسب المال، وإليك التفاصيل.
الخطة الاستراتيجية المتكاملة لكسب المال
أولا: لا تتهور فتترك عملك الحالي قبل أن تتضح لك نتائج عملك في مشروعك الخاص ويبدأ الدخل بالتدفق. حاول أن توازن بين وظيفتك التي تكسبك دخلا ثابتا وعملك الخاص الذي يولد دخلا سلبيا. ومن المؤكد أنك ستحتاج بعض الوقت كي تلمس النتائج، فلا تكن متعجلا.
ثانيا: ركز على فكرة واحدة، ولا يدفعك الحماس إلى تشتيت ذهنك في أكثر من اتجاه، فتكون النتيجة الفشل في كل شيء. ولا بأس من أن نكرر مرة ثانية؛ فنقول: ركز على فكرة واحدة وامنحها كل جهدك ووقتك.
تحميل : مشاريع صغيرة ناجحة مفصلة وجاهزة للتنفيذ
ثالثا: ادّخر جزءا من راتبك مهما كان بسيطا. معظم الاقتصاديين والخبراء ورواد الأعمال يقولون إن على أي شخص أن يدخر ما لا يقل عن 10% من دخله الشهري. وبطبيعة الحال هذه النسبة ليست مخصصة للإنفاق، بل هي مخصصة للاستثمار في المشروع الخاص الذي تفكر في تأسيسه. وهنا دعنا نقدم لك بعض النصائح السريعة التي تساعدك في الادّخار.
– تعرف على نفسك من حيث مواردك المالية ومصروفاتك.
– ضع خطة وميزانية مالية والتزم بها.
– أحسن التعامل مع مواردك المالية.
– احذر الدين؛ فإنه هَمٌ في الليل ومَذلَةٌ في النهار.
– احذر بطاقات الائتمان.
رابعا: لا تسعى إلى كسب المال من خلال اتّباع طرق سريعة ومختصرة وغير موثوقة، ولا تصدق أن المال يمكن أن يأتي في لحظة أو عن طريق الصدفة؛ فمن المُحَقق أن كل من حققوا الثراء تعبوا واجتهدوا حتى وصلوا إلى غايتهم. لذلك ضع في اعتبارك أنك إذا أردت كسب المال فإن عليك أن تجد وتتعب.
خامسا: استثمر في نفسك. من المهم جدا أن تبدأ بالاستثمار في نفسك قبل أن تستثمر في مالك. استثمر في تطوير قدراتك ومهاراتك، تعلم كل ما يساهم في إكسابك لمعلومات وخبرات جديدة. وكذلك استثمر في وقتك ولا تضيعه فيما لا ينفعك. ومن المهم أيضا أن تستثمر في علاقاتك الاجتماعية فتقويها وتحافظ عليها، وعليك بمصاحبة الناجحين والابتعاد عن الفاشلين والمحبطين.
اقرا : استثمر في 5 أشياء تمتلكها الآن
سادسا: تَحلّى بالصبر وكن متأنيا. تخيل أنك زرعت شجرة زيتون اليوم، هل ستذهب غدا كي تقطف ثمرتها؟! وهكذا هو شأن مشروعك؛ فهو يحتاج إلى رعاية وصبر وتأنٍ حتى يُؤتيَ أُكله. وإذا تعجلت النتائج فإنك لن تحصد إلا الفشل؛ ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.
سابعا: ابحث عن عمل متوافق مع اهتماماتك. يجب أن تحب ما تقوم به؛ فهذا شرط جوهري للنجاح. وكلما كان نوع العمل الذي ستقدمه من خلال مشروعك أقرب إلى مجال اهتمامك، كلما زادت فرص نجاحك في كسب المال منه والاستمتاع به في الوقت نفسه.
ثامنا: كن مستعدا للتعامل مع الفشل. يقول الملياردير (جاك ما): “عليك ألاّ تحزن فور فشلك؛ لأن فشلك هو بمثابة دخل إضافي مجاني قادم إليك”. عليك ألا تتوقع أن تنجح خطتك من المرة الأولى؛ فقد تسقط مرات ولكن عليك أن تنهض من جديد وتصر على النجاح. تَعلّم قبول الفشل وعدم التراجع عما تريد تحقيقه، لأنك ستصل إليه في نهاية المطاف.
تاسعا: قدم مُنتَجا يحتاجه الناس ويُشبِع حاجاتهم ويحل مشكلاتهم. لا تعتقد بأن الناس لا يحتاجون إلا إلى السلع الملموسة، فتحصر تفكيرك في تقديم شيء مادي في مشروعك؛ فكما نحتاج إلى الأشياء المادية فإننا بحاجة إلى أشياء غير مادية (خدمات). قد تكون كاتبا بارعا، أو مصمما متقنا، أو مترجما متمكنا، أو معلما متمرسا، وهناك من يحتاج إلى خدماتك، فما الذي يمنعك من أن تؤسس مشروعا خاصا تقدم من خلاله خدماتك وتكسب المال؟
يهمك : 10 مفاتيح لتحويل أي فكرة إلى مشروع ناجح
وفي النهاية، كثيرا ما نسمع البعض وهم يشتكون ويتذمرون من قلة الفرص، وأن هذا هو سبب تَمسُّكهم بالوظيفة بحجة أنها الحل الوحيد. وفي هذا الصدد نقول: إن هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير جديا بتأسيس مشروعاتهم الخاصة، أو أنهم قد يكونوا يطمحون إلى ذلك، غير أنهم لم يبحثوا جيدا في حاجات الناس ورغباتهم التي تغيرت وتطورت مقارنة مع ما كانت عليه في السابق، ونتج عنها فرص لا تعد ولا تحصى وكل واحدة من هذه الفرص يمكن أن تشكل فكرة تنتظر من يستغلها ويحولها إلى مشروع ناجح يؤدي إلى الاستقلال المالي والحرية المالية وكسب المال.
