قصص النجاح

أوبرا وينفري… من حضيض الفقر المُدقع إلى قمة الثراء والنجومية

ShareTweetGoogle++

 

ليس وهما أن تبدأ من الصفر ثم تصل إلى أعلى مراتب الثراء والنجومية والشهرة؛ بل هي حقيقة ماثلة أمام أعيننا، وشخوصها يعيشون بين ظهرانينا على هذا الكوكب. إنهم أناس حددوا أهدافهم وآمنوا بقدراتهم، وتحدوا ظروفهم وذللوا الصعاب التي واجهتهم، واستطاعوا أن يقلبوا الفشل إلى نجاح باهر، بفضل عزيمتهم وإصرارهم ومثابرتهم وعملهم الدؤوب. فمَن منا لا يعرف أوبرا وينفري، أو لم يسمع بها؟ أظن أننا جميعا نعرفها جيدا من خلال البرامج التلفزيونية التي قدمتها واستقطبت إليها مئات الملايين من البشر حول العالم. إنها تلك السيدة الأمريكية السمراء ذات الوجه المبتسم المليء بالحيوية والنشاط، التي ضربت أمثالا مدهشة في العزيمة والإصرار والتحدي، واستطاعت أن تعانق النجوم، بعد أن كانت تعيش في الحضيض والبؤس والفقر المدقع. فتعالوا بنا لنستكشف معا مكنونات هذه الشخصية ونسبر أغوارها، ونطّلع على أسرار نجاحها وتألقها.

ولدت أوبرا وينفري عام 1958 في ولاية ميسيسبي الأمريكية، في أسرة تعاني الفقر المدقع، لوالد كان يعمل حلاقا، ووالدة كانت تعمل كخادمة في البيوت. أما نشأتها فقد كانت في بيت جدها. وقد بلغ الفقر منها مبلغه؛ إلى درجة أن ملابسها كانت تصنع من أكياس البطاطس الفارغة؛ الأمر الذي كان يثير سخرية الأطفال بها. ورغم ذلك، فقد لفتت أوبرا أنظار زملائها ومدرساتها في الروضة التي كانت ترتادها؛ فقد كانت متميزة بين أقرانها في مستوى ذكائها وعلاقاتها؛ الأمر الذي دفع إحدى مدرساتها إلى التقدم بطلب من إدارة المدرسة يتضمن ترقيتها إلى مرحلة أعلى من المرحلة التي كانت فيها، لأنها تمتلك المؤهلات والمهارات الكافية.

إقرأ أيضاً : كارلوس سليم… من دُكَان صغير إلى إمبراطورية من ذهب

 وحينما وصلت إلى المرحلة الإعدادية، حصلت أوبرا على لقب الطالبة الأكثر شعبية بالإجماع؛ نظرا لما كانت تتمتع به من علاقات طيبة مع جميع مَن في المدرسة، طلابا ومدرسين وإدارة على حد سواء. وحينما بلغت عامها الثاني عشر انتقلت من بيت جدها لكي تعيش مع والدتها، وبعدها بعامين وقعت لها حادثة شكلت منعطفا حادا في حياتها؛ فقد تعرضت إلى الاغتصاب من أحد أقاربها مما أدى إلى حملها بطفلها الأول الذي لم تكتب له الحياة؛ حيث توفي بعد ولادته مباشرة. ومما يجدر ذكره أن أوبرا لم ترزق بأولاد بعد طفلها الذي مات أبدا.

لقد أثرت الأحداث التي عاشتها أوبرا في حياتها كثيرا؛ فقد أدمنت المخدرات خلال فترة المراهقة، ولم تستطع والدتها أن تثنيها عن ذلك رغم محاولاتها، ففقدت السيطرة عليها؛ مما دفعها إلى اتخاذ قرار ايداعها إحدى المصحات لإعادة تأهيلها. إلا أن جهودها ذهبت أدراج الرياح بسبب عدم وجود مكان شاغر في المصحة. ولم يبق أمام والدتها حل سوى أن ترسلها إلى والدها – الذي كان رجل أعمال في ذلك الوقت – من أجل أن يتولى مسؤولياته في تربيتها ورعاية شؤونها. وقد امتثلت أوبرا لأوامر وتوجيهات والدها الصارم، الذي كان له الفضل في تصحيح مسار ابنته وتغيير مجرى حياتها، وانتشالها من الضياع إلى شيء من الاستقرار. وقد عاشت أوبرا حياتها في تلك الفترة متنقلة بين والدها وجدتها لأبيها وأقاربها من جهة أبيها. واستطاعت أن تتخرج في جامعة تينيسي بتفوق على كل زملائها؛ فكانت من أوائل الخريجين ذوي البشرة الداكنة في تلك الجامعة.

وبسبب تفوقها استطاعت أوبرا وينفري أن تحصل على منحة دراسية فحازت على درجة البكالوريوس في الفنون المسرحية. وكعادتها، فقد جذبت الأنظار واسترعت اهتمام زملائها وأساتذتها، وفي تلك الأثناء عملت كمراسلة في محطة إذاعية شهيرة حيث بدأت معالم رحلتها الإعلامية بالتشكل.

 ولم يمض وقت طويل حتى انتقلت للعمل في التليفزيون، وكانت أصغر مذيعة في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن المفاجأة وقعت حينما قام المخرج بفصلها لأنها كانت تبدي الكثير من التعاطف مع الأخبار التي تقدمها. ولعل فصلها من هذه الوظيفة كان خيرا لها؛ إذ استطاعت تقديم برنامج ناجح جدا في فترة النهار، كما أنها التحقت بالعمل كمذيعة لتقديم الأخبار المحلية لمحطة أخرى. وبسبب حضورها وتفوقها في عملها فقد لفتت انتباه أحد كبار المسئولين في أشهر محطات الولايات المتحدة الأمريكية التليفزيونية بشيكاغو، الذي طلب منها أن تقوم بتجربة أداء لتقديم برنامج متخصص في الطبخ. وعن هذه التجربة تقول وينفري إنها لم تكن تمتلك أي معلومات عن الطهي أو الوصفات، ولكنها صممت أن تتحدى نفسها وتقدم على هذا العمل، لأنها لا تؤمن بشيء اسمه الخوف وأنها دائماً تصر على مواجهة مخاوفها. وقد حقق البرنامج نجاحا كبيرا واستطاعت الانتقال به إلى أشهر قناة عالمية. إلا أن المسئولين في تلك القناة لم يوافقوا على تبني البرنامج. لكن هذا لم يمنعها أبداً من التقدم؛ فأوبرا وينفري لا ترضخ للظروف وتصر على متابعة حلمها حتى يصبح حقيقة. وفي عام خمسة وثمانين وتسعمئة وألف دخلت وينفري عالم السينما، فمثلت دورا رئيسا في فيلم “اللون الأرجواني” الذي رشح لتسع جوائز اوسكار. وقد تلقت أوبرا العديد من العروض للتمثيل في أفلام أخرى، إلا أنها رفضت جميع العروض.

ومع تنامي شهرتها واستمرار نجاحها استطاعت أوبرا تقديم برنامجها الأشهر على مستوى العالم “أوبرا شو” الذي كان يطرح قضايا وظواهر اجتماعية تهم أفراد المجتمع ككل. وقد نجحت في إجراء حوارات مع العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع الأمريكي وقد حقق برنامجها هذا نجاحا منقطع النظير بفضل ما تتسم به أوبرا من حضور وقدرة فائقة على إدارة الحوار، مما جعلها أيقونة إعلامية ونموذجا يحتذى به على مستوى العالم. وقد تم عرض برنامجها في أكثر من مئة دولة، قررت بعده تأسيس شركتها الخاصة للإنتاج، كما قامت بتأسيس الأستديو الخاص بها في شيكاغو، لتصبح بذلك المرأة الثالثة التي تمتلك شركة إنتاج على مستوى العالم، وأول مليارديرة سوداء بثروة قدرت بنحو مليار ومئتي ألف دولار. ومنذ ذلك الوقت لم تغب أوبرا وينفري عن قوائم فوربس، سواء فيما يتعلق بالأشخاص الأكثر ثراء أو الأكثر تأثيرا على مستوى العالم.

 لقد احتلت أوبرا هذه القوائم لمدة تصل إلى أربع سنوات، وتفيد المعلومات المستقاة من الجهات الرسمية الأمريكية المختصة بالإحصاءات أن الدخل السنوي لأوبرا وينفري يتعدى الثلثمائة وخمسة وعشرين مليون دولارا,، من خلال برنامجها الأشهر” أوبرا”. وقد حصلت على العديد من الجوائز القيمة مثل جائزة” إيمي” الأشهر عالميا. ولأن لكل بداية لا بد من نهاية فقد قررت أوبرا وينفري إسدال الستار على برنامجها، كي تتفرغ لإدارة شبكة المحطات الفضائية التي أسستها في العام 2011.

كانت هذه أهم محطات حياة النجمة الأسطورة أوبرا وينفري، إرتأينا أن نضعها بين أيديكم لعلها تلهمكم وتحفزكم على المضي قدماً في طريق النجاح، والتغلب على الصعاب واستغلال القدرات الذاتية والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل.

 

فن المال

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 135 مشاهدة
نشرت فى 11 نوفمبر 2020 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,769,158

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters