أصبح التمويل الدولي من الموضوعات الجديرة بالاهتمام من قبل دول العالم، في الوقت الذي أصبحت فيه العولمة سمة مميزة للأسواق الدولية والمعاملات الخارجية بين الدول، والتغيرات الحديثة والتطورات المتسارعة على صعيد العلاقات الاقتصادية الدولية، وأصبحت دراسة التمويل الدولي تشكل احدى أهم مرتكزات العلاقات الاقتصادية بين الدول، لأن عمليات الاستثمار والتنمية الاقتصادية والبشرية أصبحت عاجزة عن تحقيق أهدافها دون مرافقة التمويل الدولي لها خصوصا في الدول النامية.
كما أصبح التمويل الدولي أحد أهم الآليات العالمية التي تتشكل في إطارها العلاقات الدولية, التي يدور حولها جدل مستمر على كافة المستويات وبين مختلف المتخصصين والمتعمقين حول مدى ضرورة الاعتماد على التمويل الدولي, كأحد أهم آليات تحقيق التنمية داخل الدول.
ويقصد بالتمويل الدولي الآليات التي يوفرها النظام النقدي الدولي بمؤسساته المختلفة (المتعددة الأطراف, الرسمية, الخاصة) لتلبية متطلبات حركة انتقال رؤوس الأموال الدولية سواء تلك المتجهة لأغراض تسوية الاختلالات في موازين المدفوعات. ويشير التمويل الدولي إلى الصفة التي تحكم عملية التمويل من حيث كونه دوليا, وهذا يعني أن تحرك رأس المال في هذا الإطار سيكون خارج الحدود السياسية لدول العالم.
إن النظرة التقليدية للتمويل هي عملية الحصول على الأموال واستخدامها لتشغيل أو تطوير المشاريع والتي تتركز أساساً على تحديد أفضل مصدر للحصول على أموال من عدة مصادر متاحة.
وبصفة عامة يتمثل التمويل في كافة الأعمال التنفيذية التي يترتب عليها الحصول على النقدية واستثمارها في عمليات مختلفة ساعد على تعظيم القيمة النقدية المتوقع الحصول عليها مستقبلا في ضوء النقدية المتاحة حاليا للاستثمار والعائد المتوقع الحصول تحقيقه منه، والمخاطر المحيطة به، واتجاهات السوق المالية.
تشير الكثير من البحوث الاقتصادية الى أن مصطلح التمويل الدولي International Finance يتألف من كلمتين Finance، وهذا يعني توفير المصادر المالية لتغطية نفقات جاريه أو رأسمالية وفق شروط معينه تتضمن السعر والآجل، وبات هذا المفهوم شائعا منذ العقود الأولى من القرن العشرين اما كلمة International، فيقصد بها مجموعة الدول.
والتمويل الدولي هو فرع من فروع علم الاقتصاد الذي يدرس دينامكيات أسعار الصرف والاستثمار الأجنبي وتأثيراتها على التجارة الدولية, ويدرس أيضا المشاريع الدولية والاستثمارات الدولية وتدفقات رؤوس الأموال والعجز التجاري. ويشمل أيضا دراسة العقود الآجلة والخيارات والمقايضات المالية.
كما يعرف التمويل الدولي بأنه تعبئة الموارد النقدية وغير النقدية اللازمة والتخطيط والإشراف على إدارتها بهدف القيام بمشروع معين والمحافظة على استمراريته, وتطويره لتحقيق أهدافه الحالية والمستقبلية بشكل أكثر كفاءة وفاعلية.
ويشير مفهوم التمويل الدولي إلى انتقال رؤوس الأموال بكافة أشكالها بين دول العالم المختلفة, ويتكون المصطلح من كلمتين, حيث تشير كلمة التمويل إلى ندرة المعروض من رأس المال في دولة ما مقارنا بالقدر المطلوب منه, ونتيجة ذلك هو حدوث والطلب من رأس المال, ويستدعي ذلك سد هذه الفجوة وهذا ينطبق على الوحدة الاقتصادية أي على المستوى الجزئي (Micro) أو مجموع الوحدات الاقتصادية في دولة معينة (Macro) أي على المستوى الكلي. ولهذا فإن الكلمة الأولى تعني عمومية التحليل في مسألة انتقال رؤوس الأموال من حيث أماكن وفرتها (أصحاب الفائض) إلى حيث أماكن ندرتها (أصحاب العجز), ويتم هذا الانتقال عبر مجموعة من الوسطاء الماليين سواء كان ذلك في شكل بنوك أو شركات تأمين أو صناديق ادخار أو أسواق المال إلى غير ذلك من مؤسسات الوساطة المالية, فضلا عن انتقال رؤوس الأموال عن هذا النحو التي تكون من أهدافها الأساسية الحصول على أكبر عائد ممكن على هذه الأموال. وليس المقصود بتحركات رؤوس الأموال انتقال رؤوس الأموال العينية في شكل آلات ومعدات وأصول مختلفة, فهذا يدخل في مجال التجارة الدولية للسلع, ولكن المقصود بهذه التحركات هو انتقال رؤوس الأموال في شكل عمليات اقراض واقتراض بين الدول المختلفة, ويشير الأمر الأخير إلى تأثير هذه التحركات الرأسمالية في تغير الحقوق والالتزامات المترتبة عليها.
من خلال هذه التعاريف يمكن استخلاص أن التمويل الدولي هو توفير الأموال اللازمة للقيام بالمشاريع الاقتصادية و تطويرها وذلك في أوقات الحاجة إليها إذ أنه يخص المبالغ النقدية وليس السلع والخدمات وأن يكون بالقيمة المطلوبة في الوقت المطلوب، فالهدف منه هو تطوير المشاريع العامة منها والخاصة وفي الوقت المناسب، "وطالما يشمل التمويل الجانب النقدي والمالي الذي يتزامن انسياب السلع والخدمات ولذا يندرج ضمن البعد الثاني، ولأن البعد الأول يشمل الجانب السلعي للاقتصادي الدولي.
إن النمو المستقر والمستديم هدف ترغب جل الاقتصاديات في تحقيقه، وتحاول الحكومات تعبئة مختلف المصادر المحلية إلى أقصى حد ممكن لتمويل التنمية، لكن ضعف هذه المصادر يطرح أمام الحكومات مشكلة حقيقة تسترعي الاهتمام، مما يضطرها إلى اللجوء إلى التمويل الدولي بمختلف صنوفه في صورة قروض مشروطة وقد تكون ذات تكلفة عالية، أو أن تلجأ إلى استغلال الظروف التي انتجتها العولمة مرهونة بضرورة تحرير الاقتصاد وتقليص أثار التقييد للسماح للبلد بالاندماج في السوق العالمي الذي يمكن أن يوفر لها قدرا مهما من الموارد التمويلية في صورة تدفقات لرأس المال باحثة عن الأرباح. وفي إطار هيمنة فكرة حرية الانتقال يمكن لهذه التدفقات أن تدخل في الوقت الذي تشاء وتنسحب أيضا في الوقت الذي تشاء، وهذا ما يمكن أن يخلق معه تداعيات خطيرة على الاقتصاد، وهنا فقط يمكن أن نطرح تساؤلا جوهريا حول إمكانية تعزيز النمو بمصادر تمويلية أجنبية في ظل المستجدات التي تفرضها العولمة ؟ هذه الظواهر صارت تشكل محور الانشغال وعلى رأس جدول المداولات الاقتصادية الدولية فهناك مستجدات لا تخلو من حقائق وتسير في اتجاه فهم أكثر لخريطة المتغيرات الاقتصادية، وهناك ايضا تداعيات لا تعوزها الشواهد وتسوق معها مخاطر وهواجس لا تبعث على الاطمئنان في حركية عالمية سريعة وعنيفة لتدفقات رؤوس الأموال.
وعلى الرغم من أن المديونية لها فوائد، إلا أنها تشكل عبئا كبيرا على الدولة في تسديد الأقساط المتفق عليها من الجهة الدائنة والفوائد المترتبة على هذه القروض، وبطبيعة الحال فإن هذه الأعباء التي يتم تسديدها تكون على حساب الخدمات الأساسية المقدمة من قبل الدولة لمواطنيها, مما يترك آثار سلبية على الأوضاع الأمنية والاجتماعية والسياسية, بالإضافة أنها تضيق الخناق على معدلات النمو الاقتصادي.
وتلجأ الدول إلى التمويل الخارجي والمديونية المرتفعة للخلاص من مشاكل آنية, ولتحقيق أهداف قصيرة الأجل, وذلك على حساب أهداف أساسية تتعلق برفع متوسط النمو الاقتصادي. كما أن القروض الخارجية في معظم الدول النامية لم تساعد على تحقيق معدلات نمو مرتفعة بالرغم من وجود أثر إيجابي لهذه القروض على الناتج المحلي الإجمالي والاستهلاك والاستثمار والصادرات والواردات, فالعلاقة بين المديونية الخارجية العامة والنمو الاقتصادي علاقة سلبية في كثير من الأحيان.
يعتبر موضوع التمويل الدولي من الموضوعات الجديرة بالاهتمام من قبل دول العالم في الوقت الحالي وفي إطار التغيرات الحديثة والتطورات المتسرعة على صعيد العلاقات الاقتصادية الدولية تحت مظلة ما يعرف بالعولمة التي أصبحت سمة مميزة للأسواق الدولية والمعاملات الخارجية بين الدول، وأصبحت دراسة التمويل الدولي تشكل أحدى أهم مرتكزات العلاقات الاقتصادية بين الدول، لأن عمليات الاستثمار والتنمية الاقتصادية والبشرية لن تتم بشكل تام ما لم يرافقها التمويل الدولي وخصوصا في الدول النامية.
إن التمويل الدولي، وفق الضرورات المطروحة، يعد حاجة لوجود واستمرار اي اقتصاد سواء كان ناميا او متقدما، وهو حاجة جوهريه لاقتصاديات البلدان النامية، حيث تتطلب عملية التنمية الاقتصادية- الاجتماعية، توفير احتياجات عديده، للوصول الى مستوى ملائم لمعدل النمو الاقتصادي "ويأتي في المقدمة منه رأس المال (Capital) بوصفه أحد عناصر الإنتاج الأساسية، وفقدانه او ضعفه في البلدان النامية نجدها مضطرة للاستعانة برأس المال الأجنبي لسد النقص الحاصل في العملية التنموية في هذه البلدان، وهكذا فأن البحث عنه هو اهم تحدي التي تجابه البلدان النامية بغية رفع معدلات النمو الاقتصادي.
كما أن الطبيعة الدولية في التمويل تبين مدى اختلاف الدول في مجال الفائض والعجز في عنصر رأس المال, والعامل الحاسم في تحديد الاتجاه الذي يسلكه رأس المال من دولة إلى أخرى أو من سوق إلى أخرى هو شكل العلاقة بين الادخار و الاستثمار على مستوى الوطني, والجدير بالذكر أن ندرة رأس المال بالنسبة للطلب عليه في دولة تؤدي إلى ارتفاع عائده في هذه الدولة, ومن ثم فإن رأس المال سيتدفق داخل هذه الدولة.