ممر التعمير .. نحو مصر المستقبل .."مشروع العالم الجليل فاروق الباز"
لقد أعجبنى جدا هذا الموضوع الذى وجدته فى أحد المنتديات مقدم من أحد المهندسين المصريين مهموم بمستقبل مصرنا الحبيبة و يدعى م / مدحت و على ما أظن هو دكتور مهندس بجامعة المنصورة و استأذنته فى نقل الموضوع لمنتدانا فوافق و سوف أدعوه لإستكمال أطروحاته فى مناقشة هذا الموضوع
و هذا الموضوع مبنى على مشروع تقدم به د / فاروق الباز و تناوله فى إحدى المقالات و يتم مناقشته جديا من جانب م / مدحت و آخرين من علماء مصر لوضع التصورات الكلاملة للمشروع خطوة خطوة و هذا المشروع هو:
ممر التعمير في الصحراء الغربية وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال المقبلة في مصر
بقلم: د. فــاروق الـــباز
مدير مركز أبحاث الفضاء
بجامعة بوسطن الأمريكية
أستاذ غير متفرغ بجامعة عين شمس
يعيد هذا المقال طرح مقترح كنت قد قدمته منذ سنوات بغرض إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتي بحيرة ناصر في الجنوب وعلي مسافة تتراوح بين10 و80 كيلو مترا غرب وادي النيل, يفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري حول مسافة تصل الي2000 كيلو متر. ولأن مصر في حاجة ماسة الي مخرج من الوضع الاجتماعي الصعب في الوقت الحالي بالذات, فإنني أعيد طرح المقترح علهيتم النظر فيه بجدية, وربما للتنفيذ بأموال مستثمرين من القطاع الخاص الوطني أولا ثم العربي ثانيا ثم العالمي ثالثا.
يعتبر النقل من أساسيات التقدم والازدهار علي مر العصور ونحن نعلم ان قيام الدولة المصرية القديمة منذ اكثر من خمسة آلاف عام اعتمد علي النيل كطريق يربط شمالها بجنوبها حيث كانت تنتقل من خلاله الناس والاخبار والغذاء والمنتجات والبضائع ورجال الأمن وجامعو الضرائب وكل ما يمثل كيان الدولةوسر بقائها كذلك اعتمد الاغريق والرومان والعرب علي تسهيل وتأمين النقل فيجميع أرجاء حضارتهم. وفي العصر الحالي نمت اوروبا الحديثة بعد انشاء شبكات الطرق السريعة فيها, وكذلك تفوقت امريكا علي باقي العالم الغربيباستخدام ثرواتها الطبيعية أحسن استخدام, مما استدعي إنشاء شبكة متميزةمن السكك الحديدية والطرق في جميع أرجائها.
وبالنسبة لنا في مصر لا يصح إنشاء شبكة جديدة في وادي النيل والدلتا لأنفي ذلك اعتداء علي الأرض الزراعية المعتدي عليها أصلا نتيجة النمو الكبير للكتل السكانية العشوائية وغير المرخص لها في اغلب الاحيان.. هذهالاراضي الخصبة رسبها نهر النيل العظيم علي مدي ملايين السنين. ولقدتكدس سكان مصر في مساحة محدودة منها نتيجة الزيادة المستمرة في عددالسكان, ولا يعقل ان نستمر في العيش علي5% من مساحة ارضنا معالاستمرار في البناء فوق التربة الزراعية لذلك فلابد من فتح آفاق جديدةللتوسع العمراني والزراعي والتجاري خارج نطاق وادي النيل الضيق.
يؤهل المقترح الحالي إضافة الي تسهيل النقل بين اطراف الدولة, الحد من التوسع العمراني في وادي النيل والدلتا بفتح آفاق جديدة للنمو بالقرب منالتجمعات السكانية الكبري ومجالات لا حصر لها في استصلاح اراضي صحراويةوإنشاء مشاريع جديدة للتنمية في مجالات الصناعة والتجارة والسياحة, كمايعطي المقترح املا جديدا لأجيال المستقبل باستخدام احد عناصر الثروةالطبيعية واقربها الي التجمعات السكانية الحالية وهو الشريط المتاخم لواديالنيل في الصحراء الغربية.
لقد اختير هذا الجزء من الصحراء الغربية بناء علي خبرة في تضاريس مصروإمكاناتها التنموية ويتكون الشريط المتاخم لوادي النيل من هضبة مستويةبميل بسيط من الجنوب الي الشمال بموازاة النيل, ولا تقطع المنطقة أودية تهددها السيول كما هو الحال في شرق النيل, كذلك تتواجد مساحات شاسعة من الاراضي التي يسهل استصلاحها لإنتاج الغذاء إضافة الي احتمالات وجود المياه الجوفية, هذا الشريط بالذات تقل فيه الرمال ولا تتقاطع معه خطوط الكثبان الرملية, وكما هو الحال في باقي الصحراء الغربية تشتد اشعةالشمس والرياح مما يسمح باستخدام هذه المصادر للطاقة المتجددة في المستقبل.
بناء علي ما تقدم يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء ما يلي:
1ـ طريق رئيسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الاسكندرية ويستمر حتي حدود مصر الجنوبية بطول1200 كيلو متر تقريبا
2ـ اثنا عشر فرعا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني علي طول مساره بطول كلي نحو800 كيلو متر.
3ـ شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي
4ـ انبوب ماء من بحيرة ناصر جنوبا وحتي نهاية الطريق علي ساحل البحر المتوسط
5ـ خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.
1ـ الطريق الرئيسي
يمثل الطريق العالمي من الشمال الي الجنوب العنصر الاساسي لممر التعمير,يبدأ الطريق علي ساحل البحر المتوسط في موقع يتم اختياره بينالاسكندريةوالعلمين, ويؤهل إنشاء ميناء عالمي جديد يضاهي الموانيالعالمية الكبري في المستقبل يؤخذ في الاعتبار الحاجة الي توفير استخدامتكنولوجيا المعلومات الحديثة في التعامل السهل السريع مع الصادراتوالواردات والبضائع المؤقتة, ويعيد مثل هذا الموقع المكانة المرموقةللإسكندرية بين المواني العالمية.
يتكون الطريق الرئيسي من ثمانية ممرات علي الأقل اثنان لسيارات النقلواثنان للسيارات الخاصة ذهابا وايابا, كما يلزم ان يمهد الطريق وفقالمواصفات العالمية التي تسمح بالسير الآمن السريع دون توقف إلا في حالاتالطواريء ومحطات الاستراحة والوقود ومراكز تحصيل رسوم السير, وربمايستدعي تأمين صلاحية الطريق إنشاء مؤسسة خاصة تقوم بتحصيل الرسوم اللازمةلهذا الغرض علي مشارف الطرق العرضية.
2ـ الطرق العرضية
يشتمل المقترح علي اثني عشر طريقا عرضيا تربط منها الطريق الرئيسي بموقعمن مواقع التكدس السكاني في الدلتا وبموازاة وادي النيل, تسمح هذه الطرقبالامتداد العمراني غربا في هذه المواقع رويدا رويدا وتضيف بعدام جغرافيالعدد من المحافظات التي تعاني من الاختناق في الوقت الحالي, ويجب ألايسمح اطلاقا بالنمو العشوائي في تلك المناطق بل يجب أن يسبق التخطيطوالتنظيم والخدمات لنمو الحضري لها وتسمح هذه الطرق العرضية التنقل بينالمحافظات بسرعة ويسر كما تؤمن النقل السريع بينها وبين العالم الخارجي.وعلي سبيل المثال, تشمل الطرق العرضية المقترحة ما يلي:
فرع الإسكندرية
يمتد هذا الفرع من الطريق الرئيسي غربا ليصل الي مدينة الاسكندريةومينائها ومطارها الدولي, ويمكن ان يستمر الفرع شرقا حتي طريق الدلتاالساحلي الي رشيد ثم دمياط, وبذلك يربط الفرع الطريق الرئيسي للممربشمال الدلتا باكملها.
فرع الدلتا
لربط الطريق الرئيسي بمنتصف منطقة الدلتا ربما في مدينة طنطا. مثل هذاالفرع يتطلب المحافظة علي الأراضي الزراعية في مساره وربما يتطلب كباريجديدة علي فرع رشيد وقنوات الري والصرف. الجزء الغربي من هذا الطريقيرصف علي صحراء قاحلة وقابلة للاستصلاح وتمثل بعدا جغرافيا جديدا لمحافظةالغربية أكثر محافظات الدلتا اختناقا علي الإطلاق
فرع القاهرة
يؤهل هذا الفرع ربط الطريق الرئيسي بطريق مصر ـ اسكندرية الصحراوي ثمبأكبر تجمع سكاني في قارة إفريقيا بأكملها, ألا وهي محافظة القاهرة.ويمكن لهذا الفرع أن يستمر شرقا إلي المعادي ومنها إلي طريق السويس كييربط الميناء الجديد بميناء السويس. ويؤهل ذلك نقل البضائع بريا منالبحر المتوسط غرب الاسكندرية إلي البحر الأحمر عبر خليج السويس كمجالإضافي للنقل البحري عبر قناة السويس
فرع الفيوم
يؤهل هذا الطريق تنمية الصحراء في شمال وغرب منخفض الفيوم, ومنطقة غربالفيوم بالذات يمكن تنميتها صناعيا لابعاد الصناعات مثل صناعة الأسمنت عنالمواقع السكنية لتحسين البيئة فيها.
فرع البحرية
يؤهل هذا الفرع وصل الطريق الرئيسي بالواحات البحرية في اتجاه جنوب غربالجيزة, وبذلك يؤهل الفرع الوصل بين واحات الوادي الجديد الشماليةوالطريق الرئيسي. ويسمح الفرع بالتوسع في السياحة في منخفض البحريةوكذلك استخدام ثرواتها المعدنية وخاصة رواسب الحديد.
فرع المنيا
يفتح هذا الفرع آفاقا جديدة للنماء غرب وادي النيل في منطقة تكتظ بالسكانوتحتاج إلي التوسع في العمران لاسيما نظرا لوجود جامعة بها هذا بالإضافةإلي الحاجة لعدد من المدارس ومعاهد التدريب
فرع أسيوط
يمكن إعادة كل ماقيل عن فرع المنيا, إضافة إلي أن هذا الفرع يؤهل السير علي طريق الواحات الخارجة وباقي واحات الوادي الجديد
فرع قنا
يوصل هذا الطريق إلي منطقة واسعة يمكن استصلاح اراضيها تقع جنوب مسار نهرالنيل بين مدينتي قنا ونجح حمادي تكونت التربة في هذه المنطقة نتيجةلترسيب الأودية القديمة مما يعني أيضا احتمال وجود مياه جوفية يمكناستخدامها في مشاريع الاستصلاح.
فرع الأقصر
يؤهل هذا الطريق امتدادا غير محدود للمشاريع السياحية المتميزة فوق الهضبةوغرب وادي النيل بالقرب من أكبر تجمع للآثار المصرية القديمة في الأقصر.إضافة إلي ذلك يمكن استثمار الطبيعة الفريدة في منخفض الخارجة بالإضافةإلي الواحات العديدة والكثبان الرملية الباهرة.
فرع كوم أمبو وأسوان
يعبر هذا الفرع سهلا واسعا يمثل مجري قديما للنيل ولذلك تغطيه تربة خصبةصالحة للزراعة. ولأسباب جيولوجية بدأ مجري النيل الهجرة شرقا حتي وصلإلي موقعة الحالي. ولذلك يمكناستخدام المياه الجوفية المختزنة منذ قديمالزمن في استصلاح هذا السهل الخصيب. امتداد الفرع في اتجاه الجنوبالشرقي يربط مابين الفرع وبين الطريق الرئيسي ومدينة أسوان, مما يسهلنقل المنتجات المحلية إلي المحافظات الشمالية علاوة علي التنمية السياحيةعبر تيسير زيارة المواقع السياحية في منطقة أسوان.
إضافة إلي ذلك يؤهل الطريق تنمية مطار أسوان للتجارة العالمية.
فرع توشكي
يهبط الطريق الرئيسي من الهضبة حيث يتم وصلها بعدة أماكن حول منخفضتوشكي. لقد تم حفر قناة لتوصيل مياء النيل من بحيرة ناصر إلي منخفضتوشكي بغرض استصلاح الأراضي المحيطة بالبرك التي تكونت في المنخفض هذآالمشروع يستدعي عدة سبل للنقل السريع الي المحافظات الشمالية ومنافذالتصدير معا كما يؤهل هذا الفرع وصل المنطقة بالطريق الرئيسي ويسهم فينجاح مشاريع التنمية في منطقة توشكي
فرع بحيرة ناصر
تمثل بحيرة ناصر موقعا متميزا لتنمية الثروة السمكية وصيد الأسماك,وخاصة إذا تم تسهيل نقلها إلي مواقع التكدس السكاني في المحافظاتالشمالية, ويمكن أن يتم ذلك في موقع يتم اختياره شمال معبد أبو سنبل.
3 ـ السكة الحديدية
يشتمل ممر التعمير المقترح علي شريط سكة حديدية للنقل السريع بموازاةالطريق الرئيسي تؤهل هذه الوسيلة نقل الناس والبضائع والمنتجات من جنوبمصر حتي ساحل البحر المتوسط لاسيما وأن السكة الحديدية تعاني منالكهولة. كما لا يصح إنشاء سكة حديدية جديدة داخل وادي النيل لأن في ذلكتعديا علي الأراضي الزراعية
تؤهل السكة الحديدية للنقل السريع شحن الأسماك من بحيرة ناصر التي تذخربالثروة السمكية إلي مواقع التكدس السكاني في شمال وادي النيل. كذلكتمكن الوسيلة من الاستخدام الأمثل في الصناعات العديدة كصناعة الألمومنيومفي نجع حمادي. فتوجود السكة الحديدية الجديدة سوف يجعل النقل من الميناءإلي المصنع ثم المنتج من المصنع إلي السوق يتم في سهولة ويسر وبتكلفةأقل, هذا بالإضافة إلي الحد من الزحام الناتج عن حركة الشاحنات عليالطريق الزراعي الحالي.
4 ـ أنبوب الماء
يلزم توفير الماء الصالح للشرب بطول الممر المقترح فوق هضبة الصحراءالغربية يفضل نقل الماء من بحيرة ناصر أو قناة توشكي داخل أنبوب لمنعالبخر أو تسرب الماء في الصخور ويشمل التخطيط لمشاريع التنمية المختلفةعلي طول الممر استخدام المياه الجوفية في الزراعة والصناعة, ولكن الحاجةالي الماء للاستخدامات البشرية خلال المراحل الأولي للمشروع يتطلب توفيرالأنبوب المذكور
ربما يلزم المشروع خلال تلك المرحلة أنبوب قطره متر أو متر ونصف وهذا ليسبكثير لأن ليبيا قد أقامت النهر الصناعي العظيم لنقل الماء العذب من أبارصحرائها في الجنوب الي مدنها علي ساحل البحر المتوسط في أنبوب قطره أربعةأمتار وبطول2000 كيلو متر. وكما هو الحال في ليبيا, بعد ضخ الماءالي مستوي الهضبة يتم نقله من الجنوب الي الشمال بالميل الطبيعي لسطح شمالإفريقيا
5 ـ خط الكهرباء
يلزم للمقترح إنشاء خط كهرباء للإنارة والتبريد علي طول الطريق الرئيسي,وخاصة لأن مسار الطريق يمر في منطقة صحراوية لاتوجد فيها متطلبات التنميةالأساسية, خلال المراحل الأولي للمشروع في نفس الوقت يجب تشجيع مشروعاتالتنمية العمرانية والزراعية والصناعية والسياحية المنظمة واستخدام مصادرالطاقة المستدامة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
مزايا المشروع
يلزم لأي مقترح لمشروع تنموي دراسة الآثار الجانبية له وخاصة من الناحيةالبيئية, ولأن المشروع المقترح يقلل من تدهور البيئة في وادي النيل فهذايعتبر إحدي مزاياه العديدة. الجانب الأساسي الذي يجب دراسته هو الجدويالاقتصادية للمشروع, أي مدي نجاحه المؤكد من ناحية الاستثمار, وهذايتم من خلال دراسة جدوي يجريها المختصون بناء علي بيانات حقيقيةومنطقية. أما المزايا والمنافع المنتظرة للمشروع فعديدة نوجز منهامايلي:
* الحد من التعدي علي الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قبل القطاع الخاص والحكومي معا.
* فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكاني.
* إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل.
* توفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والاعمار.
* تنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل
* الاقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية.
*تأهيل حياة هادئة ومريحه في بيئة نظيفة تسمح للبعض بالابداع في العمل.
* ربط منطقة توشكي وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة.
* خلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من مشروعات في حقول مختلفة.
* مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء.
* فتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الانجاز في مشروع وطني من الطراز الأول.
* خلق الأمل لدي شباب مصر وذلك بتأمين مستقبل أفضل.
وسيلة الانجاز
مع أن تنفيذ المقترح الحالي قد نوقش من قبل ولكنه يعرض الآن كمشروع للقطاعالخاص, وذلك لأسباب كثيرة. في بداية الاقتراح قدر المختصون تكلفةالمشروع بحوالي ستة بلايين دولار, أما الآن فربما تبلغ تكلفة البنيةالتحتية له أربعة أضعاف هذا الرقم. وهذه القيمة ليست بالكثير في الوقتالحالي لاسيما أنها تؤمن مستقبل شعب بأكمله وتنقذ مصر من الوضع الاقتصاديالمتردي في هذا الوقت بالذات. وربما تمكن المستثمرون من تأمين المبلغالمطلوب لتنفيذ المشروع عبر بيع الأراضي الصالحة للإعمار علي جانبي الطرقالعرضية في بداية المشروع, ونحن نعلم أن أسعار أراضي البناء تزداد بسرعةخيالية حاليا.
يتطلب المقترح دراسة مستفيضة بواسطة أهل الخبرة في المهن المختلفة,وياحبذا أن يكون من يقوم بالدراسات المطلوبة, بدعم من القطاع الخاصالمعني, خبراء في مراكز الأبحاث والجامعات حتي نتحقق أن المقترح يتمتقديمه جديا بواسطة أهل الخبرة والمعرفة في جميع المجالات. في نفس الوقتيجب مناقشة مثل هذا المشروع الحيوي في البرلمان لكي يمكن سن القوانينواتخاذ الاجراءات التي تحمي الناس من الروتين الحكومي أو استغلال بعضالعاملين في القطاع الخاص.
وياحبذا لو بدأ التفكير منذ لحظة الانطلاق بمشاركة أوسع شريحة ممكنة من الناس. فيمكن لكل محافظة مثلا البدء في إعداد قائمة بمشروعات التنميةوأولوياتها بناء علي احتياجاتها الحقيقية وفي ضوء مواردها من العمالةالفنية اللازمة وقدراتها الأخري. وفي نفس الوقت يجب عدم المساس باستقطابعمالة أجنبية للعمل في المشروع مهما كانت الأسباب لأن المصري أو المصريةيمكن تدريبهما للقيام بأي عمل كان وبأعلي مستويات الأداء العالمية.
وكذلك يمكن تشجيع شباب الجامعات من خلال مسابقات لاختيار مشاريع تنميةتقام في محافظاتهم حتي طلبة المدارس يمكنهم المشاركة بمسابقات لاختيارأسماء الطرق العرضية والمدن والقري التي سوف تنشأ علي جوانبها. مشاركةالشباب مهمة للغاية لأن الهدف من المشروع هو تأمين مستقبلهم عبر إتاحة فرصعمل لانهائية أمامهم.
معني ذلك أن الباب مفتوح علي مصراعيه لمشاركة من يود أن يدلو بدلوه عليشرط أن تكون الأفكار المقدمة ليس الغرض منها هو الكسب الشخصي الضيقوالمحدود, ولكنها تصب أولا وأخيرا في الصالح العام, وهكذا تتقدم الدولويعمل الناس بعزم ونشاط وولاء وانتماء وتزدهر الحياة مرة أخري في واديالنيل الخالد.
خاتمة
عادت حفيدتي ياسمين(10 سنوات) من مدرستها في واشنطن لتخبر أمها أنالمدرسة ذكرت اسم مصر في أول درس من دروس التاريخ, وأضافت أن المدرسةقالت إن التاريخ يعيد نفسه وسألت أمها هل هذا صحيح؟
فعندما أجابتها الأم بالايجاب سألت بحماس شديد: هل هذا يعني أن مصر يمكن أن تعود عظيمة مرة أخري؟
الاجابة عن سؤال هذه الصغيرة. التي تعيش بعيدا ولكنها تحتفظ بذكري مصرفي قلبها وعقلها, يستدعي التفكير الثاقب والعمل الدءوب في سبيل رفعة هذاالبلد الذي يستحق موقعا متقدما بين الأمم.
فمصر كانت علي مدي العصور منبعا للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفنوالبناء وحسن الأداء. ولكن بين آونة وأخري تخبو فيها شعلة الحضارةوينطوي شعب مصر علي نفسه وكأنه في غيبوبة لايعي بما يدور حوله فيالعالم, ولكن سرعان مايفيق هذا الشعب العظيم من الغثيان وينتفض بكلحيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخري في أرض مصر.
ويمكنني القول إن العرب في كل مكان ينتظرون رفعة مصر لأن في ذلك رفعتهمجميعا. ولم يكن للعرب مكانة في أي وقت من الزمان إلا في وجود مصر القويةكالعمود الفقري الذي تلتف حوله البلدان العربية جميعا.
أثبت تاريخ الأمم أنه منذ خلق الله الانسان علي سطح الأرض ازدهرت الحضارةبين أي مجموعة من الناس إذا توافرت في مجتمعهم ثلاثة مقومات أساسية هي:
1 ـ إنتاج فائض من الغذاء مما يجعل الناس تنمو أجسادهم قوية ومخيلاتهم صحيحة.
2ـ تقسيم العمل بين أفراد المجتمع تقسيما مناسبا والذي يستدعي ترقية أهلالخبرة والمعرفة وحسن الادارة( وليس أهل الثقة) علي جميعالمستويات
3ـ تأهيل الحياه الكريمة في المدن بحيث لاينشغل الناس فقطبالبحث عن قوتهم ويعيشون في بيئة صالحة لكي يتمكن البعض منهم من الابداعوالابتكار في عملهم.
إذن لن تعود مصر دولة عظيمة مرة أخري إلا إذا تحسنت أوضاعنا بالنسبة إلي المقومات الثلاثة السابقة وبناء علي مزايا ومنافع المقترح المذكور فإن ممرالتعمير المقترح بموازاة الدلتا ووادي النيل في الشريط المتاخم من الصحراءالغربية يمكن أن يؤهل للوصول إلي الغرض المنشود خلال عقد أو عقدين منالزمان علي الأكثر. كما أن من شأنه أن يخرج مصر من الوضع الحالي بمآسيهالمختلفة لذلك فإنني مقتنع تماما بأن المشروع المقترح يمكن أن يعيدالحيوية والانتاجية لشعب مصر ويؤهل لهذا البلد الطيب المعطاء الوصول إليموقع متميز بين أعظم بلدان العالم مرة أخري
ساحة النقاش