تقديــم

     

يمثل هذا الكتاب الجزء الأول من مشروع العصر لتنمية مصر والذي بدأت فكرته تراودني منذ أوائل عام 2007  وتم نشر بعض ملخصات لأجزاء من هذا المشروع في بعض الصحف القومية مثل الأهرام في فبراير 2007 وكان عن تنمية الصحراء الشرقية عن طريق استغلال المصادر الطبيعية بها لإقامة مراكز استثمارية علي الطرق الرئيسية الموجودة بها.

 

يختص هذا الجزء بتنمية شبه جزيرة سيناء، وقد بدأت به  لما لسيناء من أهمية استراتيجية خاصة، حيث تعتبر بوابة مصر الشرقية علي قارة آسيا، تقع شبه جزيرة سيناء في الشمال الشرقي بجمهورية مصر العربية ويحدها من الشمال  البحر الأربيض المتوسط، وخليج السويس وقناة السويس من الغرب والبحر الأحمر من الجنوب وخليج العقبة والحدود السياسية مع فلسطين من الشرق (شكل 1).  كذلك يحدها من الشرق فالق الوادي المتصدع الممتد من كينيا عبر القرن الأفريقي فالبحر الأحمر وخليج العقبة والبحر الميت إلى جبال طوروس بتركيا.

تبلغ مساحة سيناء 60,088 كم2  ويسكنها 380,000 نسمة وهي ذات مظاهر تضاريسية متباينة حيث يغطي الجزء الشمالي منها بسهل ساحلي يتدرج في  إلارتفاع جنوبا حيث تبدأ ظهور بعض التلال والهضاب المتقطعة وبعض الجبال. ثم تبدأ هضبة التيه الكبيرة في الظهور وتغطي منطقة كبيرة من شمال ووسط سيناء. يغطي الجزء الجنوبي من سيناء جبال متفاوتة في الارتفاع أهمها جبل موسى 2,285 متر وجبل القديسة كاترينا 2,638 متر (أعلى جبال في مصر) ويقع في هذا الجبال دير سانت كاترين وكنيسة غنية بالآثار والمخطوطات بناها جوستنيان عام 527  وجبال سيناء (شكل2). (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1)

 

تغطي أرض سيناء منكشفات من الصخور والرسوبيات  التي تنتمي إلي عصور جيولوجية مختلفة من عصر ما قبل الحياة حتي العصر الرباعي والحديث. أي أن سيناء كلها تقريبا عبارة عن أراضي صحراوية وجبلية. ولما كانت هناء مشكلة وهي نقص المياه في سيناء فإن تنميتها عن طريق المشروعات الزراعية لا يمكن تنفيذه إلا في أضيق الحدود.

 

                وتجدر الإشارة إلي أن الدولة قد بذلت ولا تزال تبذل الجهود الكبيرة لتنمية سيناء، ولكن ذلك ركز بقدر كبير علي النواحي السياحية، وفي اعتقادي أن هذا مهم وقد حصلت خزينة الدولة منه علي موارد كبيرة، ولكنه لا يمثل التنمية المستقبلية التي تضمن أمن سيناء، وتدر علي الاقتصاد المصري أموالا طائلة أو تغير من خريطة جغرافية السكان في سيناء الحبيبة. لذلك فكرت في طرح هذا المشروع الهام لتنمية سيناء والذي يعتمد أساسا علي المصادر الطبيعية وخاصة الثروات المعدنية والصخرية، والبنية التحتية المتاحة.

وتحتل سيناء مكانة غالية في قلوبنا جميعا وأن أمنها جزء  لا يتجزأ من أمن بقية أجزاء مصر، وهي تمثل الدرع الواقي لبقية أجزاء الوطن ضد الأطماع الخارجية علي مر العصور وخاصة في عصرنا الحديث. وفي اعتقادي أن أعظم شيء لضمان أمن سيناء هي تنميتها وذلك بإنشاء مراكز تنمية صناعية علي طرقها ومحاورها الرئيسية مما يساعد علي زيادة كبيرة في عدد سكانها. وهذا يتطلب من علماء مصر وخبرائها دراسة أفضل الطرق المناسبة لتنمية سيناء وماهي المدخلات اللازمة لهذه التنمية.

يشتمل هذا الكتاب علي أربعة فصول، يمثل الفصل الأول مقدمة الكتاب حيث يحتوي علي مقدمة تارخية عن سيناء في العصر القديم والعصر الإسلامي والعصر العثماني وتاريخ سيناء خلال القرن التاسع عشر. كذلك يشمل هذا الفصل شرحا للمشروع القومي لتنمية سيناء والذي بدأته الدولة المصرية في عام 1986. وفي نهاية هذا الفصل تم مناقشة مقومات التنمية في سيناء حيث شملت المقومات الجغرلفية ومصادر الطاقة ومصادر المياه. أما الفصل الثاني فيشتمل علي نبذة مختصرة عن جيولوجية سيناء وعن الثروات الطبيعية في شبه جزيرة سيناء سواء محافظة سيناء الشمالية أو الجنوبية.

يناقش الفصل الثالث مشروع التنمية المقترح لشبه جزيرة سيناء حيث يناقش فكرة إنشاء مراكز تنمية علي شكل مدن صناعية علي الطرق الرئيسة في سيناء والتي تمتد من الغرب إلي الشرق معتمدة علي الاستثمار النعديني والبترول. تقترح هذه الدراسة تقسيم تلك الطرق إلي أربعة محاور رئيسية – علي الأقل- لتنمية سيناء وهي: (1) محورالطريق الساحلي الشمالي، (2) محور طريق القنطرة شرق - بئر جفجافة - العريش، (3) محور طريق الشط - نخل – طابا ، (4) محور طريق أبو زنيمة- أبو رديس - وادي فيران – نويبع. هذا ويتم دراسة المصادر الطبيعية من المعادن والصخور القريبة من كل محور من تلك المحاور، ثم يتم تحديد مراكز تنمية صناعية مناسبة تعتمد علي تلك المصادر الطبيعية المحيطة بكل محور، مع الأخذ في الاعتبار النواحي الجغرافية والبيئية المحيطة.

في اعتقادي أن هذا المشروع سوف يمثل دفعة كبيرة علي طريق التنمية في سيناء، حيث أنه سوف يجذب العديد من المستثمرين، وسوف يغير من خريطتها السكانية لأنه سوف يمثل مناطق جذب للعديد من شباب مصر الذين يحلمون بمستقبل أفضل ويريدون أن يساهموا في بناء مستقبل مصر الاقتصادي ومستقبلهم، كذلك سوف يمثل هذا المشروع درعا واقيا لأمن مصر القومي، كما أنه سوف يرفع من معدلات النمو الاقتصادي ويعظم مردود الثروات الطبيعة علي الدخل القومي لمصر.

والله الموفق لما فيه خير مصر وشعبها الأمين.

                                                          عبدالعاطي بدر سالمان

أكتوبر 2010

المصدر: كتاب من إعدادي (تحت الإعداد)
absalman

دكتور / عبدالعاطي بدر سالمان جيولوجي استشاري، مصر [email protected]

  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 1150 مشاهدة

ساحة النقاش

دكتور: عبدالعاطي بدر سالمان

absalman
Nuclear Education Geology & Development »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,348,513