الاندماج النووي وطاقة المستقبل

 

عندما يتناول العلماء مشكلة الشح المتواصل في الطاقة، فإنهم يصلون عادة إلى النتيجة التي تؤكد أن الحل الأمثل يكمن في ابتداع التقنيات المعقدة، التي تضمن تحقيق تفاعل الاندماج النووي المضبوط، أو الذي يمكن التحكم فيه تماماً دون أن يسبب أية أخطار على البيئة أو على البشر ذاتهم.

ويبدو الآن أن العلماء عازمون على بلوغ هذا الهدف، الذي يمكنه أن يجنب الأرض مشاكل التلوث، وأن يؤمن للبشرية طاقة نظيفة مستدامة إلى الأبد.

ويكمن الدافع الأساسي وراء سعي المعاهد والمؤسسات البحثية العلمية، في النظرية التي تفيد أن مصادر الطاقة التقليدية في طريقها إلى النضوب السريع بسبب الاستهلاك المفرط من الإنسان. 

ويقول تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية أن استهلاك العالم من الطاقة في عام 2030 سوف يرتفع بمعدل 71% عما هو عليه الآن. وسوف يكون لمشكلة نقص مصادر الطاقة تأثيراتها السياسية والاجتماعية على البشر، وسوف تتأثر بهذه الأزمة كل قطاعات النشاطات البشرية دون استثناء، كالتجارة والنقل والزراعة وإنتاج المواد الغذائية والصحة والاتصالات، وكانت هذه الحقائق المخيفة كافية لدفع مراكز البحوث إلى العمل السريع لاستقاء الحل من خلال تطوير تفاعل الاندماج النووي، كالذي يحدث على سطح الشمس وبقية النجوم المشعة.

ويمكن تلخيص مفهوم تفاعل الاندماج النووي Nuclear Fusion Reaction في اندماج نوى نظائر الهيدروجين (البروتونيوم والديتريوم والتريتيوم) تحت درجة حرارة بالغة الارتفاع لإنتاج الهليوم والطاقة الهائلة، التي تفوق تلك التي تتحرر من الانشطار النووي بآلاف المرات. وهذه الطاقة الهائلة كافية لصهر مادة النجوم كلها وتبخيرها. وتفاعل الاندماج النووي لا يحرر نفايات نووية ضارة على الإطلاق، بخلاف تفاعل الانشطار النووي في محطات الطاقة النووية، إذ تشكل النفايات النووية خطراً دائماً لا يمكن التخلص منه على الإطلاق.

ولم يعد البحث في تسخير طاقة الاندماج النووي لخدمة البشر مجرد أقوال للاستهلاك الإعلامي، بل أصبحت هدفاً أساسياً في منظومة الاتحاد الأوربي، التي رصدت مؤخراً نحو 5,13 مليار دولار لتطوير هذه البحوث على المدى القريب والمتوسط. وانطلق العمل بالفعل في هذا المشروع الطموح، الذي اتخذ من بلدة "كادارش" الفرنسية مقراً له. 
ويجري العمل الآن على قدم وساق لبناء ما يسمى (المفاعل النووي الحراري التجريبي الأوربي والعالمي ITER)، الذي سيتكفل بتخليق نظائر الهيدروجين باستخدام المجالات المغناطيسية البالغة القوة، واستخدامها بعد ذلك في إنتاج كميات هائلة من الطاقة، التي يمكن التحكم بها، وهذا المفاعل يشبه نجماً صغيراً جداً، لكنه قادر على إنتاج ما يكفي العالم كله من الطاقة النظيفة والمستدامة.

 

 

 

المصدر: المصدر: جريدة النور/ ترجمة وإعداد: وهدان وهدان نشرت فى 10 أكتوبر 2010 علوم, طاقة, طاقة نووية, قضية الطاقة
absalman

دكتور / عبدالعاطي بدر سالمان جيولوجي استشاري، مصر [email protected]

  • Currently 135/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
45 تصويتات / 933 مشاهدة

ساحة النقاش

absalman

عزيزي الأستاذ محمد أحمد
شكرا علي تعليقك المثمر وأتمني أن تزودنا بما يمكن أن يكون عند لنشره علي الموقع حتي يعم النفع، خالص أمنيات الخير وأكرر شكري لك.
عبدالعاطي سالمان

pass
عزيزي د. عبد العاطي سلمان أشكر لك حماسك واهتمامك بنشر الثقافة العلمية عموما وفي المجال النووي خصوصا. إن الأحلام والطموحات تراود خيال كل المصريين في إمتلاك مصادر القوة التي أصبح العالم لا يعترف بغيرها. لي تعليق بسيط علي موضوع الطاقة المحررة من تفاعلات الإندماج النووي مقارنة بتلك المحررة من الإنشطار، إذ أنه من المعروف أنها غالبا أقل ولكنها نظيفة كما ذكرت مشكورا. طبعا بكل بساطة يمكن حساب تلك الطاقة من فرق الكتل المشاركة قبل وبعد التفاعل فسنجد أنها أقل في حالة الإندماج. أخيرا لك تحياتي وأشكرك علي إخطاري بموقعك الجميل محمد أحمد

دكتور: عبدالعاطي بدر سالمان

absalman
Nuclear Education Geology & Development »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,352,602