فاتن عمارة
- الأولاد هِبة من الله -سبحانه وتعالى- فلا يملك أنْ يهبهم إلا المالك القادر (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49 ـ50]
وبما أنّ الأولاد هبة من الله -عزّ وجل- فهي نعمة تستوجب شكره عليها، وشكره عليها بحمده سبحانه باللسان والحال بأن نقول: الحمد لله الذي وهبني الولد، ونرعى هذه النّعمة ونوجّهها إلى طاعة المنعم جل وعلا.
- قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) [التحريم:6]
فكيف يقي المؤمن أهله النّار إذا لم يأمرهم بما أمر به الله وينهاهم عما نهى عنه ويراقبهم ويوجّههم؟
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّته ، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيّته ، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيّته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّتها " رواه البخاري ومسلم
إذن فعلى الوالدين مسؤولية تربية أبنائهم على الإسلام، وتعليم الطّفل أمور دينه وتدريبه على العبادات فهو واجب شرعي عليهم ، وضرورة اجتماعية ، وتربيته على الأخلاق الكريمة ، وتنشئته على حبّ الله -عز وجل- وحبّ النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، و أن يكونا قدوة حسنة لهم؛ فالطّفل مرآة و صورة حقيقيّة عن أبويه بعد عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة فلينظر كل منا:
على أيّ صورة يحبّ أن يرى ولده ؟
- كل أم تظنّ أنّها تربّي أولادها حين يأكلون ويلبسون و ينامون 000 الخ وكذلك الأب يظنّ حين يعمل ويكافح ليوفر لأبنائه احتياجاتهم ـ أنّه أدّى ما عليه من واجب تجاه أبنائه، وأمام كفاح الأب في تحصيل لقمة العيش وعدم إدراك الأم لدورها الأساسي أصبح الأولاد فريسة كلّ مَن يربّي من تلفاز أو مدرسة أو شارع أو صديق سوء000 الخ
ليس اليتيم مَن انتهى أبواه
من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
إنّ اليتيم هو الذي تلقى له
أماً تخلّت أو أباً مشغولاً
وبعد عِدّة أعوام يبكي الأب من عقوق الأبناء، وتصرخ الأمّ من انشغال أبنائها عنها، ويجني الجميع ما بذرته اليد.
- إن المسؤولية التي أعنيها هنا: هل ربّيْتِ أيّتها الأمّ المؤمنة، وأيّها الأب الفاضل ابنك على الإسلام؟
هل سألْتَ عن أداء أبنائك الصّلوات الخمس كما تسألهم عن أداء واجباتهم المدرسية؟ هل تعهّدت الأم أخلاق أبنائها كما تتعهدهم في المأكل والمشرب والدواء 000 الخ؟
- إن الإسلام هو المنهج الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لعباده ليسعدوا به في الدنيا قبل الآخرة.
" ورضيت لكم الإسلام دينا"
لذا وجب على كل أم وأب بل وكل مربٍ أنْ يتخذ هذا المنهج وسيلة لتربية أبنائه، فالولد الذي تربّى على مأدبة القرآن، وحرص أبوه على الصفّ الأوّل في المسجد لن يكون مصدر عناء لوالديه، والولد الذي تربى على الأغاني والمسلسلات والسيجارة تلازم يد أبيه سيكون مصدر الألم والنّدم في الدنيا قبل الآخرة!
لقد سمعنا بل ورأينا العديد من النماذج؛ فهذه تسخر من أمها أمام أصدقائها، وهذا يسبّ أباه، وأخرى تتعرف على شاب، وآخر يقتل أمه 000 الخ فالجزاء من جنس العمل؛ فالابن يأتي إلى الدنيا وعاءً فارغاً تماماً نظيفًا، ونقوم نحن بملأ هذا الفراغ، فهو يتلقّى كل ما نلقيه فيه سواء كان جيدا أو قبيحا، بل أحياناً يعمل البعض جاهداً على تلويث أخلاقه؛ فالابن يدخّن ويضيّع الصّلوات؛ لأنّه تربى على ذلك، والبنت تكذب وتتبرّج؛ لأنّها تربّت أيضاً على ذلك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة وأبواه إما يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه000 "
وهذا ما يؤكّده قول الإمام ابن القيّم:
(إنّ الله يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أنْ يسأل الولد عن والده، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدًى فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وتركهم دون تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً؛ فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءَهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فردّ عليه: يا أبت عققتني صغيراً فعققتك كبيراً ، وأضعتني وليدًا
فأضعتك شيخًا ).
ويستطيع الأبوان تربية أبنائهم على الإسلام عملياً من خلال عناصر هذا التقييم:
م |
أسس التقييم | دائما | غالباً | أحياناً | أبداً |
1 | أدعو الله دائماً بأن يوفقني في تربية أبنائي وأن يكونوا ذرية صالحة تنفع الإسلام والمسلمين. | ||||
2 | أتابع أبنائي دائماً في أداء الصلوات وأحرص على تشجيعهم. | ||||
3 | أستشعر ثواب الله حين أقوم مع أبنائي بأداء طاعة ( صلاة- صيام- صدقة) | ||||
4 | أعمل دائماً على ربط أبنائي بالقرآن الكريم حفظاً وفهماً وسلوكاً . | ||||
5 | أربي أبنائي على معايشة أسماء الله وصفاته ( الله سميع – الله بصير – الله رقيب00000 الخ | ||||
6 | أغرس في أبنائي محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قدوتهم من خلال مدارسة سيرته العطرة واتباع سنته. | ||||
7 | أجلس مع أبنائي وأحكي لهم قصص الصّحابة والصالحين وأخرج لهم الدروس العملية التي يطبقونها . | ||||
8 | أربي بناتي على الالتزام بالزي الشرعي، والأولاد على ترك الموضات المستغربة في ملبسهم وقصّات شعرهم 000 الخ | ||||
9 | أحرص على تسمية أبنائي الأسماء الإسلامية الجميلة. | ||||
10 | أنتقي لأولادي ما يشاهدونه في التلفاز أو ما يتلقونه من وسائل الإعلام وأبين لهم الصواب من الخطأ. | ||||
11 | أحرص دائماً أن أكون قدوة لأولادي في عباداتي وأخلاقي وسلوكي ومظهري. | ||||
12 | أتعامل مع أطفالي بلين في غير ضعف، وشدّة في غير عنف . | ||||
13 | أحرص على خروج أسرتي رحلة عائلية جميلة كل فترة محددة. | ||||
14 | أرشد أبنائي دائما إلى مصاحبة الصالحين الأخيار والبعد عن رفقاء السوء . | ||||
15 | أتابع الجانب الأخلاقي والسلوكي لأولادي وأوجههم دائماً ( صدق- أمانة- احترام الكبير- محبة الخير للغير- مساعدة المحتاج). | ||||
16 | أتذكر نعمة الله عليّ في رزقه لي ذرية وأتذكّر أنّ هناك من حرموا هذه النعمة. | ||||
17 | أحرص على برّ والديّ و صلة الأرحام ،وأعود أبنائي على ذلك. | ||||
18 | أعلم أولادي آداب الإسلام في كل مناسبة وحال وأذكّرهم بها. | ||||
19 | أنتهز الفرصة لكل موقف يحدث لإرساء قيمة دينيّة في نفس ابني. |
أعطِ لنفسك درجة
دائما | غالباً | أحياناً | أبداً |
3 | 2 | 1 | 0 |
من 10 إلى 20 اتق الله ستقف بين يدي الله، وسيسألك عما ضيّعت، راجع نفسك قبل فوات الآوان.
من 20 إلى 40 اهتم أكثر فأنت على الطّريق.
من 40إلى 60
هنيئاً لمثل هذا الوالد بهذا الابن الذي ربّاه على الدّين والبرّ السّعادة به في الدنيا قبل الآخرة.
وأخيراً عزيزي الأب عزيزتي الأم، إنّ أعداء الإسلام يعملون جاهدين ليل نهار من أجل إفساد هذا الكيان الطاهر، وهذه النبتة الصالحة. يقولون في بروتوكولاتهم " لن نستطيع السّيطرة على العالم حتى نفسد الناشئة" ؛ :لأنّهم أيقنوا أنّ إفساد طفل يعني: شابا فاسدا، يعني: رجلا تافها يعني ضياع الأمة كلها، وأنتم بيدكم إعادة مجدنا الضائع، وشرفنا المسلوب من خلال هذه الأمانة التي بين أيديكم. لماذا لا يكون ابنك مثل عمر بن الخطاب أو خالد بن الوليد أو صلاح الدين الأيوبي؟ فالنّبتة النّظيفة الموحّدة وهبها الله لك ، والمنهج الصّحيح ( قرآن وسنة) بين يديك ، والحقّ معك ، فلنتقِ الله، ولنعمل جميعاً لهذا الأمل، ولنحيَ بالإسلام قولاً وعملاً، والله مؤيّدنا ومعيننا.