يعتبر الوقت من أهم عناصر الحياة ومقوماتها على مستوى الأفراد والمجتمعات والمؤسسات ، وهو نقطة الانطلاق الحقيقية للعمل والإنتاج ،  والوقت مورد من أهم الموارد وما يميزه عن غيره من الموارد أنه يمر وينتهي من نفسه ، لا يمكن إيقافه ، و لا يمكن استرداده ، ولكن المسلم به لدى الكثير من خبراء الموارد البشرية أن الوقت كغيره من الموارد يمكن استخدامه واستغلاله بعقل أو دون عقل .

 وقد عرف بنجامين فرانكلين الوقت بأنه المادة التي صنعت منها الحياة والحياة المنظمة تتيح الوقت للقيام بكل شيء ، بالتخطيط والمتابعة ، والوقت مورد فريد لا يمكن ادخاره بل استخدامه بحكمة ، فالوقت موزع على الكل بالتساوي ، ولكن كمية الوقت ليست مهمة بقدر أهمية كيفية إدارة الوقت المتاح لنا وتنظيمه ، ويمكن إدارة الوقت بفاعلية إذا خططنا له اليوم ، والوقت أيضاً هو عبارة عن مجموعة من التصورات ، والمفاهيم ، والأحداث ، والإيقاعات ، تغطي نطاقاً عريضاً جداً من الظواهر . (أحمد وحافظ ، 2003م : 180) .

وفي بداية حديثنا عن إدارة الوقت وتنظيمه يجدر بنا أن نجيد إدارة هذا التكليف بصورة علمية ولهذا لا بد لنا أن نطرح التسأول التالي :

ما هي المبررات التي تدعونا إلى إدارة الوقت وتنظيمه ؟

يمكن تلخيص أهم المبررات التي تدعونا إلى ضرورة إدارة الوقت وتنظيمه :

1. لتنفيذ المهام والأعمال الهامة بأقل جهد وأقصر وقت ، ثم يتبقى لنا وقت للإبداع والتخطيط للمستقبل ، وللراحة والاستجمام .

2.      لتحديد الأولويات وإنجاز أهم الأعمال في حياتنا .

3.      للاستفادة من الوقت الضائع واستغلاله .

4.      للتغلب على الإجهاد والإحباط الذي يقلل من كفاءة العمل .

وبعد أن حددنا جملة المبررات التي تدعونا إلى إدارة الوقت وتنظيمه ،  ولكي نسير بشكل منطقي في تناول هذا الموضوع نطرح هذا السؤال :

ما  واقع إدارة الوقت واستخدامه لدينا ، وكيف يتم  توزيعه على الأغراض والأنشطة المختلفة ؟

من واقع الحياة التي نعيشها نحن كأفراد نجد أننا نشكو من كثرة الأعمال وقلة الوقت المتاح ، وغالباً ما يتردد على ألسنتنا ليس لدي وقت وغالباً ما نشكو من أننا لا نجد وقتاً لأنفسنا وأولادنا ، وإذا ما استعان بنا الآخرون نرد في أغلب الأحيان أنا مشغول جداً . 

ويجدر بنا أن نعزز ما ذهبنا إليه من مبررات الحاجة إلى إدارة الوقت وتنظيمه بما توصلت إليه الدراسات العلمية في هذا الشأن والتي تحدد صورة الواقع الذي نعيشه ، ومن هذه الدراسات  دراسة (الحمبدي ،1415هـ) وهي بعنوان :إدارة الوقت لدى طلاب جامعة أم القرى  وقد هدفت هذه الدراسة  إلى  التعرف على واقع إدارة الوقت واستخدامه لدى طلاب جامعة أم القرى  ، وكيفية توزيعه على الأغراض والأنشطة المختلفة الدراسية منها وغير الدراسية ، ومدى الرشد في هذا الاستخدام . ومن أهم النتائج التي كشفت عنها الدراسة :

-  شيوع ظاهرة السهر والتأخر في النوم والاستيقاظ بين نسبة كبيرة من الطلاب.

-  حوالي ثلثي الطلاب يضعون خطة لتنظيم الوقت ولكن أغلبهم لا يلتزمون بها.

- بلغ  ما يخصصه الطلاب للأوقات الحرة وأنشطتها المختلفة 58 ساعة أسبوعياً وهو أكثر مما ينبغي تخصيصه بمقدار 37 ساعة أسبوعياً.

وفي دراسة (اللحياني ،1417هـ) وهي بعنوان ميزانية الوقت لطلاب جامعة الملك عبد العزيز بجدةو هدفت هذه الدراسة  إلى التعرف على ميزانية الوقت لكل نشاط  يُمارس  من قبل طلاب جامعة الملك عبد العزيز وكان من أبرز نتائج هذه الدراسة ما يلي: بلغ المجموع الكلي  لمتوسط وقت الفراغ لدى طلاب الجامعة ما نسبته 24.3% من الوقت الكلي للأسبوع.

وفي دراسة (الثبيتي ، 1412هـ) وهي بعنوان : التربية الإسلامية وتقدير قيمة الوقتوكان من ضمن أهدافها  الكشف عن واقع الشباب ومدى اهتمامهم بالوقت وكان من أبرز نتائج هذه الدراسة ما يلي:

-  أظهرت الدراسة أن الوقت لا قيمة له بين معظم الشباب في واقعنا المعاصر، وأنه يضيع هدراً.

-  أظهرت الدراسة أن الأسرة لا تقوم  بالدور المطلوب منها في توجيه أبنائها نحو تنظيم أوقاتهم .

وبعد أن استعرضنا فيما سبق الوضع الراهن أو الواقع الذي نعيشه ومدى حاجتنا إلى إدارة الوقت وتنظيمه يجدر بنا أن نضع الآليات المناسبة لالتهام الضفادع أي انجاز المهام الصعبة أو الغير مرغوب فيها ،  وفي كتاب: ابدأ بالأهم ولو كان صعباً (التهم هذا الضفدع) يركز المؤلف: برايان تريسي على إنجاز المهام وعدم تأجيلها مهما كانت صعبة أو غير مرغوب بها، فتأجيلها لن يلغيها، ويتخذ قول مارك توين مبدءاً: إذا كان عليك أن تبتلع ضفدعين فابلع الأكبر أولاً ولا تنظر إليه طويلاً والضفادع هنا هي المهام الصعبة أو الغير مرغوب بها، فيميل كل شخص تقريباً للتخلص من المهام غير المريحة بالنسبة له، فمواجهة هذا النوع من المهام ومحاولة إنهائها ليس بالأمر السهل غير أن نتيجة عدم انجازها قد تكون أسوأ بكثير من عدم محاولة إنهائها من البداية. وهنا نجد أنفسنا أمام السؤال التالي :

ما هي الآليات والسبل الفعالة   في إدارة الوقت وإنجاز المهام (التهام الضفادع)  ؟ أو ما هي السبل الفعالة في إدارة الوقت والتي تضمن تعديل اتجاهات الفرد ومنهجه إلى الأفضل ؟

يمكن لنا ومن خلال الإطلاع على الأدبيات التي تناولت إدارة الوقت وسبل إنجاز المهام أن نلخص أهم الطرق الفعالة في التهام الضفادع (إنجاز المهام ) فيما يلي  :

1.  لا يمكن أن نقرر ما يجب عمله اليوم إلا إذا تحدد ما نريد أن نصل إليه غدا.

2. أن أي خطة تتعلق بالتطوير و استغلال الوقت بشكل جيد تعتمد علي وضوح الهدف.

3. حدد الأهداف : سجل كل الأهداف ثم قسمها إلى أهداف طويلة الأجل و أخري قصيرة الأجل , متخصصة و شخصية. يجب أن يتم الموازنة بين الأهداف ووضع جدولا زمنيا لتحديد متى نريد الانتهاء من كل الأهداف.

4.  تحديد الأولويات : يجب أن يتم ترتيب الأهداف تبعا للأولوية و أهمية الهدف علي أن يتم تحديد نقاط التعارض بين أولوياتك و أولويات رئيسك و زملائك و محاولة التنسيق بين الجميع كما يتم تغير الأولويات بشكل مستمر في ضوء التغيرات أو المعلومات الجديدة  .

5. تحليل المهام : اعمل قائمة بكل أهدافك و مهامك الحالية و القادمة و الروتينية , ثم قسمها إلى ثلاث فئات و حدد المهام التي في حاجة لإشراك الآخرين و أيها يمكنك تفويضه و أي المهام غير ضروري لتتجاهله كما يجب تحديد أهم المهام وأوقات الانتهاء منها والتقسيم المتعارف عليه للمهام هو كالتالي :

· المهام المهمة و العاجلة . ( طارئة أو اقترب موعدها )

· المهام المهمة وغير العاجلة . (مثل إعداد الخطط والتدريب )

· المهام غير المهمة والعاجلة .(مثل المكالمات التلفونية والزيارات)

· المهام غير المهمة وغير العاجلة . (الأمور الروتينية والقرارات البسيطة )  

وفي هذه المرحلة أي مرحلة تقسيم المهمات تظهر لنا الضفادع التي يجبالتهامهاأولاً وسيجد الفرد في هذه المرحلة إجابة شافية للسؤال المطروح سلفاً : ما أفضل عمل أقوم به ؟ ونحن هنا نكرر المقولة الشهيرة إذا كان عليك أن تبتلع ضفدعين فابلع الأكبر أولاً ولا تنظر إليه طويلاً وبوضوح أكثر علينا التهام المهام العاجلة والهامة أولاً .

6. تحديد أوقات الهدوء و الراحة : ستكون في حاجة إلى بعض الوقت لتحدد لنفسك أولوياتك و تركز علي المهام الأصعب ذات الأولوية الأولي . كما يجب أن تحصل علي وقت راحة لكي تتمكن من إنجاز المهام بكفاءة عالية.

7. زيادة الكفاءة  : أن مستويات أدائك سوف تتذبذب تبعا لمستويات النشاط لذا يجب تحديد أوقات المهام بحيث يتلاءم مع مستويات النشاط  .

وفي ذات السياق نورد طرقاً لتوفير الوقت بواسطة التخطيط وهي ( ديب وسوسمان، 1418هـ،ص327)  :

· الالتزام بأهداف سنوية للتطوير الشخصي والإنجازات المهنية .

· قضاء عشرين دقيقة في بداية كل أسبوع وعشر دقائق في بداية كل يوم لتخطيط قوائم الأعمال المطلوبة.

·       عمل جدول زمني لتحليل الأنشطة .

·       عدم القيام بأكثر من عمل واحد في نفس الوقت.

·       عدم فتح الرسائل غير المهمة .

·       عدم الالتفات لأي ورقة سوى مرة واحدة أو مرتين على الأكثر.

· تذكر قاعدة 80/20 : أي أنك تحصل على 80% من إنتاجك من 20% من جهدك ، لذلك فعليك أن تجعل كل وقتك على هذه الـ 20%.

·       وضع أهداف للموظفين ليقوموا بإنجازها عند غيابك.

·       احمل الأعمال والقراءات الممكنة إلى كل مكان تذهب إليه.

·       القيام بتسجيل كافة الأعمال المهمة التي يجب إنجازها في الغد ، في نهاية كل يوم.

 

المصدر: موقع تطوير الذات للمدرب : يعن الله علي القرني
  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 2683 مشاهدة
نشرت فى 12 يناير 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,722,687

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters