التنمية عبر بناء مجتمع المعلومات العربي

 

إن عملية بناء مجتمع معلومات عربي متكامل لا يمكن أن تتم بالفعل إلا من خلال تعظيم الاستفادة من نظم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وإقامة صناعة عربية في هذه المجالات المهمة.. وبديهي أن يشكل ذلك دعماً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.. وتلك هي الرؤية الأساسية المستقبلية لمجتمع المعلومات العربي التي تؤكد على تعزيز استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات كإحدى الأدوات الأساسية للعملية التنموية.. وقد تم تجسيد هذه الرؤية الأساسية في مضمون الاستراتيجية العربية لمجتمع الاتصالات وتقنية المعلوماتية.. حيث أكدت على عدد من المبادئ يتصدرها التوسع في تحرير الخدمات لخلق سوق عربي تنافسي يندمج في الاقتصاد العالمي، والشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.. ثم التكامل في تقديم خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والإعلام لكي تتاح للمواطن العربي أفضل الخدمات.. وتعظيم التعاون العربي وفق أسس اقتصادية لخلق كيانات فاعلة في هذا المجال، إضافة إلى التفاعل مع المجتمع الدولي وآلياته في سبيل نقل التكنولوجيا وتطويرها، وخلق فرص العمل، وجذب الاستثمارات،والعمل على تحسين حياة الإنسان العربي من خلال استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات..

 

أما أهداف الاستراتيجية فقد تركزت في ثلاثة أهداف أولها : خلق سوق تنافسي لمجتمع المعلومات العربي كجزء من مجتمع المعلومات العالمي، ويمكن تحقيقه من خلال وضع السياسات والتشريعات التي تختص بخلق هذا السوق، ومراجعة التعرفة الدولية بغرض التخفيض بحيث تشمل التجوال.. وكذلك مراجعة الإطار التنظيمي لخدمات الاتصالات عبر الشبكة العربية لهيئات تنظيم الاتصالات في سبيل خلق سوق يدعم التنافس، ويعزز الشفافية في جميع الأحوال.. إضافة إلى تعظيم استثمار الطيف الترددي داخل الوطن العربي بالتنسيق مع المجتمع الدولي، ومراجعة التعرفة الدولية لخدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات متضمنة (الخدمات الصوتية والمرئية وخدمات الدعم الفني) والتجوال الدولي، والخدمات بكافة الأشكال..

 

ومن العوامل المطلوبة لتحقيق هذا الهدف وضع نماذج اقتصادية لخدمات المحتوى العربي المرئي والسمعي والمعرفي والفني، ووضع آليات تنظيمية لضمان مجتمع معلومات آمن، ثم العمل على خلق سوق تنافسي لمجتمع المعلومات في ظل تلك السياسات والتشريعات.. بحيث يجرى العمل على عدد من المحاور هي على التوالي : البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، تنمية صناعة وخدمات المحتوى الرقمي العربي، خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بناء الثقة والأمن في استخدام المعارف التكنولوجية..

 

الهدف الثاني للاستراتيجية هو تحقيق النفاذ الشامل وتحسين جودة الخدمات باستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ويتم تحقيقه عبر السياسات والتشريعات المتعلقة بذلك، وبما يضمن إتاحة استخدام هذه التكنولوجيا لجميع مواطني المنطقة العربية.. والعمل على تطوير مؤسسات البريد العربية، ووضع إطار للتكامل فيما بينها كأساس للخدمات المجتمعية الإلكترونية.. بالإضافة إلى تسخير تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لتطوير الخدمات الحكومية،ووضع المعايير القياسية،وتشجيع الاستثمار المشترك لتنمية الخدمات بين الدول العربية في العديد من المجالات كالخدمات الصحية والتعليمية.. وكذا تعظيم إتاحة وتبادل الخدمات في مجال التعليم عن بُعد، والتطبيب عن بُعد، وخدمات الحكومة الإلكترونية وغيرها مما يساهم في رفع مستوى معيشة المواطن في الدول العربية..

 

ولتيسير تحقيق هدف النفاذ الشامل، وتحسين جودة الخدمات يجب العمل على تحقيق النفاذ إلى المعلومات، وتنمية خدمات الحكومة الإلكترونية، تنمية الخدمات الصحية باستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، تنمية الأعمال الإلكترونية، وتطوير المؤسسات البريدية..

 

أما الهدف الثالث للاستراتيجية فهو تنمية صناعة هذه التكنولوجيا بهدف إيجاد فرص عمل جديدة، والعمل على تأهيل منتجاتها وخدماتها وإعدادها للتصدير..وتحقيق ذلك يعتمد على وضع السياسات والتشريعات الخاصة بتنمية هذه الصناعة،ونمو الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التطوير ..وتنمية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمارات لتوطين التكنولوجيا المتقدمة، وتنمية القدرات البشرية العربية والكوادر المتخصصة في سبيل إقامة صناعة تصديرية مع مراعاة الجودة العالمية..

 

ويتبقى أمر تنفيذ هذه الاستراتيجية الذي يعتمد على الشراكة بين مختلف أصحاب المصلحة، وليس ذلك منوطاً بالحكومات فقط، بل يتعين على ذوي المصلحة من مؤسسات القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الإقليمية والدولية المساهمة بأدوار إيجابية..

 

ولا شك أن هناك أهمية بالغة لتوفير الدعم المالي اللازم لتنفيذ مضمون الاستراتيجية، لاسيما من خلال تشجيع الاستثمارات.. وكذا الاهتمام بتفعيل التعاون البيني وتبادل المعلومات والخبرات.. وبالتالي فإن ضمان تطبيق هذه الاستراتيجية وتحقيق الهدف منها في خلق مجتمع معلوماتي متكامل بكل ما يحمله من نتائج تنموية واجتماعية وثقافية واقتصادية، يتطلب تحديداً واضحاً للمسؤوليات وآليات المتابعة الدورية لمراحل تنفيذ الاستراتيجية..

 

الأمل كبير في أن يتسنى للدول العربية العمل على المستوى الوطني والإقليمي لتعزيز التفاعل بين كافة الأطراف المعنية لاستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في عملية التنمية..وبناء مجتمع معلومات عربي متكامل، وإقامة صناعة عربية في هذا المجال دعماً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتلك هي القضية. 

المصدر: محمد علي بركات
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 915 مشاهدة
نشرت فى 10 يناير 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,908,969

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters