الوظائف الرئيسية لبطاقة قياس الأداء المتوازن :

يسهم منهج قياس الأداء المتوازن كأداة استراتيجية للإدارة فى تحقيق العديد من الوظائف بالمنظمات المعاصرة ، من بينها :

 

أولا : توضيح وترجمة رؤية واستراتيجية المنظمة

حيث يتم ترجمة استراتيجية المنظمة إلى أهداف ويتم تحديد السوق وقطاع العملاء الذين ستقوم المنظمة بخدمتهم وذلك حتى تتحقق هذه الأهداف كما تحدد المنظمة أهداف وقياسات كل من العمليات الداخلية التعلم والتطور العملاء النجاح المالي حيث تحدد في كل جانب ما المطلوب عمله على وجه التحديد.

 

ثانيا : توصيل وربط الأهداف الاستراتيجية والقياسات المطبقة

يجب إعلام جميع العاملين بالأهداف الرئيسية التي يجب تنفيذها حتى تنجح الاستراتيجية، مما يتطلب توصيل وربط الأهداف الإستراتيجية والقياسات المختلفة. فالتسليم السريع للعملاء ( على سبيل المثال ) يمكن ترجمته إلى أهداف خفض أوقات الإعداد أو سرعة تسليم الطلبات من العملية للعلمية التالية لها، بما ييسر على العاملين فهم واستيعاب الدور المنتظر منهم القيام به حتى تتناغم أهدافهم الفرعية مع الهدف الاستراتيجي للمنظمة.

 

ثالثا : التخطيط ووضع الأهداف وترتيب المبادرات الاستراتيجية

يظهر أفضل تأثير لقياس الأداء المتوازن للأداء عندما يتم توظيفه لإحداث تغيير تنظيمي ولذلك يجب أن يضع المديرين التنفيذيين الأهداف للقياس المتوازن للأداء في جوانبها الأربعة. ومن خلال العلاقات السببية في البطاقة تصبح الإمكانات المطلوب تحقيقها مترجمة إلى أداء مالي ، فمثلاً خفض التكلفة يمكن ترجمته إلى وفر في تكلفة الطلب أو وقت أقصر للوصول إلى السوق أو إمكانيات عاملين أفضل.

 

الأبعاد الجوهرية الواجب مراعاتها لتصميم بطاقة قياس الأداء المتوازن   

يجب أن يسمح تصميم بطاقات قياس الأداء المتوازن بالربط بين مجموعة الأهداف والقياسات داخل المنظمة بأوجهها المختلفة.ويتحقق ذلك الربط بمراعاة النقاط التالية :

 

1- الجوانب الرئيسية لبطاقة قياس الأداء المتوازن

·        الجانب المالي : يتضمن مؤشرات تقيس ربحية المنظمة.

·   جانب العملاء : يهتم بتحديد العملاء وقطاعات السوق ، ثم يتم تحديد مؤشرات الأداء لهذا الجانب والتي يمكن أن تتضمن: خدمة العملاء ، خدمة عملاء جدد، حصة المنظمة من السوق.

·   العمليات الداخلية : يحدد المديرين التنفيذيين العمليات الداخلية المطلوب إجادتها والتي تمكن من : الوصول للأهداف المقدمة ، إرضاء حملة الأسهم. ويهتم القياس المتوازن للأداء بتنمية العمليات الجديدة والأنشطة الإبتكارية لخدمة وإرضاء العملاء.

·   النمو والتعلم : إن مقابلة الأهداف بعيدة المدى والمنافسة العالمية تقتضي تطوير الأداء والمهارات بصورة دائمة ويأتي النمو والتطوير في : الأفراد ، النظم، الإجراءات.

2– المحاور التي يحتوى عليها كل جانب :  لكل جانب من جوانب بطاقة قياس الأداء المتوازن تحدد المنظمة المحاور التالية (aالأهداف Objectives .

 B) القياسات (المؤشرات )  Measures   . (C المعايير( النتائج المستهدفة).  (D       Target  المبادرات  Initatives .

 

عن طريق استخدام قياس الأداء المتوازن تكتشف المنظمات كيفية إيجاد وتحقيق قيمة للعملاء الحاليين والمستقبلين وكيف تطور المنظمات القدرات الداخلية لتحسين الأداء المستقبلي ويتم ذك على الأنشطة الحرجة في سلسلة إيجاد وتحقيق القيمة كما تحدد محفزاتها حتى يمكن تحقيق الأهداف المالية والتنافسية طويلة المدى. ويوضح الشكل رقـم ( 2 )  المحاور التي يشتمل عليها كل جانب من جوانب بطاقة قياس الأداء المتوازن. ومن خلال الشكل يمكننا عرض المصطلحات التالية لتحقيق الغرض المنشود من إيصال الفكرة :

 

الجانب (Dimension or Perspective) :

     أحد الركائز التي يقوم عليه أسلوب قياس الأداء المتوازن وتتمثل تلك الركائز في : الجانب المالي والعملاء والعمليات الداخلية والنمو والتعلم، ويحوي كل جانب مجموعة من الأهداف التي تصب في إتجاه معين، والمؤشرات ، والمعايير ، والمبادرات. مثال ذلك : الجانب المالي ، وجانب العملاء ، وجانب العمليات ، وجانب الموارد البشرية ... إلخ .

 

الأهداف (Objectives) :

     النتائج المنشود تحقيقها ، والأهداف بشكل عام موزعة على أبعاد بطاقة الأداء المتوازن وتحمل نفس الأهمية الإستراتيجية ويجب أن تكون محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق ومعقولة ومحددة بوقت زمني لإتمامها.  مثال ذلك : زيادة نسبة رضا العملاء للخدمة المقدمة بنسبة 10% في نهاية العام الحالي .

 

القياسات ، المؤشرات (measures or  Indicators) :

     تمثل المجس الذي يحدد حالة الهدف المراد تحقيقه عن طريق مقارنته بقيمة محددة سلفا.  مثال ذلك : مؤشر رضا العملاء (مسح ميداني)

 

المعيار ٍ (Target):

    مقدار محدد يتم القياس بناء عليه لتحديد مقدار الانحراف (سلبا أو إيجابا) عن الهدف المقرر تحقيقه مع الاستعانة ببعض الألوان القياسية والتي تسهل عملية استقراء الحالة بشكل سريع.مثال ذلك : 80%.

 

المبادرات (Initiatives):

     تشير المبادرات إلى المشاريع التشغيلية اللازم تنفيذها لتحقيق الهدف. مثال ذلك : فتح فروع جديدة وتوسيع مكاتب خدمات العملاء.

 

3- العلاقات السببية :

     كثير من العمليات الإستراتيجية تمثل علاقات سبب ونتيجة ، ولذا يجب أن يحقق القياس العلاقة بينهما حتى يمكن إدارتها والتأكد من صحتها(يوسف ، 2005). ويجب أن تتضمن العلاقة الجوانب الأربعة المكونة لبطاقة قياس الأداء المتوازن. مثال : معدل العائد على رأس المال يزيد بزيادة المبيعات للعملاء  ويعكس ذلك ولاء العملاء ، إذن يتم إدراج معدل العائد في الجانب المالي والولاء في جانب العملاء ولكن كيف يتحقق الولاء؟   يتم الحصول على الولاء بتحسين وقت الخدمة للعملاء إذن ندرج الولاء ووقت الخدمة للعملاء في جانب العملاء من البطاقة ولتحقيق وقت خدمة قصيرة يجب تقليل وقت أداء العمل وإجادة العمليات الداخلية (يتم إدراجهم في العمليات الداخلية) وهذا يتم الحصول علية بالتدريب وتنمية المهارات للموظفين (يتم إدراجهم في جانب التعلم والنمو). ويبين الشكل رقم (3)  هذا المثال مقسما إلى أربعة عناصر رئيسية تكون نموذجا لقياس الأداء المتوازن.

4 – مثيرات ومحفزات الأداء :

     إن وجود قياس الأداء المتوازن بدون توضيح مثيراتها ومحفزاتها لا يوضح كيف تم الوصول إليها ، ولا يوضح ما إذا تم نجاح تنفيذ الإستراتيجية أم لا ؟ وبالعكس فإن وجود مثيرات الأداء بدون قياس الأداء المتوازن قد يمكن المنظمة من تحقيق التحسين قصير الأجل في العمليات ، ولكنه يفشل في إظهار ما إذا تم ترجمة التحسين في العمليات إلى نتائج فعلية في ربحية المنظمة ومركزها على المدى الإستراتيجي ، وذلك لأن أي تطوير لن يتم ملاحظته إلا إذا تم ترجمته إلى زيادة في أرقام الأعمال .

5- هل يمكن تجاهل القياسات المالية؟

    نادي البعض بالاستغناء عن القياسات المالية في قياس أداء المنظمات حيث أنها لا تقدم دليلا قوياً على النجاح في بيئة العمل الحالية بل يجب التركيز على إرضاء العملاء، والجودة…حيث أن ذلك سيقوم بإلغاء الفاقد والعيوب والتي تمكن المنشآت من تقديم نفس كمية المخرجات بكمية مدخلات أقل ، ومع هذا فمن الضروري الاهتمام بالقياسات المالية بجانب الأبعاد الأخرى لقياس الأداء المتوازن بالمنشأة.

 

 

6 - أربعة جوانب فقط : هل هي كافية ؟

يتضمن قياس الأداء المتوازن أربعة أقسام رئيسية والتي يمكن إضافة عناصر أخري إليها حسب المنظمة وظروفها وبيئة عملها المحيطة. فمثلاً يمكن أن تضع منظمة ما جانب البيئة كجانب رئيسي حيث أنها تؤثر في عملياتها الرئيسية ، وتضع منظمات أخرى جانب الموارد البشرية .

 

7 - الوحدة التنظيمية لتطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن

إن أفضل تطبيق لبطاقة قياس الأداء المتوازن هي الوحدات الاستراتيجية داخل منظمات الأعمال حيث يكون بها سلسلة متكاملة الأنشطة تقوم بتكوين سلسلة تحقيق القيمة في مراحل التطوير، العمليات، التسويق، التوزيع، البيع، خدمة العملاء.

 

مميزات بطاقة قياس الأداء المتوازن ، والمخاطر الواجب مراعاتها.

تتميز بطاقة قياس الأداء المقارن بعدة نقاط تمثل أهم خصائصها ، هذا إلى جانب تخوف البعض منها للعديد من المخاطر ، وفيما يلى نلمح لأهم تلك المميزات والمخاطر .

أولا ً :  مميزات بطاقة قياس الأداء المتوازن

إن التصميم الجيد لبطاقة قياس الأداء المتوازن يتميز بعدة خصائص أهمها: 1 - توضح تتابع علاقات السبب والنتيجة. 2 - تساعد في توصيل الاستراتيجية لكل أعضاء المنظمة .3- تهتم بطاقة قياس الأداء المتوازن في الشركات الهادفة إلي الربح علي المقاييس والأهداف المالية. 4 – تهتم بطاقة قياس الأداء المتوازن بالنموذج المالي والمحاسبي الشامل بدلا من النظام المحاسبي التقليدي. 5- تحدد بطاقة قياس الأداء المتوازن عدد ونوع المقاييس المستخدمة في كل مجال من مجالات القياس.

 

ثانيا : المخاطر الواجب مراعاتها عند تطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن:

تتضمن المخاطر التي يمكن تجنبها عند تطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن 
ما يلي: 1 -  عدم تطبيق علاقات السبب والنتيجة بصورة فعلية ، والإعتماد على مجرد افتراضات تطبيقها ، هذا بالإضافة إلى وجود التحدي الهام الذي يتمثل في  قوة وسرعة الارتباطات السببية بين المقاييس المالية وغير المالية. 2 – عدم القدرة على إحداث التحسينات عبر كل المقاييس في كل الوقت. 3- لا يعتمد على المقاييس الموضوعية فقط وإنما أيضا المقاييس غير الموضوعية مما يتطلب من أن الإدارة الحذر وتحرى الدقة. 4 - تهتم بالمقاييس غير المالية عند تقييم المديرين والموظفين ، وقد يقلل ذلك من الأهمية التي يعطيها المديرين للمقاييس المالية .

 

الخطوات المنهجية لتصميم وتطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن.

 

إن عملية بناء بطاقات قياس الأداء المتوازن تبدأ من المستويات العليا إلى المستويات الأدنى بدءا باستراتيجية المنظمة حيث تترجم البطاقة إلى أهداف وقياسات أداء ملموسة تمثل توازناً بين مختلف الجوانب .

    

ولقد تعددت آراء الكتاب والباحثين حول الخطوات اللازمة لتصميم وتطبيق بطاقة قياس الأداء المتوازن ، ويراعى أن الترتيب الذي يلزم اتخاذه ، والوقت المخصص لكل خطوة يتم تكييفهما طبقا لخصائص وظروف كل منشأة على حده ،  (Kaplan&Norton,1996) (يوسف ، 2005 ) (نيلز جوران ، وجان روى ، وماجتر ووتر ،2003).   (Kaplan&Norton,1993).

 

الخطوة الأولى :  صياغة الرؤية التنظيمية  :

تمثل الرؤية : تصورات أو توجهات أ طموحات وآمال لما يجب أن تكون عليه المنظمة في المستقبل ( مخيمر ، 2005 ) وتتم هذه الخطوة عن طريق عقد مقابلات مع أكبر عدد ممكن من الأفراد على أن يتم ذلك قدر الإمكان بمعرفة طرف خارجي للحصول على الصورة الأكثر موضوعية حول موقف الصناعة والاتجاهات فيها ، وقد يتطلب الأمر أيضا ندوة مشتركة تحضرها الإدارة العليا وقادة الرأي. إلى جانب ندوة تحضرها الإدارة العليا ومجموعة المشروع وشخص له خبرة سابقة بمشروعات قياس الأداء المتوازن. وتمر هذه الخطوة بعدة مراحل

 

(1)   تعريف الصناعة ووصف تطورها ودور المنشأة المنتظر :

يتمثل الغرض من هذه المرحلة في إرساء أساس للتوصل إلى إجماع بشأن خصائص ومتطلبات الصناعة وإلى تعريف واضح لوضع المنشأة الحالي ودورها. ومن ثم فالمطلوب في هذه المرحلة وصفا يتطلب بدوره الوصول إلى اتفاق حول الكيفية التي ستتطور بها الصناعة في المستقبل، بناء منطلق وركيزة أساسية وضرورية نحو تطوير رؤيتنا واستراتيجيتنا المستقبلية ، وعقد المقابلات الفردية مع رجال الإدارة العليا وقادة الرأي الأكثر تأثيراً في المنشأة. بحيث تهتم هذه المقابلات بدراسة وتحليل للمنشأة وخصائصها من أكبر عدد ممكن من الزوايا ، ويفيد في ذلك الاعتماد على بعض النماذج المعروفة في دراسات الإستراتيجية، مثل نموذج   SWOT، ونموذج بورتر PORTER ، ونموذج تحليل القدرات الفردية للمنشأة .

 

 

 

(2)   صياغة  رؤية المنشأة :

يقوم نموذج قياس الأداء المتوازن على رؤية شاملة مشتركة ، ولذا فمن الجوهري التأكد في مرحلة مبكرة من وجود رؤية معتنقة بشكل مشترك. نظراً لأن المقاييس سيتم بنائها وصياغتها في ضوء تلك الرؤية ، مما يسهم في تركيز بؤرة اهتمام المنظمة بصورة أقوى من ذي قبل . ويجب التأكيد على أن تكون هناك رؤية مشتركة للموقف الداخلي والخارجي المحيط بالمنشأة ،  قبل أن يصبح بالإمكان صياغة رؤية المنشأة ، ولكي تتم صياغة الرؤية

 

وبعد صياغة الرؤية ، وقبل المضي في بناء المقاييس ، ينبغي الوقوف بشكل نهائي على كيفية إدراك كل مشارك للرؤية ، ومن أساليب القيام بذلك السماح لكل مشارك بوصف الصورة التي يعتقد أن المنشأة ستبدو عليها عند تحقيق الرؤية ، وبذلك يعرض كل فرد صورته الخاصة للمنشأة في المستقبل من المنظور المالي ، العملاء ، العمليات والتطوير.

ومن المناسب هنا أن يعبر جميع المشاركين من خلال بضع كلمات عن تفسيرهم للرؤية من منظور مجالاتها المختلفة، وتعقد بعد ذلك مناقشة حول الأولويات المناسبة بين الكلمات المذكورة للتعبير عنها. وتفيد الأسئلة التالية في تقديم المزيد من العون قبل أن يتم تبني الرؤية وصياغتها بشكل قاطع :

·      هل تمدنا الرؤية بالثقة التي نحتاجها ؟

·      هل تعطينا الرؤية التحدي الذي نحتاجه ؟

·      هل تساعدنا الرؤية في صياغة الأهداف على نحو مرض ؟

·      هل نشـعر أن الرؤية ذات مغزى وأنها تخصنا دون غيرنا ؟

 

(3)  صياغة مجالات الرؤية :

 

بعد الانتهاء من صياغة الرؤية الشاملة ومفهوم العمل ، يأتي دور دراسة اختيار مجالات الرؤية التي سيتم بناء المقاييس عليها. وحسبما اقترح نموذج كابلان ونورتون، فإن هناك أربعة مجالات رؤية : مجال الرؤية المالي ، مجال رؤية العملاء ، مجال رؤية العمليات الداخلية ، ومجال رؤية التعلم والنمو. ومع ذلك فقد فضلت بعض المنشآت إضافة منظور خامس وهو منظور الموظفين أو المنظور البشري . واختيار مجالات الرؤية يجب أن يحكمه في الأساس منطق العمل مع وجود علاقة متبادلة واضحة بين مختلف مجالات الرؤية، وبذلك فإن مجال رؤية التطوير ينبغي أن يوضح الطرق التي تعتزم الإدارة إتباعها لتطوير المنشأة والمنتجات والخدمات المقدمة بغرض تنظيم العمليات و/ أو إضافة قيمة للعملاء ، وهذه التأثيرات ينبغي أن تنعكس على المنظور المالي .

 

 

 

الخطوة الثانية : تحديد الإستراتيجيات وبناء الأهداف الإستراتيجية العامة :

إن نموذج قياس الأداء المتوازن في الأساس أداة تسهم في صياغة وتنفيذ استراتيجية المنشأة وتعمل على مراجعتها ومتابعة عملية تنفيذها. وينبغي أن ينظر للنموذج على أنه أداة لترجمة رؤية واستراتيجية تجريدية إلى مقاييس وأهداف محددة. ومن ثم فإن الغرض من هذه الخطوة يتمثل في ترجمة الرؤية إلى صورة ملموسة وبالتالي تحقيق التوازن العام بين المجالات المختلفة. وحتى تتم هذه الخطوة بنجاح يجب أن تعقد ندوة مشتركة تحضرها نفس المجموعة المشار إليها في الخطوة الأولى.

وعادة ما تكون عملية صياغة الاستراتيجية شديدة التعقيد ، وتستلزم قدراً كبيراً من التفكير والمدخلات في صورها المختلفة(Wheelen&Hanger, 2004)   ، ويرجع ذلك لتعدد الجوانب والمتغيرات التي يلزم دراستها عادة. ولا يوجد اتفاق حول الإجراء المناسب لصياغة استراتيجية المنشأة، ومع ذلك ، يثور دائماً سؤال جوهري وهو كيف يمكن للمنشأة أن تكتسب ميزة تنافسية أفضل من منافسيها وتحافظ عليها. هذا السؤال يقع في قلب عملية إعداد وصياغة الاستراتيجية ، وتشير التجارب إلى أن أعظم مزايا نموذج قياس الأداء المتوازن تكمن في هذه الناحية على وجه التحديد ، فالنموذج يسهل تحليل الرؤية إلى استراتيجيات محددة ومستندة إلى الواقع ، مما يمكن الأفراد من فهمها والعمل من خلالها.

 

ومن أساليب تنفيذ هذه المرحلة من العملية سؤال المشاركين أن يصفوا القواعد الأساسية العامة التي يمكن أن ترشد وتوجه المنشأة نحو الرؤية المنشودة بأقصى درجة من السهولة والفاعلية. ومن هنا ، يمكن تحديد قواعد واستراتيجيات مناسبة أساسية في عدد من الجوانب منها على سبيل المثال: الربحية على المدى القصير والطويل ، الأساليب التي ستنافس بها المنشأة مثل التسعير ، وقت التسليم ، وتنظيم المنشأة ومن ثم نوع القدرات المراد بناؤها والمتاحة داخلياً.

 

وترتبط الاستراتيجيات الأخرى التي سيتم وضعها بالمجالات التي ستقوم المنشأة فيها بتطوير منتجاتها وخدماتها ، ومن سيتولون مسئولية التطوير. وعند اكتمال هذه المرحلة ، سيتوافر لدى المنظمة بيان لكل منظور (أو مجال رؤية) يوضح الاستراتيجية الرئيسية  مرتبة حسب الأولوية ، لتحقيق الرؤية المنشودة.

 

   وفيما يلي سوف نناقش كيفية إعداد استراتيجيات كل منظور:

 

 (1) المنظور المالي :

ينبغي أن يوضح هذه المنظور نتائج الاختيارات الاستراتيجية التي تم إجراؤها فيما يتصل بمجالات الرؤية الأخرى ، في الوقت الذي يرسى فيه العديد من الأهداف  طوية المدى وبالتالي جزءاً كبيراً من القواعد العامة الأساسية والمقدمات المنطقية لمجالات الرؤية الأخرى. هنا نجد وصفاً لما يتوقعه الملاك من المنشأة فيما يتعلق بالنمو والربحية. ومن الملائم أيضاً دراسة وتحليل المخاطر المالية التي يمكن أن تواجهها المنشأة.

 

وترتبط القضايا الأخرى التي يمكن أن يغطيها المنظور باستراتيجيات التكلفة والاستثمار، والحسابات المدينة .. إلخ . وهناك العديد من أدوات الرقابة الإدارية التقليدية ، تتمثل في صورة مقاييس مالية ونسب أساسية Key ratios.

 

   ويشير كابلان ونورتون إلى ثلاثة موضوعات استراتيجية ترتبط ارتباطاً كبيراً بالمنظور المالي تتمثل فيما يلي  :

(1)   مزيج المنتجات ومعدل النمو ،

(2)   القواعد الأساسية لاستغلال الطاقة الإنتاجية وخفض التكاليف ،

(3)   استراتيجية الاستثمار.

    

(2)  منظور العملاء :

يصف هذا المنظور الطرق التي سيتم بها خلق قيمة للعملاء وكيف سيتم تحقيق ذلك ، وماهى الأسباب التي ستجعل العملاء على استعداد لدفع المقابل المالي لها ، ولذلك يجب أن تسترشد العمليات الداخلية وجهود تطوير المنشأة بهذا المنظور، ويمكن القول أن هذا الجزء يشكل قلب المقاييس ، فإذا أخفقت المنشأة في تقديم المنتجات والخدمات المناسبة بشكل يلبي احتياجات العملاء وبتكاليف فعالة على المدى القصير والطويل ، لن تتولد إيرادات وتتدهور المنشأة وتموت.

 

إن جانباً كبيراً من الجهد موجه نحو تقرير كيفية زيادة والاحتفاظ بولاء العملاء، ولكي تعي المنظمة ما يتوجب عليها عمله ، يجب أن تلم إلماماً وافياً بكل جانب في عملية الشراء عند العملاء، وأن تتكون لديها صورة دقيقة لما يعنيه المنتج بالنسبة لهم. ولا يمكننا أن نقرر استراتيجياتنا الأساسية المتصلة بالعملاء والأسواق ثم ننتقل إلى مجالات الرؤية الأخرى إلا بعد أن نكتسب دراية تامة بهذه التفاصيل.ومن المهم أن تعتمد هذه التحليلات على ما يقدره العميل في الحقيقة وما يطلبه وليس على تقديرات الأفراد بالمنشأة.

 

ومن المهم أيضاً التعرف في مرحلة مبكرة على أية تغيرات في تفضيلات العملاء وسلوكهم ، ومن الأساليب التي يمكن الاعتماد عليل في هذا الصدد عقد المقابلات في الوقت المناسب لبحث التغيرات المحتملة في قيم العملاء الأساسية، حسبما يشير مؤشر رضا العملاء ، أيضاً ينبغي على المنشأة أن ترصد أي تغيرات في الجودة ، وقت التسليم ، القدرة على التسليم ،... إلخ. ويفضل بيان ردود الفعل قبل أن تقع الخسائر الكبيرة وبالتالي التعرض لضرر مالي جسيم. بعبارة أخرى ، ينبغي أن تنتبه المنشأة للتغيرات التى تحدث والمتوقع حدوثها وأن تكون قادرة على الاستجابة السريعة لها. علاوة على ذلك ، ينبغي على المنشأة ألا تفرط في الارتباط والتعلق بعملائها ومنتجاتها القائمة ، فقد يكون لديها من الإمكانات، ومنها قدرات الموظفين ، ما يمكنها من اجتذاب عملاء جدد وطرح منتجات جديدة .

 

أما المقاييس التي تمثل نتيجة طبيعية لهذه الموضوعات الاستراتيجية فينبغي أن توفر صورة شاملة من منظور العميل ، ولذا يفضل أن تكون هناك معلومات تفصيلية متاحة عن :

·        الأنصبة في السوق.

·        ولاء العملاء ، مقاساً – مثلاً – بمعدل تكرار شراء المنتجات .

·        تدفق العملاء الجدد إلى المنشأة.

·        رضا العملاء عن المنتجات.

·        ربحية العملاء والأسواق.

 

(3)  منظور العمليات الداخلية  :

يجب دراسة وتحليل العمليات التي تولد الأشكال المناسبة للقيمة بالنسبة للعملاء وتقود كذلك إلى الوفاء بتوقعات حملة الأسهم وهذه مهمة الموضوعات الإستراتيجية التي يدرسها منظور العمليات الداخلية، ومن ثم ينبغي التعرف على عمليات المنشأة على المستوى العام ، ويفيد نموذج بورتر المسمى سلسلة القيمة في القيام بذلك أنظر الشكل رقم (8) ، حيث يتضمن النموذج وصفاً لكل عمليات المنشأة بدءاً بتحليل احتياجات العملاء وانتهاءً بتقديم المنتج. ويتم بعد ذلك تحليل هذه العمليات بدرجة أكبر من التفصيل ، وذلك بهدف استبعاد كل العمليات التي لا تخلق قيمة للعميل بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، أما العمليات المتبقية فينبغي أن يتم وصفها من حيث التكاليف وزمن العملية وتوكيد الجودة ... إلخ ، وعندئذ ستوفر النتائج أساساً لاختيار الأساليب لقياس هذه العمليات.

إن منظور العمليات الداخلية يشكل تحليلاً لعمليات المنشأة الداخلية، ويتضمن الموضوعات الإستراتيجية التي ترتبط بدراسة الموارد والقدرات والعمليات الفنية التي تحتاجها المنشأة للارتقاء بذاتها.

 

(4)  منظور التعلم والنمو :

يمكن منظور التعلم والنمو المنشأة من ضمان قدرتها على التجديد،  كشرط أساسي لإستمرارها وبقائها على المدى الطويل. في هذا المنظور تدرس المنشأة ما يجب أن تفعله للاحتفاظ بالمعرفة التقنية المطلوبة لفهم وإشباع حاجات العملاء وتطوير تلك المعرفة إلى جانب اهتمامها بدراسة كيفية الإحتفاظ بالكفاءة والإنتاجية الضرورية للعمليات التي تخلق قيمة للعميل.

 

إن تعرض المعرفة التقنية للتلف باستمرار يلزم منظمات الأعمال بالبحث الدائم والسعي لتحديد القدرات المحورية التي يجب أن تكتسبها كأساس لتطورها المستقبلي. ونتيجة لهذا التوجه الاستراتيجي يتعين على المنشأة أن تقرر كيفية الحصول على المعرفة التقنية التي ستظل في حاجة لها في المجالات والنواحي المختلفة ، ومن ثم يجب أن تجرى المنشأة تحليلاً  لتقرر أنواع المعرفة والقدرات الواجب إدراجها ضمن مجموعة قدراتها المحورية ثم تتخذ قراراً إستراتيجياً بشأن أي هذه القدرات ينبغي تمويلها وتبنيها.

 

وللتوصل لاستراتيجية مناسبة للقدرات تحدد المجالات التي ستوظف فيها المنشأة استثمارات بهدف تطوير قدراتها الخاصة من الداخل وتلك التي ستلجأ فيها إلى التعاون مع أطراف خارجية، هنا قد يكون مفيداً طرح الأسئلة التالية :

·        ما الذي تتكون منه القدرة ؟

·        ما الغرض الذي ستستخدم فيه ؟

·        كيف تؤثر على قيمة العميل ؟

·        ما مدى أو درجة تخصصها ؟

·        كيف تتغير بمرور الوقت ؟

·        ما درجة تكرار استخدامها ؟

·        كيف تتأثر بتكنولوجيا المعلومات ؟

 

 

الخطوة الثالثة  : تحديد عوامل النجاح الحاكمة :

تعني هذه الخطوة الانتقال من التوصيفات والاستراتيجيات المذكورة آنفاً إلى مناقشة والحكم على ما يكون مطلوباً لنجاح المقياس وماهية العوامل ذات التأثير الأكبر على النتائج المنشود تحقيقها. بعبارة أخرى يجب على المنشأة أن تقرر الآن ما هي عوامل النجاح الحاكمة وترتبها حسب الأولوية. وهناك أسلوب مناسب لبدء هذا الجزء يتمثل في تكوين مجموعات نقاشية لتقرير العوامل الأكثر أهمية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي سبق وضعها. وفي الجلسة المشتركة يدور النقاش ويتواصل ، لمحاولة التوصل إلى اتفاق حول مجموعة واقعية من عوامل النجاح الأساسية . كما ينبغي الحرص على إحداث ترابط أفقي ورأسي بين عوامل النجاح الحاكمة. وبمعنى أكثر وضوحا التعرف  على ما إذا كانت المقاييس متسقة داخلياً بدرجة معقولة فيما يتصل بجوانبها، ووثيقة الصلة فيما بينها أم لا ؟ .

 

ويكون الترابط الرأسي تلقائياً بدرجة أو بأخرى لأن عوامل النجاح الحاكمة يتم التعرف عليها وترتيبها حسب الأولوية. وأسهل طريقة لإحداث الترابط الأفقي بين العوامل هي إعداد رسم تخطيطي للمقياس كخريطة استراتيجية بيانية ، أنظر الشكل رقم  ( 9 ) وافحصه لمعرفة إذا كانت مجالات الرؤية المختلفة مرتبطة ببعضها بشكل طبيعي أم لا ؟.

 

وثمة أمر آخر لا يقل أهمية وهو تحاشي أي إمكانية لتحقيق التفوق في عامل نجاح ما على حساب عامل آخر ، وينطبق هذا التحذير أيضاً على المقاييس التي سيتم إعدادها لاحقاً. إن المقاييس في مجالات الرؤية المختلفة يجب ألا تؤدي إلى الازدواج أو التضارب ، بل يجب أن تتوافق مع الرؤية الشاملة والاستراتيجية

 

الخطوة الرابعة : تحديد القياسات :

في هذه الخطوة يتم صياغة مقاييس للتعرف على الأسباب والنتائج وإيجاد توازن فيما بينها ، وإعداد تقرير نهائي بمعرفة الإدارة العليا ومجموعة المشروع وإن كان يفضل أن يتم ذلك بمشاركة شخص له خبرة سابقة بمشروعات قياس الأداء المتوازن يفيد بصفة خاصة في إحداث ترابط بين عوامل النجاح والمقاييس.

 

ويفضل أن يشترك كل الأفراد ذوي الصلة في عمل المشروع  بكل وحدة ، كما يفضل العمل في شكل ندوات وورش عمل لمتابعة سير العمل والتنسيق متواصل مع الإدارة العليا. الحصول على عون من شخص له خبرة ببناء قياسات الأداء المتوازن. وتشتمل هذه الخطوة على المراحل الفرعية التالية :

(1) إعداد المقاييس والتعرف على الأسباب والنتائج وإيجاد توازن بين المقاييس المختلفة:

في هذه المرحلة ، يتم إعداد مقاييس رئيسية وثيقة الصلة لاستخدامها في العمل فيما بعد. ومثلما حدث في الخطوات الأخرى ، ينبغي أن نبدأ بممارسة شكل ما من العصف الذهني لا ترفض فيه أي أفكار وتستخدم فيه كل الأفكار والخواطر في العملية. ولا نقوم بتحديد المقاييس التي تبدو الأوثق صلة ، ويمكن مراقبتها وتسمح فعلياً بالقياس، وترتيبها حسب الأولوية إلا في المرحلة الأخيرة .

 

إن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد علاقات سبب ونتيجة واضحة وخلق توازن بين المقاييس المختلفة في مجالات الرؤية المختارة. ولذا فمن المهم إعداد مناقشة حول إمكانية الوصول إلى توازن بين المقاييس المختلفة بحيث لا تتعارض التحسينات قصيرة المدى مع الأهداف طويلة المدى.

 

(2)   صياغة المقاييس الشاملة :

بعد الانتهاء من المراحل السابقة ، يتم تجميع مقاييس المستوى الأعلى تمهيداً للموافقة عليها وعرضها على الأشخاص المعنيين. ولتسهيل التنفيذ ، يجب إطلاع كل فرد في المنشأة بطريقة ما على ما تضمنته عملية إعداد المقاييس ، ويفضل أن يعرض على المشاركين أيضاً المذكرات والأوراق التي تتضمن التفسيرات والمقترحات المتصلة بعمل المجموعة مما ييسر عملية تحليل المقاييس.

 

تبعاً لحجم المنشأة وتنظيمها ، يتم بوجه عام تحليل المقاييس بالمستوى الأعلى وربطها وتطبيقها على وحدات تنظيمية واقعة عند مستويات أدنى. وكمثال توضيحي يوضح الشكل رقم ( 10 ) العلاقة المتشابكة للمقاييس بالعوامل الحاكمة وأبعاد القياس واستراتيجية ورؤية المنظمة. وحيث أن أحد أغراض المقاييس هو تمكين الأفراد من رؤية الكيفية التي تؤثر بها رؤية المنشأة وأهدافها العامة على العمليات بوضوح ، فإنه من الضروري تحليل الأداء إلى مستوى يصبح عنده ملموس وقابل للفهم بدرجة كافية.

وإذا كان الهيكل التنظيمي للشركة مستوياً وصغيراً بحيث يستطيع كل فرد في المنشأة أن يرى تأثير مقاييس المستوى الأعلى على عمله ، لا يكون إجراء المزيد من التحليل ضرورياً .

 

وتتأثر جودة مقياس معين بعدد من الأنشطة المختلفة المؤداة بواسطة مختلف الوحدات العاملة على مستويات المنشأة. ولكي يرى أكبر عدد ممكن من الموظفين ، وكيف يساعد عملهم المنشأة على إحراز درجة جيدة على مقاييس المستوى الأعلى الخاصة بها ، فإن هذه المقاييس يجب تحليلها إلى المستوى الأشد تفصيلاً قدر الإمكان.

 

وفيما يلي نعرض لمجموعة من المقاييس التي يوصى بها العديد من الكتاب والباحثين لكل مجال من مجالات الرؤية ، مع الأخذ في الاعتبار أن المقياس الواحد يمكن أن يفيد في وصف مجالات رؤية مختلفة ، وتتضح هذه النقطة من خلال عدد من الأمثلة ساقها كابلان ونورتن :

 

المصدر: عبد الحميد عبد الفتاح المغربي قسم إدارة الأعمال - كلية التجارة جامعة المنصورة
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 121/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
41 تصويتات / 3829 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,875,396

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters