a«التخطيط» هو الوظيفة الأولى في العمليه الادارية،

ويعبر عنه بـ السياسات والإستراتيجيات التي يمكن اعتمادها لتحقيق الأهداف، عبر استقراء المستجدات والمتغيرات المستقبلية، وتحليل الفرص والأخطار.

ويفترض بالتخطيط أن يكون عملية مستمرة، تركز على أهداف ومسارات المشاريع، وتضع البرامج الإستراتيجية التي تكفل تخطيط المشاريع وذلك بالاعتماد على الرقابة الهادفة إلى تصويب انحرافات هذا التخطيط .

وفي بعض المصارف الإسلامية الصغيرة، يحتفظ رئيس مجلس الإدارة أو المدير بالخطة في ذاكرته، وفي مصرف متوسط الحجم نسبيا قد يقوم مدير المصرف بتدوين المذكرات وعمل التقديرات البدائية.

والمؤسسات المصرفية سواء التقليدية بشكل عام، أو الإسلامية بشكل خاص والتي تود تحقيق النجاح، هي المؤسسات التي تعتمد التخطيط الإستراتيجي والإدارة على الأهداف كمرتكز رئيسي في عملها وصولا إلى التميز وقيادة السوق،

 فالمصارف الإسلامية الناجحة هي الأكثر استجابةً وتفاعلا مع المتغيرات والمستجدات واتجاهات السوق، وهي التي تؤمن بأن قيادة السوق لا يمكن أن تتم إلا من خلال تطبيق إدارة الجودة الشاملة T.Q.M، والتي تؤدي إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية ومن أبرزها التميز وتحقيق رضا العملاء، بدليل ما سارت عليه منهجية بعض المصارف التقليدية، والتي عندما شعرت بفرص نجاح المصارف الإسلامية، تكيفت مع الوضع وتحولت في جزء منها إلى مصارف إسلامية.

ولكي تتمكن إدارة المصارف الإسلامية من تحقيق ما تصبو اليه من أهداف، لا بد لها أن تمارس وظائفها الرئيسية المتمثلة في التخطيط والتنسيق والرقابة واتخاذ القرارات، إلا أن أفضل الخطط، هي تلك التي تقدم في صورة مكتوبة ومنسقة وتشترك في إعدادها جميع المستويات الإدارية للمصرف،

إذ أن ذلك عدا عن كونه يسهم مباشرة في تشجيع جميع أفراد المصرف على تحمل مسؤولية تحقيق الأهداف المتوخاة، ويعمل على نجاح الخطط الموضوعة، فإنه أيضا يرفع الروح المعنوية لأفراد المصرف ويشعرهم بالارتباط مع الإدارة العليا والانتماء إلى المصرف الإسلامي، ويقضي على النزعة الإنسانية في تأجيل التنفيذ أو التأخير فيه.

التنسيق والرقابة

وهنا يتداخل التنسيق في العملية الإدارية، والتي يتم بموجبها توحيد الجهود بين الأقسام المختلفة للمصرف بحيث يعمل كل قسم منها على تحقيق الهدف الموضوع، فلا يجب أن يصدر أحد الأقسام قرارات تخصه يكون لها أثر على قسم أو أقسام أخرى دون الرجوع اليها، كما لا يجب أن يتفق قسمان على قرارات تخصهما دون النظر إلى الظروف المحيطة بالمصرف ككل.

ويأتي العمل الرقابي في إطار متابعة تنفيذ الخطط والأهداف الموضوعة، أو بتعبير آخر : مقارنة الأداء الفعلي بالمستهدف، وتحديد الانحرافات بينهما والبحث في مسبباتهما، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل الأداء لكي يتوافق مع المستهدف.

وكما هو الحال بالنسبة لوظيفة التخطيط، حيث تتضافر جهود الأقسام المختلفة بالمصرف للمشاركة في إعداد الخطط، فإن وظيفة الرقابة أيضا تتطلب تفويض صلاحياتها إلى مستويات مختلفة من المديرين في المصرف، إذ أنه في حين يخضع المديرون للرقابة المباشرة من السلطة الإدارية العليا في المصرف، يقومون بمتابعة تنفيذ مرؤوسيهم للخطط والأهداف الموضوعة.

إن وظائف الإدارة المتعلقة بالتخطيط والتنسيق لا تجتمع كلها، كما أنها ليست منفصلة عن بعضها بعضا بحيث لا يمكن مناقشة إحداها دون الأخرى، فعند وضع الخطة لا بد أن يكون هناك نظام فعال للتنسيق، فمن المستحيل الحصول على التنسيق والرقابة المنشودين دون وضع نظام للتخطيط، والتنسيق أيضا مستحيل من دون مراقبة محكمة، وبالتالي فإن المراقبة المحكمة ينتج عنها تنسيق تام .

وعلى صعيد القرار، فإن الإدارة العليا للمصرف هي الجهة المولجة باتخاذ القرارات، وتحتاج وظائف الإدارة فيما يتعلق بالتخطيط والتنسيق والرقابة إلى قرارات الإدارة لوضعها موضع التنفيذ، إذ أن جميع إجراءات العمل السابقة أو المصاحبة لوظائف الإدارة تترجم في صورة قرارات تنفيذية.

ومن طبيعة الأمور أن تعتمد قرارات الإدارة على ما هو متاح لها من بيانات ومعلومات، وتختلف البيانات والمعلومات التي تتخذ أساسا لاتخاذ القرار الإداري تبعا لحجم المصرف الإسلامي بالدرجة الاولى، إذ كلما كان المصرف كبيرا كانت حاجة الإدارة إلى البيانات والمعلومات أكثر. لذلك تهتم الإدارة بتجميع البيانات والمعلومات باعتبارها ضرورة لإصدار القرار، ويكون قرار الإدارة أقرب إلى الصواب كلما كانت البيانات والمعلومات التي أعد على أساسها القرار دقيقة وواضحة.

أهمية البيانات الرقمية

وعلى الرغم من أهمية البيانات والمعلومات الوصفية في ترشيد قرارات الإدارة، إلا أن البيانات الرقمية أكثر أهمية في تمكين الإدارة من اتخاذ القرار المناسب. ولعل أكثر صور البيانات الرقمية وضوحا هي القوائم المالية التي يعدها المصرف لبيان نتيجة نشاطه ومركزه المالي، وهذه القوائم تعد عادة في نهاية كل سنة مالية بناءً على معلومات تاريخية، فهي تظهر نتيجة النشاط خلال فترة منتهية، وتصور المركز المالي للمصرف في نهاية الفترة التى أعدت عنها.

ونظرا لأن طبيعة قرارات التخطيط الادارية تتعلق دائما بالمستقبل وتتطلع إليه، فإنه من غير المناسب الاعتماد كلية على البيانات التاريخية، ما لم تتخذ هذه البيانات كأساس للتنبؤ بالمستقبل، وذلك لأن القوائم المالية التاريخية تعكس ما حصل في الماضي، لكنها لا تكشف عن تفسير كاف لأسباب ما حصل، كما لا تمكن دائما من تحديد أثر الحوادث الماضية على المستقبل، هذا عدا عن أن القوائم المالية التاريخية تعرض عمليات المصرف في فترات متباعدة، ما يجعلها ضئيلة القيمة، فضلا عن كون إعدادها يستغرق في العادة وقتا غير قصير،

إذ غالبا ما ينقضي وقت طويل بين انتهاء الفترة المالية التي تعد عنها القوائم المالية وبين التاريخ الفعلي لتصوير تلك القوائم، وإن كانت معايير المحاسبة الدولية ومعايير التقارير المالية الدولية تضمن الحد المعقول من الشفافية، ولكن المعقول يبقى محدودا في حدود الإفصاح.

 وحيث إن هناك قصورا في البيانات التاريخية المتمثلة في القوائم المالية التى يعدها المصرف الإسلامي في نهاية الفترة المالية، فإن من مصلحة الإدارة أن تعد بيانات تقديرية لما تطمح في الوصول اليه، وهذه القوائم التقديرية هي ما يعرف بـ «الميزانيات التقديرية»، إذ لا يمكن للإدارة أن تصدر قرارات صائبة إلا إذا كانت على علم بظروف الأطر موضوع القرار، وأيسر الطرق لإمداد الإدارة بالمعلومات عن ظروف المشكلة، هو الأرقام التي تظهر في شكل قوائم مالية تقديرية،

فالميزانية التقديرية هي عبارة عن خطة مالية تعبر عن سياسات وخطط المصرف في المستقبل، لكن التنبؤ بالمستقبل لا ينبغي أن ينظر إليه كضمان أكيد لوحده لنجاح المصرف، إذ إنه لا توجد في الواقع طريقة يمكن استعمالها لقياس الأحداث المستقبلية بدقة كبيرة للاعتماد عليها بشكل واقعي متكامل خال من التغيرات في وضع السياسات المستقبلية، حيث إن كل ما يمكن الوصول إليه من المعلومات عن الظواهر الاقتصادية، يعطي فقط صورة عامة ومجملة للمستقبل، لذلك يجب تزويد خطط المصرف بقدر كبير من المرونة يمكن معها مواجهة ما قد يستجد من ظروف لم تكن مأخوذة في الحسبان عند وضع الميزانية التقديرية.

وعند تطبيق فكرة التخطيط على الميزانية التقديرية، فإن الأمر يستلزم وضع خطط مفصلة تقدم على أساس التنبؤ «مقدما» بنشاط المصرف «مستقبلا» في صورة ميزانيات تقديرية فرعية لكل مفردة من مفردات نشاط المصرف، ولكل خط من خطوط الإنتاج. وعادة توضع أهداف الإدارة على أساس برامج سنوية،

 ويمكن تقسيم السنوات إلى فترات أقصر، كأن تعد الميزانيات على أساس ربع سنوي أو نصف سنوي.
إن خطط المصرف يجب أن توضع بدقة وإحكام إلى أقصى حد ممكن، لذلك يجب أن تترجم الميزانيات التقديرية المعبرة عن خطط الإدارة إلى أهداف وتطلعات وإمكانات لكل قسم من أقسام المصرف على أساس النظرة الشاملة له، بحيث لا يكون هناك تعارض بين هذه الأقسام في التنفيذ.
وبطبيعة الحال، فإن الميزانية التقديرية للنقدية والميزانيات التقديرية المتعلقة بالتشغيل على سبيل المثال مرتبطة ببعضها، فعمليات التشغيل يجب ان يتم تنفيذها في حدود الاموال التى يمكن تقديرها.

 ولذلك يمكن القول بأنه من حيث تنسيق نشاط المصرف، فإن الميزانية التقديرية تستخدم لإحاطة الجهاز التنظيمي للمصرف بالخطط المتعلقة بمختلف الأقسام حتى لا تتعارض جهود الأقسام المختلفة بعضها مع البعض الآخر.

ولما كانت الرقابة هي عملية متابعة تنفيذ الخطط والأهداف الموضوعة من قبل إدارة المصرف، وكانت أهداف وخطط المصرف تترجم في شكل ميزانيات تقديرية، فإن الميزانيات التقديرية تستخدم أساسا للرقابة على تنفيذ الخطط بالقدر نفسه الذي تعبر فيه هذه الميزانيات التقديرية عن تلك الخطط الموضوعة، ويكون ذلك عن طريق إبلاغ الإدارة فورا بمدى ملاءمة الخطط والأهداف والسياسات الموضوعة مقدما من ناحية، ومقارنة النتائج الفعلية المحققة في جميع أقسام المصرف بالخطط والأهداف الموضوعة ومتابعة الانحرافات التي تحدث نتيجة التطبيق الفعلي من ناحية أخرى.

طرق متنوعة لوضع التقديرات


-1 طريقة متوسط التكاليف الماضية، والتي قد تعتمد أساسا للتقديرات المستقبلية، إلا أنه يؤخذ على هذه الطريقة أنها تتاثر بقلة الكفاءة في الماضي، فضلا عن أن المصرف لا يطمح فقط للمحافظة على الوضع السابق .

-2 وقد تعتمد في ذلك على طريقة أفضل تكلفة، تحققت في الماضي، إلا أن الإنجازات الجيدة التي حصلت في السابق ليست مقياسا يعتمد عليه لما يمكن تحقيقه في المستقبل، إذ من الممكن أن تكون هناك مناطق يمكن إجراء تحسينات كبيرة فيها، ومن الممكن أيضا أن تكون الإنجازات الجيدة السابقة إنما تحققت بسبب ظروف خاصة قد لا تتكرر في المستقبل. لكن المقاييس الصحيحة يجب أن تمثل ما يجب أن تكون عليه التكاليف، وليس ما كانت عليه في السابق أو ما هي عليه الآن .

-3 قد توضع التقديرات وفق اعتماد معيار الطاقة الإنتاجية القصوى كمقياس للمقارنة بين التكاليف الفعلية والتكاليف المحسوبة على أساس الطاقة القصوى، إلا أن الوصول إلى تحقيق الطاقة القصوى هو هدف صعب المنال، خاصة بما يتعلق بظروف متغيرات السوق.


لذا، فإن أفضل الطرق لوضع التقديرات، هي تلك التي تعتمد على التحليل العلمي الذي يقوم به متخصصون بمشاركة جميع وحدات وأقسام المصرف الذين لديهم المعرفة بتفاصيل ما يجري في حدود إشرافهم. ويفترض اعتبار دائم عن إمكانية وجود أخطاء محتملة سواء في وضع المعايير القياسية أو في طريقة حسابها.

حيث يبقى الغرض الرئيسي من استخدام الميزانيات التقديرية هو مساعدة إدارة المصرف في تحقيق وظائفه الرئيسية المتعلقة بالتخطيط والتنسيق والرقابة وتمكينها من اتخاذ القرارات المناسبة.

وبالاضافة إلى ذلك، فإن الميزانيات التقديرية تحقق عددا من الفوائد الأخرى يمكن عرض أهمها فيما يلي :
1. مراقبة السياسات الموضوعة ووضع سياسات واضحة مقدما.
2. إشراك جميع أفراد الإدارة في وضع أهداف المصرف والعمل على تحقيقها.
3. إلزام كل فرد من أفراد الإدارة بوضع خطط تتناسب مع خطط الأقسام الأخرى.
4. تنظيم تحديد المسؤولية لكل مستوى من مستويات الإدارة ولكل فرد من أفرادها وتحديد مراكز السلطة تبعا لذلك .
5. إلزام جميع المستويات الإدارية بالمحافظة على المواعيد وأخذ جميع العوامل في الاعتبار قبل اتخاذ القرارات الادارية.
6. إلزام الإدارة بعمل دراسات تحليلية دورية لأعمال المصرف.
7. متابعة أوجه نشاط المصرف لبحث مدى التقدم في تنفيذ الخطط الموضوعة.
8. تحفيز العاملين على بلوغ الأهداف الموضوعة، بل وتجاوزها إذا كان ذلك ممكنا.
9. يجب النظر إلى الميزانيات التقديرية كأداة تستخدمها الإدارة في سبيل تحقيق وظائفها الأساسية من حيث التخطيط والتنسيق والرقابة مع الأخذ في الاعتبار القيود التي قد تحد من الانتفاع بها للغرض المنشود للأسباب الاتية:
ا - تعد الميزانيات التقديرية على أساس تقديري عن طريق دراسة عوامل مختلفة، بعضها داخل المصرف وبعضها خارجه، وتتوقف قوة أو ضعف البرنامج الموضوع للميزانية التقديرية - إلى حد كبير - على صحة التقديرات التي يمكن التحصل عليها.
ب - تستخدم الميزانيات التقديرية في ظل ظروف متغيرة قد يتعذر التحكم فيها، فقد يتغير الطلب على الخدمات المصرفية، وقد تتغير نوعية الخدمات المصرفية لأسباب تتعلق برغبات زبائن المصرف أو بظهور خدمات مصرفية منافسة من نوعية أفضل أو بتكلفة اقل.

نهاية ..

لا يمكن تنفيذ برنامج التخطيط دون إشراف ومشاركة جميع المستويات الإدارية في المصرف، فهي ليست إلا أداة من الأدوات التي تعاون إدارة المصرف الإسلامي على تنمية أعماله في جميع نواحي نشاطه عن طريق مقارنة ما تم تنفيذه من التوقعات، وما مدى الانحرافات، وبالتالي، تحديد الأدوات التصحيحية التي يمكن اتخاذها.

المصدر: بقلم د محمد سليم وهبة
  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 1476 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,722,362

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters