أنقذ الأطباء حول العالم العديد من أرواح المصابين وخاصة أولئك التي تكون حالاتهم خطرة، ولكن برغم ذلك كان هناك بعض الأمراض التي وقف أمامها أصحاب الاختصاص في المجال الطبي مكتوفي الأيدي تاركين الأمر بيد الله، لاسيما وان احد الأسباب التي كانت تعرقل عمل الأطباء ولا تتيح لهم أن يعالجوا المرض هو نقص الحاجة الى الأدوات اللازمة التي تكون دقيقة وخطيرة بذات الوقت لأنها تدخل في تراكيب جسم الإنسان وقد تؤدي بحياته او تفاقم الحالة المرضية اذا لم يتم التأكد من دقة عملها.

لكن الآن ومع التطور الحاصل في جميع مجالات الحياة وخاصة التكنولوجية، حيث دخل هذا التطور في مجال الطب أيضا فقد كشفت الدراسات والبحوث مؤخرا وعن طريق مجموعة من الأطباء والباحثين في مجال الطب عن طرق حديثة لمعالجة الكثير من الأمراض والحالات المرضية التي كان المصابين بها يعنون من يأس من عدم وجود علاج لها.

قرنيات صناعية لاستعادة البصر

استخدم علماء في كندا والسويد قرنيات صناعية منتجة في المختبر لاستعادة البصر لدى المرضى في تجربة اكلينيكية( سريرية) محدودة ليظهروا للمرة الأولى ان بوسعهم المساعدة في علاج نسيج العين التالف.

وقال العلماء الذين نشروا بحثهم في دورية ساينس ترانسليشنال ميديسن جورنال ان نتائج بحثهم تمنح الأمل لملايين الأشخاص الذين يفقدون البصر سنويا بسبب قلة المتبرعين بالقرنيات على مستوى العالم.

وقالت ماي جريفيث من معهد الأبحاث الطبية في أوتاوا التي أشرفت على الدراسة "هذه الدراسة، هي الاولى التي تظهر ان القرنية المنتجة صناعيا يمكن أن تلتئم مع العين البشرية وتحفز على تخليق (الانسجة)."

وأضافت "مع إجراء مزيد من الأبحاث يمكن لهذا النهج أن يساعد في إعادة الإبصار لملايين الاشخاص الذين ينتظرون التبرع بقرنيات بشرية." ورغم ان القرنية يمكن أن تتلف بسهولة بسبب التعرض لإصابة أو العدوى الا انه يمكن استخدام قرنيات بشرية مكانها لاستعادة البصر وان كان ذلك يعتمد على وجود متبرعين باستمرار.

وقام فريق يقوده جريفث وبير فاجرهولم أستاذ طب العيون وجراح العيون في جامعة لينكوبنج في السويد بإجراء الدراسة بإزالة نسيج تالف من قرنيات عشرة مرضى وزرعوا مكانه قرنيات صناعية تشبه القرنيات البشرية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

واستخدم العلماء لهذه العملية كولاجين بشري مخلق وهو مادة مصنعة في المعمل لتحاكي النسيج البشري تم الحصول عليها من شركة فيبروجين للتكنولوجيا الحيوية في سان فرانسيسكو.

وجرى متابعة المرضى لمدة عامين بعد الجراحة. ووجد الباحثون في نهاية المطاف ان خلايا وأعصاب تسعة من عشرة مرضى نمت مجددا بالكامل والتصقت بالمادة المزروعة لتصبح نوعا من القرنية "المخلقة" بما يشبه نسيج العين الطبيعي الصحي وتؤدي وظيفته.

وقال الباحثون ان القرنيات المصنعة أصبحت حساسة للمس وبدأت العيون التي خضعت للعلاج تفرز دموعا طبيعية. وتحسنت القدرة على الإبصار في ستة من بين المرضى العشرة.

وبعد تزويد المرضى أيضا بعدسات لاصقة -وهو أمر طبيعي بعد زرع القرنيات- أصبحت قدرتهم على الإبصار تساوي قدرة المرضى الذين أجروا عمليات زرع قرنية بشرية عادية.

وقال فاجرهولم "النتائج مشجعة الى حد كبير وهناك إمكانيات عظيمة."

ويؤثر فقدان الإبصار بسبب تلف القرنية أو الإصابات على أكثر من عشرة ملايين شخص سنويا ولكن قلة الحصول على متبرعين بالقرنيات يحد من عمليات الزرع وخاصة في الدول الفقيرة. وقال فاجرهولم ان المرضى في هذه التجربة لم يواجهوا مشاكل تتعلق برفض القرنية المزروعة ولم يحتاجوا الى تعاطي عقاقير لفترة طويلة لتثبيط المناعة لمساعدة أجسامهم على عدم رفض القرنيات المزروعة.

تخليق خلايا الكبد

بينما تمكن علماء بريطانيون من تخليق خلايا الكبد في المختبر لأول مرة عن طريق إعادة برمجة خلايا جذعية مأخوذة من الجلد البشري الأمر الذي يمهد الطريق لعلاجات جديدة محتملة لأمراض الكبد التي تقتل الآلاف كل عام.

وقال علماء من جامعة كيمبردج نشروا نتائجهم في دورية البحث ألسريري انهم اكتشفوا ايضا اسلوبا لتفادي الخلافات السياسية والأخلاقية الحادة حول الخلايا الجذعية الجنينية التي تعوق العمل حاليا في الولايات المتحدة.

وقال تامر راشد الذي اشرف على الدراسة من مختبر كيمبردج للطب التجديدي "هذه التكنولوجيا تتجنب الحاجة الى استخدام الأجنة البشرية، الخلايا التي قمنا بتخليقها على نفس الدرجة من الجودة تماما كما لو كنا نستخدم خلايا جذعية جنينية." وتعتبر الخلايا الجذعية الجنينية أقوى نوع من الخلايا وأكثرها مرونة ولكنها مثيرة للجدل لأنها تأتي من الأجنة البشرية عندما يكون عمرها بضعة أيام فقط.

ومرض الكبد هو خامس أكبر سبب للوفاة في الدول المتقدمة بعد القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكتة الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي. وفي الولايات المتحدة يتسبب مرض الكبد في وفاة 25 ألف شخص سنويا ويقول خبراء ان معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض الكبد في بريطانيا بين الشباب والناس في منتصف العمر تتزايد بمعدل 8 الى 10 بالمئة سنويا. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال راشد انه على الرغم من مرور 40 عاما من المحاولة لم يتمكن العلماء حتى الان قط من زراعة خلايا الكبد في المختبر مما يجعل البحث في اضطرابات الكبد في غاية الصعوبة.

واضاف انه نظرا لنقص المتبرعين بالكبد هناك حاجة ماسة الى بدائل. تزيد هذه الدراسة من احتمال التوصل الى بدائل سواء عن طريق تطوير أدوية جديدة أو عن طريق استخدام العلاج بالخلايا عندما "تعالج" الخلايا من المرضى الذين يعانون من الأمراض الوراثية وتزرع مرة أخرى.

وأمراض الكبد اما وراثية أو ناجمة عن تعاطي الكحول أو نتيجة عدوى مثل التهاب الكبد. وفي هذه الدراسة اخذ فريق راشد عينات جلد من سبعة مرضى يعانون من مجموعة متنوعة من أمراض الكبد الوراثية ومن ثلاثة أصحاء لإجراء المقارنات.

ثم قام الفريق بإعادة برمجة الخلايا من عينات الجلد الى نوع من الخلايا الجذعية التي تسمى الخلايا الجذعية المستحثة وافرة الجهد ثم قاموا بإعادة برمجتها لإنتاج خلايا كبد تحاكي مجموعة واسعة من أمراض الكبد في المرضى التي جاءت منهم. واستخدموا نفس الأسلوب لتخليق خلايا كبد "سليمة". وقال راشد "لم نتمكن في السابق من زراعة خلايا الكبد في المختبر لذلك يجب ان يفتح هذا مجالا جديدا من البحث."

أشعة سريعة للمخ

في حين سيتمكن الأطباء مستقبلا من إجراء أشعة سريعة للمخ في 15 دقيقة للكشف عن الإصابة بمرض التوحد مما يساعدهم في تشخيص تلك الحالة المرضية المعقدة بتكلفة ارخص وبصورة أكثر دقة.

وقال علماء بريطانيون ان اختبارهم السريع اثبت دقة بنسبة تزيد على 90 بالمئة في فحص البالغين وانه ليس هناك سبب يجعله لا يعمل بنفس الكفاءة في فحص الاطفال. ويمكن ان يحدث هذا الفحص الاشعاعي طفرة بالنسبة للمرضى واطبائهم من خلال الحد من الاعتماد على محاولات التقييم المستهلكة للوقت والمشاعر القائمة على المقابلات والملاحظة السلوكية.

والتوحد هو اضطراب عقلي معقد يتسم بصعوبة التفاعل والتواصل الاجتماعي ويتراوح بين خلل معتدل وخطير. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وطريقة الفحص الاشعاعي الجديدة قد تكون جاهزة للاستخدام العام خلال عامين. والهدف التالي هو اختبارها على الأطفال. وقال ديكلان ميرفي استاذ طب النفس في معهد الطب النفسي في كينجز كوليدج بلندن الذي قاد فريق البحث في مقابلة "ما نعمل عليه الان هو معرفة ما اذا كنا سنصل الى نفس النتائج مع اشخاص اصغر سنا."

واضاف "نأمل ان تنجح بنفس القدر، ليس هناك سبب لعدم حدوث ذلك." واوضح ان القدرة على تأسيس التشخيص على اختبار بيولوجي موضوعي بدلا من الاضطرار الى الاعتماد على التقييمات الشخصية يعني ان المرضى سيحصلون على العلاج بصورة اسرع.

مرض جلدي خطير

وفي سابقة من نوعها، استعمل باحثون خلايا جذعية من النخاع العظمي لمعالجة مصابين شباب بمرض جلدي عضال وفتاك أحيانا لم يكن يتوافر له اي علاج حتى الان، وفقا لدراسة جديدة.

هؤلاء الباحثون، بقيادة الطبيبين جون واغنر وجاكوب تولار، من جامعة مينيسوتا، بدأوا في العام 2007 بمعالجة أطفال مصابين بمرض جلدي وراثي نادر يدعى انحلال الجلد الفقاعي العميق المتنحي.

واستخدموا لهذه الغاية خلايا جذعية من النخاع العظمي، بعدما أظهرت تجارب مخبرية فعاليتها في معالجة جلد الفئران، وفقا لهذه الدراسة التي نشرت في مجلة "نيو انغلاند جورنال اوف ميديسين".

ما من علاج فعال حاليا ضد انحلال الجلد الفقاعي العميق المتنحي الذي يتميز بتقرحات دامية وبهشاشة الجلد الذي ينفصل عند ادنى احتكاك به. وقد يطال هذا المرض تجويف الفم والمريء فضلا عن البشرة، وقد يجعل ابتلاع الأغذية امرا مؤلما. انها اول تجربة تتيح استعمال خلايا جذعية من النخاع العظمي لغايات غير ترميم النخاع العظمي المتضرر، حسبما يشرح جاكوب تولار المتخصص في زرع اعضاء الاطفال.

بين العامين 2007 و2009، قام الفريق المؤلف من باحثين بريطانيين ويابانيين واميركيين بقيادة جون واغنر وجاكوب تولار بمعالجة ستة اطفال مصابين بانحلال الجلد الفقاعي تراوح اعمارهم بين 15 شهرا و14 عاما بواسطة العلاج الكيميائي وزرع النخاع العظمي.

واظهرت متابعتهم بعد 30 يوما ثم 130 يوما ان الجراح كانت تلتئم بسرعة اكبر من ذي قبل لدى كل الاطفال، وان اربعة من اصل ستة لم يعودوا يستعملون الضمادات بالقدر نفسه. وارتفع لدى كل الاطفال مستوى الكولاجين 7، وهو البروتين الذي يفتقر اليه الاطفال المصابون بهذا المرض الجلدي والذي يتيح لمختلف طبقات الجلد التماسك والالتصاق بالجسم.

خمسة من بين الاطفال الستة كانوا لا يزالون على قيد الحياة بعد 799 يوما من عملية الزرع، وتوفي احدهم بعد 183 يوما من خضوعه للعملية. بحسب وكالة فرانس برس.

الاطفال الذين يعانون من انحلال الجلد الفقاعي العميق المتنحي نادرا ما يتخطون العشرين او الثلاثين من العمر، لأنهم يصابون بنوع خبيث من سرطان الجلد.

لا يزال الباحثون يراقبون تطور صحة مرضاهم الخمسة الصغار. ويقول جون واغنر "ما نعرفه بعد هذا العلاج هو ان خلايا سليمة من واهبين زرعت في الجلد وان مستوى الكولاجين 7 يرتفع بانتظام مع مرور الوقت وان البشرة تصبح شيئا فشيئا اكثر مقاومة للتقرحات".

ويصر على ان "هذا الاكتشاف يوسع نطاق تطبيقات زرع النخاع العظمي ويظهر مدى قدرة الخلايا الجذعية على معالجة الامراض". وتأكيدا على كلامه، افادت دراسة اخرى نشرت هذه المرة في مجلة "جورنال اوف بيولوجيكال كيميستري" عن احراز تقدم في معالجة إصابات رئوية حادة بمساعدة خلايا جذعية من النخاع العظمي.

اجريت هذه الدراسة على خلايا رئوية اعاد تكوينها في المختبر فريق مايكل ماثاي وجاي لي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو. وفقا للباحثين، هذه اول دراسة تظهر ان الخلايا الجذعية في النخاع العظمي يمكنها تحسين حالة الظهارة الرئوية. واستخدمت في كلتا الدراستين خلايا جذعية بالغة بدلا من الخلايا الجذعية الجنينية المثيرة للجدل لأسباب أخلاقية.

"زرع الكبد الحي"

فيما أوقف مستشفى في ولاية كولورادو الامريكية تميز بالريادة في عمليات زرع الكبد بالاستعانة بأنسجة من مانحين أصحاء أي جراحات من ذلك النوع في المستقبل بعد وفاة اثنين من المتبرعين الأمريكيين.

وقالت اريكا ماتيش المتحدثة باسم مستشفى جامعة كولورادو "نجري مراجعة داخلية وسيقوم خبراء في المجال من الخارج بإجراء مراجعة خارجية أيضا." ومضت تقول "سنجري اي تغييرات أو تحسينات اذا اقتضت الضرورة."

وتوفى ريان ارنولد (34 عاما) في الثاني من اغسطس اب في مستشفى كولورادو بعد أيام من تبرعه بجزء من كبده لشقيقه الأكبر تشاد (38 عاما) الذي كان يعاني من فشل كبدي. وأبلغ رود ارنولد شقيقهما الثالث ان ريان أصيب بأزمة قلبية بعد يومين من الجراحة وأن فريقا طبيا تمكن من إنقاذه ووضع على جهاز إنعاش.

وكشفت الفحوصات توقف نشاط مخه ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد ذلك بيومين. وكانت جامعة كولورادو منذ فترة طويلة في طليعة الجهات التي تجري عمليات زرع الكبد. وأجرى جراحون في الجامعة أول عملية زرع ناجحة في العالم في مطلع الستينات. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأجرت الجامعة ايضا أول عملية زرع ناجحة في العالم بالاستعانة بأنسجة كبد من متبرع حي وهو ما يعرف زرع الكبد الحي في الولايات المتحدة عام 1997. وقالت ماتيش ان الجامعة أجرت منذ ذلك الحين 141 عملية زرع كبد حي ناجحة.

وارنولد هو رابع متبرع يتوفى في الولايات المتحدة بعد عملية زرع كبد حي والثاني هذا العام. وفي مايو ايار توفى متبرع في مستشفى لاهيي في ماساتشوستس بعد اجراء الجراحة.

وقال رود ارنولد ان تشاد ارنولد لا يزال يتعافى من عملية الزرع وان الأسرة ترغب في ان يعرف الناس انه كان "قرارا طبيعيا" اتخذه ريان لمحاولة إنقاذ حياة شقيقة. وقال رود ارنولد واصفا شقيقه الراحل "كان ريان يعتني بالآخرين طوال حياته." وترك ريان زوجة وثلاثة أبناء.

المصدر: احمد عقيل الجشعمي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 172/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
57 تصويتات / 1507 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,759,241

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters