أهمية الدور الإعلامى فى التنمية المستدامة .

مقدمة
يحتل الاتصال والمعلومات والمعرفة مكانة محورية في تقدم البشر وفي مناحي حياتهم وأسباب رفاههم. وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، التقليدية منها والحديثة، تتيح للناس، في كل أنحاء العالم، إمكانيات جديدة وفرصا للارتقاء في سلم التنمية. غير أن الكثير من الشعوب والأمم، لاسيما الأكثر فقرا، لا تتاح لها بصورة حقيقية ومنصفة إمكانية إنتاج المعلومات ونشرها واستخدامها، الأمر الذي يحرمها من الكثير من فرص التنمية الحديثة.
-فحتى تعمل مجتمعات المعرفة بصورة فعالة لا بد من تبادل المعلومات بصورة حرة ونشر المعلومات والأفكار والمعرفة على نطاق واسع، من خلال وسائل الإعلام التقليدية و من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة على حد سواء. وفي هذا السياق فإن حرية التعبير والتداول الحر للمعلومات والأفكار والمعارف والانتفاع الحر والمتكافئ بها، تشكل عناصر أساسية لتمكين الناس وضمان مشاركتهم في مجتمعاتهم .


لقد خلق النظام العالمي الجديد وما تبعه من نظام اعلامي ايضا جديد سلسلة من التحديات امام العالم عموما والعالم النامي خصوصا تلك التحديات تتمثل اول ما تتمثل في بعد التنمية والتنمية التي نقصدها في هذه الورقة هي التنمية المستدامة فلم يعد الاعلام كما يتصوره البعض وسيلة للتسلية او الترفية بل اصبح الاعلام مفجرا للثورات وفي ذاتالوقت مثبطا للهم والعزائم ، ليس هذا فحسب بل اصبح للاعلام دوره في حث الشعوب علي التعاون والنضال من اجل احداث تنمية خقيقية في مجتمعاتهم بما تمتلكه وسائل الاعلام من قدرة علي استنهاض الطاقات وتوجيه الانتباه نحو الوسائل والاهداف التي ينشدها المجتمع (بالطبع نقصد هنا الاعلام الجاد )
وهنا سوف نحاول التعرف علي مصطلح التنمية المستدامة ودور الاعلام في تفعيل برامجها من اجل الارتقاء بالمجتمع وتحقيق ما يصبو اليه .

التنمية المستدامة sustainable Development

عرف تقرير برونتلاند الذي اصدرته اللجنة الدولية للبيئة والتنمية في عام 1987 بعنوان مستقبلنا المشترك التنمية المستدامه بانها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون ان يعرض للخطر قدرة الاجيال التالية علي اشباع احتياجاتها هي ، ونلاحظ ان التقرير لا يتنبا بمزيد من التدهور البيئي في المستقبل ولا بحدوث الفقر في عالم تتناقص موارده باستمرار ، وانما يتنبا بامكانية دخول البشرية عصرا جديدا من النمو الاقتصادي ، يعتمد علي سياسات من شانها دعم وتنمية الموارد البيئية الطبيعية .


ونعلم ان الدول القومية عملت –تاريخيا- بعدوانية شديدة علي تحقيق النمو الاقتصادي والتحديث كوسيلة لا لاشباع الاحتياجات المادية الاساسية فحسب ، وانما كذلك لتوفير الموارد الاازمة لتحسين نوعية الحياة بصفة عامة (مثل محاولات توفير الرعاية الصحية والتعليم وجعلها في متناول الكافة ). ولكننا نلاحظ ان غالبية اشكال النمو الاقتصادي تجهد البيئة ،سواء باستخدام موارد طبيعية (قابلة للنضوب في بعض الاحيان )او لما تحدثه من هدر او تلويث . ومن شان ذلك ان يعرض للخطر امكانيات النمو بالنسبة للاجيال القادمة . من هنا تحاول فلسفة التنمية المستدامه ان تحل هذه المعضلة بالاصرار علي انه يتعين ان تاخذ القرارات التي تتخذ علي شتى المستويات في المجتمع ، تاخذ في اعتبارها الاثار البيئة التي يمكن ان تنجم عن تلك القرارات ، ومن شان ذلك ان يقودنا الي ممارسة النوع الصحيح من النمو الاقتصادي القائم علي التنوع الحيوي ، وعلي التحكم في الانشطة الضارة بالبيئة وتجديد او تعويض الموارد القابلة للتجديد كالغابات مثلا . وسوف يعمل كل ذلك علي حماية البيئة الطبيعية ، بل واذدهارها كذلك . وهكذا اصبحت التنمية الاقتصادية في عالم اليوم تتفق والاستثمار في الموارد البيئية من اجل المستقبل .


ومع انه من الواضح انه يصعب ان نجد سلطات يمكنها ان تناوئ فكرة التنمية المستدامة (بل اننا نجد فعلا اغلب الحكومات ومؤسساتها ترحب بها وتهلل لها )الا انه من الصعب عادة علي الحكومات ان تتقبل النتائج السياسية المترتبه علي ممارسة التنمية المستدامة ، مثل ضرورة اللجوء الي فرض الرسوم او الغرامات علي قيادة السيارات داخل المدن (علي اساس انه يتعين علي الشخص الذي يلوث البيئة ان يدفع ثمن ذلك ) وسبب هذا العجز انها سوف تتعرض للمساءلة والحساب من الناخبين بعد فترة حكم قصيرة لا تزيد علي خمس سنوات او نحو ذلك ، كما نجد فضلا عن ذلك ان البيئة شان مشترك خاص بكل الناس وهي سلعة عامة ، مما يعني ان حمايتها تتطلب عملا جماعيا ، وهنا اثبتت الممارسة الفعلية ان ذلك العمل الجماعي امر عسير التحقيق ، بسبب المشكلات التي يسببها عادة المنتفعون بدون مساهمة .

ابعاد التنمية المستدامه :

التنمية المستدامة كما اسلفنا هي مفهوم عام وتعبير شامل يتناول كافة بنى المجتمع ويشمل جوانبه المادية والمعنوية ، وليست التنمية مجرد عملية نمو اقتصادي وانما هي عملية لها ابعاد حضارية واجتماعية وان استراتيجيتها هي استراتيجية حضارية شاملة .


وتتعدد ابعاد التنمية المستدامة في راينا لتشمل جوانب كثيرة هي ما ياتي : -
1-التنمية الروحية : وتعني توفير البعد العقائدي او الايدلوجي للتنمية ذلك البعد الذي يتضمن كافة جوانب الحياة ويحدد للفرد حريته وحركته واختياراته . واول ما توفره التنمية الروحية هي التعاون علي المصالح الوجدانية للمجتمع .
2- التنمية الذاتية : وتعني الاعتماد علي قوى العمل المحلية والمواد الخام الاولية المتوافرة في البيئة وعمليات الانتاج والمعرفة المحلية وتطويرها وفقا للتكنولوجيا المستورده .
3- التنمية النفسية : بمعني تنمية طموحات المواطنين بالصورة التي تدفعهم نحو التطلع نحو المستقبل والسعي لتحقيق حياة افضل وتعد احد الابعاد الاساسية للتنمية المستدامة . لانه واقعيا لا يمكن تحقيق أي انجاز ما لم تكن هناك طموحات دافعة الية .
4- التنمية الادارية والتشريعية : وهي الجهود التي يجب بذلها باستمرار لتطوير الجهاز الاداري في الدولة سعيا وراء رفع مستوى القدرات الادارية عن طريق وضع الهياكل التنظيمية الملائمة لحاجات النفس والتصورات القانونية لضبط حركة الحياة . وهي التطوير الشامل للجهاز الاداري للدولة لرفع مستوى قدراته الادارية لتمكينه من القيام بوظائف الدولة بشكل عام وبوظائف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنمية في كافة المجالات بشكل خاص .
5-التنمية البيئية : احدثت ثورة الانسان التكنولوجية نقلة هامة علي المستويات المادية للمجتمع الحديث وفي مقابل ذلك ادت الي الاسراف في استنزاف الموارد الطبيعية ، والانسان في تطوره مع البيئة اخذ يطور تعامله هذا ، الا ان انشغاله بان ياخذ من البيئة قدر المستطاع جعله ينسى كيف يحافظ عليها بدءا بتقليع الاشجار وانتهاءا بحادثة تشرنوبيل بالاتحاد السوفيتي السابق ، وبات الانسان يبحث كيف يمكن ان يتخلص من الدمار الذي يسببه للبيئة . وبدا واضحا له ان مصانعه تلوث الهواء وان سيارته مصدر للتلوث والازعاج وان سلاحه يدمر ولا يبني . ولهذا لم تعد التنمية في حد ذاتها هي المشكلة وانما المشكلة هي التنمية المتوافقة مع البيئة . ويشمل الحل جانبين :
اولا في التوعية البيئية من خلال وسائل التربية والاعلام بهدف جعل الفرد واعيا بالعلاقات البيئية ولدوره في صون البيئة وتعريفه بوسائل العمل الخلاق لحمايتها وهذا الجانب يحتاج الي المشاركة الجماهيرية أي اسهام الناس جميعا . والجانب الاخر يتمثل في السعي نحو ربط التنمية بالبيئة بحيث تصبح التنمية البيئية الطريق الصحيح لتحديد طرق التنمية المناسبة والتي تحتم ضرورة بناء التكنولوجيا البيئية والمحلية من خلال الاعتماد علي النفس . فالتنمية البيئية بهذا الشكل تعني استغلال العدد الضخم من السكان في الانتاج وتصبح القوى العاملة المحلية اقل تكلفة واكثر فائدة من استيراد التكنولوجيا المتطوره جدا في عمليات الزراعة والبناء .
6- التنمية العلمية والبحثية والتكنولوجية : فالتنمية التكنولوجية هي الجهود المبذولة لاتاحة معلومات او معرفة جديدة يمكن استخدامها بكفاءة في العمليات الانتاجية ولها تاثير ملحوظ علي التكلفة وعلي نوعية المنتج وكمية الانتاج وجودته .
7- التنمية البشرية : تعرف التنمية البشرية طبقا لما ورد في تقارير التنمية البشرية الصادره عن البرنامج الانمائي للامم المتحدة بانها عملية توسيع اختيارات الناس وهذا الاختيارات نهائية بطبيعتها غير انها تتحدد من الناحية الواقعية بمحددات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية بالاضافة الي ما يمكن ان يكون متاحا من سلع وخدمات ومعارف لتلبية هذه الاختيارات التي يمتد مجالها من الحاجات الي الطعام والشراب والسكن والتعليم والصحة والبيئة النظيفة الي اخره ..... الي التوعية في المشاركة في كل ما يجري في المجتمع .
8- التنمية الاجتماعية : هي تغيير الاوضاع الاجتماعية القديمة التي لم تعد تساير روح العصر بطرق ديمقراطية تهدف الي بناء اجتماعي جديد تنبثق عنه علاقات جديدة وقيم مستحدثة ويسمح للافراد بتحقيق اكبر قدر ممكن من اشباع المطالب والحاجات .
9- التنمية السياسية : وهي تعبئة الجماهير وتفاعلهم مع النظام القائم وعدم وقوفهم موقف اللامبالاة وتتسم بدرجة من المشاركة الشعبية الواسعة .
10- التنمية الاقتصادية : وهي التي تؤثر علي الجانب المادي للتنمية فتهتم بطريقة تحسين وتنظيم استغلال الموارد الاقتصادية بغية تحقيق ذيادة في الانتاج الكلي من السلع والخدمات بمعدل اسرع من الزيادة في السكان . وتشمل كافة المجالات الاقتصادية الزراعية والصناعية والمالية والتجارية .......وغيرها .


وهكذا تتكامل انواع التنمية العشرة هذه لتشكل فيما بينها التنمية المستدامة والتي هي الاطار الجامع لهذه الانواع بشكل عام . من هنا تاتي اهمية الاعلام باعتباره البوق الذي من خلاله يدرك الناس ادوارهم في برامج التنمية المستدامة المختلفة وهي ما سيرد تفصيل في الصفحات القادمة .

الاعلام ودوره في عملية التنمية المستدامه :

مسئولية الاعلام تجاة عملية التنميةالمستدامة هي تزويد المجتمع باكبر قدر من الحقائق والمعلومات الدقيقة التي يمكن للمعنيين بالتنمية التحقق من صحتها والتاكد من دقتها والتثبت من مصدرها ، وبقدر ما في الاعلام من حقائق ومعلومات دقيقة ، بقدر تحقيق اهداف التنمية ، ويركز الكثير من العلماء المهتمين بدور الاعلام في التنمية علي هذه النقطة ويسمون الدور الذي يضطلع به الاعلام في تطوير المجتمعات باسم الهندسة الاجتماعية للاعلام الجماهيري ، خاصة وان هذا الدور ينصب علي كيفية توجيه الجمهور لخدمة الرخاء الانساني.
وتتضح المعادلة التي دعت الي تسمية دور الاعلام "بالهندسة الاجتماعية " اذا عرفنا ان الهدف الجوهري للتنمية الاجتماعية لا يستطاع تحقيقه بدون رفع المستوى الاقتصادي باستخدام برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتوفير الخدمات واشاعة العدالة ، تلك التي تثير في نفوس افراد المجتمع مشاعر الولاء لمجتمعهم ، والذي ترتبط به كل مصالحهم الحيوية ارتباطا قويا ، وما دامت تنمية افراد المجتمع وبيئتهم المادية من الاهداف الاساسية للتخطيط ، فمن الضروري ان يتم انجاز هذه المسئوليات وفق خطة مدروسة قائمة علي تخطيط شامل لكافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعلامية والبيئية .

الانسان محور عملية التنمية المستدامه والهدف الاسمي للاعلام :

وتتضمن الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية دائما القدر الاسمى من الاهتمام بالقوى البشرية والسياسات التعليمية . ولا شك ان تحليل السياسات العامة للخطط المختلفة لتنمية الموارد البشرية امر لا يمكن الاستغناء عنه عند وضع خطة جيدة للتنمية ، وبدون ذلك لن يتسنى أي نجاح للتخطيط . صحيح ان التخطيط العام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتضمن دائما قدرا من الاعتبار للقوى البشرية المتوافرة والمطلوبة ولكن هذه الخطط التي تقتصر علي السياسات الاقتصادية فقط ينبغى ان تعالج الموارد البشرية علي انها عوامل رئيسية للانتاج ، ولا خلاف في ان جميع المخططين في المجال الاقتصادي - مهما يبلغ اطار التحليل عندهم من الضيق - فهم يدركون اهمية توفر العنصر البشري خصوصا ما يتعلق بالتعليم والتدريب بوجه عام . ويقف التخطيط الاعلامي هنا ليعمل علي تزويد المعنيين بالتنفيذ باكبر قدر ممكن من المعلومات الدقيقة الصحيحة والحقائق الواضحة ، وللتخطيط الاعلامي اهدافه ومسئوليته المحددة الابعاد ، ولا يخرج التخطيط الاعلامي عن الدور الذي قصده ماكس ميليكان فهو يقرر تسمية الدور الذي يضطلع به الاعلام والاتصال الجماهيري في ميدان التنمية بالهندسة الاجتماعية للاتصال الجماهيري وكيفية توجيه الاتصال الجماهيري لخدمة الرخاء الانساني في المجتمع التقليدي .


وانطلاقا من هذا المفهوم فان القوى البشرية تمثل اهمية كبري في التخطيط الاعلامي علي اعتبار ان المتلقين من افراد المجتمع (قراء – مشاهدين – مستمعين)هم هدف التخطيط الاعلامي ، من اجل ربطهم باهداف خطة التنمية بنوعيها الشامل والمحلي ، وفي مجاليها الاقتصادي والاجتماعي ، وسواء كان العنصر البشري وسيلة التنمية او غايتها والنقطة الرئيسية في كل من التخطيط الاعلامي والتخطيط للتنمية المستدامة هو ان هذين النوعين من التخطيط ، يهدفان اساسا الي تطوير الشخصية الانسانية من الجمود الي الحركة ومن التقليدية الي التقدمية ، فالمحور الرئيسي في التنمية هو الناس انفسهم ، والتخطيط للتنمية هو ترتيب وتنظيم ذلك بوضوح ، واذا كان الاعلام هو محاولة لربط افكار افراد المجتمع وتصوراتهم وقيمهم واعتقاداتهم بالتخطيط للتنمية وباسلوب التنفيذ ، ووضع المستويات الاقتصادية والاجتماعية في الاعتبار ،فان التخطيط الاعلامي هو ايضا ترتيب وتنظيم ذلك بوضوح اعتمادا علي ان الاطار الثقافي هو الذي يخلق فكر كافة افراد المجتمع بكل ما فيها من اهتمام بالماضي وتحليل الحاضر الواقعي ونزوع الي العمل ومن الطبيعي ان يكون ذلك من اخص مبادئ الاتصال الجماهيري ، ومن الطبيعي ايضا ان يكون ذلك من اكثر خصوصيات التخطيط الاعلامي ، اذا ان الانسان العصري في المجتمع الحديث يتميز بعقلية تختلف كلية عن الانسان التقليدي .

علاقة التخطيط الاعلامي بالتخطيط للتنمية المستدامة :

لتحديد علاقة التخطيط الاعلامي بالتخطيط للتنمية المستدامة ، ينبغي ان نتوقف قليلا امام مجموعة من التساؤلات وذلك لبيان العلاقة الارتباطية بين الاتصال الجماهيري والتنمية ، ومن خلالها نلقي الضوء علي الدور الهام الذي يضطلع به الاعلام والاتصال في تطوير وتنمية المجتمعات ، وهذه التساؤلات تركز في الوقت نفسه علي توضيح مفهوم التخطيط الاعلامي وعلاقته بالتنمية المستدامه وهذه التساؤلات هي : -
- ما العلاقة بين الاعلام والتغير في المجتمع ؟
- كيف ينمو الاعلام الحديث ؟
- ما العلاقة بين الاتصال الجماهيري والاتصال الشخصي في برامج التنمية ؟
- ما الدور الذي يقوم به الاتصال الجماهيري للمساعدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
- هل تكون متطلبات الاتصال الجماهيري المؤثر هي الاختلاف بين الدول من حيث درجة التطور والتنمية ؟ او الاختلاف في مراحل التنمية نفسها ؟
- ما انواع الاستراتيجية الاتصالية التي يمكن اتباعها في تطوير المجتمعات في البلاد النامية ؟
ومن خلال الاجابة علي هذه التساؤلات نستطيع ان نعتمد علي تخطيط اوجه النشاط الاتصالي كوسيلة للتاثير في عملية التغيير في البلدان النامية تحديدا وعلي مفهوم هذه البلدان للتنمية وعلي ماهية الاهداف المطلوب تحقيقها بالجهود التنموية .
والتخطيط الاعلامي ليس سوى جزء من التخطيط القومي الشامل للتنمية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي اذا كان متواصلا بالتنمية المستدامه ، ولا يتصل التخطيط الاعلامي فقط بالتغير المادي ولكنه يتصل ايضا بالمتغيرات النفسية والاجتماعية والمعنوية والثقافية لدى افراد المجتمع .


ويختلف التخطيط الاعلامي من مجتمع لاخر ومن دولة لاخرى ومن نظام اعلامي الي اخر طبقا للمفاهيم والفكر والثقافة السائدة . بل ويختلف في البلد الواحد ومن مرحلة الي اخرى وفقا للاستراتيجية العامة للمجتمع والتي تتضمن الاهداف العليا التنموية للدولة وللاستراتيجية الاعلامية التي تستوعب هذه الاهداف العليا للسياسة الاعلامية التي تترجم الاستراتيجية الاعلامية الي مبادئ ثابته وترتبط معها في اطار السياسات الاخرى السكانية والتعليمية الزراعية والاقتصادية والاجتماعية وتعبر عنها في شكل خطط اعلامية تمثل الاهداف التي ينشد المجتمع تحقيقها خلال فترة زمنية طويلة .. وخطط تفصيلية سنوية تمثل الترجمة التفصيلية لاهداف الخطة في شكل مشروعات واعمال محددة بتوقيتات زمنية محدده .


ويمثل التخطيط ضرورة مهمة لانهاء حالة التخلف التي تعيش فيها البلدان النامية سواء بالنسبة للانشطة التنموية او الانشطة الاتصالية ، وترجع اهميته الي انه اصبح احد السمات المميزة لعصرنا الحاضر .. فكل الدول علي السواء ادركت انه الضمان الوحيد لاستخدام جميع الموارد الوطنية المادية والطبيعية والبشرية بطريقة علمية وعملية وانسانية لتحقيق الخير لجموع الشعب وتوفير الرفاهية لهم مع البعد عن العشوائية والتلقائية والارتجال ومن هنا يوصف العصر الحاضر في كثير من الكتابات العلمية بانه عصر العلم وعصر التخطيط.
وهكذا فان التخطيط الاعلامي عامة هام جدا لاحداث التنمية المستدامة ولا يمكن للتنمية ان تسير في مسارها الصحيح بدون تخطيط ، وترجع اهميته لاسباب عديدة اهمها :-
1- لتحديد احتياجات المجتمع بطريقة علمية وترتيب اولوياتها.
2- لوضع استراتيجية العمل في المجتمع لمقابلة متطلباته واحتياجاته
3- لتحديد المشكلات التي تواجه المجتمع واختيار انسب الطرق لمعالجتها .
4- لتحقيق التوازن في التنمية بين القطاعات المختلفة .
5- لتحديد مستويات الجهات المختلفة المسئولة عن التنفيذ .
6- لربط مجهودات التنمية في مختلف انحاء المجتمع ببعضها .

 

كيفية تفعيل  دور وسائل الاعلام في احداث التنمية المستدامة :

ان الهدف الحقيقي لبرامج التنمية المستدامة في المجتمعات النامية هو احداث تغيير في اتجاهات الناس وفي البنية الطبيعية و انشاء علاقات جديدة بينهم وبين الموارد الاقتصادية وادخال الوسائل التكنولوجية الحديثة في الانتاج و ما يتبع ذلك من تغيرات لاساليب الانتاج ولمفاهيم الثروة والدخل والاستهلاك مما يترتب عليه تغيير في التركيب الاجتماعي والعلاقات ومجموع القيم الاجتماعية وادخال مفاهيم علمية جديدة في السلوك والعادات والخبرات التقليدية في مجالات العمل الجماعي والحياة السياسية والتعليم والادارة والصحة وغيرها .

وعملية التنمية عندما تتم لا تحدث دون مشاكل او معوقات وهذه المعوقات تتمثل في القيم والعادات السيئة المتوارثة وسيطرة العقلية التقليدية علي تفكير اغلب ابناء هذه الشعوب ، كما تعاني هذه الشعوب ايضا من مشكلات تتعلق بنظم التعليم فيها فالامية سمة من السمات الرئيسية وهبوط المستوى التعليمي نتيجة كثرة الطلاب وقلة الخبرات العلمية والاجهزة وضيق القاعات مما ادى الي تردي المستوى التعليمي وانخفاض القدرة الابداعية واستمرار الاعتماد علي التكنولوجيا المستورده ... هذا بالاضافة الي المشكلات المرتبطة بوضع المراة الاجتماعي وقلة انتاجيتها .. والمشكلة السكانية والتي تتمثل ليس في مجرد ارتفاع الزيادة السكانية وانما في عدم استثمار الطاقات البشرية الاستثمار الامثل .هذه كلها مشاكل تتعلق ببرامج التنمية المستدامة ولا سبيل امثل لحلها سوى من خلال اعلام مستنير وجاد يضع اصابعه علي مشاكل المجتمع ويعالجها العلاج الامثل . من هتا جاءت اهمية الاعلام في تحقيق التنمية المنشودة .

  • Currently 155/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
51 تصويتات / 14934 مشاهدة
نشرت فى 13 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,719,373

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters