يعيش العالم في عصر متصل ومتداخل، حيث تخترق الحدود الجغرافية للدول والثقافات، وتتواصل الشركات والأفراد عبر القارات بسرعة وسهولة لم تشهدها البشرية من قبل. وفي هذا السياق، تظهر أهمية الإدارة الدولية كواحدة من أهم المجالات الإدارية المعاصرة. وتعبر الإدارة الدولية عن مفهوم يمتد إلى مختلف جوانب الأعمال والمؤسسات في عالمنا الحديث، حيث يتم تطبيقها على مستويات متعددة من التفاعلات والتعاملات الدولية.

تمثل الإدارة الدولية نهجاً استراتيجياً لإدارة المؤسسات والمنظمات في سياق اقتصادي واجتماعي متعدد الثقافات والقوانين. وتتعامل هذه الفلسفة الإدارية مع تحديات تجاوزت الحدود الجغرافية، بدءاً من التسويق والإنتاج إلى إدارة الموارد البشرية والمالية على الصعيدين المحلي والدولي. وتتطلب ممارسة الإدارة الدولية فهماً عميقاً للتفاوتات الثقافية والسياسية والاقتصادية والقانونية بين مختلف الدول والمناطق.

بما أن العالم أصبح قرية عالمية بفضل التكنولوجيا وسهولة التواصل، أصبح من المهم جداً أن يكون لدى المدراء والقادة المهارات اللازمة للتعامل مع تلك التحديات. وإذ يجب على القادة أن يتعلموا كيفية التفاعل مع أشكال متعددة من الثقافات، وكيفية تطبيق استراتيجيات تسويقية متعددة الجوانب، وكيفية التكيف مع التغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية. فالإدارة الدولية تمثل التحديات والفرص الناشئة من التعامل العابر للحدود، وهي تتطلب مزيجاً من المهارات الإدارية والثقافية والاستراتيجية للنجاح في سوق عالمي متنوع وتنافسي.

عرفت إدارة الأعمال الدولية على أنها إدارة العمليات التجارية في المنظمات والتي تقوم بخدمة السوق العالمي، هذا بجانب أنها تقوم بالعمل في عديد من الدول ولكن كل ما تطلبه في معرفة وكذلك مهارات تقوم بتجاوز المطلوب بإدارة الأعمال العادية ومنها الإلمام بالسوق المحلي، أو الظروف التنافسية، البيئة القانونية والبيئة المالية،

هذا بجانب قدرته على الإجراءات التي تتعلق بمعاملات كثير. العملات وأيضًا الإدارة عن طريق الحدود وكذلك قدرتها على التكيف.

من جانب آخر تجد أن إدارة الأعمال الدولية شملت كثير من الأشياء والتي تمثلت في التصدير بطريقة متقطعة للبلدان الثانية، تواجد استراتيجية تصدير كثيرة الفاعلية، يتواجد الوكلاء الدوليين أو قد يكون شركاء أو من المحتمل أن يكون فريق مخصص للمبيعات بشكل مباشرة في بعض البلدان.

ولابد أن تضع في عين الاعتبار أن إدارة الأعمال مختصة بالأنشطة التي تتعلق بتجارة سواء كانت السلع أو حتى الخدمات بين دول العالم، والتي تكون بين الأفراد أو بين الشركات أو حتى الحكومات في الدول، حيث تجد أن تلك معاملات تقوم بالعبور بكثير من الدول التي يتواجد فيها السلع، الخدمات أو رأس المال، لو قد يتواجد فيها التكنولوجيا وكلم الملكية الفكرية، علامات تجارية، ومعهم الموارد البشرية.

- التعريف الإداري لإدارة الأعمال الدولية: هذا التعريف يشير إلى ممارسة وظائف الإدارة داخل المنظمات والشركات في سياق العمل الدولي. ويتضمن ذلك الجوانب الأساسية للإدارة مثل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، والتي تستهدف تحقيق أهداف المنظمة. ولكن مع اهتمام خاص بالجوانب البيئية والتحديات الدولية التي تنشأ من التعامل مع متغيرات متعددة في الدول المختلفة.

على سبيل المثال، عندما تدير شركة دولية أعمالها، ستحتاج إلى تكييف استراتيجياتها التجارية وخططها التشغيلية وفقًا لاختلاف البيئات الثقافية والاقتصادية والقانونية في كل دولة. ويعني ذلك أن الإدارة الدولية تركز على تحقيق التناغم بين أهداف المنظمة ومتطلبات البيئة الدولية المتغيرة.

2- التعريف الاقتصادي لإدارة الأعمال الدولية: هذا التعريف يتعامل مع جانب الاقتصاد والتجارة الدولية. ويشير إلى التعاملات والتبادلات التجارية بين أفراد أو مؤسسات تهدف إلى إجراء عمليات تجارية في مجموعة متنوعة من السلع والخدمات. وهذه التعاملات يمكن أن تشمل عقود البيع والشراء والتبادل التجاري بين الشركات والأفراد في دول مختلفة.

يشير التعريف أيضًا إلى مفهومين مهمين في الأعمال الدولية:

<!--الديمومة (الاستمرارية) يشير إلى استمرارية التعاملات والتبادلات التجارية بين الدول على مدى فترة زمنية طويلة، وذلك بمعنى أن العمليات التجارية تستمر بين الأطراف المشاركة.

<!--الانتشار الجغرافي (خارج حدود الدولة): يشير إلى أن هذه التعاملات والتبادلات تتجاوز الحدود الجغرافية للدولة الواحدة، حيث تشمل التعاملات الدول أو تتعامل مع مواقع وأماكن في دول متعددة.

3- الاستثمار المباشر الأجنبي (FDI): يشير إلى عملية امتلاك أو شراء شيء ملموس ومحدد في شركة في بلد آخر، وهذا الامتلاك يمثل تأثيرًا معينًا على مسار الشركة المستثمرة. فالاستثمار المباشر الأجنبي يمكن أن يأخذ أشكالًا مختلفة مثل امتلاك أغلبية الأسهم في شركة أجنبية أو إنشاء فروع أو شركات تابعة في بلدان أخرى.

4- الاستثمار الغير مباشر (NON FDI: يشير إلى شراء أوراق مالية مثل الأسهم أو السندات بهدف الحصول على ربح. وعلى عكس الاستثمار المباشر، هذا النوع من الاستثمار لا يؤثر بشكل مباشر على مسار الشركة المستثمرة. فعلى سبيل المثال، عند شراء شخص أو مؤسسة أسهمًا في شركة معينة، يكون لديهم حق مالي غير مباشر في تلك الشركة دون أن يشتركوا في إدارتها أو تشغيلها.

5- تجارة الخدمات: تجارة الخدمات تمثل جانبًا هامًا من الاقتصاد العالمي، وهي تركز على تبادل الخدمات بين الدول. وتشمل الخدمات مجموعة متنوعة من الأنشطة التي لا تنتج سلعًا ملموسة، بل تركز على تقديم خدمات تحقق قيمة اقتصادية. وفيما يلي توضيح لمفهوم تجارة الخدمات وتحدياتها:

<!--الدول "الخدمية" أو "المعلوماتية": تُطلق على الدول التي تعتمد بشكل أساسي على تقديم الخدمات والمعلومات بدلاً من الإنتاج الصناعي وصناعة السلع، تسمية "الدول الخدمية" أو "الدول المعلوماتية". وهذه الدول تعتمد على قطاع الخدمات كمصدر رئيسي للإيرادات والوظائف.

<!--تعقيد تجارة الخدمات: تجارة الخدمات تكون أكثر تعقيدًا من تجارة السلع القائمة على السلع الملموسة. وذلك لأن الخدمات غالبًا ما تتطلب وجود الأفراد أو المزوّدين في مكان الاستهلاك. على سبيل المثال، تقديم خدمات استشارية، وسائل الإعلام، السفر والسياحة، التعليم عن بُعد، وغيرها من الخدمات تشمل تنقل الأشخاص بين البلدان.

<!--نسبة تجارة الخدمات من التجارة الدولية: تشير التقديرات إلى أن حصة تجارة الخدمات من إجمالي التجارة الدولية تتراوح عادة ما بين 15% و20%. هذا يشير إلى أهمية متزايدة لهذا القطاع في الاقتصاد العالمي.

تواجه تجارة الخدمات بعض التحديات والعقبات التي تشمل اللامساواة في القدرة على الوصول إلى الخدمات، والتباين في القوانين واللوائح بين الدول، وصعوبة قياس بعض الخدمات بشكل ملموس. وعلى الرغم من ذلك، يظل هذا القطاع مهمًا للعديد من الدول والشركات لتحقيق النمو وتوفير فرص العمل.

هذه التعاريف تسلط الضوء على جوانب مختلفة من إدارة الأعمال الدولية وتعاملاتها واستثماراتها. وتوضح أهمية فهم الجوانب الإدارية والاقتصادية عند التعامل مع الأعمال الدولية والتحديات التي يمكن أن تنشأ على مستوى الثقافات والقوانين والاقتصادات.

- الشركات الدولية:

الشركات الدولية هي نمطًا من التنظيم الشركاتي يُعرف باسم "الشركة الدولية" أو "الشركة الدولية المركزية"، وهي تمثل نهجًا لإدارة الشركات التي تتواجد على مستوى دول متعددة أو مناطق جغرافية مختلفة. سأقوم بتفصيل النقاط التي طرحتها بالتفصيل:

<!--التواجد السلعي أو الخدمي في محيط إقليمي ودول متعددة: تُعنى الشركات الدولية بأن لديها وجودًا في عدة دول أو مناطق جغرافية مختلفة. وسواءً كان هذا التواجد عبارة عن توزيع سلع أو تقديم خدمات، يكون هناك وجود متعدد الدول يُمكن أن يشمل مناطق إقليمية أو حتى قارات مختلفة.

<!--المركز الرئيسي في البلد الأم: يكون لدى هذا النوع من الشركات مركزًا رئيسيًا يُعرف أحيانًا بـ “المقر الرئيسي" أو "المركز الأم". وهذا المقر الرئيسي يتمركز في بلد واحد، ويعتبر القلب النابض لاتخاذ القرارات الاستراتيجية والإدارة العامة للشركة.

<!--الاستراتيجية والإدارة المركزية: تكون الاستراتيجية والإدارة المرتبطة بالشركة الأم بشكل مباشر. وهذا يعني أن القرارات الاستراتيجية المهمة تُتخذ من قبل الإدارة في المقر الرئيسي، وهذه القرارات تؤثر على جميع الفروع والوحدات في مختلف الدول.

<!--القرارات المركزية: تتسم الشركات الدولية بأنها تتخذ قرارات مركزية إلى حد كبير. ويعني ذلك أن القرارات الهامة والاستراتيجية تتخذ في المقر الرئيسي، وتنفذ هذه القرارات في الفروع والوحدات المنتشرة في الدول المختلفة.

هذا النمط من التنظيم يتيح للشركات التحكم والتنسيق الفعّال بين جميع أجزاء الشركة الموجودة في مختلف الدول. وعادةً ما تناسب هذه الهياكل الشركات التي تعمل في صناعات تتطلب تنسيق دقيق واتخاذ قرارات متوحدة، مثل التصنيع والتوزيع العالميين.

من الجدير بالذكر أن هناك أنماطًا أخرى لتنظيم الشركات الدولية، مثل الهياكل المرنة التي تمنح الفروع الإقليمية حرية أكبر في اتخاذ القرارات المحلية. تختلف الهياكل وفقًا لاحتياجات وأهداف الشركة والصناعة التي تعمل فيها.

2- الشركات متعددة الجنسيات:

الشركات متعددة الجنسيات نمط آخر من التنظيم الشركاتي يُعرف باسم "الشركة المتعددة الجنسية" أو "الشركة العابرة للقارات"، وهو نمط يتسم بوجود الشركة في عدة دول ومناطق جغرافية مختلفة. ويمكننا تفصيل ذالك على النحو التالي:

<!--التواجد في أكثر من قارة وعدة دول: تُعنى الشركات المتعددة الجنسية بأن لديها وجود في أكثر من قارة، وعادةً ما تكون هذه الشركات متواجدة في عدة دول داخل كل قارة تتواجد فيها.

<!--مراكز إقليمية لكل قارة: يوجد لدى هذا النمط من الشركات مراكز إقليمية لكل قارة توجد فيها. وهذه المراكز تشرف على إدارة التواجد السلعي أو الخدمي في الفروع المنتشرة عبر تلك القارة.

<!--ربط الاستراتيجية والإدارة بالمراكز الإقليمية والشركة الأم: يكون هناك ربط مباشر بين استراتيجية وإدارة الفروع والمراكز الإقليمية في كل قارة. وبشكل غير مباشر، تكون هناك روابط ترتبط بين مراكز الإقليمية والشركة الأم على مستوى عالمي.

<!--اتخاذ القرار مركزي إلى حد مقبول: تتسم الشركات المتعددة الجنسية بأنها تتخذ القرارات المهمة والاستراتيجية من قبل المراكز الإقليمية، وهذه القرارات تنعكس على الفروع الموجودة في كل قارة. وعلى الرغم من ذلك، قد تكون هناك بعض درجات الحرية والتوجه المحلي في اتخاذ القرارات في الفروع.

هذا النمط من التنظيم يمكّن الشركات من التكيف مع احتياجات وتطلعات الأسواق المحلية على مستوى متعدد الدول والقارات، وفي الوقت نفسه يوفر تنسيقًا وإدارة مركزية في إطار الإقليم الجغرافي. ويُعزز هذا النمط من القدرة على استغلال الفرص العالمية والتحكم في التحديات المحلية.

3- الشركة العالمية:

الشركة العالمية هي نمط آخر من التنظيم الشركاتي، وهو يُعرف باسم "الشركة العالمية". وهذا النمط يُعتبر أكثر تطوراً من الأنماط السابقة ويهدف إلى تحقيق تواجد شركاتي على مستوى العالم بشكل متكامل. ويتبين ذالك من خلال ما يلي:

<!--التواجد في كل قارات العالم: تُعنى الشركات العالمية بأنها تمتلك وجودًا على مستوى جميع قارات العالم. وهذا يعني أنها تسعى إلى تحقيق تواجد كامل وشامل في جميع الأسواق العالمية.

<!--مراكز إقليمية ومراكز رئيسية: هناك مراكز إقليمية تُعنى بكل قارة، وترتبط بها مراكز رئيسية لكل دولة. ولا يكون هناك موطن واحد محدد للشركة، ولكن هناك مراكز رئيسية تساهم في إدارة الشؤون على مستوى الدولة.

<!--ارتباط الاستراتيجية والإدارة: الاستراتيجية والإدارة في الشركة العالمية ترتبط بشكل مباشر بالمراكز الإقليمية للقارات والمراكز الرئيسية للدول. وفي السياق ذاته، تكون هناك علاقة ارتباط أقل مباشرة مع المراكز القارية، وبشكل أقل مع الشركة الأم.

<!--اتخاذ القرارات غير المركزية: تتسم الشركات العالمية بأنها تسعى إلى تحقيق درجة من عدم المركزية في اتخاذ القرارات. وهذا يعني أن الفروع والوحدات المختلفة تتمتع بمزيد من حرية اتخاذ القرارات المحلية وفقًا لاحتياجات السوق والظروف المحلية.

هذا النمط من التنظيم يهدف إلى تحقيق تواجد عالمي متكامل وتكامل استراتيجي بين الفروع والمراكز في مختلف البلدان. وتكون هذه الشركات عادةً في صناعات تتطلب تواجد قوي وموحد على مستوى العالم، مثل صناعة الإلكترونيات أو السيارات. وتحقق هذه الشركات توازنًا بين الاتساق العالمي والمرونة المحلية لتلبية تنوع الأسواق والثقافات.

المصدر: د. أحمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,911,593

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters