“حَقّق انتصاراتٍ نظيفة؛ فالأمانة هي أفضل الطرق ليكون العميل الحالي عميل دائم، بل وتجعله أيضا يُرَشِحُكَ لمعارفه”.

 هذا ما يقوله “جو جيرارد” صاحب كتاب ” كيف تبيع أي شيء لأي شخص”، والذي يُعرَف بأنه البائع رقم 1 في العالم؛ فبحسب موسوعة جينيس للأرقام القياسية، يُعَد جيرارد الرجل الوحيد الذي استطاع أن يحقق رقما قياسيا في ميدان بيع السيارات لعملاء أفراد؛ إذ استطاع أن يبيع ما مجموعه 13001 سيارة على مدى خمس عشرة سنة، هي فترة عمله في هذا الميدان. كما حقق مبيعات بلغت 1425 سيارة في عام واحد، و174 سيارة في شهر واحد.

عاش جيرارد طفولة مُعذَّبة؛ إذ كان والده يعامله بقسوة ويضربه وينعته بالفشل؛ مما ترك تأثيرا سلبيا جَليّاً عليه في فترة مراهقته. وكان منه أن قام ذات مرة بالسطو على حانة وسرق منها مبلغا من المال، أُودِع على أثره في دار الأحداث. يقول جيرارد عن تلك الفترة: ” أعتقد أنني كنت أسيء التصرف بشكل متعمد، ليعرف والدي أنه على صواب فيحبني. وربما يبدو هذا جنونيا، إلا أن من الواضح أن الناس يتصرفون بتلك الطريقة في الكثير من الأحيان؛ فانظر إلى اولئك الشبان الذين يحاولون حمل الفتيات على حبهم بضربهن وإهلاكهن”. لقد كانت بداية جيرارد على طريق النجاح متأخرة بعض الشيء؛ فقد بدأ مهنته في بيع السيارات عندما كان في الخامسة والثلاثين، بعد حياة مضطربة يسيطر على معظم أحداثها الفشل، مع قدر لا يكاد يُذكَر من النجاح. وكان يعاني من مشكلة التلعثُم في الحديث ويشعر بالخجل من ذلك، إلى أن استطاع أن يتغلب عليها بفضل إصراره على التخلص منها.

قد يهمك : أوبرا وينفري…من حضيض الفقر المُدقع إلى قمة الثراء والنجومية

إن جيرارد – البائع رقم 1 في العالم – يُعَد بحق تلميذا نجيبا تَخرَّج في مدرسة الحياة؛ فهو لا يحمل أي مؤهلات علمية، بل أنه علّم ذاته وطورها، وابتكر أساليب خاصة في البيع لم يسبقه إليها أحد، ووضع لنفسه استراتيجية للعمل تقوم على ركنين أساسيين: الأول، وضع القواعد الأساسية لبناء الثقة مع العميل، والثاني العمل بجد وإخلاص. وحسب رأيه، فإن هذين الركنين سيُمكّنان أي شخص من تحقيق ما وصل هو إليه. وقد وضع جيرارد خلاصة تجربته في كتابه الشهير: ” كيف تبيع أي شيء لأي شخص”، والذي يمكن اعتباره خطة عمل ودليل نجاح لكل من يعمل في مهنة البيع. ولكي نحقق الفائدة المرجوة، دعونا نتوقف عند بعضٍ من أقواله وأفعاله التي جاءت في ذلك الكتاب الذي بِيعَ منه 1.5 مليون نسخة.

يقول جيرارد:

 – العميل هو إنسان مثلك فلا تخشاه ولا تهابه ولا ترتبك أمامه.

– لا تنضم إلى النادي، ويقصد شلة الأغبياء، الذين يجتمعون سويا في الصباح ليناقشوا ما فعل كل منهم بالأمس ويشتكي كل منهم همومه إلى الآخر.

– قاعدة ال 250: وهي من القواعد التي ابتكرها جيرارد بنفسه وطَبّقها في عمله، وتنص على أن السوق كله عملاء محتملون، وبافتراض أن كل شخص يعرف في المتوسط 250 فردا ما بين زملاء في العمل والعائلة والأصدقاء والجيران، فإن كل عميل تخسره لأنك عاملته بشكل سيء ستخسر معه 250 شخصا يعرفهم؛ فمن المحتمل جدا أنه سيُخبر معظم من يراهم عن تجربته وبالتالي من المُرجّح أن تخسرهم جميعا.

– لديك عملاء محتملون في السوق عموما، ويمكن أن تجد وسائل الاتصال بهم في الأدلة المنزلية أو أدلة الشركات. اجعل عملاءك الفعليين عملاء محتملين أيضا، عن طريق تخطيط قاعدة بيانات لهم، وتواصل معهم باستمرار وباعتدال؛ فلا تجعلهم ينسونك ولا تكن مصدر إزعاج لهم. واجعل مكالماتك ودية، للاطمئنان عنهم وتهنئتهم بالمناسبات والأعياد.

–  دَوِّن ملاحظاتك دائما عن الحياة الشخصية للعميل، كأطفاله أو ميوله أو كثرة سفره حتى تكون دائما متذكرا النمط الشخصي له.

–  خطط لعملك واعمل وفق خطتك. لا تنتظر العملاء ليدخلوا عليك في وقت الذروة وتجلس بدون عمل في الأوقات الأخرى، بل إذهب للعملاء أينما كانوا

.- عندما تشعر أنك لا تستطيع العمل اليوم فلا تذهب للعمل، فقط استرح؛ فخسارتك لليوم أفضل من خسارتك لعميل واحد يعرف 250 عميل محتمل آخر فتكون قد خسرت الجميع.

– يمكنك أن تتنازل عن جزء من عمولتك مقابل كسب العميل. اجعل العميل يشعر بأنك تتفضل عليه، فلا تضعه في موقع لا تستطيع من خلاله أن تناقشه.

– يحب العميل ما تبيع إن أحببت ما لديه. فمثلا يمكن أن يخسر بائع صفقة بأن يقول العميل كم تريد مقابل إستبدال سيارتي القديمة بسيارة جديدة من عندك فيرد البائع تقصد قطعة الخردة هذه؟! يجب أن تُشعِر العميل بأنك تحب كل ما يخصه وتُقدّره حتى يشعر بالوِد منك.

– حَوِّل الصفقة الخاسرة إلى خطة للمكسب التالي، وتعلم وضع عقبات البيع وراء ظهرك أنت والعميل لإنهاء الصفقة بنجاح.

– حين تشتري سيارة، فإنك لا تحصل على مجرد سيارة، بل كذلك على علاقة معي، حيث إنني مستعد لكسر ظهري في سبيل خدمة عميل ما، إذ إنني كنت أُفضِّل على الدوام خدمة عميل قائم، بدلاً من السعي إلى بيع سيارة جديدة. وبعد سنوات من ذلك أصبح هنالك عدد كبير من الناس ينتظرون خارج مكتبي لمقابلتي. ولذلك بدأت أستقبل الناس وفقاً لجدول مواعيد مسبقة. أما لماذا يفضل الناس الانتظار لمدة أسبوع لمقابلتي بدلاً من الذهاب وشراء سيارة من مصدر آخر، فهو لأنهم كانوا يعرفون أنهم إذا اشتروا ليموناً، فإن باستطاعتي أن أحوله إلى خوخ.

– الناس يكرهون الانتظار في أقسام الصيانة والخدمات. ولذلك كنت أكلف أحد العاملين معي بالذهاب إلى قسم الخدمات وإنجاز ما يريده العميل. وفي الوقت الذي تكون فيه السيارة في المعرض، يتحرك ثلاثة أو أربعة أفراد من طاقم الصيانة لإعداد كل متطلبات الخدمة خلال 25 دقيقة. وكانوا يدفعون ما يتراوح بين 15- 20 دولاراً كثمن لبعض القطع، وحين يسألهم العميل: كم علي أن أدفع؟، كانوا يجيبونه “لا شيء، نريدك فقط أن تعاود التعامل معنا، لأننا نحبك”. إن مثل هذه الكلمات كفيلة بإنجاح وتوسيع نشاطك العملي، كما أن غيابها كفيل بانهيار ذلك النشاط.

– أما سبب تعامل طاقم الصيانة معي ومع زبائني بهذه الطريقة، فهو لأنني كنت أُشعِرَهم بالمحبة. وكنت أصحَبَهم مرة كل ثلاثة أسابيع لنتناول الطعام في أحد المطاعم الإيطالية. وكنت أخبرهم عن مدى حبي وتقديري لما يقومون به من خدمات لصالح الشركة. وكنت كذلك أدعو جميع العاملين وأفراد أسرهم مرة في العام إلى حفل شواء في منزلي، ليتناولوا الطعام معي ومع أفراد عائلتي. وهذا أمر يجب أن يفكر به كل المسؤولين التنفيذيين. فهناك مقدمو خدمات في كل شركة، وهم في الواقع طعامك وشرابك.

ذو صلة: الأسرار العشرة للنجاح… الملياردير جاك ما (علي بابا)

 في الفترة التي كان جيرارد يعمل فيها، لم يكن هناك الكثير من وسائل التواصل كما هو الحال الآن؛ ولذلك كان يهتم بالبريد كوسيلة إعلانية تستطيع أن تجذب العملاء عن طريقها.  ولكنه يرى أن تلك الرسائل البريدية يجب أن تكون مختلفة عن غيرها من الرسائل الدعائية التي لا يهتم بها أحد. وينصح بأن يكون الظرف خالٍ من العلامات التجارية وأن يكون عليه عبارة شخصية كتهنئة بعيد الميلاد مثلا وبالداخل بطاقة تهنئة مع صورة خاصة بالمناسبة مع إمضاء “جو جيرارد من شيفرولية”. وبهذه الطريقة تكون الرسالة قد وصلت وحققت هدفها.

ومن طريف ما يروى عن الأساليب التسويقية التي كان جو جيرارد يَتّبعها، أنه حينما يذهب لمشاهدة مباراة كرة قدم فإنه كان يأخذ بعض البطاقات الشخصية الخاصة به، وفي وقت الفرحة بالهدف يقفز مع الجماهير ويُلقي بعضا من هذه البطاقات في الهواء. وبطبيعة الحال فإنه من المتوقع أن يلتقطها الكثير كنوع من التعجب والفضول. وإن نجحت هذه الطريقة في جعل واحد فقط من المتفرجين عميل لديك تكون قد نجحت في إستثمار الوقت.

وختاما، نقول إن النجاح في اتقان فن البيع وتحقيق النجاح فيه ليس أمرا مستعصيا؛ فكلٌ منا يستطيع أن يحقق نتائج طيبة إن هو التزم بما يُمكّنُه من بناء الثقة والعلاقة طويلة الأجل مع العملاء، إلى جانب الصدق والأمانة وبذل الجهد المناسب والمثابرة والتخطيط. ومن يدري، فقد تكون في يوم من الأيام البائع رقم 1 في العالم.

اقرا ايضا : كيف تصبح مندوب مبيعات ناجح ؟

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 212 مشاهدة
نشرت فى 11 نوفمبر 2020 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,279,531

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters