نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

 

"الأزمة تلد الهمة"، مقولة أثبتت صحتها تجربتنا المصرية مع ثورة 25 يناير الشبابية الشعبية، فعندما استشرى الفساد واشتدت الظلمة واستحكمت حلقات الظلم وتبدت المظاهر السافرة للأزمة من تفاوت صارخ بين الشرائح الاجتماعية، والفساد وخراب الذمم والضمائر، والاعتلال –وربما الاختلال- الواضح في منظومة القيم، انتفضت الأمة واستجابت للغضبة النبيلة للخيرة من شبابها، فخلعت ثوب الاستكانة وغسلت عن وجهها غبارا كثيفا أوشك أن يغشي بصرها، واغتسلت بدماء الشهداء الأبرار من أبنائها، فتطهرت وتوضأت وانكشفت الرؤية وأبصرت الطريق.

 

        والآن ونحن نقف في مفترق الطرق، بين نظام يتهاوى إذ فقد مقومات شرعيته واستمراره وآخر جديد نتشارك سويا في العمل على بنائه، وإذ نقف بين معالم الجمهورية المصرية الأولى التي أسست لها ثورة يوليو 52 بما لها وما عليها ومشروع الجمهورية المصرية الثانية التي تعمل على التأسيس لها ثورة 25 يناير على ركائز من الحرية والديمقراطية والعدل والكرامة والمواطنة، فإننا في أشد الحاجة إلي تبني مشروع نهضوي يحيي الأمل ويجدد الثقة ويستنهض الهمة ويحشد قوي الأمة، مشروع قومي ذو إطار ثقافي واضح يدعم بناء دولة مدنية مؤسسية حديثة تعمل على تحقيق الرفاهية والأمن والسلام والاستقرار لمواطنيها علي أسس من العدالة والمساواة والتكافؤ والتكافل، مشروع يؤكد النسيج الوطني الواحد ويدعم الهوية المصرية ويعمق آدمية وكرامة وحرية كافة المواطنين بلا تمييز، مشروع لدولة تقبل وتمارس -بل وتشجع وتحمي- التعددية وتعتمد التنوع والاختلاف رافدا أساسيا من روافد التقدم لا سببا للخلاف والصراع والفرقة والتشرذم، مشروع لمجتمع تظله مبادئ التسامح والرحمة، وتقوده قيم التدين السمح والتمدن والاستنارة والتحضر. ولن يكون ذلك إلا من خلال خلق مناخ عام يقدم في كل يوم وفي كل موقع نماذج واقعية للقدوة الحسنة، ويزيل أسباب التخاذل والتواكل والسلبية، ويحفز روح العمل والإنتاج، ويشجع المنافسة الشريفة والمبادرات الفردية، ويدفع إلى المقدمة بأصحاب المؤهلات والخبرات والكفاءات، ويرعي الإبداع ويحرر العقول من أسر التغييب والتجهيل والخرافات، ويؤكد قيمة الحوار الإيجابي والنقد البناء، ويعتمد الضمير الحر نبراسا ويتبني الخلق القويم منهاجا للمعاملات اليومية.

ما أحوجنا سادتي في هذه المرحلة المفصلية إلى إعادة ترتيب أولويات أجندتنا الوطنية، وما أحوجنا إلى الاستمساك بوحدة الصف وإلى التوحد حول الهدف، الذي يتمحور حول بناء مصر الحديثة التي طالما حلمنا بها وضحى شبابنا من أجلها، فلم يعد أمامنا الآن إلا أن نحول غليان الغضب إلي طاقة عمل، وأن نستبدل التباكي واجترار الألم بمشاركة فعالة وفعل مسئول، وأن نعتبر المصاعب والمشاكل التي تواجهنا تحديا لإرادة هذا الشعب العظيم واختبارا جديدا لصلابته وإثباتا مستمرا لقدراته الخلاقة. ومما تؤكده لنا تجارب الأمم على مر التاريخ أن صناعة المستقبل فن يحترفه فقط من يتقنون التعاطي مع أدوات الأمل والعمل والحلم والفعل معا. وهذا بلا شك ما نصبو إلى تحقيقه، وهو بتوفيق الله ما يستحق شعبنا الصابر أن يكونه.

المصدر: بقلم: دكتورة/ حنان إسماعيل راشد رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتنمية وحماية المستهلك
  • Currently 57210/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
71 تصويتات / 956 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2011 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

641,793

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه